بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 32/2/5404
السيد الأستاذ الدكتور/ محافظ الشرقية
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتاب السيد الدكتور/ رئيس جامعة الزقازيق الوارد إلى الجمعية العمومية برقم (776)
في 21/2/2021 بشأن النزاع القائم بين جامعة الزقازيق ومحافظة الشرقية بخصوص طلب الجامعة تخصيص مبنى رئاسة مدينة صان الحجر ليكون مقرًّا لكلية الآثار بهذه المدينة بدون مقابل.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه بموجب محضر تسليم وتسلم مؤرخ 7/8/2018، تسلمت جامعة الزقازيق من مجلس مدينة صان الحجر مبنى مكوّنًا من خمسة طوابق كاملة التشطيب والمرافق على مساحة (465) مترًا، بناحية مدينة صان الحجر، بغرض استعماله مقرًّا لكلية الآثار بهذه المدينة، والتي أُنشئت بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2178) لسنة 2017، ونهضت الجامعة إلى تجهيز هذا المبنى بقاعات ومعامل وتجهيزات خاصة بالتعليم الجامعي، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ استغلاله في هذا النفع العام، فوجئت الجامعة بمطالبة محافظة الشرقية لها بتحرير عقد إيجار، وأداء قيمة إيجارية نظير هذا الانتفاع منذ تاريخ التسليم، على الرغم من أن محضر التسليم المشار إليه تضمن التصريح بتخصيص هذا المبنى لصالح الجامعة لاستغلاله بدون مقابل كمقر لكلية الآثار، وهو أحد أغراض النفع العام، وإزاء ما تقدم طلبت الجامعة عرض النزاع على الجمعية العمومية.
كما اطلعنا على كتابكم رقم (279-1) المؤرخ 13/3/2021م، بشأن النزاع ذاته القائم بين المحافظة وجامعة الزقازيق بخصوص طلب المحافظة إلزام الجامعة بأداء مقابل انتفاعها بمبنى رئاسة مدينة صان الحجر من تاريخ وضع اليد حتى تاريخ التسليم وبإخلاء المبنى، وذلك علي سند من أن جامعة الزقازيق أبدت رغبتها في استئجار مبنى مدينة صان الحجر لاستغلاله مقرًّا لكلية الآثار بالمدينة مؤقتًا لمدة سنة إلى أن تتمكن من بناء مبنى آخر على قطعة أرض مملوكة لها، وفي أثناء نهوض اللجنة المشكلة من جانب المحافظة لتقدير القيمة الإيجارية لهذا المبنى، وأثناء مرحلة المفاوضات بين الطرفين، نهضت الجامعة- بغير سند- إلى تسلم المبنى من المسئولين بمدينة صان الحجر، بعد الادعاء بوجود برتوكول مُوقع من الطرفين من أجل الانتفاع بهذا المبنى، وإذ لم يصدر من المحافظة أي قرارات تخصيص أو أي عقود انتفاع أو استغلال أو إيجار، يسوغ بموجبها للجامعة الانتفاع بهذا المبنى بدون مقابل، فقد خاطبت المحافظة الجامعة للحضور لإبرام عقد إيجار وأداء القيمة الإيجارية المحددة من جانب لجنة التقييم بالمحافظة، وإزاء امتناع الجامعة عن ذلك، فقد تمسكت المحافظة بأحقيتها في إخلاء وتسليم المبنى، وإزاء ما تقدم طلبت المحافظة أيضا عرض النزاع علي الجمعية العمومية.
ونفيد: أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة
فى 26 من مايو عام 2021م، الموافق 14 من شوال 1442هـ؛ فتبين لها أن المادة (89) من القانون المدني تنص على أن: “يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد”، وأن المادة (90) منه تنص على أن: “1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفًا، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكًّا في دلالته على حقيقة المقصود. 2-ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيًّا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحًا”، وأن المادة (91) منه تنص على أن: “يُنتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وُجه إليه، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك”، وأن المادة (95) من القانون ذاته تنص على أنه: “إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها، اعتُبر العقد قد تم. وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها، فإن المحكمة تقضي فيها طبقًا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة”، وأن المادة (148) منه تنص على أن: “1- يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. 2-ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه. ولكن يتناول أيضًا ما هو من مستلزماته، وفقًا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”. وأن المادة (1) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم (49) لسنة 1972 تنص على أن: “تختص الجامعات بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الذي تقوم به كلياتها ومعاهدها في سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًّا، متوخيةً في ذلك المساهمة في رُقي الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء في مختلف المجالات، وإعداد الإنسان المُزوّد بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم في بناء وتدعيم المجتمع الاشتراكي، وصُنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، وتعتبر الجامعات بذلك معقلا للفكر الإنساني في أرفع مستوياته، ومصدرًا لاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهي الثروة البشرية، وتهتم الجامعات كذلك ببعث الحضارة العربية والتراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصيلة ومراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والخلقية والوطنية، وتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات الأخرى والهيئات العلمية العربية والأجنبية. وتكفل الدولة استقلال الجامعات بما يحقق الربط بين التعليم الجامعي وحاجات المجتمع والإنتاج”، وأن المادة (7) منه تنص على أن: “الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمى وثقافى، ولكل منها شخصية اعتبارية…”. وأن المادة (14) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم (43) لسنة 1979 تنص على أن: “يجوز للمجلس الشعبى المحلى للمحافظة التصرف بالمجان فى مال من أموالها الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار اسمى أو بأقل من أجر المثل بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام وذلك إذا كان التصرف أو التأجير لإحدى الوزارات أو المصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو شركات القطاع العام والجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام…”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- وعلى ما استقر عليه إفتاؤها- أن العقد ينعقد بين الطرفين بمجرد توافق إرادتين متطابقتين بما اصطلح عليه بالإيجاب والقبول، وأنه لا يشترط إفراغ هاتين الإرادتين في شكل معين، فقد يكون ذلك من خلال ألفاظ أو مكاتبات متبادلة، أو بالإشارة المتداولة عرفًا، أو باتخاذ موقف لا تدع ظروفه شكًّا في دلالته على قصد متخذه، وأنه متى تم التطابق بين إرادتين على نحو ما سلف البيان، قامت شروط العقد مقام القانون بالنسبة إلى طرفيه، ولا يجوز لأحدهما منفردًا تعديل هذه الشروط إلا لسبب من الأسباب المقررة قانونًا، وأنه وإن كان العقد غير المكتوب يعد وسيلة غير مألوفة في المجال الإداري، نظرًا إلى جنوح الإدارة عادة إلى إثبات روابطها العقدية بالكتابة، فإنه لا يزال يؤدي دورا كاملا لبعض أنواع العقود الإدارية، وتتضمن خطوات التعاقد وثائق مكتوبة حتى و لو لم يفرغ العقد في النهاية في وثيقة مكتوبة، وينعقد العقد الإداري صحيحًا مُنتجًا لآثاره القانونية، وأنه يجب تنفيذه طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يُوجبه حسن النية فى إطار الضوابط الواردة بنص المادة )148( من القانون المدنى، باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين، فإذا كانت عباراته واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها، إذ يجب اعتبارها تعبيرًا صادقًا عن إرادتهما المشتركة رعايةً لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقًا لاستقرار المعاملات.
كما استظهرت الجمعية العمومية- وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن الجامعات طبقًا للقانون رقم (49) لسنة 1972 المشار إليه تُعدُّ من الهيئات العامة ذات الطابع العلمي والثقافي، اختصها المشرع
بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الذي تقوم به كلياتها ومعاهدها في سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًّا، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء في مختلف المجالات، وإعداد الإنسان المُزوّد بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة وصُنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، من أجل تنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهي الثروة البشرية، وهي جميعها أغراض مرفقية عامة، تسعى الدولة من خلالها إلى إشباع الحاجات العامة في هذا المجال.
وترتيبًا علي ما تقدم؛ ولما كان الثابت من الأوراق أنه تم إنشاء مبني جديد لمجلس مدينة صان الحجر القبلية بمحافظة الشرقية، إلا أن جامعة الزقازيق طلبت استغلال ذلك المبنى مقرًّا لكلية الآثار بصان الحجر، وعليه صدر قرار محافظ الشرقية رقم (1799) المؤرخ 10/2/2018م بتشكيل لجنة لبحث ذلك الأمر، وتسلمت الجامعة المبني إداريًّا بموجب محضر التسليم المؤرخ 7/8/2018م والمُوقع من ممثلي الجامعة والوحدة المحلية لمجلس ومدينة صان الحجر، بعد انتهاء محافظة الشرقية من تشطيبه وتزويده بكامل المرافق ليكون صالحًا لاستغلاله، وخاطبت المحافظة جامعة الزقازيق للتنسيق بشأن استغلال المبنى محل النزاع علي النحو الوارد بكتبها أرقام (1560) المؤرخ 19/9/2019م، و(702) المؤرخ 29/4/2020م، و(1903) المؤرخ 30/12/2020م، و(4) المؤرخ 17/1/2021م، وتضمنت هذه الكتب حرص المحافظة علي العملية التعليمية وانتفاع الجامعة بالمبني محل النزاع، وذلك مقابل قيمة إيجارية مقدارها (20000) عشرون ألف جنيه شهريًا، الأمر الذي يتبين معه في ضوء الأوراق المقدمة من طرفي النزاع عدم انصراف إرادة السلطة المختصة بمحافظة الشرقية (المجلس الشعبى المحلى) على منح جامعة الزقازيق حق استغلال هذا المبنى بدون عوض أو من قبيل التسامح ومن ثم لم تتوافق إرادتيهما -ايجابًا وقبولا- على قيام الجامعة بإستغلال المبنى بغير مقابل،
ويكون – بمفهوم المخالفة، وردًا للأصل بأن تصرفات المحافظة في املاكها الخاصة يكون بمقابل- ثمة عقد غير مكتوب بينهما محله الانتفاع بالمبني بمقابل، وعليه يكون من حق محافظة الشرقية استئداء مقابل انتفاع عن استغلال المبنى محل النزاع، اعتبارا من تاريخ التسليم في 7/8/2018م.
ولا ينال مما تقدم، طلب جامعة الزقازيق الانتفاع بالمبني دون مقابل استنادًا إلي ما ورد في محضر التسليم من تخصيص المبنى دون مقابل؛ ذلك أن الأوراق قد خلت مما يفيد موافقة المجلس الشعبي المحلي أو من يمارس سلطاته علي قيام الجامعة باستغلال ذلك المبني دون مقابل، باعتباره السلطة التي تملك التخصيص دون مقابل.
وأما طلب المحافظة إلزام جامعة الزقازيق بإخلاء المبنى محل النزاع، فإن الجمعية العمومية إذ انتهت إلي أن ثمة عقدًا غير مكتوب انعقد بين محافظة الشرقية وجامعة الزقازيق، تلتزم بمقتضاه الجامعة بأداء مقابل الانتفاع بالمبنى اعتبارًا من تاريخ تسلمه في 7/8/2018م، وأنه يجب عليهما تنفيذ ذلك العقد، وأنه لا يجوز لأيّ من طرفيه التحلل من أي من التزاماته إلا لسبب من الأسباب المقررة قانونًا، وكان رأي الجمعية العمومية في ذلك الشأن ملزمًا لطرفي النزاع، فمن ثم يكون طلب محافظة الشرقية إخلاء المبني غير قائم علي سنده القانوني خليقًا بالرفض.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى:
أولا: إلزام جامعة الزقازيق بأداء مقابل انتفاعها بالمبنى محل النزاع إلى محافظة الشرقية، اعتبارا من تاريخ تسلمها له في 7/8/2018م، بالقيمة التي تتفق مع أجرة المثل،
وذلك على النحو المُبين تفصيلا بالأسباب
ثانيًا: رفض طلب محافظة الشرقية إخلاء وتسليم مقر كلية الآثار بمدينة صان الحجر بمحافظة الشرقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |