بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 32/2/5357
السيد الدكتور/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم الوارد إلينا برقم (285) بتاريخ 25/11/2020، بشأن النزاع القائم بين الهيئة العامة للتأمين الصحي ومحافظة الوادي الجديد (الوحدة المحلية لمركز ومدينة الخارجة)، بخصوص مدى أحقية الأخيرة في إخلاء مبنى إدارة علاج طلاب مدارس الخارجة التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي بناء على تعليمات السيد محافظ الوادي الجديد، وإلزام السيد محافظ الوادي الجديد بتقنين وضع إدارة علاج طلاب مدارس الخارجة بالمركز الطبي بالخارجة التابع لمديرية الشئون الصحية بمحافظة الوادي الجديد الذين نُقلوا إليه حال استمرار شغلهم لهذا المركز.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه بتاريخ 1/1/1989 استأجرت الهيئة العامة للتأمين الصحي من الوحدة المحلية لمركز ومدينة الخارجة العقار الكائن بشارع أنور البارودي بمدينة الخارجة طبقًا للقانون رقم (136) لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبتاريخ 18/8/2019 أصدر محافظ الوادي الجديد القرار رقم (192) متضمنًا فسخ التعاقد، وإخلاء العين المؤجرة على سند من استغلال جزءٍ من العين المؤجرة في غير الغرض المخصص له، ولعدم سداد الزيادة في القيمة الإيجارية، وبتاريخ 1/2/2020 تم إخلاء المبنى بمعرفة الجهة المؤجرة، ونُقلت إدارة علاج طلاب مدارس الخارجة إلى المركز الطبي بالخارجة التابع لمديرية الشئون الصحية دون تقنين أوضاعهم في الانتفاع بالأماكن التي شغلوها؛ لذا طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية.
ونفيد: أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 27 من أكتوبر عام 2021م الموافق 20 من ربيع الأول عام 1443هـ، فتبين لها أنَ المادة (87) من القانون المدني تنص على أن: “(1) تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص…”، وأن المادة (88) منه تنص على أن: “تفقد الأموال صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة”، وأن المادة (147) منه تنص على أن: “(1) العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون…”، وأن المادة (157) منه تنص على أن: “(1) في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوفّ أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض.
(2) ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته”، وأن المادة (158) منه تنص على أن: “يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار، إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحةً على الإعفاء منه”.
كما تبين لها أن المادة (18) من القانون رقم (136) لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص على أنه: “لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:…”.
واستبان للجمعية العمومية أن البند “أولا” من العقد المؤرخ 1/1/1989 المبرم بين رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الخارجة بصفته (طرفًا أول مؤجرًا) والهيئة العامة للتأمين الصحي (طرفًا ثانيًا مستأجرًا) ينص على أن: “أجّر الطرف الأول للطرف الثاني العمارة المملوكة له والكائنة بشارع أنور عبد الحليم البارودي بمدينة الخارجة وذلك لاستعمالها في أغراض الهيئة الصحية والعلاجية… ويفسخ العقد في حالة استخدام العين في غير الغرض الذي من أجله تم التعاقد عليها”، وأن البند “ثالثًا” ينص على أن: “هذه الإيجارة مقابل أجر معين مقداره 180 جنيهًا شهريا… وفي حالة تكرار التأخير في دفع الإيجار يطبق نص المادة 18 فقرة ب من القانون 136 لسنة 1981”.
واستعرضت الجمعية العمومية حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم (11) لسنة 23 قضائية دستورية، الصادر بجلسة 5/5/2018، والذي انتهت فيه إلى الحكم: أولا: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة “لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد … لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى. ثانيًا: بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخا لإعمال أثره. ونشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية – العدد 19 مكررًا (ب) في 13 من مايو سنة 2018.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن الأصل العام في العقود المدنية والإدارية على حد سواء أن العقد شريعة المتعاقدين بحيث تقوم قواعده مقام قواعد القانون بالنسبة إلى طرفيه، وأنه بانعقاد العقد يصير كل طرف من أطرافه ملزما بتنفيذ ما اتفقا عليه ولا يكون لأي منهما التحلل من التزاماته بإرادته المنفردة أو تعديل ما اتفقا عليه ما لم يكن هناك نص قانوني يقضي بذلك التعديل، وأنه يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن فسخ العقد قد يقع بالاتفاق الصريح بين طرفيه، على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي أو إعذار عند عدم الوفاء بالالتزامات الواردة به كلها أو بعضها، وفي هذه الحالة يعفى الدائن من الحصول على حكم قضائي بهذا الفسخ أو الإعذار؛ حيث يصبح العقد مفسوخا بقوة القانون متى تحققت شروط هذا الفسخ.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وحسبما استقر عليه إفتاؤها– أن الأصل في ملكية الدولة للدومين العام أنها ملكية يتم رصدها للمنفعة العامة بالفعل، أو بمقتضى قانون، أو مرسوم، أو قرار من الوزير المختص، وأن نقل أوجه الانتفاع بالمال العام بين أشخاص القانون العام يكون بنقل الإشراف الإداري على تلك الأموال، إذ إنه ما دام المال مستمرًّا في نطاق الدومين العام، فإنه يؤدي وظيفته في خدمة المصلحة العامة، فلا يعدو أن يكون نقل التخصيص نقلا من خدمة أحد أوجه النفع العام إلى خدمة وجه آخر منه، بحيث يظل المال رهينًا بخدمة هذا الوجه حتي ينتفي عنه احتياج المرفق العام له؛ وما دام المرفق في حاجة إلى المال لخدمة وجه النفع العام القائم عليه، فلا مناص من بقاء هذا المال في حوزته، لأن المال العام يتبع التخصيص نشأة، وتغييرًا، وانقضاء، فلا تنتهي صفة المال العام ما دام الشخص العام الصادر لمصلحته هذا القرار ينتفع به فعلا على نحو ما خصص له.
وهديًا بما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 1/1/1989 استأجرت الهيئة العامة للتأمين الصحي من الوحدة المحلية لمركز ومدينة الخارجة عقارًا يتكون من ثلاثة أدوار كائنًا بشارع أنور البارودي بمدينة الخارجة طبقًا للقانون رقم (136) لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وبتاريخ 18/8/2019 أصدر محافظ الوادي الجديد القرار رقم (192) بفسخ عقد الإيجار المشار إليه وإخلاء الوحدات المؤجرة لاستغلال العين المؤجرة في غير الغرض المخصصة له، وعدم سداد الزيادة في القيمة الإيجارية، وحيث خلا العقد المبرم بين الجهتين المتنازعتين من اتفاق صريح يتضمن اعتبار العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى الرجوع إلى الجهة التي أسند إليها القانون حق الفصل في النزاعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية عند عدم الوفاء بالالتزامات الواردة به كلها أو بعضها؛ فمن ثم يكون القرار الصادر عن محافظ الوادي الجديد بإرادته المنفردة بفسخ العقد غير قائم على سند صحيح من القانون؛ موصومًا بعدم المشروعية.
ومن حيث إنه ولئن كان مقتضى عدم مشروعية قرار محافظ الوادي الجديد المشار إليه إعادة شغل الهيئة العامة للتأمين الصحي (إدارة علاج طلاب المدارس بالخارجة) العين المؤجرة، إلا أن واقعًا جديدًا قد تكشف بشغلها قاعتين وأربع غرف بالمركز الطبي بالخارجة التابع لمديرية الشئون الصحية بمحافظة الوادي الجديد، وقد ارتضت الهيئة استمرار شغلها إياه في ضوء طلبها ذلك في النزاع الماثل؛ ولما كان شغلها على هذا النحو يعد تخصيصًا لها بالفعل من محافظ الوادي الجديد، وأن هذا التخصيص ما زال ملازمًا لها ما انفك عنها؛ فيكون لها الحق في استمرار شغلها الأماكن المشار إليها، ولا يجوز لمحافظ الوادي الجديد مطالبتها بإخلاء هذه الأماكن التي خصصت لها بالمركز الطبي بالخارجة التابع لمديرية الشئون الصحية.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم مشروعية قرار محافظ الوادي الجديد رقم (192) لسنة 2019، ويكون للهيئة العامة للتأمين الصحي الحق في استمرار انتفاعها بالأماكن المخصصة لها بالمركز الطبي بالخارجة التابع لمديرية الشئون الصحية. وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
أسامة محمود عبد العزيز محرم
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |