برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد الراضي محمد حسن حماد ومسعد عبد الحميد محمد أحمد أبو النجا وجمال يوسف زكي علي وسامح جمال وهبه.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) دعوى– الطعن في الأحكام- دعوى البطلان الأصلية- المحكمة الإدارية العليا تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة، فلا يكون من سبيل لإهدار أحكامها إلا استثناء محضا بدعوى البطلان الأصلية- في غير حالات البطلان المنصوص عليها في قانون المرافعات، يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم يمثل إهدارا للعدالة على نحو يفقد معه الحكم وظيفته، وبه تتزعزع قرينة الصحة التي تلازمه.
(ب) دعوى– الطعن في الأحكام- دعوى البطلان الأصلية- ما لا يعد من حالاتها- إعلان المطعون ضده بالطعن على المحل الذي كان مختارًا له في الدعوى المبتدأة المطعون على الحكم الصادر فيها، وليس على عنوانه، لا يصلح سببًا للبطلان، مادام أنه قد ثَبُت تحقق الغاية من وجوب الإعلان بحضوره الجلسات أمام محكمة الطعن.
– المادتان (10) و(20) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
– المادة (44) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972.
(ج) دعوى– الطعن في الأحكام- دعوى البطلان الأصلية- ما يعد من حالاتها- إذا قضى الحكم بأكثر مما طلبه الخصوم، فإنه يكون قد فصل فيما ليس معروضًا عليه، مما يصمه بعيبٍ جسيم يبرِّر بطلانه- تطبيق: إذا أقيم طعنٌ على الحكم الصادر في الشق العاجل طلبًا لإلغائه، ففصلت محكمة الطعن في موضوع الدعوى الأصلية، فإنها تكون قد فصلت فيما ليس معروضًا عليها، وقضت بأكثر مما طُلب منها، مُضيِّعةً بذلك درجةً من درجات التقاضي على أطراف الخصومة الأصلية، وهو ما يصم هذا الحكم بعيبٍ جسيم يبرِّر بطلانه.
(د) دعوى– الطعن في الأحكام- دعوى البطلان الأصلية- الأثر المترتب على الحكم بالبطلان- القضاء ببطلان الحكم يُزيله من الوجود، ويُعيد طرفي الطعن إلى ما كانا عليه قبل صدوره، دون أن يؤثر ذلك فيما صدر قبله من إجراءات، فتظل قائمةً منتجة لآثارها، ابتداء من إيداع صحيفة الطعن، وما تلا ذلك من إجراءات حتى قبل صدور الحكم الباطل، وتعاود المحكمة استعمال سلطتها وبسط رقابتها من جديد على هذا الطعن.
في يوم الأربعاء 27/1/2010 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلا عن المدعي قلم كتاب هذه المحكمة صحيفة دعوى البطلان الماثلة طلب في ختامها الحكم أولا: بقبول الدعوى شكلا، ثانيا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الطعن رقم 11101 لسنة 51ق.ع، ثالثا: ببطلان الحكم رقم 11101 لسنة 51 ق.ع الصادر بجلسة 7/5/2008 مع ما يترتب على ذلك من آثار والقضاء مجددا برفض الطعن.
وأعلنت الدعوى على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه -لما ورد به من أسباب- الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه ليكون “قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المطعون ضدهم في الطعن رقم 11101 لسنة 51ق.ع المصروفات”، وإلزام جهة الإدارة مصروفات دعوى البطلان الماثلة.
ونظرت الدعوى أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 16/6/2010 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (عليا- موضوع) لنظره بجلسة 16/11/2010.
وتدوول نظر الدعوى أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/12/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/1/2013 ومذكرات في أسبوعين لمن يشاء، وفي هذا الأجل لم يودع أي من الطرفين شيئا. وبجلسة 22/1/2013 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن دعوى البطلان الأصلية لا تتقيد بميعاد الطعن المنصوص عليه في المادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، وإذ استوفت الدعوى الماثلة جميع أوضاعها الشكلية، فمن ثم تكون مقبولة شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن وآخرين سبق أن أقاموا الدعوى رقم 2142 لسنة 27ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالبين الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال المدعون شرحًا لدعواهم: إنهم يمتلكون عدة فيلات بمصيف رأس البر تطل على حديقة عامة، وقد فُوجئوا بمحافظة دمياط تقوم بإزالة هذه الحديقة، وتشرع في تقسيم أرضها إلى قطع مبانٍ وإجراء مزاد لبيعها، مما يعد مخالفًا لقانون التخطيط العمراني الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982 (بشأن المناطق الترفيهية)، وقانون البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2603 لسنة 1996 بحظر إقامة مبانٍ في الأرض الزراعية والحدائق، كما أن الحديقة تعد رئة للمنطقة.
وبجلسة 21/2/2005 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان، وألزمت جهة الإدارة المصروفات عن هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
…………………………………………………………….
ولم يرتضِ المطعون ضدهما الحكم السابق فأقاما الطعن رقم 11101 لسنة 51ق.ع طالبين الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا أصليا: بعدم قبول الدعوى المطعون في حكمها لانعدام صفة ومصلحة المطعون ضدهم، واحتياطيا: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي. وبجلسة 7/5/2008 حكمت المحكمة الإدارية العليا-الدائرة السادسة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.
…………………………………………………………….
أقام المدعي دعواه الماثلة طالبًا الحكم ببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 11101 لسنة 51ق.ع المذكور سالفًا؛ وذلك للأسباب الآتية:
أولا: عدم إعلانه بصحيفة الطعن إعلانًا قانونيا صحيحًا؛ إذ تم إعلانه على محله المختار وهو مكتب الأستاذ المحامي رافع الدعوى المبتدأة، رغم أن عنوانه ثابت بصحيفة تلك الدعوى، فكان يجب إعلانه عليه.
ثانيا: قضاء المحكمة فيما ليس مطروحًا عليها وعلى غير مقتضى القانون؛ وذلك لأن الحكم المطعون فيه قد قضى في الشق العاجل فقط، وأن الطعن عليه كان بخصوص الشق العاجل فقط، ومع ذلك فإن المحكمة قد قضت في الشق الموضوعي الذي لم تفصل فيه محكمة القضاء الإداري، ولم يرد بصحيفة الطعن الذي يحدِّد نطاق الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
ثالثًا: القضاء بما لم يطلبه الخصوم؛ إذ إن المحكمة قد فصلت في موضوع الدعوى دون أن يطلب الطاعنون ذلك.
رابعًا: تفويت درجة من درجات التقاضي؛ إذ إن المحكمة بقضائها في الشق الموضوعي دون أن تفصل فيه محكمة القضاء الإداري بداية، تكون قد فوَّتت على الخصوم درجة من درجات التقاضي.
…………………………………………………………….
وحيث إنه عن السبب الأول فإن المادة (10) من قانون المرافعات تنص على أن: “تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه، ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي يبينها القانون…”. وتنص المادة (20) من القانون ذاته على أن: “يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه، أو إذا شابه عيبٌ لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء. ولا يُحكَم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء”. وتنص المادة (44) من قانون مجلس الدولة المشار إليه على أن: “ميعاد رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ستون يومًا… ويجب أن يشتمل التقرير -علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم- على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه… فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه”.
لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي قد حضر بصفته مطعونًا ضده جلسة 5/9/2007 أمام دائرة فحص الطعون، ومن ثم تكون الغاية التي يبتغيها المشرع من ضرورة إعلانه قد تحققت، وإن تم الإعلان على محله المختار وليس موطنه، ويكون هذا السبب كسببٍ للبطلان غير قائم على سندٍ صحيح من القانون.
وحيث إنه عن أسباب البطلان الأخرى التي ساقها المدعي، فإن المستقر عليه أن المحكمة الإدارية العليا بما وسد لها من اختصاص في الرقابة على أحكام محاكم مجلس الدولة تحقيقًا للشرعية وسيادة القانون، وبما تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالته بغير مُعقِّبٍ على أحكامها، تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي لمجلس الدولة، فلا يكون من سبيلٍ لإهدار أحكامها إلا استثناء محضًا بدعوى البطلان الأصلية، وهي دعوى لها طبيعة خاصة تُوَجَّه إلى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وطريقُ طعنٍ استثنائي، وفي غير حالات البطلان المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التي تنطوي على عيبٍ جسيم يمثل إهدارًا للعدالة على نحو يفقد معها الحكم وظيفته، وبه تتزعزع قرينة الصحة التي تلازمه.
لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بأكثر مما طلبه الطاعنان، إذ طعنا على الحكم الصادر في الشق العاجل، وطلبا إلغاء الحكم المطعون فيه في هذا الشق فقط، إلا أن الحكم المطعون فيه فصل في موضوع الدعوى الأصلية، ومن ثم يكون قد فصل فيما ليس معروضًا عليه، وقضى بأكثر مما طلب منه مُضيِّعًا بذلك درجةً من درجات التقاضي على أطراف الخصومة الأصلية، وكل ذلك يصم الحكم المطعون فيه بعيبٍ جسيم يبرِّر بطلانه، ومن ثم تكون دعوى البطلان الماثلة المرفوعة ضده قد قامت على سندٍ صحيح من القانون، مما يتعين معه القضاءُ ببطلان الحكم المطعون فيه.
وترتيبًا على ما سبق، فإن بطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 11101 لسنة 51ق.ع لسببٍ ذاتي فيه يُزيله من الوجود ويُعيد طرفي الطعن إلى ما كانا عليه قبل صدوره، دون أن يؤثر ذلك فيما صدر قبله من إجراءات، فتظل قائمةً منتجة لآثارها ابتداءً من إيداع صحيفة الطعن في الميعاد، وما تلا ذلك من إجراءات حتى قبل صدور الحكم الباطل، مما تعاود معه المحكمة استعمال سلطتها وبسط رقابتها من جديد على ذلك الطعن وذلك بجلسة 23/4/2013.
وحيث إنه عن المصروفات فيلزم الخصم الخاسر بها عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع ببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 11101 لسنة 51ق.ع، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |