بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة السابعة موضوع
فِي الطَّعْنِ رَقْمِ 39066 لِسَنَةِ 59 الْقَضَائِيَّة عُلْيَا
الْمُقَـــامُ مِنْ :
عبد العليم عبد الرحمن عثمان |
ضَـــد :
1- | وزير الداخلية ……………….. | …….. | (بصفته) |
فِي الْحُكْمِ الصَّادِرِ مِنْ مَحْكَمَةِ الْقَضَاءِ الإِدَارِيِّ بالقاهرة / الدَّائِرة التاسعة
بِجَلْسَةِ 7/7/2013مِ.، فِي الدَّعْوَى رَقْمِ 37042 لِسَنَةِ 64 قَضَائِيَّة
| الإِجْـرَاءَاتُ |
|
في يوم الخميس الموافق 5/9/2013م.، أقام الطاعن طعنه الجاري بموجب صحيفة طعن موقَّعة من محامٍ مقبول ، أُودعت قلم كتاب هذه المحكمة ، وقُيدت في جدولها العام بالرقم عاليه ، وأُعلنت للمطعون ضده بصفته إعلاناً قانونياً ، بطلب الحكم – للأسباب المثبتة في متنه – بقبول الطعن شكلاً ، وبإلغاء الحكم الصادر من محكَمَةِ الْقَضَاءِ الإِدَارِيِّ بالقاهرة / الدَّائِرة التاسعة بجَلْسَةِ 7/7/2013مِ.، في الدَّعْوَى رَقْمِ 37042 لِسَنَةِ 64 قَضَائِيَّة ، والقضاء مجدداً بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدِّي للطاعن المبلغ المذكور بعريضة الطعن ، وقدره خمسمائة ألف جنيه مِصري مناصفة بين ما أصابه من أضرار مادية وأدبية أثبتها الحكم الطعين ، مع إلزام جهة الإدارة المَصروفات ومقابل أتعاب المُحاماة عن درجتي التقاضي .
إذ قضَى منطوق الحكم المطعون فيه : ” بقبول الدعوى شكلاً ، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية المدَّعى عليها بأن تؤدِّي للمدَّعي تعويضاً مِقداره خمسة عشر ألف جنيه والمَصروفات “.
وَقَدْ جَرَى تحْضِيرُ الطَّعْنِ أَمَامَ هَيْئَةِ مُفَوَّضِي الدَّوْلَةِ بالمحكمة الإدارية العليا ، وَأَوْدَعَت الهَيْئَةُ تَقْرِيراً بِالرَّأْيِّ الْقَانُونيِّ ارْتَأَتْ فِيهِ – لمَا حَوَاهُ مِنْ أَسْبَابٍ – الحُكْمَ بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً ، وإلزام الطاعن المَصروفات .
ونُظِر الطعن أمام الدائرة السابعة لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ، والتي قرَّرت بجلسة 27/3/2016م. إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة ، حيث تُدُووِلَ الطَّعْنُ أَمَامَهَا وفْقَ الثَّابِتِ بمَحَاضِرَ جَلَسَاتِ المُرَافَعَةِ ، حَتَّى قَرَّرت المحْكَمَةُ بجَلْسَةِ 1/1/2017م. حَجْزُ الطَّعْنِ لِلْحُكْمِ بجَلْسَةِ اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء من الطرفين خلال أسبوعين ، أودع خلالها الطاعن مذكرة دفاع صمَّم في ختامها على طلباته الواردة بأصل صحيفة الطعن ، ولم تودع الجهة الإداري المَطعون ضدها أية أوراق خلال الأجل المعلوم . إذ صدر الحكم بجلسة اليوم وَأُودعَتْ مُسَوَّدَتُهُ المُشْتَملَةُ عَلَى أَسْبَابِهِ لَدَى النُّطْقِ بِهِ عَلانِيَةً .
بَعْدَ الاطِّلاعِ عَلَى الأَوْرَاقِ وسمَاعِ الإِيضَاحَاتِ ، وَبَعْدَ المُدَاوَلَةِ قَانُوناً .
حَيْثُ إِنَّه عن طلب الطاعن الحُكْمَ بِالطَّلَبَاتِ السَّالِف بَيَانهَا .
وَحَيْثُ إِنَّهُ عَنْ شَكْلِ الطَّعْنِ ، وَإِذْ اسْتَوْفَى سَائِرَ أَوْضَاعه الشَّكْلِيَّةِ المُقَرَّرَةِ قَانُوناً ، فَيَضْحَى مَقْبُولاً شَكْلاً .
وَحَيْثُ إِنَّهُ عَنْ مَوْضُوعِ الطَّعْنِ ، فَإِنَّ عَنَاصِرَ المُنَازَعَةِ تخْلُصُ – حَسْبمَا يَبِينُ مِنَ الأَوْرَاقِ – في أَنَّ الطاعن أقام بتاريخ 15/6/2010م. الدَّعْوَى رَقْمِ 37042 لِسَنَةِ 64 الْقَضَائِيَّة أمام محكمة القضاء الإداري بِاالقاهرة ، ضد المَطعون ضده بصفته ، بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بدفع تعويض خمسمائة ألف جنيه مِصري جبراً لما أصاب المدعي من أضرار مادية وأدبية لامتناعه عن تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري رقم 14192 لسنة 58 قضائية الصادر لصالحه ، وإلزام المدعى عليه بصفته المَصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وَذَكَرَ المدعي – شَرْحاً لِدَعْوَاه – أَنَّه بتاريخ 26/1/2006م. صدر لصالحه الحكم رقم 14192 لسنة 58 قضائية من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إلحاق المدعي بالدورة التأهيلية للنقل إلى كادر ضباط الشرطة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار . وتم رفض طعن الجهة الإدارية على هذا الحكم ، وامتنعت عن تنفيذ الحكم رغم إعلانها بالصيغة التنفيذية ، مما أصاب المدعي بأضرار مادية وأدبية نتيجة عدم قيام الجهة الإدارية بتنفيذ الحكم لصالحه ، تمثلت في حرمانه من المزايا المالية المقرَّرة لهذه الوظيفة ، فضلاً عن الأضرار الأدبية الأخرى . مما حدا بالمدعي إلى إقامة دعواه ، مُنتهياً إلى طلباته سالفة البيان .
وتُدُوول نظر الشق العاجل من تلك الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بِالقاهرة / الدَّائِرة التاسعة ، على النحو الثابت بمحاضر جلسات المرافعة ، وبجلسة 7/7/2013م. أصدرت المحكمة حكمها الطعين سالف البيان .
وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس توافر ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية وما وقع على المدعي من أضرار ، وبالتالي توافر المسئولية الإدارية في حق جهة الإدارة . وعليه خلصت المحكمة إلى حكمها سالف البيان .
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن ، فقد أقيم الطعن نعياً على الحكم الطعين مخالفته للقانون ، والفساد في الاستدلال ، والقصور في التسبيب ، والإخلال بحق الدفاع . مُنتهياً – بعد سرد تفصيلات أسبابه في صحيفة الطعن – إلى الطلبات السالف بيانها .
وحيث إنه عن موضوع الطعن ، فإن القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 ينص في المادة (163) على أن : ” كل خطأ سبَّب ضرراً للغير يُلزِم مُرتكبه بالتعويض “.
وفي المادة (170) على أن : ” يُقدِّر القاضي مدي التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقا لأحكام المادتين (221) و (222) ، مراعياً في ذلك الظروف الملابسة …………………….”.
وحيث إن مفاد النصيْن السالفيْن ، أن المشرع ألزم كل من يرتكب خطأ سبب ضرراً للغير بتعويض المضرور فيه بالتعويض الذي يقدره القاضي وفقاً لأحكام القانون المدني ، مع مراعاة الظروف الملابسة لارتكاب الخطأ في تقدير القاضي لقيمة التعويض الذي يقدره ويراه مناسباً لجبر الأضرار التي ترتبت عليه ولحقت بالمضرور من ذلك الخطأ .
وحيث استقر قضاء هذه المحكمة على أن مَناط مسئولية الإدارة المُوجِبة للتعويض هو توافر المسئولية الإدارية بأركانها الثلاثة في جانب جهة الإدارة ، وهي الخطأ المتمثل في عدم مشروعية القرار الإداري والضرر الذي يصيب ذوي الشأن من جراء هذا القرار ورابطة السببية بينهما . وأن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسباً ، مستهدية في ذلك بكافة الظروف و الملابسات ، ويتعين أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ ومردود إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر غير زائد عليه أو ناقص عنه . ويُفترض أن يكون التعويض عن الاضرار تعويضاً كاملاً للضرر وعادلاً ، وذلك في حالات المسئولية المترتبة علي ركن الخطأ ، وهو ما يَفترض التناسب بين الضرر والتعويض المقضي به جبراً له ، بحيث لا يكون هذا التعويض سبباً للإثراء بلا سبب للمضرور من الخطأ ، أو استقطاعاً مغالياً فيه من مال الطرف المسئول عن الفعل الموجِب للتعويض [حكما المحكمة الإدارية العليا : جلسة 15/3/2015م.، الطعن رقم 26358 لسنة 51 قَ.عُ. | وجلسة 20/11/2016م.، الطعن رقم 15874 لسنة 54 قَ.عُ.] .
وحيث إن المسئولية الإدارية الموجِبة للتعويض تنعقد فور توافر أركانها الثلاثة في أعمال جهة الإدارة بشكل مجرَّد ، بغض النظر عن كيفية إصدار الإدارة للقرار الإداري المَعيب أو سببه أو تأويله أو دوافعها في ذلك أو صدوره بناء على إفتاء قانوني ، وسواء كان وليداً لمخالفات إجرائية شكلية أو موضوعية ، وحتى لو لم يتوافر لدى الجهة الإدارية الاعتماد المالي للتعويض عن الضرر الواقع بسببه . ذلك أن الخطأ الناتج عن القرار المَعيب يعد واقعة مجردة بذاتها لا علاقة لها بأحوال إصداره ، ومتى تحقق كان موجباً المسئولية عن تعويض الضرر الناشيء عنه ، دون البحث عن الباعث على الوقوع في هذا الخطأ ، إذ لا يتبدَّل تكييف الخطأ بحسب فهم مرتكبه للقاعدة القانونية وإدراكه فحواها ، والخطأ في فهم الواقع أو القانون ليس عذراً دافعاً للمسئولية . والحال كذلك إذا تم إلغاء القرار الإداري بحكم قضائي ، أياً كانت أسباب ذلك ، بما في هذا مخالفة الإجراءات الشكلية أمام المحكمة أو نكول جهة الإدارة عن تقديم أوراق دفاعها ، فقد لا تقدح الأسباب الأخيرة إلا في تقدير قيمة التعويض فقط ، دون المحيد عن إنزال التعويض في ذاته كمبدأ واجب [ أحكام المحكمة الإدارية العليا : جلسة 23/11/2014م.، الطعن رقم 46021 لسنة 56 قَ.عُ. | وجلسة 15/3/2015م.، الطعن رقم 26358 لسنة 51 قَ.عُ. | وجلسة 20/11/2016م.، الطعن رقم 15874 لسنة 54 قَ.عُ.] .
وحيث إنه عن ركن الخطأ ، فإن قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ينص في المادة (50) على أنه : ” لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العُليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك . كما لا يترتب على الطعن أمام محكمة القضاء الإداري في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية وقف تنفيذها إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك “.
وفي المادة (52) على أن : ” تسري في شأن جميع الأحكام، القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه، على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة “.
وفي المادة (54) على أن : “ الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون صورتها التنفيذية مشمولة بالصيغة الآتية : “على الوزراء ورؤساء المصالح المختصين تنفيذ هذا الحكم وإجراء مقتضاه” . أما الأحكام الأخرى فتكون صورتها التنفيذية مشمولة بالصيغة الآتية : ” على الجهة التي يناط به التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك”.
وحيث إن مفاد النصوص السالفة ، أن الأحكام الصادرة عن محاكم مجلس الدولة أياً كانت المحكمة مصدرة الحكم، تسري في شأنها جميع القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه ، وتكون الأحكام الصادرة منها بالإلغاء حجة على الكافة ، وتكون تلك الأحكام واجبة التنفيذ حتى ولو تم الطعن عليها أمام محكمة الطعن المختصة حيث لا يجوز الامتناع أو المماطلة أو التأخير في تنفيذها وإعمال مقتضاها حتى ولو كان قد تم الطعن عليها أمام محكمة الطعن المختصة، طالما أن محكمة الطعن لم تأمر بوقف التنفيذ ، وتأكيداً على ذلك قرر المشرع صيغة تنفيذية محددة تشمل الحكم الصادر بالإلغاء وصيغة تنفيذية ثانية تشمل الأحكام الأخرى الواجبة النفاذ التي تصدر بغير الإلغاء – وهذه الصيغة التنفيذية الأخيرة هي ذاتها الصيغة التنفيذية التي نص عليها قانون المرافعات المدنية والتجارية في المادة (280) منه – وذلك على النحو الوارد بالمادة (54) من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر . وتأكيداً لمسلك المشرع بإسباغ الأحكام القضائية بالقواعد الخاصة بقوة الشيء المقضي به ولرغبته في تنفيذ تلك الأحكام وحماية لدولة القانون وسيادته وإعلاءً لها اعتبر المشرع في قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (58) لسنة 1937 – المادة 123 منه المعدلة بالقانون رقم 123 لسنة 1957 – أن كل موظف عمومي يستعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة ، أو امتنع عمداً عن تنفيذ ذلك الحكم أو الأمر عمداً متى كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاصه الوظيفي ، يكون مرتكباً لجريمة جنائية يعاقب عليها ذلك الموظف بالحبس والعزل من الوظيفة .
وحيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن الحكم القضائي لا يجوز وقف تنفيذه إلا من قبل محكمة الطعن، وأنه يقع على عاتق أجهزة الدولة تنفيذ هذا الحكم – فضلاً عن الجهة الصادر ضدها الحكم – مهما كانت الآثار الناتجة عن تنفيذه، إذ أن تنفيذ الحكم هو تأكيد لسيادة الدولة، وينبني على ذلك أنه يتوجب على الجهة الصادر ضدها الحكم الواجب تنفيذه أن تبادر لذلك متى طلب صاحب الشأن تنفيذ الحكم، وأن يتم تنفيذه طبقاً لما قضى به الحكم في منطوقه، وما استند إليه من أسباب كانت محل نظر المحكمة وانتهت إلى عدم مشروعيتها، وإعمال الآثار التي أشار إليها الحكم في أسبابه دون أن يكون لها أن تخلق عقبات مادية أو قانونية من وجهة نظرها وترتكن إليها للالتفاف على تنفيذ الحكم بحيث تكون خصماً وحكماً في مجال تنفيذ الحكم في ذات الوقت، فعلى الجهة الإدارية أن تقوم بتنفيذ الأحكام فإن هي تقاعست أو امتنعت عن التنفيذ اعتبر هذا الامتناع بمثابة قرار إداري سلبي مخالفاً للقانون يحق معه للمتضرر أن يطعن عليه أمام القضاء الإداري إلغاءاً وتعويضاً [حكم المحكمة الإدارية العليا : جلسة 19/4/2015م.، الطعن رقم 41352 لسنة 56 قَ.عُ.] .
وحيث إنه هدياً بما سلف ، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تخرَّج في معهد أمناء الشرطة في العام 1975م.، والتحق في الخدمة الوظيفية بهيئة الشرطة اعتباراً من 16/3/1975م.، وحصل أثناء خدمته على درجة الليسانس في الحقوق من جامعة المنوفية في العام 1998م.. وامتنعت الجهة الإدارية المطعون ضدها عن إلحاقه بالدورة التأهيلية لكادر ضباط الشرطة ، فأقام الدعوى رقم 14192 لسنة 58 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ، والتي قضت بجلستها المعقودة في 26/1/2006م. بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إلحاقه بالدورة التأهيلية للنقل إلى كادر ضباط الشرطة ، وما يترتب على ذلك من آثار . وتأيَّد ذلك الحكم بحكم المحكمة الإدارية العُليا بجلستها المعقودة في 28/2/2010م. في الطعن رقم 4797 لسنة 53 قضائية عُليا ، برفض الطعن المُقام من الجهة الإدارية . وقد تمَّ إعلان الجهة الإدارية المَطعون ضدها بالصورة التنفيذية لحكم محكة القضاء الإداري المُشار إليه ، فكان يتعيَّن عليها اتخاذ الإجراءات القانونية لتنفيذ ذلك الحكم ، بأن تُبادر بإلحاق الطاعن بالدورة التأهيلية التي قضى ذاك الحكم بأحقيته في الالتحاق بها ، وهو التنفيذ الصحيح لمقتضى الحكم الصادر لصالحه – دون أن يخل ذلك بالحق القانوني للجهة الإدارية في إعمال الشروط القانونية المقررة لنقل الطاعن إلى كادر الضباط وتطبيقها عليه ، لأنه ليس من مقتضيات تنفيذ الحكم الصادر لصالح الطاعن بالالتحاق بالفرقة التأهيلية لعلوم الشرطة هو التحاقه بكادر الضباط ، أو تستنفذ بعد ذلك حقها القانوني في الاستشكال في تنفيذ الحكم أو غيره من الوسائل القانونية ، دون مخالفة القانون بداءة في الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي واجب النفاذ – بيد أن الجهة الإدارية امتنعت عن تنفيذ الحكم ، وهو مسلك غير مشروع ومجرم قانوناً ، الأمر الذي يضحى معه ركن الخطأ متوافر في جانب الجهة الإدارية المطعون ضدها .
وحيث إنه عن ركن الضرر ، فإن قضاء هذه المحكمة استقر على أن مناط الحكم بالتعويض عن الضرر المادي هو الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر حتمياً ، وأن الفرصة إذا كانت أمراً محتملاً في ذاتها فإن تفويتها هو أمر محقق وعنصر من عناصر الضرر الموجب للتعويض ، ولا مانع في القانون من أن يحتسب في الكسب الفائت ما كان المضرور يأمل في الحصول عليه ما دام لأمله سبب مقبول ، والتعويض عن الكسب الفائت يقدر بنسبة احتمال تحقق الفرصة حسبما يراه القاضي من ظروف الدعوى وملابساتها ، وذلك بجانب ما تكبده من نفقات ومصروفات مادية في سبيل الحصول على ذلك الحكم [ حكم المحكمة الإدارية العُليا : جلسة 19/4/2015م.، الطعن رقم 41352 لسنة 56 قَ.عُ.] .
وحيث إنه لما كان ذلك ، فإن ركن الخطأ الذي يتوافر في جانب جهة الإدارة ينخرط في شقِّه المادي فيما فات الطاعن من كسب كان سيحصل عليه حال تنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالحه في الدعوى رقم 14192 لسنة 58 قضائية ، ويتمثَّل كذلك في احتمالات حرمانه من المزايا المالية المقرَّرة للوظيفة المُشار إليها ، وكذا ما لحقه من خُسارة ، وفيما تكبَّده من نفقات لقاء ولوجه باب القضاء استخلاصاً لحقه ، وكذا إطالة أمد التقاضي لسنوات عديدة وما تكلَّفه خلالها من نفقات ومصروفات وأتعاب محاماة لنيل حقه وإثبات خطأ الجهة الإدارية المَطعون ضدها . وأنه في جانبه الأدبي يندرج في الآلام النفسية التي ألمَّت بالطاعن إزاء صدور القرار الطعين ثم عدم تنفيذ الحكم القضائي المُشار إليه ، وقوامه الظلم والإحباط والمهانة بين أقرانه وذويه نتيجة ذلك ، بالإضافة إلى ما يكون قد ترتب على ذلك من آثار وظيفية أخرى .
وحيث إن تنفيذ الحكم القضائي المُشار إليه كان مرداً لكل الأضرار سالفة البيان ، مما تقوم معه علاقة السببية بين الخطأ والضرر ، إذ أن هذه الأضرار نتيجة مباشرة لخطأ الجهة الإدارية سالف البيان في امتناعها عن تنفيذ الحكم المُشار إليه ، وبالتالي يكون قد توافرت الأركان الثلاثة الموجبة للتعويض على عاتق الجهة الإدارية المطعون ضدها ، الأمر الذي لا محيص معه من تعويض الطاعن تعويضاً مناسباً جابراً لهذه الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به . وإنه ولئن كان الطاعن قد حدَّد في صحيفة دعواه أمام محكمة أول درجة مِقدار التعويض عن الأضرار المادية التي لحقت به بمبلغ خمسمائة ألف جنيه تُضاف إلى الأضرار الأدبية . بيد أنه في ضوء عدم تفنيده لعناصر الضرر المادي بشكل محدَّد فيما فاته من كسب مادي أو لحقه من خسارة ، فإن المحكمة تُقدِّر التعويض المُستحق للطاعن إجمالاً وشاملاً لكل الأضرار المادية والأدبية التي حاقت به بمبلغ مِقداره خمسين ألف جنيه ، الأمر الذي يستوجب الحكم بإلزام المطعون ضده بصفته بأداء مبلغ التعويض المذكور للطاعن .
وحيث اتجه الحكم المطعون إلى ذات الوجهة ، وإنما اختلف في مِقدار مبلغ التعويض ، فمن ثم يضحى نائياً عن صحيح أحكام الواقع والقانون ، ويُصبح الطعن فيه قائماً على سببه المُبرَّر له ، ويقتضي تعديله في مبلغ التعويض على النحو سالف الإشارة .
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته ، عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية .
حَكَمَتُ الْمَحْكَمَةُ بقبول الطعن شَكْلاً ، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضده بصفته أن يؤدِّي للطاعن تعويضاً مالياً مِقداره خمسين ألف جنيه مصري ، وذلك على النحو المبين بالأسباب . وألزمت المَطعون ضده بصفته المَصروفات .
صدر هذا الحكم وتلي علناً في يوم 20 من شهر جمادى الاخر لسنة 1438 هـ، الأحد الموافق 19/3/2017م بالهيئة المبينة بصدره.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |