برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضـــويـة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ د. محمد ماهر أبو العينين، وصلاح شندي عزيز تركي، وأحمد محمد أحمد الإبياري، وهاشم فوزي أحمد شعبان.
نــواب رئيس مجلس الدولـة
(أ) مجلس الدولة– هيئة مفوضي الدولة – اختصاصها- يكفي أن تستطلع المحكمة رأي مفوض الدولة في الطلب العارض أثناء نظر الدعوى بجلسة المرافعة.
(ب) هيئة الشرطة– شئون الضباط– تقارير كفايتهم– يجب على الجهة الإدارية لدى ممارسة سلطتها التقديرية المحددة تشريعيًّا في شأن تقارير كفاية الضباط أن تمارسها بشكل موحد على كل ضباط الشرطة في جميع شئونهم بعناصر محددة في جانبي الأداء الفني والمهني.
(ج) هيئة الشرطة– شئون الضباط- ترقية- تتمتع وزارة الداخلية بسلطة تقديرية في ترقية الضباط أو إنهاء خدمتهم بالإحالة إلى المعاش أو مدها- هذه السلطة تقوم على عناصر التقدير المحددة تشريعيا في قانون هيئة الشرطة كعناصر محددة، تفيد بأن أداءه الفني والمهني يكشف عما سيكون عليه مستقبلا في أداء الواجبات الوظيفية، كما تتصف بكونها موحدة تطبق على كل ضباط الشرطة في شئونهم جميعها.
(د) هيئة الشرطة– شئون الضباط– الترقية إلى رتبة لواء- تتمتع وزارة الداخلية بسلطة تقديرية في ترقية الضباط أو إنهاء خدمتهم بالإحالة إلى المعاش أو مدها- كلمة “الاختيار” الواردة في المادة (19) من قانون هيئة الشرطة يقصد بها الاختيار القائم على أسس التقدير التي وردت في نصوص القانون، ومن بينها أقرانه ممن تجوز المقارنة والمفاضلة بينه وبينهم، فلا يجوز اختيار الأدنى في عناصر التقدير تفضيلا له على الأعلى فيها- لا يجوز القول بأن الموازنة تسقط نهائيا إذا ما تمت ترقية الضابط إلى رتبة (عقيد)، وأمضى في هذه الرتبة مدة سنتين لمخالفة ذلك صراحة لما ورد في القانون- حرص المشرع على أن يكون القرار الصادر عن الوزير بالترقية لرتبة (عميد) أو (لواء) مستندًا إلى تقدير جماعي، بأن أسنده إلى كيان مؤسسي يتولاه المجلس الأعلى للشرطة، باعتباره المختص بالنظر في شئون أعضاء هيئة الشرطة- لوزارة الداخلية سلطة تقديرية أرحب في اختيار كبار موظفيها ممن ترى فيهم الصلاحية البدنية والذهنية، وذلك تحت رقابة القضاء على نحو تتحقق معه المصلحة العامة، مادام قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة- هذه الموازنة تسقط عنها نهائيا بانتهاء خدمة الضابط الذي كفل له المشرع الوصول إلى أعلى المراتب في قانون هيئة الشرطة حال قضاء مدة عامين في رتبة (لواء)- ببلوغ هذا الأجل فإن ما يتم بشأن حالة الضابط تتمتع فيه جهة الإدارة بسلطة تقديرية واسعة، تقف سلطة المحكمة إزاءها عند التحقق من توفر عيب الانحراف أو تخلفه في القرار فقط، دون أن تمتد رقابتها إلى جميع عناصر البت في القرار التي تستقل جهة الإدارة بتقديرها– استبعاد الوزير بعض من تتوفر فيهم الكفاية توصلا إلى العناصر القادرة على التعاون معه في تنفيذ السياسة العامة للدولة وسياسته داخل الوزارة لا يُحمل على أنه يرجع إلى أسباب تتعلق بعدم صلاحيتهم؛ لأن الوزير قد يجد نفسه ملزما باستبعاد بعض من تتوفر فيهم الكفاية توصلا إلى العناصر القادرة على التعاون معه في تنفيذ السياسة العامة للدولة وسياسته داخل الوزارة، وهذه الاعتبارات في حد ذاتها كافية لحمل قرار الوزير على محمل الصحة، دون الخوض فيما وراءه من أسباب قد تجبن عنها عيون الأوراق.
(هـ) هيئة الشرطة– شئون الضباط– ترقيتهم- إذا خلا القرار الصادر بالترقية بالاختيار من ذكر سببٍ له، جاز للمحكمة أن تلجأ إلى مقارنة الطاعن بالمطعون على ترقيتهم بالقرار الطعين.
(و) دعوى– لجان التوفيق في بعض المنازعات- مدى استلزام عرض طلب التعويض المرتبط بطلب الإلغاء عليها- اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة بخصوص طلب إلغاء القرار المطعون فيه قبل إقامة الدعوى يغني عن اللجوء إليها بشأن طلب التعويض عنه- طلب الإلغاء يعد وجها من أوجه الطعن المباشرة في مشروعية القرار المطعون فيه، ويستلزم البتُّ فيه التعرضَ لما إذا كان هذا القرار قد صدر مشوبا بعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة من عدمه، ويعد طلب التعويض طلبًا فرعيًا لطلب الإلغاء الذي هو الأصل، ومن المعلوم أن الفرع يأخذ حكم الأصل.
– إنه في يوم الأربعاء الموافق 25/12/2013 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن، قيد بجدولها العام برقم 11713 لسنة 60ق. عليا، وذلك طعنًا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة عشرة ترقيات– كادرات خاصة) بجلسة 27/10/2013 في الدعوى رقم 54984 لسنة 65ق، القاضي منطوقه: (أولا) بقبول طلب إلغاء القرار رقم 1494 لسنة 2011 شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن مصروفاته.
و(ثانيًا) بعدم قبول طلب التعويض شكلا؛ لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000، وألزمت الطاعن مصروفاته.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقيته إلى رتبة (لواء) وإحالته على المعاش اعتبارًا من 1/8/2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادته إلى الخدمة العاملة، وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.
– وفي يوم الخميس الموافق 26/12/2013 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العام برقم 11795 لسنة 60 ق. عليا، وذلك طعنًا على الحكم المطعون فيه بالطعن السابق (الصادر عن محكمة القضاء الإداري– الدائرة الثالثة عشرة ترقيات– كادرات خاصة)، المشار إليها آنفا.
وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم: (أولا) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، و(ثانيًا) بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقيته إلى رتبة (لواء)، وإحالته على المعاش اعتبارًا من 1/8/2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادته إلى الخدمة العاملة، وإلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان تقريري الطعن الماثلين على النحو المبين بالأوراق.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعنين الماثلين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا،ـ وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من إحالة الطاعن على المعاش، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها مد خدمته برتبة (لواء) أسوة بزملائه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتدووِل نظر الطعنين بدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/5/2014 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة السابعة (موضوع) لنظرهما بجلسة 8/6/2014، حيث تدووِل نظرهما أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/7/2014 قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع، وبجلسة 26/10/2014 قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم بجلسة 21/12/2014 مع التصريح بمذكرات في أسبوعين، وبتاريخ 8/11/2014 وردت مذكرة بالرد على الطعن من المطعون ضدهما، طلبا في ختامها الحكم برفض الطعن موضوعًا، وتأييد الحكم المطعون فيه، مع إلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي، وبالجلسة المحددة لإصدار الحكم قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 11/1/2015 ليقوم الطاعن باتخاذ الإجراءات المقررة قانونا بالنسبة لطلب التعويض المضاف، وذلك بإعلان الجهة الإدارية به بموجب عريضة معلنة.
وبجلسة 8/2/2015 قدم الحاضر عن الطاعن عريضة معلنة بالطلب المضاف، وقد استطلعت المحكمة رأي السيد المستشار/ مفوض الدولة بالجلسة بشأن طلب التعويض المضاف، وقد قرر أنه يرى رفضه موضوعًا، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات في أسبوعين، ولم يتم تقديم شيء خلال هذا الأجل من طرفي الخصومة، فصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطاعن يطلب -على وفق الطلبات الختامية- الحكم بقبول الطعنين شكلا:
(1) وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقيته إلى رتبة (لواء)، وإحالته على المعاش اعتبارًا من 1/8/2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادته إلى الخدمة العاملة.
(2) بتعويضه التعويض المناسب عن الأضرار الأدبية والنفسية والمادية التي أصابته نتيجة القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إنه قد جرى إعلان الطعنين الماثلين على النحو المقرر قانونا.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا جميع أوضاعهما الشكلية المقررة قانونًا، فمن ثم يكونان مقبولين شكلا.
وحيث إنه عن موضوع الطعنين فإن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعن كان قد أقام بتاريخ 20/9/2011 الدعوى رقم 54984 لسنة 65ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة عشرة ترقيات– كادرات خاصة)، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا:
(1) وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بإحالته إلى التقاعد بتاريخ 1/8/2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودته إلى عمله بوزارة الداخلية اعتبارًا من 1/8/2011، مع حفظ أقدميته وترتيبه وجميع حقوقه المالية.
(2) بتعويضه بمبلغ مالي مقدراه (مليون جنيه) عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه يعمل بوزارة الداخلية اعتبارا من 10/11/1980، وقد صدر القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 في 13/7/2011 بترقيته إلى رتبة (لواء) مع إنهاء خدمته بإحالته على المعاش اعتبارًا من 1/8/2011، وتظلم من هذا القرار بالتظلم المقيد برقم 95198 في 14/8/2011، ثم لجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 11351 لسنة 2011، وصدرت التوصية في 5/9/2011، وينعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون، وأنه جاء مشوبا بإساءة استعمال السلطة، وقد اختتم عريضة دعواه بطلباته المذكورة سلفا.
………………………………………………….
وبجلسة 27/10/2013 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها في الدعوى بالآتي:
(أولا) بقبول طلب إلغاء القرار رقم 1494 لسنة 2011 شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن مصروفاته، و(ثانيا) بعدم قبول طلب التعويض شكلا لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000، وألزمت الطاعن مصروفاته.
وشيدت المحكمة قضاءها –المذكور سلفًا– بالنسبة للطلب الأول -بعد استعراضها لنص المادتين رقمي 19و71 من قانون هيئة الشرطة- تأسيسا على أن المجلس الأعلى للشرطة قد قرر بجلسته المنعقدة في 10/7/2011 ترقية الطاعن إلى رتبة (لواء) وإحالته على المعاش عملا بحكم المادة (19) من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة؛ لعدم توفر المقومات والقدرات اللازمة لشغل الوظائف القيادية، وبناء على ذلك صدر القرار المطعون فيه بإحالته على المعاش اعتبارًا من 1/8/2011. وأن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أسندت وظائفها القيادية في رتبة لواء عامل إلى من تطمئن إليهم من ذوى الكفاءات والقدرات التي لا تتوفر في جميع من هم في رتبة عميد ممن حل عليهم الدور للترقية لرتبة لواء، ولا يقلل هذا الاختيار من شأن من رقوا إلى رتبة لواء وأحيلوا إلى المعاش، وعلى ذلك تكون الجهة الإدارية قد أعملت سلطتها التقديرية المطلقة في مجال اختيار القيادات إلى رتبة اللواء العامل، ومن رأت ترقيتهم إلى رتبة اللواء مع الإحالة إلى المعاش بالقرار رقم 1494 لسنة 2011 المطعون فيه فيما تضمنه من ترقية الطاعن إلى رتبة اللواء وإحالته إلى المعاش اعتبارا من 1/8/2011 قد صدر على وفق صحيح حكم القانون، ويكون الطعن المقام عليه في غير محله جديرًا بالرفض.
كما أسست قضاءها المذكور سالفًا بالنسبة للطلب الثاني (التعويض) على أن المدعى كان قد أقام الدعوى الماثلة بخصوص طلب التعويض عن القرار المطعون فيه بتاريخ 20/9/2011 دون اللجوء إلى لجنة التوفيق بخصوص هذا الطلب، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن بخصوص طلب التعويض.
ولا يغير من ذلك اللجوء إلى لجنة التوفيق بالطلب رقم 11351 لسنة 2011، إذ إن هذا الطلب قد اقتصر على إلغاء القرار رقم 1494 لسنة 2011 الصادر بتاريخ 13/7/2011 والمتضمن الترقية إلى رتبة اللواء مع الإحالة على المعاش، وقد جاء هذا الطلب خاليًا من طلب التعويض، وبناء على ما تقدم يتعين القضاء بعدم قبول هذا الطلب شكلًا لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000.
وخلصت المحكمة إلى قضائها المذكور سالفًا.
………………………………………………….
وإذ لم يرتض الطاعن هذا الحكم فقد أقام طعنيه الماثلين بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقيته إلى رتبة اللواء مع إحالته إلى المعاش اعتبارًا من 1/8/2011، ناعيًا على الحكم المطعون فيه صدوره مشوبا بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، فضلا عما انطوى عليه من مخالفة ما استقر عليه قضاء الدائرة نفسها في العديد من الأحكام الحديثة الصادرة عنها، وذلك على النحو التالي:
(1) وَجْه مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله يتمثل فيما ذهب إليه من منح وزير الداخلية السلطة المطلقة في شأن اختيار بعض اللواءات للمد لهم في الخدمة دون معقب عليه في ذلك، ودون تعويل منه على ما تضمنته ملفات خدمة السادة اللواءات الذين يختار من بينهم الوزير من يستبقيه في الخدمة، ومن لا يسمح له بذلك، وأخيرًا دون رقابة عليه من قضاء المشروعية، ومرجع هذه المخالفة أن الحكم الطعين يرسخ لإهدار مبدأ تكافؤ الفرص وغبن المتميزين من الضباط الحريصين على تأدية عملهم بشرف وأمانة وعلى نحو يتسم بالكفاءة وحسن الأداء، فالمعيار الذي ذهب إليه الحكم الطعين معيار شخصي منوط بشخص الوزير ولا علاقة له بأداء العمل وما انطوت عليه ملفات خدمة الضباط، وافترض أن قرارات الوزير في اختيار العناصر التي يرى أنها صالحة للمد والاستمرار بالخدمة هي قرارات سيادية لا يجوز خضوعها لرقابة قضاء المشروعية، وهذا إقرار من الحكم لوزير الداخلية بالسلطة المطلقة التي لا تعدو أن تكون مفسدة مطلقة، وهذا ما يتناقض مع ما استقرت عليه الدساتير المصرية المتعاقبة من عدم جواز تحصن القرارات الإدارية من الطعن عليها.
(2) أن الدائرة نفسها التي صدر عنها الحكم الطعين قضت في العديد من الأحكام بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 1494 لسنة 2011 وهو القرار نفسه الذي كان محلا للدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، كما قضت بإلغاء العديد من القرارات التي تتشابه مع القرار المطعون فيه، وأرست سلطتها المشروعة في رقابة القرارات الصادرة عن وزير الداخلية بمد الخدمة لبعض اللواءات الذين تم توقيع جزاءات تأديبية عليهم، وارتكبوا جرائم ومخالفات لا تستقيم مع اختيارهم للبقاء في الخدمة برتبة اللواء، وإثبات انحرافه بالسلطة.
(3) أن إنهاء خدمته قد شابه عيب مخالفة القانون، وتبعًا لذلك يكون قد استقام في حق الجهة الإدارية ركن الخطأ الموجب لمسئوليتها عن تعويضه عن الأضرار التي حاقت به من جراء هذا القرار، ومن هذه الأضرار: الأضرار المادية، التي تمثلت في حرمانه دون سبب مشروع من راتبه وأجره وملحقاته ومزايا الوظيفة المادية التي كان سيحصل عليها عند شغله هذه الوظيفة، بالإضافة إلى ما تكبده في سبيل الوصول إلى حقه من نفقات ومصروفات وأتعاب محاماة (نفقات التقاضي)، وكذا ما لحقه وأصابه من أضرار أدبية تمثلت في شعوره بالغبن والظلم، لأنه كان مثالا للكفاءة وحسن الأداء، ومع ذلك قامت جهة الإدارة باختيار بعض من زملائه الأقل منه في الكفاءة، وقررت بقاءهم واستمرارهم في الخدمة وهو ما أصابه بشعور الهوان والانكسار بين أهله وذويه، وكل هذه الأضرار لم تنتج إلا بسبب القرار الطعين، ومن ثم فقد توفرت علاقة السببية بين الخطأ والضرر، واستوت مسئولية جهة الإدارة على سوقها عن جبر هذه الأضرار، ويكون من حقه القضاء بالتعويض الجابر لهذه الأضرار.
وخلص الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته المذكورة سالفًا.
………………………………………………….
وحيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقيته إلى رتبة لواء مع إحالته للمعاش اعتبارًا من 1/8/2011.
وحيث إن المادة رقم (19) من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة والمستبدلة بموجب القانون رقم 20 لسنة 1998 تنص على أن: “تكون الخدمة في رتبة عقيد لمدة سنتين يجوز مدها لمدة مماثلة مرة واحدة أو أكثر حتى حلول الدور في الترقية إلى رتبة عميد. وتكون الترقية إلى رتبة عميد بالاختيار، ومن لا يشمله الاختيار يحال إلى المعاش مع ترقيته إلى رتبة عميد، إلا إذا رأى المجلس الأعلى للشرطة لأسباب هامة يقدرها عدم ترقيته وإحالته إلى المعاش، وتكون الخدمة في رتبة عميد لمدة سنة يجوز مدها لمدة مماثلة مرة واحدة وأكثر حتى حلول الدور في الترقية إلى رتبة لواء. وتكون الترقية إلى رتبة لواء بالاختيار، ومن لا يشمله الاختيار يحال إلى المعاش مع ترقيته إلى رتبة لواء إلا إذا رأى المجلس الأعلى للشرطة لأسباب هامة يقدرها عدم ترقيته وإحالته إلى المعاش، وتكون الخدمة في رتبة لواء لمدة سنة يجوز مدها لمدة مماثلة مرة واحدة أو أكثر تنتهي خدمته بانتهائها ولو رُقي خلالها إلى درجة مالية أعلى. وتكون الترقية إلى الرتب الأعلى بالاختيار”.
وتنص المادة رقم (71) من ذات القانون (المستبدل بندها الثاني فقرة أولى بموجب القانون رقم 49 لسنة 1978، ثم القانون رقم 23 لسنة 1994، ثم استبدلت الفقرة الأولى بموجب القانون رقم 20 لسنة 1998) –تنص- على أن: “تنتهي خدمة الضابط لأحد الأسباب التالية:
وحيث إنه في ضوء أحكام قانون الشرطة، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، فإن السلطة التقديرية التي تتمتع بها وزارة الداخلية في ترقية الضباط أو إنهاء خدمتهم بالإحالة إلى المعاش أو مدها، تقوم على عناصر التقدير المحددة تشريعيا في قانون هيئة الشرطة من اجتياز الدورات: “أن يجتاز الضابط بنجاح الفرق التدريبية أو الدراسات التدريبية أو العليا” المادة (17)، وأن يقوم بأعمال يجوز منح حوافز ومكافآت تشجيعية أو مكافآت مالية أو أوسمة أو أنواط بسببها: “يقدم خدمات ممتازة أو أعمالا أو بحوثا أو اقتراحات جدية تساعد على تحسين طرق العلم ورفع كفاءة الأداء… أداء أعمال ممتازة ” المادة (23)، وأن يقوم بأعمال يجوز منح علاوة تشجيعية عنها: “… وكان قد بذل جهدا خاصا أو حقق رفعا لمستوى الأداء او قام بعمل ممتاز” المادة (24)، وأن يؤدي الواجبات المنصوص عليها في المادة (41): “يجب على الضابط مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها وعليه…”، أو أداء الأعمال والواجبات وتحقيق الأهداف في ضوء نظام الرقابة والتفتيش والمتابعة المنصوص عليها في المادة (46)، والامتناع عن المحظورات المنصوص عليها في المادة (42): “يحظر على الضابط…” والمادة (43): “لا يجوز للضابط أن يجمع بين وظيفته وبين أي عمل آخر”، والمادة (44): “يحظر على الضابط بالذات أو بالواسطة…”، والمادة (45): “على الضابط مراعاة الأحكام المالية المعمول بها ويحظر عليه…”، والمادة (47): “كل ضابط يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في القرارات الصادرة من وزير الداخلية أو يخرج على مقتضي الواجب في أعمال وظيفته أو يسلك سلوكا أو يظهر بمظهر من شانه الإخلال بكرامة الوظيفة…”، وما يكون قد تم توقيعه عليه من الجزاءات التأديبية: المادة (48)، أو إحالة إلى الاحتياط: المادة (67)، أو ما قد يتعرض له من عقوبات جنائية: المادة (54)، كعناصر محددة تشريعيا تفيد بأن أداءه الفني والمهني يكشف عما سيكون عليه مستقبلا في أداء الواجبات الوظيفية.
وحيث إنه في ضوء الأحكام المشار إليها فإن السلطة التقديرية بعناصرها المحددة تشريعيا سالفة البيان تتصف بخصيصة أخرى، وهي كونها موحدة تطبق على كل ضباط الشرطة في شئونهم جميعها، الترقية أو إنهاء الخدمة بالإحالة على المعاش أو مدها، فهي الأساس لتقدير كفاية وجدارة الضابط بعناصرها المحددة والموحدة في جانبي الأداء الفني والمهني للضابط:
(الأول): وهو العمل: من اجتياز الدورات حضورًا وتقديرًا، وأداء الواجبات الوظيفية على وفق معايير محددة وضعها وزير الداخلية باعتبارها جزءًا من نظام الرقابة والتفتيش والمتابعة وتقييم الأداء وما تحقق من أهداف، ومقترنًا بها ما قد يكون أداه الضابط من “خدمات ممتازة” أو “أعمال” أو “بحوث” أو “اقتراحات جدية” أو “أداء أعمال ممتازة” أو “بذل جهد خاص” أو “تحقيق رفع لمستوى الأداء” أو “القيام بعمل ممتاز” ومضموما إليها درجة التزام الضابط بأداء الواجبات على النحو المنصوص عليه في المواد (17) و(23) و(24) و(41) و(46).
والثاني: وهو الامتناع: بعدم اقتراف أي من المحظورات على النحو الذي فصلته أحكام المواد (42) و(43) و(44) و(45) و(47) بما يؤدي إلى أن يكون أقل أو أكثر من غيره في الجزاءات التأديبية أو الجنائية أو الإحالة إلى الاحتياط عما أتاه من مخالفات انضباطية أو مسلكية أو جرائم جنائية على وفق المواد (48) و(54) و(67).
وحيث إن كلمة “الاختيار” الواردة في المادة (19) من القانون تكررت في المادة نفسها ثلاث مرات، ويراد بها الاختيار القائم على أسس التقدير التي وردت في نصوص القانون على النحو المشار إليه سلفا، ومن بين أقرانه ممن تجوز المقارنة والمفاضلة بينه وبينهم، فليس اختيارا منبت الصلة عن غيره من زملائه، لأنها وظيفة عامة قائمة على تكافؤ الفرص أمام كل من يريدها بكفايته، فلا يجوز اختيار الأدنى في عناصر التقدير تفضيلا له على الأعلى فيها، فهو اختيار ليس مرتبطا بجميع الأحكام المنظمة لشئون الضباط فقط بل هي الأساس الوحيد الذي يقوم عليه، فلا يجوز في بيان سلطة الجهة الإدارية في الاختيار الاقتصار على أحكام المادتين (19) و(71) بيانا لسلطتها وإغفال ما تقوم عليه هذه السلطة وتمارس في إطاره من الضوابط الحاكمة لها من عناصر التقدير الواردة في القانون، والتي كان المشرع حريصًا على وضعها في مختلف النصوص المنظمة لشئون الضباط، لكي لا يكون التقدير قائمًا على معايير شخصية للقائم على إصدار قرار الترقية أو إنهاء الخدمة بالإحالة على المعاش أو مدها، ومن ثم فلا يجوز القول بأن الموازنة تسقط نهائيا إذا ما تمت ترقية الضابط إلى رتبة عقيد، وأمضى في هذه الرتبة مدة سنتين لمخالفة ذلك صراحة لما ورد في القانون.
كما أن المشرع حرص على أن يكون القرار الصادر عن الوزير بالترقية لرتبة عميد أم لواء مستندًا إلى تقدير جماعي، بأن أسنده لكيان مؤسسي يتولاه المجلس الأعلى للشرطة، باعتباره المختص “بالنظر في شئون أعضاء هيئة الشرطة” على وفق المادة (5) من القانون عند النظر في ملفات المعروض أمر ترقيتهم أو إنهاء خدمتهم بالإحالة على المعاش أو مدها.
وحيث إن كل عمل لضابط الشرطة فعلا كان أو امتناعًا يدون في ملفين حددتهما المادة (12) من القانون، إذ تدون في أولهما: “البيانات والملاحظات والمعلومات الخاصة به المتعلقة بأعمال وظيفته”، ويودع بالثاني: “التقارير” السنوية السرية المقدمة عنه، وكل ما “يثبت جديته” من “الشكاوى” و”التقارير” بعد تحقيقها وسماع أقواله فيها وموافقة المجلس الأعلى للشرطة على إيداعهما، كما أن طبيعة العمل تفرض إثبات كل عمل أو عدم أداء لضابط الشرطة، بما يجعل كل فعل أو امتناع منه مدونا في ملفين، ومحسوبا له أم عليه، ومن ثم يجب أن يقوم قرار الترقية أو إنهاء الخدمة بالإحالة على المعاش أو مدها على أساس من عمله، الذى يعبر عن مدى كفايته وجدارته الفنية والمهنية.
كما جرى قضاء هذه المحكمة واستقر على أنه ولئن كان الأصل في الترقية إلى الوظائف يقوم على قاعدة أصولية قوامها عدم تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير هو الأكفأ، إلا أن هذه القاعدة قد أرست حماية للعامل خلال حياته الوظيفية بقصد إقامة الموازنة بين حق العامل في العمل، وهو حق دستوري تكفله القوانين، وحق الجهات الإدارية في اختيار موظفيها ووضعهم في المكان المناسب بحسبانها هي المسئولة عن تصريف أمور الدولة وتسيير المرافق العامة على وجه يحقق المصلحة العامة، وإذا كان المشرع قد اعترف في هذه الموازنة للجهات الإدارية (ومن بينها وزارة الداخلية) بسلطة تقديرية أرحب في اختيار موظفيها ممن ترى فيهم الصلاحية لشغل تلك الوظائف تحت رقابة القضاء على نحو يحقق المصلحة العامة إذا ما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة، فإن هذه الموازنة تسقط نهائيا بانتهاء خدمة الضابط الذى كفل له المشرع حق الوصول إلى أعلى الرتب في قانون الشرطة حتى نهاية خدمته التي يبلغ أجلها طبقًا للمادتين (19) و(71) من القانون المذكور بترقية الضابط إلى رتبة العميد أو اللواء؛ إذ يكون الضابط قد حقق كل ما كفله له القانون من حقوق، ويكون القول الفصل في مد الخدمة بعد انتهاء أجلها لما تقرره الإدارة من اختيار بعض العناصر التى تراها مناسبة لتحقيق السياسة الأمنية التي تتولى الوزارة مسئولية تحقيقها، والتي يكون الوزير فيها مسئولا مسئولية كاملة عنها أمام الأجهزة الشعبية والسياسية، وهو ما يتعين معه الاعتراف لوزير الداخلية بسلطة تقديرية واسعة يترخص فيها عند اصطفائه لبعض العناصر المختارة من بين من تقرر إنهاء خدمتهم طيقًا للقانون، ممن هم أجدر في رأيه على تحقيق التناغم الأمني المطلوب، وهو يستقي ذلك من عناصر شتى قد تجبن عيون الأوراق عن الإيماء إليها، ومن ثم لا يجوز الاستناد إلى ملف خدمة الضابط وما يظهره من عناصر الكفاية والأقدمية لإجبار الإدارة على مد خدمة الضابط استنادًا إلى ملف خدمته رغم عدم قدرته على التعاون معها وتحقيق سياستها، ومن ثم وجب على القاضي الإداري أن يترك للإدارة بعد أن كفلت القوانين للضباط بلوغ أرقى المراتب والدرجات أن تختار من بين الضباط الذين تقرر إنهاء خدمتهم طبقًا للقانون من تراه صالحًا للاستمرار في خدمتها المدة أو المدد التي أجاز لها القانون الاستعانة بهم لتحقيق أهدافها بغير رقابة عليها في ذلك ما لم يثبت من الأوراق أن الإدارة قد أساءت استعمال السلطة واستهدفت غاية أخرى غير المصلحة العامة، وقصدت من قرارها الانتقام من شخص بذاته.
وحيث إنه بإعمال ما تقدم على وقائع الطعن الماثل، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن تخرج في كلية الشرطة عام 1980، وعين بتاريخ 10/8/1980 وتدرج في الترقيات حتى رتبة عميد، حتى صدر القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 بترقيته إلى رتبة لواء مع إحالته للمعاش اعتبارا من 1/8/2011، وفي الوقت نفسه صدر القرار رقم 1493 لسنة 2011 بترقية بعض زملائه –من دفعته نفسها– إلى رتبة اللواء العامل لمدة سنة اعتبارا من 1/8/2011 ومنهم:…، … .
وإذ لم ترد بالقرار الطعين أي أسباب لصدوره، لذا فإن المحكمة تلجأ إلى مقارنة الطاعن بالمستشهد بهم ومنهم:
(1) اللواء/… الذى تخرج في كلية الشرطة عام 1980، وعين بتاريخ 10/8/1980 وتدرج في الترقيات حتى رتبة عميد، ثم صدر القرار رقم 1493 لسنة 2011 بترقيته إلى رتبة اللواء العامل لمدة سنة اعتبارا من 1/8/2011، وكان قد عمل بقطاع الأمن المركزي، ومديرية أمن القاهرة، ومديرية أمن سوهاج، ومديرية أمن القاهرة، ومديرية أمن حلوان، والإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات– مدير إدارة البحث الجنائي، وجميع تقاريره السرية التي حصل عليها في مصلحته، ولم يسبق مجازاته أو إيقافه عن العمل أو إحالته إلى الاحتياط، وحصل على تكريم مادي في احتفال الشرطة بيوم التميز، وحصل على أربع علاوات تشجيعية، إلا أنه تمت إحالته إلى المحاكمة التأديبية بتاريخ 17/7/1990، لقبضه على مواطن وحجزه بالقسم دون أمر من أحد الحكام، وفى غير الأحوال المصرح بها، وتعذيبه وإحداث إصابات به، وتم مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه، كما أحيل مرة أخرى للمحاكمة التأديبية بتاريخ 5/10/2008، لتجاوزه حدود اللياقة في الحديث مع السيد اللواء د/ مساعد مدير أمن القاهرة للوحدات بعبارات غير لائقة حال اشتراكه بعضوية اللجنة المشكلة برئاسة اللواء المذكور، لتسلم نقطة التفتيش الأمنية بطريق السويس/ القاهرة الصحراوي بتاريخ 7/9/2008 على مرأى ومسمع من أعضاء اللجنة، ولتعديه بالقول على كل من العميد وكيل إدارة تأمين الطرق والمنافذ، ومهندس من إدارة الإمداد والتموين بأمن القاهرة حال اشتراكه بعضوية اللجنة المشكلة برئاسة اللواء المذكور لاستلام نقطة التفتيش الأمنية بطريق السويس/ القاهرة الصحراوي بتاريخ 7/9/2008 على مرأى ومسمع من أعضاء اللجنة، وتم مجازاته بالإنذار.
(2) اللواء/… الذى تخرج فى كلية الشرطة عام 1980، وعين بتاريخ10/8/1980، وتدرج في الترقيات حتى صدر القرار رقم 1493 لسنة 2011 بترقيته إلى رتبة اللواء العامل لمدة سنة اعتبارًا من 1/8/2011، وكان قد عمل في قطاع الأمن المركزي، ومديرية أمن أسوان، ومديرية أمن القاهرة، وجميع تقاريره السرية التي حصل عليها في مصلحته، ولم يسبق مجازاته أو إحالته إلى الاحتياط، أو محاكمته تأديبيا أو جنائيا، وحصل على أربع علاوات تشجيعية، إلا أنه قد تم وقفه عن العمل المدة من 5/4/1983 حتى 1/5/1983، لسلوكه المعيب حيث استوقف السيارة رقم 1761/77 هيئة سياسية التابعة لسفارة نيجيريا وكان يستقلها السيد السفير، وتعدى على سائقها.
في حين أن الثابت بالأوراق أن الطاعن تخرج فى كلية الشرطة عام 1980، وعين بتاريخ 10/8/1980، وتدرج في الترقيات حتى صدور القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 بترقيته إلى رتبة اللواء مع إحالته على المعاش اعتبارا من 1/8/2011، وكان قد عمل في قطاع الأمن المركزي، ومديرية أمن الإسماعيلية، وقطاع مصلحة السجون، وقطاع مباحث أمن الدولة، وزارة الخارجية، والإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار، وجميع تقاريره السرية التي حصل عليها في مصلحته، ولم تسبق مجازاته، أو إيقافه عن العمل، أو إحالته إلى الاحتياط، أو محاكمته تأديبيًا أو جنائيًا، وحصل على ثلاث علاوات تشجيعية.
وحيث إنه من جماع ما تقدم، ومن خلال عناصر التقدير وعقد المقارنة والمفاضلة بين الطاعن والمستشهد بهما، يتضح جليًا أنه أفضل منهما ويتميز عنهما، لاسيما أن ملف خدمته قد خلا من أي دليل أو مجرد اشتباه يفيد بخروجه عن مقتضى الواجب في أعمال وظيفته، ومن ثم فإنه يتمتع بأفضلية على زميليه المذكورين اللذين تقرر مد خدمتهما برتبة لواء لمدة سنة، رغم ما تضمنه بيان حالة كل منهما من ثبوت اقترافهما المخالفات التأديبية والمسلكية التي استوجبت المساءلة التأديبية والوقف عن العمل على النحو المذكور سلفًا، وهو ما يعيب القرار المطعون فيه بمخالفته المادتين (19) و(71) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 وتعديلاته، ويجعله مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة، وهو ما تقضى معه المحكمة بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إعادة الطاعن إلى الخدمة العاملة عودة فعلية بترتيب أقدمية تخرجه بين أقرانه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر، فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة للقانون، وهو ما يتعين معه القضاء بإلغائه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقية الطاعن إلى رتبة لواء مع إحالته للمعاش اعتبارًا من 1/8/2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودته إلى الخدمة العاملة عودة فعلية بترتيب أقدمية تخرجه بين أقرانه.
– وحيث إنه عن طلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالطاعن من جراء القرار المطعون فيه المذكورة سلفًا.
وحيث إنه عن شكل الدعوى محل الطعن بالنسبة لهذا الطلب فإنه لما كان القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها قد أوجب في المادة الحادية عشرة منه تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقررة لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وذلك قبل اللجوء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد لجأ إلى لجنة التوفيق المختصة بخصوص طلب الإلغاء للقرار المطعون فيه قبل إقامة دعواه، وأن هذا الطلب الذى عرض على اللجنة يعد وجها من أوجه الطعن المباشرة في مشروعية القرار المطعون فيه، ويستلزم الأمر للبت فيه التعرض لما إذا كان هذا القرار قد صدر مشوبا بعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة من عدمه، وهو ما حدث، وأن طلب التعويض يعد طلبًا فرعيًا لطلب الإلغاء الذي هو الأصل، ومن المعلوم أن الفرع يأخذ حكم الأصل؛ لأنه بعض أجزائه ومتفرع منه، فاللجوء إلى اللجنة بشأن طلب الإلغاء يَجُبُّ اللجوء إلى لجنة التوفيق بشأن طلب التعويض، فضلا عن أن الغرض من اللجوء إلى هذه اللجنة هو حسم المنازعات قبل الالتجاء إلى القضاء، أمَا وأن المحكمة قد اتصلت بالنزاع بالفعل، وأصبح في حوزتها، فلا محل للتمسك بعرض الطلب المقترن بطلب الإلغاء (وهو طلب التعويض) على اللجنة المذكورة، وبناء على ما تقدم يكون طلب التعويض قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، مما يضحى معه مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن موضوع هذا الطلب فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مناط توفر المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض على عاتق الجهة الإدارية هو توفر ثلاثة أركان، هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وذلك بأن يثبت أن مسلك الجهة الإدارية هو مسلك غير مشروع، وهو ما يتوفر به ركن الخطأ، وأن يترتب على هذا المسلك غير المشروع ضرر مادي أو أدبي أو الاثنين معًا يلحق بصاحب الشأن، وهو ما يتوفر به ركن الضرر، وذلك بجانب توفر علاقة السببية بين ركني الخطأ والضرر وذلك بأن يكون مسلك الجهة الإدارية الخاطئ (غير المشروع) هو السبب لوقوع الضرر أو الأضرار المدعى بها، سواء كانت أضرارًا مادية أو أدبية أو الاثنين معًا.
وحيث إن الثابت مما تقدم -وعلى نحو ما انتهى إليه هذا الحكم من إلغاء القرار المطعون فيه- أن ركن الخطأ قد توفر في حق الجهة الإدارية.
أما عن ركن الضرر فإن مما لا شك فيه أن قرار الجهة الإدارية المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقية الطاعن إلى رتبة لواء مع إحالته للمعاش اعتبارًا من 1/8/2011 قد ترتب عليه أضرار مادية حاقت بالطاعن، تتمثل فيما حرم منه من مقابل مالى كان سيتقاضاه لو كان شاغلا لوظيفته، بما يشمله ذلك المقابل من راتب بملحقاته من حوافز وبدلات مختلفة، وكذا ما تكبده من مصروفات التقاضي في سبيل الوصول لإلغاء القرار المشار إليه، كما ترتبت عليه أضرار أدبية تتمثل فيما علق بنفسه من شعور بالظلم والمرارة والأسى والقلق، بجانب المساس بوضعه الأدبي بين زملائه وأقرانه وأهله وأفراد مجتمعه، ومن ثم يكون ركن الضرر متوفرًا ومتحققًا بدوره، فضلًا عن أن رابطة السببية بين هذه الأضرار وذلك الخطأ متحققة وثابتة بدورها، مما تضحى معه أركان المسئولية الثلاثة الموجبة للتعويض على عاتق الجهة الإدارية متوفرة ومتحققة، وهو ما يوجب التعويض على عاتقها، وهو ما تقضي معه المحكمة بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها أن تؤدي للطاعن مبلغا مقداره مئة ألف جنيه كتعويض شامل وجابر لجميع الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 المشار إليه، المقضي بإلغائه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر في طلب التعويض، فمن ثم يكون قد خالف صحيح حكم القانون، وهو ما تقضي معه المحكمة بإلغائه فيما قضى به، والقضاء مجددًا بقبول طلب التعويض شكلا، وفي الموضوع بتعويض الطاعن بالمبلغ المذكور سلفًا.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته، عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا:
(أولا) بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1494 لسنة 2011 فيما تضمنه من ترقية الطاعن إلى رتبة لواء مع إحالته للمعاش اعتبارا من 1/8/2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودته إلى الخدمة العاملة عودة فعلية بترتيب أقدمية تخرجه بين أقرانه.
و(ثانيا) بقبول طلب التعويض شكلا، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغا مقدراه مئة ألف جنيه كتعويض شامل وجابر للأضرار التي لحقت به من جراء القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب، وإلزامها المصروفات عن درجتي التقاضي.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |