مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – دعويا البطلان الأصليتان المقيدتان برقمي46332 لسنة 56 القضائية (عليا) و2942 لسنة 57 القضائية (عليا)
يوليو 18, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 20529 لسنة 58 القضائية (عليا)
يوليو 18, 2021

الدائرة السادسة – الطعن رقم 8087 لسنة 48 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 26 من فبراير سنة 2014

الطعن رقم 8087 لسنة 48 القضائية (عليا)

(الدائرة السادسة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعبد الحميد عبد المجيد الألفي، وعمرو محمد جمعة عبد القادر

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– الصفة في الدعوى- صفة الوكيل- إثبات الوكالة- لا يلزمُ إثباتُ المحامي وكالتَه عند إيداع عريضة الدعوى- يتعيَّنُ عليه إثباتُها عند حضوره الجلسة، فإذا كان سند وكالته توكيلا خاصا، أودعه ملف الدعوى، أما إذا كان توكيلا عامًّا، فيكفي اطلاع المحكمة عليه وإثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرَّر أمامها بمحضر الجلسة- للخصم الآخر أن يطالبه بإثبات وكالته- للمحكمة من تلقاء نفسها أن تطالبه بتقديم الدليل على وكالته، وذلك في جلسة المرافعة على الأكثر- إذا تبين للمحكمة حتى تاريخ حجز الدعوى للحكم، أن المحامي لم يثبت وكالته، تعيَّن الحكمُ بعدم قبول الدعوى.

– المادة (73) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.

– المادة (3) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.

– المادة (57) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.

(ب) دعوى– الطعن في الأحكام- أثر الحكم بإلغاء الحكم القاضي بعدم قبول الدعوى- الأصل أن الحكم بإلغاء الحكم القاضي بعدم قبول الدعوى لعيب شكلي، يستتبع إعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل فيها مجددًا- إذا استبان للمحكمة الإدارية العليا أن الدعوى استوفت جميع عناصرها، وتهيأت للفصل فيها موضوعًا، فلا يوجد ما يمنع من تصديها لموضوع الدعوى والفصل فيه؛ حتى لا يطول أمد النزاع([1]).

(ج) دعوى– الخصوم في الدعوى- الجمع بين مدعين متعددين في صحيفة واحدة يكون سائغًا إذا كان لهم مركز قانوني مشترك، ويرتكز على مسألةٍ واحدة تشملهم جميعًا- (تطبيق): تقبل الدعوى المقامة من عدد من ملاك المساكن الاقتصادية بطلب إعفائهم من الفوائد التي فرضتها عليهم جهة الإدارة عن المبالغ المستحقة عليهم([2]).

(د) عقد– أحكام العقد وتنفيذه- مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، ومبدأ حسن النية، من المبادئ الجوهرية في مجال العقود- يتعيَّن على كلِّ طرفٍ من الأطراف أن يحترم التزاماته وتعهداته الناشئة عن العقد والمتفَق عليها، فلا يحيد عنها، أو يقوم بتحويرها أو تفسيرها من تلقاء نفسه، دون تلاقٍ مع إرادة الطرف الآخر ورضائه- يتعيَّن عليه أيضًا مراعاة حسن النية في تنفيذ العقد؛ حتى لا يُوقِعَ الطرف الآخر في مأزقٍ لم يكن في حسبانه- أيُّ تصرفٍ يتخذه طرفٌ من أطراف العقد، لا يجد له سندًا من نصوص العقد، ولا يعد تنفيذًا له، يُعَدُّ تصرفًا أجنبيا عن العقد، لا يُلزِم غيره من الأطراف، ولا يُحتَج به في مواجهته، بل يخرج عن نطاق المنازعة العقدية.

– المادتان (147) و(148) من القانون المدني، الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948.

(هـ) مساكن– المساكن الاقتصادية- حدَّد رئيس مجلس الوزراء بقرار منه قواعد تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات، وفرَّق في ذلك بين المساكن التي شُغِلَت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/9/1977، والمساكن التي شُغِلَت أو تُشغَل بعد هذا التاريخ- فرَّق المشرِّع بالنسبة لهذه الأخيرة بين المساكن الاقتصادية والمساكن المتوسطة، فالأولى تُملَّك على أساس تكلفة المباني دون الأرض، ويُقسَّط الثمن على ثلاثين سنة بدون فوائد، أما الثانية فتُملَّك بالأساس نفسه، لكن مع دفع 10% من الثمن مُقدَّمًا، وتقسيط الباقي على ثلاثين سنة بفائدة 5% سنويًا- لا يجوزُ إلزامُ مُلاكِ المساكن الاقتصادية أية فوائد تحت زعم أنها الفوائد المفروضة على القروض التي تحملتها الدولة لبناء هذه المساكن، ومن ثم تدخل في نطاق التكلفة الفعلية للوحدة؛ إذ لو أراد المشرع تحميلهم بفائدة، لنص على ذلك صراحةً، كما فعل بالنسبة للوحدات المتوسطة، كما أن إعفاء الأقساط من الفوائد يستتبع بالضرورة إعفاء شاغلي الوحدات من الفائدة على القروض؛ وإلا كان الإعفاء نظريا وغير ذي موضوع، فضلا عن أن القروض ليست هي المصدر الرئيس لتمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي التي تنفذها المحافظات، بل يشمل التمويل عدة مصادر أخرى إلى جانب القروض نص عليها قانون نظام الإدارة المحلية([3]).

– أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 بشأن تمليك المساكن الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات.

– المادة (36) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته.

الإجراءات

إنه في يوم الثلاثاء الموافق 14/5/2002 أودع وكيل الطاعنين قلمَ كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن، قُيِّدَ بجدولها برقم 8087 لسنة 48ق عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنوفية بجلسة 19/3/2002 في الدعوى رقم 9845 لسنة 1ق، الذي قضى في منطوقه: (أولا) بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعين الأول والسابع والثاني عشر لرفعها من غير ذي صفة. (ثانيًا) بالنسبة لباقي المدعين بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعين المصروفات.

وطلب الطاعنون -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم أحقية المطعون ضدهما في إضافة فوائد على الأقساط المستحَقة عليهم على الوحدات السكنية المباعة لهم بناحية سرس الليان، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.

وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إضافة فوائد القروض إلى التكلفة الفعلية للوحدات محل النزاع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الطاعنين الأول والسابع والثاني عشر المصروفات مناصفة مع جهة الإدارة.

وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) لنظره بجلسة 13/6/2012، حيث تدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/1/2014، وفيها تمَّ مدُّ أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعنين سبق أن أقاموا الدعوى رقم 1573 لسنة 1990 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية (الدائرة السادسة حكومة) بتاريخ 19/11/1990، طالبين الحكم بعدم حساب فوائد القروض ضمن التكلفة الفعلية للوحدات السكنية موضوع الدعوى، وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما الثمن المتفق عليه بعقود التمليك، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزامهما المصروفات والأتعاب، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.

وقال المدعون شرحًا للدعوى إنهم يمتلكون وحدات سكنية اقتصادية بمدينة سرس الليان، بموجب عقود التمليك المبرَمة عامي 1988 و1989، وأنه طبقًا لنصوص العقد وأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 بشأن تمليك المساكن الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات، فإن تمليك الوحدات يكون على أساس تكلفة المباني دون الأرض، وتقسط التكلفة الفعلية على ثلاثين عامًا دون فائدة، فلا يجوز من ثم تحميلهم قيمة فوائد القروض التي استُخدِمَت في بناء هذه المساكن من صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي، طبقًا لنص البند خامسًا من القرار رقم 110 لسنة 1978 المشار إليه، وإعمالا لنصوص المواد (147) و(148) و(150) من القانون المدني، وخلص المدعون إلى طلباتهم المبيَّنة سالفًا.

………………………………………………..

وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 25/2/1991 قضت تمهيديا وقبل الفصل في الموضوع، بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشبين الكوم لمباشرة المأمورية المحدَّدة بذلك الحكم، وقد باشر الخبير المأمورية الموكولة له، وقدم عنها تقريرًا، أودع ملف الدعوى، وبجلسة 27/1/1992 قضت المحكمة المذكورة بعدم أحقية المدعى عليهما في إضافة فوائد على الأقساط المستحَقة على المدعين عن الوحدات السكنية المباعة لهم بناحية سرس الليان، والمبيَّنة بالصحيفة وتقرير الخبير، وألزمت المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات.

………………………………………………..

ولم ترتض الجهة الإدارية ذلك الحكم، وأقامت ضده الاستئناف رقم 460 لسنة 25ق أمام محكمة استئناف طنطا- مأمورية شبين الكوم، الذي قُضِيَ فيه بجلسة 8/6/1993 بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بعدم اختصاص محكمة شبين الكوم الابتدائية ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للاختصاص.

وإعمالا لذلك وردت الدعوى لمحكمة القضاء الإداري بطنطا، حيث قُيِّدَت بجدولها برقم 2193 لسنة 1ق، وبعد إنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري المنوفية أحيلت إليها الدعوى، وقُيِّدَت بجدولها برقم 9845 لسنة 1ق. وبجلسة 19/3/2002 صدر الحكم المطعون فيه، وشيَّدت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعين الأول والسابع والثاني عشر (محمد…، محمد نجيب…، عبد المنصف…) لرفعها من غير ذي صفة، على أن المحامي رافع الدعوى لم يُقدِّم سندَ وكالته عنهم، وبالنسبة لباقي المدعين على سندٍ من أن مقتضى العقود المبرَمة بين المدعين والجهة الإدارية، أن النية الحقيقية المشتركة للطرفين وقت التعاقد قد اتجهت إلى تمليك المساكن الاقتصادية محل العقود على أساس تحمل الطرف الثاني (المدعين) التكاليف الفعلية لإنشاء الوحدة، ولا يجوز لجهة الإدارة المدعى عليها أن تضيف إلى هذه التكاليف أي فوائد تحصل عليها لنفسها، بسبب قيامها بتقسيط قيمة الوحدة على مدار ثلاثين سنة، دون أن يشمل ذلك الفوائد المستحَقة للقطاع المصرفي المموِّل لإنشاء هذه الوحدات، والقول بغير ذلك يعني تملك المدعين للوحدات محل التعاقد بأقل من قيمتها الحقيقية، وهو ما يؤدي حتمًا إلى توقف الدولة عن متابعة خطط مشروعات الإسكان الاقتصادي.

………………………………………………..

وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسبابٍ حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله: فبالنسبة للبند الأول من منطوق الحكم المطعون فيه، فإن الحكم الصادر عن محكمة شبين الكوم الابتدائية في الدعوى رقم 1573 لسنة 1990 ورد به أنه بجلسة 18/11/1991 مثل الطرفان وقدم وكيل المدعين حافظة مستندات، كما أورد الحكم الصادر في الاستئناف رقم 460 لسنة 25ق، أنه بجلسة 3/1/1993 قدم وكيل المستأنفين حافظة مستندات، ومن ثم فإن الصفة تكون متوفرة؛ لأن التوكيلات مرفقة بملف الدعوى، ولا ذنب للمدعين في أن ملف الدعوى نُقِل بين ثلاث محاكم، وبالنسبة لرفض الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه انحرف عن عبارات العقد الواضحة والصريحة، وقضى بأن هناك خطأ حسابيا وقع أثناء تعاقد الطاعنين، كما خالف صريحَ أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978، التي قضت بأن المساكن الاقتصادية يتمُّ تمليكُها على أساس تكلفة المباني بدون الأرض وتقسيط القيمة على ثلاثين سنة بدون فائدة.

………………………………………………..

وحيث إن مفاد المادة (3) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة، والمادة (73) من قانون المرافعات، والمادة (57) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، أنه ولئن لم يكن لازمًا على المحامي إثبات وكالته عند إيداع عريضة الدعوى نيابة عن موكله، إلا أنه يتعين عليه عند حضوره الجلسة إثبات وكالته، فإذا كان التوكيل الذي يستند إليه خاصا، أودعه ملف الدعوى، أما إذ كان توكيلا عامًّا، فيكتفي باطلاع المحكمة عليه، وإثبات رقمه وتاريخه والجهة المحرر أمامها بمحضر الجلسة، وللخصم الآخر أن يطالبه بإثبات وكالته؛ حتى لا يجبر على الاستمرار في إجراءات مُهدَّدة بالإلغاء، كما أن للمحكمة من تلقاء نفسها أن تطالبه بتقديم الدليل على وكالته، على أن يتم ذلك في جلسة المرافعة على الأكثر، ويجب على المحكمة في جميع الأحوال أن تتحقق من أن سندات توكيل المحامي في الدعوى مُودعة أو ثابتة بمُرفَقاتها، فإذا تبين لها حتى تاريخ حجز الدعوى للحكم، أن المحامي لم يقدم أو يثبت سندَ وكالته، تعيَّن الحكمُ بعدم قبول الدعوى شكلا. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 14/12/1985 في الطعن رقم 2157 لسنة 30ق.ع، مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 31 مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم83، ص627، وفي المعنى نفسه: حكمها بجلسة 5/11/2008 في الطعن رقم 10871 لسنة 48ق.ع، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 54 مكتب فني، المبدأ رقم6، ص85).

وحيث إن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة 31/12/1990 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية التي رُفِعَت إليها الدعوى ابتداءً، أنه ثابت به حضور الأستاذ/… المحامي عن بعض المدعين بتوكيلٍ عام رقم 2754 لسنة 1990، وعن باقي المدعين بتوكيلاتٍ خاصة مُودَعة، كما أنه ثابتٌ بمحضر جلسة 18/11/1991 بالمحكمة المذكورة حضور الأستاذ المحامي المذكور عن المدعين جميعًا بتوكيلات سابقة الإثبات، وهو ما ذُكِرَ أيضًا بمحضر جلسة 9/12/1991 أمام المحكمة المذكورة، ومن ثم يكفي هذا في إثبات وكالة المحامي رافع الدعوى، خاصةً أن الجهة الإدارية لم تجادل في ذلك، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعين الأول والسابع والثاني عشر، وهو ما تقضي معه المحكمة بإلغائه، وبقبول الدعوى شكلا بالنسبة للمدعين الثلاثة المذكورين.

وحيث إنه وإن كان مسلمًا أن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه الذي قضى بعدم قبول الدعوى لعيب شكلي، يستتبع كأصلٍ عام إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها مجددًا، إلا أنه قد استبان للمحكمة الإدارية العليا -وهي قمة الهرم القضائي- أن الدعوى استوفت جميع عناصرها، وتهيأت للفصل فيها موضوعًا، ومن ثم لا يوجد ما يمنع من التصدي لموضوع الدعوى والفصل فيه؛ حتى لا يطول أمد النزاع، وهو ما لا يتفق ومقتضيات العدالة التي توجب الحسم العاجل والناجز للمنازعات. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 18/1/2012 في الطعن رقم 33765 لسنة 55ق.عليا، وحكمها بجلسة 27/1/2013 في الطعن رقم 17888 لسنة 58ق.عليا، وحكمها بجلسة 22/5/2013 في الطعن رقم 27755 لسنة 54ق.عليا)، خاصةً أن مركز المدعين الثلاثة المشار إليهم القانوني مشتركٌ مع باقي الطاعنين، ويرتكز على مسألةٍ واحدة تشملهم جميعًا، فضلا عن مرور أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا على إقامة هذه المنازعة.

وحيث إنه عن موضوع المنازعة: فإن المادة (147) من القانون المدني تنص على أن: “1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون…”.

كما تنص المادة (148) من القانون ذاته على أنه: “1- يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقةٍ تتفق مع يوجبه حسن النية…”.

وحيث إنه على وفق هذين النصين -اللذين يُرسيان المبادئ الجوهرية في مجال العقود المدنية- فإنه يتعين على كلِّ طرفٍ من أطراف العقد أن يحترم التزاماته وتعهداته الناشئة عن العقد والمتفَق عليها بين جميع الأطراف، فلا يحيد عنها، أو يقوم بتحويرها أو تفسيرها من تلقاء نفسه، دون تلاقٍ مع إرادة الطرف الآخر ورضائه، كما يتعين عليه -أيضًا -مراعاة حسن النية في تنفيذ العقد؛ حتى لا يُوقِعَ الطرف الآخر في مأزقٍ لم يكن في حسبانه، ولم يستعد له، وينبني على ذلك أن أيَّ تصرفٍ يتخذه طرفٌ من أطراف العقد، لا يجد له سندًا من نصوص العقد، ولا يعد تنفيذًا له، هو في واقع الحال تصرفٌ أجنبي عن العقد، لا يلزم غيره من الأطراف، ولا يُحتَج به في مواجهته، بل يخرج عن نطاق المنازعة العقدية.

وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 بشأن تمليك المساكن الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات، تنص على أنه: “فيما عدا المساكن التي أُقيمت من استثمارات التعمير، يكون تمليكُ وحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة، التي أقامتها أو تقيمها المحافظات، وفقًا لما يلي([4]):

(أولا) بالنسبة لوحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وشُغلت قبل 9/9/1977 وأُجرت بأقل من الأجرة القانونية، بواقع جنيه للغرفة من الإسكان الاقتصادي، وجنيه ونصف للغرفة من الإسكان المتوسط، يتمُّ تمليكُها وفقًا لأحكام المادة (72) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، وطبقًا للقواعد والشروط والأوضاع الموضحة بالملحَق رقم (1) المرافق لهذا القرار.

(ثانيًا) بالنسبة لوحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات ويتمُّ شغلُها بعد 9/9/1977، يكون شغلها طبقًا للقواعد والشروط والأوضاع الموضحة بالملحَق رقم (2) المرافق لهذا القرار”.

وقد ورد بالملحق رقم (2) المشار إليه: “… يتمُّ تمليكُ المساكن الاقتصادية التي تقيمها المحافظات على أساسِ تكلفة المباني بدون الأرض…، وتُقسَّط القيمة على 30 سنة بدون فائدة. وتُملَّك المساكن المتوسطة التي تقيمها المحافظات على أساسِ تكلفة المباني دون الأرض، مع دفع 10% على الأقل من التكاليف كدفعةٍ مُقدَّمة، وتقسيط الباقي على 30 سنة بفائدة 5% سنويًا…”.

وحيث إنه يبين مما تقدم، أن رئيس مجلس الوزراء حدَّد بقراره المشار إليه قواعد تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات، وفرَّق في هذه القواعد بين المساكن التي شُغِلَت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/9/1977، والمساكن التي شُغِلَت أو تُشغَل بعد هذا التاريخ، كما فرَّق بالنسبة لهذه الأخيرة بين المساكن الاقتصادية والمساكن المتوسطة، فقضى بأن تملك الأولى على أساس تكلفة المباني دون الأرض، وأن يُقسَّط الثمن على 30 سنة بدون فوائد، وأن تملك الثانية بنفس الأساس، ولكن مع دفع 10% من الثمن مُقدَّمًا، وتقسيط الباقي على 30 سنة بفائدة 5% سنويًا، وقد جاء هذا القرار صريحًا وقاطعًا في إعفاء المساكن الاقتصادية من أية فوائد، نظير تقسيط الثمن على عدة سنوات؛ بالنظر إلى أن شاغلي هذه المساكن من المواطنين الكادحين الذين غالبًا ما تَقْصُر مواردهم وإمكاناتهم المالية عن تدبير متطلبات الحياة، وذلك حسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقرار المذكور، مما لا يجوز معه إلزامُ ملاكِ هذه المساكن أية فوائدَ تحت زعم أنها تدخل في نطاق التكلفة الفعلية للوحدة، إذ لو أراد المشرع تحميلهم بفائدة، لنص على ذلك صراحةً، كما فعل بالنسبة لملاك الوحدات المتوسطة الذين ألزمهم دفع 5% سنويًا. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 19/1/2002 في الطعن رقم 6474 لسنة 45ق.ع، مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 47 مكتب فني، المبدأ رقم 36، ص329، وفي المعنى نفسه: فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم 503 بجلسة 5/7/2007، بتاريخ 8/7/2007، ملف رقم 32/2/3745، مجموعة مبادئ الجمعية في السنة61 مكتب فني، ص573).

وحيث إن الثابت من الأوراق أن مُلاكَ الوحدات الاقتصادية محل التداعي قد تعاقدوا بشأن هذه الوحدات مع الوحدة المحلية لمدينة سرس الليان محافظة المنوفية في 1988 و1989، أي في تاريخٍ لاحق على تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 في 9/9/1977، وتضمن عقدُ التمليك -حسبما يبين من صور العقود المُودعة ملف الدعوى- أن التمليك على أساس قيمة المباني بدون الأرض، تُدفَع على أقساطٍ شهرية لمدة 30 سنة بدون فائدة، طبقًا لموافقة مجلس الوزراء بتاريخ 24/8/1977، وقد جاء هذا العقد في إطار ما نص عليه قرار مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 من قواعد لتمليك الوحدات الاقتصادية التي تقيمها المحافظات، وأخصها عدم استحقاق أية فوائد على هذه الوحدات، وهو ما يُفيدُ أن مطالبة جهة الإدارة لشاغلي الوحدات بدفع فوائد القروض التي استُخدِمت في بنائها لا تجد لها أيَّ سندٍ في العقد أو القواعد التي تمَّ التعاقدُ على أساسها.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن المطالبة موضوع النزاع لا تكون صادرةً عن جهة الإدارة استنادًا إلى نصٍّ في العقد أو القانون يُخَوَّلُها هذا الحق، بل هي تعبير منها بإرادتها المنفردة عن إحداثِ أثرٍ قانوني في حق مالكي الوحدات الاقتصادية (الطاعنين) بهدف تعديل التزاماتهم التعاقدية قِبلها، دون وجه حق، وبالمخالفة لصحيح حكم القانون، وهو ما ينطوي على قرارٍ إداري معيب وغير مشروع، وبما يجعله مستوجِبَ الإلغاء.

ولا ينال مما تقدم القول بأن الفائدة التي أُعفِيَت منها المساكن الاقتصادية هي تلك المستحَقة على أقساط السداد، وليست المستحَقة على القروض التي استُخدِمت في بناء المساكن؛ ذلك أن إعفاء أقساط الوحدة المذكورة من الفائدة يستتبع بالضرورة إعفاء شاغليها من الفائدة على القروض؛ وإلا كان الإعفاء نظريا وغير ذي موضوع، حيث ينتقل عبء الفائدة في هذه الحالة من عاتق الجهة الإدارية إلى عاتق الأفراد، وتنتفي بذلك الحكمة من تدخل الدولة ببناء مثل هذه المساكن، والمتمثلة في تخفيف العبء عن غير القادرين، بل قد يترتب على ذلك إثراءٌ للدولة إذا كانت نسبة الفائدة ومدة التقسيط المتفَق عليها بين جهة الإدارة والبنك المقرِض أقل من تلك التي ترغب الإدارة في التعامل بها مع شاغلي الوحدات، وهو ما لا يسوغ قبوله قانونًا.

وفضلا عن ذلك فإن القروض ليست هي المصدر الرئيس لتمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي -على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه- التي تنفذها المحافظات، بل يشمل التمويل عدة مصادر أخرى إلى جانب القروض، تتمثل في حصيلة التصرف في الأراضي المعدة للبناء، وحصيلة الاكتتاب في سندات الإسكان، ومقابل الانتفاع الذي يؤدَّى في حالات الإعفاء من قيود الارتفاع، والمبالغ المخصَّصة لأغراض الإسكان الاقتصادي في الاتفاقيات التي تعقدها الدولة، والإعانات والتبرعات والهبات والوصايا، وغير ذلك من الموارد المنصوص عليها في المادة (36) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته، ومن ثم فليس من المقطوع به أن القروض استُخدمت في بناء الوحدات محل التداعي، حتى يتسنى لجهة الإدارة مطالبة الملاك بقيمة الفوائد المستحَقة عليها، حال جواز هذه المطالبة قانونًا. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6474 لسنة 45ق.ع بجلسة 19/1/2002 المشار إليه سابقًا). فضلا عن أن الطاعنين يُعَدُّون أصلا من الغير بالنسبة لقروض التمويل المذكورة، ولا شأن لهم بها. (فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بجلسة 5/7/2007 المذكورة سابقًا).

وحيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بوجهة النظر هذه، فإنه يتعيَّنُ إلغاؤه، والقضاءُ مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حساب فوائد القروض التي تمَّ بها تمويلُ إنشاء الوحدات السكنية محل التداعي ضمن التكلفة الفعلية لهذه الوحدات، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلا بالنسبة لجميع المدعين، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبيَّن بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

([1]) يراجع ما قررته دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 14 من مايو سنة 1988 في الطعن رقم 1352 لسنة 33 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في ثلاثين عاما، مكتب فني، المبدأ رقم 12) من أن تطبيق مبدأ الاقتصاد في الإجراءات لا يتعارض إعماله في الصورة التي قررتها المادة (269/4) مرافعات مع طبيعة المنازعة الإدارية، بل أخذت به المحكمة الإدارية العليا على وتيرة متصلة منذ إنشائها، وقبل أن يعرفه تقنين المرافعات بهذا الوضوح، فهو أوجب الإعمال في نطاق القضاء الإداري، وأنه إذا انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء حكم مطعون فيه أمامها لغير مخالفة قواعد الاختصاص فعليها إذا كان موضوعه صالحا للفصل فيه أن تفصل فيه مباشرة، ولا تعيده إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وبينت أن صلاحية الدعوى للفصل فيها تتحدد بتهيئة الفرصة لتوفر دفاع الأطراف كاملا، وأكدت أنه لا يختلف إلغاء الحكم لبطلانه عن إلغائه لغير ذلك من الأسباب، فالبطلان من أوجه مخالفة القانون، وفصْل المحكمة الإدارية العليا في النزاع بعد إلغاء الحكم لغير البطلان لا يختلف عن فصلها فيه بعد إلغائه للبطلان.

وقارن بما قررته دائرة توحيد المبادئ في حكمها الصادر بجلسة 21 من إبريل سنة 1991 في الطعن رقم 2170 لسنة 31 القضائية عليا (المرجع السابق، المبدأ رقم 18/ج)، من أنه إذا انتهت المحكمة إلى أنه إذا شاب الحكم المطعون فيه بطلان جوهري ينحدر به إلى درجة الانعدام بسبب عدم صلاحية أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته لنظر الدعوى، يلغى الحكم ويعاد الطعن إلى محكمة أول درجة لنظره من جديد، ولا تتصدى المحكمة الإدارية العليا في هذه الحالة لموضوع الدعوى؛ لأن الحكم يكون قد شابه بطلان ينحدر به إلى درجة الانعدام؛ لمخالفته للنظام العام القضائي.

([2]) هذا المبدأ مستخلص من مسلك المحكمة في الحكم، لكن لم تنص عليه صراحة.

[3])) يراجع في المبدأ نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6474 لسنة 45 القضائية (عليا) بجلسة 19/1/2002 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 47، مكتب فني، المبدأ رقم 36/ب، ص330)، وكذا: فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم 503 بتاريخ 8/7/2007، ملف رقم 32/2/3745 بجلسة 5/7/2007 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الجمعية في السنة 61، مكتب فني، ص573).

[4])) الفقرة الأولى من هذه المادة مُستبدَلٌ بها، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1574 لسنة 2003، النصُّ التالي: “فيما عدا المساكن التي أُقيمت من استثمارات التعمير، يكون تمليكُ وحدات المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة، التي أقامتها أو تقيمها المحافظات بكافة وحدات الإدارة المحلية، وفقًا لما يلي:…”.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV