الطعن رقم 284 لسنة 47 القضائية عليا
يناير 16, 2024الدعوى رقم 445 لسنة 3 ق
يناير 16, 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
********
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 4/2/2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد .
نــواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / أحمد فرج الأحول
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
************
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 305 لسنة 48 القضائية عليا
المقــــــــــام من :
السيد / فوزى السيد أحمد على
ضـــــــــد :
النائب العام ” بصفته “
وزير الداخلية ” بصفته “
رئيس مصلحة الجوازات والسفر والهجرة ” بصفته “
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة
فى الدعوى رقم 10407 لسنة 55 ق بجلسة 16/10/2001
” الإجــــــراءات “
************
فى يوم الأربعاء الموافق 17/10/2001 أودع الأستاذ / عبد الفتاح مصطفى رمضان المحامى بالنقض والإدارية العليا , بصفته وكيلاً عن الطاعن , قلم كتاب هذه المحكمة , تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه , فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 10407 لسنة 55 ق بجلسة 16/10/2001 والقاضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً , وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب .
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون , لتأمر بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى ” أولا : بقبول الدعوى شكلاً , ثانياً : وفى الشق المستعجل بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه , ووقف تنفيذ أمر النائب العام الصادر بمنع الطاعن من السفر والمعلن لمصلحة الجوازات برقم 1784 فى 30/5/2001 وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان – ثالثا : وفى الموضوع بإلغاء الحكم الصادر فى الشق المستعجل وباستمرار تنفيذ الحكم رقم 1665 لسنة 55 ق وإيقاف تنفيذ أمر المنع من السفــــر المعلن لمصلحــــة الجـــــوازات برقم 1784 فى 30/5/2001 وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان ” .
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه قبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى , وإحالتها بحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة للاختصاص , مع إبقاء الفصل فى المصروفات .
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعــــن الماثل بجلسة 21/3/2005 , وبجلســـــة 2/7/2005 أحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 8/10/2005 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم . حيث صدر الحكم , وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
” المحكمـــــة “
*******
بعد الاطلاع على الأوراق , وسماع الإيضاحات , وإتمام المداولة .
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 10407 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 6/8/2001 بطلب الحكم بقبولها شكلاً , وفى الشق المستعجل باستمرار تنفيذ الحكم رقم 1665 لسنة 55 ق وإيقاف تنفيذ الأمر الجديد , وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان , وبإلغاء الأمر الجديد الذى أعلن بمصلحة الجــــوازات برقم 1784 فى 30/5/2001 وتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان . وذكر المدعى – شرحا لدعواه – أنه بتاريخ 28/12/1993 صدر أمر نيابة الأموال العامة إلى مباحث الأموال العامة بتفتيش مقر الشركة التى يرأسها , ومنازلـه ومنازل أسرته , وجرى تنفيذ هذا الأذن بمعرفة مباحث الأموال العامة والرقابة الإدارية , وتم تحريز جميع المستندات المتعلقة به وبأسرته والتحفظ عليها , وقيدت القضيـــة برقم 1167 لسنة 1993 حصر أموال عامة , كما أمر بمنعه من السفر , وبتاريخ 9/1/1994 تم حبسه على ذمة التحقيق , وصدر بتاريخ 11/11/1994 الأمر رقم (2) بمنع المدعى وزوجته وأولاده من التصرف فى الأموال العقارية والمنقولـة والسائلة وإدارتها , كما أشار المدعى إلى أنه تم انتهاء التحقيق معه , وعدل الاتهام المنسوب إليه أكثر من مرة إلى أن تم الإفراج عنه بأمر النائب العام فى 27/6/1994 , وفى 1/3/1995 صدر قرار النائب العام بإلغاء التحفظ على المدعى وأسرته وشركته كلية , وإلغاء قرار المنع من التصرف , وظل المدعى ينتظر إخطار النيابة لـه لاسترداد مستحقاته من الوديعة التى حصلت منه لحساب سداد الغرامات , إلى أن أذعن المدعى لقرار اللجنة المشكلة لبحث الغرامات المستحقة عليه ووافق على استرداد ما تبقى لـه من الوديعة , وبتاريخ 5/1/2000 صدر قرار النائب العام بالاوجه لأقامة الدعوى فى القضية رقم 1 لسنة 1994 , وأردف المدعى أنه فوجئ فى 20/6/2000 بمنعه من السفر بقرار النائب العام فأقام الدعوى رقم 1665 لسنــــة 55 ق أمام محكمة القضــــاء الإدارى والتى قضت فيها بجلســــة 24/4/2001 بوقف تنفيذ قرار النائب العام بمنعه من السفر , بيد أن النائب العام استشكل فى تنفيذ هذا الحكــــم أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة , ورفض تنفيذ الحكم , كما أصدر النائب العام قراراً آخر بمنع المدعى من السفر فى 30/5/2001 وأخطر مصلحة الجوازات بذلك بالكتاب رقم 1782 لسنة 2001 . ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته لحكم القانون وعدم قيامه على سببه وذلك على التفصيل الوارد بصحيفة دعواه ورددها الحكم المطعون فيه , وتحيل إليه هذه المحكمة تفاديا للتكرار .
وبجلســــة 16/10/2001 أصدرت المحكمــــة حكمها المطعون فيه تأسيســا على أن ” المدعى سبق إدراجه على قوائم الممنوعين من السفر بقرار النائب العام الصـــادر فى 20/6/2000 لاتهامه فى القضية رقم 1 لسنة 1994 حصر تحقيق مكانة التهرب الضريبى , وأنه استصدر حكما من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 1665 لسنة 55 ق بوقف تنفيذ هذا القرار , كما اتهم فى القضية رقم 2 لسنة 1999 تزوير فى محرر رسمى والمقيدة برقم 45 لسنة 2001 حصر تحقيق أموال عامة بارتكاب تزوير فى محررات رسمية موثقة عبارة عن توكيل خاص توثيق مكتب الزيتون رقم 604271 فى 15/7/1985 / ب وتراخيص مبان ونماذج تعديل تراخيص البناء , ونماذج تقدير القيمة الايجارية للعقارات والأوراق الملحقة بها , وتعاقدات مرفق مياه القاهرة الكبرى والأوراق الملحقة بها وهى خاصة بشركة التوفيقية للإنشاءات والتعمير التى يمثلها المدعى , وقد أجرى تحقيق فى هذا الشأن بمعرفة النيابة العامة والتى انتهت بمذكرتها المؤرخة فى 21/4/2001 إلى ثبوت الاتهام ضد المدعى , وطلبت اتخاذ إجراءات رفع الحصانة البرلمانية عن المدعى لتقديمة إلى المحاكمة , وبتاريخ 30/6/2001 وافق مجلس الشعب على رفع الحصانة عن المدعى وتم إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية بتاريخ 6/6/2001 , وكان قد صدر قرار النائب العام بتاريخ 30/5/2001 بإدراج المدعى على قوائم الممنوعين من السفر ومغادرة البلاد , استناداً لما استلزمته ضـــرورة التحقيق المشار إليه , وإلى القضايا أرقام 1 لسنة 1994 و2 لسنة 1999 والمقيدة برقم 45 لسنة 2001 ومن ثم يكون القرار – بحسب الظاهر من الأوراق – قد صدر سليما ومن مختص وقائما على سببه الصحيح فى الواقع والقانون , ولا ينال من ذلك ما أورده المدعى من أن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1665 لسنة 55 ق قد فصل فى ذات الموضوع , إذ أن البادى من ظاهر الأوراق أن ذلك الحكم قد أنصب على قرار النائب العام الصادر فى 20/6/2000 بمنع المدعى من السفر لاتهامه فى القضية رقم 1 لسنة 1994 تهرب ضريبى , ولم يتناول هذا الحكم الاتهام الوارد فى القضية رقم 2 لسنة 1999 والمقيدة برقم 45 لسنة 2001 حصر أموال عامة ” تزوير ” من قريب أو بعيد , وبالتالى فإن القرار الطعين لا يصطدم ولا يخـالف حـجـيـة الأمـر المـقـضى التى حازها الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1665 لسنة 55 ق كما لا ينال مما تقدم مانعاه المدعى على القرار الطعين من أنه صدر قبل رفع الحصانة بالمخالفة لحكم المادة 99 من الدستور , ذلك أن المنع من السفر ليس إجراء من الإجراءات الجنائية التى نظمها قانون الإجراءات الجنائية , كما أن البادى من الأوراق أن مجلس الشعب قد وافق على رفع الحصـــــانة عن المدعى فى 3/6/2001 وأنه وإن كان القــــرار الطعين قد صدر فى 30/5/2001 قبل رفع الحصانة , فإن الإجازة اللاحقة كالإذن السابق خاصة وأن التحقيقات فى القضية رقم 2 لسنة 1999 قد بدأت قبل أن يكون المدعى عضواً بمجلس الشعب , وقد مثل بالفعل أمام النيابة , وسمعت أقواله فى الاتهام المنسوب إليه .
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قضى بخلاف ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة فى القضايا المماثلة من أن انتهاء النيابة العامة من تحقيقاتها يحول بينها وبين إصدار أو استمرار تنفيذ أمر سابق بمنع المتهم من السفر , لأن ولايتها تنتهي بانتهاء التحقيق , فإن هى جاوزت ذلك تكون متعدية على ولاية المحكمة وهو ما لا يجوز شرعا , هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تفسير القانون وتطبيقه والفساد فى الاستدلال على النحو المبين تفصيلا ” بتقرير الطعن , وتحيل إليه هذه المحكمة تفاديا للتكرار .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مناط وقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين هما : ركن الجدية بأن يكون القرار قد شابه عيب من عيوب المشروعية مما يرجح معه إلغاؤه . وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها .
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإنه باستعراض أحكام الدستور يبين أن المشرع الدستورى جعل من الحرية الشخصية حقا طبيعيا يصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه , فنص فى المــــادة (41) منه على أن الحرية الشخصية حق طبيعى , وهى مصونة لا تمس , وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل , إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع , ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابــــة العامــــة , وذلك وفقا لأحكام القانون ” ونص فى المادة (50) على أنه ” لا يجوز أن يحظر على أي مواطن الإقامة فى جهة معينة ، ولا أن يلـزم بالإقـامة فى مكان معين ، إلا فى الأحوال المبينة فى القانون ” ونص فى المادة (51) على أنه ” لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها ” . كما نص فى المادة (52) على أن ” للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج , وينظم القانون هذا الحق , وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد ” .
ومن حيث إنه فى ضوء هذه المبادئ الدستورية قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 من نوفمبر سنة 2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21 ق الدستورية بعدم دستورية نص المادتين (8) و(11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات الســفر , وكذلك بسقــــوط نص المادة (3) من قـــرار وزير الداخليـــــة رقم 3937 لسنة 1996 , استناداً إلى أن حرية الانتقال تنخرط فى مصاف الحريات العامة , وأن تقييدها دون مقتض مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها , ويقوض صحيح بنيانها كما أن الدستور بنص المادة (41) منه عهد إلى السلطة التشريعية وحدها تقدير هذا المقتضى , ولازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل , والاستثناء هو المنع منه , وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قـــاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك , وينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار الأمر بذلك , فى ضوء الضوابط التى وضع الدستور أصولها , وعلى هذا فإن أى نص يخالف هذه الأصول يعتبر منسوخاً حتما بقوة الدستور نفسه , باعتباره القانون الوضعى الأسمى .
لما كان ذلك فإنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن النيابة العامة شعبة أصيلة من السلطة القضائية , تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق ثم وظيفة الاتهام أمام المحاكم الجنائية , وأن القرارات والإجراءات التى تتخذها بحكم وظيفتها القضائية تعتبر من صميم الأعمال القضائية , إلا أن النيابة العامة لا تنهض ولايتها فى خصوص المنع من السفر إلا وفقا لقانون ينظم القواعد الموضوعية والشكلية لإصدار قرارات بذلك , وأنه فى غياب هذا القانون , وفى ضوء ما قضت بهد المحكمة الدستورية العليا بحكمها سالف الذكر , فلا تستنهض النيابة العامة هذه الولاية ولا تقوم لها قائمة , ويكون ما تصدره النيابة فى هذا الشأن مجرد إجراء فاقد لسنده الدستورى والقانونى مما تختص محاكم مجلس الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية وفقا لنص المادة 172 من الدستور وقانون مجلس الدولة بمراقبة مشروعيته ووقف تنفيذه أو إلغائه حسب الأحوال , وذلك هو عين ما أكدته محكمة النقض فى الطعن رقم 2361 لسنة 55 ق بجلسة 15/11/1988 .
ومتى كان ذلك , وكان الأمر موضوع الطعن الماثل فيما جرى به من منع الطاعن من السفر لم يصدر وفقا لأحكام تنظم قواعد إصدار ذلك الأمر , فإنه يكون قائما على غير أساس , ويتوافر معه ركن الجدية , وكذلك ركن الاستعجال , لتعلق الأمر بالمساس بحق من الحقوق الدستورية أو بحرية من الحريات العامة , ومن ثم يغدو متعينا صدقا وعدلاً الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه فيما قضى به لم يلتزم بهذه الوجهة من النظر , فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة للقانون متعينا لذلك الحكم بإلغائه .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
” فلهـــذه الأســـــباب “
********
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه , وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات .