برئاسة السيد الأسـتاذ المستشار الدكتور/ هانئ أحمد الدرديري
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأسـاتذة المستشارين/ سعيد سيد أحمد القصير، وجعفر محمد قاسم عبد الحميد، وعبد الفتاح أمين عوض الله، وأحمد محمد إبراهيم غنيم.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– التدخل في الدعوى- يكون التدخل الاختياري بأحد طريقين: (الأول) بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، و(الثاني) بطلب يُقدم شفاهة في الجلسة فى حضور الخصوم ويثبت في محضرها- لا يُقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة- العبرة فى اعتبار التدخل اختصاميًا أم انضماميًا هي بحقيقة تكييفه القانوني بحسب مرماه, لا بالوصف الذي يسبغه عليه طالب التدخل- مناط قبول التدخل الانضمامي: أن تتوفر لطالب التدخل مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون, يستوي أن تكون المصلحة محققة أو محتملة, وقياسًا على المصلحة في دعوى الإلغاء, يكفي أن يكون طالب التدخل في حالة قانونية خاصة من شأنها أن تجعل القرار المطلوب إلغاؤه مؤثرًا تأثيرًا مباشرًا في مصلحة شخصية له- استخلاص توفر المصلحة لطالب التدخل يعد من المسائل الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع, طبقًا لِما تقتنع به من الأدلة المقدمة إليها من طالب التدخل, ولا مُعقب عليها في هذا من محكمة الطعن, بشرط أن تبين المحكمة الحقيقة التي اقتنعت بها, وأن تقيم قضاءها في هذا الخصوص على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق.
– المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
(ب) قرار إداري– دعوى الإلغاء- شروط قبول الدعوى- الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد يجوز إثارته في أية مرحلة من مراحل الدعوى؛ لتعلقه بالنظام العام- على المحكمة أن تستوثق من اكتمال الإجراءات المتطلبة قانونًا لرفع الدعوى واحترام المواعيد المقررة لرفعها- العبرة في بدء مواعيد رفع الدعوى في حالة تعدد التظلمات من القرار المطعون فيه هي بالتظلم الأول, دون غيره من التظلمات اللاحقة عليه.
– المادة (24) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
(ج) دعوى– لجان التوفيق في بعض المنازعات- من المنازعات المعفاة من اللجوء إليها: المنازعة في قرار جهة الإدارة الصادر في شأن تسجيل العلامة التجارية؛ حيث يتمُّ التظلمُ منه إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة (78) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية.
– المادة (4) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها.
– المادة (78) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002.
(د) علامة تجارية– تسجيل العلامة- السبيل الوحيد للطعن على القرار الصادر في التظلم من القرارات التي تصدر عن الجهة الإدارية برفض تسجيل العلامة التجارية هو اللجوء إلى القضاء مباشرة- أجاز المشرع لطالب تسجيل العلامة التظلم من قرار رفض تسجيل العلامة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره بهذا القرار إلى اللجنة المختصة بنظر هذه التظلمات, ويتعين على من رفضت اللجنة المشار إليها التظلم المقدم منه, إذا ما رغب في الاستمرار في إجراءات تسجيل العلامة المرفوضة, اللجوء إلى القضاء مباشرة بطلب إلغاء قرار هذه اللجنة- لا يمكن لجهة الإدارة المختصة تسجيل العلامة بعد رفضها من لجنة التظلمات إلا بناء على حكم قضائي واجب النفاذ, ولا يُغني عن ذلك الحكم أي قرار أو توصية قد تصدر عن جهة إدارية أو عن لجنة أخرى ذات اختصاص بنظر التظلمات من قرارات جهة الإدارة.
– المواد (77) و(78) و(79) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002.
(هـ) دعوى– لجان التوفيق في بعض المنازعات- اللجوء إلى لجنة التوفيق حال عدم اختصاصها لا يقطع أو يُوقِف الميعاد المقرر قانونًا للطعن القضائي, حتى لو تم خلال الميعاد المقرر قانونًا.
في يوم الخميس الموافق 5/2/2009 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا, بصفته نائبًا عن الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته, قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن, قُيِّدَ بالجدول العام برقم 5879 لسنة 55ق.عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السابعة) في الدعوى رقم 816 لسنة 60ق بجلسة 20/12/2008, القاضي منطوقه بقبول طلب تدخل… صاحب ورئيس مجلس إدارة شركة (…) الصناعية للأدوات المكتبية والطباعة والتجارة الدولية خصمًا متدخلا منضمًّا للجهة الإدارية في الدعوى، وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد فوات المواعيد المقررة قانونًا، وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب تدخل المتدخل خصمًا في الدعوى, وأحقية الطاعن بصفته في إلغاء القرار المطعون فيه والخاص برفض تسجيل العلامة التجارية، وإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني تسجيل العلامة الخاصة بمنتجاته وهي كلمة (بريما) باللغة الإنجليزية, مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وفي يوم الخميس الموافق 5/2/2009 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا, بصفته وكيلا عن الشركة الطاعنة, قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن, قُيِّدَ برقم 8580 لسنة 55ق.عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السابعة) في الدعوى رقم 559 لسنة 60ق بجلسة 20/12/2008، القاضي منطوقه بقبول طلب تدخل… صاحب ورئيس مجلس إدارة شركة (…) الصناعية للأدوات المكتبية والطباعة والتجارة الدولية خصمًا متدخلا منضمًّا للجهة الإدارية في الدعوى, وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد فوات المواعيد المقررة قانونًا، وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا: برفض طلب تدخل المتدخل المذكور خصمًا في الدعوى, وأحقية الطاعن بصفته في إلغاء القرار المطعون فيه والخاص برفض تسجيل العلامة التجارية، وإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني تسجيل العلامة الخاصة بمنتجاته، وهي كلمة (بريما) باللغة الإنجليزية, وإلزام جهة الإدارة المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن رقم 5879 لسنة 55ق.ع, ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
كما أعدت تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن رقم 8580 لسنة 55ق.ع, ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وتدوول الطعن رقم 5879 لسنة 55ق.ع بجلسات الدائرة الخامسة (فحص), وبجلسة 8/4/2013 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 8580 لسنة 55ق.ع إلى الطعن رقم 5879 لسنة 55ق.ع ليصدر فيهما حكم واحد لوحدة السبب والمحل والخصوم.
وبجلسة 27/1/2014 قررت المحكمة إحالة الطعنين للدائرة الخامسة (موضوع) لنظرهما بجلسة 22/2/2014، وعلى السكرتارية إخطار الخصوم.
وتدوول الطعنان بجلسات الدائرة الخامسة (موضوع), وبجلسة 15/11/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم, وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به علنًا.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة قانونًا.
حيث إن الطعنين قد استوفيا جميع أوضاعهما الشكلية المقررة قانونًا, ومن ثم فإنهما مقبولان شكلا.
وحيث إن عناصر النزاع تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 816 لسنة 60ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 9/10/2005, وطلب في ختامها الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة برفض تسجيل علامة “بريما” باللغة الإنجليزية، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار.
وأقام الطاعن الدعوى رقم 559 لسنة 60ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 5/10/2005, وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة برفض تسجيل العلامة “بريما” باللغة الإنجليزية، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وما يترتب عليه من آثار.
وذكر المدعي في كلا الدعويين أن الشركة التي يمثلها تقدمت بتاريخ 18/6/2000 بطلب لمصلحة التسجيل التجاري لتسجيل علامة تجارية بمسمى (prima) بدون إطار, وقُيِّدَ طلبُها برقم (126797), غير أن المصلحة رفضت بتاريخ 7/8/2004 تسجيل العلامة لتعارضه مع العلامة الدولية رقم (504366), ومن ثم فقد تظلمت الشركة من هذا القرار للجنة التظلمات التي قررت بتاريخ 19/6/2005 قبول تظلمها شكلا، ورفضه موضوعًا، وأيَّدت قرار المصلحة, وبجلسة 23/8/2005 قررت لجنة التوفيق في المنازعات عدم اختصاصها بنظر التظلم المقدم من الشركة, ونعى المدعي على قرار رفض تسجيل علامة شركته التجارية مخالفته لأحكام القانون؛ ذلك أن العلامة المطلوب تسجيلها تتعلق بمنتجات تختلف تمام الاختلاف عن منتجات العلامتين المتعارضتين معها, واختتم المدعي صحيفتي دعوييه بطلباته المبينة سالفًا.
وتدوول نظر الشق العاجل من الدعويين أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت المحكمة إحالتهما إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرهما وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيهما.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني في كلٍّ من الدعويين.
وتدوول نظر الدعويين أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الخصم المتدخل مذكرة دفاع طالبًا في ختامها بقبول تدخله، وبرفض الدعويين.
………………………………………………….
وبجلسة 20/12/2008 حكمت المحكمة في كلا الدعويين: بقبول طلب تدخل… صاحب ورئيس مجلس إدارة شركة (…) الصناعية للأدوات المكتبية والطباعة والتجارة الدولية خصمًا متدخلا منضمًّا للجهة الإدارية في الدعوى، وبعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد فوات المواعيد المقررة قانونًا، وألزمت المدعي المصروفات.
وقد تعرضت المحكمة لطلب التدخل، وأكدت أن المتدخل قد جرى تدخله في الدعوى بجلسة 24/2/2007 بإثباته بمحضر الجلسة بحضور وكيل الشركة المدعية، ثم بإجرائه بموجب صحيفة مُعلنة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 10/4/2007، ومن ثم فقد تمَّ التدخلُ على وفق صحيح حكم المادة (126) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وأن الثابت من الأوراق أن الشركة التي يمثلها المدعي سبق لها الاحتجاج بالعلامة التجارية المطلوب تسجيلها (prima) في مواجهة الخصم المتدخل، وكان ذلك محلا لعدد من البلاغات التي وجهت من الشركة ضد الخصم المتدخل, كما سبق للخصم المتدخل الاعتراض لدى مصلحة التسجيل التجاري ضد تسجيل الشركة التي يمثلها المدعي لعلامتها التجارية المشار إليها، ومن ثم يكون الخصم المتدخل ذا صفة ومصلحة في التدخل، بما يتعين معه الحكم بقبول تدخله.
وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة المدعى عليها أصدرت قرارًا برفض تسجيل العلامة محل هذا النزاع لتعارضها مع العلامة رقم (504366)، وبتاريخ 21/8/2004 تظلمت الشركة التي يمثلها المدعي من هذا القرار أمام لجنة التظلمات التي نصت عليها المادة (77) من القانون رقم 82 لسنة 2002 المشار إليه، وبتاريخ 19/6/2005 قررت اللجنة قبول التظلم شكلا، ورفضه موضوعًا، وتأييد قرار جهة الإدارة؛ لتعارض العلامة المطلوب تسجيلها مع العلامة المذكورة، وإذ علمت الشركة الطاعنة بقرار لجنة التظلمات بتاريخ 4/7/2005 المرفق حافظة مستنداتها المقدمة بجلسة 1/4/2006، وبحضور وكيل الشركة اجتماع لجنة التظلمات المنعقد بتاريخ 19/6/2005 على وفق الثابت من الصورة الرسمية لمحضر الاجتماع، فقد كان يتعين عليها إقامة دعواها بالطعن على قرار رفض تسجيل علامتها التجارية خلال ستين يومًا اعتبارًا من تاريخ علمها بقرار رفض التظلم المقدم منها, أي في موعد أقصاه 2/9/2005، غير أن الشركة المدعية أقامت دعواها الماثلة بتاريخ 9/10/2005, أي بعد فوات المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء, ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة شكلا.
وقد عقبت محكمة أول درجة على لجوء الشركة التي يمثلها المدعي قبل إقامة الدعوى إلى لجان التوفيق في بعض المنازعات على وفق أحكام القانون رقم (7) لسنة 2000، وتناولت الرد على ذلك، على النحو المبين تفصيلا بحيثيات الحكم.
………………………………………………….
وإذ لم يلقَ هذا الحكم قبولا لدى الطاعن بصفته، فقد أقام الطعن الماثل بغية الحكم بالطلبات المتقدمة، ناعيًا على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب الواقعي والقصور في التدليل والبيان، وذلك على سند من أن قرار لجنة التظلمات برفض تسجيل العلامة محل التداعي لم يتم إعلانه رسميًّا بموجب خطاب مُسجَّل بعلم الوصول حتى يثبت العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه، على وفق ما أوجبه القانون رقم 82 لسنة 2002 في المادة (78) منه، بما يكون معه الحكم قد جاء قاصرًا ومُخِلًّا بحق الطاعن بصفته في شأن بداية سريان مدة الستين يومًا اللازمة لإقامة الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري. وأضاف الطاعن بصفته أن الحكم المطعون فيه أخطأ كذلك في تطبيق القانون بمخالفة قواعد التدخل والصفة في الدعوى من جانب المطعون ضده الثالث، وذلك على سند من عدم توفر المصلحة والصفة الحقيقية في هذا التدخل، وذلك على النحو المبين تفصيلا بصحيفة الطعن، واختتم الطاعن بصفته صحيفة الطعن بالطلبات المذكورة سالفًا.
………………………………………………….
وحيث إنه بخصوص طلب التدخل المقدم من المطعون ضده الثالث أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن المادة (126) من قانون المرافعات تنص على أنه: “يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضمًّا لأحد الخصوم أو طالبًا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى. ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة”.
وحيث إنه عملا بنص المادة (126) المذكورة سالفًا في فقرتها الثانية يكون التدخل الاختياري بأحد طريقين: إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، وإما بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
وحيث إن العبرة في اعتبار التدخل اختصاميًّا أم انضماميًّا, إنما تكون بحقيقة تكييفه القانوني بحسب مرماه, لا بالوصف الذي يسبغه عليه طالب التدخل.
وحيث إن مناط قبول تدخل غير المتداعيين في الخصومة الأصلية القائمة بينهما أمام المحكمة على وفق المادة (126) مرافعات المشار إليها سلفًا, أن تتوفر لطالب التدخل مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون, ويستوي في ذلك أن تكون المصلحة محققة أو محتملة.
وحيث إن المتدخل -في حالة قبول تدخله- يعد طرفًا في الخصومة كالأطراف الأصليين, ويأخذ فيها مركز المدعي بما يفرضه هذا المركز بأن يكون ذا مصلحة.
وحيث إنه طبقًا لِما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا, فإنه لا يلزم لتوفر المصلحة الشخصية في دعوى الإلغاء -طبقًا لحكم المادة (12) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972- أن يمس القرار المطلوب إلغاؤه حقًّا ثابتًا للمدعي, وإنما يكفي أن يكون في حالة قانونية خاصة من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثرًا تأثيرًا مباشرًا في مصلحة شخصية له، وذلك مادامت تلك المصلحة مشروعة لا ينكرها النظام العام أو حسن الآداب, أي مصلحة قائمة يقرها القانون.
وحيث إن استخلاص توفر المصلحة لطالب التدخل من وراء تدخله أو عدم توفرها يعد من قبيل المسائل الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع, طبقًا لِما تقتنع به من الأدلة المقدمة إليها من طالب التدخل, وباعتبار أن تلك المسألة من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما تستقل به, بما لا معقب عليها من محكمة الطعن, بشرط أن تبين المحكمة الحقيقة التي اقتنعت بها, وأن تقييم قضاءها في هذا الخصوص على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق تكفي لحمله. (يراجع في ذلك حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8034 لسنة 47ق.ع بجلسة 21/6/2003).
وهديًا بما تقدم, وكان الثابت أن تسجيل العلامة التجارية محل التداعي يمس حالة قانونية خاصة بطالب التدخل (المطعون ضده الثالث)، مما يجعلها مؤثرة في مصلحة جدية له -سواء كانت مادية أو أدبية- تبرر انضمامه للجهة الإدارية في طلب الحكم برفض دعوى الطاعن بصفته، وتتمثل المصلحة في طلب التدخل -حسبما وصفها المتدخل وأوردها الحكم المطعون فيه- في كون العلامة التجارية محل التداعي محلًّا لعدد من البلاغات والنزاعات القضائية التي وجهت من الشركة التي يمثلها الطاعن بصفته ضد الخصم المتدخل, أكدت من خلالها قيام المتدخل باستيراد رسالة من الخارج لصنف أقلام جاف يحمل نفس العلامة التجارية المذكورة، كما سبق للخصم المتدخل الاعتراض عدة مرات لدى مصلحة التسجيل التجاري ضد تسجيل الشركة المذكورة لعلامتها التجارية المشار إليها، وهذه الحالة القانونية تجعل للخصم المتدخل صفة ومصلحة في التدخل، تسوغ له طلب رفض الدعوى، وهو ما استظهره الحكم المطعون فيه، مما يعد معه النعي على قضائه بقبول طلب التدخل غير قائم على سند جديرًا بالرفض.
وحيث إنه عن شكل الدعوى, فإن المادة (77) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم (82) لسنة 2002 تنص على أنه: “يجوز لمصلحة التسجيل التجاري بقرار مُسبب أن تكلف طالب التسجيل بإجراء التعديلات اللازمة على العلامة المطلوب تسجيلها لتحديدها وتوضيحها لتفادي التباسها بعلامة أخرى سبق تسجيلها، أو تقديم طلب بذلك. ويُخطر الطالب بهذا القرار بموجب كتاب مُوصَى عليه مصحوبًا بعلم الوصول وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدوره. ويجوز للمصلحة أن ترفض الطلب إذا لم يُنفِّذ الطالب ما كلفته به المصلحة من تعديلات خلال ستة أشهر من تاريخ الإخطار”.
وتنص المادة (78) من القانون المشار إليه على أنه: “يجوز للطالب أن يتظلم من قرار المصلحة المشار إليه في المادة (77) من هذا القانون وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره به، وتنظر التظلمات لجنة أو أكثر تشكل بقرار من الوزير المختص من ثلاثة أعضاء أحدهم من أعضاء مجلس الدولة…”.
وتنص المادة (79) من القانون المذكور على أنه: “دون إخلال بحق صاحب الشأن في الطعن طبقًا للقانون، إذا أيدت اللجنة المشار إليها في المادة السابقة القرار الصادر برفض طلب تسجيل العلامة لتشابهها مع علامة أخرى سبق تسجيلها عن منتجات واحدة أو عن فئة واحدة منها، فلا يجوز تسجيل هذه العلامة للطالب إلا بناء على حكم قضائي واجب النفاذ”.
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع رسم طريقًا للتظلم من القرارات التي تصدرها جهة الإدارة في شأن تسجيل العلامة التجارية، فأجاز لطالب تسجيل العلامة التظلم من قرار رفض تسجيل العلامة، خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطاره بهذا القرار إلى لجنة مختصة بنظر هذه التظلمات يصدر بتشكيلها قرار عن الوزير المختص، ويتعين على من رفضت اللجنة المشار إليها التظلم المقدم منه، إذا رغب في الاستمرار في إجراءات تسجيل العلامة المرفوضة، اللجوء إلى القضاء مباشرة بطلب إلغاء قرار هذه اللجنة، باعتبار أن جهة الإدارة المختصة لا يمكنها تسجيل العلامة بعد رفضها من اللجنة إلا بناء على حكم قضائي واجب النفاذ، على وفق صريح نص المادة (79) من القانون رقم 82 لسنة 2002 المشار إليه، حيث لا يُغني عن الحكم القضائي الذي يصدر في هذا الشأن أي قرار أو توصية قد تصدر عن جهة إدارية أو عن لجنة أخرى ذات اختصاص بنظر التظلمات من قرارات جهة الإدارة، وبحسبان القرار الصادر في شأن تسجيل العلامة التجارية ما هو إلا قرار إداري مثل غيره من القرارات التي تخضع في ظل سيادة القانون لرقابة الإلغاء والتعويض، والتي لا يجوز النص على إخراجها عن نطاق هذه الرقابة أو تحصينها، على وفق صريح نص أحكام المادة (68) من الدستور التي حظرت على المشرع هذا التحصين، ومن ثم يكون لأصحاب الشأن الحق في الطعن عليها قضائيًّا بالطرق المقررة قانونًا على وفق المواعيد والإجراءات والقواعد المنظمة للطعن على القرارات الإدارية.
وحيث إن المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يومًا من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به…”.
وحيث إن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن قبول دعوى الإلغاء من النظام العام، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، فضلا عن أن الدفع بعدم القبول لرفعها بعد الميعاد يجوز إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى، إذ إن هذا الدفع يتعلق بالنظام العام، ومن ثم فإن على المحكمة أن تستوثق من اكتمال الإجراءات المتطلبة قانونًا لرفع الدعوى واحترام المواعيد المقررة لرفعها. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1676 لسنة 32ق.ع بجلسة 17/12/1990).
وحيث إنه بإعمال ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة التي يمثلها الطاعن بصفته قد تقدمت بطلب لتسجيل العلامة التجارية رقم 126767 وهي عبارة عن كلمة “PRIMA” مكتوبة باللغة الإنجليزية، وذلك لتمييز منتجات تنتمي إلى الفئة (35)، إلا أن جهة الإدارة قد رفضت تسجيل العلامة التجارية المذكورة، مما حدا الشركة الطاعنة على تقديم التظلم رقم 8524 إلى لجنة التظلمات، والتي أصدرت قرارها بتاريخ 19/6/2005 برفض التظلم وتأييد قرار جهة الإدارة برفض تسجيل العلامة، وذلك لتعارضها مع العلامة رقم 504366، وكان ذلك في حضور وكيل الشركة التي يمثلها الطاعن، كما تم إخطار الشركة المذكورة بقرار لجنة التظلمات بموجب كتاب جهة الإدارة رقم 3377 بتاريخ 4/7/2005، وذلك على النحو الثابت بالمستندات المقدمة أمام محكمة أول درجة، وبالتالي فقد كان يتعين عليها إقامة دعواها بالطعن على قرار رفض تسجيل علامتها التجارية خلال ستين يومًا اعتبارًا من تاريخ علمها بقرار رفض التظلم المقدم منها، أي في موعد أقصاه 2/9/2005، ولما كان هذا اليوم عطلة رسمية (يوم الجمعة)، فيمتد الميعاد إلى أول يوم عمل بعده وهو 3/9/2005، غير أن الشركة المذكورة قد أقامت دعواها الصادر فيها الحكم المطعون فيه بتاريخ 9/10/2005، أي بعد فوات المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء، ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة شكلا، وهو ما يتعين القضاء به.
ولا يغير مما تقدم قيام الشركة التي يمثلها الطاعن بصفته بتقديم الطلب رقم 80 لسنة 2005 إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات، والتي أصدرت توصيتها بشأنه بتاريخ 23/8/2005 بعدم قبول الطلب لعدم اختصاصها بنظره؛ ذلك أن العبرة في حالة تعدد تظلمات المدعي من القرار المطعون فيه في بدء سريان مواعيد رفع الدعوى هي بالتظلم الأول دون غيره من التظلمات اللاحقة عليه، فضلا عن ذلك فإن الشركة المذكورة غير ملزمة أصلا باللجوء إلى لجان توفيق الأوضاع للتظلم من القرار المطعون فيه، عملا بحكم المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها، التي نصت صراحة على إخراج المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية…، ومنها بالطبع المنازعة محل النزاع، والتي حدد القانون رقم 82 لسنة 2002 المشار إليه التظلم منها إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة (78) منه، علاوةً على ذلك فإن اللجوء إلى لجنة توفيق الأوضاع في المنازعات الإدارية حال عدم اختصاصها بنظرها لا يقطع أو يوقف الميعاد المقرر قانونًا للطعن القضائي فيها، تأسيسًا على أن اللجوء إلى هذه اللجان -حتى لو تم خلال الميعاد المقرر قانونًا للطعن القضائي- لا يترتب عليه وقف أو قطع هذا الميعاد، (راجع في المعنى السابق حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 25473 لسنة 55ق.ع بجلسة 19/6/2010)، ومن ثم فلا أثر للجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات في خصوص ميعاد الطعن في القرار محل الطعن.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة ذاتها المتقدمة، فإنه يكون قد صدر صحيحًا على وفق أحكام القانون، ويكون الطعن فيه فاقدًا سنده، ويتعيَّنُ رفضُه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (270) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، ورفضهما موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |