برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد ماهر أبو العينين، ود. مجدي صالح يوسف الجارحي، وعمرو محمد جمعة عبد القادر، وهاشم فوزي أحمد شعبان.
نواب رئيس مجلس الدولة
المبادئ المستخلصة:
الصفة في الدعوى- استخلاصُ توفرِ الصفة في الدعوى يُعَدُّ من قبيلِ فهمِ الواقعِ وظروفِهِ وأوراقِهِ، وهو مِمَّا يستقل به قاضي الموضوع، ويكفيه أن يُبينَ الحقيقةَ التي اقتنع بها، وأن يُقيمَ قضاءَه على أسبابٍ سائغة تكفي لحمله- إذا تعلقَ الأمرُ بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحةٍ من المصالح أو بشخصٍ اعتباري عام أو خاص، فيكفي لتوفر شرط الصفة أن يرد اسمُ الجهةِ المدعى عليها في صحيفة الدعوى، ولو لم يُختصَمْ الممثلُ القانوني لتلك الجهة([1])– ينطبق ذلك على الدعاوى والطعون المقامة من الجهة الإدارية، فيكفي أن يكونَ المدعي أو المدعى عليه في الدعوى مسئولا بصفتِهِ عن أيٍّ من الإداراتِ الكُبرى داخل الهيكل الوظيفي للجهة، شريطةَ أن تكونَ الأوراقُ المقدَّمةُ في الدعوى مُعتمَدةً رسميًّا، وألا يعترضَ الممثلُ القانونيُّ الفعليُّ للجهةِ أمامَ المحكمةِ في أيةِ مرحلةٍ تكونُ عليها الدعوى- تطبيق: يُقبَلُ الطعنُ المقام من الهيئةِ العامة للأبنية التعليمية ولو كان رافعُهُ هو مُديرَ الهيئةِ بصفتِهِ (وليس رئيسَ مجلسِ إدارتها الذي هو الممثل القانوني لها)، لاسيما إذا كان المطعون ضده هو الذي اختصمه ابتداءً.
– المادة (115) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، المعدَّلة بموجب القانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999.
– المادتان (الأولى) و(الخامسة) من قرار رئيس الجمهورية رقم 448 لسنة 1988 بإنشاء الهيئة العامة للأبنية التعليمية.
المصلحة في الدعوى- تعد المصلحة شرطًا جوهريًّا لقبول الدعوى أمام المحكمة- حدَّدَ المشرِّعُ ضوابط تلك المصلحة في وجوب كونها شخصية ومباشرة لرافعها بداية، واستمرارها قائمة حتى تاريخ الحكم في الدعوى- استثناءً من ذلك: تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرضُ هو الاحتياطَ لدفعِ ضررٍ مُحدق، أو الاستيثاقَ لحقٍّ يُخشَى زوالُ دليله عند النزاع فيه- للمحكمة هيمنة شاملة على الدعوى القضائية وإجراءاتها وتكييف طلباتها، فلها أن تتبين صحةَ شروط قبولها ابتداء، وكذلك استمرار وجودها في ضوء ما قد يطرأ من تغيير في المراكز القانونية للخصوم، أو استمرارها أو أية مُتغيرات إجرائية أو موضوعية أثناء سير الدعوى، ومن ثمَّ تقضِي في شأنها بما تهتدِي إليه من خلال الواقع والقانون- شرطُ المصلحة في الدعوى من الشروط الشكلية الناضحة عن النظام العام للتقاضي، فإن بزغَ للمحكمةِ انعدامه بداية أو زواله أثناء سير الدعوى، فإنها تقضِي بعدم قبولها، غيرَ مُتعرضةٍ لموضوعها، أيًّا كانت احتمالاتُ ثبوتِ الحقِّ للمُدعي من عدمه- لا يغل ذلك يد المدعي عن ولوج سبيل دعوى التعويض فيما قد يَرى من أضرار مادية أو معنوية لحقته، استكمالا لاستئداء ادعاءاتِهِ في الدعوى- تطبيق: يستمر توفر شرط المصلحة في الطعن على قرار التخطي في التعيين في الوظيفة القيادية، ولو انقضت مدةُ السنةِ في التعيين في الوظيفةِ القيادية التي نصَّ عليها القرارُ المطعون فيه؛ إذ لا يمنعُ ذلك جهةَ الإدارة إذا قُضِيَ بعدم مشروعية القرار أن تُصدرَ قرارًا آخَرَ بتعيين المقضي لمصلحته، وبنفسِ النطاقِ الزمني المحدَّد قانونًا.
ما يُعَدُّ قرارًا إداريًّا سلبيًّا- لئن كان القانونُ لا يُلزمُ جهةَ الإدارة إصدار القرار الإداري في وقتٍ مُعين، مِمَّا لا يُشكِّلُ قرارًا سلبيًّا يجوزُ الطعنُ عليه بدعوى الإلغاء كأصلٍ عام، إلا أنه استثناءً من ذلك، إذا قامت جهةُ الإدارة بما لها من سُلطةٍ تقديرية بالإفصاحِ عن إرادتها المنفردة باتخاذِ إجراءاتٍ ما لإحداثِ أثرٍ أو مركزٍ قانوني مُعين يتعلقُ بأشخاص آخرين، ولمصلحتها، فإنها تكونُ قد ألزمَتْ نفسَهَا إما استكمال تلك الإجراءات، أو التوقف عنها لأسبابٍ صحيحة وقائمة، يَثْبُتُ فيها ابتغاءُ المصلحة العامة، وتحت الرقابة القضائية الكاملة- تطبيق: امتناعُ جهة الإدارة عن استكمالِ إجراءاتِ التعيينِ في الوظيفة القيادية بعدَ الإعلان عن الوظيفةِ، وإجراءِ المقابلات، واختيار المرشَّح لها، واجتيازه الدورات التدريبية المطلوبة بنجاحٍ، يُعَدُّ قرارًا سلبيًّا واجبَ الإلغاء([2]).
الوظائف القيادية- التعيين فيها- نظَّمَ المشرِّعُ قواعد وإجراءات شغلها في الجهازِ الإداري للدولةِ، بدءًا من الإعلانِ عن شغلها، وانتهاءً بصدور قرار التعيين بناءً على ترتيب المتقدمين على وفق مجموع الدرجات الحاصلين عليها في عنصريْ التقدير (الأول: تاريخ المتقدم في النجاح وتحقيق الإنجازات، والثاني: مقترحاته لتطوير العمل)- لم يُحدِّدْ المشرِّعُ درجةَ كُلِّ عنصرٍ من العناصر الفرعية التي تندرج تحت العُنصرين المشار إليهما رغبةً منه في منحِ الجهةِ الإدارية حريتَهَا لِوزنِ وتقديرِ الدرجات الخاصة بكُلِّ بندٍ منها، مع مُراعاة ظروف العمل ونوعيته في مُختلفِ الجهات- يتعينُ على جهةِ الإدارة تقديرُ درجةِ كُلِّ عُنصرٍ فرعي؛ لِضمانِ توحيد معيار قياس قُدرَات كُلِّ مُتقدِّمٍ؛ وحتى لا يكون التقديرُ عرضةً للتحكُّمِ والأهواءِ، وحتى تتسنى مُراقبةُ المفاضلةِ بين المرشحين من خلال واقع الأوراق والمستندات.
– المادة (16) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 (الملغَى لاحقًا بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية- النافذ).
– المادتان (الأولى) و(الخامسة) من القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأنِ الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام.
– المواد (1) و(3) و(4) و(6) و(7) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1991 (المشار إليه)، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1596 لسنة 1991، والمعدَّلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010.
الوظائف القيادية- التعيين فيها- لا يجوزُ لجهة الإدارة أن تتذرع بعدم ورودِ تقرير هيئة الرقابة الإدارية كسببٍ للامتناع عن إصدار قرار التعيين- موافقةُ هيئةِ الرقابة الإدارية ليست من شروط شغل الوظيفة- القولُ بغير ذلك يجعلُ الهيئةَ المشار إليها هي صاحبةَ القرارِ الفصلِ في اختيار المرشحين لشغل تلك الوظائف، وذلك بالمخالفة للقانون الذي ناط باللجنةَ الدائمة للوظائف القيادية تقرير صلاحية المرشحين؛ باعتبارها الأقدر بحُكم تشكيلها وتخصصها على ذلك، كما أنه يؤدي إلى عدم استقرار المراكز القانونية لشاغلي الوظائف العامة- مفهوم الاستعانة بالأجهزة المختصة بالدولة لاستكمالِ البيانات والمعلومات التي أجازها المشرِّعُ للجنةِ الدائمة للقيادات، لا يعني ضرورةَ الاستعانة بالأجهزة الرقابية، بل تمتدُّ هذه الإجازةُ إلى كُلٍّ من أجهزةِ الدولة الأخرى لاستكمالِ البيانات والمعلومات في المجال التخصُّصي للوظيفة المعلن عنها أو المرشحين لشغلها- لئن كانت الجهاتُ الرقابية تضطلعُ بدورٍ رقابي وأمني تخصُّصي حميد، إلا أنه يجبُ أن يكونَ ضمنَ إطارِ المنظومة الدستورية والتشريعية، وبناءً على إجراءات صحيحة يتطلبُهَا القانونُ دونَ تغوُّلٍ، حتى لو كان تعقيبًا مسبقًا أو لاحقًا على شخوص شاغلي الوظائف المختلفة، بلا سندٍ قانوني دامغ، لا ترقَى إليه تقاريرُ التحريات المرسلة النائية عن الفلك المستندي الرسمي، التي يجب أن يُكتفى حالَ وجودها بدورٍ استرشادي لا غير- دأبَ المشرِّعُ على إبقاءِ التوازن بين حقوق المواطنين وحرياتهم، والدور الرقابي والأمني المطلوب من تلك الجهات المتخصصة، ولم ينـص مُطلقـًا على اشتراطِ موافقتها للتعيين في الوظائف العامة أو الاستمرار فيها- لا يجوزُ كذلك أن يؤدي عدم إبداء الأجهزة الرقابية لرأيها إلى استمرار المنازعة لسنين عدة، فليس من المقبول منطقـًا أن يكون الفصلُ في المنازعة مرهونًا بيدها([3]).
– المادة (6) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1991 في شأنِ الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1596 لسنة 1991، والمعدَّلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010.
حدود الرقابة القضائية على السلطة التقديرية لجهة الإدارة في مجاليْ التعيين والترقية– إذا كانت جهةُ الإدارة تترخصُ بما لها من سُلطةٍ تقديرية في التعيينِ في الوظائف العامة، وكذا الترقيةِ إليها، بلا مُعقب عليها، إلا إذا ثبتَتْ إساءةُ استعمال السُلطة والانحراف بها عن تحقيق المصلحة العامة، فإن للقاضي الإداري أن يتحرَّى بواعثَ القرارِ ومُلابساتِهِ للوقوفِ على الهدفِ الحقيقي الذي تُنْشُدُهُ الإدارةُ من القرارِ، وما إذا كان قد تغيا وجهَ المصلحةِ العامةِ، أم تنكبَ السبيلَ وانحرفَ عن غايتِهِ- هذا الأمرُ يشملُ القرارَ الإداري الإيجابي وكذا السلبي.
مقومات الإدارة الرشيدة- لا يستقيمُ عُرفا أن تستفيدَ الجهةُ الإدارية من أيةِ أخطاء قد تعتري ما أصدرَتْ من قرارٍ- تطبيق: لا يجوز لجهة الإدارة أن تستند في قرارها استبعاد مرشح للتعيين في وظيفة قيادية إلى خطئها في تشكيل اللجنة الدائمة المكلفة بالاختيار.
في يوم الأربعاء الموافق 23/4/2014 أقامَ الطاعنُ (مدير عام هيئة الأبنية التعليمية بصفته) الطعن الجاري، بموجب تقريرِ طعنٍ مُوقَّعٍ من مُحامٍ مقبول، أودع قلمَ كُتَّابِ المحكمة الإدارية العُلْيَا، وقُيِّدَ في جدولها العام بالرقم عاليه، وأعلنَ إعلانـًا قانونيـًّا للمطعون ضده الأول (زكريا…) والمطعون ضدهما الثاني والثالث (وزير التربية والتعليم ومحافظ القاهرة بصفتيهما)، بطلبِ الحُكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الحادية عشرة) بجلسة 24/2/2014 في الدعوى رقم 22006 لسنة 66 القضائية، والقضاء مُجَدَّدًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده الأوّل المصروفات عن درجتي التقاضي.
إذ قضَى منطوقُ الحكم المطعون فيه بقبول طلب الإلغاء شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع السُلطة المختصة عن استكمال إجراءات تعيين المدعي (المطعون ضده الأول) في وظيفة مُدير عام شئون العاملين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمُّهَا إصدارُ قرار تعيينه بهذه الوظيفة، وبعدم قبول طلب التعويض شكلا لرفعه دون اتِّباع الطريق الذي رسمَهُ القانونُ رقم 7 لسنة 2000، وإلزام الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مُناصفةً.
ونُظِرَ الطعنُ أمام الدائرة السابعة (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العُلْيَا على النحو الثابت بمحاضر جلسات المرافعة، وبجلسة 1/2/2015 أمرت الدائرةُ بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإحالةِ الطعن إلى هيئة مفوضي الدولةِ لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه، حيث جرى تحضيرُ الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العُلْيَا، وأودعت الهيئةُ تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه -لِمَا حواهُ من أسبابٍ- الحكمَ بقبول الطعن شكلا، و(أصليـًّا) في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من قبول الدعوى بالنسبة للمدَّعّى عليه (مُدير عام الهيئة العامة للأبنية التعليمية- الطاعن)، والقضاء مُجددًا بعدم قبول الدعوى بالنسبة له لرفعها على غير ذي صفة، وإخراجه من الدعوى بلا مصروفات، و(احتياطيـًّا) برفض الطعن موضوعـًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي، وعاودت دائرةُ فحص الطعون نظر الطعن -بعد ورود تقرير هيئة مفوضي الدولة إليها- على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/1/2016 قررت الدائرةُ إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة لنظره بجلسة 27/3/2016، وقد نظرته المحكمةُ بالجلسة المبينة آنفًا، مُقرِّرة حجزَ الطعن للحُكم بجلسة 22/5/2016، مع التصريح بتقديم مُذكرات لِمَنْ يشاءُ من الطرفين خلال أسبوعين، وأودعَ المطعون ضده الأول خلال الأجل المعلوم مُذكرةَ دفاعٍ مشمولة بمستندات، طلبَ في ختامها رفض الطعن، وكذا عدم اختصاصِ الطاعن؛ لأنهُ ليسَ الممثلَ القانوني للأبنية التعليمية، وبالجلسة المذكورة تقرَّرَ مدُّ أجل النُطق بالحكم إلى جلسة اليوم لاستمرار المداولة، إذ صدر الحكمُ، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النُطق به علانية.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونـًا.
وحَيْثُ إنه عن طلب الطاعن بصفته الحكم بالطلبات المبينة سالفًا.
– وحَيْثُ إنه عن الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، على سندٍ من القول إن الممثلَ القانوني للهيئة العامة للأبنية التعليمية هو وزيرُ التربية والتعليم (بصفتِهِ رئيسَ مجلسِ إدارة الهيئة)، وإنه لا يجوزُ قانونـًا لمدير عام الهيئة بصفتِهِ تمثيلها أمامَ القضاء، وإن الممثلَ القانوني للهيئة ليسَ طاعنـًا في الطعن الماثل، بل مطعونـًا عليه جارَ المطعون ضده الأول، وإنه من غير المنطقي أن يقومَ مُدير عام الهيئةِ بإقامة الطعنِ ضد رئيسِ مجلس إدارتها في أمرٍ لا يتعلقُ بمصلحته الشخصية المباشرة.
وحَيْثُ إن استخلاصَ توفرِ الصفة في الطعن هو من قبيل فهم الواقع وظروفه وأوراقه، وهو مِمَّا يستقلُ به قاضي الموضوع، وبحسبه أن يُبينَ الحقيقةَ التي اقتنع بها، وأن يُقيمَ قضاءَه على أسباب سائغة تكفي لحمله. (حُكم المحكمة الإدارية العُلْيَا بجلسة 14/6/2015 في الطعن رقم 23705 لسنة 60ق.ع).
وحَيْثُ إن قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 ينُصُّ في المادة (115) المعدَّلة بالقانونين رقمي 23 لسنة 1992 و18 لسنة 1999، على أن: “الدفع بعدم قبول الدعوى يجوزُ إبداؤه في أيةِ حالةٍ تكونُ عليها. وإذا رأت المحكمةُ أن الدفعَ بعدم قبول الدعوى لعيبٍ في صفة المدعى عليه قائمٌ على أساسٍ، أجلت الدعوى لإعلانِ ذي الصفة، ويجوزُ للمحكمة في هذه الحالة الحكمُ على المدعي بغرامةٍ لا تقل عن خمسين جُنيهـًا ولا تجاوزُ مائتي جُنيهٍ. وإذا تعلقَ الأمرُ بإحدى الوزارات، أو الهيئات، أو مصلحةٍ من المصالح، أو بشخصٍ اعتباري عام، أو خاص، فيكفي في تحديد الصفةِ أن يذكرَ اسمَ الجهةِ المدعى عليها في صحيفة الدعوى”.
وحَيْثُ إنه إذا رُفِعَتْ الدعوى وتعلقَ أمرُ صفةِ أيٍّ من الخصوم فيها بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحةٍ من المصالح أو بشخصٍ اعتباري عام أو خاص، فيكفي لتوفر شرط الصفة أن يرد اسمُ الجهةِ المدعى عليها في صحيفة الدعوى. (حُكم المحكمة الإدارية العُلْيَا بجلسة 2/7/2008 في الطعن رقم 4412 لسنة 50ق.ع).
حتى لو كانَ المدعي أو المدعى عليه في الدعوى ليسَ الممثلَ القانوني لتلك الجهة، بل يكفي أن يكونَ مسئولا بصفتِهِ عن أيٍّ من الإداراتِ الكُبرى داخل الهيكل الوظيفي لتلك الجهة، ومادامت جميعُ الأوراق المقدمة في الدعوى مُعتمدةً رسميًّا من تلك الجهة، ولم يعترضْ أمامَ المحكمةِ في أيةِ مرحلةٍ تكونُ عليها الدعوى الممثلُ القانونيُّ الفعليُّ للجهةِ على خصومتِهِ فيها.
وحَيْثُ إن قرار رئيس الجمهورية رقم 448 لسنة 1988 بإنشاء الهيئة العامة للأبنية التعليمية([4]) ينُص في مادته (الأولى) على أن: “تُنشَأ هيئةٌ عامة تُسمَّى (الهيئة العامة للأبنية التعليمية) تكونُ لها الشخصيةُ الاعتبارية،…”.
وفي مادته (الخامسة) على أن: “يُشكَّل مجلسُ إدارةِ الهيئةِ برئاسةِ وزير التعليم،…”.
وحَيْثُ إنه ترتيبـًا على ذلك، ولما كانت الجهةُ الإدارية المتصلة بالطعن هيئةً عامة، هي الهيئة العامة للأبنية التعليمية، وكان اسمُ تلك الهيئة العامة قد ذُكِرَ في صحيفة الطعن، فيتعينُ من ثمَّ قبولُ الطعن، حتى لو كان رافعُهُ هو مُديرَ الهيئةِ بصفتِهِ، وليس رئيسَ مجلسِ إدارتها (الممثل القانوني لها)، خاصةً أن المطعون ضده الأول هو الذي قامَ باختصام الطاعن بصفتِهِ أمام محكمةِ أول درجة، وهو ما يُمْسِي معه الدفع المبدى في هذا الشأن مُخالفـًا للقانون، ويتعينُ رفضُهُ، وتكتفي المحكمة بذكرِ ذلك في أسباب هذا الحكم دون المنطوق.
وحَيْثُ إنه عن شكل الطعن، وإذ استوفى جميعَ أوضاعه الشكلية المقررة قانونـًا، فيضحى مقبولا شكلا.
وحَيْثُ إن عناصرَ المنازعة تخلُص -حسبما يُبين من الأوراق- في أن المطعون ضده الأول أقامَ بتاريخ 8/2/2012 الدعوى رقم 22006 لسنة 66 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 466 لسنة 2011 فيما تضمنه من عدم اختياره لوظيفة مُدير عام شئون العاملين بهيئة الأبنية التعليمية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية عدم الإعلان عن وظيفة مُدير عام شئون العاملين بهيئة الأبنية التعليمية، مع إلزام الجهة الإدارية التعويض المناسب للمُدعي عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته، وإلزامها المصروفات والأتعاب.
وذكر المدعي شرحـًا لدعواه تلك أنهُ يعملُ إخصائي أول تحليل نُظم بالهيئة المدعى عليها، وأنه تقدَّمَ لشغلِ وظيفة مُدير عام شئون العاملين بها طبقـًا للقانون رقم 5 لسنة 1991، وحصلَ على المركزِ الأول في تقييم لجنة القيادات بمجموع 87 درجة من 100 درجة بتاريخ 21/6/2011، وبناءً عليه تَمَّ ترشيحُهُ للدورة التدريبية اللازمة لشغل الوظيفة، واجتازَهَا في الفترة من 16/10/2011 حتى 3/11/2011، وبتاريخ 21/11/2011 فُوجِئَ بصدور قرار وزير التربية والتعليم رقم 466 لسنة 2011 بتعيين جميع المرشحين في محضر لجنة القيادات كمُديرين عموم، دونه، وهو ما حداه على التظلم من هذا القرار، إلا أن جهة الإدارة لم تستجب له، مما دفعه إلى اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة، ثم إقامة دعواه مُنتهيـًا في صحيفتها -بعد سرد تفصيلات أسبابها في صحيفة الدعوى- إلى الطلبات المبينة سالفًا.
…………………………………………………………
وتُدُووِلَ نظرُ الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الحادية عشرة)، على النحو الثابت بمحاضر جلسات المرافعة، وبجلسة 24/2/2014م أصدرت محكمةُ أول درجة حُكمها الطعين المبين سالفًا.
وشيَّدَت المحكمةُ قضاءَهَا -بعد استعراض نَصَّيِ المادتين الأولى والخامسة من القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، والمواد أرقام (3) و(4) و(6) و(7) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه، والمستقر عليه في قضاءِ المحكمة الإدارية العُلْيَا- على أساسِ أنه بالنسبة لطلب الإلغاء فإن لجهةِ الإدارة سُلطةً تقديرية في التعيين في الوظائف العامة والترقية إليها، بلا مُعقِّب عليها، إلا إذا ثبت إساءة استعمال السُلطة والانحراف بها عن تحقيق المصلحة العامة، ومن ثمَّ يكونُ للقاضي الإداري أن يتحرى عن بواعث القرار ومُلابساته للوقوف على الهدف الحقيقي الذي تنشده الإدارة من القرار، وما إذا كان قد تغيا مصلحةً عامة أم تنكب السبيل وانحرف عن غايته، وهذا الأمرُ يشملُ القرارَ الإداري الإيجابي والسلبي، وأنه وإن كان لا يُلزِمُهَا القانونُ بإصدار قرارٍ في وقت مُعين، فإن هذا الأمر لا يُشكِّلُ قرارًا سلبيًّا مما يجوز الطعن عليه في دعوى الإلغاء كأصلٍ عام، إلا أنه استثناءً من هذا الأصل إذا قامت جهةُ الإدارة بالإفصاح عن إرادتها في اتخاذِ إجراءاتٍ لإحداثِ أثرٍ أو مركزٍ قانوني مُعين يتعلقُ بأشخاص آخرين ولمصلحتهم على وفقِ ما لها من سُلطةٍ تقديرية، فإنها تكون قد ألزمت نفسها استكمال تلك الإجراءات، أو التوقف عن ذلك لأسبابٍ صحيحة وقائمة، يَثْبُتُ ابتغاءُ المصلحة العامة بها، وإلا كانت بذلك قد أساءَتْ استخدامَ سُلطتها التقديرية بابتغاءِ غير المصلحة العامة، وهذا الأمرُ ينطبق على حالةِ ما إذا أعلنت جهةُ الإدارة عن حاجتها لشغل وظائف مُعينة، وبذلك اتجهت إرادتها إلى هذا الأمر، فعندما يتقدَّمُ المرشحون لشغل تلك الوظائف وتتوفر فيهم جميعُ الشروط اللازمة لشغل هذه الوظائف، التي منها اجتياز المقابلات والاختبارات من قِبل الجهات المختصة بالجهات الإدارية، وإجراء الكشف الطبي، والتحريات اللازمة لشغل تلك الوظائف، فإن عدمَ قيامها باستكمال إجراءات التعيين في تلك الوظيفة يُعَدُّ امتناعـًا منها غيرَ قائمٍ على سببٍ صحيح، مِمَّا يُشكِّل قرارًا سلبيًّا غيرَ مشروعٍ قانونـًا، ولا يجوزُ في هذه الحالة القول بأن جهةَ الإدارة لها سُلطةٌ تقديرية لا رقيب عليها في هذا الشأن؛ لعدم وجود قرارٍ سلبيٍّ.
ولما كان الثابتُ من الأوراق أن اللجنةَ الدائمة للوظائف القيادية قرَّرَتْ ترشيحَ المدعي (المطعون ضده الأول)، والحاصل على مجموع 87 درجة من 100، على وفق التقييم النسبي للمهارات والقُدرات المطلوبة، لِشغلِ وظيفةِ مُدير عام شئون العاملين بالهيئة المدعى عليها، بمحضرها المؤرَّخ في 21/6/2011، وأنهُ تمَّ إيفاده لتلقي التدريب اللازم والذي اجتازه في المدة من 16/10/2011 إلى 3/11/2011، وأن جهةَ الإدارة طلبت من هيئةِ الرقابة الإدارية إفادتها بمدى صلاحية المرشحين لشغل وظائف عُلْيَا من بينهم المدعي، وتمَّ استعجالُ رأيها، إلا أنها لم ترُد على الهيئة المدعى عليها (الطاعنة) بشأن صلاحية المدعي طيلة هذه المدة التي جاوزت العامين والنصف، مع استعجالها من الهيئة المدعى عليها والمدعي، مِمَّا يُعَدُّ رفضـًا ضمنيـًّا واعتراضـًا على ترشيحه، وإذ يتعينُ أن يكونَ هذا الرفضُ قائمـًا على أسبابٍ لها أصول تنتجها الأوراق، وكانت أوراقُ الدعوى تكشف عن تميُّزِ المدعي وجدارته في شغلِ الوظيفةِ المرشح لها، وحصوله على مؤهلات تقطع بدايةً على تنمية قُدراتِهِ ومهاراته بِمَا يؤهِّله للقيام بواجباتها واستيفائه شروط شغل الوظيفة، والتي ليس من بينها موافقة هيئة الرقابة الإدارية، مع ثبوت عدم توقيع جزاءات تأديبية عليه خلال حياته الوظيفية، ومن ثمَّ فإن امتناعَ السُلطة المختصة عن استكمال إجراءات تعيينه بالوظيفة المرشح لها يضحَى قرارًا غيرَ قائمٍ على سببٍ صحيح يبرِّرُهُ، مِمَّا يُشكِّلُ قرارًا سلبيًّا غيرَ مشروعٍ، والقولَ بغير ذلك يجعلُ الرقابة الإدارية هي صاحبةَ القرار في اختيار المرشحين وتعليق تعيينهم على نحوٍ يَضُرُّ بالمصلحةِ العامة وحقوقِ أصحاب الشأن بالمخالفة للقانون.
أما بالنسبة إلى طلب التعويض، فإن المحكمةَ لم تقبلْهُ لرفعِهِ دون اتِّباع الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفـًا فيها، لأن الطلبَ المقدَّمَ من المدعي إلى تلك اللجنة هو طلبُ التظلُمِ من عدم تعيينه في الوظيفة المشار إليها، ولم يتضمَّنْ طلبُهُ التعويضَ عن الأضرار التي لحقت به نتيجة هذا القرار.
…………………………………………………………
وإذ لم يُصادفْ هذا القضاءُ قبولا لدى الطاعن بصفتِهِ، فقد أقام الطعنَ الماثل ناعيـًا على الحكم الطعين مُخالفته للقانون، والخطأ في تطبيقه؛ على سندٍ من عدم قبول الدعوى لزوال مصلحة المطعون ضده الأول؛ لأن القرارَ رقم 466 لسنة 2011 بتعيين المرشحين بمحضر لجنة القيادات قد صدرَ بتعيين شاغلي وظائف مُديري عموم ببعض إدارات الهيئة الطاعنة لمدة سنةٍ واحدة، وكانت هذه المدةُ قد انتهت، ومن ثمَّ يكونُ النطاقُ الزمني للقرار المطعون فيه قد انقضَى، وتكونُ المصلحةُ في إلغائه قد زالت، بما يتعينُ معه الحكمُ بعدم قبول الدعوى لِزوالِ المصلحة، وكذلك عدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري؛ لأنه لم يصدُرْ قرارٌ عن السُلطة المختصة بتعيين أحد بوظيفة مُدير عام شئون العاملين (موضوع النزاع) بالهيئة الطاعنة، فلا يَنشأ للمطعون ضده أصلُ حقٍّ في الطعن على عدم تعيينه بزعمِ توفرِ شروط الصلاحية فيه لِشغلِ الوظيفة؛ إذ إنّ توفرَ شروط الصلاحية -على فرض قيامها- لا تؤدي بذاتها لحقه في شغلها، بل يجبُ صدورُ قرارٍ عن السُلطة المختصة بالتعيين، وهو أمرٌ من إطلاقات السُلطة المختصة بالتعيين، فلها أن تُجريه أو تمسك عنهُ، فإن هي أمسكت عن إجراءات التعيين، فلا يكونُ هناك قرارٌ إداريٌّ إيجابي أو سلبي محلا للطعن بالإلغاء، وهو ما يجري عليه قضاءُ المحكمة الإدارية العُلْيَا، وكذلك فإن الهيئةَ الطاعنة طلبت من هيئة الرقابة الإدارية بموجب كتابها رقم 555/704/ 17107 المؤرَّخ في 20/7/2011م، والذي أرفقت به كشفًا به عدد (11) اسمًا للسادة المرشحين لشغل وظائف قيادية بها، قرين كُلٍّ منهم الوظيفةُ المرشح لها، وكان المطعونُ ضده الأول من ضمن الواردة أسماؤهم بهذا الكشف باعتباره مُرشحـًا لوظيفة مُدير عام شئون العاملين، إلا أنه لم يرد للهيئة الطاعنة تقرير التحري المطلوب لصلاحيةِ المطعون ضده الأول للتعيين بالوظيفة المذكورة، مِمَّا يَحُوْلُ بين الهيئةِ الطاعنة وإصدارِ قرار بتعيين المطعون ضده بالوظيفة، بِحُسْبَانِ أن تقريرَ هيئة الرقابة الإدارية يُعَدُّ إجراءً تحضيريـًّا، يندرجُ ضمن القيود التي يتعينُ على جهة الإدارة ضرورة مُراعاتها قبل قيامها بإصدار قرار التعيين في الوظيفة القيادية، ومن ثمَّ لا تثريب على الهيئة الطاعنة إن أمسكتْ عن إصدارِ قرار بتعيينه بالوظيفة لعدم استيفاء الإجراءات التمهيدية، لِكونها حلقات يتعينُ اكتمالُهَا قبلَ إصدارِ القرار.
كما يبين أيضـًا عدمُ صلاحية المطعون ضده الأول لشغل الوظيفة القيادية؛ لأنهُ وُقِّعَت عليه العديد من الجزاءات نتيجة ارتكابِهِ مُخالفات استوجبتها، وهو ما يغدو معه فاقدًا للشروط والصلاحية اللازمة لشغل وظيفة مُدير عام، مِمَّا يكونُ معهُ القرارُ المطعون فيه قائمـًا على سببٍ ينتجه واقعـًا وقانونـًا، وانتهَى تقريرُ الطعن -بعد سرد تفصيلات أسبابه في صحيفة الطعن- إلى الطلبات المبينة سالفًا.
…………………………………………………………
وحَيْثُ إنه عن موضوع الطعن، فإن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978([5]) ينُصُّ في المادة (16) على أن: “يكون التعيينُ في الوظائفِ العُلْيَا بقرارٍ من رئيسِ الجمهورية. ويكون التعيينُ في الوظائفِ الأخرى بقرارٍ من السلطةِ المختصة”.
وحَيْثُ إن القانون رقم 5 لسنة 1991 في شأنِ الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، ينُصُّ في المادة (الأولى) على أن: “يكون شغلُ الوظائفِ المدنية القيادية في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، والأجهزة الحكومية التي لها موازنة خاصة، وهيئات القطاع العام وشركاته، والمؤسسات العامة وبنوك القطاع العام والأجهزة والبنوك ذات الشخصية الاعتبارية العامة، لمدةٍ لا تجاوزُ ثلاثَ سنوات قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى طبقًا لأحكام هذا القانون، وذلك كله مع عدم الإخلال بأحكام القوانين واللوائح فيما يتعلق بباقي الشروط اللازمة لشغل الوظائف المذكورة. ويُقصَدُ بهذه الوظائف تلك التي يتولى شاغلوها الإدارة القيادية بأنشطة الإنتاج أو الخدمات أو تصريف شئون الجهات التي يعملون فيها من درجة مدير عام، أو الدرجة العالية أو الدرجة الممتازة أو الدرجة الأعلى وما يعادلها”.
وفي المادة (الخامسة) على أن: “تصدر اللائحةُ التنفيذية لهذا القانون بقرارٍ من مجلس الوزراءِ خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره، مُتضمنة قواعد الاختيار والإعداد والتأهيل والتقويم”.
وحَيْثُ إن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1991 في شأنِ الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1596 لسنة 1991 تنُصُّ في المادة (1) على أنه: “في تطبيقِ أحكام هذه اللائحة يُقصَدُ: (أ) بالوظائف المدنية القيادية: الوظائف من درجة مدير عام أو الدرجة العالية أو الدرجة الممتازة أو الدرجة الأعلى وما يعادلها التي يرأس شاغلوها وحدات، أو تقسيمات تنظيمية من مستوى إدارات عامة أو إدارات مركزية أو قطاعات وما في مستواها.
(ب) بالوحدات: وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنة خاصة وهيئات القطاع العام وشركاته وبنوك القطاع العام والأجهزة والبنوك ذات الشخصية الاعتبارية العامة.
(ج) بالسُلطة المختصة: الوزير أو المحافظ أو رئيس الوحدة المختص حسب الأحوال.
(د) بالسُلطة المختصة بالتعيين: الجهة التي ناطت بها القوانينُ واللوائح سُلطةَ إصدارِ قرارات التعيين”.
وفي المادة (3) المعدَّلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010، على أن: “تُعلن كلُّ جهةٍ عن شغل الوظائف القيادية الخالية بها أو المتوقع خلوها خلال ستة أشهر في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار وعلى الموقع الالكتروني للجهة إن وجد أو على موقع الحكومة المصرية على الإنترنت، ويتضمِّنُ الإعلانُ مسميات الوظائف ودرجاتها المالية ووصف مُوجز لها وشروط شغلها والقدرات اللازمة لشغلها والمدة المحدَّدة لتلقي الطلبات والجهة التي تقدم إليها، ويتقدَّمُ لهذا الإعلان العاملون بالوحدة وغيرهم”.
وفي المادة (4) المعدَّلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010 على أن: “يُشترَط فِيمَنْ يتقدِّمُ للإعلانِ:
(أ) أن يكونَ مُستوفيًا لشروط شغل الوظيفة المعلن عنها طبقًا لبطاقة الوصف.
(ب) أن يُرفِقَ بطلبِهِ موقفَهُ بالنسبة للمهارات والقدرات المطلوبة لشغل الوظيفة مُدَعَّمًا بالمستندات الدالة على ذلك وإنجازاته السابقة”.
وفي المادة (6) المعدَّلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010 على أن: “تُشكَّل بقرارٍ من السلطة المختصة في كلِّ وزارةٍ أو محافظةٍ أو هيئةٍ عامة لجنةٌ دائمة من عددٍ فردي من الخبراء في مجال التخصص وإدارة الموارد البشرية والحاسب الآلي واللغات برئاسة الوزير أو المحافظ أو رئيس الهيئة وللجنة أن تضمَّ إلى عضويتِهَا خبراءً في مجال الوظيفة التي يعلن عنها. وتختصُّ هذه اللجنةُ بالنظر في الترشيح لِشغلِ هذه الوظائف على أساس الحاصل على أعلى درجات وفقًا للتقييم النسبي للمعايير والمهارات والقدرات المطلوبة لإيفادهم للتدريب اللازم لِشغلِ هذه الوظائف. وللجنةِ أن تستعينَ بالأجهزةِ المختصة بالدولة لاستكمال ما ترى لِزومَهُ من بياناتٍ ومعلومات. ويُعتبرُ مَنْ اجتازَ الدراسات التي تعقدها كليةُ الدفاع الوطني التابعة لأكاديمية ناصر العسكرية أنه أدى التدريب اللازم”.
وفي المادة (7) على أن: “تختصُّ اللجانُ المنصوص عليها في المادةِ السابقة بالنظرِ في الترشيحِ والاختيارِ والإعدادِ لِشغلِ الوظائفِ القيادية الشاغرة وتقويمِ نتائج أعمال شاغلي هذه الوظائف”.
وحَيْثُ أصدر وزيرُ التربية والتعليم القرارَ رقم 122 بتاريخ 5/4/2011 بتشكيلِ لجنةٍ دائمة للقيادات لاختيار مَنْ يشغلُ الوظائف القيادية من الدرجة العالية ودرجة مُدير عام بالهيئة العامة للأبنية التعليمية، ناصـًّا في مادته الأولى على أن تُشكَّلَ اللجنةُ برئاستِهِ، وعضويةِ كُلٍّ من مُديرِ الهيئة ونائبِ رئيس الهيئة.
وحَيْثُ إن مفاد ما تقدم من النصوص، أن المشرِّعَ في القانون رقم 5 لسنة 1991 ولائحته التنفيذية المشار إليهما، نظَّمَ قواعدَ وإجراءات شغلِ الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، بدءًا من الإعلان عن شغل هذه الوظائف، وانتهاءً بصدور قرار التعيين بحسب الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي للمُتقدمين، الذي تُعِدُّهُ لجنةُ الوظائف القيادية على وفق مجموع درجات كُلٍّ منهُم في العُنصرين المنصوص عليهما في المادةِ العاشرة من اللائحةِ التنفيذية للقانون، وقد حَدَّدَ المشرِّعُ درجات كُلِّ عُنصرٍ من العُنصرين المشار إليهما، الذي يشملُ عدةَ عناصر فرعية، وأنه وإن كان المشرِّعُ لم يُحدِّدْ درجةَ كُلِّ عنصرٍ من هذه العناصر الفرعية، فإن ذلك مرجعه أن يتركَ للجهةِ الإدارية حُريةَ وزنِ وتقديرِ الدرجات الخاصة بكُلِّ بندٍ من بنود هذه العناصر الفرعية، بمُراعاةِ ظروف وطبيعة العمل ونوعيته في مُختلفِ الجهات، وأنه يتعينُ على الجهةِ الإدارية تقديرُ درجةِ كُلِّ عُنصرٍ فرعي يندرجُ تحت العُنصرين الرئيسين المشار إليهما، وذلك لِضمانِ توحيد معيار قياس قُدرَات كُلِّ مُتقدِّمٍ؛ وحتى لا يكون التقديرُ عرضةً للتحكُّمِ والأهواءِ، وحتى تتسنى مُراقبةُ المفاضلةِ بين المرشحين من خلال واقع الأوراق والمستندات، ويكونُ التقديرُ قائمـًا على عناصر ثابتة مُستمدة من الأوراق والمستندات، وتؤدي إلى النتيجةِ التي انتهى إليها. (يراجع حُكم المحكمة الإدارية العُلْيَا بجلسة 19/2/2005م في الطعن رقم 166 لسنة 48 ق.ع).
– وحَيْثُ إنه بالنسبة لِمَا دفعَ به الطاعنُ بصفته من خطأِ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، لأنه لم يقضِ بعدم قبول الدعوى أمام محكمة أول درجة لِزوالِ مصلحةِ المدعي فيها (المطعون ضده الأول في الطعن الجاري) لِكونِ القرار رقم 466 لسنة 2011 بتعيين المرشحين بمحضر لجنة القيادات قد صدر بتعيين شاغلي وظائف مُديري عموم بعض إدارات الهيئة الطاعنة لمدة سنة واحدة، وأن هذه المدة قد انتهت، فانقضى النطاقُ الزمني للقرار المطعون فيه، ومن ثمَّ زالت معهُ المصلحةُ في إلغائه، فإن ذلك مردودٌ عليه، بأن المستقر عليه في قضاءِ هذه المحكمة أن المصلحةَ في الدعوى القضائية تُعَدُّ شرطـًا جوهريًّا لقبولها أمام المحكمة، وحدَّدَ المشرِّعُ ضوابط تلك المصلحة في وجوب كونها شخصيةً ومُباشرة لرافعها بداية، واستمرارها قائمة حتى تاريخ الحكم في الدعوى، واستثنى من ذلك المصلحةَ المحتملة إذا كان الغرضُ هو الاحتياط لدفع ضررٍ مُحدق أو الاستيثاق لحقٍّ يُخشَى زوالُ دليله عند النزاع فيه، وفي حالة عدم توفر شروط المصلحة في أيةِ حالة تكون عليها الدعوى، تقضِي المحكمةُ من تلقاءِ نفسها بعدم قبول الدعوى، دون حاجةٍ إلى دفع بذلك من الخصوم، وأجاز المشرِّعُ للمحكمةِ عند الحكمِ بعدم قبول الدعوى لانتفاءِ شرطِ المصلحة أن تحكُمَ على رافعِهَا بغرامةٍ إجرائية لا تزيدُ عن خمس مِئة جُنيه إذا تبينت إساءته استعمال حقِّه في التقاضي. (أحكام المحكمة الإدارية العُلْيَا بجلسة 22/3/2015 في الطعن رقم 10462 لسنة 58ق.ع، وبجلسة 17/5/2015 في الطعن رقم 29599 لسنة 55 ق.ع، وبجلسة 14/6/2015 في الطعن رقم 12758 لسنة 53 ق.ع، وجلسة 17/1/2016 في الطعن رقم 21949 لسنة 52 ق.ع).
وأن للمحكمة هيمنة شاملة على الدعوى القضائية وإجراءاتها وتكييف طلباتها، فلها أن تتبين صحةَ شروط قبولها ابتداء، وكذلك استمرار وجودها أيضـًا، في ضوء ما قد يطرأ من تغيير في المراكز القانونية للخصوم أو استمرارها أو أية مُتغيرات إجرائية أو موضوعية أثناء سير الدعوى، ومن ثمَّ تقضِي في شأنها بما تهتدِي إليه من خلال الواقع والقانون، ولَمَّا كان شرطُ المصلحة في الدعوى من الشروط الشكلية الناضحة عن النظام العام للتقاضي، ومادام استقرَّ في يقينِ المحكمة ثبوتُهُ في جانب الخصوم، فتنعقدُ الدعوى قائمةً بأركانها، أما إن بزغَ للمحكمةِ انعدامه بداية أو زواله أثناء سير الدعوى، فإنها تقضِي بعدم قبولها، غيرَ مُتعرضةٍ لموضوعها، أيًّا كانت احتمالاتُ ثبوتِ الحقِّ للمُدعي من عدمه، ودون أن يغلَّ ذلك يد المدعي عن ولوج سبيل دعوى التعويض فيما قد يَرى من أضرار مادية أو معنوية لحقته، استكمالا لاستئداء ادعاءاتِهِ في الدعوى. (في هذا المعنى أحكام المحكمة الإدارية العُلْيَا بجلسة 19/4/2015 في الطعن رقم 17097 لسنة 57 ق.ع، وبجلسة 17/5/2015 في الطعن رقم 29599 لسنة 55 ق.ع، وبجلسة 14/6/2015 في الطعن رقم 12758 لسنة 53ق.ع، وبجلسة 17/1/2016 في الطعن رقم 21949 لسنة 52ق.ع).
ولما كان الثابتُ من الأوراقِ وعلى النحو المبين سالفًا، أن امتناعَ الجهةِ الإدارية الطاعنة عن استكمالِ إجراءات تعيين المطعون ضده الأول في وظيفة “مُدير عام شئون العاملين بالهيئة العامة للأبنية التعليمية” التي أعلنت عنها مُسبقـًا، يُمثلُ قرارًا سلبيـًّا تستقيمُ فيه مصلحةٌ أكيدة للمطعونِ ضده الأول في الطعنِ عليه بالإلغاء، وفي طلبِ تعويضِهِ عَمَّا تكون حاقت به من الأضرار المادية والأدبية من جراءِ ذلك، أيًّا كان الحكمُ بعدُ بمشروعيةِ القرار من عدمِهِ، فضلا عن أن انقضاءَ السنةِ في التعيين في الوظيفةِ التي نصَّ عليها القرارُ الطعين لا يمنعُ الجهةَ الإدارية الطاعنة نفسها إذا قُضِيَ بعدم مشروعية القرار الطعين أن تُصدرَ قرارًا آخرَ بتعيين المقضي لمصلحتهم وبنفسِ النطاقِ الزمني الذي أرسته المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1991 المشار إليه.
– وحَيْثُ إنه بالنسبة لِمَا دفعَ به الطاعنُ بصفته من مُخالفةِ الحكم للقانون لعدمِ قضائِهِ بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، فإنه مردودٌ عليه بأنه ولئن كان القانون لا يُلزمُ جهةَ الإدارة إصدار القرار الإداري في وقتٍ مُعين، مِمَّا لا يُشكِّلُ قرارًا سلبيًّا يجوزُ الطعنُ عليه في دعوى الإلغاء كأصلٍ عام، إلا أنه استثناءً من هذا الأصلِ: إذا قامت جهة الإدارة على وفق ما لها من سُلطةٍ تقديرية بالإفصاحِ عن إرادتها المنفردة باتخاذِ إجراءاتٍ ما لإحداثِ أثرٍ أو مركزٍ قانوني مُعين يتعلقُ بأشخاص آخرين ولمصلحتهم، فإنها تكونُ بذلك قد ألزمَتْ نفسَهَا استكمالِ تلك الإجراءات، أو التوقفِ عنها لأسبابٍ صحيحة وقائمة يَثْبُتُ فيها ابتغاءُ المصلحة العامة، وتحت الرقابة القضائية الكاملة في هذا الشأن.
وإذ أثبتَتْ الأوراقُ قيامَ الجهةِ الإدارية الطاعنة بالإعلانِ عن الوظيفة محل التداعي، وإجراءِ مُقابلات المتقدمين لها، وتقييمِ ثم اختيارِ المطعون ضده الأول كأعلاهم في الدرجات، ثم ترشيحِهِ من قِبلها لدورةٍ تدريبية، ثم اجتيازه لها بنجاح، فإن امتناعَ الجهة الإدارية الطاعنة عن استكمال إجراءات التعيين يُمثلُ قرارًا إداريًّا سلبيًّا يجوزُ الطعنُ عليه بالإلغاء، مما يتعينُ معه رفضُ هذا الدفع.
– وحَيْثُ إن الثابت من دفاعِ الطاعنِ بصفته أن ما حالَ دونَ إصدارِ قرارِ تعيين المطعون ضده الأول هو عدمُ ورودِ تقرير التحري المطلوب عن مدى صلاحية المطعون ضده الأول في شغل الوظيفة محل التداعي من قِبل هيئة الرقابة الإدارية، على الرغم من استعجالها بأكثر من كتابٍ رسمي في هذا الشأن، بِحُسْبَانِ أن تقريرَ هيئة الرقابة الإدارية يُعَدُّ إجراءً تحضيريًّا يندرجُ ضمن القيود التي يتعين على جهة الإدارة ضرورة مُراعاتها قبل قيامها بإصدار قرارات التعيين في الوظائف القيادية، فلا تثريب على الهيئة الطاعنة إن هي أمسكت عن إصدار قرار تعيينه بتلك الوظيفة لعدم استيفاء الإجراءات التمهيدية؛ لكونها حلقات يتعين اكتمالها قبل إصدار القرار، فإن ذلك مردود عليه بأن الثابتَ من الأوراق استيفاءُ المطعون ضده الأول لشروط شغل الوظيفة محل التداعي، والتي ليس من بينها قانونـًا موافقةُ هيئة الرقابة الإدارية، والقولَ بغير ذلك يجعلُ الهيئةَ المشار إليها هي صاحبةَ القرارِ الفصلِ في اختيار المرشحين لشغل الوظائف العامة القيادية وتعليق تعيينهم بالمخالفةِ للقانون، الذي ارتأى أن اللجنةَ الدائمة للوظائف القيادية هي الأقدر بحُكم تشكيلها وتخصصها على تقرير صلاحية المرشحين، كما أنه لا يجوزُ أن يؤدي عدم إبدائها لرأيها إلى استمرار المنازعة لسنين عدة، فليس من المقبول منطقـًا أن يكون الفصلُ في المنازعة مرهونًا بيد هيئة الرقابة الإدارية، إذ إنه -فضلا عن مُخالفته للقانون- يُثير عدمَ استقرار للمراكز القانونية لشاغلي الوظائف العامة، بالإضافة إلى أن إبداءَ هيئة الرقابة الإدارية لرأيها بالنسبة لبقية المرشحين للوظائف القيادية الأخرى دون المطعون ضده الأول يؤدي بالقرار الطعين إلى عيبِ إساءة استعمال السُلطة أو الانحراف بها.
وحَيْثُ إنه في تفسير مفهوم الاستعانة بالأجهزة المختصة بالدولة لاستكمالِ البيانات والمعلومات التي أجازها المشرِّعُ للجنة الدائمة للقيادات في المادة (6) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1991 (المشار إليها)، على وفق ما ترى لِزُومَهُ، فإنه لا يعنِي مُطلقـًا ضرورةَ الاستعانة بالأجهزة الرقابية أو ما يُطلقُ عليه بالأجهزة الأمنية السيادية فقط، بل تسرِي الإجازةُ على كُلٍّ من أجهزةِ الدولة الأخرى لاستكمالِ البيانات والمعلومات في المجال التخصُّصي للوظيفة المعلن عنها أو المرشحين لشغلها.
وحَيْثُ إنه ولئن كانت الجهاتُ الرقابية عمومًا، وكذا ما يُطلقُ عليه الجهات والأجهزة الأمنية السيادية، تضطلعُ بدورٍ رقابي وأمني تخصُّصي حميد في سبيل الوقوف على الوقائع أو العناصر التي قد تُمثلُ نوعـًا من التأثير السلبي على مسيرة مؤسسات الدولة نحو أهدافها المرجوة، بيدَ أن ذلك يجبُ أن يكونَ ضمنَ إطارِ المنظومة الدستورية والتشريعية في ظل دولة المؤسسة القانونية وسيادة القانون، وبناءً على إجراءات صحيحة يتطلبُهَا القانونُ، مِمَّا لا يجوزُ معه أن يتغوَّلَ هذا الدورُ الرقابي أو الأمني لتلك الجهات داخلَ الأعمال الإدارية، أو الفنية للسُّلطات الدستورية الثلاث، أو الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام والخاص، بالمخالفةِ لإرادة المشرِّعِ وتراتيبِهِ، حتى لو كان تعقيبـًا مُسبقـًا أو لاحقـًا على شخوص شاغلي الوظائف المختلفة في أيٍّ منها بلا سندٍ قانوني دامغ، لا ترقَى إليه بالطبع تقاريرُ التحريات المرسلة النائية عن الفلك المستندي الرسمي، التي يجبُ أن يُكتفَى حالَ وجودها بدورٍ استرشادي لا غير؛ إذ لو تغيا المشرِّعُ ذلك بدايةً لنصَّ عليهِ صراحةً، إلا أن المنظومةَ التشريعية المصرية دأبَتْ بحقٍّ على إبقاءِ التوازن الدستوري بين حقوق المواطنين الواجبة وحرياتهم، والدور الرقابي والأمني المطلوب من تلك الجهات المتخصصة، ولم تنـص مُطلقـًا على اشتراطِ موافقة الأجهزة الرقابية أو الأمنية للتعيين في الوظائف العامة أو الاستمرار فيها.
كما أن القولَ بغير ذلك يُضفِي على تقارير الأجهزة الرقابية أو الأمنية بشأن شغلِ وظيفةٍ عامة ما أو الاستمرار فيها هالةً خاصة، تستبيح معها التشارُك بشكلٍ غير مُباشرٍ وبالمخالفةِ لأحكام القانون في إجراءات ومراحل إصدار القرارات الإدارية المتعلقة باختيار شاغلي الوظائف العامة أو استمرارهم فيها، على نحوٍ قد يَضُرُّ بالمصلحة العامة وحقوق أصحاب الشأن ومراكزهم القانونية، فضلا عَمَّا يخلفُهُ ذلك في النهاية من أنزعةٍ قضائية تـُثقلُ كاهلَ المحاكم وتبطئُ العدالةَ الناجزة.
وحَيْثُ ذهبَ قضاءُ المحكمة الإدارية العُلْيَا إلى أنه إذا كانت جهةُ الإدارة تترخصُ بما لها من سُلطةٍ تقديرية في التعيينِ في الوظائف العامة، وكذا الترقيةِ إليها، بلا مُعقب عليها، إلا إذا ثبتَتْ إساءةُ استعمال السُلطة والانحراف بها عن تحقيق المصلحة العامة، فإن للقاضي الإداري أن يتحرى بواعث القرار ومُلابساته للوقوف على الهدف الحقيقي الذي تنشدهُ الإدارةُ من القرارِ، وما إذا كان قد تغيا وجهَ المصلحة العامة أم تنكبَ السبيلَ وانحرفَ عن غايتِهِ، وهذا الأمرُ يشملُ القرارَ الإداري الإيجابي وكذا السلبي، كما أنه وإن كانت جهةُ الإدارة عندما لا يُلزِمُهَا القانونُ إصدارِ قرارٍ في وقتٍ مُعين، وكان هذا الأمرَ لا يُشكِّلُ قرارًا سلبيًّا مِمَّا يجوزُ الطعنُ عليه في دعوى الإلغاء كأصلٍ عام، إلا أنه استثناءً من هذا الأصل، إذا قامت جهةُ الإدارة بالإفصاحِ عن إرادتها في اتخاذِ إجراءات لإحداثِ أثرٍ أو مركزٍ قانوني مُعين يتعلقُ بأشخاص آخرين ولمصلحتهم على وفقِ ما لها من سُلطةٍ تقديرية، فإنها تكونُ قد ألزمت نفسَهَا استكمال تلك الإجراءات، أو التوقف عن ذلك لأسبابٍ صحيحة وقائمة يَثْبُتُ ابتغاءُ المصلحة العامة بها، وإلا كانت جهةُ الإدارة بذلك قد أساءَتْ استخدامَ سُلطتِهَا التقديرية بابتغاءِ خلاف المصلحة العامة، وهذا الأمرُ ينطبقُ على حالةِ ما إذا أعلنَتْ جهةُ الإدارة عن حاجتها لِشغلِ وظائف مُعينة، وبذلك اتجهت إرادتُهَا إلى هذا الأمرِ، فعندما يتقدَّمُ المرشحون لشغل تلك الوظائف، وتتوفرُ فيهم جميعُ الشروط اللازمة لشغل هذه الوظائف، التي منها اجتيازُ المقابلات والاختبارات من قِبل الجهات المختصة بالجهات الإدارية، وإجراءُ الكشف الطبي، والتحرياتُ اللازمة لشغل تلك الوظائف، فإن عدمَ قيام جهةِ الإدارة باستكمال إجراءات إصدار قرار التعيين في تلك الوظيفة يُعَدُّ امتناعـًا منها غيرَ قائمٍ على سببٍ صحيح يُبَرِّرُهُ مِمَّا يُشكِّلُ قرارًا سلبيًّا غيرَ مشروعٍ قانونـًا؛ لأن جهةَ الإدارة قد أساءَتْ استخدامَ سُلطتها التقديرية، وانحرفت عن غايةِ المصلحة العامة، ولا يجوزُ في هذه الحالةِ القولُ بأن جهةَ الإدارة لها سُلطةٌ تقديرية لا رقيب عليها في هذا الشأن لعدمِ وجود قرارٍ سلبي. (حُكم المحكمة الإدارية العُلْيَا بجلسة 22/6/2008م في الطعن رقم 19826 لسنة 53 ق.ع).
وحَيْثُ إنه إعمالا لِمَا سبقَ وهديـًا به، و لما كان الثابتُ من الأوراق أن المطعونَ ضده الأول يعملُ بوظيفة إخصائي أول تحليل نُظم بالهيئةِ الطاعنة، وأن الأخيرةَ أعلنت عن حاجتها لوظائف مُديري عموم لبعض الإدارات العامة بها، ومن بينها الإدارةُ العامة لشئون العاملين، وكان الإعلانُ على وفق شروطٍ قانونية مُعينة طبقـًا للقانون رقم 5 لسنة 1991 في شأن الوظائف المدنية القيادية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، فتقدَّمَ المطعونُ ضده الأول ضمنَ آخرين لِشغلِ وظيفة “مُدير عام الإدارة العامة لشئون العاملين” مُستوفيـًا الشروط والأوراق، وحصلَ على عدد درجات (87) من مجموع (100) درجة في التقييم النسبي للمهارات والقُدرات المطلوبة لشغل الوظيفة، فقرَّرَتْ اللجنةُ الدائمة للوظائف القيادية بجلستها المنعقدة في 21/6/2011 ترشيحَه لتولي هذه الوظيفة، وتمَّ إيفادُهُ من قِبل الإدارة إلى دورةٍ تدريبية لتلقي التدريب اللازم، فاجتازَ تلك الدورة التدريبية بنجاحٍ في الفترة من 16/10/2011 حتى 3/11/2011، وبتاريخ 20/7/2011 أرسلت الهيئةُ الطاعنة كتابـًا إلى هيئة الرقابة الإدارية طالبةً إيفادَهَا عن مدى صلاحية عددِ أحد عشر مُرشَّحـًا لشغل الوظائف العُلْيَا المعلن عنها بالهيئة، ومن بينهم اسمُ المطعون ضده الأول، وتمَّ استعجالُ رأيها بكتابها المؤرخ في 29/3/2012، إلا أن هيئةَ الرقابة الإدارية لم ترد على الهيئةِ الطاعنة في شأن مدى صلاحية المطعون ضده الأول لشغل الوظيفة المرشَّح لها، على الرغم من أنها ردت فيما يتعلق ببقية المرشحين للوظائف العُلْيَا الأخرى، الذين تضمَّنَ أسماءَهم كتابُ الهيئة الطاعنة المؤرخ في 20/7/2011، فأصدرَ المطعون ضده الثاني (وزير التربية والتعليم بصفته) القرارَ رقم 466 لسنة 2011 بتاريخ 22/11/2011 بتعيين بقية المرشحين للوظائف العُلْيَا الأخرى، دون أن يتضمنَ القرارُ اسمَ المطعون ضده الأول (زكريا…) أو الوظيفة التي تُرشَّح لها، كما استمرَّ ردُّ هيئة الرقابة الإدارية بشأن تقرير التحري المطلوب لصلاحية المطعون ضده الأول غائبـًا طوال مُدة جاوزت العامين والنصف، على الرغم من استعجالها في هذا الشأن من قبل الهيئة الطاعنة (الهيئة العامة للأبنية التعليمية)، وهو ما يغدو معه القرارُ الطعين مُخالفـًا لصحيح الواقع والقانون، فيتعينُ إلغاءُ القرار السلبي بالامتناعِ عن تعيين المطعون ضده الأول في الوظيفة محل التداعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمُّهَا تعيينُهُ في الوظيفة محل التداعي، والقضاء برفض الطعن الجاري.
وحَيْثُ إنه لا يُغيرُ من ذلك ما دفعَتْ به الهيئةُ الطاعنة فيما قدمته من رأي السيد المستشار نائب رئيس مجلس الدولة- المستشار القانوني لوزير التربية والتعليم- في مُذكرتِهِ المؤرخة في 21/10/2014 (المرفوعة للأخير، والمودعة ضمن حافظة المستندات المقدَّمة من الهيئة الطاعنة بجلسة 11/1/2015 أمام الدائرة السابعة لفحص الطعون بالمحكمة) من بُطلانِ تشكيلِ اللجنةِ الدائمة للوظائف القيادية بالهيئةِ الطاعنة، على سندٍ من أن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1991 نصَّتْ على وجوبِ تشكيل اللجنة الدائمة لاختيار القيادات من خمسةِ أفراد، من بينهم رئيس اللجنة؛ فإن ذلكَ مردودٌ عليه بأن المادة (6) من اللائحة التنفيذية المشار إليها بعد تعديلها بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010 اشترطَتْ أن يكونَ تشكيلُ تلك اللجنة الدائمة من عددٍ فردي من الخبراء، يتوفرُ فيهم خبرات في مجال التخصُّص وإدارة الموارد البشرية والحاسب الآلي واللغة، دونَ تحديدِ عددٍ مُحدَّد لأعضائها، ولو أراد المشرِّعُ غيرَ ذلك لنصَّ عليه صراحةً، وليسَ أدلُّ على هذا مما نُصَّ عليه صراحةً في المادة نفسها قبل تعديلها من أن يكونَ تشكيلُ اللجنة من عدد فردي لا يقلُّ عن ثلاثة ولا يزيدُ عن خمسة، ومن ثم فإن القرار الوزاري رقم 122 بتاريخ 5/4/2011 بتشكيلِ اللجنة الدائمة للقيادات فيما يتعلقُ بتشكيلها من ثلاثة لا يكونُ في هذا الشأن مُخالفـًا للقانون، فضلا عن أن مُذكرةَ السيد المستشار القانوني للوزير المشار إليها قد استشهدَتْ بصدور القرار الوزاري رقم 368 بتاريخ 30/9/2013 بتشكيلِ لجنة الوظائف القيادية من رئيسٍ وعضوين كأعضاء أصلية وعضوين كأعضاء احتياطية، ويدلَّ ذلكَ على عدمِ وجوبِ تشكيل اللجنة من خمسةِ أفراد؛ لكونِ وظيفة الأعضاء الاحتياطيين تبدأ حينما تكون هُناك ظروفٌ قهرية تمنعُ أحدَ الأعضاء الأصليين من الحضور، بالإضافةِ إلى أن الجهةَ الإدارية بصفةٍ عامة هي التي أصدرَتْ القرار الوزاري رقم 122 بتاريخ 5/4/2011 بتشكيلِ لجنةٍ دائمة للقيادات لاختيارِ مَنْ يشغلُ الوظائف القيادية من الدرجة العالية ودرجة مُدير عام بالهيئة العامة للأبنية التعليمية، ولا يستقيمُ عُرفـًا أن تستفيدَ الجهةُ الإدارية من أيةِ أخطاء قد تعتري ما أصدرَتْ من قرارٍ بتشكيل تلك اللجنة الدائمة.
وحَيْثُ ذهبَ الحكمُ المطعون إلى هذا المذهبِ، فإنه يكونُ قد صدرَ موافقًا صحيح الواقع والقانون، ويضحَى الطعنُ فيه غيرَ قائمٍ على أساسٍ سليم.
وحَيْثُ إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته، عملا بحُكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعـًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.
([1]) يراجع في هذا كذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 507 لسنة 41 ق.ع بجلسة 12/10/1997 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 43/1 مكتب فني، المبدأ رقم 6، ص52)، وكذا حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4412 لسنة 50 ق.ع بجلسة 2/7/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53/2 مكتب فني، المبدأ رقم 195، ص1488).
([2]) في الاتجاه نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6312 لسنة 46 ق.ع بجلسة 18/1/2004 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 49 مكتب فني، المبدأ رقم 35، ص299)، حيث انتهت المحكمة إلى أن قرار التعيين في إحدى وظائف هيئات التدريس بالجامعة هو قرار مركب يمر بمراحل متعددة، تبدأ بإفصاح الجهة الإدارية عن نيتها في شغل الوظيفة، وذلك بإعلانها عنها طبقاً لشروط موضوعية وقانونية تؤكد فيها حرصها على اختيار أفضل المرشحين للوظيفة وارتضاءها تعيين من يسفر عنه الاختيار طبقاً للشروط والإجراءات التي رسمتها أحكام قانون الجامعات ولائحته التنفيذية، بدءًا من فحص الإنتاج العلمي للمرشح وقبوله طبقاً للمعايير العلمية القانونية المنصوص عليها في القانون، مرورا بمجلس القسم ومجلس الكلية، حتى يصدر قرار التعيين بموافقة مجلس الجامعة، بحسبانه صاحب الاختصاص الأصلي في البت في أمر تعيين أعضاء هيئة التدريس طبقاً للإجراءات المتقدمة، وإذا كان الأصل في التعيين في وظائف المدرسين أنه يتم بدون إعلان من بين المدرسين المساعدين والمعيدين في ذات الكلية أو المعهد، إلا أنه فى حالة خلو هذه الوظائف ممن يكون مؤهلا لشغل وظائف المدرسين فلا مناص من الإعلان عنها واتباع الإجراءات المقررة قانونا لشغلها على الوجه المتقدم ذكره، ويعد الإعلان فى حد ذاته طبقا للشروط الواردة به إفصاحا من الجهة الإدارية عن إرادتها نحو تعيين من تقرره الإجراءات الموضوعية المحايدة المنصوص عليها في الوظيفة المعلن عنها، فإذا مر المرشحون بالمراحل والإجراءات المشار إليها للمفاضلة بينهم، وانتهت تلك الإجراءات إلى الكشف عن شخصية أفضل المرشحين لشغل الوظيفة، فلا يسوغ للسلطة المختصة بالتعيين إلغاء الإعلان عن الوظيفة وما يترتب عليه من إجراءات، إلا لأسباب جدية ومبررات قانونية تخضع لرقابة القضاء الإداري، وإلا كان الإلغاء مستهدفا تحقيق أغراض شخصية تنصرف بالقرار عن تحقيق المصلحة العامة، وتصمه بعيب الانحراف بالسلطة.
وفي هذا الاتجاه كذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 19826 لسنة 53 ق.ع بجلسة 22/6/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53/2 مكتب فني، المبدأ رقم 189/ب، ص1444)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه بقيام جهة الإدارة بالإفصاح عن إرادتها اتخاذ إجراءات لإحداث أثر أو مركز قانوني معين متعلق بأشخاص آخرين ولمصلحتهم على وفق ما لها من سلطة تقديرية، فإنها تكون قد ألزمت نفسها استكمال تلك الإجراءات أو التوقف عن ذلك لأسباب صحيحة وقائمة يثبت ابتغاء المصلحة العامة بها، وإلا كانت جهة الإدارة بذلك قد أساءت استخدام سلطتها التقديرية بابتغاء خلاف المصلحة العامة، وهذا الأمر ينطبق على حالة ما إذا أعلنت جهة الإدارة عن حاجتها لشغل وظائف معينة، فبذلك تكون إرادتها قد اتجهت إلى هذا الأمر، فعندما يتقدم المرشحون لشغل تلك الوظائف وتتوفر فيهم جميع الشروط اللازمة لشغل هذه الوظيفة التي منها اجتياز الاختبارات والمقابلات من قبل الجهات المختصة بالجهة الإدارية وإجراء الكشف الطبي والتحريات اللازمة لشغل تلك الوظائف، فإن عدم قيام جهة الإدارة باستكمال إجراءات إصدار قرار التعيين في تلك الوظائف يعد امتناعا منها غير قائم على سبب صحيح يبرره، خاصة إذا ما أعادت الإعلان عن حاجتها لشغل ذات الوظائف في وجود الصالحين لشغلها السابق تقدمهم لشغل هذه الوظائف عند الإعلان عنها في أول مرة؛ لأن هذا الأمر يدل على أن جهة الإدارة قد أساءت استخدام سلطتها التقديرية، وانحرفت عن غاية المصلحة العامة، مما يشكل قرارا إداريا سلبيا غير مشروع قانونا، ولا يجوز في هذه الحالة القول بأن جهة الإدارة لها سلطة تقديرية لا رقيب عليها في هذا الشأن لعدم وجود قرار إداري سلبي.
وفي هذا الاتجاه كذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 6852 و8167 لسنة 59 القضائية عليا بجلسة 17/1/2016 (منشور بهذه المجموعة- المبدأ رقم 35)، حيث أكدت المحكمة أنه إذا مَرَّ المرشحون للتعيين في الوظائف الجامعية بالمراحل والإجراءات المقررة قانونا للمفاضلة بينهم، ثم انتهت إلى اختيار أفضل المرشحين لشغل الوظيفة، فلا يسوغ للسلطة المختصة بالتعيين إلغاءُ الإعلان عن الوظيفة وما ترتب عليه من إجراءات، إلا لأسباب جدية ومبررات قانونية، تخضع لرقابة القضاء الإداري، وإلغاء الجامعة إعلانها بعد اختيار مُرشَّح أساسي وآخر احتياطي بزعم الحاجة لمزيدٍ من الدراسة في ضوء الاحتياجات الفعلية يُعَدُّ سببًا غير جدي ويفتقد مبرره القانوني.
وعلى خلاف هذا النظر: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2478 لسنة 50 ق.ع بجلسة 25/11/2007 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53/1 مكتب فني، المبدأ رقم 33، ص234)، حيث انتهت المحكمة إلى أن جميع الإجراءات السابقة على صدور القرار بالتعيين في وظيفة مدرس بجامعة الأزهر لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تحضيرية، تمهيدًا لإصدار القرار عن السلطة المختصة، وهو شيخ الأزهر، فهذه الإجراءات لا تشكِّل بذاتها قرارًا نهائيًّا، مما يقبل الطعن فيه استقلالا بالإلغاء أمام محاكم مجلس الدولة، ومن ثم فإن عدول الجامعة عن الترشيح لشغل وظيفة مدرس لا يُمثلُ قرارًا سلبيًّا بامتناع الجامعة عن التعيين في هذه الوظيفة، حيث إن جهة الإدارة تترخص في التعيين في الوظائف العامة بسلطتها التقديرية، بما لا معقب عليها إلا في أحوال إساءة استعمال السلطة، ما لم يقيدها القانون بنصٍّ خاص، أو تقيد هي نفسها بقواعد تنظيمية صحيحة، وليس في قانون إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها أو لائحته التنفيذية، أو فيما انبثق عن ذلك من قواعد تنظيمية صحيحة، ما يفرضُ على جهة الإدارة التزامًا محدَّدًا من هذا القبيل.
([3]) يراجع كذلك ما أكدت عليه المحكمة الإدارية العليا من أن تحريات هيئة الرقابة الإدارية لا يتأتى النزول على مقتضاها بصفة مطلقة، واعتبارها دليلا قاطعا في مقام الإثبات، كما لا يتأتى طرحها وإفراغها من مضمونها، وإلا كان ما بذل فيها من جهد من غير طائل، وأن المرد في ذلك إلى تقدير جهة الإدارة تحت رقابة القضاء (حكمها في الطعن رقم 2285 لسنة 40 القضائية عليا بجلسة 6/6/1998، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 43، مكتب فني، جـ2، المبدأ رقم 146)، وكذا ما قررته من أن تقرير هيئة الرقابة الإدارية لا ينهض سببا قانونيا يمكن على أساسه التخطي في الترقية، مادامت قد توفرت في المرقى شروط الترقية التي يتطلبها القانون (حكمها في الطعن رقم 2153 لسنة 41 القضائية عليا بجلسة 8/6/2002، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في الفترة من إبريل 2002 إلى يونيه 2002، مكتب فني، ص165).
([4]) المعدَّل بموجب قرارات رئيس مجلس الوزراء أرقام 1050 و2623 لسنة 2015 و66 لسنة 2016.
([5]) الملغَى لاحقًا بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، حيث نصَّت المادة (الأولى) من قانون الإصدار على أن: “يُعمَلُ بأحكامِ القانون المرافق في شأن الخدمة المدنية, وتسري أحكامُهُ على الوظائف في الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية, والهيئات العامة وذلك ما لم تنص قوانينُ أو قرارات إنشائها على ما يُخَالفُ ذلك”، ونصت المادة (الثانية) منه على أن: “يُلغَى قانونُ نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978, كما يُلغَى كلُّ حكمٍ يُخَالفُ أحكامَ القانون المرافق”.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |
1 Comment
[…] (حكم المحكمة الإدارية العليا(الدائرة السابعة) ، الطعن ر… […]