برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعبد الحميد عبد المجيد عبد الحميد، وعاطف محمود أحمد خليل
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) محال صناعية وتجارية– شروط الترخيص في إقامتها- يجب أن يكون لطالب الترخيص علاقةٌ قانونية بالمحل المراد ترخيصه محلا صناعيا أو تجاريا- لم ينص المشرِّع صراحةً على وجوب أن يكون طالب الترخيص مالكًا أو مستأجرًا للمحل، إلا أنه من الشروط البديهية أنه يتعيَّن أن تكون للطالب علاقة مشروعة بهذا المحل، أي أن يكون في مركزٍ قانوني يمكنه بحسب الأوراق التي يقدمها للجهة الإدارية المختصة من إقامة وإدارة المحل دون افتئاتٍ على أحدٍ- مَنْح الترخيص ليس سببًا لكسب ملكية العين للمرخَّص له في مباشرة النشاط الصناعي أو التجاري فيها، أو سندًا لإثباتها- سواء كان الترخيص مؤقتًا أو دائمًا، فاستمراره يظلُّ مُلازِمًا لدوام استيفاء الشروط المقرَّرة قانونًا في العين المرخَّصة، وشخص المرخَّص له، وشرعية علاقته بالمحل- متى فقد المرخَّص له أحد هذه الشروط (كشرط العلاقة القانونية بالمحل) عاد الحقُّ للجهة الإدارية في اتخاذ شئونها تجاه هذا الأمر طبقًا لأحكام القانون- على الجهة الإدارية ألا تتعسف في استعمال سلطتها التقديرية المقرَّرة قانونًا في هذا الصدد، سواء في منحها الترخيص أو منعها إياه، طبقًا للمستندات التي بيد طالب الترخيص، بأن تُهَوِّن منها دون وجه حق، أو تُهَوِّلَها إذا تصوَّرت فقدان أحد الشروط- تخضع الإدارة في جميع الحالات لرقابة القضاء الإداري الذي يزن تصرفاتها بميزان المشروعية- تقتصر رقابة القضاء الإداري على مشروعية قرار منح الترخيص أو منعه، دون مساسٍ بأصل الملكية.
– المواد (1) و(3) و(4) و(7) من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، المعدَّل بموجب القرار بقانون رقم 359 لسنة 1956.
– المادتان (27) و(31) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، المعدَّل بموجب القوانين أرقام 50 و168 لسنة 1981، و145 لسنة 1988.
(ب) قرار إداري– ركن السبب- يجب أن يقوم القرار الإداري على سببٍ يبرِّره في الواقع والقانون- لئن كانت الإدارةُ غيرَ ملزمةٍ بتسبيب قراراتها، ويُفترَض في القرار غير المسبَّب أنه قام على سببه الصحيح، إلا أنها إذا ذكرت أسبابًا له، فإنها تكون خاضعةً لرقابة القضاء الإداري؛ للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.
في يوم الأربعاء الموافق 21/4/2010 أودع وكيل الطاعنة قلمَ كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الأولى) بجلستها المنعقدة بتاريخ 2/3/2010، الذي قضى برفض الدعوى، وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي برفض منحها ترخيصًا في تشغيل مخبز بلدي نصف آلي بالقطعة رقم (22) بحوض عيد نمرة (14) بزمام ناحية شيبة الشرقية مركز أبو قرقاص- محافظة المنيا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على وفق الثابت بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه -للأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونُظِرَ الطعنُ أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره أمامها، حيث جرى تداولُه بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 2/10/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 5146 لسنة 17ق. أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الأولى)، طلبت في ختام صحيفتها الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية برفض الترخيص لها في تشغيل مخبز بلدي بناحية شيبة الشرقية مركز أبو قرقاص- محافظة المنيا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكرت المدعية شرحًا لدعواها أنها تقدمت بطلب للترخيص لها في تشغيل مخبز بلدي نصف آلي بناحية شيبة الشرقية مركز أبو قرقاص- محافظة المنيا، إلا أن جهة الإدارة رفضت الترخيص لها في تشغيل المخبز على سندٍ من القول بأن الأرض المقام عليها المخبز من أملاك الدولة، وقد تظلمت من هذا القرار بتاريخ 1/9/2005 دون جدوى، ونعت على القرار المطعون فيه مخالفته القانون، وصدوره مشوبًا بإساءة استعمال السلطة، مما حداها على إقامة دعواها بالطلبات المبينة سالفًا.
………………………………………………..
وبجلسة 21/3/2007 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، وقد أودعت الهيئة المذكورة تقريرًا برأيها القانوني في الدعوى.
وبجلسة 2/3/2010 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن الجهة الإدارية قد ذكرت سببًا لقرارها المطعون فيه هو أن الأرض المطلوب إقامة المخبز عليها هي من أملاك الدولة، حسبما يبين من تقرير الخبير الذي انتدبته المحكمة في الدعوى، والذي تطمئن إلى صحة النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قائمًا على سببه المبرِّر له قانونًا، وبمنأى عن الإلغاء، وخلصت المحكمة إلى القضاء برفض الدعوى.
………………………………………………..
ونظرًا إلى أن هذا القضاء لم يلقَ قبولا من الطاعنة، فقد أقامت الطعن الماثل، ناعيةً على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ على سندٍ من أن المخبز محل التداعي طبقًا للخريطة المساحية المرفقة من مديرية المساحة بالمنيا بمساحة 75 مترًا مربعًا، يقع ضمن القطعة (22) بحوض عيد نمرة (14) زمام ناحية شيبة مركز أبو قرقاص- محافظة المنيا، والمقدم عنه كشف رسمي وكشف تحديد مفادهما أن هذه المساحة ملك أهالٍ، وأن العقار الذي أرشد عنه موظفو الوحدة المحلية، وعاينه الخبير المنتدب في الدعوى، ووجد أنه لا يوجد به معالم مخبز، يقع ضمن القطعة رقم (27) حديث (57) قديم، ومن ثم كان يجب على الحكم الطعين عدم التعويل على تلك المعاينة وتجاهلها، فضلا عن أن المعاينة التي أجرتها الجمعية الزراعية بناحية شيبة الشرقية بتاريخ 13/6/2004 لم ترد بها أيةُ إشارةٍ تفيد بأن الأرض المقام عليها المخبز من أملاك الدولة، وخلصت الطاعنة إلى طلباتها المبينة سالفًا.
………………………………………………..
وحيث إن حقيقة طلبات الطاعنة تنحصر في الحكم بإلغاء قرار جهة الإدارة برفض السير في إجراءات ترخيص مخبز بلدي لها بناحية شيبة الشرقية مركز أبو قرقاص- محافظة المنيا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة تنص على أن: “تسري أحكام هذا القانون على المحال المنصوص عليها في الجدول الملحَق بهذا القانون، سواء كانت منشأة من البناء أو الخشب أو الألواح المعدنية أو أية مادة بناء أخرى أو في أرض فضاء أو في العائمات أو على أية وسيلة من وسائل النقل البري أو النهري أو البحري…”.
وقد ورد بالجدول الملحَق بالقانون المشار إليه([1]) تحت البند رقم (93) من محال القسم الأول: (الأفران المستعملة للعموم والمخابز العمومية).
وتنص المادة (3) منه على أن: “يُقدَّم طلبُ الحصول على الرخصة إلى الإدارة العامة بمصلحة الرخص أو فروعها بالمحافظات والمديريات طبقًا للأنموذج الذي يصدر به قرار من وزير الشئون البلدية والقروية مُرفَقًا به الرسومات والمستندات المنصوص عليها في القرارات المنفِّذة لهذا القانون. وتبدي تلك الجهة رأيها في مرفقات الطلب في ميعادٍ لا يجاوزُ شهرًا من تاريخ تقديمه أو وصوله…”.
وتنص المادة (4) منه([2]) على أن: “يُعلَن الطالبُ بالموافقة على موقع المحل أو رفضه في ميعادٍ لا يجاوزُ ستين يومًا من تاريخ دفع رسوم المعاينة ويعتبر في حكم الموافقة فواتُ الميعاد المذكور دون تصدير إخطار للطالب بالرأي وذلك مع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الثالثة من المادة (1). وفي حالة الموافقة يُعلَن الطالبُ بالاشتراطات الواجب توافرها في المحل ومدة إتمامها. ومتى أتمَّ الطالبُ هذه الاشتراطات أبلغ الجهة المختصة بذلك بخطاب مُوصًى عليه، وعلى هذه الجهة التحققُ من إتمام الاشتراطات خلال ثلاثين يومًا من وصول الإبلاغ، فإذا ثبت إتمامُها صُرِفَت الرخصة مُرفَقًا بها الاشتراطات الواجب توافرها في المحل على الدوام…”.
وتنص المادة (7) من القانون ذاته، مُعدَّلا بالقانون رقم 359 لسنة 1956، على أن: “الاشتراطاتُ الواجب توافرها في المحال الخاضعة لأحكام هذا القانون نوعان:
(أ) اشتراطات عامة: وهي الاشتراطات الواجب توافرها في كل المحال أو فى نوع منها وفي مواقعها، ويصدر بهذه الاشتراطات قرارٌ من وزير الشئون البلدية والقروية، ويجوزُ بقرارٍ منه الإعفاء من كل أو بعض هذه الاشتراطات في بعض الجهات إذا وُجِدَت أسبابٌ تبرِّر هذا الإعفاء.
(ب) اشتراطات خاصة: وهي الاشتراطات التي ترى الجهة المختصة بصرف الرخصة وجوب توافرها في المحل المقدَّم عنه طلب الترخيص وللمدير العام لإدارة الرخص أو من ينيبه عنه بناءً على اقتراح الجهة المختصة إضافةُ اشتراطاتٍ جديدة يجب توافرها في أي محل مرخَّص به”.
وحيث إن قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، مُعدَّلا بالقانون رقم 50 لسنة 1981([3])، ينص في المادة (27) منه على أن: “يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل فى اختصاص وحدات الإدارة المحلية وفقًا لأحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقرَّرة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح، ويكون المحافظ في دائرة اختصاصاته رئيسًا لجميع الأجهزة والمرافق المحلية…”.
وتنص المادة (31) منه على أنه: “للمحافظ أن يُفوِّض بعض سلطاته واختصاصاته إلى نوابه أو إلى سكرتير عام المحافظة أو السكرتير العام المساعد أو إلى رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات المحلية الأخرى”.
وحيث إنه يُستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرِّع في المادة (1) من القانون رقم 453 لسنة 1954، مُعدَّلا بالقانون رقم 359 لسنة 1956، قد أخضع المحال المنصوص عليها في الجدول الملحَق بهذا القانون لأحكامه، وقد أعطى المشرِّع لوزير الشئون البلدية والقروية سلطةَ تعيين الأحياء أو المناطق التي يُحظَر فيها إقامة هذه المحال أو نوع منها، وذلك بقرارٍ يصدره الوزير المذكور، كما حظر المشرِّع في المادة (2) من القانون المذكور سالفًا إقامةَ أي محل من المحال الخاضعة لهذا القانون أو إدارته إلا بترخيصٍ، وحدَّدت المادةُ (7) من القانون ذاته الاشتراطات الواجب توفرها في كل المحال أو في نوع منها وفي مواقعها، على أن يصدر بهذه الاشتراطات قرارٌ عن وزير الشئون البلدية والقروية، وهذه الاشتراطات نوعان: (أ) اشتراطات عامة، وهي الاشتراطات الواجب توفرها في كل المحال أو في نوع منها وفي مواقعها، ويصدر بهذه الاشتراطات قرارٌ عن وزير الشئون البلدية والقروية، ويجوز بقرارٍ من هذا الوزير الإعفاءُ من كل أو بعض هذه الشروط في بعض الجهات إذا وُجِدَت أسبابٌ تبرِّر هذا الإعفاء، (ب) اشتراطات خاصة، وهي الاشتراطات التي ترى الجهة المختصة بصرف الرخصة وجوب توفرها في المحل المقدَّم عنه طلب الترخيص، على أن يكون لمدير عام إدارة الرخص أو من يُنيبُه هذا المدير -بناءً على اقتراح الجهة المختصة- إضافةُ اشتراطاتٍ جديدة يجب توفرها في أي محل مرخَّص به.
ثم صدر القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية، مُعدَّلا بالقانون رقم 50 لسنة 1981، وقضى في المادة (27) منه بأن يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل فى اختصاص وحدات الإدارة المحلية على وفق أحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقرَّرة للوزراء بمقتضى القوانين أو اللوائح، ويكون المحافظُ في دائرة اختصاصه رئيسًا لجميع الأجهزة والمرافق المحلية، كما أجازت المادة (31) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون المذكور سالفًا للمحافظ أن يُفوِّض بعض سلطاته واختصاصاته إلى نوابه أو إلى سكرتير عام المحافظة أو السكرتير العام المساعد أو إلى رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات المحلية الأخرى.
كما يُستفاد مما سبق كذلك، وبخاصة أحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه، أن المشرِّع لم ينص صراحةً على وجوب أن يكون طالب الترخيص مالكًا أو مستأجرًا للمحل المراد ترخيصه محلا تجاريا على وفق أحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية المشار إليه، بيد أنه لا ريب في أنه من الشروط البديهية أنه يتعين أن تكون للطالب أية علاقة مشروعة بهذا المحل، بأن يكون في مركزٍ قانوني يمكنه بحسب الأوراق التي يقدمها للجهة الإدارية المختصة من إقامة وإدارة المحل دون افتئاتٍ على أحدٍ، خاصةً أن منح الترخيص ليس سببًا لكسب ملكية العين للمرخَّص له في مباشرة النشاط الصناعي أو التجاري فيها، أو سندًا لإثباتها، فسواء كان مؤقتًا أو دائمًا فاستمراره يظلُّ مُلازِمًا لدوام استيفاء الشروط المقرَّرة قانونًا في العين المرخَّصة وشخص المرخَّص له وشرعية علاقته بالمحل، ومتى فقد المرخَّص له أحد هذه الشروط (كشرط العلاقة القانونية بالمحل كاغتصابه له) يعود الحقُّ للجهة الإدارية في اتخاذ شئونها تجاه هذا الأمر طبقًا لأحكام القانون المشار إليه، وفي جميع الأحوال على الجهة الإدارية ألا تتعسف في استعمال سلطتها التقديرية المقرَّرة قانونًا في هذا الصدد، سواء في منحها الترخيص أو منعها إياه طبقًا للمستندات التي بيد طالب الترخيص، بأن تُهَوِّن منها دون وجه حق، أو تُهَوِّلها إذا تصوَّرت فقدان أحد الشروط؛ إذ تكون في جميع الحالات خاضعةً لرقابة القضاء الإداري الذي يزن تصرفاتها بميزان المشروعية. (بهذا قضت هذه المحكمة في الطعنين رقمي 7672 و9444 لسنة 50ق.ع بجلسة 27/11/2013).
وحيث إنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن القرار الإداري يجب أن يقوم على سببٍ يبرِّره في الواقع والقانون، وأنه ولئن كانت الإدارةُ غيرَ ملزمةٍ بتسبيب قراراتها، ويُفترَض في القرار غير المسبَّب أنه قام على سببه الصحيح، إلا أنها إذا ذكرت أسبابًا له، فإنها تكون خاضعةً لرقابة القضاء الإداري؛ للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 21069 لسنة 52ق.ع بجلسة 5/1/2008).
وحيث إنه بالتطبيق لِما تقدم، وكان الثابت من الأوراق والمستندات المرافقة أن الطاعنة تقدمت بطلبٍ إلى رئيس مركز ومدينة أبو قرقاص بتاريخ 26/4/2004 للترخيص لها بإقامة مخبز بلدي نصف آلي على القطعة رقم (22) بحوض عيد نمرة (14) زمام ناحية شيبة الشرقية مركز أبو قرقاص- محافظة المنيا، إلا أن جهة الإدارة رفضت السير في إجراءات الترخيص لها؛ على سندٍ من أن المخبز مُقام على قطعة أرضٍ مملوكةٍ للدولة، ومن ثم فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء الإداري؛ للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.
وحيث إن الخبير الذي انتدبته محكمة أول درجة قد انتهى في تقريره إلى (أنه ثبت من المعاينة على الطبيعة أن العقار يقع ضمن القطعة رقم (27) حديثة و(57) قديمة بحوض عيد نمرة (14) بناحية جزيرة شيبة مركز أبو قرقاص، بالحدود والمعالم الموَضَّحة بالتقرير، وهو عبارة عن منزلٍ قائم بارتفاع ثلاثة طوابق ومسقوف بالخرسانة المسلحة، ولا توجد به أية معداتٍ لمخبزٍ بلدي، والعقار بحيازة/ عيد… غير ممثل في الدعوى، ويقع العقار على أرض أملاك الدولة)، وبناءً عليه صدر الحكم الطعين برفض الدعوى، وإزاء إقرار الطاعنة بتقرير طعنها أن العقار الذي تمت معاينته بمعرفة الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة ليس هو العقار محل طلب الترخيص المقدَّم من الطاعنة، وأن الموقع محل طلبها كائن ضمن القطعة (22) وليس (27)، وقد تمت معاينته مرة أخرى في 19/1/2009 بمعرفة إدارة تموين أبو قرقاص، وعليه أصدرت هذه المحكمة بتشكيلٍ مغاير حكمًا تمهيديا بجلسة 22/2/2012 بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة المنيا؛ ليندبَ بدوره لجنةً من ثلاثة من خبرائه المختصين لمباشرة المأمورية الواردة بأسباب الحكم، وقد باشرت لجنةُ الخبراء المأموريةَ المنوطة بها، وانتهت في تقريرها إلى أنه بمعاينة قطعة الأرض التي أرشد عنها وكيل الطاعنة على الطبيعة تبين أنه يوجد عليها مبنى عبارة عن حوائط حاملة بارتفاع دور واحد، يوجد به سير الفرن وباقي معدات المخبز الموَضَّحة تفصيلا بالتقرير، وقررت اللجنةُ أن الحاضر عن الإدارة قرر أن سبب استبعاد وعدم موافقة مديرية التموين بالمنيا على تشغيل مخبز الطاعنة هو حداثة الطلب المقدَّم منها، فضلا عن أن الأرض المقام عليها من أملاك الدولة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المستندات، وصورها الضوئية التي لم تجحدها جهة الإدارة، أو تقدم ما يثبت عكس ما ورد بها، والمودَعة ملف الطعن، ما يأتي:
(1) الثابت من صورة كتاب مدير إدارة أملاك الدولة بالمنيا المؤرَّخ في 13/12/2005، أنه تمَّ بحثُ هذا الموضوع بمعرفة مهندس الأملاك المختص، الذي أفاد -بعد البحث والاطلاع والمعاينة على الطبيعة وعمل محضر مع رجال الإدارة المحلية بالناحية- أن المخبز المقدَّم من أجله الطلب والواقع على الخريطة المساحية ضمن القطعة (22) بحوض عيد نمرة (14) زمام ناحية شيبة مركز أبو قرقاص، والمقدَّم عنها كشف رسمي وكشف تحديد، هي من أملاك الأهالي، وليست أملاك دولة، وعليه تكون إدارة الأملاك بالمنيا ليست جهة اختصاص في هذا الموضوع.
(2) الثابت من صورة الكشف الرسمي المؤرَّخ في 4/9/2005 المستخرَج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية بمحافظة المنيا (مأمورية ضرائب أبو قرقاص)، أن مساحة فدانين وستة عشر قيراطًا وسهمين تقع بالقطعة رقم (22) بحوض عيد نمرة (14) زمام ناحية شيبة مركز أبو قرقاص، مُقيَّدة بالسجلات بتكليف/ إسكندر باسليوس، وليست من أملاك الدولة.
(3) الثابت من صورة كشف التحديد الصادر للطاعنة عن مديرية المساحة بالمنيا بتاريخ 13/12/2005، أن المدرَج بالقطعة رقم (22) بحوض عيد نمرة (14) بمساحة 78,75 مترًا مربعًا عبارة عن مخبز بلدي نصف آلي، مبني بالطوب الأحمر والبلوك الحجري ومسقوف بالخرسانة المسلحة، وهو دور واحد، ويقع من الجهة الشرقية على شارع بعرض أربعة أمتار وأربعين سنتيمترًا، والغربي حديقة ملك/ محمد…، والبحري سكن/ عبد الله…، والقبلي باقي ملك المشتري.
(4) الثابت من صورة طلب الشهر العقاري عن التعاملات التي تمت على القطعة رقم (22) بحوض عيد نمرة (14) بناحية شيبة مركز أبو قرقاص المؤرَّخ في 1/11/2005، أن مساحة (150) مترًا مربعًا كائنة بحوض عيد نمرة (14) قطعة رقم (22) عبارة عن مخبز بلدي نصف آلي، وحدوده كالتالي: الحد البحري/ عبد الله…، والحد القبلي باقي ملك المشتري، والحد الغربي / محمد…، والحد الشرقي شارع ويفتح به الباب.
(5) الثابت من صورة محضر معاينة الجمعية الزراعية بناحية شيبة، أن مخبز المواطنة/… الواقع بناحية شيبة مركز أبو قرقاص محافظة المنيا، عبارة عن مخبز بمساحة 75 مترًا مربعًا مبني بالبلوك الحجري والطوب الأحمر والسقف خرسانة مسلحة، ويقع هذا المخبز داخل الكتلة السكنية القديمة، وغير مخالف للقانون رقم 116 لسنة 1983، ولا للقرار العسكري رقم 1 لسنة 1996.
(6) كما يبين من كتاب مدير عام الجهاز المركزي للإحصاء المؤرَّخ في 19/4/2004، أن تعداد قرية جزيرة شيبة عام 2004 بلغ 11741 نسمة.
وحيث إنه ينبني على ما تقدم أن هناك علاقةً مشروعة بين المكان المطلوب الترخيص فيه والطاعنة بشأن الترخيص في مخبز بلدي نصف آلي، وهذه العلاقة المشروعة تتيح لها صفة في المطالبة بالترخيص المطلوب، دون إثبات ملكيةٍ لها على الأرض محل التداعي؛ إذ إن ذلك من اختصاص القضاء المدني، فللجهة الإدارية الحق في إقامة دعوى مدنية بطلب تثبيت ملكيتها على الأرض المذكورة، إذا ما توفرت الأوراقُ التي تثبت ذلك، أما القضاء الإداري فإنه يراقبُ فقط مشروعيةَ قرار منح الترخيص أو منعه، دون مساسٍ بأصل الملكية على النحو المذكور سالفًا، ومن ثم يكون القرار الصادر برفض ترخيص المخبز المذكور في حالة توفر العلاقة المشروعة المشار إليها وجميع الاشتراطات الأخرى قد وقع مخالفًا للقانون، حقيقًا بالإلغاء.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب، فمن ثم يكون خالف صحيح حكم القانون حقيقًا بالإلغاء، مما يضحى الطعن عليه قائما على سند صحيح من الواقع والقانون.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض السير في إجراءات ترخيص مخبز بلدي نصف آلي باسم الطاعنة بناحية شيبة- مركز أبو قرقاص- محافظة المنيا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
[1])) هذا الجدول مُستبدَل بموجب قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 140 لسنة 1976.
[2])) هذه المادة مُعدَّلة أيضًا بموجب القانون رقم 359 لسنة 1956.
[3])) ومُعدَّلا كذلك بموجب القانونين رقمي 168 لسنة 1981، و145 لسنة 1988.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |