برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن عبد الحميد البرعي، وسعيد عبد الستار محمد سليمان، وهشام السيد سليمان عزب، ومصطفى محمد أحمد أبو حشيش.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– إجراءات في الدعوى- الأصل في الإجراءات الصحة، وأنها قد روعيت.
(ب) دعوى– الحكم في الدعوى- مسوَّدة الحكم- وجوب إيداعها، مشتملة على أسباب الحكم، وموقعة من الرئيس والأعضاء عند النطق به- هذا التوقيع يدل على أن أعضاء المحكمة قد طالعوا الأسباب وتناقشوا فيها وأقروها على الوضع الذي أثبت في المسودة- رول الجلسة يعد ورقة مكملة لمسودة الحكم، متى تضمنت منطوقه، وإذا وقع جميع القضاة الذين أصدروا الحكم هذه الورقة كان الحكم سليمًا، لا مطعن عليه- أثر فقد المسودة: إذا ثبت للمحكمة أن مسوَّدة الحكم كانت مودعة عند النطق به، وتضمن رول الجلسة التي صدر فيها الحكم منطوقَه مُوَقَّعًا من جميع أعضاء المحكمة، وعلى وضع يستفاد منه أن هذا المنطوق بني على ما ورد بالحكم من أسباب، فإن فقد المسوَّدة أثناء مرحلة الطعن على الحكم، ليس من شأنه بطلان الحكم المطعون فيه؛ استصحابا لقاعدة أن الأصل في الإجراءات الصحة، وأنها قد روعيت- يتعين دراسة جميع الظروف والملابسات المحيطة بكلِّ حالةٍ على حدة([1]).
– المادتان رقما (175) و(177) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
(ج) موظف– تأديب- الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في أحكام المحاكم التأديبية- متى استخلصت المحاكم التأديبية أو مجالس التأديب النتيجة التي انتهت إليها استخلاصًا سائغًا من أصول تنتجها ماديًّا وقانونيًّا، وكان تكييفها للوقائع تكييفًا سليمًا، وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها، فلا تعقيب عليها، ولا يجوز معاودة الجدل في تقدير أدلة الدعوى التأديبية- وزن الأدلة وما يُستخلص منها من الأمور الموضوعية التي تستقل بها المحكمة التأديبية- المحكمة التأديبية غير ملزمة بتعقب دفاع المحال في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها، مادامت قد أبرزت إجمالا الحجج التي كونت عقيدتها.
في يوم الإثنين الموافق 24/12/2012 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض نائبًا عن الأستاذ/… بصفته وكيلا عن الطاعِنَيْنِ قلم كُتَّاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ قُيِّدَ بجدولها برقم ٥٩٧2 لسنة ٥٩ ق. عليا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 17/11/2012 في الدعوى رقم 170 لسنة ٣٩ ق، القاضي بمجازاة/… (الطاعن الأول) بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر، وبمجازاة/… (الطاعن الثاني) بغرامة تعادل ضعف راتبه الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.
وطلب الطاعنان -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بتقادم المخالفة بمضي المدة، وبراءة الطاعنين مما هو منسوب إليهما.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعًا.
ونظرت الدائرة الرابعة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا الطعن، ثم قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره، حيت تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
وحيث إنه عن شكل الطعن، وإذ استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فهو مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 30/3/2011 أقامت النيابة الإدارية ضد الطاعنين الدعوى التأديبية رقم 170 لسنة 39ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بإيداع تقريرٍ باتهام كل من:
1-… (الطاعن الأول) مأمور بمأمورية الشهر العقاري والتوثيق ببلقاس بالدرجة الأولى.
2-… (الطاعن الثاني) مراجع مساحي بمأمورية الشهر العقاري ببلقاس سابقًا بدرجة كبير فنيين، وحاليًا بالمعاش اعتبارا من 17/8/2008.
(الأول) قام بتقديم كشف تحديد مساحي ورسم كروكي مخالفين للطبيعة، ما أدى إلى تسكين العقد المسجل -الخاص به- رقم 102/88 بالقطعة رقم (68) بحوض الرمال- القسم الثالث بناحية (أبو ماضي) بالخطأ دون وجه حق.
(الثاني) قام بإعداد البحث الهندسي المؤرخ في 11/10/2005 بشأن العقد المسجل برقم 102/88، وأثبت على غير الحقيقة أن العقد المشار إليه مسكن بالقطعة رقم (70) بالخطأ بحوض الرمال القسم الثالث بناحية (أبو ماضي)، وأن العقد المسجل رقم ٥١6٠ لسنة ٨٧ مسكن بالقطعة رقم (68) بالحوض ذاته بالخطأ ودون اتباع التعليمات، ودون إخطار صاحب العقد المسجل الأخير.
وقد ارتأت النيابة الإدارية أن المحالين المذكورين قد ارتكبا المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمواد (76/3) و(78/1) و(80) و(82) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم ٤٧ لسنة 1978 وتعديلاته، وطالبت بمحاكمتهما تأديبيًّا عن المخالفات المنسوبة إليهما بموجب النصوص المذكورة سالفًا.
………………………………………………..
وبجلسة 17/11/2012 قضت المحكمة التأديبية بالمنصورة بمجازاة… (الطاعن الأول) بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر، وبمجازاة… (الطاعن الثاني) بغرامة تعادل ضعف راتبه الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.
وشيَّدت المحكمة قضاءها على سندٍ من أن المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين ثابتةٌ في حقهما ثبوتًا كافيًا من واقع الأوراق والتحقيقات وما جاء بأقوال الشهود، إذ أكَّد… (إخصائي مساحة بمديرية المساحة بالدقهلية) أنه بفحص الشكوى محل التحقيقات تبين قيام المحال الأول بتقديم كشف تحديد مساحي ورسم كروكي مخالفين للطبيعة، ما أدى إلى تسكين العقد المسجل الخاص به رقم ١٠٢/٨٨ بالقطعة رقم (68) بحوض الرمال- القسم الثالث بناحية (أبو ماضي) بالخطأ دون وجه حق، رغم وجود عقد مسجل سابق عليه مسكن على القطعة ذاتها برقم ٥١6٠/٨٧، فتقدم صاحب هذا العقد بشكوى إلى مديرية المساحة بالدقهلية، والتي تبين من فحصها بمعرفة مكتب المساحة رئاسته أن مكتب الشهر العقاري ببلقاس قد أصدر كشوف تحديد عن القطعة ذاتها للعقدين رقمي 5160/87 و102/88، دون اتباع التعليمات بإخطار مالك قطعة الأرض للعقد المسجل رقم 5160/87، وهذا ما تأكد بأقوال… (المفتش المالي والإداري بالهيئة العامة للمساحة بالقاهرة)، و… (مراجع فني مساحي بالشهر العقاري)، الذي أكد في أقواله صحة المخالفة المنسوبة إلى المحال الثاني الذي قام بإعداد البحث الهندسي المؤرخ في 11/10/2005، والذي ترتب عليه تسكين العقد المسجل رقم ١٠٢/٨٨ الخاص بالمحال الأول على القطعة رقم 6٨ بحوض الرمال القسم الثالث بناحية (أبو ماضي)، بالخطأ بدلا من العقد المسجل رقم ٥٦١٠/87 والأسبق في التسجيل، وذلك لمصلحة المحال الأول صاحب العقد رقم ١٠٢/٨٨، والذي يشغل وظيفة مأمور شهر عقاري بمأمورية الشهر العقاري والتوثيق ببلقاس، وذلك كله بالمخالفة للواقع وللتعليمات المقررة في هذا الشأن، وخلص الحكم المطعون فيه إلى ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين ثبوتًا كافيًا، وهو ما يشكل في حقهما ذنبًا إداريا يستوجب مجازاته تأديبيًّا.
………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الماثل هو بطلان الحكم المطعون فيه لإهداره حق الدفاع عن الطاعنين، وعدم الرد على المستندات المقدمة منهما، كما شاب هذا الحكم الفساد في الاستدلال؛ لأنه بالنسبة للمحال الأول فقد نُسِبَ إليه قيامه بتقديم كشف تحديد مساحي ورسم كروكي مخالفين للطبيعة ما أدى إلى تسكين العقد المسجل الخاص به رقم 102/88 بالقطعة رقم (68) بحوض الرمال- القسم الثالث بناحية (أبو ماضي) دون وجه حق، وحيث إن كشف التحديد المساحي والكروكي يصدران عن جهة تختص بالأعمال المساحية، في حين أن العقد رقم ١٠2 لسنة ١٩٨٨ وصحيفة الوحدة العقارية التي تم تسكينها على القطعة وضع يد المحال الأول صادرة في 20/2/2006، وأن كشف التحديد المساحي قد صدر في عام 2007، أي بعد صدور صحيفة الوحدة العقارية وتسكين المحال في القطعة رقم 68 بما يقرب من عام كامل، وأنه عندما تبين للمحال الأول أنه قد حدث تلاعب من قبل موظفي السجل العيني في تغيير البيانات والتسكين لصاحب العقد المسجل رقم ٥١6٠ لسنة 1987، قام برفع الدعوى رقم 966 لسنة 2007 مدني كلي شربين ضد صاحب العقد المسجل المبين آنفًا، وقد صدر حكم المحكمة في هذه الدعوى باعتبار التغييرات والتعديلات التي تمت في صحيفة الوحدة العقارية الخاصة بالمدعي كأن لم تكن مع عدم الاعتداد بها.
أما بالنسبة للطاعن الثاني فقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانته بالرغم من انقضاء الدعوى التأديبية بالنسبة له بمضي المدة، رغم أن إعداد الكشف الهندسي والبحث به تم في عام 2005، وقرار الاتهام والإعلان به تم في عام 2010، مما يؤكد صحة هذا الدفع، ومن الناحية الموضوعية فإن براءة الطاعنين ثابتة من الحكم النهائي الصادر لمصلحة الطاعن الأول في الدعوى رقم 966 لسنة 2007 مدني كلي شربين، كما أن لجنة السجل العيني (بحث الشكاوى) هي المسئولة عن تسكين العقود في الطبيعة على الصحائف، وأن هذه اللجنة هي التي سكنت العقدين المشار إليهما على القطعة ذاتها رقم (68) دون طلب بحث هندسي، كما أنه تم تصحيح الخطأ وإزالة الضرر.
– وحيث إنه عَمَّا تمسك به الطاعنان بمذكرة دفاعهما المقدمة بجلسة 8/1/2014 ببطلان الحكم المطعون فيه لفقد مسودة هذا الحكم، وأن ملف الطعن خلا من هذه المسودة، فإن المادة (175) من قانون المرافعات تنص على أن: “يجب في جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلا…”.
وتنص المادة (177) منه على أن: “تحفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه بالملف…”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع أوجب إيداع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه الموقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم، وإلا كان باطلا، وهذا التوقيع يدل على أن أعضاء المحكمة قد طالعوا الأسباب وتناقشوا فيها وأقروها على الوضع الذي أثبت في المسودة، وأن رول الجلسة يعد ورقة مكملة لمسودة الحكم، متى تضمنت منطوقه، وإذ وقع جميع القضاة الذين أصدروا الحكم هذه الورقة كان الحكم سليمًا، لا مطعن عليه، كما أن الأصل في الإجراءات الصحة وأنها قد روعيت.
وحيث إنه هديًا بما تقدم، ولما كان الثابت من مطالعة ملف الدعوى التأديبية رقم 170 لسنة ٣٩ ق. أنه قد تم تعلية محتويات هذا الملف، وثابت بالبند رقم (7) من هذه التعلية أن هذا الملف كان يحتوي على أصل الحكم الصادر في هذه الدعوى ومسودته، وهو ما يقطع بأن مسودة الحكم كانت مودعة عند النطق بالحكم، كما أن رول الجلسة التي صدر فيها هذا الحكم (وهي جلسة 17/11/2012) قد تضمن منطوق الحكم ووقعه جميع أعضاء المحكمة، ومن ثم إذا كانت مسودة الحكم قد أودعت في الجلسة نفسها التي تم النطق بالحكم فيها، وكان منطوق الحكم المدون على رول الجلسة المرافق له موقعًا عليه من الهيئة التي أصدرته، وعلى وضع يستفاد منه أنه بني على ما ورد بالحكم من أسباب، فلا يتصور فصل منطوق الحكم عن الأسباب الواردة بهذا الحكم، ومن ثم فلا مناص من استصحاب أن الأصل العام في الإجراءات الصحة، باعتبار أنها قد روعيت، وأن الحكم الصادر عن المحكمة قد صدر صحيحا، وأودعت مسودته عند النطق به، بيد أنها قد اختفت بعد ذلك بصورة مفاجئة من هذا الملف بعد الطعن على هذا الحكم، وبعد إيداع تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي انتهى إلى رفض الطعن، ويُستدل على ذلك من أن تقرير الطعن لم يستند -ضمن أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه- إلى عدم وجود المسودة، كما أن تقرير هيئة مفوضي الدولة لم يتضمن أية إشارة إلى عدم وجود مسودة الحكم المطعون فيه، ويستفاد من ذلك أن هذه المسودة قد اختفت من ملف الطعن عقب صدور تقرير هيئة مفوضي الدولة، وأنه تم اكتشاف ذلك عند تسليم ملف الطعن من سكرتير الدائرة المختصة بهيئة مفوضي الدولة إلى سكرتير الدائرة الرابعة فحص بالمحكمة الإدارية العليا، لذلك تم تحرير محضر بهذه الواقعة بمعرفة سكرتير الدائرة الرابعة عليا بهيئة مفوضي الدولة.
ومتى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر سليمًا، وتكون أسباب هذا الحكم ومنطوقه الثابتة بنسخته الأصلية ومنطوقه الثابت برول جلسة النطق به والموقع من رئيس المحكمة والقضاة الذين أصدروا هذا الحكم صحيحة، وهو ما تطمئن معه عقيدة هذه المحكمة؛ لصحة الإجراءات التي تمت في هذا الشأن، إعمالا لِما هو مستند إليه من أن الأصل في الإجراءات الصحة، وأنها قد روعيت، ومن ثم يتعين طرح ما يتمسك به الطاعنان في هذا الشأن، لأن القول بغير ذلك سيؤدي إلى نتيجة وخيمة على هذا المرفق القضائي، بأن يعمد كل طاعن إلى اصطناع أسباب لبطلان الأحكام القضائية والطعن عليها من خلال العبث بملفات الأحكام المطعون فيها بمساعدة قلة من ضعاف النفوس من القائمين على أمر هذه الملفات بهذا المرفق، وهو أمر جد خطير ينال من هذا الصرح القضائي الشامخ، ويفتح الطريق لهذه القلة المنحرفة للعبث بأدوات العدالة وتوجيهها حسب رغباتهم الشيطانية، وهو ما يتعين التحوط له ومحاسبة المسئولين عن هذا الإهمال وأخذهم بالشدة الرادعة، وأنه يتعين أن تدرس جميع الظروف والملابسات المحيطة بكلِّ حالةٍ على حدة للوقوف على مدى جدية الأمر من عدمه، حتى لا تُسَنَّ سابقةٌ خطيرة في مثل هذه الحالات، تصبح سندًا لكل من يحاول أن يصطنع سببًا لطعنه على حكم لا يرتضيه.
– وحيث إنه عن موضوع الطعن، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى ثبت أن المحاكم التأديبية أو مجالس التأديب قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصًا سائغًا من أصول تنتجها ماديًّا وقانونيًّا، وكان تكييفها للوقائع تكييفًا سليمًا، وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها، فإنه لا يكون هناك مجال للتعقيب عليها، ولا يجوز لمن قضت المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب بمجازاته معاودة الجدل في تقدير أدلة الدعوى التأديبية ووزنها أمام المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن وزن الأدلة وما يستخلص منها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها المحكمة أو مجلس التأديب، مادام التقدير قد جاء سليمًا والتدليل سائغًا، دون أن ينال من ذلك مقولة عدم الرد على بعض أوجه الدفاع بحسبان أن حكم أول درجة ليس ملزمًا بتعقب دفاع المحال في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها، ما دام قد أبرز إجمالا الحجج التي كونت عقيدته مطرحًا بذلك ضمنًا الأسانيد التي قام عليها دفاعه. (يراجع في هذا المبدأ حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2751 لسنة ٥6 ق.عليا جلسة 25/2/2012).
وحيث إنه هديًا بما تقدم، ولما كانت المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين ثابتةً في حقهما ثبوتًا يقينيًّا من واقع الأوراق والتحقيقات وشهادة الشهود، لأنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة إلى الطاعن الأول (العضو الفني بمأمورية الشهر العقاري والتوثيق ببلقاس) من قيامه بتقديم كشف تحديد مساحي ورسم كروكي مخالفين للطبيعة، ما أدى إلى تسكين العقد المسجل الخاص به رقم 102 لسنة ١٩٨٨ بالقطعة رقم (68) بحوض الرمال- القسم الثالث بناحية (أبو ماضي) بالخطأ دون وجه حق، فهذه المخالفة ثابتةٌ قبله بما تأيد من مطالعة المستندات من وجود كشف تحديد مساحي على القطعة ذاتها المشار إليها باسم/… (صاحب العقد المسجل رقم 5160 لسنة 1987)، وبما شهد به… (إخصائي مساحي بمديرية المساحة بالدقهلية)، الذي تولى فحص الشكوى محل التحقيقات، وما قدمه من مستندات مؤيدة لأقواله، وبما أقر به… (مدير جمعية قلابشو سابقا) بالتحقيقات، وما تأكد أيضا بما انتهت إليه لجنة بحث الشكاوى من إعادة التسكين الصحيح للعقد ملك الطاعن الأول رقم ١٠2/٨٨ بالقطعة رقم (70) بالحوض ذاته، وليس القطعة رقم (68) المسكن عليها العقد المسجل رقم 5160/87، وهو ما تأكد أيضا بشهادة… (المفتش بالهيئة العامة للمساحة بالقاهرة)، ومن ثم فإن الطاعن الأول قد سلك مسلكًا معيبًا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة، مع الأخذ في الاعتبار أن العقد رقم 102/88 خاص به، وأنه يعمل بمأمورية الشهر العقاري ببلقاس، ومن المفترض أنه على علم كامل بجميع التعليمات المنظمة لهذا الشأن، ومن ثم فلا يتصور وقوعه في مثل هذا الخطأ، والذي يلقي بظلال من الشك والريبة حول استغلاله لوظيفته بمأمورية الشهر العقاري.
وبالنسبة للمخالفة المنسوبة إلى الطاعن الثاني فهي ثابتة في حقه من واقع الثابت من الأوراق، وما شهد به… الذي تولى فحص الشكوى محل التحقيقات، وكذا ما شهد به… المراجع الفني المساحي بالشهر العقاري.
ومتى كان ذلك، فإن المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين تكون ثابتةً في حقهما ثبوتًا يقينًا لا ريب فيه من واقع ما كشفت عنه الأوراق والتحقيقات، وما تأكد بشهادة الشهود، على النحو الذي استظهره الحكم المطعون فيه، والذي بنى اقتناعه على أسباب استخلصها من أصول ثابتة في الأوراق، مفصلا إياها على نحوٍ كافٍ لتبرير مذهبه فيما انتهى إليه، وكانت هذه الأسباب بدورها -وبحق- أسبابًا تسوغ ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، بحيث تستقيم مع إدانة الطاعنين، ومن ثم يكون هذا الحكم قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه في غير محله وغير قائم على أسباب جدية، مما يجعله جديرا بالرفض.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا.
([1]) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1968 لسنة 42 ق.ع بجلسة 24/5/2008، (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53/2 مكتب فني، المبدأ رقم 163، ص1245)، وذلك في شأن أثر فقد ملف الدعوى التأديبية (بما فيه من تقرير الاتهام ومذكرة التحقيق وأوراقه) مع فقد أصل الحكم ومسودته وأوراق الحكم في مرحلة الطعن، حيث انتهت المحكمة إلى أن فقد نسخة الحكم الأصلية أو عدم توقيعها من رئيس المحكمة يجعل الحكم باطلا بطلانا جوهريا ينحدر به إلى درجة الانعدام، وأن فقد أصل الحكم مع أوراق التحقيق يجيز لمحكمة الطعن إما إعادة المحاكمة أو إعادة الإجراءات كلها متى رأت المحكمة محلا لذلك، فإذا فقدت مذكرة التحقيق وتقرير الاتهام أو بعض هذه الأوراق مع فقد أصل الحكم ومسودته وأوراق الحكم المطعون فيه؛ فإنه لا تكون هناك دعوى تأديبية يمكن إعادة إجراءاتها مرة أخرى.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |