مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 25177 لسنة 56 القضائية (عليا)
يوليو 26, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثانية – الطعن رقم 4647 لسنة 58 القضائية (عليا)
يوليو 28, 2021

الدائرة الخامسة – الطعن رقم 36049 لسنة 57 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 26 من إبريل سنة 2014

الطعن رقم 36049 لسنة 57 القضائية (عليا)

(الدائرة الخامسة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فايز شكري حنين نوار

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سعيد سيد أحمد القصير، وجعفر محمد قاسم عبد الحميد، وكامل سليمان محمد سليمان، ومحمد محمود عبد الواحد عقيلة

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– طلبات في الدعوى- تكييفها- تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها أمرٌ يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على وقائعها، وهو أمر تستقل به المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى- للمحكمة أن تتقصى طلبات المدعي وأن تستظهر النية الحقيقية من وراء إبدائها، بشرط ألا يصل الأمر إلى حدِّ تعديل طلباته فيها، بإضافة ما لم يطالب به صراحةً، أو تحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصوده ونيته من وراء إبدائها- لا يجوز للمحكمة أن تلجأ إلى تكييف الدعوى أو تحديد الطلبات فيها، متى كانت هذه الطلبات واضحةً وصريحةً لا لبس فيها أو غموض- تخضع المحكمة في ذلك لرقابة محكمة الطعن.

(ب) هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة– اختصاصاتها- هذه الهيئة هي المسئولة عن المجتمعات العمرانية الجديدة، وناط بها القانون في سبيل تحقيق أهدافها إجراء التصرفات والأعمال اللازمة لذلك على أراضي هذه المجتمعات مع الأفراد والجهات والشركات والجمعيات مباشرة، أو بواسطة أجهزة المدن التابعة لها، وخولها القانون جميع السلطات والصلاحيات المقررة للوحدات المحلية- تملك الهيئة التعاقد مع الجهات والأفراد على الأراضي المخصَّصة للمجتمعات العمرانية الجديدة، بالبيع أو الانتفاع أو الإيجار، وتخضع كغيرها من الجهات الإدارية في إبرام هذه العقود للقوانين واللوائح المعمول بها في هذا الشأن- خول المشرع الهيئة الاختصاصات المتعلقة بإصدار تراخيص البناء الذي يُقام على الأراضي التابعة لها، وتحديد الاشتراطات البنائية الواجب الالتزام بها، على وفق التخطيط العام المعتمَد لكل منطقة، وكذلك الموافقة على إدخال المرافق إليها.

– أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة.

(ج) عقد إداري– ما يعد عقدًا إداريا- عقد البيع المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وأحد أشخاص القانون الخاص بتخصيص قطعة أرضٍ له، يُعدُّ عقدًا إداريا- المنازعة بشأن الترخيص في البناء على قطعة أرض مخصَّصة بالمجتمعات العمرانية الجديدة، تدور وجودًا وعدمًا في فلك الاشتراطات البنائية، التي هي جزءٌ لا يتجزأ من إخطار تخصيص قطعة الأرض وعقد شرائها، وترتبط ارتباطًا وثيقًا باختصاصات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، كجهة متعاقِدة، بما يجعلها منازعة عقدية.

(د) عقد إداري– أحكام العقد وتنفيذه- العقد شريعة المتعاقدين- يجب تنفيذ العقد الإداري طبقًا لما اشتملت عليه شروطه، وبما يتفق ومبدأ حسن النية- تُحدَّد حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته طبقًا لشروط العقد- النص الذي يتحدد باتفاق المتعاقدين في العقد يُقيد طرفيه كأصلٍ عام، ويصبح واجب التنفيذ ويمتنع الخروج عنه.

(هـ) عقد إداري– أحكام العقد وتنفيذه- مبدأ ثبات الشروط المالية في العقد- يعد الثمن المتفق عليه من أهم أركان العقد، والباعث إلى إبرامه- الشروط التي تتعلق بتحديد الثمن في العقد، سواء تعلقت بتحديده في أية صورة تم الاتفاق عليها، أو أساليب الوفاء به، ومواعيد وإجراءات وحالات الوفاء به، تعد شروطًا تعاقدية تتحدد باتفاق الطرفين، ولا يملك أيُّ طرفٍ التحلل منها أو تعديلها بإرادته المنفردة.

(و) هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة– تخصيص الأراضي، والبناء عليها- الاشتراطات البنائية للمنطقة الكائنة فيها قطعة الأرض محل التخصيص، والتي كانت نافذة ومعمولا بها في تاريخ التخصيص المبتدأ، تُعَدُّ جزءًا لا يتجزأ من قرار تخصيص الأرض وعقد بيعها- يترتب على التنازل عن تخصيص قطعة الأرض لشخصٍ آخر انتقالها إليه محملةً بالاشتراطات نفسها.

(ز) هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة– تخصيص الأراضي، والبناء عليها- يرتبط تحديد ثمن الأرض المخصَّصة للبناء عليها ارتباطًا وثيقًا بعدة عوامل، أهمها النسبة البنائية، والنشاط المخصَّصة له الأرض، وأسعار المثل السائدة- للهيئة تعديل الاشتراطات البنائية، وإعادة تقدير ثمن قطعة الأرض مقابلا لذلك، ومطالبة المخصص له بدفع الفرق في الثمن، مقابل الترخيص له في البناء على وفق الاشتراطات البنائية المعدَّلة.

– القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة، واللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 12/7/2011 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقريرَ الطعنِ الماثل، قُيِّدَ في جدولها العام برقم 36049 لسنة 57 القضائية (عليا)، طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 48914 لسنة 63 القضائية بجلسة 22/5/2011، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعيين المصروفات.

وطلب الطاعنان -للأسباب المبينة في تقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بطلباتهما المذكورة في صحيفة الدعوى الأصلية.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعنين المصروفات.

وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما، على وفق الثابت في الأوراق.

ونظر الطعن أمام الدائرة الخامسة (فحص الطعون) المنبثقة عن هذه المحكمة، على وفق الثابت في محاضر جلساتها، وفي جلسة 24/9/2013 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره في جلسة 16/11/2013، والتي نظرته فيها وفي الجلسات التالية لها، وفي جلسة 18/1/2014 قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.

وحيث إن الطعن استوفى جميع إجراءاته الشكلية، فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر النزاع في هذا الطعن تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن أوراق الطعن- في أنه بتاريخ 15/7/2009 أقام الطاعنان أمام محكمة القضاء الإداري في القاهرة الدعوى رقم 48914 لسنة 63 القضائية ضد المطعون ضدهما، وطلبا فيها الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية المدعى عليها السلبي بالامتناع عن الترخيص لهما في بناء قطعة الأرض رقم 10 في القطاع الرابع- بمركز مدينة القاهرة الجديدة، وذلك على أساس المخطط المقرر للمنطقة، بنسبة بناء 50% من مساحة الأرض بارتفاع أربعة طوابق، دون أداء علاوة عن الترخيص في ذلك، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها حساب المهلة المحددة لإتمام البناء والتشطيب من تاريخ تنفيذ تلك الجهة للحكم الصادر في الشق العاجل من الدعوى، مع تنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان، وإلزامها المصروفات، وذلك على سندٍ من القول إنه بتاريخ 23/8/2006 خصَّص جهاز مدينة القاهرة الجديدة قطعة الأرض المشار إليها إلى (عبد الحكيم…)، وسُلمت إليه، ولدى قيام المدعيين بشرائها منه قاما بمراجعة جهاز المدينة المذكور في شأن الاشتراطات البنائية للمنطقة الكائنة فيها هذه القطعة، فأفاد بأنه طبقًا لمخطط المدينة فإن الأرض مُخصَّصةٌ للاستعمال التجاري، ونسبة البناء 50% من مساحة الأرض، وبارتفاع أربعة طوابق، فتقدما بطلب إلى الجهاز المذكور للموافقة على تنازل المخصَّص له تلك القطعة إليهما، فأُخطِرَا بالموافقة على هذا التنازل بتاريخ 2/7/2007، وبعد أداء القسط الأول من ثمنها، تقدما بطلب للترخيص لهما في بنائها، طبقًا للاشتراطات البنائية للمنطقة، فرفض الجهاز تسلم الطلب؛ مُدعِيًا أن نسبة البناء 20% بارتفاع خمسة طوابق، فتظلما من ذلك إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، فأفاد نائب رئيس الهيئة للشئون الفنية بأن نسبة البناء 50% وبارتفاع أربعة طوابق، على وفق نسبة الارتداد المحددة، إلا أنه أخطر الجهاز المذكور بضرورة التقيد بالبناء بنسبة 20%؛ طبقًا لإخطار التخصيص، وقد أكد نائب رئيس الهيئة تعديل هذه الاشتراطات البنائية، لتكون نسبة البناء 50% بدلا من 20%، مقابل علاوة بواقع (4542) جنيهًا للمتر المربع، وإزاء إصرار الجهاز على ذلك، وامتناعه عن إصدار ترخيص البناء المطلوب، اضطرا إلى استصدار ترخيص على وفق الاشتراطات غير الصحيحة؛ للاحتفاظ بمهلة البناء ومدة التنفيذ، وإذ قدرا أن موقف تلك الجهة هذا يمثل قرارًا سلبيًا بالامتناع عن إصدار ترخيص البناء المطلوب، ومخالفًا للاشتراطات البنائية للمنطقة، وفاقدًا لسببه القانوني، ومشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة، فقد أقاما دعواهما بطلباتهما المبينة سالفًا.

………………………………………………..

وتدوول الشق العاجل من الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري المذكورة، على وفق الثابت في محاضر جلساتها، فقررت خلالها تكليف هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوع الدعوى، فأعدت الهيئة تقريرًا مُسبَّبًا في هذا الشأن، وفي جلسة 22/5/2011 أصدرت تلك المحكمة حكمها المطعون فيه، بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعيين المصروفات، بعد أن قامت بتكييف طلبات المدعيين بأن حقيقة ما يهدفان إليه هو الحكم بإلزام الهيئة المدعى عليها تعديل الاشتراطات البنائية لقطعة الأرض المشار إليها، ليصبح البناء بنسبة 50% من مساحتها وبارتفاع أربعة طوابق، بدلا من البناء بنسبة 20% وبارتفاع خمسة طوابق، دون تعديل في سعر المتر المتفَق عليه، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تقرير مهلة جديدة لإتمام أعمال البناء تبدأ من تاريخ إصدار الحكم في الدعوى.

وشيَّدت قضاءها -بعد استعراضها نصوص مواد القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة، واللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة- على أن الثابت في الأوراق أن قطعة الأرض المذكورة كانت مخصصة باسم/ عبد الحكيم… بتاريخ 23/8/2006، وأن الاشتراطات البنائية في هذا التاريخ للمنطقة الكائنة فيها هذه القطعة كانت البناء بنسبة 20% من المساحة وبارتفاع خمسة طوابق، وتحددت حقوق والتزامات الطرفين بما فيها ثمن المتر على هذا الأساس، وإذ آل التخصيصُ إلى المدعيين، باعتماد التنازل إليهما الصادر عن المخصَّص له القطعة، فمن ثَمَّ فإن المدعيين تكون لهما وعليهما الحقوق والالتزامات نفسها التي كانت مقررة بالنسبة للمخصَّص له الأصلي، فإذا رغب المدعيان في تعديل الاشتراطات البنائية، فإن هذا يعد بمثابة علاقة عقدية جديدة تتيح للهيئة إعادة النظر في ثمن المتر على وفق القواعد الجديدة؛ تحقيقًا للمساواة بين جميع المخصَّص لهم، وعدم إهدار الحقوق المالية للهيئة، ولما كان المدعيان يطلبان إلزام الهيئة تعديل الاشتراطات البنائية دون أن يقابله تعديل في السعر، فإنه يعد إجحافًا للجهة الإدارية وغمطًا لحقوقها، ومجافيًا للعدالة والأصول المقررة في تنفيذ الالتزامات العقدية، ويفتح الباب أمام التحايل والافتئات على الحقوق المالية للدولة، وهو ما تقضي معه المحكمة برفض الدعوى.

………………………………………………..

وحيث إن الطعن الماثل قد أُسِّسَ على أن الحكم المطعون فيه صدر مشوبًا بمخالفة القانون، والخطأ في تكييف الوقائع، بالإضافة إلى الفساد في الاستدلال، وإهدار حق الدفاع، واستند الطاعنان في ذلك إلى أسباب حاصلها: (أولا) أخطأ الحكم المطعون فيه في تكييف طلبات المدعيين، بما أخرجها عن نطاقها، فأصلُ الطلبات -على وفق ما جاء بصحيفة الدعوى- هي وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن الترخيص للطاعنين في البناء طبقًا لمخطط المنطقة الكائنة فيها القطعة المطلوب البناء عليها، وذلك بنسبة بناء 50%، بما يترتب على ذلك من آثار تتعلق بمهلة وتنفيذ أعمال البناء، في حين قامت المحكمة بتكييف هذه الطلبات على أنها المطالبة بتعديل الاشتراطات البنائية، لتكون البناء على مساحة 50% بدلا من 20%، مما أخرجها عن مضمونها ومقصودهما من دعواهما. (ثانيًا) أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تحصيل الوقائع، فيما يتعلق بتاريخ تخصيص قطعة الأرض لسلف الطاعنين، الذي تمَّ بعدَ تعديل الاشتراطات البنائية للمنطقة ليكون البناء بنسبة 50%، ورغم ذلك تضمن الحكم أن هذا التخصيص تمَّ قبلَ هذا التعديل، مما تستحق معه الجهة الإدارية العلاوة المطالِبة بها، وذلك على خلاف الثابت في الأوراق، فضلا عن ذلك لم تتضمن حيثيات الحكم المطعون فيه ما اشتملت عليه المستندات المقدمة من الطاعنين، وما أفصحت عنه مذكرات دفاعهما، ومن ثم لم يُفَنِّد أوجه دفاعهما الجوهرية التي تُغيِّر وجه الرأي في الدعوى، واختتم الطاعنان تقرير هذا الطعن بطلباتهما المبينة سالفًا.

………………………………………………..

– وحيث إنه عن الوجه الأول من وجهي النعي على الحكم المطعون فيه، المتعلق بالادعاء بمخالفته للقانون؛ لتكييفه طلبات الطاعنين بما أخرجها عن حقيقتها ومقصودهما من إبدائها، فإن هذا النعي غير سديد، ومردودٌ عليه بأنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها أمرٌ يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على وقائع الدعوى، وهو أمر تستقل به المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، فللمحكمة أن تتقصى طلبات المدعي وأن تستظهر النية الحقيقية من وراء إبدائها، إلا أن هذا مشروطٌ بألا يصل الأمر إلى حدِّ تعديل طلباته فيها، بإضافة ما لم يطالب به صراحةً، أو تحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصوده ونيته من وراء إبدائها، فلا يجوز للمحكمة أن تلجأ إلى تكييف الدعوى أو تحديد الطلبات فيها متى كانت هذه الطلبات واضحةً وصريحةً لا لبس فيها أو غموض، وهي تخضع في ذلك لرقابة محكمة الطعن.

ولما كان هذا، وكانت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة -على وفق أحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة- هي المسئولة عن هذه المجتمعات، وناط بها هذا القانون في سبيل تحقيق أهدافها إجراء التصرفات والأعمال اللازمة لذلك على أراضي المجتمعات العمرانية الجديدة مع الأفراد والجهات والشركات والجمعيات مباشرة، أو بواسطة أجهزة المدن التابعة لها، وخولها هذا القانون جميع السلطات والصلاحيات المقررة للوحدات المحلية؛ وذلك باعتبارها جهاز الدولة المختص في هذا الشأن، بحيث تملك التعاقد مع تلك الجهات والأفراد على الأراضي المخصَّصة للمجتمعات العمرانية الجديدة، بالبيع أو الانتفاع أو الإيجار، بحيث تخضع كغيرها من الجهات الإدارية في إبرام هذه العقود للقوانين واللوائح المعمول بها في هذا الشأن، كما خولها القانون نفسه الاختصاصات المتعلقة بإصدار تراخيص البناء الذي يُقام على الأراضي التابعة لها، وتحديد الاشتراطات البنائية الواجب الالتزام بها، على وفق التخطيط العام المعتمد لكل منطقة، وكذلك الموافقة على إدخال المرافق إليها، بحيث تُصدِر القرارات اللازمة لإصدار هذه التراخيص.

وإذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعنين أقاما دعواهما بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة بالامتناع عن الترخيص لهما في البناء على قطعة الأرض محل هذا القرار، طبقًا لمخطط المنطقة الكائنة فيها هذه القطعة، وذلك بنسبة بناء 50%، بما يترتب على ذلك من آثار تتعلق بحساب المهلة المحددة لإتمام البناء وتنفيذ أعمال البناء؛ لتكون من تاريخ تنفيذ الحكم الصادر في الشق العاجل من الدعوى، ومتى كان الأمر كذلك، فإن طلبات الطاعنين تدور وجودًا وعدمًا في فلك الاشتراطات البنائية للمنطقة الكائنة فيها القطعة المطلوب الترخيص بالبناء عليها، وهذه الاشتراطات جزءٌ لا يتجزأ من إخطار تخصيص قطعة الأرض وعقد شرائها، ومن ثم فإن المنازعة الماثلة ترتبط ارتباطًا وثيقًا باختصاصات الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية الجديدة، كجهة متعاقِدة، بما يجعلها منازعة عقدية؛ وتأسيسًا على هذا، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في شأن تكييف طلبات الطاعنين الواردة في صحيفة الدعوى ابتداءً بأنهما يهدفان منها إلى تعديل تلك الاشتراطات البنائية، متى كانت لا تتفق مع طلب الترخيص المقدم منهما، فإن هذا التكييف يكون في حدود المنازعة المطروحة، ولم يخرج عن أُطرِها القانونية، ويضحى النعي المبدى في هذا الوجه فاقدًا لسنده القانوني، جديرًا بالالتفات عنه.

– وحيث إنه عن الموضوع، وإذا كان مقطع النزاع في هذا الطعن ينحصر في تحديد الاشتراطات البنائية النافذة والمعمول بها في المنطقة الكائنة فيها قطعة الأرض {رقم (10) القطاع الرابع- التجمع الخامس- مدينة القاهرة الجديدة} المخصَّصة للطاعنين، وذلك إبان تخصيص هذه القطعة أول مرة لسلفهما المذكور، وما إذا كانت هذه الاشتراطات تقضي بالبناء بنسبة 20% من مساحة الأرض وبارتفاع خمسة طوابق، أم أنها بنسبة بناء 50% وبارتفاع أربعة طوابق، بما يترتب على ذلك من آثار، أخصها مدى جواز تعديل سعر متر الأرض من عدمه، وكذلك حساب المهلة المحددة للبدء في البناء ومدة تنفيذ أعمال البناء.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يجب تنفيذ العقد الإداري طبقًا لما اشتملت عليه شروطه، وبما يتفق ومبدأ حسن النية، على وفق الأصل العام المقرر في الالتزامات عمومًا، ومقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته تُحدد طبقًا لشروط العقد الذي يربطه بجهة الإدارة، والنص الذي يتحدد باتفاق المتعاقدين في العقد يُقيد طرفيه كأصلٍ عام، ويصبح واجبَ التنفيذ ويُمتَنَع الخروجُ عنه، ومرد ذلك أن ما اتفق عليه طرفا التعاقد هو شريعتهما التي تلاقت عندها إرادتهما، ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته، ويعد الثمن المتفَق عليه من أهم أركان العقد، والباعث إلى إبرام العقد، ويلتزم المتعاقِد بالوفاء به، ومن المسلم به أن الشروط التي تتعلق بتحديد الثمن في العقد -سواء تعلقت بتحديده في أية صورة تم الاتفاق عليها، على وفق طبيعة العقد، أو أساليب الوفاء بهذا الثمن، ومواعيد وإجراءات وحالات الوفاء به- تعد بصفة عامة شروطًا تعاقدية، وتتحدد باتفاق الطرفين، ولا يملك أيُّ طرفٍ التحلل منها أو تعديلها بإرادته المنفردة دون موافقة الطرف الآخر؛ نفاذًا لمبدأ ثبات أو جمود تلك الشروط التعاقدية، وبذلك فإن الحكم الذي يتحدد باتفاق المتعاقدين في العقد يُقيِّد طرفيه كأصلٍ عام، ومرد ذلك إلى أن ما اتفق عليه المتعاقدان هو شريعتهما التي تلاقت عندها إرادتهما، وقَبِلَا -تبعًا لذلك- تَرَتُّبَ الحقوق والتزامات كل منهما على أساسه؛ إعمالا لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين.

وحيث إنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء والقوانين المعدِّلة له، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن المشرع ألزم أصحاب الشأن -تحقيقًا للنظام العام وحماية للحقوق العامة للمواطنين- قبل الشروع في البناء على الأرض المملوكة لهم، بضرورة الحصول على ترخيصٍ في ذلك من الجهة المختصة بشئون التنظيم؛ تحقيقًا لرقابة هذه الجهات على استعمال حق البناء، بما يتفق مع الأصول الفنية والمواصفات العامة، ولا يتعارض مع مقتضيات الأمن والصحة والسكينة العامة، كما حظر المشرع -للأسباب المتقدمة نفسها- تعديل البناء أو تعليته إلا بناء على ترخيصٍ من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم؛ بحسبان أن منح ترخيص البناء -ابتداءً- تراعى فيه اعتبارات عديدة، منها الغرض الذي سوف تُستعمل فيه وحدات المبنى، وذلك لتأثير هذا الاستعمال في حركة المرور، وعلى سكان العقار نفسه والعقارات المجاورة له.

وحيث إنه هديًا بما تقدم، وإذ كان الثابت في الأوراق أنه بتاريخ 20/7/2005 تمَّ تخصيصُ قطعة الأرض رقم (10) بمساحة (4586,35) مترًا- في القطاع الرابع- التجمع الخامس- مدينة القاهرة الجديدة، باسم/ عفت…، ثم أُلغِيَ هذا التخصيص، وبتاريخ 24/7/2006 أعيد تخصيصها باسم/ عبد الحكيم…، وأُخطِرَ بذلك في 23/8/2006، وتضمن الإخطار ثمن المتر، ونسبة التميز، وكيفية أداء الثمن، والاشتراطات البنائية، ومنها البناء على نسبة 20% من إجمالي المساحة وبارتفاع خمسة طوابق، على وفق ما قدرته الجهات المختصة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بتاريخ 20/7/2005، وتمَّ تسليمُ هذه القطعة المذكورة بموجب محضر التسليم المؤرخ في 26/2/2007، وقد وافقت اللجنة العقارية المختصة بتاريخ 23/4/2007 على التنازل المقدَّم من المخصَّص له تلك القطعة للطاعنين، بالشروط نفسها المدونَة في إخطار التخصيص ومحضر التسليم المشار إليهما، وأخطرهما جهاز مدينة تنمية القاهرة الجديدة بذلك في 2/7/2007، فتقدم الطاعنان بطلب إلى جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة لاستصدار ترخيص بناءٍ على قطعة الأرض المشار إليها، بنسبة بناء 50% من المساحة وبارتفاع أرضي وثلاثة طوابق متكررة، فأخطرهما الجهاز بأن الاشتراطات البنائية لهذه القطعة على وفق قرار اللجنة المختصة هي البناء على نسبة 20% من المساحة وبارتفاع خمسة طوابق، ولا مانع لدى الجهاز من تطبيق الاشتراطات البنائية المعدَّلة لتكون نسبة البناء 50% وبارتفاع أرضي وثلاثة طوابق متكررة، على وفق اشتراطات المخطَّط المعدَّل المعتمَد لدراسة المعاملة المالية على وفق الاشتراطات البنائية المعدَّلة، وقد عُرِضَ الأمر على لجنة تسعير الأراضي المختصة في الهيئة المذكورة، التي قامت بدراسة الموضوع في ضوء تعديل الاشتراطات البنائية بزيادة البناء من 20% إلى 50% من مساحة الأرض، وأسعار آخر مزايدة قد تم طرحها لأراضٍ مماثلة، وخَلُصت تلك اللجنة إلى تحديد ثمن المتر بمبلغ (4542) جنيهًا، وتحديد إجمالي ثمن القطعة بمبلغ (20,831,565) جنيهًا، وأخطر الجهاز الطاعنين بذلك، وإذا لم يرتضيا بذلك، فقد تظلما إلى الجهات المختصة، ثم عقدا لواء هذه الخصومة على الوجه المبين سالفًا.

وحيث إنه قد ثبت على الوجه المتقدم -على وفق المدوَّن في المستندات المرافِقة لملف الطعن، المقدَّمة من طرفي هذا النزاع، خاصةً إخطار تخصيص قطعة الأرض محل طلب الترخيص ومحضر تسليمها، وهما جزءٌ لا يتجزأ من عقد بيعها- أن الاشتراطات البنائية المعتمَدة للبناء على هذه القطعة في تاريخ تخصيصها لسلف الطاعنين، وطبقًا لما حددته الهيئة في هذا الشأن، كان البناء على نسبة 20% من المساحة الإجمالية للأرض وبارتفاع خمسة طوابق، كنشاطٍ تجاري وإداري، وبثمن للمتر (800) جنيه، بالإضافة إلى نسبة التميز، وذلك على الوجه المحدَّد في قرار اللجنة العقارية الرئيسة في الهيئة المذكورة بجلستها رقم (60) بتاريخ 31/12/2005، المتضمن كذلك أنه في حالة تخصيص قطعة الأرض المذكورة باشتراطاتٍ بنائية أو نشاطٍ غير وارد في هذا القرار، يتم العرض على اللجنة لتحديده على وفق ما طرأ من تعديلات والأسعار المثيلة، وفي غضون شهر مارس 2006 وافقت الجهة المختصة في الهيئة المذكورة على تعديل الاشتراطات البنائية لقطع الأراضي الشاغرة في المنطقة الكائنة فيها قطعة الأرض موضوع هذا النزاع، لتصبح نسبة البناء عليها 50% وبارتفاع أرضي وثلاثة طوابق متكررة، بدلا من 20% وخمسة طوابق، على أن يكون هذا مقابل تعديل ثمن المتر بمعرفة لجنة تحديد الأسعار، ومتى كانت الحال كذلك، فإنه قد ثبت لدى المحكمة أن الاشتراطات البنائية التي كانت نافذة ومعمولا بها في تاريخ التخصيص المبتدأ لقطعة الأرض محل التداعي، كانت عبارة عن البناء على نسبة 20% من مساحة الأرض وبارتفاع خمسة طوابق، ولما كانت هذه الاشتراطات تُعَدُّ جزءًا لا يتجزأ من قرار تخصيص القطعة وعقد بيعها، وإذ تم تخصيص هذه القطعة لسلف الطاعنين بالاشتراطات نفسها، ثم التنازل عنها لهما، فمن ثم فإنها تنتقل إليهما محملةً بالاشتراطات ذاتها؛ على وفق قاعدة العقد شريعة المتعاقدين، ونفاذًا لأحكام قانون المجتمعات العمرانية الجديدة واللائحة العقارية للهيئة المشار إليها، ومن ثم فإن قيام الجهة الإدارية المطعون ضدها بتعديل تلك الاشتراطات البنائية، وإعادة تقدير ثمن متر الأرض مقابلا لذلك، ومطالَبتها الطاعنين بدفع الفرق في الثمن مقابل الترخيص لهما في البناء على وفق الاشتراطات البنائية المعدَّلة، يكون نفاذًا لأحكام العقد الأصلي الخاص بتلك القطعة، وعلى وفق مقتضياته وتنفيذه بما يتفق وحسن النية؛ بحسبان أن الثمن يُقيِّدُ الطرفين، ولا يجوز لأحدهما الانفراد بتعديله؛ باعتباره من الأركان الجامدة في العقد يُعَدَّل باتفاقهما؛ لارتباطه ارتباطًا وثيقًا بعدة عوامل أهمها النسبة البنائية، والنشاط المخصَّصة له الأرض، وأسعار المثل السائدة، وتأسيسًا على ذلك فإن مطالَبة الجهة المطعون ضدها للطاعنين بأداء فرق الثمن، مقابل الترخيص لهما في البناء على وفق الاشتراطات البنائية المعدَّلة، يكون متفقًا وصحيح حكم القانون، وتضحى مطالَبتهما لتلك الجهة بالترخيص لهما في البناء على وفق هذه الاشتراطات، بنسبة 50% من مساحة الأرض وبارتفاع أرضي وثلاثة طوابق متكررة، دون تعديل المقابل لذلك وهو تعديل الثمن، ليس لها سندٌ من الواقع أو القانون، وتكون دعواهما جديرةً بالرفض.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى النتيجة نفسها، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق من القانون، ويضحى هذا الطعن غير قائم على أساسٍ سليمٍ من القانون، مما يتعين معه القضاءُ برفضه.

وحيث إن خاسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادتين (184) و(270) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV