برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف
نائب رئيس مجلس الدولــة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن سيد عبد العزيز، ومسعد عبد الحميد محمد، والسيد محمد محمود رمضان، ومحمد محمد السعيد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) عقد إداري– تنفيذه- مبدأ حسن النية- تخضع العقود لأصل عام من أصول القانون، يقضي بأن يكون تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وهو أصل مطبق في العقود الإدارية شأنها في ذلك شأن العقود المدنية- مقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع جهة الإدارة والتزاماته تتحدد طبقا لشروط العقد الذي يربطه بجهة الإدارة، وما اتفق عليه طرفا العقد هو شريعته التي تلاقت عندها إرادتهما، ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته.
(ب) جمارك– رسوم جمركية– الإعفاء منها- قرر المشرع أن تعفى من الضريبة الجمركية ما تستورده وزارة الداخلية من أسلحة وذخائر ومهمات خاصة ووسائل انتقال لازمة لنشاطها، فيما عدا سيارات الركوب- يشترط لهذا الإعفاء أن يَرِدَ لمصلحة الجمارك خطاب معتمد من وزير الداخلية، محدد به الأشياء المطلوب إعفاؤها، وبأنها لازمة لنشاط الوزارة، وأن ترد هذه الأصناف برسم وزارة الداخلية، أي أن تكون مستندات وبوالص شحن تلك الأصناف باسم الوزارة- لا يتأتى هذا إلا في حالة قيام الوزارة بنفسها باستيراد تلك الأصناف من الخارج، أما ما تحصل عليه وزارة الداخلية من تلك الأصناف عن طريق المناقصات أو المزايدات، وتم استيراده لحسابها ولكن بمعرفة المتعاقد معها، فإن الأصل عدم إعفائها من الضريبة الجمركية- لا يكفي أن يذكر في بوالص ومستندات الشحن أن الأصناف مستوردة لحساب وزارة الداخلية- إذا أعفيت الأصناف المستوردة عن طريق المناقصات أو المزايدات من الرسوم الجمركية لسبب ما، تقوم وزارة الداخلية بخصم قيمة تلك الرسوم الجمركية من قيمة التعاقد؛ حتى لا يستفيد المتعاقد من الإعفاء المقرر لمصلحة وزارة الداخلية.
– المادة رقم (5) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الإعفاءات الجمركية، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (193) لسنة 1986 (الملغاة لاحقا بموجب قرار وزير المالية رقم (861) لسنة 2005 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المذكور).
(ج) مسئولية– مسئولية الإدارة عن قراراتها– مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها هو قيام خطأ في جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
بتاريخ 18/6/2006 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل، حيث قيد بجدولها بالرقم عاليه، طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) في الدعوى رقم 9276 لسنة 49ق بجلسة 23/4/2006، القاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول (وزير المالية)، وبقبولها شكلا بالنسبة للمدعى عليه الثاني (وزير الداخلية)، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية رد الضريبة الجمركية للشركة المدعية، وتعويضها بمبلغ ألف جنيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتيهما في ختام تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم الطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه -بعد إعلان تقرير الطعن- الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة بالنسبة لوزير المالية (بصفته)، وبقبوله شكلا بالنسبة لوزير الداخلية (بصفته)، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعينت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3/6/2009 لنظر الطعن أمامها، وتدوول بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 6/1/2010 قدمت هيئة قضايا الدولة إعلان الشركة المطعون ضدها بتقرير الطعن، وبجلسة 5/5/2010 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 5/10/2010، وقد ورد الطعن ونظرته المحكمة بهذه الجلسة وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 17/12/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/3/2014 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الشركة المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها ضد الطاعنين بصفتيهما، وذلك بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السادسة) بتاريخ 10/6/2000 تطلب الحكم بأحقيتها في صرف قيمة المبالغ المسددة منها كضريبة جمركية عن البضائع المستوردة بشأن عقد التوريد المؤرخ في 15/4/1997، وإلزام المدعى عليهما متضامنين أن يؤديا للشركة المدعية مبلغ مئة ألف جنيه كتعويض مادي وأدبي والمصروفات.
وذكرت الشركة المدعية شرحا لدعواها أنها تعاقدت بتاريخ 15/4/1997 بعقد توريد مع وزارة الداخلية لتوريد غسالات ملابس ومستلزماتها للوزارة، وتضمن العقد في البند الثامن منه خصم قيمة الرسوم الجمركية وَفق تقدير الجمارك من قيمة العقد في حالة الإعفاء، وتتعهد الشركة بأن ترد المستندات برسم وزارة الداخلية.
وذكر في العقد نفسه أن عبارة “برسم وزارة الداخلية” تعني أن يذكر في بوليصة الشحن وفواتير الشراء أنها مستوردة لوزارة الداخلية طبقا للكتاب الدوري رقم 1995 الصادر عن مساعد وزير الداخلية للشئون المالية، وقد ورد بهذا الكتاب أن ما يطبق على الجمارك يطبق على ضريبة المبيعات.
وأضافت الشركة أنها قامت بالاستيراد طبقا لما سلف ولما هو متبع في وزارة الداخلية، وذكرت في بوالص الشحن وفواتير الشراء أنها لمصلحة وزارة الداخلية، وتقدمت بناء على ذلك لإدارة المشروعات بالوزارة المذكورة لاستخراج خطاب للجمارك وضريبة المبيعات للاستفادة من الإعفاءات الجمركية المقررة بالمادة 1/5 من القانون 186 لسنة 1986؛ لأن المغاسل المستوردة لازمة لمباشرة نشاط مرفق عام، وهو قوات الأمن المركزي، وبالفعل حصلت على خطابات للإعفاءات وقدمتها لجمرك ميناء الإسكندرية، الذي قبلها بالنسبة للإعفاءات من ضريبة المبيعات، لكنه رفض خطاب الإعفاء من الجمارك لنفس البضائع، وسددت الشركة الضريبة الجمركية ولم تستفد من الخصم المنصوص عليه في عقد التوريد، وسددت الضرائب الجمركية بذلك مرتين، وطالبت وزارة الداخلية ووزارة المالية باستردادها بعدة طلبات قوبلت جميعها بالرفض، مما حداها على إقامة الدعوى بطلباتها المبينة سالفا.
………………………………………………..
وبجلسة 23/4/2006 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها المطعون فيه القاضي بإلزام الجهة الإدارية (وزارة الداخلية) رد الضريبة الجمركية للشركة المدعية، وتعويضها بمبلغ ألف جنيه مع إلزامها المصروفات.
وشيدت المحكمة المذكورة قضاءها في الموضوع -بعد استعراض نصي المادتين 147و 148 من القانون المدني-ـ تأسيسا على أنه من المبادئ المسلم بها أن العقود تخضع لأصل عام من أصول القانون يقضي بأن يكون تنفيذها بطريقة متفقة مع ما يوجبه حسن النية، وهو أصل مطبق في العقود الإدارية شأنها في ذلك شأن العقود المدنية.
وأضافت المحكمة -بعد استعراض نص البند الثامن من العقد المبرم بين الشركة المدعية ووزارة الداخلية بشأن موضوع التداعي، والمادة الأولى من القانون رقم 186 لسنة 1988 بشأن الإعفاءات الجمركية، والمادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون- أن الثابت من أوراق الدعوى وبخاصة المخاطبة التي أرسلها مدير الإدارة العامة لرئاسة قوات الأمن المركزي إلى مدير عام جمارك الإسكندرية بتاريخ 29/4/1997 يطلب منه موافاته: هل تم الإعفاء من الجمارك للأصناف الموضحة بتلك البوالص أرقام 10/002 معدات ومغاسل محل عقد التوريد موضوع الدعوى، مع تحديد مبلغ الإعفاء حتى يمكن خصمه من قيمة الأصناف طبقا لشروط العقد المبرم مع الشركة المدعية، وأن مدير عام الجمارك قد رد على ذلك بأنه تم إعفاؤها من الضرائب الجمركية في 2/4/1998 والمبلغ هو 7156.4 جنيها وتم إعفاؤها أيضا من ضريبة المبيعات وهو مبلغ 5980.22 جنيها، ومن ثم فإنه إزاء ذلك وطبقا لشروط العقد المبرم بين الطرفين (البند ثامنا) فإن وزارة الداخلية تلزم بخصم قيمة الرسوم الجمركية وهي 7156.4 جنيها من قيمة التعاقد مع المدعية، مادام تم إعفاؤها من ذلك، مما يحق معه للمدعية تحصيل ذلك المبلغ من وزارة الداخلية.
وأضافت المحكمة المذكورة أنه وعن طلب التعويض فإن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها هو وجود خطأ في جانبها وضرر وعلاقة سببية، ولما كان الخطأ ثابتا في حق الجهة الإدارية وذلك برفضها خصم المبلغ الذي تم إعفاؤه من الضرائب الجمركية عن رسالة التوريد المذكورة سالفا كما جاء سلفا، وقد ترتب على ذلك ضرر بالمدعية يتمثل في حرمانها من الاستفادة من ذلك المبلغ من سنة 1998 وحتى تاريخ إقامة الدعوى، وتوفرت علاقة السببية، فإنه يحق للمدعية تعويضها عما أصابها من أضرار، وتقدره المحكمة بمبلغ ألف جنيه، تلتزم بها جهة وزارة الداخلية. وخلصت المحكمة المذكورة إلى قضائها المطعون عليه.
………………………………………………..
ولم يرتض الطاعنان هذا الحكم فطعنا عليه بالطعن الماثل ناعيين عليه مخالفة القانون والخطأ في فهم الواقع في الدعوى والقصور الشديد في البيان والفساد في الإسناد والتضارب بين الأسباب والمنطوق بحيث لا يعلم على أي أساس قضى بما قضى به؛ لأن الدعوى أقيمت لاسترداد قيمة الضريبة الجمركية التي قامت الشركة المطعون ضدها بسدادها على الأصناف التي استوردتها لحساب وزارة الداخلية، على أساس أنه كان يتعين إعفاء تلك الأصناف من الضريبة الجمركية مادام قد تم استيرادها لحساب وزارة الداخلية، وأن تحصيل تلك الضريبة من الشركة كان إجراء خاطئا من الجمارك ترتب عليه عدم استفادة الشركة من الخصم المقرر بالبند الثامن من عقد التوريد.
وأضاف الطاعنان أن ذلك هو ما قرراه بدفاعهما، إلا أنهما أسندا الخطأ في عدم الإعفاء إلى الشركة نفسها، حيث كان يتعين عليها استيراد الأصناف باسم الوزارة حتى تتمتع بالإعفاء، فلا يكفي أن يكون الاستيراد لحساب الوزارة المذكورة.
وبذلك فإن موضع النزاع هو مدى سلامة تحصيل مصلحة الجمارك الضريبة الجمركية، وليس ما إذا كان هذا التحصيل قد تم من عدمه، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى في الدعوى على أساس أن الضريبة الجمركية لم تسدد وتم إعفاء الأصناف منها، ورتب على ذلك وجوب تطبيق البند الثامن من العقد، وهو ما ينطوي على تغيير لسبب الدعوى، ناشئ عن الخطأ في فهم الواقع فيها، بما يعكس عدم وضوح الفكرة التي اعتنقها الحكم الطعين وبنى قضاءه عليها، لدرجة أنه تضارب مع نفسه، إذ قضى في المنطوق بإلزام الجهة الإدارية رد الضريبة إلى الشركة بما يعني أنه تم تحصيلها، رغم أنه بنى قضاءه على أن الضريبة لم تسدد وتم الإعفاء منها.
كما أضاف الطاعنان أنه مادام الثابت بلا خلاف بين الخصوم أن الضريبة تم سدادها ولم يتم الإعفاء منها، وأن سبب عدم الإعفاء هو أن الأصناف لم ترد باسم وزارة الداخلية، فإن الدعوى تكون على غير أساس، سواء بالنسبة لوزارة المالية أو بالنسبة لوزارة الداخلية، لأنه بالنسبة لوزارة المالية فإن مناط الإعفاء طبقا للمادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 186 لسنة 1986 الخاص بتنظيم الإعفاءات الجمركية أن تكون الأصناف قد تم استيرادها باسم وزارة الداخلية، أي أن يذكر في مستندات الشحن أن الوزارة هي المالكة، ولذلك نص البند الثامن من العقد المبرم بين الطرفين على التزام الشركة أن ترد المستندات برسم وزارة الداخلية، ولكن الشركة المطعون ضدها خالفت ذلك، وقامت باستيراد الأصناف المتعاقد عليها باسمها هي ولحساب وزارة الداخلية، فيكون قرار الجمارك بتحصيل الضريبة الجمركية صحيحا، وبالنسبة لوزارة الداخلية فقد طلبت من الجمارك إعفاء الأصناف ولكنها رفضت ذلك نتيجة لخطأ الشركة المطعون ضدها المشار إليه، ولذلك تكون دعواها المطعون على الحكم الصادر فيها فاقدة سندها من الواقع والقانون. وخلص الطاعنان في تقرير طعنهما إلى الطلبات المشار إليها.
………………………………………………..
وحيث إن المادة رقم (147) من القانون المدني تنص على أن: “1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون 2-…”.
وتنص المادة رقم (148) منه على أنه: “1- يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية 2-…”.
وحيث إنه من المبادئ المسلم بها أن العقود تخضع لأصل عام من أصول القانون، يقضي بأن يكون تنفيذها بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وهو أصل مطبق في العقود الإدارية شأنها في ذلك شأن العقود المدنية، ومقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع جهة الإدارة والتزاماته تتحدد طبقا لشروط العقد الذي يربطه بجهة الإدارة، وأن ما اتفق عليه طرفا العقد هو شريعته التي تلاقت عندها إرادتهما ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته.
كما أن من المقرر أيضا أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات التي تصدرها هو قيام خطأ في جانبها بأن يكون القرار غير مشروع وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وحيث إن المادة رقم (1) من قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية (الصادر بالقرار بقانون رقم 186 لسنة 1986) تنص على أن: “يعفى من الضرائب الجمركية وفقا للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير المالية بالاتفاق مع الوزير المختص ما يأتي:… 5- ما تستورده وزارة الداخلية من أسلحة وذخائر ومهمات وأجهزة خاصة ووسائل انتقال لازمة لنشاطها، فيما عدا سيارات الركوب”.
وتنص المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 193 لسنة 1986 على أنه: “يشترط لتطبيق الإعفاء المقرر بالبند (5) من المادة (1) من القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 المشار إليه ما يلي:
1- أن يرد خطاب معتمد من وزير الداخلية محدد به الأشياء المطلوب إعفاؤها، وبأنها لازمة لنشاط الوزارة.
2- أن ترد هذه الأصناف برسم وزارة الداخلية”.
وحيث إن المستفاد من هذه النصوص أن المشرع قرر إعفاء ما تستورده وزارة الداخلية من أسلحة وذخائر ومهمات خاصة ووسائل انتقال لازمة لنشاطها، فيما عدا سيارات الركوب، من الضريبة الجمركية، وذلك على وفق الشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار عن وزير المالية بالاتفاق مع وزير الداخلية، وقد اشترط لذلك الإعفاء على وفق قرار وزير المالية رقم 193 لسنة 1986 المشار إليه أن يَرِدَ لمصلحة الجمارك خطاب معتمد من وزير الداخلية محدد به الأشياء المطلوب إعفاؤها، وبأنها لازمة لنشاط الوزارة، وأن ترد هذه الأصناف برسم وزارة الداخلية، أي أن تكون مستندات وبوالص شحن تلك الأصناف باسم الوزارة، ولا يتأتى ذلك إلا في حالة قيام الوزارة بنفسها باستيراد تلك الأصناف من الخارج، أما ما تحصل عليه وزارة الداخلية من تلك الأصناف عن طريق المناقصات أو المزايدات، وتم الاستيراد لحسابها ولكن بمعرفة المتعاقد معها، فإن الأصل عدم إعفاء تلك الأصناف من الضريبة الجمركية -في هذه الحالة-؛ لأنه لا يمكن أن ترد مستندات وبوالص شحن الأصناف باسم وزارة الداخلية، إذ لا بد وأن يرد ذكر المتعاقد مع وزارة الداخلية (القائم بالاستيراد) بمستندات شحن تلك الأصناف، وفي هذه الحالة يتخلف شرط من شروط الإعفاء، وهو أن ترد الأصناف برسم الوزارة، فلا يكفي أن يذكر في بوالص ومستندات الشحن أن الأصناف مستوردة لحساب وزارة الداخلية؛ بحسبان أن الإعفاء مقرر للأصناف التي تستوردها الوزارة ولازمه لنشاطها، وأن ترد مستندات الشحن باسمها.
وحيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن وزارة الداخلية -الإدارة العامة لقوات الأمن المركزي- قد تعاقدت مع الشركة المطعون ضدها على قيام الأخيرة بتوريد عدة أصناف من المغاسل ومستلزماتها بقيمة إجمالية مقدارها (665000) جنيه، وحرر العقد بذلك في 15/4/1997، وتضمن في البند (8) منه النص على أنه: “سيتم خصم قيمة الرسوم الجمركية وفقا لتقدير الجمارك من قيمة التعاقد في حالة الإعفاء منها، وتتعهد الشركة بأن ترد مستندات الشحن برسم وزارة الداخلية”.
وحيث إن مفاد هذا النص -حسبما أسلفت المحكمة بيانه- أن ما تحصل عليه الوزارة من الأصناف اللازمة لنشاطها عن طريق المناقصات أو المزايدات لا يتمتع -بحسب الأصل- بالإعفاء من الضريبة الجمركية في حالة قيام المتعاقد مع الوزارة باستيراد تلك الأصناف لحساب الوزارة من الخارج، ومن ثم فإن قيمة التعاقد تكون شاملة قيمة الرسوم الجمركية، فإذا حصل وأعفيت تلك الأصناف من الرسوم الجمركية لسبب ما، قامت وزارة الداخلية بخصم قيمة الرسوم الجمركية حسب تقدير الجمارك من قيمة التعاقد؛ حتى لا يستفيدَ المتعاقد من الإعفاء المقرر لمصلحة الوزارة ويحصلَ على قيمة التعاقد شاملةً الرسوم الجمركية التي أعفي منها.
أما إذا ذكر المتعاقد في مستندات وبوالص الشحن أو الأصناف أنها لحساب وزارة الداخلية، وأرسلت الوزارة الكتاب المعتمد من وزير الداخلية بتحديد تلك الأصناف بأنها لازمة لنشاط الوزارة، ورغم ذلك قامت مصلحة الجمارك بتحصيل الرسوم الجمركية المقررة على تلك الأصناف لأنها لم تستورد باسم الوزارة، فلا يمكن نسبة خطأ إلى المتعاقد في هذه الحالة؛ بحسبان أن ذلك هو كل ما يملكه، ولا يجوز لوزارة الداخلية في هذه الحالة أن تخصم قيمة الرسوم الجمركية من مستحقات المتعاقد معها.
وترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قد قامت باستيراد الأصناف المتعاقد عليها وذكرت بمستندات الشحن الخاصة بها أنها مستوردة لحساب وزارة الداخلية (البوالص أرقام 10/002/groupage معدات مغاسل، والبوالص أرقام 045014/01/AL4 عشرة مغاسل ملابس للمجندين (المقدمة صور ضوئية منها بحافظة المستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة بجلسة 17/3/2010 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة)، وقد حررت وزارة الداخلية كتابيها رقم 12/14638 بتاريخ 27/12/1997، ورقم 12/1284 بتاريخ 2/2/1998 بشأن إعفاء وشمول تلك البوالص من الرسوم الجمركية لأنها لازمة لنشاط الوزارة، إلا أن مصلحة الجمارك (جمرك ميناء الإسكندرية) قامت بتحصيل الرسوم الجمركية المقررة على تلك الأصناف لعدم استيرادها باسم الوزارة، وذلك على وفق الثابت بكتاب مدير عام الإدارة العامة لرئاسة قوات الأمن المركزي رقم 239 بتاريخ 28/4/2002 الموجه إلى إدارة الشئون القانونية بالإدارة المركزية لجمارك الإسكندرية، وما أرفق به من صور مكاتبات إدارة جمارك الإسكندرية التي تثبت تحصيل الجمارك للرسوم الجمركية على تلك الأصناف من الشركة المطعون ضدها بمبلغ مقداره (7156.40) جنيها بموجب القسيمة رقم 477754م. في 1/4/1998-ـ 6 ط (حافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المقدمة بجلسة 17/3/2010).
ومن ثم وإذ قامت وزارة الداخلية بمعاودة خصم قيمة الرسوم الجمركية من مستحقات الشركة المتعاقدة (المطعون ضدها) بمقولة إن تحصيل الرسوم الجمركية وعدم إعفاء تلك الأصناف منها يرجع سببه إلى الشركة المطعون ضدها، لأنها لم تذكر بمستندات الشحن أنها مستوردة برسم وزارة الداخلية، فإن ما قامت به وزارة الداخلية يكون على غير سند صحيح من الواقع أو القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلزام وزارة الداخلية أن تؤدي إلى الشركة المتعاقدة قيمة الرسوم الجمركية التي خصمتها من مستحقاتها.
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى-لأسباب أخرى- إلى النتيجة نفسها، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه، مما يتعين معه رفض الطعن عليه، وذلك للأسباب التي قام عليها الحكم الماثل.
– وحيث إن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها هو قيام خطأ في جانبها بأن يكون قرارها غير مشروع وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وقد ثبت خطأ الجهة الإدارية -على نحو ما أسلفت المحكمة بيانه-ـ، وقد ترتب على هذا الخطأ ضرر للشركة المطعون ضدها تمثل في حرمانها من المبالغ التي خصمتها الجهة الإدارية (وزارة الداخلية) من مستحقاتها بدون وجه حق (قيمة الرسوم الجمركية)، فضلا عما تكبدته الشركة المطعون ضدها من مبالغ في سبيل الحصول على حقها، وقد قامت علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فمن ثم يتعين إلزام الجهة الإدارية (وزارة الداخلية) تعويض الشركة المطعون ضدها بالتعويض الجابر لهذا الضرر.
وإذ قدرت محكمة أول درجة هذا التعويض بحكمها المطعون عليه بمبلغ ألف جنيه، وترى هذه المحكمة أن هذا المبلغ ملائم لجبر الضرر، فإن الحكم المطعون عليه يكون في هذا الخصوص أيضا متفقا وصحيح حكم القانون، جديرا بالتأييد ورفض الطعن عليه، وهو ما تقضي به المحكمة.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |