بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم

                        رقم التبليغ:          

                        بتاريــخ:      /    /2021     

                        ملف رقم: 32/2/5352

السيد اللواء/ محافظ المنوفية

تحية طيبة، وبعد،

فقد اطلعنا على كتابكم رقم (1503) المؤرخ 7/11/2020، بشأن النزاع القائم بين محافظة المنوفية والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، بخصوص طلب إلزام الأخيرة بأداء مبلغ مقداره (54499,75) جنيهًا إلى محافظة المنوفية، قيمة المتبقى من ثمن الأرض المبيعة لها ببركة السبع وفقا للعقد المبرم بينهما.

وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه فى غضون عام 1981، تم تحرير عقد بيع بين محافظة المنوفية والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، بخصوص قطعة أرض مساحتها (8737.500) م2 لإقامة مشروع إسكان تعاوني، وقامت الهيئة المذكورة ببناء عمارات سكنية على الأرض وبيعها للمواطنين، إلا أنها قامت بسداد (50%) من قيمة الأرض، ولم تقم بسداد (50%) المتبقية من الثمن، والتى تقدر بمبلغ مقداره أربعة وخمسون ألفًا وأربعمائة وتسعة وتسعون جنيهًا وخمسة وسبعون قرشًا، وقامت الوحدة المحلية لمركز ومدينة بركة السبع بمخاطبة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان لسداد باقى ثمن الأرض، والتى جاء ردها بالكتاب رقم (4591) المؤرخ 21/10/2019 بأنها على استعداد لسداد باقى الثمن بشرط أن تقوم الوحدة المحلية لمركز ومدينة بركة السبع بنقل ملكية الأرض إلى الهيئة وتسجيل عقد البيع النهائي، ولما كان عقد البيع المحرر في غضون عام 1981 نص في الفقرة (1) من البند الثالث على أنه: “تم هذا البيع نظير ثمن إجمالي تقديري مقداره (98296,875) ثمانية وتسعون ألفًا ومائتان وستة وتسعون جنيهًا وثمانمائة وخمسة وسبعون مليمًا، بواقع (11,350) جنيهًا للمتر المربع الواحد تحت العجز والزيادة طبقا للمساحة الفعلية التي يسفر عنها كشف التحديد المعد بمعرفة الهيئة العامة للمساحة”، ونصت الفقرة (2) من ذات البند على أن: “يلتزم الطرف الثاني بأداء قيمة الأرض المبيعة على النحو الآتي: أ- مبلغ (43796،250) ثلاثة وأربعين ألفا وسبعمائة وستة وتسعين جنيها ومائتين وخمسين مليما، كمقدم ثمن تم سدادها بموجب الشيك رقم 405785 المسحوب بتاريخ 3/9/1982م… عند التوقيع على عقد البيع الابتدائي المبرم بتاريخ 6/9/1982م… ب-… ج- ويسدد باقي الثمن عند التوقيع على عقد البيع النهائي وفقا للمساحة الفعلية الواردة بكشف التحديد المُعد بمعرفة الهيئة العامة للمساحة، ونص البند الرابع من العقد الأول على أن “يعتبر عقد البيع الابتدائي المبرم في 6/9/1981م بين الطرفين بكافة بنوده مكملا لهذا العقد”، وإزاء ما تقدم طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية.

ونفيد أن: النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 26 من أغسطس عام 2021م، الموافق 18 من المحرم عام 1443هـ، فتبين لها أن القانون المدنى ينص فى المادة (418) منه على أن: “البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشترى ملكية شىء أو حقًّا ماليًّا آخر فى مقابل ثمن نقدى”، وأن المادة (428) منه تنص على أن: “يلتزم البائع أن يقوم بما هو ضرورى لنقل الحق المبيع إلى المشترى وأن يكف عن أى عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق مستحيلا أو عسيرًا”، وأن المادة (457) منه تنص على أن: “1- يكون الثمن مستحق الوفاء في الوقت الذي يسلّم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك. 2- فإذا تعرّض أحد للمشتري مستنِدًا إلى حق سابق على البيع أو آيل من البائع، أو إذا خيف على المبيع أن يُنزع من يد المشتري، جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر…”، وأن المادة (462) منه تنص على أن: “نفقات عقد البيع ورسوم “الدمغة” والتسجيل وغير ذلك من مصروفات تكون على المشتري ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك”، وأن المادة (934) منه تنص على أنه: “1- فى المواد العقارية لا تنتقل الملكيــة ولا الحقوق العينية الأخرى سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان فى حق الغير، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة فى قانون تنظيم الشهر العقاري. 2-…”. وأن المادة (9) من القانون رقم (114) لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري تنص على أن: “جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشىء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل، ويدخل فى هذه التصرفات: الوقف والوصية. ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم. ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوى الشأن…”.

واستعرضت الجمعية العمومية عقدي البيع الابتدائيين المبرمين بين محافظة المنوفية والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان؛ فتبين لها أن عقد البيع الأول المبرم بتاريخ 6/9/1981م نص في البند الثاني عشر منه على أن: “يلتزم الطرف الثاني باتخاذ إجراءات تسجيل وشهر هذا العقد على نفقته ويلتزم الطرف الأول بتقديم المستندات المثبتة للملكية واللازمة لإجراءات التسجيل”، كما تبين لها أن عقد البيع الثاني المبرم في غضون عام 1982م نص في الفقرة (1) من البند الثالث منه على أنه: “تم هذا البيع نظير مبلغ إجمالي تقديري مقداره (98296,875) ثمانية وتسعون ألفا ومائتان وستة وتسعون جنيهًا وثمانمائة وخمسة وسبعون مليمًا، بواقع (11,350) جنيها للمتر تحت العجز والزيادة طبقا للمساحة الفعلية التي يسفر عنها كشف التحديد المعد بمعرفة الهيئة العامة للمساحة”، كما نص في الفقرة (2) من ذات البند على أن يلتزم الطرف الثاني بأداء قيمة الأرض المبيعة على النحو الآتي: أ- مبلغ (43796,250) ثلاثة وأربعين ألفا وسبعمائة وستة وتسعين جنيها ومائتين وخمسين مليما، كمقدم ثمن تم سدادها بموجب الشيك رقم 405785 المسحوب بتاريخ 3/9/1982م… عند التوقيع على عقد البيع الابتدائي المبرم بتاريخ 6/9/1982م… ب-… ج- ويسدد باقي الثمن عند التوقيع على عقد البيع النهائي وفقا للمساحة الفعلية الواردة بكشف التحديد المُعد بمعرفة الهيئة العامة للمساحة، ونص البند الرابع من العقد على أن يعتبر عقد البيع الابتدائي المبرم في 6/9/1981م بين الطرفين بكافة بنوده مكملا لهذا العقد.

واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- حسبما استقر عليه إفتاؤها– أن المشرع استنّ أصلا عامًّا فى القانون المدنى مقتضاه أن العقد يتم بتعبير كل من المتعاقدين عن إرادته بقصد إحداث أثر قانونى معين هو إنشاء الالتزام شريطة توافق الإرادتين، وأن ملكية العقارات لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم إلا بإتمام التسجيل، وعلى الرغم من ذلك فإن ثمة استقرارًا فى كل من القضاء والإفتاء والفقه على أن عقد بيع العقار غير المسجل لا يزال بيعا منتجا لجميع آثار البيع عدا نقل الملكية بالفعل، فاشتراط المشرع تسجيل التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله، لم يغير من طبيعة عقد البيع ليتحول إلى عقد شكلي، فيبقى مع هذا الشرط عقدًا رضائيًّا لم يشترط القانون لانعقاده شكلا خاصا، فهو ينعقد بمجرد تراضى طرفيه، ويترتب على ذلك أن عقد البيع غير المسجل ينشئ جميع التزامات البائع، فيلتزم بموجبه بنقل الملكية إلى المشترى– والتى لا تنتقل فعلا إلا بالتسجيل على نحو ما تقدم– وبتسليم المبيع وبضمان التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية، كما ينشئ عقد البيع غير المسجل جميع التزامات المشترى، فيلتزم بأن يدفع الثمن والمصروفات وأن يتسلم المبيع، وإذا أوفى البائع بالتزامه بالتسليم وصار العقار المبيع فى حيازة المشترى، فله أن ينتفع به بجميع أوجه الانتفاع، فعقد البيع غير المسجل ينقل إلى المشترى جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع عدا نقل الملكية بالفعل.

واستعرضت الجمعية العمومية ما جرى به قضاء محكمة النقض من أن مفاد نصي المادتين رقمى (428) و(462) من القانون المدني، أنه إذا لم يتفق المتعاقدان على تعيين من يقوم منهما باتخاذ إجراءات التسجيل ويتحمل الرسوم المستحقة عليه ونفقاته، فإن الأصل هو التزام المشتري بالقيام بجميع إجراءات تسجيل العقد بما فيها إعداد العقد النهائي ومباشرة إجراءات المساحة وغير ذلك من الإجراءات اللازمة للتسجيل وتحصيل رسومه ومصروفاته، ويلتزم البائع بما هو ضروري لتيسير نقل الحق المبيع إلى المشترى كتقديم المستندات اللازمة لإتمام إجراءات التسجيل، والكف عن أى عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق عسيرًا أو مستحيلا، وأن المشرع بموجب الفقرة الثانية من المادة (457) من القانون ذاته أجاز للمشترى الحق في حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع الشىء المبيع من تحت يده، فمجرد قيام هذا السبب لدى المشتري يخول له الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يتهدده، وعلم المشتري وقت الشراء بالسبب الذي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق، لأنه قد يكون محيطا بالخطر الذي يتهدده، ويكون في الوقت ذاته معتمدًا على البائع لدفع هذا الخطر قبل استحقاق الباقي في ذمته من الثمن، وأنه لا يجوز للدائن أن يستعمل الحق في الحبس إذا كان هو البادئ في عدم تنفيذ التزامه، فيمتنع على المشتري استعمال الحق في حبس الثمن ما دام لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانونًا وبحكم العقد (كالتزامه باتخاذ إجراءات تسجيل العقد)، إذ لا يصح في هذه الحالة اعتبار البائع مقصرًا في الوفاء بالتزاماته قبله.( فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم 924 بتاريخ 11/5/2020 ملف رقم 32/2/4857 جلسة 25/3/2020)

وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 6/9/1981 تم إبرام عقد بيع ابتدائى بين محافظة المنوفية (طرفًا أول بائعا) والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان (طرفًا ثانيًا مشتريا) لقطعة أرض مساحتها (7789) م2، بمدينة بركة السبع لإقامة مشروع عمارات سكنية عليها، وفى غضون عام 1982 رُئِى استبدال قطعة الأرض سالفة البيان بقطعة أرض بديلة مساحتها (8737,5) م2، وتم إبرام عقد بيع بتاريخ 6/9/1982 للقطعة البديلة بثمن مقداره (98296,875) جنيها، وتضمن البند الثالث من العقد على أنه تم سداد مبلغ مقداره (43796,250) جنيهًا كمقدم ثمن، على أن يسدد باقى الثمن عند التوقيع على عقد البيع النهائى وفقا للمساحة الفعلية الواردة بكشف التحديد المعد بمعرفة الهيئة العامة للمساحة، إلا أنه لم يثبت من الأوراق أن محافظة المنوفية قامت باستخراج كشف التحديد المساحى للمساحة محل عقد البيع المؤرخ 6/9/1982م، وتقديمه إلى الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ومعه المستندات الدالة على ملكيتها لتلك الأرض حتى تقوم تلك الهيئة باتخاذ إجراءات نقل الملكية وتسجيل العقد، ومن ثم تلتزم محافظة المنوفية باستخراج كشف تحديد للمساحة محل العقد ومستندات ملكيتها للمساحة المبيعة وتسليمها إلى المشترى– الهيئة العامة لتعاونيات البناء- وعندئذ تلتزم الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان بسداد باقى الثمن ومقداره (54499,75) جنيها إلى محافظة المنوفية.

لـــذلــــك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى:

 أولا: التزام محافظة المنوفية باستخراج كشف التحديد المساحى وتقديم كافة مستندات الملكية للأرض محل النزاع إلى الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان لاتخاذ إجراءات السير فى تسجيل الأرض.

ثانيا: التزام الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان بأداء مبلغ (54499,75) جنيهًا باقى ثمن الأرض إلى محافظة المنوفية بعد تسلمها لمستندات ملكية الأرض من المحافظة، وذلك علي النحو المبين بالأسباب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريرًا في:           /           /2021

                          رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

                  المستشار/

    يسرى هاشم سليمان الشيخ

                     النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة