برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضـــويـة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ د. محمد ماهر أبو العينين، ود. مجدي صالح يوسف الجارحي، وعمرو محمد جمعة عبد القادر، وهاشم فوزي أحمد شعبان.
نــواب رئيس مجلس الدولـة
(أ) اختصاص– الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة- يعد هذا الاختصاص من النظام العام، ويكون مطروحًا دائمًا على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم، بما يكفل ألا تقضي المحكمة في الدعوى أو في شق منها دون أن تكون المنازعة برمتها مما يدخل في اختصاص ولايتها- توزيع ولاية القضاء بين جهتيه العادي والإداري من المسائل الوثيقة الصلة بأسس النظام القضائي، بُسطت قواعده وشُرعت مواده ابتغاء تحقيق أغراض ومصالح عامة، لذلك كانت قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتي القضاء العادي والإداري من النظام العام، ومن ثم يتعين على القضاء بحسبانه أمينًا على النظام العام أن يتصدى له من تلقاء نفسه، ولو غفل ذوو الشأن عن الدفع به، وذلك قبل أن يتصدى للفصل في أي دفع شكلي أو موضوعي، ومن باب أولي من قبل تصديه بالفصل في موضوع النزاع؛ إذْ لا يستمد القضاء ولاية الفصل في موضوع النزاع وفيما يتفرع عنه من دفوع شكلية أو موضوعية إلا من إسناد ولاية الفصل في الموضوع إليه بمقتضى الدستور.
– المادة (109) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
– المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، معدلة بموجب القانونين رقمي 18 لسنة 1999 و76 لسنة 2007.
(ب) جامعات– الجامعة الأمريكية بالقاهرة– طبيعتها القانونية- هي أحد الكيانات الخاصة التي تقوم على مرفق عام داخل جمهورية مصر العربية، وهي خاضعة فيما تصدره من قرارات للسلطة والسيادة العامة في إطار التزامها بالمنظومة الدستورية والتشريعية المصرية النافذة- تختص محاكم مجلس الدولة بالفصل في جميع المنازعات التي تثار بشأن الجامعة الأمريكية بالقاهرة لدى أدائها لوظيفتها.
– المادتان رقما (21) و(190) من دستور 2014.
– المادة (10) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
(ج) جامعات– الجامعة الأميركية بالقاهرة- لا تعد هذه الجامعة معهدا عاليا خاصا في مفهوم فلسفة قانون تنظيم المعاهد العليا الخاصة ونصوصه، وغير خاضعة لأحكامه- نصوص كل من الاتفاقية الثقافية المعقودة بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية العربية المتحدة بتاريخ 21/5/1962، وبروتوكول وضع وتنظيم الجامعة الأميركية بالقاهرة الموقع بتاريخ 13/11/1975 بين حكومة جمهورية مصر العربية ممثلة بوزارة التعليم العالي، والجامعة الأميركية بالقاهرة، ممثلة بمجلس أمناء الجامعة، يبرزان جليا الطبيعة القانونية لهذه الجامعة، ومدى الوجود المادي والقانوني للسلطة الإدارية المصرية ممثلة بوزارة التعليم العالي في ثنايا أعمالها وتصرفاتها القانونية، سواء بشكل تشاركي حينا، أو بشكل منفرد حينا، أو بشكل إشرافي أحيانا؛ استكمالا لدور الحكومة المصرية في الهيمنة على السياسة التعليمية الشاملة ككل لا يتجزأ من السياسة العمومية للدولة وسيادتها الكاملة، لتضحى الجامعة الأميركية بالقاهرة كغيرها من الكيانات الخاصة التي تقوم على مرفق عام داخل جمهورية مصر العربية، خاضعة فيما تصدره من قرارات للسلطة والسيادة العامة، وليست دولة داخل الدولة، في إطار التزامها واحترامها للمنظومة الدستورية والتشريعية المصرية النافذة- مرفق التعليم الذي رعاه المشرع الدستوري رعاية أكيدة في إطار المستقبل العلمي والبحثي للبلاد، مرفقٌ يتأبى على خروج المنازعات التي تثار بشأنه أو بمناسبة سيره وأدائه لوظيفته عن الاختصاص الأصيل لمحاكم مجلس الدولة؛ بحسبانه القاضي الطبيعي المختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالمرافق العامة- تطبيق: تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة في الطعن على القرار السلبي بالامتناع عن التعيين في وظيفة (أستاذ) بالجامعة الأميركية بالقاهرة.
في يوم الأحد الموافق 7/4/2013، أقامت الطاعنة طعنها الجاري بموجب صحيفة طعن موقعة من محام مقبول، أودعت قلم كتاب هذه المحكمة، وقيدت في جدولها العام برقم 12234 لسنة 59 القضائية عليا، وأعلنت للمطعون ضدهما بصفتيهما إعلانًا قانونيًا، بطلب الحكم -للأسباب المثبتة في متنه– بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة- الدائرة الثالثة عشرة بجلسة 30/12/2012، في الدعوى رقم 29944 لسنة 66 القضائية، وبإعادة الطعن لمحكمة أول درجة للفصل في الطلبات الواردة بصحيفتها.
وقد قضى منطوق الحكم المطعون فيه بـ: “عدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات”.
وجرى تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا، وأودعت الهيئة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه –لما حواه من أسباب– الحكم بقبول الطعن شكلًا، ورفضه موضوعًا، وإبقاء الفصل في المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بإحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة، حيث تدوول الطعن أمامها على وفق الثابت بمحاضر جلسات المرافعة، حتى قررت المحكمة بجلسة 4/1/2015 حجز الطعن للحكم بجلسة 15/3/2015 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء من الطرفين خلال أسبوعين، لم يودع خلالها أي من الأطراف أي أوراق.
وبجلسة 15/3/2015 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وإذا صدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدي النطق به علانية.
بعد الاطلاع الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطاعنة تطلب الحكم بالطلبات المبينة سالفا.
وحيث إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائي يعد من النظام العام، ويكون مطروحًا دائمًا على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم، بما يكفل ألا تقضي المحكمة في الدعوى أو في شق منها دون أن تكون المنازعة برمتها مما يدخل في اختصاص ولايتها. (في هذا المعني حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16/2/1991 في الطعن رقم 208 لسنة 37 ق.ع)، فتوزيع ولاية القضاء بين جهتيه العادي والإداري من المسائل الوثيقة الصلة بأسس النظام القضائي، بُسطت قواعده وشُرعت مواده ابتغاء تحقيق أغراض ومصالح عامة، لذلك كانت قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتي القضاء العادي والإداري من النظام العام، ومن ثم يتعين على القضاء بحسبانه أمينًا على النظام العام أن يتصدى له من تلقاء نفسه حتى لو غفل ذوو الشأن عن الدفع به، وذلك قبل أن يتصدى للفصل في أي دفع شكلي أو موضوعي، ومن باب أولى من قبل تصديه بالفصل في موضوع النزاع؛ إذْ لا يستمد القضاء ولاية الفصل في موضوع النزاع وفيما يتفرع عنه من دفوع شكلية أو موضوعية إلا من إسناد ولاية الفصل في الموضوع إليه بمقتضى الدستور. (حكما المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/1/2001 في الطعن رقم 3047 لسنة 44 ق. ع، وبجلسة 21/5/2014 في الطعن رقم 40837 لسنة 56 ق. ع).
وحيث إن الدستور المصري الصادر سنة 2012 والمعدل في يناير سنة 2014 ينص في المادة (21) على أن: “تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعي وفقًا لمعايير الجودة العالمية… وتعمل الدولة على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية التي لا تستهدف الربح، وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم في الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كوادرها من أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وتخصيص نسبة كافية من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية”.
وفي المادة (190) على أن: “مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية… ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى”.
وحيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 ينص في المادة (109) على أن: “الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها. …”.
وفي المادة (110) المعدلة بالقانونين رقمي 18 لسنة 1999 و76 لسنة 2007، على أنه: “على المحكمة إذا قضي بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقًا بالولاية، ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تجاوز أربعمائة جنيهًا، وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها”.
وحيث إن قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بالقانون رقم 46 لسنة 1972، ينص في المادة (15) على أنه: “فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثني بنص خاص. …”.
وحيث إن قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ينص في المادة (10) على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: أولا:… رابع عشر: سائر المنازعات الإدارية”.
وحيث إن مفاد ما تقدم من النصوص أن الدستور المصري ألزم الدولة العمل على ضمان جودة التعليم في الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كوادرها من أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وتخصيص نسبة كافية من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية، كما وسد إلى قضاء مجلس الدولة دون غيره الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية جميعها، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، وأوجب المشرع في قانون المرافعات على المحاكم أن تحكم من تلقاء نفسها حال عدم اختصاصها لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها، وأن تأمر حينئذ بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، مع جواز الحكم بغرامة لا تجاوز أربع مئة جنيه، وأن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، وقرر المشرع في قانون السلطة القضائية أن تفصل محاكم القضاء العادي في كل المنازعات والجرائم، فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة، أو ما استثني بنص خاص.
وحيث إن القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العليا الخاصة ينص في المادة (1) على أن: “يعتبر معهدًا عاليًا خاصًّا في تطبيق أحكام هذا القانون كل منشأة تعليمية غير حكومية أيا كانت تسميتها أو جنسيتها، يلتحق بها الطلبة من الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة أو دبلوم المدارس الثانوية الفنية أو ما يعادلها، وتقوم أصلا أو بصفة فرعية بالتعليم وإعداد الفنيين لمدة لا تقل عن عامين دراسيين. … ولا يعتبر معهدًا عاليًا خاصًّا: (أ) المراكز والمعاهد الثقافية التي تنشئها الدول الأجنبية أو الهيئات الدولية في الجمهورية العربية المتحدة وفقًا لمعاهدات ثقافية. (ب)…”.
وحيث إن الاتفاقية الثقافية المنعقدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية العربية المتحدة بتاريخ 21/5/1962، تنص في مادتها الأولى على أنه: “ستقوم الحكومتان معًا بتشجيع التعاون العلمي والثقافي بين البلدتين للحد الأقصى باتباع الأساليب الآتية: (أ)… (ب)… (ج) … (د) إنشاء مراكز ومؤسسات ثقافية ببلد الطرف الآخر بشروط يتفق عليها في كل حالة وفقًا للقوانين والنظم بالبلد الذي قد تنشأ به تلك المؤسسات”.
وينص في المادة السابعة على أنه: “لن تؤثر هذه الاتفاقية على تغيير القوانين المنفذة بأي بلد، وبالإضافة إلى ذلك يتم التعهد بالوفاء بمسئوليات كل حكومة المحددة بهذه الاتفاقية بما يتفق مع دستور كل منها والقوانين والتعليمات ومتطلبات سياستها المحلية”.
وحيث إن بروتوكول وضع وتنظيم الجامعة الأمريكية بالقاهرة الموقع بتاريخ 13/11/1975 بين حكومة جمهورية مصر العربية ممثلة بوزارة التعليم العالي والجامعة الأمريكية بالقاهرة ممثلة بمجلس أمناء الجامعة الأمريكية في واشنطن (D.C) بالولايات المتحدة الأمريكية، والصادر بالموافقة عليه القرار الجمهوري رقم 146 لسنة 1976 المؤرخ في 1/2/1976، بعد موافقة مجلس الشعب، ينص في البند التمهيدي على أن: “… وحيث إن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الجامعة الأمريكية بالقاهرة معهدًا ثقافيًا يدخل في نطاق المادة الأولى فقرة (د) من الاتفاق الثقافي المشار إليه، وفي حكم المادة الأولى فقرة (أ) من القانون رقم 52 لسنة 1970…”.
وفي المادة (3) على أنه: تسير سياسة الجامعة في تعيين هيئة التدريس على النحو التالي:
(أ) يتم تعيين أعضاء هيئة التدريس من كل الرعايا الأمريكيين ورعايا جمهورية مصر العربية بنسب متساوية تقريبًا، على ألا تزيد نسبة العاملين بهيئة التدريس من غير الأمريكيين والمصريين عن 10 % من مجموع هيئة التدريس.
(ب)…
(ج) تعرض أسماء غير المصريين من المرشحين لشغل الوظائف الإدارية الرئيسية أو وظائف هيئة التدريس أو المطلوب تجديد مدة استخدامهم على السلطة المصرية المختصة بوزارة التعليم العالي للموافقة عليها”.
وفي المادة (8) على أن: “تعتبر الدرجات العلمية الموضحة بالملحق (1) لهذا البروتوكول والتي تمنحها الجامعة الأمريكية بالقاهرة والموافقة عليها في الجامعات الأمريكية معادلة لمثيلتها الممنوحة بمعرفة الجامعات المصرية، وفي حالة قيام الجامعة الأمريكية بمنح درجات أخرى تشكل لجنة مشتركة بوزارة التعليم العالي بناء على طلب الجامعة الأمريكية للنظر في الاعتراف بهذه الدرجات والشهادات العلمية”.
وفي المادة (9) على أنه: “إذا رغبت الجامعة الأمريكية في إنشاء دراسات أو معاهد جديدة غير القائمة فعلا، فلا بد من الحصول على موافقة وزارة التعليم العالي بعد استشارة لجنة مشتركة من وزارة التعليم العالي والجامعة الأمريكية”.
وحيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع في القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العليا الخاصة المشار إليه، أخرج من تطبيق أحكامه المراكز والمعاهد الثقافية التي تنشئها الدول الأجنبية أو الهيئات الدولية في الجمهورية العربية المتحدة -على وفق المعاهدات الثقافية- من عداد المعاهد العليا الخاصة، وكانت الاتفاقية الثقافية المنعقدة بين الجمهورية العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 21/5/1962، قد غرست نطفة تشجيع التعاون العلمي والثقافي بين البلدتين على وفق سبل متنوعة، والتي من أبرزها إنشاء المراكز والمؤسسات الثقافية بالبلدتين على وفق شروط يتفق عليها في كل حالة، وتبعًا للقوانين والنظم المتبعة بالبلد الذي تنشأ به تلك المراكز والمؤسسات بلا تأثير على تغيير القوانين المطبقة في كل بلد، مع التعهد بالوفاء بمسئوليات حكومتي الدولتين المحددة بهذه الاتفاقية بما يتفق مع دستور كل منهما والقوانين والتعليمات ومتطلبات سياستهما المحلية، وبناء عليه وقع بتاريخ 13/11/1975 بين حكومتي البلدتين بروتوكول وضع وتنظيم الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وصدر بالموافقة عليه القرار الجمهوري رقم 146 لسنة 1976 المؤرخ في 1/2/1976، معتبرًا تلك الجامعة معهدًا ثقافيًا يدخل في نطاق الاتفاقية الثقافية المشار إليها، مما لا تعد معه الجامعة الأمريكية بالقاهرة معهدًا عاليًا خاصًا في مفهوم فلسفة قانون تنظيم المعاهد العليا الخاصة ونصوصه، وغير خاضعة لأحكامه.
وحيث إنه هديًا بما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة معينة ضمن أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب بجامعة عين شمس، وتعاقدت معها الجامعة المطعون ضدها منذ العام 2008 على شغل وظيفة أستاذ مشارك بقسم الحضارة العربية والإسلامية، بعقد يتم تجديده سنويًا بعد الاطلاع على أدائها بمعرفة لجنة من القسم المختص، وفي شهر أكتوبر من العام 2009 أعلن قسم الحضارة العربية والإسلامية عن حاجته لشغل وظيفة “أستاذ مساعد” أو “أستاذ مشارك” للأدب العربي الحديث”Assistant professor” or “Associate Professor of modern Arabic literature ، وكانت أهم شروط الإعلان التدريس كل الوقت ولجميع أجناس الأدب العربي الحديث باللغتين العربية والإنجليزية، وأنها وظيفة في مسار التثبيتTenur – Track Position ، وخبرة ذات صلة في مجال التدريس على المستوى الجامعي وأبحاث منشورة، ويقوم المرشحون الناجحون بالتدريس ثلاث دورات لكل فصل دراسي في المرحلة الجامعية والدراسات العليا ومرحلة المنهج الأساسي، وعلى أن تكون الوظيفة متاحة حتى شغلها، وبتاريخ 23/10/2009 تقدمت الطاعنة عبر البريد الإلكتروني بطلب التعيين في الوظيفة المذكورة، وهو ما قبلته الجامعة المطعون ضدها، وأبلغت الطاعنة بتاريخ 24/12/2009 أنه سيتم فحص طلبها بمعرفة لجنة الفرز المختصة والعميد The Appropriate screening committee & the dean ودعوة المرشحين لإجراء مقابلة شخصية، ثم يعرض الأمر على لجنة البحث search committee، وبتاريخ 13/4/2010 أجريت المقابلة مع الطاعنة بالفعل، وتم إبلاغها بتاريخ 17/4/2010 بأن لجنة البحث أوصت بترشيحها لوظيفة مسار التثبيت في الأدب العربي الحديث Tenur – Track Position Modern Arabic Literature مع ملاحظة أن التحول من النظام الجامعي المصري إلى النظام الجامعي الأمريكي سوف يتطلب بعض الاهتمام منها، وكذا ضرورة وضع المزيد من الجهود في مجال الأبحاث والنشر، وأن الوقت المتبقى للتثبيت في هذه الوظيفة هو ست سنوات من التدريس بدوام كامل على التوالي، وبتاريخ 23/6/2010 أبلغتها مديرة الجامعة للشئون الاكاديمية أنه إزاء حدوث بعض المخالفات الإجرائية في عمليات البحث التي تمت بشأن الوظيفة من قبل وحدة الأدب العربيARIC تقرر إعادة الإعلان مرة أخرى في العام التالي، ضمانًا لتطبيق القسم لمعايير الجامعة في سياسات وإجراءات مجموعة العاملين، عارضة على الطاعنة التعيين لمدة سنة واحدة بدوام كامل، مع الترحيب بها في أي وظيفة يتم الإعلان عنها في العام التالي، وبتاريخ 29/6/2010 أبلغت الطاعنة من قبل مديرة الجامعة للشئون الأكاديمية أنها لم تتلق أي عرض رسمي من الجامعة بالتعيين، وأن اعتماد الطاعنة على توصية لجنة البحث واتجاهها إلى الإجازة من الجامعة التي تعمل بها (جامعة عين شمس) لا يقابلها أي حق رسمي في التعيين، بل جاء في إطار التعيين في الجامعة الأمريكية بالقاهرة لمدة سنة واحدة بدوام كامل.
وحيث إن الجامعة المطعون ضدها لم تتعاقد مع الطاعنة، فتقدمت بطلب إلى لجنة التوفيق المختصة في بعض المنازعات، والتي أصدرت توصيتها بعدم الاختصاص، وبتاريخ 19/3/2012 أقامت الدعوى رقم 29944 لسنة 66 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد المطعون ضدهما بصفتيهما، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعيينها في وظيفة أستاذ مشارك بقسم الحضارة العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما إصدار قرار التعيين المذكور، وإلزام المدعى عليه الثاني دفع راتب المثل بالإضافة إلى جميع المزايا المالية والأدبية، وإلزامهما أداء مبلغ مقداره مليون دولار أمريكي كتعويض لها عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء التعنت الذي تواجهه من إدارة الجامعة المدعى عليها، وإلزام المدعى عليهما المصروفات وأتعاب المحاماة.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر جلسات المرافعة، وبجلسة 30/12/2012 أصدرت المحكمة حكمها الطعين المشار إليه، مشيدة قضاءها على سند من أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة طبقًا للقانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة، لا تعد من قبيل أشخاص القانون العام، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى يخرج عن اختصاص مجلس الدولة.
وإذْ لم يصادف هذا القضاء قبولًا لدى الطاعنة، فقد أقامت الطعن الجاري ناعيةً على الحكم الطعين مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ومخالفة الحكم المطعون فيه لحكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم فيه وبوصفه سابقه قضائية منتهية –بعد سرد تفصيلات أسبابها في صحيفة الطعن– إلى طلباتها المبينة سالفا، ثم أقامت بتاريخ 21/4/2013 الدعوى رقم 1977 لسنة 2013 أمام الدائرة 31 عمال بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلبات مماثلة، وما زالت منظورة أمام تلك المحكمة ولم يصدر فيها حكم بات بعد.
وحيث استقر قضاء دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا على أن الاتفاقية والبروتوكول بما تضمناه من نصوص تؤكد إشراف جمهورية مصر العربية بواسطة وزارة التعليم العالي على جميع أنشطة الجامعة الامريكية بالقاهرة، واحترام الاخيرة والتزامها بكافة نصوص الدستور المصري والقوانين المطبقة في مصر والتعليمات ومتطلبات السياسة المحلية. (حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 9/6/2007 في الطعن رقم 3219 لسنة 48 القضائية العليا).
وحيث إن نصوص كل من الاتفاقية الثقافية المنعقدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية العربية المتحدة بتاريخ 21/5/1962 وبروتكول وضع وتنظيم الجامعة الامريكية بالقاهرة الموقع بتاريخ13/11/1975 بين حكومة جمهورية مصر العربية ممثلة بوزارة التعليم العالي والجامعة الأمريكية بالقاهرة ممثلة بمجلس أمناء الجامعة الأمريكية في واشنطن (D. C) بالولايات المتحدة الأمريكية، المشار إليهما، يبرزان جليًّا الطبيعية القانونية للجامعة المطعون ضدها، ومدى الوجود المادي والقانوني للسلطة الإدارية المصرية ممثلة بوزارة التعليم العالي في ثنايا أعمالها وتصرفاتها القانونية، سواء بشكل تشاركي حينًا أو بشكل منفرد حينًا آخر أو بشكل إشرافي أحيانًا، استكمالًا لدور الحكومة المصرية في الهيمنة على السياسة التعليمية الشاملة، ككل لا يتجزأ من السياسة العمومية للدولة وسيادتها الكاملة، لتضحى الجامعة الأمريكية بالقاهرة كغيرها من الكيانات الخاصة التي تقوم على مرفق عام داخل جمهورية مصر العربية، خاضعة فيما تصدره من قرارات للسلطة والسيادة العامة، وليست دولة داخل الدولة، في إطار التزامها واحترامها للمنظومة الدستورية والتشريعية المصرية النافذة؛ إذ إنها تتولى مرفق التعليم الذي رعاه المشرع الدستوري رعاية أكيدة في إطار المستقبل العلمي والبحثي للبلاد، وهو مرفق يتأبى على خروج المنازعات التي تثار بشأنه أو بمناسبة سيره وأدائه لوظيفته عن الاختصاص الأصيل لمحاكم مجلس الدولة، بحسبانه القاضي الطبيعي المختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالمرافق العامة بهيئة قضاء إداري.
وحيث إنه لما أمسى ما سلف، فيضحى قضاء مجلس الدولة مختصًّا بنظر المنازعة الجارية والفصل فيها.
وإذ كانت الطلبات الختامية للطاعنة في صحيفة طعنها هي إعادة الطعن إلى محكمة القضاء الإداري مرة أخرى للفصل في الطلبات الواردة بصحيفة دعواها الأولى، مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًّا باختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًّا بنظر الدعوى وإعادتها من جديد إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل في موضوع طلبيها بهيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وحيث ذهب الحكم المطعون فيه غير ذات المذهب، فإن يكون قد صدر نائيًا عن صحيح أحكام القانون، ويضحى الطعن فيه قائمًا على أساس سليم، فيتعين قبوله.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا باختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًّا بنظر الدعوى، وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل في موضوع طلبيها بهيئة مغايرة، وذلك على النحو المبين بالأسباب، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |