عقد الإذعان “هو عقد من عقود القانون الخاص، فيه ينفرد الطرف القوي بصياغته دون تفاوض أو اعتبار لإرادة الطرف الأخر الذي يقتصر قبوله علي مجرد التسليم بشروط مقررة من قبل يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها. “غير أنه ” إذا تم العقد بطريق الإذعان، وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي ان يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها، وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك”.
ومن عقود الإذعان ما هو أشد قسوة في شروطه وآثاره العملية من العقود الإدارية. ولبيان ذلك نشير إلي أحد عقود الإذعان الحديثة التي تبرمها الشركة المصرية لنقل البيانات TE Data مع طالبي خدمات الاتصال بشبكة المعلومات. ومن الشروط الشديدة غير المبررة في هذا العقد الشرط الأول الذي ينص علي أن “جميع مبالغ الاشتراك غير قابلة للاسترداد” فلو حدث أن اشترك أحد طالبي الخدمة ودفع المبلغ المطلوب ثم فوجئ في اليوم التالي – وقبل توصيل الخدمة – بأن ظروفاً استجدت لن تمكنه من الاستفادة من الخدمة كأن يضطر إلى السفر للعمل في الخارج لبضع سنين، فإنه سيخسر كل ما دفع وإذا طلب من الشركة إلغاء التعاقد مع خصم ما تراه مناسباً كأتعاب إدارية فسيكون الرد بأنه لن يسترد شيئاً مما دفعه طبقاً للبند الأول من شروط الاتفاق. تلك الشروط التي لم يلتفت المتعاقد إليها عند إبرام العقد الذي قبله مضطراً، لأنه يعلم أنه عقد من عقود الإذعان ولابد له من قبوله بالحالة التي هو عليها.
وقد يقال – رداً على ذلك – أن للقاضي أن يعدل الشروط التعسفية في عقد الإذعان أو أن يعفي الطرف المذعن منها. وهذا صحيح، غير أن التجارب قد اثبتت أن الغالبية الساحقة من المتضررين لا يلجأون إلي القضاء، ويتنازلون عما قد يكون لهم من حقوق بدلاً من تحمل ضياع الوقت والجهد والمال في أروقة المحاكم سعياً وراء احتمال غير أكيد. والمستفيدون من شروط عقود الإذعان يعلمون ذلك جيداً ويضعونه في الاعتبار.
ولو كانت الإدارة طرفاً في هذا العقد، بأن تولته الهيئة العامة للاتصالات قبل إلغائها أو تحويلها إلى شركة مملوكة للدولة لكان العقد إدراياً، نظراً لما ينطوي عليه من شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص. ولو كان هذا العقد إدارياً لما جاز للقاضي أن يعدل ما فيه من شروط تعسفية أو أن يعفي الطرف الضعيف منها. والنتيجة العملية لا تكاد تختلف في حالة العقد الإداري عنها في حالة العقد المدني نظراً لندرة الرجوع إلي القضاء بشأن عقود الإذعان.
ولعل أكثر ما يجعل عقد الإذعان ثقيلا أو مرهقاً علي طالب الخدمة هو المركز الاحتكاري أو شبه الاحتكاري الذي يوحي للمتعاقد القوي بأن المتعاقد الآخر مضطر أو شبه مضطر لقبول الشروط التي تملي عليه وإن كان مجحفة، وكثيراً ما يكون العقد الإداري أيسر شروطاً وأخف وطأة علي المتعاقد مع جهة الإدارة من عقد الإذعان.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |