بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 32/2/4296
السيدة الدكتورة/ وزير البيئة
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (139) المؤرخ 25/2/2021، بشأن طلب إعادة عرض موضوع مدى جواز التصريح بممارسة نشاط الاستزراع السمكي بمحمية وادي الريان الطبيعية، في ضوء الرأي الفني الصادر عن قطاع حماية الطبيعة بجهاز شئون البيئة.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أن الجمعية التعاونية للاستزراع السمكي بالفيوم تقدمت بطلب إلى جهاز شئون البيئة من أجل تجديد التصريح السابق صدوره لها بمزاولة نشاط الاستزراع السمكي بمحمية وادي الريان الطبيعية، وذلك رغم أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع خلصت بفتواها رقم (17) بتاريخ 2/1/2017 إلى أن هذا النشاط محظور وفقًا لأحكام قانون المحميات الطبيعية الصادر بالقانون رقم (102) لسنة 1983، وبمعاودة دراسة الموضوع من جانب قطاع حماية الطبيعة بجهاز شئون البيئة، انتهى إلى نتيجة مفادها أن هذا النشاط ضروري لبقاء الحياة الطبيعية بالمحمية، وأنه لا دليل على أن ما يصدر من المزارع السمكية من صرف هو السبب المباشر في تدهور خدمات البحيرات الكائنة بها، وأنه يمكن منح التصريح بمزاولة هذا النشاط بعد تقليص المساحة بنسبة 25% من المساحة الحالية، على أن يُعاد النظر في مساحة المشروعات سنويًّا طبقًا لما سوف تنتهي إليه برامج الرصد البيئي، وألا تزيد مدة التصريح على خمس سنوات فحسب، ويُنظر في تجديدها لمدد أخرى طبقًا لبرامج الرصد وإعادة تأهيل البحيرة السفلى، وإزاء تلك الدراسة طلبتم إعادة عرض الموضوع على الجمعية العمومية. وبإعادة عرضه على الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 28/4/2021، قررت تشكيل لجنة فنية من أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس يختارهم الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة من المتخصصين في مسائل شئون البيئة والمحميات الطبيعية، ونشاط الاستزراع السمكي، والأراضي الرطبة ذات الأهمية الخاصة بالطيور المائية، تكون مهمتها- بعد الاطلاع على جميع أوراق الموضوع- معاينة محمية وادي الريان على الطبيعة، وبيان ما إذا كانت مزاولة نشاط الاستزراع السمكي بتلك المحمية الطبيعية من شأنه تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية بها، أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية بها أو المساس بمستواها الجمالي، وبيان أسباب ذلك على وجه التحديد، وما إذا كانت مزاولة هذا النشاط لها أي أثر يضر بطبيعة أراضي المحمية بوصفها أراضيَ رطبة ذات أهمية خاصة للطيور المائية من عدمه، وباشرت اللجنة مهمتها، وأودعت تقريرها النهائى المُوقع عليه من أعضائها، وخلُصت إلى أنه لا توجد أضرار بيئية من مزاولة نشاط الاستزراع السمكي على بيئة محمية وادى الريان. وأوْصت بالإبقاء على ممارسة نشاط الاستزراع السمكى على كامل المساحة المستغلة بمحمية وادي الريان دون تقليص أي مساحة.
ونفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 13 من أكتوبر عام 2021 م الموافق 6 من ربيع الأول عام 1443هـ، فتبين لها أن المادة الأولى من القانون رقم (102) لسنة 1983 فى شأن المحميات الطبيعية تنص على أن: “يُقصد بالمحمية الطبيعية فى تطبيق أحكام هذا القانون أى مساحة من الأرض أو المياه الساحلية أو الداخلية تتميز بما تضمه من كائنات حية، نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية، ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية، ويصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح جهاز شئون البيئة بمجلس الوزراء”، وأن المادة الثانية منه تنص على أن: “يُحظر القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية، أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية، أو المساس بمستواها الجمالى بمنطقة المحمية… كما يُحظر إقامة المبانى أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات أو ممارسة أية أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية فى منطقة المحمية، إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة وفقًا للشروط والقواعد والإجراءات التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء”، وأن المادة الثالثة منه تنص على أنه: “لا يجوز ممارسة أية أنشطة أو تصرفات أو أعمال أو تجارب فى المناطق المحيطة بمنطقة المحمية والتى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بناءً على اقتراح جهاز شئون البيئة بمجلس الوزراء، إذا كان من شأنها التأثير على بيئة المحمية أو الظواهر الطبيعية بها، إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة”، وأن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم (465) لسنة 1983 بتحديد المسطحات المائية التى تتولى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تنميتها والإشراف على تنفيذ قوانين الصيد بها، والمُعدَّلة بقرار رئيس الجمهورية رقم (448) لسنة 1991، تنص على أن: “تُحدد المسطحات المائية التى تتولى الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تنميتها والإشراف على تنفيذ قوانين الصيد والقرارات المنفذة لها فيها على النحو الآتى: أولاً:… ثانيًا: جميع المسطحات المائية الداخلية فى بحيرات المنزلة… ووادى الريان… ثالثًا: الأراضى المحيطة بالبحيرات حتى مسافة مائتى متر من شواطئها وذلك عدا الأراضي المحيطة بالبحيرات المرة وبحيرات التمساح…”، وأن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (943) لسنة 1989، المُعدلة بقراره رقم (2954) لسنة 1997، تنص على أن: “تُعتبر محميتين طبيعيتين في تطبيق أحكام القانون رقم (102) لسنة 1983 المشار إليه منطقتا وادي الريان وبحيرة قارون بمحافظة الفيوم، الموضحتان بالخريطتين المرفقتين…”، وأن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (264) لسنة 1994 بشأن الشروط والقواعد والإجراءات الخاصة بممارسة الأنشطة فى مناطق المحميات الطبيعية– قبل تعديلها بقراره رقم (2728) لسنة 2015- كانت تنص على أنه: “لا يجوز إقامة المبانى أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات أو ممارسة أية أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية فى مناطق المحميات الطبيعية، إلا بتصريح من جهاز شئون البيئة وفقًا للشروط والقواعد الآتية: (أ) أن تكون إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق لصالح تطوير المحمية، وألا يكون من شأن النشاط المصرح به الإضرار بطبيعة المنطقة أو بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو القيمة الجمالية للمحمية. (ب) أن تتفق الأنشطة المصرح بممارستها مع نوعية وتصنيف المحمية، وأن يتوافر لها عوامل السلامة والأمان ضد المخاطر المختلفة، وألا يكون من شأنها تعريض المنطقة للتلوث أو التدمير، وذلك على النحو الذي يحدده جهاز شئون البيئة…”.
واستعرضت الجمعية العمومية سابق إفتائها الصادر بجلسة 2/5/2001م (الملف رقم 7/1/113)، وإفتائها بجلسة 14/12/2016م (الملف رقم 32/2/4296)، وكذا سابق إفتائها بجلسة 27/3/2019م (الملف رقم 86/6/714)، والتي انتهت فيها إلى أن النشاط المُصرح به للجمعية التعاونية للاستزراع السمكي بالفيوم بإنشاء مشروع مزارع التفريخ وتربية وتسمين الأسماك على مساحة قدرها (1300) فدان بمنطقة وادي الريان، هو نشاطٌ محظورٌ وفقًا لأحكام القانون رقم (102) لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية؛ لما يؤدى إليه من الإخلال بالتوازن البيئى الذى قدّره المشرع، وأن من شأن ممارسته فى المحمية أو فى الأراضى المحيطة بها، الإكثار من هذه الكائنات بطريقة تجارية، وذلك تأسيسًا على ما استظهرته الجمعية العمومية- بعد استعراض نصوص المواد الأولى والثانية والثالثة من القانون المشار إليه، ونص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (943) لسنة 1989 المُعدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2954) لسنة 1997م باعتبار منطقتي وادي الريان وبحيرة قارون بمحافظة الفيوم محميتين طبيعيتين في تطبيق أحكام هذا القانون، ونص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (264) لسنة 1994 بشأن الشروط والقواعد والإجراءات الخاصة بممارسة الأنشطة فى مناطق المحميات الطبيعية المُعدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2728) لسنة 2015م- من أن المشرع إدراكًا منه لأهمية الحفاظ على البيئة وحمايتها وتوفير الظروف اللازمة للحياة الطبيعية للأحياء النباتية والحيوانية، أصدر القانون رقم (102) لسنة 1983 فى شأن المحميات الطبيعية، وضَربَ سياجًا من الحماية على مساحات الأرض أو المياه التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء، والتى تضم كائنات حية نباتية أو حيوانية أو أسماكًا، أو تضم تكوينات طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية، حيث حظر المشرع القيام بأعمال، أو الإتيان بتصرفات، أو مباشرة أنشطة، أو اتخاذ إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور عناصر البيئة الطبيعية، أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية، أو المساس بمستواها الجمالى بالمناطق المحمية، ولا تقتصر تلك الحماية على المناطق التى تدخل فى الحيّز الجغرافى للمحمية، بل تمتد إلى المناطق المحيطة بها، كما حظر المشرع مباشرة أي أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية فى الأراضى التى تُعد محمية طبيعية والمحيطة بالبحيرات حتى مسافة مائتي متر من شواطئها إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة فى ضوء الشروط والقواعد والإجراءات التى يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء، ولا ريب فى أن هذا التصريح يجد حدّه ومداه فى ألا يكون النشاط المُصرَّح به محظورًا فى القانون، وإلا كان مشوبًا بعيب مخالفة القانون، وهو ما يتعين معه أن يدور النشاط التجارى أو الاستثمارى المُرخَّص فيه داخل المحمية أو الأراضى المحيطة بها، مع استخدام المحمية وما حولها بوصفها كذلك، وبمراعاة صونها عن أى تأثيرات بيئية غير طبيعية بما فى ذلك مجرد تلويث الهواء فيها.
ولما كان ذلك، وكان نشاط إنشاء مشروع مزارع لتفريخ وتربية وتسمين الأسماك بمحمية وادى الريان- حسبما استظهرت الجمعية العمومية بفتواها آنفة الذكر- يؤدى إلى الإخلال بالتوازن البيئى الذى قدّره المشرع، وأن من شأن ممارسته فى المحمية، أو فى الأراضى المحيطة بها حتى مسافة مائتى متر، الإكثار من هذه الكائنات بطريقة تجارية؛ الأمر الذى يكون معه النشاط المُصرح به من جهاز حماية شئون البيئة للحالات المعروضة بإنشاء مزارع تفريخ وتربية وتسمين الأسماك بمحمية وادى الريان، هو نشاط محظور وفقًا لأحكام القانون رقم (102) لسنة 1983 فى شأن المحميات الطبيعية، وهو ما يقتضى المبادرة إلى تصويب هذا الوضع ما دامت المساحة المُصرح بمباشرة ذلك النشاط عليها جزءًا من المحمية المذكورة، التزامًا بصحيح حكم القانون على الوجه المشار إليه.
ولما كان ذلك، وكانت الجمعية العمومية قد تدارست ما ورد بطلب إعادة العرض من أسباب وأسانيد ومعطيات، وتبين لها أنه لم يطرأ من الموجبات ولم يجدّ من الأوضاع القانونية والواقعية ما يحدو بها إلى العدول عن وجه الرأي الذي خلصت إليه بإفتائها المشار إليه، والذى كشفت فيه عن صائب حكم القانون في الموضوع المعروض، وهو أن النشاط المُصرح به للجمعية التعاونية للاستزراع السمكي بالفيوم بإنشاء مشروع مزارع التفريخ وتربية وتسمين الأسماك على مساحة قدرها (1300) فدان بمنطقة وادي الريان هو نشاطٌ محظورٌ وفقًا لأحكام القانون رقم (102) لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية، وهو ما يقتضى عدم جواز تجديد هذا التصريح تأكيدًا لإفتائها السابق. ولا ينال من ذلك ما ورد بتقرير قطاع حماية الطبيعة بجهاز شئون البيئة، المُنتهى إلى التوصية بأن نشاط الاستزراع السمكى ضروري لبقاء الحياة الطبيعية بمحمية وادى الريان، وما ورد بتقرير اللجنة المُشكلة بقرار الجمعية العمومية بجلستها المعقودة بتاريخ 28/4/2021 من أنه لا توجد ثمة أضرار بيئية من مزاولة نشاط الاستزراع السمكي على بيئة محمية وادى الريان، على النحو المشار إليه آنفًا، فإنه أيًّا كان وجه الرأي في هذين التقريرين، فإنه يتعين الالتفات عنهما إلى ما انتهت إليه الجمعية العمومية بإفتائها آنف البيان من أن النشاط المُصرح به هو من الأنشطة المحظورة وفقًا لأحكام قانون المحميات الطبيعية الصادر بالقانون رقم (102) لسنة 1983، ومن ثم لا يجوز معاودة مناقشة هذا الحظر القائم للوصول إلى تجديد التصريح الصادر للجمعية المعروضة حالتها بمزاولة نشاط الاستزراع السمكي بمحمية وادى الريان، دون سند تشريعى يُجيز ذلك، لاسيما أن هذين التقريرين قد جاءا متعارضين في قدر المساحة الجائز السماح بمزاولة النشاط بها، فورد بتقرير قطاع حماية الطبيعة بجهاز شئون البيئة أنه يمكن منح التصريح بمزاولة هذا النشاط بعد تقليص المساحة بنسبة 25% من المساحة الحالية، على أن يُعاد النظر في مساحة المشروعات سنويًّا وفقًا لما سوف تنتهي إليه برامج الرصد البيئي، في حين أوْصت اللجنة المُشكلة بمعرفه الجمعية العمومية في تقريرها بالإبقاء على ممارسة نشاط الاستزراع السمكي على كامل المساحة المُستغلة بمحمية وادي الريان دون تقليص أية مساحة منها، مما لا تطمئن معه الجمعية العمومية إلى ما انتهى إليه هذان التقريران من نتيجة، ومن ثم يتعين طرحُهما جانبًا وفقًا لما تواتر عليه إفتاؤها من أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه يظل خاضعًا كغيره من الأدلة لتقدير الجمعية العمومية.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى: عدم مشروعية النشاط المُستطلع الرأي بشأنه، وعدم جواز تجديد التصريح السابق صدوره للجمعية التعاونية للاستزراع السمكي بالفيوم بمزاولة نشاط الاستزراع السمكي بمحمية وادي الريان الطبيعية، تأكيداً لإفتائها السابق،
وذلك على النحو المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
أسامة محمود عبد العزيز محرم
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |