مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 16453 لسنة 53 القضائية (عليا)
يناير 5, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 14127 لسنة 57 القضائية (عليا)
يناير 5, 2021

الدائرة الثالثة – الطعنان رقما 1210 و 1477 لسنة 51 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 2 من أغسطس سنة 2016

الطعنان رقما 1210 و 1477 لسنة 51 القضائية (عليا)

(الدائرة الثالثة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد منصور محمد منصور، وأحمد عبد الراضي محمد، وجمال يوسف زكي علي، ومحمد محمد السعيد محمد.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

  • دعوى:

الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- طبيعة الطعون أمامها- لا يجب لقبول الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا أن تكون له أوجه معينة، بل يكفي أن يتضمن تقرير الطعن الأسباب التي بني عليها الطعن، وطلبات الطاعن، ولا يلزم ذكر جميع أسباب الطعن بتقريره، بل يكفي ذكر بعضها، وللطاعن أن يضيف إليها ما يشاء من أسباب أخرى، غير مقيد بميعاد الطعن أو إعلانه، كما أن له العدول عن الأسباب التي ذكرها في تقرير الطعن إلى أسباب أخرى غيرها- هذه التيسيرات أملتها طبيعةُ الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وكونُ الطعن أمامها ينقل الدعوى إليها بعناصرها الواقعية وأدلتها القانونية في حدود طلبات الطاعن، فيكون للطاعن أمامها أن يعيد الدعوى بجميع تفاصيلها ومسائلها الواقعية والقانونية المختلف عليها، وأن يدعي خطأ الحكم أو القرار المطعون فيه في كل هذه المسائل أو بعضها، ويكون للمحكمة في حدود الطعن المرفوع بحثُ جميع ما تنازع فيه الخصوم من مختلف المسائل، والنظرُ فى صوابِ الحكم المطعون فيه وخطئِه من جميع نواحيه، لتحكم بتأييده أو بإلغائه أو بتعديله- مفاد ذلك أن المحكمة الإدارية العليا تنظر في وجوه الطعن المبينة بالتقرير من المسائل القانونية والواقعية، جامعة بهذا بين سلطات محكمة النقض وسلطات محكمة الاستئناف؛ وذلك حتى يتحقق الحسم السريع للمنازعة الإدارية([1])– ترتيبا على ذلك: الطعن الثاني المقام من الطاعن الأول نفسه، في الحكم نفسه، بالطلبات نفسها، يندمج في الطعن الأول ويفقد استقلاله، مادام الطاعنون والطلبات في الطعنين واحدة، ولو تغيرت الأسباب التي أقيم عليها الطعن الثاني، ليغدو الطعنان طعنا واحدا.

  • دعوى:

انقطاع سير الخصومة- حجية الحكم الصادر بانقطاعها- انقطاع سير الخصومة بوفاة أحد الخصوم يقع بقوة القانون، دون حاجة إلى صدور حكم به، فالحكم به لا يعدو أن يكون تقريرا لحكم القانون، وبوصفه متعلقا بسير الدعوى، فلا يعد هذا الحكم قضاء في الحق محل المنازعة، فلا تكون له أية حجية.

  • المادتان (130) و(133/1) من قانون المرافعات.
  • دعوى:

حجية الأحكام، ومناط تعدي أثرها إلى الخلف- مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوى في دعوى تالية، سواء كان الحكم السابق صادرا في الموضوع نفسه، أو في مسألة كلية شاملة، أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين، أن يكون الحكم السابق صادرا بين الخصوم أنفسهم في الدعوى التالية، مع اتحاد الموضوع والسبب في الدعويين، فلا تقوم الحجية متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى التالية، حتى لو كان الحكم السابق صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة، إذ لا يستفيد الخصم منه أو يضار به إلا إذا تدخل أو أدخل في الدعوى، وأصبح بذلك طرفا في هذا الحكم.

الحكم يعد حجة على الخصوم وعلى خلفهم العام والخاص، متى كان متعلقا بالعين التي انتقلت إلى الخلف- إذا كان انصراف أثر العقد إلى الخلف الخاص لا يصادف محلا إلا إذا كان متعلقا بالشيء الذي انتقل إليه، وكان عقد السلف سابقا على العقد الذي بموجبه انتقل الشيء إلى الخلف، أما العقود التي يبرمها السلف في شأن الشيء المستخلف فيه بعد انتقاله إلى الخلف، فيعد هذا الخلف من الغير بالنسبة إليها، ولا يسري أثرها عليه؛ فإن الحكم كالعقد في هذا الشأن، فلا يتعدى أثره ولا تمتد حجيته إلى الخلف، إلا إذا صدر قبل انتقال الشيء إلى الخلف، واكتسابه الحق عليه، ولا يكفي أن تكون الدعوى قد رفعت قبل انتقال الشيء إذا صدر الحكم فيما بعد.

الحكم في الكل يعد حكما في الجزء، فإذا رفضت المحكمة طلب الإلغاء بالنسبة للمساحة موضوع العقد، فإن هذا الرفض ينسحب إلى المساحة التي تعد جزءا من مساحة هذا العقد، ولو كانت المساحة الأصغر واردة في عقد آخر منفصل.

  • المادة (146) من القانون المدني.
  • دعوى:

الحكم في الدعوى- أثر الحكم الصادر بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها- تستنفد محكمة أول درجة بهذا الحكم ولايتها في نظر موضوع الدعوى، ويطرح الطعن المقام على هذا الحكم الدعوى برمتها أمام محكمة الطعن، بما حوته من أدلة ودفوع وأوجه دفاع، ولا يجوز لها أن تعيدها إلى محكمة أول درجة، بل عليها أن تفصل في موضوعها، دون أن يعد ذلك من جانبها افتئاتا على مبدأ “التقاضي على درجتين”.

(هـ) إصلاح زراعي:

اللجان القضائية للإصلاح الزراعي- طبيعة ما يصدر عنها من قرارات- تعد هذه اللجان جهة قضائية، أنشأها المشرع، وخصها بالفصل دون سواها فيما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي من منازعات متعلقة بملكية الأراضى المستولى عليها، وقرارات الاستيلاء الصادرة بشأنها، وما يتصل بتوزيعها- كانت قرارات اللجان القضائية قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 1971 قرارات غير نهائية، وكان القرار النهائي هو ذلك القرار الذي يصدر عن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالتصديق على قرار اللجنة، وكان التصديق الذي يصدر في حدود هذا الاختصاص يعد مكملا لقرارات اللجنة القضائية ويأخذ حكمها، فيعد قرارا قضائيا بمثابة حكم نهائي، يحوز قوة الأمر المقضي، وتكون له حجيته فيما فصل فيه من الحقوق.

أجاز التعديل الذي أجراه المشرع بموجب القانون المشار إليه الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي، فخضعت تلك القرارات التي هي بمثابة أحكام قضائية إلى الأحكام المنظمة للطعون أمام المحكمة الإدارية العليا، فتصبح قرارات تلك اللجان بانقضاء ميعاد الطعن دون الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا نهائية، ولها حجية الأمر المقضي، ولم تعد نهائيةُ تلك القرارات معلقةً على تصديق مجلس إدارة الهيئة، كما كان الحال قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 1971([2]).

  • المادة (13 مكررا) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، المضافة بموجب القانون رقم 131 لسنة 1952، معدلة بموجب القانونين 245 لسنة 1955 و381 لسنة 1956، وقبل وبعد تعديلها بموجب القانون رقم 69 لسنة 1971.
  • إصلاح زراعي:

اللجان القضائية للإصلاح الزراعي- تطبيق أحكام قانون المرافعات أمامها- مؤدى كون هذه اللجان جهة قضاء مستقلة في شأن ما خصها الشارع بنظره من منازعات طبقا لقوانين الإصلاح الزراعي، هو التزامها بالأحكام الواردة بقانون المرافعات فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قوانين الإصلاح الزراعي.

  • إصلاح زراعي:

الحد الأقصى للملكية- الاستيلاء على القدر الزائد- إذا كان سند الاعتراض على الاستيلاء هو وجودُ عقدٍ أو تصرفٍ مدعًى صدورُه عن الخاضع أو خلفه إلى المعترض في تاريخ سابق على تاريخ العمل بأي من قوانين الإصلاح الزراعي، فإنه يجب للاعتداد بهذا العقد وإلغاء الاستيلاء على المساحة موضوع هذا التعاقد أن يثبت حقيقة صدوره فعلا عن الخاضع، وفي تاريخ ثابت سابق على تاريخ العمل بالقانون المطبق في الاستيلاء، فإذا لم يتحقق ذلك، لم يَجز الحكم بإلغاء الاستيلاء على أرض الاعتراض.

  • إصلاح زراعي:

الحد الأقصى للملكية- التصرف في القدر الزائد- القاعدة التي أوردها قانون الإصلاح الزراعي هي عدم الاعتداد بتصرفات المالك إلى فروعه وزوجه وأزواج فروعه ما لم تكن تلك التصرفات ثابتة التاريخ قبل التاريخ المحدد بالقانون واجب التطبيق- لم يأخذ المشرع هنا بالقاعدة العامة التي قررها قانون الشهر العقاري التي تقضي بوجوب شهر جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله، وأنه يترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم، ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن؛ إذ لم يشترط المشرع في قانون الإصلاح الزراعي أن يكون التصرف مسجلا، إذ لو قصد العقد المسجل لما كان هناك داع لأن يصفه بأنه “ثابت التاريخ”؛ لأن مجرد التسجيل يجعل للعقد تاريخا ثابتا، ولم يكن المشرع بحاجة إلى التعرض للعقود المسجلة قبل تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي؛ لأن الملك يكون قد انتقل بها قبل هذا التاريخ، وتحدد بها المالك الذي يجرى الاستيلاء لديه على الزائد عن الحد الأقصى للملكية- ليس للقانون المطبق في الاستيلاء أثر رجعى على ما انتقلت ملكيته فعلا قبل صدوره، إنما يكون له أثره المباشر فيما يخص الاستيلاء على الزيادة لدى المالك لها في تاريخ العمل به.

  • المادة (9) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.
  • المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي.
  • وقف:

الوقف على غير الخيرات– القاعدة هي أيلولة الوقف المنتهي بحكم المادة الثالثة من قانون إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات إلى الواقف إن كان حيا وقت نفاذ هذا القانون، والاستثناء هو عدم أيلولة الملكية الثابتة للوقف المنتهي إلى الواقف الذي كان حيا في ذلك الوقت، متى ثبت أن استحقاق من سيخلفه كان بعوض مالي، أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف طبقا للمادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946- النص في المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات يدل على أن الشارع أراد أن يجعل ملكية ما انتهى الوقف فيه للواقف إن كان حيا، وكان له حق الرجوع فيه، وإن لم يكن كذلك آلت الملكية للمستحقين كل بقدر حصته، وذلك دون حاجة إلى شهر إنهاء الوقف؛ إذ المرد فى هذا الإنهاء وما ترتب عليه من أيلولة الملكية إلى الواقف أو المستحقين (بحسب الأحوال) هو القانون نفسه لا مشيئة الواقف، فلا يعد من التصرفات الواجبة الشهر طبقا للمادة (9) من قانون تنظيم الشهر العقاري.

فيما يتعلق بالوقف نفسه: إذا لم يسجل إشهاد بإنشائه أو الرجوع فيه أو التغيير فى مصرفه، فلا يعتد بذلك بالنسبة للواقف أو غيره من ذوي الشأن، ولا يكون لهذا الإشهاد من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين الواقف وغيره من ذوي الشأن.

الوقف الذي تم مقابل عوض مالي في مفهوم المادة (4) من قانون إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات هو الذي نشأ قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 (بشأن أحكام الوقف)، فحكمه اللزوم، أي إنه لا يجوز للواقف أن يرجع فيه مطلقا، ولا يجوز له أن يغير في مصارفه وشروطه، ولهذا اللزوم كان الوقف طريقا من طرق سداد الديون وضمان الحقوق، ولا يكون الواقف -في الحقيقة- متبرعا، بل على صورة المتبرع، فلا يجوز له الرجوع في وقفه؛ لأن في رجوعه إضرارا بالدائنين، وتضييعا لحق صاحب الحق أو العوض، فالوقف قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 في 17/6/1946 كان لازما، ويتصور تمامه مقابل عوض مالي، ومن ثم يعتد بإقرار الواقف عن وقف منشأ قبل هذا التاريخ بتلقيه عوضا ماليا ممن سيخلفه بموجب إشهاد رسمي طبقا للفقرة الأخيرة من المادة (11) من قانون إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ويعد إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض حجة على ذوي الشأن جميعا؛ عملا بصراحة الفقرة الأخيرة من المادة (4) من هذا القانون.

أما الوقف الذي نشأ بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946، فحكمه أنه تبرع لازم في حياة الواقف، أي إنه يجوز للواقف الرجوع فيه والتغيير في مصارفه وشروطه، ولو حرم نفسه من ذلك، فلا يتصور أن دائنا للواقف أو صاحب حق له قبل الواقف يرضى باستيفاء دينه أو حقه عن طريق الوقف عليه؛ لأنه طريق لا ضمان فيه، مادام حق الواقف في رجوعه في وقفه ثابتا له، بوصف أنه واقف، ولو حرم نفسه منه، فهو غير لازم، ولا يتصور أن يكون مقابل عوض مالي، ويخرج عن نطاق الاستثناء، وتصدق عليه القاعدة، فيئول إلى الواقف الذي كان حيا وقت نفاذ القانون رقم 180 لسنة 1952، ولا عبرة بإقرار الواقف بتلقيه عوضا ماليا ممن سيخلفه بموجب إشهاد رسمي طبقا للفقرة الأخيرة من المادة (11) من قانون إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، لخروجه عن نطاق هذه المادة وعدم انطباقها عليه.

بعد الغاء الوقف الأهلي صدر التفسير التشريعي رقم 3 لسنة 1953 ناصا على أن: “يعتبر تصرفا خاضعا لحكم المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقوانين المعدلة له إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو ثبوت الحقوق قبله تنفيذا للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات والقوانين المعدلة له”، بما مؤداه أن يكون إقرار الواقف بالإشهاد الرسمي بتلقي العوض أمام هيئة التصرفات ثابت التاريخ قبل أول يناير 1944 حتى يعتد بتصرف الواقف إلى فروعه وأزواجه، وهذا التفسير التشريعي وإن صدر بدعوى تفسير المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، إلا أنه في حقيقته تعديلٌ لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (4) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، التي نصت -صراحة- على اعتبار إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض حجة على ذوي الشأن جميعا، ولما كان المشرع قد منح بمقتضى المادة (12) مكررا من قانون الإصلاح الزراعي جهة الإدارة (اللجنة العليا للإصلاح الزراعي، ومن بعدها مجلس إدارة الهيئة) سلطة تفسير أحكام قانون الإصلاح الزراعي دون غيره من التشريعات، فلا يجوز أن يكون التفسير موطئا إلى تعديل هذه النصوص ذاتها أو غيرها، ومن ثم وجب إهدارُ هذا التفسير والالتفات عنه، وإعمالُ حكم المادة (4) المذكورة آنفا؛ إذ لا يستوي نص تشريعي مع نص تضمنه قرار إداري، ولو كان له قوة التفسير التشريعي في مدارج العمل القانوني.

  • المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف.
  • المادة (9) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.
  • الفقرة الثانية من المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي.
  • المادة (12 مكررا) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، المضافة بموجب القانون رقم 264 لسنة 1952.
  • المواد من (1) إلى (4) من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات.
  • إصلاح زراعي:

الحد الأقصى للملكية- الاستيلاء على القدر الزائد- إذا كان الواقف حيا وقت العمل بقانون إلغاء الوقف تئول إليه ملكية الوقف، إلا إذا قرر بإشهاد رسمي في خلال ثلاثين يوما من تاريخ العمل بالقانون بأنه تلقى عوضا ماليا مقابل الوقف، فلا يكون للواقف حينئذ سوى حق الانتفاع مدى حياته، ويعد هذا الإقرار الثابت بالإشهاد الرسمي حجة على ذوي الشأن جميعا، بما فيهم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، مادام القانون قد أطلق عبارة “ذوي الشأن”، ولم يحدها بأي قيد أو استثناء، فلا ريب أن هذه الحجة تستطيل إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فتكون مساحة الأرض الزراعية التي انتهى فيها الوقف خارجة عن ملكية الواقف، داخلة في ملكية المستحقين وقت إنهاء الوقف، ويتعين مراعاة ذلك عند إعمال أحكام قوانين الإصلاح الزراعي، فتخرج المساحات التي انتهى فيها الوقف، والتي أقر الواقف بأنه تلقى عوضا ماليا مقابلها، عن دائرة الاستيلاء لدى هذا الواقف.

  • قانون:

التفسير التشريعي- سلطة تفسير نصوص التشريع، سواء تولتها السلطة التشريعية، أم باشرتها الجهة التي عهد إليها بهذا الاختصاص (كمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالنسبة لقانون الإصلاح الزراعي)، لا يجوز أن تكون موطئا إلى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها، أو يجاوز الأغراض المقصودة منها؛ ذلك أن المجال الطبيعي لهذا التفسير لا يعدو أن يكون وقوفا عند المقاصد الحقيقية التي توختها السلطة التشريعية من وراء إقرارها للنصوص القانونية، وهي مقاصد لا يجوز توهمها أو افتراضها كي لا تحمل هذه النصوص على غير المعنى المقصود منها ابتداء، بل مناطها ما تغياه المشرع حقا حين صاغها، وتلك هي الإرادة الحقيقية التي لا يجوز الالتواء بها، ويفترض في النصوص القانونية أن تكون كاشفة عنها مبلورة لها، وهي بعدُ إرادةٌ لا يجوز انتحالها بما يناقض عبارة النص نفسها، أو يعد مسخا أو تشويها لها، أو نكولا عن حقيقة مراميها، أو انتزاعا لبعض ألفاظها من سياقها- لا يجوز كذلك أن تتجاوز الجهة المنوط بها تفسير أحد التشريعات إلى تفسير غيره، أو أن يكون تفسيرها موطئا إلى تعديل نصوص هذا التشريع أو غيره، وإلا وجب على محكمة الموضوع إهدارُ هذا التفسير والالتفات عنه؛ إذ لا يستوي نص تشريعي مع نص تضمنه قرار إداري، ولو كان له قوة التفسير التشريعي في مدارج العمل القانوني.

الإجراءات

– في يوم الإثنين الموافق 8/11/2004 أودع وكيل الطاعنين (ورثة المرحومة/ مرفت حلمي يكن) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل، حيث قيد بجدولها برقم 1210 لسنة 51ق (عليا)، طعنا في القرار الصادر عن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي (اللجنة الأولى) بجلسة 13/9/2004 في الاعتراض رقم 2 لسنة 1993، الذي قضى بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه بالاعتراض رقم 84 لسنة 1955.

وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن الأول -وللأسباب الواردة فيه– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بالاعتداد بملكيتهم للمئة فدان كاملة الكائنة بناحية شبرا قبالة مركز السنبلاوين، وإلزام المطعون ضده المصروفات.

– وفي يوم الأربعاء الموافق 17/11/2004 أودع وكيل الطاعنين (ورثة المرحومة/ مرفت حلمي يكن) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الثاني، حيث قيد بجدولها برقم 1477 لسنة 51ق (عليا)، طعنا في القرار المشار إليه.

وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن الثاني -وللأسباب الواردة فيه– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددا بالاعتداد بالمئة فدان لورثة المرحومة/ مرفت حلمي يكن، مع رفض ادعاء المنازعة التي أقامها ورثة/ أحمد يكن، وورثة/ إبراهيم نجيب يكن، والمتدخلة: رجاء محمد سليمان، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.

وتم إعلان تقريري الطعن على الوجه المقرر قانونا.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن الأول، ارتأت فيه الحكم ببطلان تقرير الطعن لخلوه من أسباب وأوجه الطعن، وإلزام الطاعنين المصروفات، وفي الطعن الثاني الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعنين المصروفات.

ونظر الطعنان أمام هذه المحكمة بعد إحالتهما إليها وَتُدُووِلَا أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 29/12/2009 قررت ضم الطعن رقم 1477 لسنة51ق (عليا) إلى الطعن رقم 1210 لسنة51ق (عليا)؛ للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 22/3/2016 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 24/5/2016، وبها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

حيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق ومن القرار المطعون فيه- في أنه بتاريخ 4/1/1993 أقام ورثة/ مرفت حلمي يكن، وورثة زوجها/ عبد الظاهر محمد عيسى الدرمللي، الاعتراض رقم 2/1993 ضد ورثة/ أحمد زكي يكن، وورثة/ إبراهيم نجيب يكن، ورجاء محمد سليمان، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، بطلب الاعتداد بالمئة فدان لورثة المرحومة/ مرفت محمد حلمى يكن، مع رفض ادعاء المنازعة التي أقامها ورثة/ أحمد يكن، وورثة/ إبراهيم نجيب يكن، والمتدخلة/ رجاء محمد سليمان.

وقال المعترضون شرحا لاعتراضهم إنه منذ أكثر من خمسة عشر عاما ثار نزاع قضائي بين المعترضين والمعترض ضدهم من الورثة المذكورين حول مئة فدان من الأرض الزراعية الكائنة بمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، تصرفت فيها المرحومة/ نظيمة عباس يكن إلى حفيدتها/ مرفت محمد حلمي يكن (مورثة المعترضين)، وبعد أن صدر الحكم الابتدائي ثم الاستئنافى بأحقية مورثة المعترضين في الأرض المتنازع عليها طعن الورثة المعترض ضدهم بالنقض رقم 348 لسنة 54ق، حيث نُقض الحكم وأعيدت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، التي قضت من جديد بجلسة 14/4/1992 بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وأشارت في أسباب الحكم إلى اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بنظر النزاع، وهو ما حداهم على إقامة الاعتراض الماثل، مختصمين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لتقدم الملفات الخاصة بالمئة فدان المملوكة للمذكورة، واعتداد الهيئة بالبيوع التي تمت عنها، وبتقسيمها على أولاد المرحومة بما استقرت معه أوضاع هذه المساحة مذ زمن غير قليل، مع كف منازعة المعترض ضدهم الثلاثة الأول.

……………………………………………………..

وبجلسة 2/6/1996 ندبت اللجنة خبيرا في الاعتراض، وأودع تقريرا بتاريخ 10/5/1999 تضمن الآتي:

(أولا) الأطيان محل الاعتراض حقيقة مساحتها 20س 7ط 63 فدانا مشاعا في مساحة 7س 504ف بزمام شبرا قبالة- مركز السنبلاوين- دقهلية، بالحدود والمعالم الواردة تفصيلا ببند المعاينة…

(ثانيا) تم الاستيلاء ابتدائيا في 1/11/1955 على الأطيان محل الاعتراض ضمن مساحة أخرى 7س 504ف قبل الخاضعة/ نظيمة عباس يكن.

(ثالثا) أقامت الخاضعة/ نظيمة عباس يكن الاعتراض رقم 84 لسنة 1955 إصلاح زراعي لاستبعاد مسطح الاستيلاء وقدره 7س 504ف، على أساس أنه ضمن حجة الوقف الشرعية المؤرخة في 25/5/1911 محكمة مصر الشرعية، وصدر قرار اللجنة القضائية بجلسة 26/9/1960 بقبول الاعتراض شكلا، وباستبعاد مسطح الاستيلاء، وبعرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قرر بجلسة 5/1/1963 رفض قرار اللجنة القضائية، مع الاستمرار في الاستيلاء، وقد تم الاستيلاء النهائي في 26/5/1956، وتمت إجراءات اللصق بتاريخ 25/12/1956 بمقر الشرطة وعمدة الناحية، وتم النشر بالوقائع المصرية العدد 26 بتاريخ 29/3/1956.

(رابعا) التصرف سند الاعتراض تم شهره بالشهر العقاري بالمنصورة برقم 5113 في 15/9/1947 قبل تاريخ نفاذ القانون رقم 178 لسنة 1952، وقد أقرته الخاضعة، ولم يدرج ضمن أطيان التحفظ الخاصة بالخاضعة.

(خامسا) الأطيان محل الاعتراض ضمن مساحة أخرى تم توزيعها على صغار المزارعين بالانتفاع بالتمليك، وهي أطيان زراعية مربوطة بضريبة أرض زراعية وقت نفاذ القانون.

……………………………………………………..

وبجلسة 13/9/2004 أصدرت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قرارها المطعون فيه، قاضيا في منطوقه بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه بالاعتراض رقم 84 لسنة 1955.

وأقامت اللجنة قرارها على أنه ثبت تقديم اعتراضين عن ذات أطيان التداعي، هما الاعتراض الأول رقم 84 لسنة 1955، المقام من مورثة المعترضين (نظيمة عباس يكن) ضد الهيئة، وصدر فيه قرار اللجنة بجلسة 26/9/1960 باعتبار حجة الوقف الصادرة عن المرحومة/ نظيمة عباس يكن بتاريخ 25/5/1911 عن الأطيان محل الاعتراض وحجة الوقف المذكور بعوض مالي، وإلغاء قرار الاستيلاء على هذه الأطيان فيما يتعارض مع هذا الأساس. وبعرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قرر المجلس بجلسة 5/1/1963 بالقرار رقم (5) رفض قرار اللجنة القضائية، والموافقة على ما انتهى إليه رأي اللجنة الثالثة للقسم الاستشاري بمجلس الدولة بجلسة 25/12/1961، ولم تتضمن الأوراق ما يفيد إلغاء هذا القرار أو الطعن عليه.

والاعتراض الثاني رقم 90 لسنة 1955 مقام من مورثة المعترضين (مرفت محمد يكن) ضد: نظيمة عباس يكن والإصلاح الزراعي عن ذات الأطيان محل التداعي، وبجلسة 19/11/1956 قررت اللجنة انقطاع سير الخصومة لوفاة المعترض ضدها: نظيمة عباس يكن، ولم تتضمن الأوراق ما يفيد تجديد الاعتراض من الانقطاع.

ولما كان الاعتراضان رقما 84 لسنة 1955 و90 لسنة 1955، والاعتراض الماثل رقم 2 لسنة 1993 يتحدان في الخصوم والمحل والسبب، فإن الدفع بعدم جواز نظر الاعتراض الماثل لسابقة الفصل فيه يكون في محله.

……………………………………………………..

– وحيث إنه فيما يتعلق بشكل الطعنين: فإن الطاعنين بعد أن أقاموا طعنهم الأول رقم 1210 لسنة51ق (عليا) بتاريخ 8/11/2004، أقاموا طعنا آخر برقم 1477 لسنة 51ق (عليا) بتاريخ 17/11/2004 عن الحكم نفسه، في الميعاد، بمراعاة أن آخر يوم في الميعاد (وهو 12/11/2004) كان يوم جمعة، تلاها إجازة عيد الفطر المبارك، ولما كان الطعن أمام هذه المحكمة جائزا لكل خصم يتضرر من حكم صادر عن محكمة القضاء الإداري أو اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، وله مصلحة في تعديله أو إلغائه، ولا يجب لقبوله أن تكون له أوجه معينة، بل يكفي أن يتضمن تقرير الطعن الأسباب التي بني عليها الطعن، وطلبات الطاعن، ولا يلزم ذكر جميع أسباب الطعن بتقريره، بل يكفي ذكر بعضها، وللطاعن أن يضيف إليها ما يشاء من أسباب أخرى، غير مقيد بميعاد الطعن أو إعلانه، كما أن له العدول عن الأسباب التي ذكرها في تقرير الطعن إلى أسباب أخرى غيرها، وهي تيسيرات أملتها طبيعةُ الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وكونُ الطعن أمامها ينقل الدعوى إليها بعناصرها الواقعية وأدلتها القانونية في حدود طلبات الطاعن، فيكون للطاعن أمامها أن يعيد الاعتراض (أو الدعوى) بجميع تفاصيلها ومسائلها الواقعية والقانونية المختلف عليها، وأن يدعي خطأ الحكم أو القرار المطعون فيه في كل هذه المسائل أو بعضها، ويكون للمحكمة -في حدود الطعن المرفوع- بحثُ جميع ما تنازع فيه الخصوم من مختلف المسائل، والنظرُ فى صوابِ الحكم أو القرار المطعون فيه وخطئِه من جميع نواحيه، لتحكم بتأييده أو بإلغائه أو بتعديله، أي إن محكمة الطعن تنظر في وجوه الطعن المبينة بالتقرير من المسائل القانونية والواقعية، فتجمع بين سلطات محكمة النقض وسلطات محكمة الاستئناف؛ حتى يتحقق الحسم السريع للمنازعة الإدارية.

وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، فإن الطعن الثاني الذي تضمن تحديد أسباب الطعن يندمج في الطعن الأول ويفقد استقلاله، مادام الطاعنون والطلبات في الطعنين واحدة، ولو تغيرت الأسباب التي أقيم عليها الطعن الثاني، ليغدو الطعنان طعنا واحدا، وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.  

– وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون في الثاني منهما مخالفة قرار اللجنة القضائية المطعون فيه للقانون، وبيانا لذلك يقولون إن القرار الصادر في الاعتراض رقم 90 لسنة 1955 المقام من مورثتهم المرحومة/ مرفت حلمى يكن، وإن كان عن موضوع الاعتراض الحالي رقم 2 لسنة 1993، إلا أنه لم يُقضَ فيه بقضاء في الموضوع، بل بانقطاع سير الخصومة، وهو ما لا يحوز حجية.

وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن اللجان القضائية للإصلاح الزراعي تعد جهة قضاء مستقلة في شأن ما خصها الشارع بنظره من منازعات طبقا لقوانين الإصلاح الزراعي، ومؤدى ذلك التزام هذه اللجان بالأحكام الواردة بقانون المرافعات فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قوانين الإصلاح الزراعي. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2850 لسنة 30 ق.ع بجلسة 7/4/1987)، ولما كانت المادة (130) من قانون المرافعات تنص على أن “ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم…”، وتنص المادة (133/1) منه على أن: “تستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفي… بناءً على طلب الطرف الآخر أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناءً على طلب أولئك”، وكان انقطاع سير الخصومة بسبب وفاة أحد الخصوم يقع بقوة القانون دون حاجة لصدور حكم به؛ فإن الحكم به لا يعدو أن يكون تقريرا لحكم القانون، وبوصفه متعلقا بسير الدعوى، ولا يعد قضاء في الحق محل المنازعة، فلا تكون له أية حجية.

– وحيث إن السبب الأول يتحصل في النعي على قرار اللجنة القضائية المطعون فيه بمخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الاعتراض اللاحق رقم 2 لسنة 1993 مرفوع منهم باعتبارهم ملاكا بحجة وقف مشهرة برقم 3115 لسنة 1947، وإنهم وان كانوا من ورثة/ نظيمة عباس يكن، إلا أنهم لم يتلقوا الحق منها بعد صدور الحكم المتمثل في قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الصادر بتاريخ 5/1/1963، في حين أن تاريخ إشهاد حجة الوقف الصادرة لمورثتهم المرحومة/ مرفت حلمي يكن سنة 1947، كما أن هناك اختلافا في السبب والمحل الذي أقيم عليه الاعتراض؛ ذلك أن الاعتراض السابق (84/1955) كان أساسه الاعتراض على الاستيلاء على مساحة 7س 504ف، على اعتبار أن حجة الوقف المؤرخة في 25/5/1911 كانت بعوض مالي، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، أما الاعتراض اللاحق (الحالي) فكان تأسيسا على أن المساحة الواردة بحجة الوقف المشهرة برقم 5113 لسنة 1947 قد آلت إلى الموقوف لها (مورثة الطاعنين المرحومة/ مرفت حلمى يكن)، وهذه الحجة الأخيرة لم تكن الأساس القانوني أو السبب الذي رفع به الاعتراض السابق.

وحيث إن المادة رقم (13 مكررا) من القانون رقم 178 لسنة 1952، المضافة بموجب القانون رقم 131 لسنة 1952، والمعدلة بموجب القانونين 245 لسنة 1955 و381 لسنة 1956، وقبل استبدالها بموجب القانون رقم 69 لسنة 1971 تنص على أن: “… وتُشكّل لجنة قضائية أو أكثر… وتكون مهمتها في حالة المنازعة تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها، وذلك لتعيين ما يجب الاستيلاء عليه طبقا لأحكام هذا القانون، كما تختص هذه اللجنة بالفصل في المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضي… المستولى عليها.

ويكون القرار الذي تصدره اللجنة العليا باعتماد الاستيلاء والتوزيع بعد التحقيق والفحص بواسطة اللجان المشار إليها، نهائيا وقاطعا لكل نزاع في أصل الملكية وفي صحة إجراءات الاستيلاء والتوزيع. واستثناءً من أحكام قانون مجلس الدولة لا يجوز الطعن بإلغاء أو وقف تنفيذ قرارات الاستيلاء أو التوزيع الصادرة من اللجنة العليا للإصلاح الزراعي. واستثناءً من أحكام قانون نظام القضاء يمتنع على المحاكم النظر في المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها أو التي تكون محلا للاستيلاء وفقا للإقرارات المقدمة من الملاك تطبيقا لهذا القانون, كما يمتنع عليها النظر في المنازعات المتعلقة بالتوزيع…”.

وحيث إن مؤدى هذا النص أن اللجان القضائية -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هي جهة قضائية أنشأها المشرع، وخصها بالفصل دون سواها فيما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي من منازعات متعلقة بملكية الأراضى المستولى عليها، وقرارات الاستيلاء الصادرة بشأنها، وما يتصل بتوزيعها، وأن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هو المختص دون سواه بالتصديق على قرارات اللجنة القضائية، وقرار التصديق الذي يصدر في حدود هذا الاختصاص يعد مكملا لقرارات اللجنة القضائية ويأخذ حكمها، فيعد قرارا قضائيا، يحوز قوة الأمر المقضي، وتكون له حجيته فيما فصل فيه من الحقوق، إذ تلحق الصفة القضائية القرارات المكملة التي يختص مجلس إدارة الهيئة بإصدارها، سواء صدرت بالموافقة أو عدم الموافقة على قرارات اللجان القضائية، ويعد قرار التصديق بمثابة حكم نهائي، يحوز حجية الأمر المقضي بقطع كل نزاع حول الملكية، وفي صحة إجراءات الاستيلاء.

وحيث إن المادة رقم (13 مكررا) من القانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه، بعد تعديلها بموجب القانون رقم 69 لسنة 1971 الذي عمل به من 23/9/1971، قد أجازت الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي، الصادرة بعد العمل بهذا القانون، أما بالنسبة للقرارات الصادرة قبل العمل بذلك القانون فقد قضت المادة السادسة منه بجواز الطعن فيها إذا تحققت الشروط الواردة بالنص، وهي:1- أن يكون القرار صادرا فى إحدى منازعات تطبيق أحكام القانونين 178 لسنة 1952 و127 لسنة 1961. 2- ألا يكون قد صدر بشأنه قرار نهائى عن مجلس إدارة الهيئة. 3- أن يتم الطعن في القرار خلال الستين يوما التالية للعمل بأحكام هذا القانون.

وحيث إن مؤدى ما تقدم أن قرارات اللجان القضائية، قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 1971 كانت قرارات غير نهائية، وكان القرار النهائي هو ذلك القرار الذي يصدر عن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالتصديق على قرار اللجنة، أما بعد صدور هذا القانون، الذي أجاز الطعن في تلك القرارات أمام المحكمة الإدارية العليا، فقد خضعت تلك القرارات التي هي بمثابة أحكام قضائية إلى الأحكام المنظمة للطعون أمام المحكمة الإدارية العليا، ومؤدى ذلك أن قرارات تلك اللجان أصبحت بانقضاء ميعاد الطعن بعد العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1971 بعدم الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا نهائية، ولها حجية الأمر المقضي، ولم تعد نهائية تلك القرارات معلقة على تصديق مجلس إدارة الهيئة كما كان الحال قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 1971، وإن كان المشرع قد استثنى من جواز الطعن في قرارات تلك اللجان أمام المحكمة الإدارية العليا، تلك التي صدر بشأنها قرار نهائي عن مجلس إدارة الهيئة. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1595 لسنة 36ق عليا بجلسة 30/1/1996)، وهو ما سبق أن أكدته هذه المحكمة في الطعن رقم 2556 لسنة 30ق عليا بجلسة 30/4/1991، والطعن رقم 624 لسنة 23ق.ع بجلسة 6/4/1982 بقولها “إن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إذ يباشر في صدد اعتماده قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، ما اختُص به بنص صريح فى القانون، فإن ما يتولاه في هذا الشأن يتداخل مع عمل اللجنة، وهو عمل قضائي على ما سلف بيانه، فتلحق لزوما الصفة القضائية ما يصدره من قرارات، وتعد من الأحكام التي تحوز حجية الأمر المقضي، وتكون بهذه المثابة حجة على الجميع فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم ويتعلق بالحق نفسه محلا وسببا؛ إعمالا لحكم المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، والتي تنص على أن: “الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتتعلق بذات الحق محلا وسببا، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها” .

وحيث إنه من المقرر أن مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوى في دعوى تالية، سواء كان الحكم السابق صادرا في الموضوع نفسه، أو في مسألة كلية شاملة، أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين، أن يكون الحكم السابق صادرا بين الخصوم أنفسهم في الدعوى التالية، مع اتحاد الموضوع والسبب في الدعويين، فلا تقوم متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى التالية حتى لو كان الحكم السابق صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة، إذ لا يستفيد الخصم منه أو يضار به إلا إذا تدخل أو أدخل في الدعوى، وأصبح بذلك طرفا في هذا الحكم.

ومن المقرر أن الأحكام الصادرة على السلف تكون حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه؛ ذلك أن مفاد المادة (146) من التقنين المدني أن انصراف أثر العقد إلى الخلف الخاص لا يصادف محلا إلا إذا كان متعلقا بالشيء الذي انتقل إليه، وكان عقد السلف سابقا على العقد الذي بموجبه انتقل الشيء إلى الخلف، أما في العقود التي يبرمها السلف في شأن الشيء المستخلف فيه بعد انتقاله إلى الخلف، فيعد هذا الخلف من الغير بالنسبة إليها، ولا يسري أثرها عليه.

والحكم كالعقد في هذا الشأن، فلا يتعدى أثره ولا تمتد حجيته إلى الخلف، إلا إذا صدر قبل انتقال الشيء إلى الخلف، واكتسابه الحق عليه، ولا يكفي أن تكون الدعوى قد رفعت قبل انتقال الشيء إذا صدر الحكم فيما بعد.

كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن الحكم يعد حجة على الخصوم وعلى خلفهم العام (وهم الورثة)، وعلى خلفهم الخاص (وهم المشترون)، متى كان الحكم متعلقا بالعين التي انتقلت إلى الخلف، وأنه إذا كان سند الاعتراض هو وجودُ عقدٍ أو تصرفٍ مدعًى صدورُه عن الخاضع أو خلفه إلى المعترض في تاريخ سابق على تاريخ العمل بأي من قوانين الإصلاح الزراعي، فإنه يجب للاعتداد بهذا العقد وإلغاء الاستيلاء على المساحة موضوع هذا التعاقد أن يثبت حقيقة صدوره فعلا عن الخاضع، وفي تاريخ ثابت سابق على تاريخ العمل بالقانون المطبق في الاستيلاء، فإذا لم تتحقق هذه الشروط فإنه لا يجوز الحكم بإلغاء الاستيلاء على أرض الاعتراض.

ومن المسلمات أن الحكم في الكل يعد حكما في الجزء، فإذا رفضت المحكمة طلب الإلغاء بالنسبة للمساحة موضوع العقد، فإن هذا الرفض ينسحب إلى المساحة التي تعد جزءا من مساحة هذا العقد، ولو كانت المساحة الأصغر واردة في عقد آخر منفصل. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3786 لسنة 33ق بجلسة 13/3/1990).

وحيث إنه لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 27/8/1955 أقام كل من السيدة/ نظيمة عباس يكن (توفيت أثناء نظر الاعتراض في 13/3/1956 وحل محلها ورثتها)، والسادة: إبراهيم نجيب يكن الشهير بصالح، ومحمد حلمى يكن (توفي أثناء نظر الاعتراض وحل محله ورثته، ومن بينهم ابنته مرفت يكن)، وأحمد زكي يكن، وشهرزاد حسين (المعترضان الأصليان عن نفسيهما وبصفتيهما ورثة المرحومة/ نظيمة عباس يكن)، والسيدة/ مرفت يكن، اعتراضا أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قيد برقم 84/1955، بطلب صدور قرار اللجنة باعتماد الإشهاد الشرعي بالعوض الصادر عن المعترضة الأولى لباقي المعترضين بتاريخ 25/9/1952، مع عدم التعرض للأطيان الواردة بالعريضة أو لملكية أصحابها لها.

– وقالوا شرحا لاعتراضهم إنه سبق أن أوقفت السيدة/ نظيمة هانم يكن، كريمة المرحوم/ عباس باشا يكن، مساحة 16س 3ط 808ف بناحية شبرا قبالة- مركز السنبلاوين- مديرية الدقهلية، بموجب حجة شرعية صادرة عن محكمة مصر الشرعية في 25/5/1911، وقد أنشأت هذا الوقف على نفسها مدة حياتها، ثم من بعدها على أولادها: (عباس شكرى يكن، وإبراهيم نجيب يكن الشهير بصالح، ومحمد حلمي يكن، وأحمد زكى يكن، وابنتها نازلي يكن)، وبعد وفاة ابنها الأكبر (عباس شكري) عقيما، وابنتها (نازلي) عن بنت واحدة هي شهرزاد حسين، رأت أن تغير في وقفها هذا، وتخصص لكل من أولادها المذكورين وبنتي ولديها (مرفت وشهرزاد) جزءا نظير عوض مالي تأخذه منهم بنسبة ما تعطيه في الوقف، لتسد العجز المالي الذي طرأ عليها، فغيرت في مصارف هذا الوقف بإشهادٍ أمام محكمة المنصورة الشرعية بتاريخ 22/3/1947 على الوجه الآتي: (201 فدان لكل واحد من أبنائها الذكور، و101 فدان لابنة ابنتها: شهرزاد، ومئة فدان لابنة ابنها: مرفت يكن)، نظير العوض المالي للواقفة، وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة (11) من القانون رقم (48) لسنة 1946، التي قضت بأنه لا يجوز للواقف الرجوعُ ولا التغييرُ فيما وقَفَه، وَجَعْلُ استحقاقِه لغيره، إذا كان قد حَرَم نفسَه وذريتَه من هذا الاستحقاق، ومن الشروط العشرة بالنسبة له، أو ثبت أن هذا الاستحقاق لمن يخلفه في الاستحقاق كان نظير عوض مالي، أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف.

وتم إثبات هذا الإقرار رسميا في 19/12/1950، وبعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، الذي قررت المادة الرابعة منه أنه لا تئول الملكية إلى الواقف متى ثبت أن استحقاق من سيخلفه في الاستحقاق كان بعوض مالي، أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف، بادرت الواقفة بمجرد صدور هذا القانون بتقرير الحقيقة وتأكيدها بالإشهاد الرسمي أمام محكمة مصر الشرعية في 25/9/1952 بأن ما وقفته على أولادها وبنتي ولديها (مرفت وشهرزاد) كان نظير عوض مالي تلقته منهم، واتخذت بهذا الإشهاد إجراءات نقل التكليف، ووفقا لذلك فإن ملكية الرقبة للمذكورين، ويكون للواقفة (السيدة نظيمة هانم يكن) حق الانتفاع مدى حياتها.

وإذا كان المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي لا يبيح الاستيلاء على من تملك حق الانتفاع (الخاضعة)، إلا أنه صدر بعد ذلك تفسير تشريعى رقم 3 لسنة 1953 عن اللجنة العليا للإصلاح الزراعي بأن يعد تصرفا خاضعا لحكم المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقى العوض، أو إثبات الحقوق قبله تنفيذا للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952، أي إنه لا يعتد بإقرار العوض بالإشهاد الرسمي إلا اذا كان ثابت التاريخ قبل يناير سنة 1944، مما مكن الإصلاح الزراعي من الاستيلاء على خمس مئة فدان قبل الخاضعة/ نظيمة يكن هانم، بإجراءات باطلة.

– وقد تدوول الاعتراض أمام اللجنة القضائية، حيث أثبت الأستاذ/… الحاضر عن مرفت يكن بتوكيل رقم 11039 القاهرة، بمحضر جلسة 18/11/1957، تنازلها عن اعتراضها في هذه الدعوى؛ لأن هناك اعتراضا خاصا، وقررت اللجنة القضائية في هذه الجلسة إثبات تنازل المعترضة/ مرفت يكن، وكان حضورها في الجلسات التالية بصفتها أحد ورثة/ محمد حلمي يكن.

 وبجلسة 26/9/1960 قررت اللجنة في موضوع الاعتراض اعتبار حجة الوقف الصادرة عن المرحومة السيدة/ نظيمة عباس يكن بتاريخ 25/5/1911 عن الأطيان المبينة بصحيفة الاعتراض، وحجة الوقف المذكور بعوض مالي، وإلغاء قرار الاستيلاء على هذه الأطيان فيما يتعارض مع هذا الأساس.

وقد استطلعت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رأي إدارة الفتوى والتشريع للإصلاح الزراعي، فأصدرت الفتوى رقم 1577 في 26/9/1962 تفيد أنه تم عرض الموضوع على اللجنة الثالثة للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بجلسة 25/12/1961، وانتهى رأيها إلى عدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية الصادر في الاعتراض رقم 84/1955، ورفض الاعتراض المقدم من المعترضين؛ تأسيسا على أن دعوى وجود العوض عن الوقف على أولادها دعوى لم يقم دليل صحيح على صحتها، وأن التطبيق المباشر لحكم المادة الثالثة من قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات يؤدي إلى ارتداد ملكية الأعيان جميعها إلى ملكها إذا كانت حية، ولها الرجوع في الوقف طبقا للمادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946، وحقها في الرجوع فيه مبناه أنها لم تحرم نفسها وذريتها من الاستحقاق، ولم يثبت أن الاستحقاق كان بعوض مالي، أو لضمان حقوق ثابتة قبلها؛ ذلك أن الإشهاد المحرر في 22/3/1947 كان بتغيير بعض مصارف الوقف، وأجازت هيئة التصرفات التغيير مع سبق إسقاط الشروط العشرة بحجة الوقف، وذلك بقبول المستحقين، وتشير اللجنة الثالثة للفتوى إلى أن الحقيقة أن الإشهاد تم بحضور المستحقين أمام هيئة التصرفات، وأن حضورهم هذا وعدم اعتراضهم على التغيير، رغم أنه يمس أنصبة بعضهم بالتعديل، دليل على أن حق الواقفة في التغيير غير منكور، وأنه ليس هناك ادعاء بأن الوقف كان بعوض.

وبناء على هذا الرأي قرر مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بجلسته المنعقدة بتاريخ 5/1/1963 الموافقة على رأي إدارة الفتوى، ورفض الاعتراض رقم 84/1955، وعدم الموافقة على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي.

– ولما كان قرار اللجنة القضائية في الاعتراض 84/1955 صدر بجلسة 26/9/1960 (قبل صدور القانون رقم 69 لسنة 1971)، فإنه يعد قرارا غير نهائي، والقرار النهائي هو ذلك القرار الذي صدر عن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالتصديق بالرفض على قرار اللجنة في 5/1/1963، وهو قرار يتداخل مع عمل اللجنة القضائية، فتلحقه لزوما الصفة القضائية، ويحوز حجية الأمر المقضي.

ولما كان هذا القرار القضائي برفض اعتبار حجة الوقف الصادرة عن المرحومة السيدة/ نظيمة عباس يكن بتاريخ 25/5/1911، عن الأطيان المبينة بصحيفة الاعتراض وحجة الوقف المذكور، بعوض مالي، وإلغاء قرار الاستيلاء على هذه الأطيان، وهو قرار في مسألة لا تقبل التجزئة، لا حجية له في مواجهة السيدة/ مرفت يكن؛ لتركها الخصومة في هذا الاعتراض، وإثبات هذا الترك بمحضر جلسة 18/11/1957، مما ينتفي معه اتحاد الخصوم في الاعتراضين، ويكون قرار اللجنة بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه في غير محله.

كما أن هذا القرار القضائي لا يتعدى أثره ولا تمتد حجيته إلى الخلف (مرفت يكن)؛ لصدوره بتاريخ 5/1/1963، أي بعد انتقال الشيء إلى الخلف في 14/9/1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات.

وحيث إنه من المقرر -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الحكم بعدم جواز نظر الدعوى (أو الاعتراض) لسابقة الفصل فيها تستنفد به محكمة أول درجة (أو اللجنة القضائية) ولايتها في نظر موضوع الدعوى (أو الاعتراض)، ويطرح الطعن المقام عن هذا الحكم الدعوى (أو الاعتراض) برمتها أمام محكمة الطعن، بما حوته من أدلة ودفوع وأوجه دفاع، ولا يجوز لها أن تعيدها إلى محكمة أول درجة (أو اللجنة القضائية)، بل عليها أن تفصل في موضوعها، دون أن يعد ذلك من جانبها افتئاتا على مبدأ “التقاضي على درجتين”.

وحيث إن المشرع في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي (قبل تعديله بموجب القانون رقم 127 لسنة 1961) حظر على أي  شخص أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مئتى فدان، ورتب البطلان على كل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم، وحظَر تسجيله، وهذا الحظر من القواعد المتصلة بالنظام العام، فطبق حكمها بأثر مباشر على كل من كان يمتلك وقت العمل به في 9 سبتمبر سنة 1952 أكثر من القدر الجائز تملكه، كما يحظر تجاوز الملكية هذا الحد فى المستقبل .

وحكم البطلان لا مجال لإعماله إلا بالنسبة للتصرفات التي تبرم بعد 9 سبتمبر سنة 1952 (تاريخ العمل بهذا القانون)، أما التصرفات السابقة على هذا التاريخ فإن الحكم لا ينسحب عليها؛ لأن المشرع عالجها بحكم خاص فى المادة الثالثة، فلم يعتدّ في تطبيق أحكام هذا القانون (قبل تعديله بموجب القانون رقم 108 لسنة 1953) “(أ‌) بتصرفات المالك ولا بالرهون التي لم يثبت تاريخها قبل يوم 23 يوليو سنة 1952 (ب‌) بتصرفات المالك إلى فروعه وزوجه وأزواج فروعه التي لم يثبت تاريخها قبل أول يناير سنة 1944 (ج‌)…”، والمناط فى الاعتداد بتصرف المالك غير المشهر إلى فروعه وزوجه وأزواج فروعه هو ثبوت تاريخه قبل أول ينايرسنة 1944، فما لم يكن ثابت التاريخ قبل هذا اليوم لا يعتد به، بما من شأنه أن يعد المُتصرَّف فيه فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء باقيا على ملك المتصرِّف.

وبناء عليه فإن القاعدة التي أوردها قانون الإصلاح الزراعي هي عدم الاعتداد بتصرفات المالك إلى فروعه وزوجه وأزواج فروعه ما لم تكن تلك التصرفات ثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1944.

ولم يأخذ المشرع هنا بالقاعدة العامة التي قررتها المادة (9) من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 التي تقضي بوجوب شهر جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله، ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم، ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن، فلم يشترط المشرع في قانون الإصلاح الزراعي أن يكون التصرف مسجلا، إذ لو قصد العقد المسجل لما كان هناك داع لأن يصفه بأنه “ثابت التاريخ”؛ لأن مجرد التسجيل يجعل للعقد تاريخا ثابتا، ولم يكن المشرع بحاجة إلى التعرض للعقود المسجلة قبل تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي؛ لأن الملك يكون قد انتقل بها قبل هذا التاريخ، وتحدد بها المالك الذي يجرى الاستيلاء لديه على الزائد عن الحد الأقصى للملكية.

وليس للقانون المذكور أثر رجعى على ما انتقلت ملكيته فعلا قبل صدوره، إنما يكون له أثره المباشر فيما يختص بالاستيلاء على الزيادة لدى المالك لها فى تاريخ العمل به، ولهذا لم يتعرض للعقود المسجلة قبل هذا التاريخ في أي نص من نصوصه.

وحيث إن المشرع في الفقرة الثانية من المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه (قبل تعديلها بموجب القانون رقم 108 لسنة 1953، الذي أضاف الفقرات: د ، هـ، و، وبموجب القانون رقم 245 لسنة 1955، الذي عدل أحكام الفقرة و، وبموجب القانون رقم 267 لسنة 1956، الذي أضاف الفقرة ز) وما تلاها من تعديلات على أحكام هذه الفقرات، استثنى الوقف من قاعدة الحد الأقصى للملكية الواردة بالمادة الأولى، فأخرجه عن نطاق تطبيق القانون بنصه صراحة على أنه “استثناءً من حكم المادة السابقة:

(أ) يجوز للشركات والجمعيات أن تمتلك أكثر من مئتي فدان في الأراضي التي تستصلحها لبيعها، وذلك على الوجه المبيّن في القوانين واللوائح.

(ب) ويجوز للأفراد أن يمتلكوا أكثر من مئتي فدان من الأراضي البور والأراضي الصحراوية لاستصلاحها، ولا يسري على هذه الأراضي حكم المادة الأولى إلا بعد انقضاء خمس وعشرين سنة من وقت التملك، هذا مع عدم الإخلال بجواز التصرّف فيها قبل انقضاء هذه المدة.

(ج) ويجوز للشركات الصناعية الموجودة قبل صدور هذا القانون أن تمتلك مقدارا من الأراضي الزراعية يكون ضروريا للاستغلال الصناعي ولو زاد على مئتي فدان.

وكذلك يستثنى الوقف”.

وحيث إنه بعد العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 من 9/9/1952، صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات بتاريخ 14/9/1952 ناصا في مادته الأولى على أنه: “لا يجوز الوقف على غير الخيرات”، وفي المادة (2)على أن: “يعتبر منتهيا كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصا لجهة من جهات البر…”، وفي المادة (3) على أن: “يصبح ما ينتهي فيه الوقف على الوجه المبيّن في المادة السابقة ملكا للواقف إن كان حيا، وكان له حق الرجوع فيه. فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين كلٌ بقدر حصته في الاستحقاق. وإن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كلٌ بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق”.

وقد حكمت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 33 لسنة 23ق (دستورية) بجلسة 4/5/2008 بعدم دستورية نص المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، فيما نصت عليه من أيلولة أعيان الوقف بعد وفاة الواقف الأصلي إلى المستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم، كل بقدر حصته، أو حصة أصله فى الاستحقاق، دون باقي ورثة الواقف.

كما نصت المادة (4) على أنه: “استثناءً من أحكام المادة السابقة لا تئول الملكية إلى الواقف متى ثبت أن استحقاق من سيخلفه في الاستحقاق كان بعوض مالي، أو لضمان حقوق ثابتة قِبل الواقف وفقا لأحكام المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 السالف الذكر. وفي هذه الحالة يئول ملك الرقبة إلى من سيخلف الواقف من المستحقين كلٌ بقدر حصته على الوجه المبيّن في المادة السابقة. ويكون للواقف حق الانتفاع مدى حياته. ويُعتبر إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو ثبوت الحقوق قِبله حجة على ذوي الشأن جميعا متى صدر خلال الثلاثين يوما التالية للعمل بهذا القانون”.

وتنص المادة (11) من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946على أن: “للواقف أن يرجع في وقفه كله أو بعضه، كما يجوز له أن يغير في مصارفه وشروطه ولو حرم نفسه من ذلك، على ألا ينفذ التغيير إلا في حدود هذا القانون. ولا يجوز له الرجوع ولا التغيير فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون وجعل استحقاقه لغيره إذا كان قد حرم نفسه وذريته من هذا الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له، أو ثبت أن هذا الاستحقاق كان بعوض مالي، أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف…”.

وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن القاعدة هي أيلولة الوقف المنتهي بحكم المادة الثالثة من قانون إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات إلى الواقف إن كان حيا وقت نفاذ هذا القانون، والاستثناء هو عدم أيلولة الملكية الثابتة للوقف المنتهي إلي الواقف الذي كان حيا في ذلك الوقت، متى ثبت أن استحقاق من سيخلفه كان بعوض مالي، أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف طبقا للمادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946، فالنص فى المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات يدل على أن الشارع أراد أن يجعل ملكية ما انتهى إليه الوقف فيه للواقف إن كان حيا، وكان له حق الرجوع فيه، وإن لم يكن كذلك آلت الملكية للمستحقين كل بقدر حصته، وذلك دون حاجة إلى شهر إنهاء الوقف؛ إذ المرد فى هذا الإنهاء وما ترتب عليه من أيلولة الملكية إلى الواقف أو المستحقين بحسب الأحوال هو القانون نفسه لا مشيئة الواقف، فلا يعد من التصرفات الواجبة الشهر طبقا للمادة (9) من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946، بيد أنه فيما يتعلق بالوقف نفسه، فإنه إذا لم يسجل إشهاد بإنشائه أو الرجوع فيه أو التغيير فى مصرفه، فلا يعتد بذلك بالنسبة للواقف أو غيره من ذوي الشأن، ولا يكون لهذا الإشهاد من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين الواقف وغيره من ذوي الشأن.

وحيث ان الوقف الذي تم مقابل عوض مالي في مفهوم المادة (4) المشار إليها هو الذي نشأ قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946، فحكمه اللزوم، أي إنه لا يجوز للواقف أن يرجع فيه مطلقا، ولا يجوز له أن يغير في مصارفه وشروطه، ولهذا اللزوم كان الوقف طريقا من طرق سداد الديون وضمان الحقوق، ولا يكون الواقف -في الحقيقة- متبرعا، بل على صورة المتبرع، فلا يجوز له الرجوع في وقفه؛ لأن في رجوعه إضرارا بالدائنين، وتضييعا لحق صاحب الحق أو العوض، فالوقف قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 فى17/6/1946 كان لازما، ويتصور تمامه مقابل عوض مالي، ومن ثم يعتد بإقرار الواقف عن وقف منشأ قبل هذا التاريخ بتلقيه عوضا ماليا ممن سيخلفه بموجب إشهاد رسمي طبقا للفقرة الأخيرة من المادة (11) من قانون إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ويعد إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض حجة على ذوي الشأن جميعا؛ عملا بصراحة الفقرة الأخيرة من المادة (4) من هذا القانون.

والإشهاد بتلقي العوض حق استحدثه المشرع بعد العمل بقانون الإصلاح الزراعي، دون أن يضع قيودا على هذا الحق، وكل ما قرره في شأنه أن يصدر خلال الثلاثين يوما التالية للعمل بالمرسوم بقانون المشار إليه، بحيث إذا صدر الإشهاد خلال الأجل المحدد اعتبر -بصريح نص المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952- حجة على ذوي الشأن جميعا.

أما الوقف الذي نشأ بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946، فحكمه أنه تبرع لازم في حياة الواقف، أي إنه يجوز للواقف الرجوع فيه والتغيير في مصارفه وشروطه، ولو حرم نفسه من ذلك، فلا يتصور أن دائنا للواقف أو صاحب حق له قبل الواقف يرضى باستيفاء دينه أو حقه عن طريق الوقف عليه؛ لأنه طريق لا ضمان فيه، مادام حق الواقف في رجوعه في وقفه ثابتا له، بوصف أنه واقف، ولو حرم نفسه منه، فهو غير لازم، ولا يتصور أن يكون مقابل عوض مالي، ويخرج عن نطاق الاستثناء، وتصدق عليه القاعدة، فيئول إلى الواقف الذي كان حيا وقت نفاذ القانون رقم 180 لسنة 1952، ولا عبرة بإقرار الواقف بتلقيه عوضا ماليا ممن سيخلفه بموجب إشهاد رسمي طبقا للفقرة الأخيرة من المادة (11) من قانون إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، لخروجه عن نطاق هذه المادة وعدم انطباقها عليه.

وحيث إنه بعد الغاء الوقف الأهلي صدر التفسير التشريعي رقم 3 لسنة 1953 ناصا على أن: “يعتبر تصرفا خاضعا لحكم المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقوانين المعدلة له إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو ثبوت الحقوق قبله تنفيذا للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات والقوانين المعدلة له”، بما مؤداه أن يكون إقرار الواقف بالإشهاد الرسمي بتلقي العوض أمام هيئة التصرفات ثابت التاريخ قبل أول يناير 1944 حتى يعتد بتصرف الواقف إلى فروعه وأزواجه.

وحيث إن سلطة تفسير نصوص التشريع، سواء تولتها السلطة التشريعية، أم باشرتها الجهة التى عهد إليها بهذا الاختصاص، لا يجوز أن تكون موطئا إلى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها، أو يجاوز الأغراض المقصودة منها؛ ذلك أن المجال الطبيعي لهذا التفسير لا يعدو أن يكون وقوفا عند المقاصد الحقيقية التي توختها السلطة التشريعية من وراء إقرارها للنصوص القانونية، وهي مقاصد لا يجوز توهمها أو افتراضها كي لا تحمل هذه النصوص على غير المعنى المقصود منها ابتداء، بل مناطها ما تغياه المشرع حقا حين صاغها، وتلك هي الإرادة الحقيقية التي لا يجوز الالتواء بها، ويفترض في النصوص القانونية أن تكون كاشفة عنها مبلورة لها، وهي بعدُ إرادةٌ لا يجوز انتحالها بما يناقض عبارة النص نفسها، أو يعد مسخا أو تشويها لها، أو نكولا عن حقيقة مراميها، أو انتزاعا لبعض ألفاظها من سياقها، كذلك لا يجوز أن يتخذ التفسير التشريعي ذريعة لتعديل النصوص.  

وحيث إن التفسير التشريعى رقم 3 لسنة 1953، وإن صدر بدعوى تفسير المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، إلا أنه في حقيقته تعديلٌ لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (4) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، التي نصت -صراحة- على اعتبار إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض حجة على ذوي الشأن جميعا.

 ولما كان المشرع قد منح بمقتضى المادة (12) مكررا من قانون الإصلاح الزراعي المضافة بالقانون رقم 264 لسنة 1952 جهة الإدارة (اللجنة العليا للإصلاح الزراعي، ومن بعدها مجلس إدارة الهيئة) سلطة تفسير أحكام قانون الإصلاح الزراعي دون غيره من التشريعات، فلا يجوز أن يكون التفسير موطئا إلى تعديل هذه النصوص ذاتها أو غيرها، فمن ثم وجب إهدارُ هذا التفسير والالتفات عنه، وإعمالُ حكم المادة (4) المذكورة آنفا؛ إذ لا يستوي نص تشريعي مع نص تضمنه قرار إداري، ولو كان له قوة التفسير التشريعي في مدارج العمل القانوني.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه إذا كان الواقف حيا وقت العمل بقانون إلغاء الوقف تئول إليه ملكية الوقف، إلا إذا قرر بإشهاد رسمي في خلال ثلاثين يوما من تاريخ العمل بالقانون بأنه تلقى عوضا ماليا مقابل الوقف، فلا يكون للواقف حينئذ سوى حق الانتفاع مدى حياته، ويعد هذا الإقرار الثابت بالإشهاد الرسمي حجة على ذوي الشأن جميعا، بما فيهم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، مادام القانون قد أطلق عبارة “ذوي الشأن”، ولم يحدها بأي قيد أو استثناء، بل إنه أردفها بلفظ “جميعا”، فلا ريب أن هذه الحجة تستطيل إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فتكون مساحة الأرض الزراعية التي انتهى فيها الوقف خارجة عن ملكية الواقف، داخلة في ملكية المستحقين وقت إنهاء الوقف، ويتعين مراعاة ذلك عند إعمال أحكام قوانين الإصلاح الزراعي، فتخرج المساحات التي انتهى فيها الوقف، والتي أقر الواقف بأنه تلقى عوضا ماليا مقابلها، عن دائرة الاستيلاء لدى هذا الواقف. (الحكم في الطعن رقم 1338 لسنة 18 القضائية عليا بجلسة 25/6/1974).

وحيث إنه لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المرحومة/ نظيمة هانم يكن، كريمة المرحوم/ عباس باشا يكن، قد أوقفت مساحة 16س 3ط 808ف بناحية شبرا قبالة- مركز السنبلاوين- مديرية الدقهلية، بموجب حجة شرعية صادرة عن محكمة مصر الشرعية في 25/5/1911 (قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946)، وقد أنشأت هذا الوقف على نفسها تنتفع به مدة حياتها، ثم من بعدها وقفا على أولادها (عباس شكري يكن، وإبراهيم نجيب يكن الشهير بصالح، ومحمد حلمي يكن، وأحمد زكي يكن، وابنتها نازلي يكن)، وبعد وفاة ابنها الأكبر (عباس شكري) عقيما، وابنتها (نازلي) عن بنت واحدة هي شهرزاد حسين، قدمت الواقفة إلى هيئة التصرفات بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية طلبا بتغيير مصارف الوقف طبقا للمادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 متضمنا وقف مئة فدان لابنة ابنها السيدة/ مرفت يكن، عليها وعلى ذريتها من بعدها، وبجلسة 22/3/1947 صدر إشهاد تغيير الوقف وأشهر برقم 5113 بتاريخ 15/9/1947، وبعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات حال حياة الواقفة (التي توفيت في 13/5/1956) صدر إشهاد رسمي أمام محكمة مصر الشرعية في 25/9/1952 بإقرار الواقفة المذكورة بتلقي العوض من أولادها، وكان هذا الإقرار بالإشهاد بتلقي العوض قد تم في الميعاد المقرر قانونا (خلال الثلاثين يوما التالية للعمل بالقانون رقم 180 لسنة 1952 في 9/9/1952)، وبذلك تكون الواقفة/ نظيمة هانم يكن قد أشهدت على نفسها بإشهاد رسمي في الموعد المحدد قانونا لإجرائه، أنها كانت قد تلقت عوضا ماليا عن هذا الوقف، ومن ثم فإن ملكية الرقبة في المئة فدان تئول فى الحال إلى ابنة ابنها السيدة/ مرفت يكن، الموقوف عليها، وتصبح مالكة للمساحة موضوع النزاع منذ 14 من سبتمبر سنة 1952 (تاريخ العمل بالقانون رقم 180 لسنة 1952)، وانتهاء الوقف، وتخرج عن ملك الواقفة التي يقتصر حقها على الانتفاع مدى حياتها، وما يستتبعه ذلك من إخراجها عن دائرة الاستيلاء عليها، وإلغاء قرار الاستيلاء على هذه الأطيان.

ولا يسوغ للإصلاح الزراعى أن يعتبر هذه المساحة داخلة فى ملك الواقفة بإهدار هذا الإشهاد استنادا إلى التفسير التشريعي رقم 3 لسنة 1953؛ إذ يجب عليه الاعتداد بإشهاد تلقي العوض الصادر عن المرحومة/ نظيمة هانم يكن بتاريخ 25/9/1952 بالنسبة للوقف الذي أنشأته سنة 1911، وما لحقه من تغيير في مصارفه في عام 1947؛ لأنه ملزَم بالأخذ بالإشهاد وبنتائجه، فهو حجة على ذوي الشأن جميعا، بما فيهم الإصلاح الزراعي على النحو المبين سالفا.

وحيث إن قرار اللجنة القضائية المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر، وقضى بعدم جواز نظر الاعتراض رقم 2 لسنة 1993؛ لسابقة الفصل فيه بالاعتراض رقم 84 لسنة 1955، فإنه يكون خليقا بالإلغاء، والقضاء مجددا بالاعتداد بإشهاد تلقي العوض الصادر عن المرحومة/ نظيمة هانم يكن بتاريخ 25/9/1952 بالنسبة للوقف الذي أنشأته سنة 1911، وما لحقه من تغيير في مصارفه في عام 1947، وبأيلولة ملكية الرقبة في المئة فدان بناحية شبرا قبالة مركز السنبلاوين– دقهلية إلى السيدة/ مرفت حلمي يكن من 14/9/1952 (تاريخ إنهاء الوقف)، وإلغاء الاستيلاء عليها قبل الخاضعة المرحومة/ نظيمة هانم يكن، بعد أن زايلتها ملكيتها لهذه المساحة وقت صدور قرار الاستيلاء.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المطعون فيه الصادر في الاعتراض رقم 2 لسنة 1993، وألزمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي مصروفات الطعن، وفي موضوع الاعتراض بالاعتداد بملكية المرحومة/ مرفت حلمي يكن للمئة فدان بناحية شبرا قبالة- مركز السنبلاوين– دقهلية، وإلغاء الاستيلاء عليها.

([1]) أوضحت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 9/4/1988 في الطعن رقم 235 لسنة 33ق عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة في ثلاثين عاما، مكتب فني، المبدأ رقم 11/أ، ص139) الفرق بين رقابة النقض الإدارية التي تمارسها المحكمة الإدارية العليا، ورقابة النقض المدنية، حيث بينت أن النظامين يتطابق من حيث بنيان حالات الطعن بالنقض، ويختلفان من حيث ميعاد الطعن وشكله وإجراءاته وكيفية الحكم فيه، وأن لكل من النظامين قواعده الخاصة، مما يمتنع معه إجراء القياس؛ لوجود الفارق: إما من النص، أو من اختلاف طبيعة الطعنين، اختلافا مرده أساسا التباين بين طبيعة الروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام، وتلك التي تنشأ بين الأفراد في مجالات القانون الخاص، وذكرت في حكمها أن من السمات الخاصة التي قررتها المحكمة الإدارية العليا للنقض الإداري:

– أن سلطة المحكمة المطعون في حكمها في فهم الواقع أو الموضوع في دعوى الإلغاء ليست سلطة قطعية تقصر عنها سلطة المحكمة الإدارية العليا.

– أنه يجوز إبداء سبب جديد أمام المحكمة الإدارية العليا، ولو لم يتعلق بالنظام العام.

– أن الطعن في أحد شُقوق الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا يثير المنازعة برمتها أمامها، مادامت الطلبات مرتبطة ارتباطا جوهريا.

– أن بطلان الحكم للقصور المخل في أسبابه لا يمنع سلامة النتيجة التي انتهى إليها منطوقه في ذاتها، وأن تقضي بها هذه المحكمة إذا كانت الدعوى صالحة للحكم فيها ورأت الفصل فيها بنفسها.

– أنه إذا كانت الدعوى المطروحة أمام المحكمة الإدارية العليا مهيأة للفصل فيها، وكان موضوعها قد سبق طرحه برمته على المحكمة المطعون في حكمها، وتم استيفاء دفاع الخصوم فيها، فللمحكمة الإدارية العليا أن تتصدى للفصل في هذا الموضوع، ولا وجه لإعادة الدعوى إلى المحكمة للفصل فيها من جديد.

وقارن فيما يتعلق بجواز إبداء سبب جديد أمام المحكمة الإدارية العليا بما اتجهت إليه المحكمة الإدارية العليا لاحقا في حكمها الصادر بجلسة 27/3/2013 في الطعنين رقمي 16247 لسنة 53 القضائية عليا و34087 لسنة 56 القضائية عليا (منشور بمجموعة السنة 58 مكتب فني، المبدأ رقم 42، ص520)، حيث قررت أنه لا يجوز للطاعن أن يبني طعنه على سببٍ قانوني جديد لم يكن قد أبداه أو طرحه أمام محكمة الموضوع.

([2]) قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 14/4/2002 في القضية رقم 2 لسنة 22 القضائية (دستورية) بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (13 مكررا أ) من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي وذلك فيما تضمنته من توقف نهائية القرار الصادر في منازعات توزيع الأراضي على المنتفعين على تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وبعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (13 مكررا) فيما تضمنته من قصر الحق في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على القرارات الصادرة عن اللجان القضائية المنصوص عليها فى البند (1)، دون المنازعات المنصوص عليها في البند (2) من الفقرة الثالثة من المادة نفسها، وبسقوط الإشارة إلى المادة (13) الواردة بنص الفقرة الثانية من المادة نفسها.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV