مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 21631 لسنة 57ق (عُلْيَا)
يونيو 2, 2022
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 22269 لسنة 57 ق (عليا)
يونيو 3, 2022

الطعن رقم 21762 لسنة 59 ق.عليا

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة السابعة – موضوع

 

بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/  حسن كمال محمد أبو زيد شلال            نائب رئيس  مجلس الدولة

                                                                                                                            ورئيس المحكمة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار                       / صلاح شندي عزيز تركي                     نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السيد الأستاذ المستشار                        / حسن محمود سعداوي محمد                نائب رئيس مجلس الدولة  وعضوية السيد الأستاذ المستشار                        / أحمد محمد أحمد الإبياري                    نائب رئيس مجلس الدولة 

وعضوية السيد الأستاذ المستشار                         / عمرو محمد جمعة عبد القادر              نائب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار                          / وائل سعد هلال                                      مفوض الدولة

وسكرتارية الأستاذ                                           / سيد رمضان عشماوي                               أمين السـر

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن رقم 21762 لسنة 59 ق.عليا

المقام من:

              رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي        “بصفته”

ضد:

عبد الجيد أحمد عاشور

والطعن رقم 26067 لسنة 59 قضائية.عليا

المقام من:

عبد الجيد أحمد عاشور

ضد:

1- وزير الصحة          “بصفته”

2- رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي         “بصفته”

طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري- الدائرة التاسعة (تعويضات)

في الدعوى رقم 34798 لسنة 59 ق بجلسة 24/3/2013.

الإجراءات:

بتاريخ 16/5/2013 أودع الأستاذ/ علي محمد نور المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في الطعن رقم 21762 لسنة 59 ق.عليا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن وذلك طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة – تعويضات) في الدعوى رقم 34798 لسنة 59 ق بجلسة 24/3/2013، والقاضي منطوقه
” بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلزام الهيئة العامة للتأمين الصحي – المدعى عليها- بأن تؤدي للمدعي تعويضاً مقداره عشرون ألف جنيه، والمصروفات “.

وطلب الطاعن بصفته – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وقد جرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.

وبتاريخ 13/6/2013 أودع الأستاذ/ رفعت نمر متري المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن في الطعن رقم 26067 لسنة 59 ق.عليا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن وذلك طعناً على ذات الحكم المشار إليه بعاليه.

وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي له التعويض المناسب بدلاً من عشرين ألف جنيه المقضي بها والمصروفات.

وقد جرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين المشار إليهما.

وتدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/12/2014 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة السابعة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظرهما بجلسة 1/2/2015.

وقد جرى نظر الطعنين أمام هذه الدائرة بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وخلالها قدم الطاعن في الطعن رقم 26067 لسنة 59 ق.عليا مذكرة بدفاعه.

وبجلسة 1/3/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .    

المحكمة

    بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.

ومن حيث إن الطعن رقم 21762 لسنة 59 ق.عليا قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، فمن ثم تعين الحكم بقبوله شكلاً.

ومن حيث إن الطاعن في الطعن رقم 26067 لسنة 59 ق.عليا قد تقدم بطلب للإعفاء من الرسوم بتاريخ 22/4/2013 وتم قبول هذا الطلب بجلسة 18/5/2013 ثم أقام طعنه في 13/6/2013 أي خلال الميعاد المقرر قانوناً. وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.

ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص- حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن في الطعن الثاني سبق أن أقام الدعوى رقم 34798 لسنة 59 ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة- تعويضات) بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 20/7/2005 مختصماً وزير الصحة بصفته ثم اختصم رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي بصفته بصحيفة معلنة أثناء تداول الدعوى بجلسات التحضير أمام هيئة مفوضي الدولة، وطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بتعويضه بمبلغ مقداره خمسمائة ألف جنيه وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات والأتعاب.

وذكر المدعي (الطاعن في الطعن رقم 26067 لسنة 59 ق.عليا) شرحاً لدعواه أنه من العاملين بوزارة التموين وأصيب أثناء عمله بانزلاق غضروفي وتم إجراء عملية له بمستشفى المقطم التابعة للتأمين الصحي بتاريخ 7/7/2001 وكان قبل إجراء العملية يشعر بالألم فقط دون إصابته بأي عجز يعوقه عن الحركة، إلا أنه نتج عن إجراء العملية إصابته بعجز كامل نتيجة استئصال غضاريف قطنية مع تثبيت الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة والأولى عجزية، حيث ترتب على ذلك تحديد حركة ثني الجذع وآلام أيسر وأسفل الظهر وانحناء به، وقد قررت اللجنة أن حالته بها عجز جزئي مرضي مستديم يتعارض مع عمله وتم إحالته إلى المعاش، وأنه يرجع ما أصابه إلى الخطأ الجسيم في إجراء العملية الجراحية الأمر الذي يستحق معه صرف التعويض جراء ما أصابه نتيجة هذا الخطأ وخلص إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.

وبجلسة 20/1/2008 حكمت المحكمة بندب أحد الأطباء بمصلحة الطب الشرعي لإيداع تقرير عن حالة المدعي ومدى خطأ الأطباء حال إجراء العملية الجراحية له، وقد ورد التقرير متضمناً عدم وجود خطأ من جانب الأطباء، إلا أن المحكمة ارتأت أن هذا التقرير لم يقم على أسس علمية أو طبية حيث خلا من أية أسباب يمكن الارتكان إليها لتكون المحكمة عقيدة جازمة بشأن موضوع الدعوى، وعليه فقد ارتأت المحكمة بجلسة 22/4/2012 إعادة ملف الدعوى إلى مصلحة الطب الشرعي لتندب لجنة ثلاثية من أطبائها لإعداد التقرير المطلوب، إلا أن المصلحة أعادت الدعوى دون إعداد التقرير متعللة بعدم وجود أطباء متخصصين في جراحة الظهر والعمود الفقري، ثم عدلت المحكمة عن الإحالة لمصلحة الطب الشرعي.

وبجلسة 24/3/2013 قضت المحكمة المذكورة بإلزام الهيئة العامة للتأمين الصحي بأن تؤدي للمدعي تعويضاً مقداره عشرون ألف جنيه والمصروفات.

وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن المدعي كان من العاملين بوزارة التموين وأصيب بانزلاق غضروفي وأجريت له عملية جراحية بمستشفى تابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي، وبعد إجراء العملية وبمناظرته والكشف الطبي عليه بمعرفة إدارة اللجان الطبية والإطلاع على التقارير الطبية والأشعة على الفقرات القطنية والعجزية والحوض بالرنين المغناطيسي وعرضه على استشاري مخ وأعصاب واستشاري عمود فقري بعيادة الجمهورية تبين أنه أجريت له عملية استئصال غضاريف قطنية مع تثبيت الفقرات القطنية الثالثة والرابعة والخامسة والأولى عجزية نتج عنها تحديد في حركة ثني الجذع مع المشي منحني انحناءً كاملاً للجذع للأمام مع صعوبة بالحركة، وكذلك ورد بتقرير مصلحة الطب الشرعي أنه بمناظرته وجد أنه غير قادر على فرد منطقة الظهر حيث يمشي محني بزاوية مقدارها 120 درجة، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى وقوع خطأ من قبل تابعي الهيئة المدعى عليها سواء في قرار التدخل الجراحي وكذا حال إجراء العملية استناداً إلى ما قرره المدعي من أنه لم يكن يعاني إلا من بعض الآلام دون ثمة عجز في الحركة أو المشي، وهو ما لم تنكره الجهة الإدارية بل أكدته بتقاريرها المنوه عنها والتي قررت فيها أن العملية التي أجريت له نتج عنها ذلك العجز.

ومن ثم يتحقق في جانب الجهة الإدارية ركن الخطأ، أما بالنسبة للضرر فقد لحق بالمدعي أضرار مادية تمثلت فيما تكبده من نفقات التقاضي وكذا إنهاء خدمته بالإحالة إلى المعاش في سن مبكرة اعتباراً من 3/11/2004 وفقاً لما انتهت إليه اللجنة الخماسية من تعارض ما آلت إليه حالته المرضية مع عمله لإصابته بعجز جزئي مرضي مستديم، وتلك الإحالة قد حرمته من راتبه وملحقاته من حوافز ومكافآت وأية مزايا مالية يتقاضاها من هم على رأس عملهم، فضلاً عن الأضرار الأدبية، وإذ توافرت رابطة السببية بين تلك الأضرار وخطأ تابعي الجهة الإدارية على هذا النحو، فمن ثم تكون مسئولية الجهة الإدارية عن تصرفاتها غير المشروعة بأركانها الثلاثة متوافرة وهو ما يتعين معه القضاء بإلزام الهيئة العامة للتأمين الصحي المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية وهو
ما تقدره المحكمة بمبلغ عشرين ألف جنيه.

وخلصت المحكمة إلى إصدار حكمها سالف البيان.

وإذ لم ترتض الهيئة العامة للتأمين الصحي هذا الحكم فقد أقامت الطعن رقم 21762 لسنة 59 ق.عليا ناعية على الحكم المطعون فيه صدوره مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وكذا الإخلال بحق الدفاع، وذلك لأن المطعون ضده لم يلجأ إلى لجنة التوفيق في المنازعات عملاً بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في المنازعات مما يقتضي الحكم بعدم قبول دعواه شكلاً، فضلاً عن سقوط حقه في التعويض الناشئ عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، حيث قام بإجراء العملية في 7/7/2001 بناءً على ما جاء بعريضة دعواه ثم أقام الدعوى في 20/7/2005 مما يجعل حقه في التعويض قد سقط بالتقادم حسب نص المادة 172 من القانون المدني، ومن ناحية أخرى فإنه لم يثبت على وجه اليقين حدوث خطأ فني أو أن الطبيب لم يبذل العناية الواجبة.

وخلصت الهيئة بتقرير الطعن إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.

ومن حيث إنه بالنسبة لما تزعمه الهيئة الطاعنة من عدم لجوء المطعون ضده/ عبد الجيد أحمد عاشور إلى لجنة التوفيق في المنازعات مما يستلزم الحكم بعدم قبول دعواه شكلاً، فإن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد لجأ إلى اللجنة المختصة كإجراء اشترطه المشرع في القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه والمعمول بأحكامه اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000، ومن ثم فإن دعواه تكون مقبولة لاستيفائه هذا الإجراء، وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا الاتجاه وانتهى إلى قبول الدعوى شكلاً فإنه يكون- في هذا الشأن- قد صدر سليماً ولا مطعن عليه، ويكون بذلك ما زعمته الهيئة الطاعنة في هذا الخصوص مفتقداً لسنده حرياً بالالتفات عنه.

ومن حيث إن المادة (174/1) من القانون المدني تنص على أن:

” يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها “.

ومن حيث إن مفاد ما تقدم- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع تقوم على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس متى كان هذا العمل غير المشروع قد وقع منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها أو ساعدته هذه الوظيفة أو هيأت له إتيان فعله غير المشروع، وتقوم علاقة التبعية كلما كان للمتبوع سلطة فعلية على التابع في الرقابة والتوجيه ولو كانت هذه الرقابة قاصرة على الرقابة الإدارية، كما تقوم علاقة التبعية على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بحيث يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته سواء في طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما كان في استطاعته استعمالها.

كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن مسئولية الطبيب عن خطئه مهما كان نوعه سواء كان خطأ فنياً أو مادياً، جسيماً أو يسيراً، ويجب على القاضي أن يتثبت من وجود هذا الخطأ، وأن يكون ثابتاً ثبوتاً كافياً لديه،وعليه الاستعانة برأي الخبراء في ذلك، فيسأل عن كل تقصير من مسلكه الطبي لا يقع من طبيب يقظ من مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسئول، كما يسأل عن خطئه العادي أياً كانت درجة جسامته.

ومن حيث إنه ترتيباً لذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان من العاملين بوزارة التموين والتجارة الخارجية وأثناء عمله أصيب بانزلاق غضروفي وتم إجراء عملية له بمستشفى المقطم التابعة للهيئة الطاعنة بتاريخ 7/7/2001، وكان قبل إجراء العملية يشعر بالألم فقط دون إصابته بأي عجز يعوقه عن الحركة، إلا أنه نتج عن إجراء الجراحة إصابته بعجز جزئي مستديم بسبب استئصال غضاريف قطنية مع تثبيت الفقرات القطنية الثالثة والرابعة والخامسة والأولى عجزية ترتب عليها تحديد شديد في حركة ثني الجذع مع المشي منحني للأمام وآلام  أسفل الظهر ويمشي بعكاكيز لعدم قدرته على فرد منطقة الظهر والحالة غير متحسنة بالعلاج، الأمر الذي يبين معه أن ما آلت إليه حالة المطعون ضده كان بسبب ونتيجة العملية الجراحية التي أجريت له وهو ما يقطع بوقوع خطأ من قبل تابعي الهيئة العامة للتأمين الصحي سواء في قرار التدخل الجراحي أو ما أسفرت عنه الجراحة، خاصة وأنه لم يكن يعاني قبلها سوى من بعض الآلام دون ثمة إعاقة تعجزه عن المشي أو الحركة كما هو الحال بعد إجراء هذه الجراحة.

وإذ انتهت المحكمة في حكمها الطعين إلى توافر أركان المسئولية وقضت له بالتعويض، فإن حكمها يكون سديداً لقيامه على أسباب مستخلصة من عيون الأوراق وتؤدى عقلاً ومنطقاً إلى النتيجة التي خلص إليها.

ولا ينال من ذلك ما دفعت به الهيئة الطاعنة من سقوط حق المطعون ضده في المطالبة بالتعويض عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، باعتبار أن التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض عن الضرر الناشئ عن العمل غير المشروع ذلك أن المشرع عقد لمصادر الالتزام فصولاً خمسة، حيث خصص الفصل الثالث منها للمصدر الثالث من مصادر الالتزام جاعلاً عنوانه العمل غير المشروع ثم قسم هذا الفصل إلى ثلاثة فروع رصد الفرع الأول منها للمسئولية عن الأعمال الشخصية والفرع الثاني للمسئولية عن عمل الغير، والفرع الثالث للمسئولية الناشئة عن الأشياء، بما مفاده أن أحكام العمل غير المشروع تنطبق على أنواع المسئولية الثلاث، وإذ تحدث المشرع عن تقادم دعوى المسئولية المدنية فقد أورد نص المادة 172 عاماً منبسطاً على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بصفة عامة، واللفظ متى ورد عاماً ولم يقم دليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه وإثبات حكمه قطعاً لجميع أفراده ومن ثم تتقادم دعوى المسئولية عن العمل الشخصي، ودعوى المسئولية عن عمل الغير بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول قانوناً عنه، أما بالنسبة لمسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة فهي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني، فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون، ومن ثم يخضع تقادمها لقواعد التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني (التقادم الطويل)، ويضحى بذلك الدفع المبدى من الهيئة الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده بالتقادم الثلاثي- مفتقداً لسنده السليم جديراً بالرفض.

كما لا ينال مما تقدم ما انتهى إليه تقرير مصلحة الطب الشرعي المؤرخ 21/3/2011 من أنه لا يوجد لديها
ما يمكن الاستناد إليه بناءً على ما هو متاح من أوراق من وجود ثمة خطأ أو إهمال أو تقصير يمكن نسبته إلى الأطباء المعالجين، بحسبان أنه قد استبان من الأوراق وبالأخص من محضر اللجنة الخماسية للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بتاريخ 3/8/2003 بخصوص حالة المطعون ضده أنه قد أجريت له عملية استئصال غضاريف قطنية مع تثبيت الفقرات القطنية الثالثة والرابعة والخامسة والأولى عجزية وقد نتج عن ذلك تحديد شديد في حركة ثني الجذع وآلام أسفل الظهر والحالة غير متحسنة بالعلاج وحالته عجز جزئي مرضي مستديم، الأمر الذي يستشف منه أن العجز الذي لحق به كان ناتجاً عن الخطأ الذي شاب العملية الجراحية التي أجريت له وذلك على النحو السالف بيانه، فضلاً عن أن الأوراق قد خلت مما يفيد إصابته بأي عجز قبل إجراء هذه العملية، وبالتالي فإن المحكمة استقر في وجدانها ثبوت الخطأ على نحو يقيني وترتب عليه ما لحق المطعون ضده من عجز جزئي مستديم وهو ما تعول عليه المحكمة في قضائها وتلتفت عما ورد بتقرير الطب الشرعي المشار إليه. ويغدو بذلك الطعن رقم 21762 لسنة 59 ق.عليا قائماً على غير أساس سليم واجب الرفض.

أما بالنسبة للطعن رقم 26067 لسنة 59 ق.عليا فقد أقامه الطاعن ناعياً على الحكم الطعين صدوره مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وذلك باعتبار أن مبلغ التعويض المحكوم به لا يتناسب مع جسامة الضرر الذي أصابه بحيث يجب أن يغطي مبلغ التعويض جميع الأضرار المادية والأدبية في هذا الشأن وتكون قيمته متناسبة مع مرور عشر سنوات على تاريخ رفع الدعوى، وأن العبرة في تقدير التعويض بيوم صدور الحكم وليس بيوم وقوع الضرر، خاصة وأن الطب الشرعي رفض تقدير قيمته، فضلاً عن أن حالته المرضية نتيجة العجز الذي أصابه جعلته لا يصلح للعمل ومن ثم لا يستطيع الإنفاق على أسرته. وخلص الطاعن بتقرير الطعن إلى طلب زيادة مبلغ التعويض المقضي به.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت خطأ تابعي الجهة الإدارية وما لحق الطاعن من أضرار مادية وأدبية من جراء هذا الخطأ، ثم توافر رابطة السببية بين هذا الخطأ وذاك الضرر على النحو الموضح تفصيلاً بالحكم، وهو ما حدا به إلى القضاء بالتعويض بمبلغ عشرين ألف جنيه، إلا أن الحكم الطعين قام بتقدير مبلغ التعويض على نحو زهيد لا يتناسب مع جسامة الضرر الذي أصاب الطاعن وجعله عاجزاً عن المشي والحركة ما بقى من حياته خاصة وأن حالة العجز غير متحسنة بالعلاج، فقد أصبح بعد إجراء العملية الجراحية غير قادر على فرد منطقة الظهر حيث يمشي محنياً بزاوية قدرها 120 درجة حسب التقارير الطبية المرفقة، وبالتالي فإنه يجب تعويض الطاعن عما لحق به من خسارة وما فاته من كسب.

ومن حيث إنه ولما كان تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له هو من اطلاقات قاضي الموضوع إلا أنه شرط ذلك أن يكون قد اعتمد في قضائه على أساس سليم، وإذ استبان للمحكمة أن العجز الجزئي المستديم الذي أصاب الطاعن جعله غير قادر على كسب قوت يومه وخسارته لصحته التي هي أغلى ما يملك الإنسان وكذا فقدانه لعمله الأصلي الذي هو مصدر دخله، فضلاً عن الأضرار الأدبية التي حاقت به من شعوره بالحزن والأسى والمعاناة الشديدة في المشي والحركة ونظرة الشفقة التي يراها من المحيطين به، ومن ثم فإن مبلغ التعويض المقضي به بالحكم المطعون فيه لا يكفي لجبر كافة تلك الأضرار، مما يتعين معه القضاء بإلزام المتبوع (الهيئة العامة للتأمين الصحي) بأداء تعويض للطاعن عما أصابه من أضرار مادية وأدبية تقدرها هذه المحكمة بمبلغ مائتي ألف جنيه.

وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى تقدير التعويض بقيمة أقل من ذلك، فإنه يكون قد جانب الصواب في تقديره ويتعين لذلك القضاء بتعديله فيما يخص مبلغ التعويض.

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.                                    

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً: بقبول الطعن رقم 21762 لسنة 59 ق.عليا شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.

ثانياً: بقبول الطعن رقم 26067 لسنة 59 ق.عليا شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون التعويض بمبلغ مقداره مائتي ألف جنيه، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.

صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الأحد الموافق 30 من جمادى الآخرة لسنة 1436 هجرية والموافق  19/4/2015 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV