برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم زكي الدسوقي، وعبد الفتاح السيد الكاشف، وسعيد عبد الستار سليمان، ود.رضا محمد عثمان دسوقي.
نواب رئيس مجلس الدولة
لجان التوفيق في بعض المنازعات- وجوب اللجوء إليها في المنازعات الخاضعة لها قبل رفع الدعوى- يشترط لقبول الدعوى أن يكون الطلب المقدم إلى لجنة التوفيق سابقا على تاريخ إقامة الدعوى كإجراء شكلي جوهري يتعين مراعاة اتخاذه قبل سلوك طريق الدعوى القضائية، بحسبانه هو الأصل في استخلاص ذي الشأن لحقه ورفع الظلم عنه، دون أن يتكبد مشقة القضاء وإجراءاته- اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بعد تاريخ رفع الدعوى يوجب الحكم بعدم قبولها؛ لإقامتها بغير الطريق الذي رسمه القانون([1]).
في يوم الإثنين الموافق 8/2/2010 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض، بصفته وكيلا عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد برقم 9025 لسنة 56ق.عليا، في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بقنا بجلسة 24/1/2010 في الطعن رقم 260 لسنة 16ق، القاضي بعدم قبول الطعن شكلا؛ لإقامته قبل اتباع الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق.
وطلب الطاعنون -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 504 لسنة 2008 فيما تضمنه من مجازاتهم بالخصم من راتب كل منهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
ونظرت الدائرة الرابعة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا الطعن، ثم قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره، حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر الطعن تتلخص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعنين أقاموا الطعن رقم 260 لسنة 16ق، بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بقنا بتاريخ 30/7/2008، طالبين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 504 لسنة 2008 فيما تضمنه من مجازاتهم بالخصم من راتبهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
– وبجلسة 24/1/2010 حكمت المحكمة المذكورة بعدم قبول الطعن شكلا؛ لإقامته قبل اتباع الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن الطاعنين قد لجأوا إلى لجنة فض المنازعات بتاريخ 31/7/2008 بالطلب رقم 1315 لسنة 2008، وأقاموا طعنهم بتاريخ 30/7/2008، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، الذي أوجب أن يتم اللجوء إلى اللجنة قبل إقامة الطعن، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن شكلا.
– وحيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره والحكم علي خلاف ما هو ثابت بالأوراق؛ لأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه علي سند من أن الطاعنين قد تقدموا إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بتاريخ 31/7/2008 بالطلب رقم 1315 لسنة 2008، وأقاموا طعنهم بتاريخ 30/7/2008 وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000، ولما كان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه يخالف صحيح الواقع والثابت بالأوراق؛ لأن القرار المطعون فيه رقم 504 لسنة 2008 صدر عن محافظ قنا، وتظلم منه الطاعنون بتاريخ 6/7/2008، وتقدموا إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بقنا (اللجنة السابعة) بتاريخ 16/7/2008، ونظر بجلسة 1/9/2008، وقد أقاموا الطعن بتاريخ 30/7/2008 بإيداعه بالمحكمة التأديبية بقنا في الميعاد القانوني، فمن ثم يكون الطعن مقبولا شكلا.
– وحيث إن قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 ينص في المادة (10) على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:
أولا:…
تاسعا: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية”.
وفي المادة (12) على أنه: “لا تقبل الطلبات الآتية:
(أ)… (ب) الطلبات المقدمة رأسا بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود… وتاسعا من المادة (10)، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية…”.
وينص القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها في المادة الأولى على أن: “ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة”.
وفي المادة الرابعة على أنه: “عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتهما طرفا فيها وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها، عن طريق لجان قضائية أو إدارية، أو يتفق على فضها عن طريق هيئات تحكيم، تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه. …”.
وفي المادة السادسة على أن: “يقدم ذو الشأن طلب التوفيق إلى الأمانة الفنية للجنة المختصة… وتقرر اللجنة عدم قبول الطلب إذا كان متعلقا بأي من القرارات الإدارية النهائية المشار إليها في الفقرة (ب) من المادة (12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 47 لسنة 1972، إلا إذا قدم خلال المواعيد المقررة للطعن فيه للإلغاء، وبعد تقديم التظلم منه وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه وفق أحكام الفقرة المذكورة”.
وفي المادة الحادية عشرة على أنه: “عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل… وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وفقا لحكم المادة السابقة”.
وحيث إنه يؤخذ من النصوص المتقدمة –على وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن المشرع في سبيل تحقيق العدالة الناجزة التي تيسر لذوي الشأن الحصول على حقوقهم في أقرب وقت ممكن، ولتخفيف العبء عن القضاة؛ أصدر القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان للتوفيق في بعض المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية الواردة بالمادة الأولى والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وذلك أيا كانت طبيعة هذه المنازعات، ورتب أثرا على عدم الالتزام باللجوء إلى تلك اللجان هو عدم قبول الدعاوى التي تقام مباشرة أمام المحكمة، وأخرج عن الخضوع لأحكامه منازعات بعينها أوردها تفصيلا بالمادتين الرابعة والحادية عشرة، وجاءت المنازعات المتعلقة بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية من المنازعات الخاضعة لأحكام القانون المذكورة طبقا لمفهوم نصوص مواده، لاسيما المادة السادسة، ومن ثم يتعين على صاحب الشأن في هذه المنازعات قبل اللجوء إلى المحاكم التأديبية أن يتقدم بطلب التوفيق إلى اللجنة المختصة خلال المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء، وبعد تقديم التظلم من القرار المطعون فيه، وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه.
وهديا بذلك، وحيث أقام الطاعنون الطعن التأديبي رقم 260 لسنة 16 ق أمام المحكمة التأديبية بقنا بتاريخ 30/7/2008، دون أن يُسبق ذلك بعرض موضوع النزاع على لجنة التوفيق المختصة قبل إقامة الطعن المذكور، إذ إن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد تقدموا إلى اللجنة المذكورة بتاريخ 31/7/2008، أي في تاريخ لاحق علي رفع الطعن، وذلك بموجب الطلب المقيد برقم 1315 لسنة 2008، الذي تحددت له جلسة 1/9/2008 طبقا لما هو ثابت من ملف لجنة التوفيق في بعض المنازعات- فرع قنا، وثابت رقم وتاريخ تقديم الطلب برول ومحضر جلسة هذه اللجنة المنعقدة بتاريخ 1/9/2008 والتي تقرر فيها حفظ هذا الطلب، ومن ثم يكون الطاعنون قد لجأوا إلى لجنة التوفيق في المنازعات بعد تاريخ رفع الطعن، ومن ثم يكون هذا الطعن قد أقيم بغير الطريق الذي رسمه القانون، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلا. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه، ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند سليم، جديرا بالرفض.
ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الطاعنون في صحيفة طعنهم من أنهم تقدموا بطلبهم إلى لجنة التوفيق في المنازعات بتاريخ 16/7/2008 وذلك طبقا لإيصال تسلم الطلب والموقع من أمين اللجنة؛ لأن هذا الإيصال جاء مجهلا، ولم يثبت فيه رقم الطلب أو اسم أمين اللجنة الذي تسلم هذا الطلب, وتم التوقيع في خانة المستلم بـ”فرمة” مجهلة وغير مقروءة، ومن ثم لا يصلح أن يكون سندا على صحة ما يدعيه الطاعنون بالمخالفة لما هو ثابت بملف لجنة التوفيق في بعض المنازعات- فرع قنا المرافق للأوراق، وما أكده الطاعنون أنفسهم بمذكرة دفاعهم المقدمة بجلسة 24/1/2009 أمام المحكمة التأديبية بقنا، والتي ذكروا فيها أنهم تقدموا إلى لجنة التوفيق في المنازعات بقنا بتاريخ 31/7/2008 بالطلب رقم 1315، وهو ما يقطع بصحة ما استند إليه الحكم المطعون فيه من أسباب.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.
([1]) على خلاف هذا النظر: حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 35979 لسنة 52 ق عليا بجلسة 15/6/2010 (منشور بمجموعة السنتين 55 و56، مكتب فني، المبدأ رقم 62/أ، ص553)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه إذا تم تقديم طلب التوفيق بعد رفع الدعوى، فإن الإجراء المطلوب قانونا يكون قد استوفي وتحققت الغاية منه، ولا محل للدفع بعدم قبول الدعوى لذلك.
وفي هذا الاتجاه كذلك: حكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 1724 لسنة 77 القضائية بجلسة 6/7/2015، حيث بينت المحكمة أن الغاية من القانون رقم 7 لسنة 2000 -وعلى ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية- هي تحقيق عدالة ناجزة، تصل بها الحقوق إلى أصحابها، دون الاضطرار إلى ولوج سبيل التقاضي، وما يستلزمه في مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية، وما قد يصاحبه في أحيان كثيرة من إساءة استغلال ما وفره القانون من أوجه الدفاع والدفوع، واتخاذها سبيلا للكيد، ووسيلة لإطالة أمد الخصومات، على نحو يرهق القضاء، ويلحق الظلم بالمتقاضين، ولما كان من المقرر -في قضاء الهيئة العامة المدنية بمحكمة النقض- أنه إذا تعلق الأمر بإجراء أوجب القانون اتخاذه، وحتى تستقيم الدعوى، فإن الدفع المبني على تخلف هذا الإجراء، يعد دفعا شكليا، ويخرج عن نطاق الدفع بعدم القبول، متى انتهت صلته بالصفة، أو المصلحة في الدعوى، أو بالحق في رفعه، وإن اتخذ اسما بعدم القبول؛ لأن العبرة في تكييف الدفع هي بحقيقة جوهره ومرماه، ومؤدى ذلك -وعلى ضوء ما تغياه المشرع من إصدار القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق من تخفيف الأعباء عن كاهل القاضي والمتقاضى- أنه إذا رفع المدعى في إحدى المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون دعواه مباشرة إلى المحكمة المختصة قبل اللجوء إلى إحدى اللجان التي أنشأها هذا القانون، ولكنه أثناء نظر هذه الدعوى، وقبل صدور الحكم المنهي للخصومة فيها تدارك الأمر، وتقدم بطلبه إلى اللجنة المختصة، إعمالا لأحكام القانون المذكور، فإن هذا المدعي يكون قد استوفى الإجراء الذي أوجبه هذا القانون، بما لا تثريب معه على المحكمة إن هي مضت في السير في نظر دعواه، دون حاجه للحكم بعدم قبولها، لعدم اتخاذ هذا الإجراء الشكلي، وإلا كان الرضوخ له سبيلا للنكوص عن الغاية من سن هذا القانون.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |