مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 5367 لسنة 58 القضائية (عليا)
أبريل 6, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 6711 لسنة 53 القضائية (عليا)
أبريل 6, 2021

الدائرة الأولى – الطعن رقم 3852 لسنة 50 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 14 من مارس سنة 2015

الطعن رقم 3852 لسنة 50 القضائية (عليا)

(الدائرة الأولى)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، وأحمد جمال أحمد عثمان.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– دعوى البطلان الأصلية- طبيعتها، وميعاد رفعها- دعوى البطلان هي أداة لرد الأحكام التي أصابها عوار في مقوماتها عن إنفاذ آثارها القضائية- لا يجوز تطبيق مواعيد الطعن بالاستئناف أو النقض عليها([1]).

(ب) تحكيم– قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية (الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994) هو القانون الإجرائي العام في مجال التحكيم الذي يُجرى في مصر- هذا القانون لم يلغِ أحكام التحكيم الواردة في قانون هيئات القطاع العام وشركاته (الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983).

– القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية.

(ج) تحكيم– التحكيم الإجباري في منازعات هيئات القطاع العام وشركاته- ميعاد رفع دعوى بطلان أحكام ذلك التحكيم- إزاء عدم وجود نصوص قائمة تنظم قواعد رفع هذه الدعوى، يتعين استصحاب الأحكام المتعلقة بدعوى بطلان أحكام التحكيم المنصوص عليها في قانون التحكيم الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، بما يتفق ولا يتعارض مع طبيعة التحكيم الإجباري وقواعده.

– المادة رقم (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته، الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، (المقضي بعدم دستورية الفقرة الأولى منها).

– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 95 لسنة 20ق (دستورية) بجلسة 11/5/2003 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (66) المذكورة سالفا.

– المادتان الأولى والثالثة من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، والمواد أرقام (1) و(4) و(53) و(54) من هذا القانون.

(د) تحكيم– التحكيم الإجباري في منازعات هيئات القطاع العام وشركاته- طبيعة التحكيم الإجباري تتأبى ووجود اتفاق مسبق بين الطرفين على اللجوء إلى طريق التحكيم، سواء في صورة شرط أو مشارطة تحكيم- لا يبطل حكم التحكيم في المنازعات التي تخضع للتحكيم الإجباري بسبب عدم وجود اتفاق تحكيم.

(هـ) تحكيم– التحكيم الإجباري في منازعات هيئات القطاع العام وشركاته- طبيعة التحكيم الإجباري تتنافى ووجود اتفاق مسبق بين طرفي النزاع يحدد ضمن ما يحدده القانون الموضوعي الواجب تطبيقه- لا تتقيد هيئة التحكيم عند الفصل في النزاع بقانون معين.

(و) قطاع عام– مناط اعتبار الشركة من شركات القطاع العام- تحول هيئات القطاع العام وشركاته إلى شركات قطاع الأعمال العام- مناط تطبيق القانون رقم 97 لسنة 1983 منذ العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 بات محصورا في شركات القطاع العام التي لم يشملها الحلول، وتلك التي صدرت بشأنها أنظمة خاصة.

– المادتان رقما (28) و(29) من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام، الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1971 (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 97 لسنة 1983 المشار إليه).

– المادة رقم (18) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته، الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983.

– المواد الأولى والثانية والثالثة والتاسعة من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام، والمادة رقم (40) من هذا القانون.

(ز) هيئة قناة السويس– يجوز لها تأسيس شركات مساهمة بمفردها- يصدق على هذه الشركات أنها من شركات القطاع العام، ما لم تشملها أي من القرارات الصادرة بإنشاء أو دمج أو نقل تبعية الشركات القابضة والتابعة الخاضعة للقانون رقم 203 لسنة 1991([2]).

– قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 124 لسنة 1963 بتخويل هيئة قناة السويس سلطة تأسيس شركات مساهمة، (قبل تعديله بموجب القرار الجمهوري بقانون رقم 90 لسنة 2015).

– المادة رقم (2) من القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس.

الإجراءات

في يوم السبت الموافق 17/1/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنا في حكم هيئة التحكيم المشكلة بوزارة العدل الصادر في طلب التحكيم رقم 8 لسنة 2003 بجلسة 20/9/2003، الذي قضى منطوقه: (أولا) برفض الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم ولائيا بنظر الطلب، و(ثانيا) برفض الدفع ببطلان الطلب لعدم توقيعه من محام مختص، و(ثالثا) بإلزام المحتكم ضدها (محافظة السويس) بأداء مبلغ 4738403 جنيهات (أربعة ملايين وسبع مئة وثمانية وثلاثين ألفا وأربع مئة وثلاثة جنيهات) للشركة المحتكمة (شركة القناة للمواني والمشروعات الكبرى)، وألزمت المحتكم ضدها المناسب من المصروفات، شاملة أتعاب المحاماة، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

وطلب الطاعن بصفته -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بوقف تنفيذ حكم التحكيم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للقضاء بقبوله شكلا، وفى الموضوع ببطلان حكم التحكيم واعتباره كأن لم يكن، وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.

وقد أعلن تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول دعوى البطلان شكلا، وفي الموضوع ببطلان حكم هيئة التحكيم المطعون فيه فيما قضى به من اختصاصها بنظر الموضوع، والأمر بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة الإسماعيلية) للفصل في موضوع النزاع مع إرجاء البت في المصروفات.

وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 16/6/2014 قررت دائرة فحص الطعون إحالته إلى هذه المحكمة وجرى تداوله أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/12/2014 قدم الحاضر عن الشركة المطعون ضدها مذكرة ختامية طلب فيها: (أصليا) الحكم بعدم قبول دعوى البطلان لرفعها بعد الميعاد، و(احتياطيا) برفضها موضوعا، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 21/2/2015، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد إتمام المداولة.

– وحيث إنه عن دفع الشركة المطعون ضدها بعدم قبول دعوى بطلان حكم التحكيم المشار إليه لرفعها بعد مرور ستين يوما من تاريخ صدور حكم التحكيم، تأسيسا على أن حكم التحكيم المطعون فيه قد صدر على وفق نظام التحكيم الإجباري المنصوص عليه في قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، والذي خلا من النصوص التشريعية المنظمة لقواعد وإجراءات ومواعيد الطعن ببطلان أحكام التحكيم الصادرة تطبيقا له، مما مؤداه تطبيق قانون المرافعات المدنية والتجارية بحسبانه قانون الإجراءات العام، الذي حدد ميعاد الطعن بطريق الاستئناف بأربعين يوما، وبطريق النقض بستين يوما، من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.

وحيث إن المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 كانت تنص على أن: “تكون أحكام هيئات التحكيم نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن…”.

وحيث إن النص المتقدم كان يسبغ على الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم المشكلة على وفق قانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983 (المذكور سالفا) حجية مطلقة، تعصمها من أية قابلية للتصحيح، أيا كانت مدارج البطلان التي أنزلتها إياها تلك العيوب التي لحقت بها، واختصها بمعاملة تحول والطعن عليها بدعوى البطلان أو بأي طريق آخر من طرق الطعن، ممايزا بينها وبين جميع الأحكام القضائية والتحكيمية الأخرى الصادرة على وفق نظام التحكيم الاتفاقي، إلا أنه ولما كان هذا النص قد قضي بعدم دستوريته بموجب الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 95 لسنة 20 القضائية (دستورية) بجلسة 11 من مايو سنة 2003؛ لمخالفته مبدأ المساواة أمام القانون وخضوع الدولة لأحكامه، والمادتين رقمي (40) و(65) من الدستور الذي كان قائما آنذاك، مما كان حريا معه بالمشرع أن يبادر إلى ملء الفراغ التشريعي الذي أنتجه حكم المحكمة الدستورية العليا المذكور سالفا، ويقوم بتنفيذ مقتضاه، وذلك بإصدار تعديل تشريعي لقانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983 المشار إليه، ينظم بموجبه قواعد دعوى بطلان أحكام التحكيم الصادرة على وِفقه، لاسيما أن هذا التحكيم الإجباري يختلف في طبيعته وشروطه عن التحكيم الاتفاقى الذي ينظمه القانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، كما يختلف من حيث الطبيعة والشروط أيضا عن نظام التحكيم الاتفاقى الذي كان منصوصا عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 في المواد من (501) إلى (513)، فضلا عن كون هذه المواد قد ألغيت -ومن ثم امتنع قانونا تطبيقها- بموجب نص المادة (الثالثة) من القانون رقم 27 لسنة 1994، إلا أن ذلك لم يحدث حيث لم يصدر المشرع هذا التشريع بعد.

وحيث إن دعوى البطلان تختلف عن طرق الطعن الأخرى العادية وغير العادية؛ بتقدير أنها لا تعد طريقا من طرق الطعن في الأحكام، بل هي أداة لرد الأحكام التي أصابها عوار في مقوماتها عن إنفاذ آثارها القضائية، فمن ثم لا يجوز تطبيق مواعيد الطعن بالاستئناف أو النقض المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية على دعوى البطلان الماثلة.

وحيث إن المادة (الأولى) من مواد الإصدار بالقانون رقم 27 لسنة 1994 المذكور سالفا تنص على أن: “يعمل بأحكام القانون المرافق على كل تحكيم قائم وقت نفاذه أو يبدأ بعد نفاذه ولو استند إلى اتفاق تحكيم سبق إبرامه قبل نفاذ هذا القانون”.

كما تنص المادة (1) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بهذا القانون على أنه: “مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية، تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النـزاع إذا كان هذا التحكيم يُجرى في مصر، أو كان تحكيما تجاريا دوليا يُجرى في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون…”.

كما تنص المادة (4) منه على أن: “(1) ينصرف لفظ: (التحكيم) في حكم هذا القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما الحرة…”.

وتنص المادة (54) منه على أن: “(1) ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوما التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه…”.

وحيث إنه في ضوء ما تقدم، ولئن كان حكم التحكيم الطعين قد صدر على وفق نظام التحكيم الإجباري الذي ينظمه قانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983، وذلك على النحو الذي سوف يلي بيانه تفصيلا لدى التعرض للموضوع، إلا أنه -وفى ظل عدم وجود نصوص قائمة تنظم قواعد دعوى بطلان أحكام التحكيم الصادرة على وفق القانون المذكور سالفا-، فلا مناص في ظل الفراغ التشريعي المشار إليه من استصحاب الأحكام المتعلقة بدعوى بطلان أحكام التحكيم المنصوص عليها بالقانون رقم 27 لسنة 1994، وتطبيقها على دعاوى بطلان أحكام التحكيم الصادرة عن هيئات التحكيم الإجباري على وفق القانون رقم 97 لسنة 1983، وذلك بما يتفق ولا يتعارض مع طبيعة التحكيم الإجباري وقواعده المنصوص عليها في القانون المذكور سالفا؛ وذلك بحسبان أنه بصدور القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية -الذي ألغي بمقتضى المادة (الثالثة) من مواد إصداره مواد التحكيم التي كان يتضمنها قانون المرافعات المدنية والتجارية المذكور سالفا- قد أصبح القانون رقم 27 لسنة 1994 هو القانون الإجرائي العام في مجال التحكيم الذي يجرى في مصر، وفى الوقت نفسه فإن ذلك يعد تطبيقا لمقتضى القاعدة الدستورية التي كشف عنها حكم المحكمة الدستورية العليا المذكور سالفا، التي مفادها “ضرورة المساواة وعدم الممايزة في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة عينها وفى طرق الطعن التي تنتظمها، وأن يكون للحقوق نفسها قواعد موحدة في مجال التداعي بشأنها أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلا فيها”، وهو ما يغدو معه إخضاع كلا النظامين القائمين للتحكيم (الإجباري والاتفاقي) للقواعد نفسها فيما يتعلق بدعاوى بطلان الأحكام الصادرة على وفق أي منهما متفقا مع القاعدة الدستورية المذكورة سالفا، ومع ما تمليه قواعد العدالة في ظل الوضع القانوني القائم والنصوص النافذة حاليا.

وحيث إنه بتطبيق ما تقدم، ولما كان الثابت أن الشركة المطعون ضدها قد قامت -على وفق ما أقرت به في مذكرة دفاعها المقدمة أمام هيئة مفوضي الدولة بتاريخ 6/5/2006- بإعلان حكم التحكيم المطعون فيه إلى الجهة الإدارية الطاعنة بتاريخ 25/10/2003، وإذ أقيم الطعن بدعوى البطلان الماثلة بتاريخ 17/1/2004، أي خلال التسعين يوما التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم المطعون فيه، فمن ثم تكون دعوى البطلان قد أقيمت خلال الميعاد المقرر قانونا، مما يتعين معه القضاء برفض هذا الدفع.

………………………………………………….

– وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أن الشركة المطعون ضدها كانت قد تقدمت إلى السيد المستشار/ رئيس مكتب التحكيم بوزارة العدل بتاريخ 22/1/2003 بطلب تحكيم، طالبة الحكم (أولا) بإلزام المحتكم ضده (محافظ السويس بصفته) أداء مبلغ 6431675,88 جنيها (ستة ملايين وأربع مئة وواحد وثلاثين ألفا وست مئة وخمسة وسبعين جنيها وثمانية وثمانين قرشا)، بالإضافة إلى الفائدة بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى السداد. و(ثانيا) التعويض عن العقبات المادية الاستثنائية غير المتوقعة التي أخلت باقتصاديات التعاقد، والتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالشركة بواقع ثلاثة ملايين جنيه. و(ثالثا) إلزام المحتكم ضده بصفته أداء المصروفات والأتعاب.

وذكرت الشركة المحتكمة شرحا لطلب التحكيم المذكور سالفا إنه بتاريخ 3/7/1988 أصدر وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة قرار التكليف رقم 35 لسنة 1988 متضمنا تكليف الشركة بتنفيذ مشروع التظهير لخور وكورنيش حي الغريب بمدينة السويس وبمدة تنفيذ حددت بثمانية عشر شهرا، وقد تم توقيع عقد بين الشركة المحتكمة والمحتكم ضده بصفته في 1/1/1989 لتنفيذ الأعمال المطلوبة طبقا للمقايسة المقدمة من الشركة، وقامت الشركة المحتكمة بتنفيذ أعمال الكباري أولا، وطلبت مد مدة التنفيذ لتوقف الأعمال بعد شهرين من تاريخ البدء في التنفيذ لعدم وصول كميات كافية من المياه داخل البحيرة عبر المواسير لتعويم وتشغيل الكراكة، وأثناء قيام الشركة المحتكمة بتنفيذ الأعمال محل التكليف صدر قرار التكليف رقم 14 لسنة 1990 في 8/3/1990 وبمقتضاه تم تكليفها بأعمال إضافية لم تكن متضمنة في المقايسة الأصلية، وأضافت أن الجهة الإدارية المحتكم ضدها امتنعت عن صرف كامل مستحقاتها، ورفضت اعتماد فروق الأسعار بالنسبة للخامات، ولم تمنح الشركة أية مدد إضافية على الرغم من تكليفها بأعمال إضافية، فضلا عن توقيعها غرامات تأخير على الشركة دون وجه حق على النحو المبين تفصيلا بطلب التحكيم، وهو ما حداها على تقديم طلب التحكيم بغية الحكم لها بالطلبات المذكورة سالفا.

………………………………………………….

وتدوول نظر طلب التحكيم على النحو الثابت بمحاضر جلسات هيئة التحكيم المشكَّلة بقرار من وزير العدل طبقا للقانون رقم 97 لسنة 1983، وبجلسة 20 /9/2003 أصدرت هيئة التحكيم حكمها المطعون فيه الذي قضت فيه (أولا) برفض الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم ولائيا بنظر الطلب. و(ثانيا) برفض الدفع ببطلان الطلب لعدم توقيعه من محام مختص. و(ثالثا) بإلزام المحتكم ضدها (محافظة السويس) أداء مبلغ أربعة ملايين وسبع مئة وثمانية وثلاثين ألفا وأربع مئة وثلاثة جنيهات (4738403 جنيها) للشركة المحتكمة (شركة القناة للمواني والمشروعات الكبرى)، وألزمت المحتكم ضدها المناسب من المصروفات شاملة أتعاب المحاماة، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

وقد قضى حكم التحكيم المطعون فيه برفض الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم ولائيا بنظر طلب التحكيم؛ تأسيسا على أن الشركة المحتكمة تعد من شركات القطاع العام التابعة لهيئة قناة السويس التابعة للدولة، ومن ثم يتم الفصل في أي نزاع بينها وبين أية جهة إدارية كمحافظة السويس عن طريق التحكيم المنصوص عليه في القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته دون غيره، كما قضى برفض الدفع ببطلان طلب التحكيم لعدم توقيعه من محام معتمد تأسيسا على أن طلب التحكيم قد تم توقيعه من الممثل القانوني للشركة المحتكمة ممثلا في رئيس مجلس إدارتها وكذلك من مدير الإدارة القانونية.

وفى شأن موضوع طلب التحكيم شيدت هيئة التحكيم حكمها استنادا إلى المادتين (147) و(148) من القانون المدني؛ بحسبان أن الشركة المحتكمة قد قامت بتنفيذ التزاماتها الأصلية الواردة بالعقد المبرم بينها وبين المحافظة المحتكم ضدها، بالإضافة إلى قيام الشركة بتنفيذ أعمال إضافية والتي فرضتها المحافظة على الشركة وأن الشركة قد أنذرت المحافظة وحددت تاريخ 20/12/1998 لتسلم الأعمال وتسديد مستحقات الشركة إلا أنها لم تحرك ساكنا، وأن قيمة الأعمال المنفذة بلغت في 30/9/1993 (ستة ملايين وسبع مئة وتسعة وثمانين ألفا وسبع مئة وتسعين جنيها)، ولم تحصل الشركة من مستحقاتها لدى الجهة الإدارية سوى على مليونين وواحد وخمسين ألفا وثلاث مئة وسبعة وثمانين جنيها، مما يبقى معه للشركة في ذمة الجهة الإدارية المحتكم ضدها مبلغ (أربعة ملايين وسبع مئة وثمانية وثلاثين ألفا وأربع مئة وثلاثة جنيهات)، وهو ما ألزم الحكم المطعون فيه الجهة الإدارية الطاعنة أداءه للشركة المطعون ضدها، ورفض طلب التعويض باعتبار أن الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأداء المبلغ المذكور سالفا يعد تعويضا عادلا للشركة عما أصابها من أضرار مادية وأدبية.

………………………………………………….

وإذ لم يلق حكم التحكيم المذكور سالفا قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة، فقد أقامت الطعن الماثل بطريق دعوى البطلان ناعية عليه الآتي:

(أولا) عدم اختصاص التحكيم بنوعيه الإجباري والاتفاقي ولائيا بنظر النزاع، وذلك على سند من القول بأن الشركة المدعى عليها لا تعد من شركات القطاع العام كما ذهب حكم التحكيم المطعون فيه، ومن ثم فلا يخضع النزاع للتحكيم الإجباري المنصوص عليه في القانون رقم 97 لسنة 1983، ما مؤداه عدم اختصاص هيئة التحكيم الإجباري ولائيا بنظر النزاع، وكذلك عدم خضوع النزاع للتحكيم الاتفاقى؛ بحسبان عدم وجود اتفاق تحكيم بين طرفي النزاع.

(ثانيا) عدم وجود اتفاق تحكيم وتطبيق قانون خلاف القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، وذلك تأسيسا على عدم وجود اتفاق تحكيم يحدد المسائل التي يتم التحكيم فيها والقانون واجب التطبيق على النزاع، فضلا عن قيام هيئة التحكيم بتطبيق القانون رقم 97 لسنة 1983 بدلا من قانون المناقصات والمزايدات الواجب التطبيق، مما يشوب الحكم التحكيمي بالبطلان طبقا لنص المادة (53) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية.

(ثالثا) مخالفة نظام التحكيم الإجباري الصادر على وفقه حكم التحكيم الطعين للنظام العام في جمهورية مصر العربية، وذلك على سند من القول بأنه بصدور القانون رقم 27 لسنة 1994 قد أصبح التحكيم اختياريا وألغى التحكيم الإجباري؛ بحسبان أن التحكيم في ذاته يقوم على اتفاق إرادة طرفي النزاع على اللجوء إليه، ومن ثم يضحى الأخذ بنظام التحكيم الإجباري مخالفا للنظام القضائي والنظام العام داخل جمهورية مصر العربية، مما يصم الحكم الطعين الصادر على وفقه بالبطلان.

………………………………………………….

وحيث إن المادة (53) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تنص على أن: “(1) لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية:

(أ) إذا لم يوجد اتفاق تحكيم، أو كان هذا الاتفاق باطلا أو قابلا للإبطال، أو سقط بانتهاء مدته.

(ب) إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته.

(ج) إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته.

(د) إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.

(هـ) إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين.

(و) إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق…

(ز) إذا وقع بطلان في حكم التحكيم، أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلانا أثر في الحكم.

(2) وتقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية”.

وحيث إنه ونظرا -كما سلف القول- لعدم وجود نصوص قانونية قائمة منظمة لدعوى بطلان أحكام التحكيم الإجباري الصادرة على وفق قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، فلا محيص من تطبيق أحكام دعوى البطلان الواردة في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994؛ بتقدير أن القانون المذكور سالفا قد أصبح القانون الإجرائي العام في مجال التحكيم الذي يُجرى في مصر، وذلك في ضوء إلغائه لمواد التحكيم الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، وكون ذلك التطبيق يتفق -فى ظل هذا الوضع القانوني- ومبدأ المساواة أمام القانون، ومع ما تقتضيه قواعد العدالة، وذلك على النحو المبين سالفا في هذا القضاء، إلا أنه يتعين في الوقت نفسه أن يكون هذا التطبيق بالقدر الذي يتفق وطبيعة التحكيم الإجباري، وفى غير تصادم مع قواعده المنصوص عليها في قانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983.

– وحيث إنه عن الوجه الأول للنعي بالبطلان على حكم التحكيم المشار إليه، والمتمثل في عدم اختصاص التحكيم بنوعيه الإجباري والاتفاقي ولائيا بنظر النزاع:

وحيث إن المادة (56) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 تنص على أن: “يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وجهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون”.

وحيث إن مفاد ما تقدم أنه إذا كان الأصل العام في التحكيم أن يكون وليدا لاتفاق الخصوم على اللجوء إليه، كطريق بديل عن اللجوء إلى القضاء، لفض ما يثار بينهم من منازعات، وفى الحدود والأوضاع التي تتراضى إرادتهم عليها، إلا أنه ليس هناك ما يحول والخروج على هذا الأصل العام، إذا قامت أوضاع خاصة بخصوم محددين وفى شأن منازعات معينة لها طبيعتها المغايرة لطبيعة المنازعات العادية، وعلى ذلك ونتيجة لسياسة التأميم في حقبة الستينيات، وما ترتب على ذلك من إنشاء مؤسسات وشركات قطاع عام لإدارة الأنشطة التي تضطلع بها وحدات الإنتاج، فقد اتجه المشرع إلى إيجاد آلية لفض المنازعات التي تثار بين هذه الشركات فيما بينها بعضها البعض، أو بين أي منها وغيرها من المؤسسات العامة أو الجهات الحكومية تتفق مع الطبيعة الخاصة لهذه الكيانات، كما تتفق مع حقيقة أن النتيجة النهائية لفض أية منازعة سترتد إلى الذمة المالية للدولة بحسبانها المالكة لهذه الكيانات، فرسم المشرع بقواعد آمرة وجوب أن تلجأ شركات القطاع العام إلى التحكيم كوسيلة لفض المنازعات المذكورة سالفا، أما عن قواعد وإجراءات هذا التحكيم فقد انتظمتها أحكام قوانين المؤسسات العامة وشركات القطاع العام المتعاقبة بدءا من القانون رقم 32 لسنة 1966، ثم القانون رقم 60 لسنة 1971، وأخيرا القانون رقم 97 لسنة 1983. (في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 95 لسنة 20 القضائية “دستورية” بجلسة 11/5/2003).

وحيث إن مقطع النـزاع في النعي الماثل ينحصر في تحديد ما إذا كانت الشركة المطعون ضدها (شركة القناة للمواني والمشروعات الكبرى) تتمتع بوصف (شركة قطاع عام) وقت أن تقدمت بطلب التحكيم المشار إليه، أم لم تكن كذلك.

وحيث إن المادة (28) من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1971، والملغى بموجب القانون رقم 97 لسنة 1983 (المشار إليه)، كانت تنص على أن: “شركة القطاع العام وحدة اقتصادية تقوم على تنفيذ مشروع اقتصادي وفقا لخطة التنمية”.

كما كانت المادة (29) منه تنص على أن: “تعتبر شركة قطاع عام:

(1) كل شركة يمتلكها شخص عام بمفرده أو يساهم فيها مع غيره من الأشخاص العامة. (2) …. ويجب أن تتخذ هذه الشركات جميعها شكل الشركة المساهمة”.

وحيث إن المادة (18) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 تنص على أن: “تعتبر شركة قطاع عام:

1- كل شركة يمتلكها شخص عام بمفرده أو يساهم فيها مع غيره من الأشخاص العامة أو مع شركات وبنوك القطاع العام. 2-…”.

كما تنص المادة (الأولى) من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام على أن: “يعمل في شأن قطاع الأعمال العام بأحكام القانون المرافق، ويقصد بهذا القطاع الشركات القابضة والشركات التابعة لها الخاضعة لأحكام هذا القانون… ولا تسري أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على الشركات المشار إليها”.

وتنص المادة (الثانية) منه على أن: “تحل الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام الخاضعة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 المشار إليه، كما تحل الشركات التابعة محل الشركات التي تشرف عليها هذه الهيئات وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون ودون حاجة إلى أي إجراء آخر…”.

وتنص المادة (الثالثة) على أن: “تشكل مجالس إدارة الشركات القابضة والشركات التابعة وفق أحكام القانون المرافق خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به…”.

وتنص المادة (التاسعة) على أن: “يجوز بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء تحويل إحدى الهيئات الاقتصادية أو المؤسسات العامة أو شركات القطاع العام المقرر لها أنظمة خاصة إلى شركة قابضة أو شركة تابعة تخضع لأحكام هذا القانون”.

كما تنص المادة (40) من قانون شركات قطاع الأعمال العام المشار إليه على أنه: “يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب…”.

وحيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع قد اعتبر أن كل شركة يمتلكها شخص عام سواء بمفرده أم مع غيره من الأشخاص العامة هي (شركة قطاع عام)، تطبق في شأنها أحكام قوانين القطاع العام، حيث حافظ المشرع على النهج نفسه بإضفاء وصف القطاع العام على هذا النوع من الشركات في جميع التشريعات المتعاقبة المنظمة للقطاع العام والمنتهية بالقانون رقم 97 لسنة 1983، كما يستفاد أيضا أنه قبل 19/7/1991 (تاريخ العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991) كانت المنازعات التي تقع فيما بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين إحداها وإحدى الجهات الحكومية أو الأشخاص الاعتبارية العامة يتم الفصل فيها عن طريق التحكيم الإجباري دون غيره، وعلى وفق القواعد المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1983، إلا أنه وبمقتضى قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 تحولت هيئات القطاع العام إلى شركات قابضة، وحلت الشركات التابعة محل شركات القطاع العام التي كانت تشرف عليها تلك الهيئات، وذلك على نحو تلقائي دون حاجة إلى أي إجراء آخر، وبناء عليه صدرت قرارات تشكيل مجالس إدارة الشركات التي ينطبق عليها قانون قطاع الأعمال المذكور سالفا والقرارات المتعلقة بدمج ونقل تبعية بعض هذه الشركات، ومنذ تاريخ العمل به أصبحت الشركات التي تتمتع بوصف (شركات قطاع الأعمال العام) القابضة والتابعة، تخضع لأحكامه، وانحسر عنها تطبيق أحكام القانون رقم 97 لسنة 1983، كما أصبح اللجوء للتحكيم اختياريا كوسيلة لفض المنازعات التي تقع بين الشركات الخاضعة لأحكامه أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأشخاص الطبيعيين.

وحيث إن مفاد ما تقدم أيضا أن مناط تطبيق القانون رقم 97 لسنة 1983 منذ العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 قد بات محصورا في شركات القطاع العام التي لم يشملها الحلول المذكور سالفا، ومن ثم لم تخضع للقانون رقم 203 لسنة 1991، وتلك التي صدرت بشأنها أنظمة خاصة، حيث تظل متمتعة بوصفها كشركات قطاع عام خاضعة للأنظمة الصادرة في شأنها، وتطبق عليها أحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 فيما لم يرد به نص خاص في تلك الأنظمة، ما لم يصدر قرار عن رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء بتحويلها إلى شركات قطاع أعمال عام، فحينئذ تخضع لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991.

وحيث إنه كان ما تقدم، وبتتبع نشأة الشركة المطعون ضدها واستقراء الأدوات التشريعية الصادرة في شأنها، للوقوف على الوصف القانوني الصحيح لها، وما إذا كان ينطبق عليها قانونا وصف (شركة قطاع عام) من عدمه، يتبين أن المشرع -نتيجة للوضع الخاص لهيئة قناة السويس- قد خولها بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 124 لسنة 1963([3]) مكنة تأسيس شركات مساهمة بمفردها دون أن يشترك معها مؤسسون آخرون، وفى عام 1974، وبعد موافقة كل من مجلس إدارة هيئة قناة السويس ومجلس الوزراء، أنشئت الشركة المطعون ضدها بموجب قرار رئيس مجلس إدارة هيئة قناة السويس رقم 307 لسنة 1974 تحت مسمى (شركة القناة لأعمال المواني) شركة مساهمة متمتعة بجنسية جمهورية مصر العربية كإحدى شركات هيئة قناة السويس، ثم عُدِّلَ مُسماها في عام 1988 إلى (شركة القناة للمواني والمشروعات الكبرى)، كما يتبين أيضا أن هذه الشركة قد أنشئت في ظل العمل بقانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام رقم 60 لسنة 1971 الملغى والمشار إليه سالفا.

ولما كان ذلك، وكان الثابت أن الشركة المطعون ضدها هي شركة مملوكة منذ إنشائها وحتى الآن لهيئة قناة السويس بمفردها، وهي أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، إذ تمتلك الهيئة أسهمها بالكامل، مما يقطع بتمتع الشركة المطعون ضدها عند إنشائها بوصف (شركة قطاع عام) كإحدى شركات القطاع العام التي انتظمتها بعد ذلك أحكام قوانين شركات القطاع العام المتعاقبة، وآخرها قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، حيث يؤكد ذلك أيضا النظام الأساسي للشركة المرافق لقرار إنشائها المذكور سالفا، إذ تنص المادة (18) من هذا النظام على أن: “يختص مجلس إدارة الهيئة بالمسائل التي تتعلق بتعديل نظام الشركة وفقا لأحكام المادة (17) من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1971″، (الوقائع المصرية، عدد 227 تابع، الصادر في 5 من أكتوبر 1974).

ولا ينال من ذلك صدور القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، والذي نصت المادة (2) منه على أن: “هيئة قناة السويس هيئة عامة، تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة تخضع لأحكام هذا القانون وحده، ولا تسري في شأنها أحكام القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة، ولا أحكام القانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات العامة…”؛ إذ إن هذا النص يتعلق فقط بهيئة قناة السويس نفسها، حيث أراد المشرع تأكيد خصوصيتها وطبيعتها الخاصة والممايزة بينها وبين سائر الهيئات والمؤسسات العامة، مؤكِّدا خضوعها فقط لأحكام القانون رقم 30 لسنة 1975؛ قطعا لدابر أي التباس أو خلط قد يثار عند تحديد القواعد والأحكام التي تنطبق بشأنها، ولا صلة لذلك بالشركات التابعة لهيئة قناة السويس؛ بحسبان أن القانون رقم 30 لسنة 1975 المذكور سالفا لم يتضمن أي أحكام تتعلق بهذه الشركات حتى يتسنى القول بخضوعها لأحكامه وحده دون غيره من قوانين.

وحيث إنه كان ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها لم تكن -فى تاريخ العمل بقانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991- ضمن الشركات التي كانت تشرف عليها أي من هيئات القطاع العام التي تشكلت بمقتضى القانون رقم 97 لسنة 1983، ومن ثم فلا ينطبق في شأنها الحلول المنصوص عليه في المادة الثانية من قانون إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 المذكور سالفا، والمتعلق بحلول شركات قطاع الأعمال العام القابضة والتابعة الخاضعة للقانون رقم 203 لسنة 1991 محل هيئات القطاع العام والشركات التي كانت تشرف عليها هذه الهيئات، وحيث إنه لم يشملها كذلك أي من القرارات الصادرة بإنشاء أو دمج أو نقل تبعية الشركات القابضة والتابعة الخاضعة لذلك القانون، مما يستبين منه أن الشركة المطعون ضدها لم يتم تحويلها إلى شركة قطاع أعمال عام، وهو الأمر الذي تأكد واقعيا أيضا بموجب الإفادات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية المختصة، ومنها الإفادة الصادرة عن مصلحة الضرائب العامة بتاريخ 9/3/2008 والتي أكدت عدم إدراج الشركة ضمن كشف شركات قطاع الأعمال العام الصادر عن وزارة قطاع الأعمال العام، واستمرار الشركة المطعون ضدها كشركة قطاع عام، وهو ما مؤداه استمرار خضوع الشركة المطعون ضدها لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1983؛ بحسبانه القانون الحالي المطبق على ما تبقى من شركات القطاع العام محتفظا بوضعه ووصفه القانوني ولم يتم تحويله إلى شركات قطاع أعمال عام قابضة أو تابعة خاضعة لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991.

وحيث إن النزاع محل التحكيم المطعون فيه قد نشأ بين الشركة المطعون ضدها بوصفها شركة قطاع عام، على النحو المبين سالفا، وإحدى الجهات الحكومية (محافظة السويس)، مما يكون الفصل فيه بطريق التحكيم المنصوص عليه في القانون رقم 97 لسنة 1983 دون غيره، والذي اصطلح على تسميته بنظام (التحكيم الإجباري)، وذلك بواسطة إحدى هيئات التحكيم التي تُشكَّل على وفق هذا القانون.

وإذ كان ذلك، وكان الثابت أن حكم التحكيم المطعون فيه قد صدر عن إحدى هيئات التحكيم بوزارة العدل المشكَّلة على وفق القانون رقم 97 لسنة 1983، والتي أحيل إليها هذا التحكيم بسبب طلب التحكيم المقدم من الشركة المطعون ضدها بتاريخ 22/1/2003 بوصفها شركة قطاع عام، فمن ثم يكون حكم التحكيم المطعون فيه صادرا عن هيئة تحكيم مختصة قانونا، مما يضحى معه هذا الدفع غير سديد متعينا رفضه.

– وحيث إنه عن الوجه الثاني للطعن بالبطلان، والمتعلق بعدم وجود اتفاق تحكيم، وقيام هيئة التحكيم بتطبيق القانون رقم 97 لسنة 1983 بدلا من قانون المناقصات والمزايدات:

وحيث إن التحكيم محل الطعن الماثل هو تحكيم في نزاع نشأ بين إحدى شركات القطاع العام وإحدى الجهات الحكومية، يخضع لأحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983، واللجوء إليه إجباري على النحو المبين سالفا، ولما كانت طبيعة التحكيم الإجباري تتأبى ووجود اتفاق مسبق بين الطرفين على اللجوء إلى طريق التحكيم -سواء في صورة شرط أو مشارطة تحكيم-؛ بحسبانه هو الطريق الوحيد الذي يتعين سلوكه قانونا لفض النزاع، مما يغدو معه هذا السبب من أسباب الطعن بدعوى البطلان الوارد في المادة (53) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، والمتعلق بعدم وجود اتفاق تحكيم، غير ذي محل للتطبيق في مجال التحكيم الإجباري الذي يُجرى على وفق القانون رقم 97 لسنة 1983؛ لتعارضه مع طبيعة التحكيم الإجباري، وتصادمه مع حقيقة كونه الطريق الوحيد لفض النزاعات التي تنشأ بين شركات القطاع العام بعضها وبعض، أو بين إحداها وإحدى الجهات الحكومية أو الأشخاص الاعتبارية العامة.

وحيث إنه كان ما تقدم، ولما كانت طبيعة التحكيم الإجباري تتنافى ووجود اتفاق مسبق بين طرفي النزاع يحدد -ضمن ما يحدده- القانون الموضوعي الواجب تطبيقه على موضوع النزاع على النحو المبين سالفا، وهو ما مؤداه عدم تقيد هيئة التحكيم عند الفصل في النزاع بقانون معين، وإذ كان الثابت أن هيئة التحكيم قد قامت بتطبيق القانون المدني على موضوع النزاع، فمن ثم يكون ذلك في إطار سلطتها المخولة لها قانونا، مما يضحى معه هذا النعي غير سديد ويتعين -والحال كذلك- رفضه.

– وحيث إنه عن الوجه الثالث للنعي بالبطلان، والذي يتمثل في النعي بمخالفة نظام التحكيم الإجباري المنصوص عليه في القانون رقم 97 لسنة 1983، والصادر على وفقه حكم التحكيم الطعين للنظام العام، فإن ذلك مردود عليه بما سلف بيانه مما استقر عليه القضاء من اتفاق نظام التحكيم الإجباري مع النظام العام وعدم تصادمه معه؛ بتقدير أن المشرع عندما خرج على الأصل العام في التحكيم، وهو اتفاق الخصوم على اللجوء إليه، مقررا وجوب أن تلجأ شركات القطاع العام إلى التحكيم دون غيره كوسيلة لفض المنازعات التي تثار فيما بينها بعضها البعض أو بينها من ناحية والجهات الحكومية الأخرى من ناحية أخرى، إنما كان ذلك اتفاقا مع الطبيعة الخاصة لهذه الشركات والمنوط بها إدارة أنشطة وحدات الإنتاج المملوكة للدولة، واتساقا مع حقيقة أن مآل هذه المنازعات سيرتد في كل الأحوال إلى الذمة المالية للدولة، الأمر الذي عُدَّ معه نظام التحكيم الإجباري متفقا مع النظام العام للدولة، بما في ذلك القواعد الدستورية بحسبانها ذروة سنام مفهوم النظام العام.

ولا ينال من ذلك صدور القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، إذ إن هذا القانون لم يلغِ القانون رقم 97 لسنة 1983، بل ألغى -بموجب المادة الثانية من قانون إصداره- المواد من (501) إلى (513) المتعلقة بالتحكيم، الواردة بقانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968, التي كان التحكيم على وفقها اتفاقيا أيضا وليس إجباريا، كما لم يلغه ضمنيا؛ بحسبان أن أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 إنما تتعلق بتنظيم مسائل التحكيم الاتفاقي وليس الإجباري، ولكل منهما طبيعته وشروطه كما سلف الذكر.

وحيث إنه كان ما تقدم، وإذ تبين عدم تحقق صحة الأسباب التي نعاها الطعن الماثل طعنا بدعوى البطلان على حكم التحكيم الطعين المذكور سالفا، وذلك على النحو الوارد بالأسباب المبينة آنفا، وإذ لم يثبت من الأوراق أن حكم التحكيم المطعون فيه أو إجراءاته قد انطوت على عيب جسيم يمثل إهدارا للعدالة، ويُفقِد الحكم مقوماته القضائية، مما يتعين معه الحكم برفض الطعن.

وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع برفضه، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

([1]) في حكمها الصادر بجلسة 21 من إبريل سنة 1991 في الطعن رقم 2170 لسنة 31 القضائية عليا انتهت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا إلى أن دعوى البطلان الأصلية لا تتقيد بمواعيد الطعن المنصوص عليها في المادة (44) من قانون مجلس الدولة، مادامت قائمة على أحد الأسباب المنصوص عليها في المادة (146) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، لكنها انتهت في حكمها الصادر بجلسة 2 من يوليو سنة 2006 في دعوى البطلان الأصلية رقم 14613 لسنة 50 القضائية إلى أن دعوى البطلان الأصلية لا تتقيد بمواعيد الطعن المنصوص عليها في المادة (44) من قانون مجلس الدولة، سواء كانت أقيمت استنادا إلى أحد الأسباب المنصوص عليها في قانون المرافعات، أو غيرها من الأسباب. (تراجع مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها دائرة توحيد المبادئ في ثلاثين عاما، مكتب فني، المبدآن رقما 18 و68).

([2]) تجدر الإشارة إلى أن هذا المبدأ المستخلص من الحكم يختلف بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 90 لسنة 2015، بتعديل المادة (1) من القرار الجمهوري بالقانون رقم 124 لسنة 1963 بتخويل هيئة قناة السويس سلطة تأسيس شركات مساهمة، حيث استبدل بها النص الآتي: “يكون لهيئة قناة السويس تأسيس شركات مساهمة بمفردها. ويسري على هذه الشركات قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة المشار إليه، وذلك بما لا يتعارض مع طبيعتها. ويكون للجمعيات العمومية للشركات إصدار اللوائح المالية والإدارية للعاملين بها بعد موافقة مجلس إدارة هيئة قناة السويس دون التقيد بأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام المشار إليه…”.

([3]) يراعى أن هذا القرار بقانون قد عُدِّل بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 90 لسنة 2015 (على النحو المشار إليه مسبقا بهامش المبادئ المستخلصة لهذا الحكم).

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV