برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عادل فهيم محمد عزب، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعاطف محمود أحمد خليل، ود. محمود سلامة خليل.
نواب رئيس مجلس الدولة
أكاديمية الشرطة- شئون الطلاب- تأديبهم- ركن السبب في القرار التأديبي- يجب أن يقوم القرار التأديبي بتوقيع الجزاء على سببٍ يبرِّرُه قانونًا، وهذا السبب يخضع لرقابة القضاء للتحقق من مدى مطابقته للقانون من عدمه، وأثره في النتيجة التي انتهى إليها القرارُ، وهذه الرقابة تجد حدَّها الطبيعي في التحقق مِمَّا إذا كانت هذه النتيجة مُستخلصةً استخلاصًا سائغًا من أصول تُنْتِجُهَا ماديًّا وقانونًا، فإذا كانت مُنتزَعةً من غير أصول موجودة، أو كانت مُستخلصةً من أصول لا تُنْتِجُهَا، أو كان تكييفُ الوقائع على فرض وجودها ماديًّا لا يُنْتِجُ النتيجةَ التي يتطلبها القانونُ، كان القرارُ التأديبي فاقدًا لركنٍ من أركانه، هو ركن السبب، ووقع مخالفًا للقانون.
أكاديمية الشرطة- شئون الطلاب- تأديبهم- ضماناته- توقيع الجزاءات التأديبية على الطلاب (ومن بينهم طلاب كلية الشرطة) مشروطٌ بأمرين: (أولهما) إجراء تحقيق كتابي جدي مع الطالب تُسمَعُ فيه أقوالُه ويُحقَّقُ فيه دفاعُه، ويُواجه بالأفعال المخالفة المنسوبة إليه، وبالأدلة التي تُثْبِتُ ارتكابَه لها، و(ثانيهما) التناسب بين المخالفة التي أسفر التحقيق عن ثبوتها في حق الطالب، والعقوبة التي توقعها السلطةُ المختصة- إذا تخلفَ هذان الشرطان أو أحدهما، كان القرارُ الصادر بتوقيع العقوبة مخالفًا للقانون، فاقدًا للمشروعية.
أكاديمية الشرطة- شئون الطلاب- تأديبهم- يخضع طلبة كلية الشرطة لقانون الأحكام العسكرية في حدود الأحكام المنصوص عليها في قانون أكاديمية الشرطة، وتتولى تأديبَهم ومحاكمتَهم محكمةٌ عسكرية تُشكَّلُ سنويًّا بقرارٍ من رئيس الأكاديمية، ولهذه المحكمة سلطةُ توقيع كلِّ الجزاءات الجائز توقيعها على طلبة الكلية، ومن بينها عقوبةُ الفصل من كلية الشرطة، وذلك كله بمراعاة الالتزام بالقواعد المنصوص عليها في اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة عند توقيع الجزاءات التأديبية، ومن بينها ضرورةُ تحقيق دفاع الطالب بمعرفة أحد الضباط قبل توقيع العقوبة.
– المادتان (14) و(15) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المعدَّل بموجب القانون رقم 30 لسنة 1994.
– المادتان (20) و(21) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة، الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976، المعدَّلة بموجب القرار الوزاري رقم 12278 لسنة 1999.
(د) هيئة الشرطة:
أكاديمية الشرطة- شئون الطلاب- تأديبهم- الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على طلبة كلية الشرطة- الفصل من كلية الشرطة- شرط التناسب بين الجزاء والمخالفة- إذا كانت الواقعةُ التي اقترفها الطالبُ جسيمةً تحتم أن يكون جزاءُ الفصل من الكلية جزاءً وفاقًا لها، خاصةً إذا كان مُرتكِب الواقعة هو مَنْ تُعِدُّهُ الدولةُ ليكون حارسًا أمينًا لأهلها وشعبها- لا يُقْبَلُ أبدًا من العينِ التي تبيت تحرس في سبيل الله أن تكون هي العينُ التي تسعى فيما حرَّمَ الله وجرَّمَهُ القانون([1]).
(هـ) هيئة الشرطة:
أكاديمية الشرطة- شئون الطلاب- تأديبهم- حجية الحكم الجنائي أمام القضاء الإداري– لا يتقيد القضاء الإداري إلا بما أثبته القضاءُ الجنائي في حكمه من وقائع، وكان فصلُه فيها لازمًا وضروريًّا في الدعوى، دون أن يتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع، فقد يختلف التكييفُ من الناحية الإدارية عنه من الناحية الجنائية- صدور قرار عن النيابة العامة بحفظ التحقيق مع الطاعن لعدم كفاية الأدلة لا يحوز حجيةً أمام القضاء التأديبي؛ إعمالا لمبدأ استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية، باعتبار أن لكلٍّ منهما مجالَ إعمالِه الخاص به، كما أن قوة الشيء المحكوم به تثبت للحكم الجنائي، وليس لقرار النيابة العامة.
– المادة (456) من قانون الإجراءات الجنائية، الصادر بالقانون رقم (150) لسنة 1950.
– المادة (103) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
(و) دعوى:
الحكم في الدعوى- لا إلزام على المحكمة أن تشير في أسباب حكمها إلى كلِّ ورقةٍ أو مستند يُقدَّم إليها، إنما تشير فقط إلى ما تستند إليه في حكمها كسببٍ مُنتِج فيما ينتهي إليه قضاؤها- للمحكمة الحرية في تقدير ما تأخذ به مما يُقدَّم إليها من مستندات، وما تطرحه منها لعدم تأثيره في النزاع الماثل أمامها.
في يوم الخميس الموافق 17/4/2014 أودع وكيل الطاعن -بصفته محاميًّا بالنقض والإدارية العليا- قلمَ كُتَّاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) الصادر في الدعوى رقم 62751 لسنة 67 ق. بجلسة 23/2/2014، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعي مصروفاته، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن -ولِما ورد به من أسباب- الحكمَ بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد جرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة، حيث أودعت تقريرًا بالرأي القانوني فيه.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضرها، وقد أرجأت المحكمة إصدار الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بطلباته المبينة سالفًا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين بموجب عريضة أودعت قلمَ كُتَّاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة السادسة) طالبًا في ختامها الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار المحكمة العسكرية لطلبة كلية الشرطة الصادر بجلسة 19/6/2013 فيما تضمنه من فصله من كلية الشرطة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إعادة قيده بالفرقة الرابعة، وتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه كان طالبًا بالفرقة الرابعة بكلية الشرطة في العام الدراسي 2012/2013، وأنه قد أدى جميع الامتحانات العملية والتحريرية، ولم يفصل بينه وبين تحقيق أمله في التخرج برتبة ملازم إلا سُوَيعات معدودة، وبتاريخ 19/6/2013 صدر قرار المحكمة العسكرية لطلبة كلية الشرطة (الدائرة الثانية) بفصله من الكلية؛ لارتكابه مخالفة السلوك المضر بقواعد الضبط والربط ومقتضيات النظام العسكري، على الرغم من أنه كان طالبًا مُجِدًّا ومثالا للخُلق القويم طوال فترة دراسته بالكلية، وقد فُوجِئَ باستدعاءٍ من قِبل مباحث شرطة التليفونات؛ لإجراء مواجهةٍ ببعض المعلومات حول فقد الرائد/ علاء…- بمديرية الشرطة بالمنيا لهاتفه المحمول أثناء وجوده بالنادي الصحي لضباط الشرطة بالجزيرة، وقد تقدم والد المدعي بعرض الهاتف المحمول ومعه مبلغ نقدي (كان الضابط المجني عليه قد قال بأنه 500 جنيه ثم رفعه إلى 1500 جنيه) قدمهما الوالد للضابط افتداءً لنجله، ثم فُوجِئَ بوجود بلاغٍ آخر من ضابط برتبة ملازم أول يدعي بسرقة 500 جنيه، قام الوالد بعرضها على الضابط ورفض قبولها، ثم تحرَّر عن الواقعة المحضر رقم 5190 لسنة 2013 جنح قصر النيل، ثم عُرِضَ على النيابة العامة التي باشرت التحقيق، وانتهت إلى حفظه لعدم كفاية الأدلة، ثم أحيل الطالب إلى المحكمة العسكرية بأكاديمية الشرطة، والتي انتهت إلى إصدار حكمها المتقدم. وأضاف المدعي أن القرار المطعون فيه صدر مشوبًا بعيب مخالفة القانون، كما أن القرار الطعين مُغالَى فيه، وبُنِيَ على تحقيقاتٍ باطلة، تمت تحت ضغطٍ وتدليس، الأمر الذي حداه على إقامة دعواه للحكم بالطلبات المبينة سالفًا.
……………………………………………………..
وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وشيَّدته على سندٍ من أنه بتاريخ 19/6/2013 حكمت المحكمة العسكرية لطلبة كلية الشرطة بفصل المدعي من كلية الشرطة، وصدَّق على حكمها رئيسُ أكاديمية الشرطة، وذلك استنادًا إلى ما أُسْنِدَ إليه من أنه بتاريخ 24/5/2013 قام بسرقة هاتف محمول ماركة (…) وحافظة نقود بها مبلغ 1500 جنيه وكارنيه شرطة وبطاقة رقم قومي وكارت فيزا وكارنيه نادٍ ورخصة قيادة ملك الرائد/ علاء…، كما استخدم كارت الفيزا الخاص بالرائد المذكور في شراء سماعة من محل (…) قيمتها 313 جنيهًا، وإجراء تحويل رصيد مكالمات لهاتفه بمبلغ 200 جنيه ولسداد مبلغ 200 جنيه لشركة (…)، كما قام بسرقة حافظة نقود بها مبلغ 500 جنيه ملك الملازم أول/ يحيى…، مِمَّا يُشكِّلُ مخالفة السلوك المضر بقواعد الضبط والربط ومقتضيات النظام العسكري، وخلصت المحكمة من ظاهر الأوراق إلى ثبوت المخالفة في حق المدعي، وهو ما اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر بفصله من كلية الشرطة قد قام على سببه الذي يبرِّرُه قانونًا، مما ينتفي معه ركنُ الجدية في طلب وقف تنفيذه، ودون حاجةٍ لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه، وخلصت المحكمة إلى حكمها المبين سالفًا.
……………………………………………………..
وإذ لم يلقَ هذا القضاء قبولا من جانب الطاعن، فقد طعن عليه بالطعن الماثل؛ لأسبابٍ حاصلها: مخالفة للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، كما أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب؛ إذ لم تُحِط مُدوَّناتُه بما قدمه الطاعن من مستندات تُغيِّر وجهَ الرأي في الدعوى، ومنها الشهادة الصادرة عن محل (…)، والتي تتضمن أنه لم تتم أيَّةُ محاولةٍ للشراء باسم/ أحمد… (الطاعن)، كما أخلَّ الحكم الطعين بحق الدفاع؛ حيث لم يرد على دفوعه الجوهرية، ومنها إهدار حجية الأمر المقضي الصادر عن النيابة العامة بحفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة، وبطلان تشكيل المحكمة العسكرية، كما لم تفصل المحكمة العسكرية بين الشهود حال أداء الشهادة، كما أغفلت المحكمة التاريخ الناصع والمشرف للطاعن من حيث الانضباط وحسن السلوك والتفوق الدراسي، كما تغاضى الحكم الطعين عن الرد عن الدفع بأن الضابطين المجني عليهما لم يوجِّها اتهامًا للطاعن، وهو يعضِّدُ فكرةَ كيدية الاتهام المنسوب له، كما لم يرد على الدفع باختلاف القيمة النقدية للمبلغ المقال بفقده، وأخيرًا فإن الواقعة على فرض ثبوتها في حقه، فإن الجزاء الموقع عليه لا يتناسب البتة مع هذه الواقعة، مما يصمه بالغلو، مُنحدرًا بذلك إلى نطاق عدم المشروعية، وخلص الطاعن إلى القضاء له بطلباته المبينة سالفًا.
……………………………………………………..
وحيث إن من المقرر قانونًا أنه يتعينُ على وفق حكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه توفرُ ركنين مُجتمعين: أولهما: ركن الجدية، بأن يكون القرار المطلوب وقف تنفيذه مشوبا بعدم المشروعية مُرجَّحًا الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع، والثاني: ركن الاستعجال، بأن يترتب على تنفيذ القرار أضرار يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن ركن الجدية: فإن المادة (14) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة، المعدَّلة بالقانون رقم 30 لسنة 1994، تنص على أن: “يخضعُ طلبة كلية الشرطة لقانون الأحكام العسكرية في حدود أحكام هذا القانون، ويتولى تأديبَهم ومحاكمتَهم محكمةٌ عسكرية تُشكَّلُ بقرارٍ من رئيس الأكاديمية سنويًّا، ويمثل الادعاء ضابطٌ يختارُه رئيسُ الأكاديمية سنويًّا… وتحدِّدُ اللائحةُ الداخلية الجزاءات التأديبية التي يجوزُ توقيعُها على طلاب الأكاديمية وسلطةَ توقيعها”.
وتنص المادة (15) من القانون نفسه على أن: “يُفْصَلُ الطالبُ من الأكاديمية في الحالات الآتية:… (5) الحكم عليه من المحكمة العسكرية المشكَّلة طبقًا للمادة (14) من هذا القانون. …”.
وتنص المادة (20) من اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976، المعدَّلة بالقرار رقم 12278 لسنة 1999، على أن: “الجزاءات التي يجوزُ توقيعُها على الطلبة، هي:
1- اللوم بدون خصم درجات.
2- التكدير على انفراد أو بحضور طلبة الفصل أو الفرقة أو جميع طلبة الكلية بدون خصم درجات .
3- الحجز بالكلية أيام العطلات الأسبوعية والرسمية، ويترتب على هذا الجزاء خصم درجة من درجات السلوك عن كل أسبوع، فضلا عن أداء الطالب للطوابير الإضافية كعقوبةٍ تكميلية.
4- الخصم من الدرجات المخصَّصة للسلوك والمواظبة.
5- الحجز على انفراد مدةً لا تزيد عن شهر، ويترتب على الحجز خصم درجتين من درجات السلوك عن كل يومٍ بما لا يجاوز 50 درجة، والعزل بالنسبة لضباط الصف.
6- حرمان ضابط الصف من درجته أو تنـزيله إلى درجةٍ أدنى أو عزله.
7- إلغاء الامتحان في مادةٍ أو أكثر.
8- الحرمان من التقدم لامتحان دور أو دورين بالنسبة لمواد الشرطة، ومن التقدم لامتحان المواد القانونية كلها أو بعضها، أو أحد هذين الجزاءين، وفي جميع الأحوال يجوز اعتبار الحرمان بمثابة رسوب.
9- الفصل من كلية الشرطة.
ويجوزُ أن يتضمنَ قرارُ توقيع الجزاء الأمر بوقف التنفيذ، ويشملُ وقفَ تنفيذ العقوبة التبعية أو التكميلية، ويُلغى وقف التنفيذ إذا وُقِّعَ على الطالب جزاءٌ تأديبي من نوع الجزاء المشمول بالإيقاف أو أشد منه خلال ذات العام الدراسي، ويعتبر الطالب خاضعًا لهذه الأحكام التأديبية طوال فترة قيده بالكلية”.
وتنص المادة (21) من اللائحة نفسها، المستبدلة بالقرار رقم 12278 لسنة 1999، على أن: “يختص بتوقيع الجزاءات التأديبية المشار إليها في المادة السابقة:
أولا- المحكمة العسكرية: ولها توقيع كل الجزاءات…
وفي جميع الأحوال يتعينُ الالتزامُ بالقواعد الآتية، عند توقيع الجزاءات التأديبية على طلبة كلية الشرطة:
1- يكون توقيع العقوبة بعد تحقيق دفاع الطالب بمعرفة أحد الضباط. …”.
وحيث إن مُؤدَّى ذلك أن طلبة كلية الشرطة يخضعون لقانون الأحكام العسكرية في حدود الأحكام المنصوص عليها في قانون أكاديمية الشرطة رقم 91 لسنة 1975، وتتولى تأديبَهم ومحاكمتَهم محكمةٌ عسكرية تُشكَّلُ سنويًّا بقرارٍ من رئيس أكاديمية الشرطة، ولهذه المحكمة سلطةُ توقيع كلِّ الجزاءات الجائز توقيعها على طلبة الكلية، ومن بينها عقوبةُ الفصل من كلية الشرطة، وذلك كله بمراعاة الالتزام بالقواعد المنصوص عليها في اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة عند توقيع الجزاءات التأديبية، ومن بينها ضرورةُ تحقيق دفاع الطالب بمعرفة أحد الضباط قبل توقيع العقوبة.
وحيث إنه من المقرر قانونًا أن القرار التأديبي بتوقيع الجزاء يجب أن يقوم على سببٍ يبرِّرُه قانونًا، وهذا السبب يخضع لرقابة القضاء للتحقق من مدى مطابقته للقانون من عدمها، وأثره في النتيجة التي انتهى إليها القرارُ، وهذه الرقابة تجد حدَّها الطبيعي في التحقق مِمَّا إذا كانت هذه النتيجة مُستخلصةً استخلاصًا سائغًا من أصول تُنْتِجُهَا ماديًّا وقانونًا، فإذا كانت مُنتزَعةً من غير أصول موجودة، أو كانت مُستخلصةً من أصول لا تُنْتِجُهَا، أو كان تكييفُ الوقائع على فرض وجودها ماديًّا لا يُنْتِجُ النتيجةَ التي يتطلبها القانونُ، كان القرارُ التأديبي فاقدًا لركنٍ من أركانه، هو ركن السبب، ووقع مخالفًا للقانون، أما إذا كانت النتيجةُ مُستخلصةً استخلاصًا سائغًا من أصول تُنْتِجُهَا ماديًّا وقانونيًّا، فقد قام القرارُ على سببه، وبات مُطابِقًا للقانون.
وقد استقر قضاءُ هذه المحكمة على أن توقيع الجزاءات التأديبية على الطلاب، ومن بينهم طلاب كلية الشرطة، مشروطٌ بأمرين: (أولهما) إجراء تحقيق كتابي جدي مع الطالب تُسمَعُ فيه أقوالُه ويُحقَّقُ فيه دفاعُه، ويُواجه بالأفعال المخالفة المنسوبة إليه، وبالأدلة التي تُثْبِتُ ارتكابَه لها، و(ثانيهما) التناسب بين المخالفة التي أسفر التحقيق عن ثبوتها في حق الطالب، والعقوبة التي توقعها السلطةُ المختصة، فإذا تخلفَ هذان الشرطان أو أحدهما، كان القرارُ الصادر بتوقيع العقوبة مخالفًا للقانون، فاقدًا للمشروعية، أما إذا التزمت سلطةُ التأديب بهذين الشرطين، كان قرارُها مُطابقًا لصحيح حكم القانون.
وحيث إن البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الطعن، دون المساس بأصل طلب الإلغاء، أن وجيزَ وقائعها كما تنطقُ به الأوراقُ وتحقيقاتُ كلية الشرطة ومحاضرُ قسم شرطة قصر النيل ومباحث الاتصالات وتحقيقاتُ النيابة العامة وتحقيقاتُ المحكمة العسكرية بكلية الشرطة، وما استقر في وجدان هذه المحكمة، أنه في يوم الجمعة بتاريخ 24/5/2013 قام الطاعنُ بسرقة هاتف محمول ماركة (…) وحافظة نقود بها مبلغ 1500 جنيه وكارنيه شرطة وبطاقة رقم قومي وكارت فيزا وكارنيه نادٍ ورخصة قيادة ملك الرائد/ علاء… (الضابط بمديرية أمن المنيا)، بأن غافله وفتح دولاب ملابسه بغرفة الملابس بالنادي الصحي (الجيم) بنادي ضباط الشرطة بالجزيرة، كما استخدم كارت الفيزا الخاص بالرائد المذكور في شراء سماعةٍ من محل (…) قيمتها 313 جنيهًا، وإجراء تحويل رصيد مكالماتٍ لهاتفه بمبلغ 200 جنيه، ولسداد مبلغ 200 جنيه لشركة (…)، كما قام في يوم السبت الموافق 25/5/2013 -وفي المكانِ نفسه وبالأسلوبِ نفسه- قام بسرقة حافظة نقود بها مبلغ 500 جنيه ملك الملازم أول/ يحيى…
وحيث إن ما أُسْنِدَ إلى الطاعن قد ثَبُتَ في حقه من واقع ما أبلغ به الرائدُ/ علاء… بمحضر شرطة قصر النيل رقم 5190 لسنة 2013 جنح قصر النيل، وما شهد به في تحقيقات النيابة العامة، وأمام المحكمة العسكرية بكلية الشرطة، أنه فُوجِئَ بعد انتهائه من التمارين بالنادي الصحي (الجيم) باختفاء حافظة نقود من دولابه رقم 36 بغرفة خلع الملابس، وبها مبلغ 1500 جنيه وعدد من الكارنيهات والفيزا الخاصة به، وكذا هاتفه المحمول ماركة (…)، فأبلغ إدارةَ النادي، وحاول الاتصال على هاتفه أكثرَ من مرةٍ دون جدوى، ثم قام بتحرير محضر بقسم شرطة قصر النيل يحمل رقم 5190 لسنة 2013 جنح قصر النيل، واستعلم من البنك -من خدمة العملاء- عَمَّا إذا كان قد تمَّ التعاملُ على الفيزا خاصته من عدمه، وقد أفاده البنكُ بحدوث ثلاثة تعاملات عليها، وهي شراء من محل (…) بقيمة 313 جنيهًا، وإجراء تحويل رصيد مكالمات لهاتفٍ بمبلغ 200 جنيه، ولسداد مبلغ 200 جنيه لشركة (…)، ولم يحدِّد له البنكُ شخصَ المستفيد من هذه العمليات، فطلب من البنك وقفَ التعامل بها، ثم توجه لمباحث النقل والمواصلات- قسم شرطة الاتصالات، وأبلغ عن الواقعة وما توصل إليه مع البنك، وأثناء وجوده حضر الطاعن ووالده وعَرَضَا تسليم الأشياء المبلغ بسرقتها، ولم يتسلمها إلا من النيابة العامة، وأنه فُوجِئَ حال تسلمه للهاتف أنه بحالة الإعادة للمصنع، رغم أنه حال فقده كان يعمل وبدون رقمٍ سري، وأنه لا يعرفُ الطاعنَ، ولا توجدُ خلافاتٌ بينهما، وأنه لا يتهمُ الطاعنَ بشيءٍ.
كما أبلغ وشهد الملازمُ أول/ يحيى… (الضابط بمديرية أمن القاهرة) بسرقة حافظة نقوده يوم السبت الموافق 25/5/2013 حال وجوده بالنادي الصحي بنادي ضباط الشرطة بالجزيرة، وبها مبلغ 500 جنيه وعدد من الكارنيهات، فأبلغ مدير النادي، وعلم بحدوث واقعة سرقةٍ في اليوم السابق، ثم اتصل به مدير النادي يُبلغه بالتوصل للفاعل، وأنه طالبٌ بالفرقة الرابعة بكلية الشرطة، فتوجه لمباحث النقل والمواصلات- قسم شرطة الاتصالات، وأثناء وجوده حضر الطاعن ووالده، وأنه لا يعرفُ الطاعنَ، ولا توجدُ خلافاتٌ بينهما، وأنه لا يتهمُ الطاعنَ بشيءٍ.
كما شهد المقدمُ/ هشام… (من مباحث الاتصالات) بتحقيقات المحكمة العسكرية بكلية الشرطة، بأن تحرياته توصلت لقيام الطاعن بعمليات شراءٍ من محل (…) بقيمة 313 جنيهًا، وإجراءِ تحويل رصيد مكالمات لهاتفه بمبلغ 200 جنيه، وسدادِ مبلغ 200 جنيه لشركة (…)، وأنه اتصل بوالد الطاعن وأخبره بأن نجله مُتهَمٌ بسرقة هاتف محمول ومبالغ نقدية، فاتصل الأب بنجله وطلب منه الحضور، ثم ذهب الأب إلى المنزل وعاد ومعه الأشياء المبلَّغ بسرقتها، وتمَّ تحريزُها للعرض على النيابة، كما شهد المقدمُ/ حسام… بتحقيقات المحكمة العسكرية، وردَّد مضمونَ شهادةِ سابقه.
وشهد رضا…- مسئول الأمن بالنادي الصحي أن الطاعن حضر للنادي الصحي يوم 24/5/2013، وسلمه مفتاح الدولاب الخاص به، وتسلمه منه حال خروجه من النادي، ونفى أن يكون الطاعن قد أبلغه بالعثور على مفقودات، وأنه في حوالي الساعة السابعة مساءً أبلغه الرائدُ/ علاء… بسرقة هاتفه ومبلغ 1500 جنيه، فقام بالاتصال بالمقدم/ سعد… وأبلغه بالواقعة، وأضاف بأن لكلِّ دولابٍ مفتاحًا واحدًا فقط، ولا يوجدُ كسرٌ بالدولاب المسروق.
كما شهد المقدمُ/ سعد… (مساعد مدير النادي والمسئول عن النادي الصحي) أنه بتاريخ 24/5/2013 أبلغه الرائدُ/ علاء… بسرقة هاتفه ومبلغ 1500جنيه، ولا توجدُ آثارُ عنفٍ بالدولاب، ونفى أن يكون الطاعن قد أبلغ بعثوره على هاتفٍ ومبالغ نقدية، كما لم يترك رقم هاتفه لهذا الغرض، وأضاف أنه بمجرد أن أبلغه الرائدُ/ علاء بفقد هاتفه، قام بالاتصال على رقم الهاتف المفقود عدةَ مرات، واستمر جرسُ الهاتف قُرابة الساعتين، وبعدها تمَّ إغلاقُه.
وشهد إكرامي…- مسئول الأمن بالنادي الصحي أن الطاعن حضر يوم 25/5/2013، وأنه أبلغه بأنه قد سُرِقَ منه هاتفٌ ومبلغ مالي بالأمس، فقال له: وَلِمَ لم تُبْلِغْ المسئولين بالنادي؟ فقال: لم ألحظ ذلك إلا وأنا في التاكسي، فقال للطاعن: إنه قد وقعت سرقةٌ لضابطٍ كذلك بالأمس، ونفى أن يكون الطاعن قد أبلغه بالعثور على مفقودات، وأن الملازم أول/ يحيى… أبلغه بفقد متعلقاته الشخصية، فقام بإبلاغ الضابط المسئول.
ولما كان ما بدر من الطالب -الطاعن- يُشكِّلُ مخالفةً تأديبية ثابتة في حقه من واقع شهادة الشهود المذكورين سابقًا، وما جاء بأقوال الطاعن نفسه من حيازته للمفقودات المبلَّغ بسرقتها، وعدم تسليمها لمالكها إلا بعد مثوله أمام مباحث الاتصالات، وكذا من المستندات المودعة ملف الطعن، ومنها: دفتر حضور المترددين على النادي الصحي، الثابت به حضور الطاعن يومي 24 و25/5/2013، ومحضر تحريات مباحث الاتصالات التي أكدت قيام الطاعن باستخدام الفيزا الخاصة بالرائد/ علاء… ( المبلِّغ)، وفاتورة شراء الهاتف التي تثبت ملكية المبلِّغ للهاتف المسروق، وأنه لما كانت المخالفةُ المنسوبة للطاعن تتسم بالجسامة، وتنال من سمعته وكرامته، لاسيما أنه طالبٌ بكلية الشرطة التي يتخرج فيها الضباط المنوط بهم إنفاذ القانون وتعقب المجرمين وحماية الأرواح والممتلكات، وأنه بعد أن كان طالبًا مجدًّا في دراسته طوال أعوام الدراسة الأربعة، إذا به قد تبدَّل به الحالُ واتَّبَع هواهُ وكان أمرُه فرطًا، حتى وصل به الأمرُ أن يتعاطى المخدرات -كما هو ثابت من كتاب مدير الإدارة العامة للمستشفيات المؤرَّخ في 11/6/2013، والمتضمن أنه تمَّ إجراءُ تحليل بول للمواد المخدرة بمعمل الكشف عن المسموم للطاعن وثبتت إيجابيةُ عينة البول المأخوذ منه لمادة مخدر الحشيش- ثم تسول له نفسه أن تمتد إلى مال الغير، رغم علمه وإدراكه بخطورة هذا الجرم وحرمته، وبدلا من أن يندم على ما بدر منه ويراجع نفسه، إذا به يقوم بتكرار فعلته، ويعيد الكَرَّةَ في اليوم التالي، وكأنه لم ينتسب يومًا إلى كلية الشرطة، معقل الضبط والربط العسكري وجامعة العلوم العسكرية الممزوجة بعلم القانون، وبدلا من أن يتعلم من هذه الأكاديمية كيف يجابه المجرمين ويحارب الفاسدين، وأن يتحلى بالانضباط، وأن ينأى عن براثن الجريمة، بل ومواطن الشبهات، لا أن ينزلق فيها، إذ به قد وقع فريسةً للمخدرات التي تفتك بالأبدان والعقول، وتمتد يده إلى أموال الناس التي حرمها الله وجرمها القانون، متى كان ذلك وكانت التحقيقات التي أجريت بشأن الواقعة التي قام عليها القرار الطعين قد تمت بمعرفة أحد الضباط، وتمت مواجهة الطاعن بالمخالفة المسندة إليه، وحُقِّقَتْ فيها أوجهُ دفاعه ودفوعه، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر بفصله من كلية الشرطة قد قام على سببه الذي يبرره قانونًا، وصدر مطابقًا لصحيح حكم القانون، مما ينتفي معه ركنُ الجدية في طلب وقف التنفيذ، ومن ثم تقضي المحكمة برفضه دون حاجةٍ إلى استظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ولا ينال مما تقدم ما دفع به الطاعن من أن الحكم الطعين قد أخل بحق الدفاع، حيث لم يرد على دفعه بإهدار حجية الأمر المقضي الصادر عن النيابة العامة بحفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة، فمن حيث إن المادة (456) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: “يكونُ للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوةُ الشيءِ المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فُصِلَ فيها نهائيًّا فيما يتعلق بوقوع الجريمة بوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكونُ للحكم بالبراءة هذه القوةُ سواء بُنِيَ على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكونُ له هذه القوةُ إذا كان مبنيًّا على أن الفعلَ لا يُعاقِب عليه القانونُ”.
وتنص المادة (103) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 على أنه: “لا يرتبطُ القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فَصَلَ فيها هذا الحكمُ وكان فصلُه فيها ضروريًّا”.
وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن القضاء الإداري لا يتقيد إلا بما أثبته القضاءُ الجنائي في حكمه من وقائع، وكان فصلُه فيها لازمًا وضروريًّا في الدعوى، دون أن يتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع، فقد يختلف التكييفُ من الناحية الإدارية، عنه من الناحية الجنائية. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3241 لسنة 40 ق.ع جلسة 31/12/2000).
ومن ثم فإن صدور قرار عن النيابة العامة بحفظ التحقيق مع الطاعن لعدم كفاية الأدلة لا يحوز حجيةً أمام القضاء التأديبي؛ إعمالا لمبدأ استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية، باعتبار أن لكلٍّ منهما مجالَ إعمالِه الخاص به، كما أن قوة الشيء المحكوم به تثبت للحكم الجنائي وليس لقرار النيابة العامة.
كما لا ينال مما تقدم ما دفع به الطاعنُ من أن الحكم الطعين قد أخلَّ بحق الدفاع، إذ لم يرد على الدفع بأن الضابطين المجني عليهما لم يُوَجِّهَا اتهامًا للطاعن، فذلك مردودٌ بأن كونَ المجني عليهما لم يشاهدا الطاعنَ حال ارتكاب المخالفة، ومن ثم لم يُقْدِمَا على تحريك اتهامٍ صريح له، لا يعني عدم ثبوت المخالفة في حقه من جماع الأدلة الأخرى المذكورة سابقًا، وأنه لو سايرنا الدفاع في هذا الدفع لكان مُؤَدَّى ذلك عدم تحريك المسئولية تجاه المخالف إلا من خلال المجني عليه فقط، وهذا ما يتنافى مع دور النيابة العامة في قانون الإجراءات الجنائية الذي جعلها نائبةً عن المجتمع في حمايته من الجريمة والقصاص من المجرمين.
كما لا ينال مما تقدم ما دفع به الطاعنُ من أن المحكمة قد أغفلت التاريخَ الناصع والمشرف له، من حيث الانضباط وحسن السلوك والتفوق الدراسي؛ إذ إن الطالبَ قد سبق أن جوزي إداريًّا أربعَ مرات، كما أنه أحيل للمحاكمة العسكرية بتاريخ 18/6/2013 لإيجابية عينة البول المأخوذة منه لمادة مخدر الحشيش، ولكن لم يتم الحكم عليه في هذه الواقعة لصدور قرار بفصله من الكلية يوم 19/6/2013، كما أن واقعة التعدي على مال الغير قد وقعت منه يوم 24/5/2013، ثم كررها يوم 25/5/2013، وكأنه عازمٌ على السير في طريق الغي والضلال.
كما لا ينال مما تقدم ما يدعيه الطاعنُ على القرار المطعون فيه تجاوزه الدفع باختلاف القيمة النقدية للمبلغ المقال بفقده من الرائد/ علاء… بمحضر البلاغ بقسم شرطة قصر النيل رقم 5190 لسنة 2013 جنح قصر النيل، حيث قال بأنه 500 جنيه، ثم قال بتحقيقات النيابة العامة وتحقيقات المحكمة العسكرية إن المبلغ المفقود منه هو 1500 جنيه؛ إذ إن الثابت من أقوال الشهود -مسئولي الأمن بالنادي- أن المبلِّغ قد ِأبلغهم يوم واقعة السرقة في 24/5/2013 بأن المبلغ المفقود منه هو 1500 جنيه، كما أن الطاعنَ نفسه قد ذكر أن المبلغ الذي تحصَّل عليه من غرفة خلع الملابس هو 1000 جنيه وليس 500 جنيه، ومن ثم فإن ما ورد بالمحضر الأول -قسم شرطة قصر النيل- لا يعدو كونه مجرد خطأ مادي من مُحَرِّرِ المحضر.
كما لا ينال مما تقدم ما ذكره الطاعن من أنه حال دخوله غرفة خلع الملابس بالنادي الصحي بنادي ضباط الشرطة وجدَ شخصًا يهربُ من المكان، ووجد هاتفَ محمولٍ ماركة (…) على الأرض ومبلغَ 1000 جنيه، وأنه حاول اللحاقَ به دون جدوى، وأنه لم يجد أحدًا من الضباط المسئولين بالنادي ليُسلمَه الهاتفَ والمبلغ، فأبلغ شخصًا بالنادي -لا يذكرُ اسمه- أنه عثر على هاتفٍ ومبلغ مالي، وترك له رقمَ هاتفِه حالَ سؤال أحدٍ على هذه المفقودات، وأضاف بأنه وردت رسالةٌ على هاتفه بتحويل رصيد له بمبلغ 200 جنيه، فاتصل بشركة فودافون فأخبرته بأن هذا التحويل ربما يكون قد ورد إليه بالخطأ، فذلك مردودٌ عليه بأنه لدى توجه الرائدِ/ علاء… (المبلِّغ) إلى الإدارة العامة لمباحث النقل والمواصلات -قسم شرطة الاتصالات- لتسليم صورة من قرار النيابة العامة، لإجراء التحريات حول واقعة التليفون الخاص به، وكذا واقعة التعامل على الفيزا الخاصة به أيضًا، فأجرت شرطة الاتصالات التحريات اللازمة، وتبين لها أن التعامل على الفيزا المذكورة عبارة عن عملية شراءِ سماعةٍ بمبلغ 313 جنيهًا من محل (…) ورقم المعاملة 88157، وأن المشتريات مُوجَّهةٌ للمدعو/ أحمد… (الطاعن)، وأنه بالاطلاع على دفتر المترددين بالنادي في تاريخ الواقعة نفسه تبين أن المدعو/ أحمد… (الطاعن) مُدرَجٌ اسمُه بالدفتر المذكور، كما قام الطاعنُ بتحويل رصيد لهاتفه بمبلغ 200 جنيه وسداد مبلغ 200 جنيه لشركة (…)، وهو ما شهد به المقدمُ/ هشام… بمباحث الاتصالات، وأُخْبِرَ والدُ الطاعن بأن نجله (الطاعن) مُتهَمٌ بسرقة هاتفٍ محمول ومبالغ نقدية، فحضرا ومعهما الأشياء المبلَّغ بسرقتها على النحو المذكور سالفًا، كما شهد المقدمُ/ سعد… (مساعد مدير النادي) ورضا… وإكرامي…- مسئولا الأمن بالنادي الصحي بأن الطاعن لم يبلغ أيًّا منهم بالعثور على مفقودات، ولم يترك معهم رقم هاتفه للاتصال به عند اللزوم، وعلى نحو ما ورد تفصيلا بشهاداتهم، وأن المستفاد من شهادات مَنْ ذُكِرُوا أن الطاعن قد اختلق قصةَ وجودِ شخصٍ بغرفة الملابس حاول الهروب عند مشاهدته ولم يتمكن من اللحاق به فأخذ الطاعن المفقودات وأخبر شخصًا بالنادي بذلك وبرقم هاتفه، فإن هذه القصةَ ليس لها أساسٌ في الواقع، بل هي من نسيج خياله ليفلتَ من العقاب، خاصةً أن تحرك الطاعن ووالده لرد المفقودات لم يكن ذاتيًّا، إنما جاءَ بطلبٍ من شرطة الاتصالات، ومن ثم فإن هذا المسلك من الطاعن يُعَدُّ معيبًا وخطيرًا، وليس له من جزاءٍ سوى الفصل من الخدمة.
كما لا ينال شيئًا مما تقدم ما يدعيه الطاعنُ على القرار المطعون فيه من مشوبته بالغُلُوِّ في توقيع الجزاء، فذلك مردودٌ بأن جسامةَ الواقعةِ التي اقترفها الطاعنُ تحتم أن يكون جزاءُ الفصل من الكلية جزاءً وفاقًا لها، خاصةً إذا كان مُرتكِب الواقعة هو مَنْ تُعِدُّهُ الدولةُ ليكون حارسًا أمينًا لأهلها وشعبها، وأنه لا يُقْبَلُ أبدًا من العينِ التي تبيت تحرس في سبيل الله أن تكون هي العينُ التي تسعى فيما حرَّمَ الله وجرَّمَهُ القانونُ.
وأخيرًا فإن ما أثاره الطاعنُ من أن الحكم الطعين قد أخلَّ بحقِّ الدفاع، حيث لم يرد على دفوعه الجوهرية، ومنها المؤيَّد بالمستندات؛ وذلك لأنه لا إلزام على المحكمة أن تشير في أسباب حكمها إلى كلِّ ورقةٍ أو مستند يُقدَّم إليها، وإنما تشيرُ فقط إلى ما تَستنِد إليه في حكمها كسببٍ مُنتِج فيما ينتهي إليه قضاؤها، فضلا عن حرية المحكمة في تقدير ما تأخذُ به مِمَّا يُقدَّمُ إليها من مستندات وما تطرحُه منها لعدم تأثيره في النزاع الماثل أمامها. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 4/5/1991 في الطعن رقم 1034 لسنة 34 ق.ع، مجموعة 1 لسنة 36، جـ2، مبدأ رقم 121، صـ 1164).
وإذ خلص الحكمُ المطعون فيه بالطعن الماثل إلى هذا المذهب، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويغدو الطعنُ الماثل حريًّا بالرفض.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.
([1]) يراجع: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 18/3/2001 في الطعن رقم 6629 لسنة 45ق.ع (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 46 مكتب فني، جـ2، ص131)، حيث انتهت المحكمة إلى أن جزاء الفصل من الخدمة هو أقصى جزاء يمكن توقيعه على الموظف العام، فيجب أن يقتصر على المخالفات الشديدة التي لا تثار حولها الشبهات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |