برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د.محمد جودت الملط وحنا ناشد مينا ومحمد يسري زين العابدين وفاروق علي عبد القادر ومحمد مجدي محمد خليل هارون ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وحسني سيد محمد حسن والسيد محمد الطحان ومحمد الصغير بدران ومحمد إبراهيم قشطة.
نواب رئيس مجلس الدولة
……………………………………………………………..
(أ) عقد إداري- مراحل التعاقد- دور لجنة البت- سلطة جهة الإدارة- يقتصر دور لجنة البت على تعيين أفضل المتناقصين أو المتزايدين طبقا للإجراءات التي رسمها القانون، ويعتبر ذلك إجراء تمهيديا في عملية التعاقد التي تتميز بأنها عملية مركبة- يأتي بعد ذلك دور السلطة المختصة بإبرام العقد، فإذا رأت إبرامه فإنها تكون ملزمة بمن اختارته لجنة البت- اختصاص جهة الإدارة في هذا الشأن هو اختصاص مقيد، يقابله من ناحية أخرى سلطة تقديرية تتمثل في عدم التعاقد لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، كأن يكون سعر المزاد أقل كثيرا من القيمة السوقية- العرض المقدم من المتزايد هو إيجاب لا ينعقد به العقد إلا إذا قبلت به جهة الإدارة وأخطرت المتزايد برسو المزايدة عليه.
(ب) عقد إداري- مراحل التعاقد- مناقصات ومزايدات- سلطة جهة الإدارة في إلغائها- لسلطة الاعتماد بناء على رأي لجنة البت إلغاء المناقصة أو المزايدة بعد البت فيها إذا كانت قيمة العطاء الأقل في المناقصة تزيد على القيمة السوقية، وقيمة العطاء الأعلى في المزايدة تقل عن تلك القيمة- إذا ثبت لجهة الإدارة أن الثمن الذي رست به المزايدة يقل كثيرا عن القيمة السوقية حتى لو جاوز الثمن الذي حددته لجنة التثمين فإن قرار إلغاء المزايدة بهدف الحصول على ثمن أكبر يكون متفقا وأحكام القانون- السعر الأساسي المقدر بمعرفة لجنة التثمين هو سعر استرشادي فحسب، تلتزم الإدارة بعدم إرساء المزاد بسعر يقل عنه، إلا أنه يجب عليها عند اتخاذ قرارها أن يكون سعر البيع مناسبا للأسعار المتعامل بها عند رسو المزاد- أسعار السوق يترك تقديرها لسلطة التعاقد أخذا بظروف البيوع المماثلة.
(ج) عقد إداري- مراحل التعاقد- مناقصات ومزايدات- سلطة جهة الإدارة في إلغائها- إذا قررت جهة الإدارة إلغاء المزايدة فإنه يتعين إصدار قرار الإلغاء في وقت مناسب طبقا لظروف كل حالة، وإلا كانت ملتزمة بتعويض ما يكون قد لحق صاحب الشأن من أضرار نتيجة التراخي في إصدار قرار الإلغاء طبقا للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية.
– في يوم الأحد الموافق 8/3/1987 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا نائبا عن الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن السيدين/… و…، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد بجدولها تحت رقم 1266 لسنة 33 ق عليا، ضد السيدين رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ومدير عام مديرية الإصلاح الزراعي بالإسكندرية بصفتيهما، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 11/1/1987 في الدعوى رقم 376 لسنة 38 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهما، الذي قضى بإلزام المدعى عليهما أن يؤديا للمدعي الأول مبلغ 2800 جنيه وللمدعي الثاني مبلغ 2200 جنيه، مع إلزام المدعى عليهما المصاريف.
وطلب الطاعنان في ختام الطعن -وللأسباب الواردة به– الحكم: (أولا) بقبول الطعن شكلا و(ثانيا) في الموضوع: -بصفة أصلية- الحكم بتعديل الحكم المطعون فيه إلى الحكم بصحة ونفاذ إجراءات المزاد التي رسا بها على الطاعنين مزاد بيع الأرض الموضحة في صحيفة الدعوى، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتسليم الأرض بشروط المزاد وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. (ثالثا) -وبصفة احتياطية عند عدم إجابة الطلب الأصلي-: الحكم بإلزام الهيئة المطعون ضدها أن يدفعا له تعويضا ماليا مقداره 100000 جنيه (مئة ألف جنيه) لكل من الطاعنين عن كل فدان من الأفدنة التي رسا مزاد بيعها على الطاعنين، وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وفي الطلب الاحتياطي: الحكم تمهيديا -وقبل الفصل في تحديد قيمة التعويض- بندب خبير في الطعن للاطلاع عليه، وتقدير ما فات الطاعنين من كسب وما لحقهما من خسارة بسبب عدم نفاذ البيع وتقدير التعويض على هذا الأساس، وتقديم تقرير بذلك للمحكمة.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده الأول في 16/3/1987 وإلى المطعون ضده الثاني في 29/3/1987.
– وفي يوم الثلاثاء الموافق 10/3/1987 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن آخر في الحكم المشار إليه، قيد بسجلاتها تحت رقم 1286 لسنة 33 ق عليا، بصفته وكيلا عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ضد السيدين/… وصحته (…) و…، وطلب الطاعن -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم: (أولا): بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، و(ثانيا) بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما بتاريخ 19/3/1987.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه بالنسبة للطعن رقم 1266 لسنة 33ق. عليا: الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض الطاعنين إلى القيمة التي تقدرها هيئة المحكمة مع إلزام الجهة الإدارية والطاعنين المصروفات مناصفة. وبالنسبة للطعن رقم 1286 لسنة 33 ق. عليا: الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه بشقيه العاجل والموضوعي، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 19/2/1992 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 1286 لسنة 33 ق. عليا إلى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. عليا ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 3/3/1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 4/5/1993.
وقد تدوول الطعن أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلستها المنعقدة في 19/10/1993 حجز الطعنين لإصدار الحكم بجلسة 7/12/1993، وبجلسة 7/12/1993 قررت المحكمة إعادة الطعنين للمرافعة لجلسة اليوم، وإحالتهما إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لقيام موجب الإحالة إليها؛ لوجود تعارض بين الحكم الصادر في الطعنين رقمي 1505 و 1539 لسنة 39 ق. عليا بجلسة 29/11/1986 وحكم سابق لهذه المحكمة في الطعن رقم 812 لسنة 13 ق. عليا الصادر بجلسة 1/2/1969 بالنسبة لمدى حق الجهة الإدارية في إلغاء القرار الصادر بإرساء المزاد من اللجنة المختصة، مثار النزاع في الطعن المعروض.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في المسألة المعروضة ارتأت فيه أنه لا يجوز للجهة الإدارية الامتناع عن اعتماد المزاد تمهيدا لإعادة المزايدة للوصول إلى ثمن أعلى.
وقد حدد لنظر الطعنين أمام هذه الدائرة جلسة 2/2/1995 وتدوولا أمامها على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم. وقد صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بموجب عريضة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/10/1983 أقام الطاعنان في الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. عليا الدعوى رقم 376 لسنة 38 ق، طالبين الحكم: (أصليا): بصحة ونفاذ إجراءات المزاد التي رسا بها على الطالبين مزاد بيع الأرض الموضحة في صحيفة الدعوى، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتسلم الأرض بشروط المزاد، و(احتياطيا): إلزام المدعى عليها الأولى أن تدفع لكل من الدعيين تعويضا ماليا قدره مئة ألف جنيه لكل واحد من المدعيين عن كل فدان من الأفدنة التي رسا مزاد بيعها عليهما، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة في جميع الأحوال.
وقال المدعيان شرحا لدعواهما إن الهيئة المدعى عليها أعلنت بتاريخ 13/12/1974 عن مزاد بيع قطع أرض فضاء داخل كردون مدينة الإسكندرية بنواحي خورشيد والصبحية والرأس السوداء، فتقدما مشتريين بتلك المزايدة، وقاما بسداد التأمين المطلوب لدخول المزاد، وقد رست عليهما القطع الثلاث الموضحة بعريضة دعواهما، وقاما باستكمال التأمين ليصل إلى 20% من الثمن الراسي به المزاد وذلك بالنسبة لكل منهما، وقال المدعيان إنه بعد مضي عامين على رسو المزاد عليهما قررت الهيئة المدعى عليها إلغاء إجراءات المزاد بالنسبة لجميع المساحات المعروضة بنواحي خورشيد والصبحية والرأس السوداء، التي رسا مزاد بيعها في جلسات 13 و14 و20 و27 نوفمبر سنة 1974، وعرضها للبيع مرة أخرى؛ لانخفاض الأسعار التي رسا به المزاد عن سعر المثل.
ولما كانت قائمة شروط البيع التي تمت المزايدة على أساسها نصت في البند السادس عشر منها على أن تعتبر لائحة المناقصات والمزايدات مكملة لهذه الشروط فيما لم يرد به نص، ومادام أنه لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها على وفق أحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية، فلا يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيدا لإعادتها بقصد الوصول إلى ثمن أعلى، وإنما يتعين على وفق أحكام القانون المشار إليه اعتماد إرسائها على صاحب أكبر عطاء، مادام قد أوفى بالتزامه بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة العطاء.
……………………………..
وبجلسة 11/1/1987 قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام المدعى عليهما أن يؤديا للمدعي الأول مبلغ 2800 جنيه وللمدعي الثاني مبلغ 2200 جنيه مع إلزام المدعى عليهما المصروفات. وأقامت قضاءها تأسيسا على أن المشرع في المادة (7) من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات حدد الحالات التي يجوز فيها إلغاء المناقصة على وجه الحصر -وتسري تلك الأحكام على المزايدة عملا بحكم المادة (11) من القانون المذكور سالفا-، والثابت من الاطلاع على مذكرة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المقدمة بجلسة 7/3/1985 أن مجلس إدارة الهيئة لم يعتمد البيع للراسي عليهما المزاد وقام بإلغاء المزاد بسبب انخفاض أسعار الأرض التي عرضت بالمزاد عن سعر المثل، وهذا السبب ليس من الأسباب التي أتاح القانون إلغاء المزاد بسببها، ومن ثم فإن قرار الإدارة بإلغاء المزاد يكون قد صدر غير متفق مع حكم القانون مما يصيبه بعدم المشروعية، وهذا القرار يكون ركن الخطأ في المسئولية وهو ما يترتب عليه مباشرة ضرر بالمدعيين يستوجب تعويضهما عن الأضرار التي أصابتهما من إلغاء المزاد وقت حدوثه.
……………………………..
– ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. عليا مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه على سند من القول بأنه لم يقم بالمزايدة موضوع الدعوى أية حالة من الحالات التي تبرر إلغاءها طبقا لحكم المادة (7) من القانون رقم 236 لسنة 1954 المشار إليه، وكان من حق الطاعنين أن يقضي لكل منهما بصحة التعاقد القائم بين الهيئة وبينهما وبطلان إجراءات إعادة طرحها للمزايدة، وقد كيفت المحكمة هذا الطلب على أنه طلب إلغاء قرار إلغاء المزايدة، وهذا التكييف لا يمثل حقيقة طلباتهما،كما أن مبلغ التعويض الذي قضت به المحكمة يخالف المبدأ الذي يحكم التعويض وهو تعويض المضرور عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة، وقد بيع الفدان الواحد في أرض متاخمة لأرض المزاد بمبلغ 120 ألف جنيه طبقا للعقود المسجلة.
– ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1286 لسنة 33 ق. عليا هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله على سند من القول إنه طبقا لأحكام القانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا فإن اختصاص لجنة البت ينحصر في إتمام الإجراءات بقصد الوصول إلى تعيين أفضل المتناقصين أو المتزايدين حسب الأحوال، وإن من حق الجهة الإدارية عدم التعاقد والعدول عنه إذا ثبت ذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، ولما كانت الهيئة الطاعنة قد قامت بإلغاء المزاد بسبب انخفاض السعر عن سعر المثل، فإن قرارها في هذا الشأن يكون سليما ومطابقا للقانون، وترتيبا على ذلك فلا يوجد خطأ ينسب للهيئة الطاعنة مما يستوجب التعويض عنه.
……………………………..
ومن حيث إن مثار الخلاف المعروض هو بيان مدى حق الجهة الإدارية في الامتناع عن اعتماد نتيجة المزاد تمهيدا لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى.
ومن حيث إنه سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بجلستها المنعقدة في 1/2/1969 في الطعن رقم 813 لسنة 13 ق. عليا بأنه: “إذا لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التي تجيز إلغاءها على وفق أحكام القانون فإنه ما كان يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيدا لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى، بل كان يتعين على وفق أحكام هذا القانون ولائحة المناقصات والمزايدات اعتماد إرسائها على المدعي، مادام أنه قد تقدم بأفضل العطاءات وقام بالتزامه بإكمال التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه، ويكون القرار الصادر بإعادة المزايدة، وما ترتب عليه من إجراءات انتهت بإرسائها على غير المدعي مخالفا للقانون، ولا شك في أن هذا القرار غير المشروع قد ألحق ضررا بالمدعي يتمثل فيما تكبده من نفقات للاشتراك في المزايدة وما اقتضاه ذلك من قيامه بإيداع تأمين، وفيما فاته من فرصة الحصول على الربح الذي كان يأمل في تحقيقه فيما لو تم التعاقد معه والذي قام الدليل على رجحانه برسو المزايدة على غيره بثمن يزيد على قيمة عطائه، وتقدر المحكمة التعويض المستحق بمبلغ…”.
إلا أن المحكمة الإدارية العليا قد اتجهت اتجاها مخالفا في حكمها الصادر بجلسة 29/11/1986 في الطعنين رقمي 1505 و 1539 لسنة 29 ق. عليا حيث ذهبت إلى أن المادة 7/3 من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات أجازت لرئيس المصلحة بقرار منه، بناء على رأي لجنة البت في العطاءات، إلغاء المناقصة أو المزايدة إذا كانت قيمة العطاء الأقل في المناقصة تزيد على القيمة السوقية وقيمة العطاء الأعلى في المزايدة تقل عن القيمة المذكورة، وظاهر أن القصد من ذلك يفيد المصلحة العامة للدولة بتوفير الزائد على القيمة لخزانتها، فإذا ما صدر قرارها على هذا الوجه كان مطابقا لحكم القانون.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن المزايدة الأولى تمت طبقا للمراحل والإجراءات التي أوجبها القانون للبت في العطاءات، حتى كشفت لجنة البت عن أن العطاءات المستبعدة المقدمة بعد الميعاد تتضمن أسعارا تعلو أسعار العطاءات المقدمة في الميعاد، وإذ ثبت للجنة البت من مجموع هذه العطاءات أن القيمة السوقية لاستغلال الكازينو محل المزايدة تزيد على قيمة أعلى عطاء قدم في الميعاد، مما رأت معه إلغاء المناقصة تحقيقا لمصلحة الخزانة للفرق بين قيمة أعلى عطاء والقيمة السوقية، وقد اعتمد ذلك سكرتير عام المحافظة بإيعاز من رئيس المصلحة؛ فإن قراره في هذا الشأن يكون قد صدر مطابقا لحكم القانون ممن يختص بإصداره بناء على رأي لجنة البت في العطاءات بقصد تحقيق مصلحة عامة، ولم يقم دليل على أن غايته شابها انحراف بالسلطة.
– ومن حيث إن البند (16) من قائمة مزاد بيع الأراضي محل الطعن الذي تم بتاريخ 3/11/1974 ينص على أن: “تعتبر لائحة المزايدات والمناقصات مكملة لشروط القائمة فيما لم يرد به نص”.
ومن حيث إن المادة (7) من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أن: “تلغى المناقصات بقرار مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها وقبل البت فيها إذا استغني عنها نهائيا، أما في غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة إلغاء المناقصة في إحدى الحالات الآتية:
إذا تقدم عطاء وحيد، أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة إلا عطاء واحد.
إذا اقترنت العطاءات كلها أو أكثرها بتحفظات.
إذا كانت قيمة العطاء الأقل تزيد على القيمة السوقية.
ويكون الإلغاء في هذه الحالات بقرار من رئيس المصلحة بناء على رأي لجنة البت في العطاءات”.
وتنص المادة (11) من القانون المذكور على أن: “تسري الأحكام المتقدمة على مزادات بيع الأصناف والمهمات التي يتقرر التصرف فيها، كما تسري أيضا على مقاولات الأعمال ومقاولات النقل…”.
وتنص المادة (13) من القانون نفسه على أن: “ينظم بقرار من وزير المالية والاقتصاد ما لم ينظمه هذا القانون من أحكام وإجراءات”.
وقد نصت المادة (67) من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 على أن: “… ترفع اللجنة (لجنة البت) توصياتها موقعة من جميع أعضائها ومن رئيسها إلى رئيس المصلحة أو مدير السلاح لكي يتولى اعتماد توصيات اللجنة…”.
ومن حيث إن المادة (7) من قانون المناقصات والمزايدات المبينة سالفا قد أجازت لسلطة الاعتماد بناء على رأي لجنة البت في العطاءات إلغاء المناقصة أو المزايدة بعد البت فيها، إذا كانت قيمة العطاء الأقل في المناقصة تزيد على القيمة السوقية، وكانت قيمة العطاء الأعلى في المزايدة تقل عن تلك القيمة، ومن ثم فإذا ما صدر قرار السلطة المختصة بالاعتماد بإلغاء المزايدة لما ثبت لها من أن الثمن الذي رست به المزايدة يقل كثيرا عن القيمة السوقية -وحتى لو جاوز الثمن الأساسي المحدد بمعرفة لجنة التثمين-، وكان ذلك ابتغاء مصلحة عامة تكمن في الحصول على أكبر ثمن ممكن لممتلكاتها، فإن قرارها الصادر في هذا الشأن يكون متفقا وأحكام القانون؛ ذلك أنه ولئن كانت لجنة البت في المزاد تنوب عن الجهة الإدارية في اتخاذ إجراءات البيع، ويكون السعر الأساسي المقدر بمعرفة لجنة التثمين سعرا استرشاديا فحسب تلتزم بعدم إرساء المزاد بسعر يقل عن هذا السعر، إلا أنه يجب عليها عند اتخاذ قرارها أن يكون سعر البيع مناسبا للأسعار المتعامل بها عند رسو المزاد، ومرد ذلك أن السعر المحدد بمعرفة لجنة التثمين قد يكون مناسبا وقد لا يكون مناسبا، وأن البيع في المزايدات الحكومية يقوم على فكرة البيع بأعلى سعر مناسب لأسعار السوق، وأسعار السوق يترك تقديرها لسلطة التعاقد من ظروف البيوع المماثلة، وهي ظروف لا تتوفر للجنة التثمين؛ باعتبار أن التقدير يكون في وقت سابق على إجراءات البيع وظروفه.
ومن حيث إنه فضلا عما تقدم فإن لجنة البت سواء في المناقصة أو المزايدة يقتصر دورها على تعيين أفضل المتناقصين أو المتزايدين -على وفق ما رسمه القانون- بإرساء المناقصة أو المزايدة عليه، وليس هذا هو الخطوة الأخيرة في التعاقد، بل هو ليس إلا إجراء تمهيديا في عملية التعاقد المركبة، ثم يأتي بعد ذلك دور الجهة المختصة بإبرام العقد، فإذا ما رأت أن تبرمه فإنها تلتزم بإبرامه مع المزايد أو المناقص الذي عينته لجنة البت، واختصاصها في هذا الشأن اختصاص مقيد، حيث تلتزم بالامتناع عن التعاقد مع غير هذا الشخص، ولا تستبدل غيره به، إلا أنه يقابل هذا الاختصاص المقيد سلطة تقديرية هي حق هذه الجهة في عدم إتمام التعاقد وفي العدول عنه إذا ثبتت ملاءمة ذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، وذلك أمر بديهي؛ لأن التقدم بالعطاء ولو كان يزيد على غيره من العطاءات ليس إلا إيجابا من صاحب هذا العطاء، ولا بد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزايدة عليه ممن يملكه، بحيث إذا لم يصدر هذا القبول من الإدارة ويخطر به الراسي عليه المزاد، فإن عقدا ما لا يكون قد انعقد بينهما.
ومن حيث إنه ولئن كان من حق الجهة الإدارية -حسبما سلف البيان- الامتناع عن اعتماد نتيجة المزايدة تمهيدا لإعادتها بقصد الوصول إلى ثمن أعلى، ويكون قرارها الصادر في هذا الشأن متفقا وأحكام القانون، إلا أنه يتعين على جهة الإدارة أن تصدر قرارها بإلغاء المزايدة في وقت مناسب طبقا لظروف كل حالة، وإلا كانت ملتزمة بتعويض ما عسى أن يكون قد لحق صاحب الشأن من أضرار نتيجة التراخي في إصدار قرار الإلغاء طبقا للقواعد العامة المقررة في المسئولية التقصيرية.
حكمت المحكمة بأنه يجوز للسلطة المختصة عدم اعتماد توصية لجنة إرساء المزاد إذا ما تبين لها أن السعر الذي انتهى إليه المزاد يقل كثيرا عن القيمة السوقية وقت رسو المزاد، على أن تصدر قرارها بالإلغاء في وقت مناسب على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.
([1]) ألغي هذا القانون إلغاءً كليا بمقتضى القانون رقم (9) لسنة 1983، الذي أُلغي بدوره إلغاءً كليا بمقتضى قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، الصادر بالقانون رقم (89) لسنة 1998.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |