برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد العظيم محمود سليمان
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد هشام أحمد الكشكي، ورضا عبد المعطي السيد، وصلاح عز الرجال جيوشي بدوي، وصلاح محمود توفيق محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
التعدي عليها- مناط مشروعية استخدام الجهة الإدارية سلطتها في إزالة التعدي على أملاكها إداريا هو وقوع اعتداء ظاهر على أملاكها أو محاولة غصبها، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أي سند قانوني لوضع يده- إذا استند واضع اليد إلى ادعاء ظاهر بحق ما على العقار، وكان له ما يبرره من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعيه، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانوني بالنسبة لهذا العقار، انتفت حالة الغصب أو الاعتداء الموجب لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها في إزالته بالطريق الإداري، فلا يحق أن تلجأ إليها، إذ إنها في هذه الحالة لا تكون بصدد دفع اعتداء أو إزالة غصب عن أملاك الدولة، بل تكون في معرض انتزاع ما تدعيه من حق، تنفرد به عن طريق التنفيذ المباشر، وهو أمر غير جائز قانونا- سلطة القضاء الإداري في الرقابة على مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي على أملاك الدولة لا تمتد إلي الفصل في النزاع حول ملكية هذه الأملاك، فهو لا يتغلغل في فحص المستندات للترجيح فيما بينها، فهذا أمر يختص به القضاء المدني الذي يفصل دون غيره في الملكية- يقتصر دور القضاء الإداري على التحقق من أن سند الجهة الإدارية هو سند جدي ظاهر ومشروع، وله شواهده وأدلته المبررة لإصدار القرار بإزالة التعدي إداريا بالسلطة المباشرة لجهة الإدارة- لا ينتفي التعدي بالقول إن المتعدي قد اشترى العين بحق الجدك من البائع الذي يستأجر العين من جهة الإدارة؛ فعقد الإيجار من العقود الشخصية التي لا ترتب حقوقا عينية على العين محل الإيجار، فلا يجوز للمستأجر أن يتنازل عن هذا الإيجار لغيره دون موافقة المالك الأصلي للعين، وأثر عقد البيع بالجدك مقصور على طرفيه، ولا يمتد إلى غيرهما، لاسيما مالك العين.
بتاريخ 21/8/2005 أودعت هيئة قضايا الدولة، بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفاتهم، تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة)، طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الثالثة) في الدعوى رقم 11525 لسنة 58ق بجلسة 25/6/2005، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الإدارة مصروفات الطلب المستعجل، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وطلب الطاعنون -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه -للأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الثالثة (فحص) إلى أن قررت بجلسة 5/12/2012 إحالته إلى الدائرة الثالثة (موضوع)، التي قررت بجلسة 21/10/2014 إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص، وبها نُظر على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/12/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع شروطه وأوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 12/6/2004 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 11525 لسنة 58ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الثالثة)، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار رقم 281 لسنة 2004 الصادر عن محافظ الإسكندرية، فيما تضمنه من إزالة تعديه على ملك الدولة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعي شرحا للدعوى أنه اشترى حق الانتفاع بمكتب عبارة عن حجرة بالشقة رقم 6 بالدور الثالث علوي من العقار رقم 1 ميدان عرابي بالمنشية، وذلك من السيد/… بموجب عقد بيع بالجدك مؤرخ في 24/8/2003، وقد فوجئ بصدور القرار الطعين بإزالة تعديه على الحجرة المذكورة.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون والانحراف بالسلطة، تأسيسا على أن وضع يده مستمد من العقد المشار إليه، ووضع يد البائع له مستمد من أحكام قضائية نهائية بإلزام الجهة الإدارية تحرير عقد إيجار له عن الحجرة المشار إليها، وخلص إلى طلباته المبينة آنفا، وقدم سندا لدعواه ثلاث حوافظ مستندات
……………………………………………………..
وبجلسة 25/6/2005 قضت محكمة القضاء الإداري في الشق العاجل من الدعوى بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الإدارة مصروفات الطلب المستعجل، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها، وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن المدعي اشترى حق الانتفاع بالمكتب الكائن بالشقة رقم 6 بالدور الثالث علوي من العقار رقم 1 بميدان عرابي بالمنشية من السيد/… الذي صدر له الحكم رقم 3095 لسنة 91 مساكن الإسكندرية بإلزام جهة الإدارة تحرير عقد إيجار له عن المكتب المذكور، وأصبح الحكم نهائيا برفض الاستئناف عليه، ومن ثم يكون وضع يد المدعي على المكتب موضوع التداعي له ما يبرره بسند قانوني، ومن ثم يكون القرار الطعين -بحسب الظاهر من الأوراق- مخالفا للقانون، ومرجح الإلغاء، ما يتوفر معه ركن الجدية، كما أن تنفيذ القرار فيه نتائج يتعذر تداركها مما يتوفر معه ركن الاستعجال.
……………………………………………………..
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعنين فقد أقاموا طعنهم الماثل، ناعين على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن العلاقة الإيجارية لا تتيح للمستأجر التأجير أو التنازل للغير بغير موافقة المالك الأصلي.
……………………………………………………..
وحيث إن المادة (970) من القانون المدني تنص على أنه: “… ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية، أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي علي الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريا”.
كما تنص المادة (26) من نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 والقوانين المعدلة له على أن: “يعتبر المحافظ ممثلا للسلطة التنفيذية بالمحافظة… وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة، وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة الجهة الإدارية في إزالة التعدي على أملاكها أو محاولة غصبها بمقتضى القانون، مناط مشروعيتها وقوع اعتداء ظاهر على أملاكها أو محاولة غصبها، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أي سند قانوني لوضع يده، أما إذا استند في وضع اليد إلى ادعاء ظاهر بحق ما على العقار، وكان له ما يبرره من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعي من حق على هذا العقار، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانوني بالنسبة لهذا العقار، انتفت حالة الغصب أو الاعتداء الموجب لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها في إزالته بالطريق الإداري، فلا يحق أن تلجأ إليها، إذ إنها في هذه الحالة لا تكون بصدد دفع اعتداء أو إزالة غصب عن أملاك الدولة، بل تكون في معرض انتزاع ما تدعيه من حق، تنفرد به عن طريق التنفيذ المباشر، وهو أمر غير جائز قانونا.
وحيث إن هذه المحكمة وهي تبسط رقابتها على مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي على أملاك الدولة لا تفصل في النزاع حول ملكية هذه الأملاك، ولا تتغلغل بالتالي في فحص المستندات للترجيح فيما بينها، وهو الأمر الذي يختص به القضاء المدني الذي يفصل دون غيره في الملكية، حيث يقتصر دور القضاء الإداري على التحقق من أن سند الجهة الإدارية هو سند جدي ظاهر ومشروع، وله شواهده وأدلته المبررة لإصدار القرار بإزالة التعدي إداريا بالسلطة المباشرة لجهة الإدارة. (الطعن رقم 13257 لسنة 49 ق. عليا بجلسة 26/3/2008- الدائرة السادسة عليا).
وحيث إنه بتطبيق المبادئ والأحكام السابقة على وقائع النزاع الماثل يتبين أن المدعو/محمد… صدر له الحكم رقم 3095 لسنة 91 مساكن الإسكندرية بإلزام جهة الإدارة تحرير عقد إيجار له عن حجرة بالشقة رقم 6 بالدور الثالث علوي من العقار رقم 1 بميدان عرابي بالمنشية، إلا أن الجهة الإدارية فوجئت بتعدي المطعون ضده (لملوم…) على الحجرة على سند من القول بقيام المدعو/محمد… ببيع حق الانتفاع بالحجرة له بالجدك لاستعمالها مكتبا، دون تقديم ما يفيد موافقة الجهة الإدارية على ذلك، فأصدر محافظ الإسكندرية القرار رقم 281 لسنة 2004 متضمنا إزالة تعدي المطعون ضده على أملاك الدولة، ومؤدى ذلك أن القرار المطعون فيه صدر عن السلطة المختصة به، قائما على سببه، مطابقا لحكم القانون، خلوا من عيوب الإلغاء، ويتعين تأييده، مما ينتفي معه ركن الجدية لطلب وقف تنفيذه، فيجب رفضه دون حاجة لبحث ركن الاستعجال.
ولما كان الحكم المطعون عليه قد ذهب غير هذا المذهب، لذا فإنه يكون قد خالف القانون، مما يتعين إلغاؤه، والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه المطعون ضده من أنه سبق أن اشترى المحل المتنازع عليه بحق الجدك، فهذا جميعه مردود عليه بأن أثر عقد البيع بالجدك مقصور على طرفيه: المطعون ضده والمستأجر الأصلي فقط، ولا يجوز أن يمتد أثره إلى غيرهما، بما في ذلك المالك للعين، حيث إن عقد الإيجار من العقود الشخصية التي لا ترتب حقوقا عينية على العين محل الإيجار، لذا لا يجوز تنازل المستأجر عن هذا الإيجار لغيره دون موافقة المالك الأصلي للعين.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنصي المادتين (184) و(270) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |