الدائرة الحادية عشرة – الطعن رقم 1329 لسنة 53 القضائية (عليا)
يوليو 29, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 33006 لسنة 52 القضائية (عليا)
يوليو 29, 2021

الدائرة الحادية عشرة – الطعن رقم 13647 لسنة 58 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 22 من يونيه سنة 2014

الطعن رقم 13647 لسنة 58 القضائية (عليا)

(الدائرة الحادية عشرة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكرورى

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضـــويـة الســـــادة الأسـاتــذة المستشـارين/ محمد حجازى حسن مرسى، وعلاء الدين شهيب أحمد، وعادل سيد عبد الرحيم حسن بريك، وأحمد جمال أحمد عثمان.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) نقابات– النقابات المهنية- طبيعتها- تعد هذه النقابات من أشخاص القانون العام، فهي تجمع مقومات هذه الأشخاص، حيث تُنشأ بقانون، وأغراضها ذات نفع عام، ولها على أعضائها سلطة تأديبية، ولأعضاء النقابة دون غيرهم حق احتكار مهنتهم، فلا يجوز لغيرهم مزاولتها، كما أن الأصل أن اشتراك الأعضاء فى النقابة أمر حتمي بالنسبة للعاملين في المهنة، وللنقابة حق تحصيل رسوم الاشتراك في مواعيد دورية منتظمة.

(ب) نقابات– نقابة المهن التعليمية- طبيعة ما يصدر عنها من قرارات- أضفى القانون على هذه النقابة شخصية معنوية مستقلة، وخولها حقوقا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت مقومات الهيئة العامة وعناصرها، من شخصية مستقلة، ومرفق عام تقوم عليه مستعينة في ذلك بسلطات عامة، ومن ثم تغدو شخصا إداريا من أشخاص القانون العام، وجميع قراراتها هي قرارات إدارية، أيا كان التشكيل النقابي الصادر بشأنه القرار، سواء كان لجنة نقابيـة أم نقابة فرعية أم نقابة عامة، وأيا كانت الجهة مصدرة القرار داخل هذا التشكيل النقابي، سواء كانت جمعية عمومية، أم مجالس إدارة لهذه التشكيلات، أو كانت صادرة عن هيئة مكتب النقابة العامة، وكذلك أيا كانت المسألة الصادر بشأنها القرار على وفق الاختصاصات التي حددها القانون رقم 79 لسنة 1969 لكل منها- التشكيل النقابي عند ممارسته لاختصاصاته  يمارس سلطة عامة، ومن ثم يغدو القرار الذي يصدره في هذا الشأن قرارا إداريا، باعتباره إفصاحا عن إرادته بما له من سلطة بمقتضى القانون، بقصد إحداث مركز قانوني معين- ترتيبا على ذلك فإن جميع المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام قانون نقابة المهن التعليمية تعد منازعات إدارية بحسب طبيعتها.

– المواد أرقام (55) و(56) و(57) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية.

(ج) اختصاص- حرص الدستور الحالي على إلغاء جميع القيود التي كانت تقف حائلا دون ممارسة مجلس الدولة لجميع اختصاصاته، وإزالة العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة؛ بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية، حيث غدا مجلس الدولة في ضوء أحكامه هو قاضي القانون العام، وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء، بالفصل في جميع  المنازعات الإدارية.

– المادة (190) من دستور 2014.

(د) اختصاص– مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعن في المنازعات المتعلقة بنقابة المهن التعليمية- نصت المادة (56) من قانون نقابة المهن التعليمية على اختصاص جهة القضاء العادي (ممثلة في محكمة النقض) بنظر جميع المنازعات المتعلقة بصحة انعقاد الجمعيات العمومية للنقابة العامة أو الفرعية للمهن التعليمية، أو بتشكيل مجالس إدارتها، أو بالقرارات الصادرة عنها، منتزعا بذلك اختصاص مجلس الدولة بنظر هذه المنازعات، بالرغم من طبيعتها الإدارية البحتة، وبالمخالفة لنص المادة (190) من الدستور الذي ناط بمجلس الدولة الفصل في جميع المنازعات الإدارية؛ باعتباره قاضيها الطبيعي وصاحب الولاية العامة في الفصل فيها والأجدر بنظرها، مما يلقي بظلال شبهة عدم دستورية المادة (56) من قانون المهن التعليمية- ترتيبا على ذلك: حكمت المحكمة بوقف الطعن تعليقا، وإحالته بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية، المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1992.

(هـ) دستور– الرقابة على دستورية القوانين واللوائح- الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ لأن هذه الرقابة تستهدف أصلا صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه؛ بحسبان أن نصوص الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، والتي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات([1]).

– المادتان رقما (25) و(29) قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم (48) لسنة 1979.

 – المادة رقم (1) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية.

(و) دستور– نفاذ الأحكام التى قررتها القوانين واللوائح قبل صدور الدستور- نص دستور 2014 على أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور يبقى نافذا، ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا على وفق القواعد والإجراءات المقررة فيه- جُلُّ ما يقرره هذا النص هو الاحتفاظ بقوة النفاذ للأحكام التي قررتها القوانين واللوائح قبل صدور الدستور، فلا يمنع هذا تصدي المحكمة الدستورية العليا لهذه النصوص، والقضاء بإلغائها حال عدم مطابقتها لأحكام الدستور القائم؛ بحسبان أن ذلك هو طريق قرره الدستور نفسه لإلغاء التشريعات، ومن ثم يدخل فى مضمون المقصود من عبارة: “…ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا وفقا للقواعد، والإجراءات المقررة فى الدستور”، الواردة فى عجز المادة (224) من دستور 2014.

– المادة رقم (224) من دستور 2014.

الإجراءات

في يوم الإثنين الموافق 26/3/2012 أودع الأستاذ/… المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 13647 لسنة 58ق، عليا طعنا فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة (دائرة دمياط وبورسعيد) بجلسة 21/3/2012 فى الدعوى رقم 23091 لسنة 33 ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الإدارة مصروفات الطلب العاجل، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته دون إعلان، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن –وللأسباب الواردة به– تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لتقضي بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن الماثل، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات.

وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة –بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون بها– على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 18/5/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 15/6/2014، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدهم من السادس حتى الثامن كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 23091 لسنة 33ق أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة دمياط وبورسعيد) ضد كل من وزير التربية والتعليم، ووكيل وزارة التربية والتعليم بدمياط، ومدير إدارة كفر البطيخ التعليمية، ورئيس اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات المهن التعليمية، والأمين العام لنقابة المعلمين (بصفاتهم)، طالبين في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة انتخابات نقابة المعلمين بدائرة كفر البطيخ التعليمية التي أجريت يوم 14/9/2014، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وذكروا شرحا لدعواهم أن العملية الانتخابية لنقابة المعلمين بإدارة كفر البطيخ التعليمية قد شابها العديد من المخالفات، ومنها عدم وجود كشف بأسماء الناخبين الذين لهم حق التصويت، وعدم استبعاد أسماء المرشحين الذين تنازلوا عن خوض الانتخابات، وعدم ختم بطاقات إبداء الرأي بخاتم النقابة العامة، وعدم السماح بحضور مندوبي المترشحين أثناء الفرز، وعدم وجود إشراف قضائي كامل على لجان الانتخابات، ناعين على العملية الانتخابية إتمامها بالمخالفة للقانون، طالبين الحكم بالطلبات المذكورة سالفا.

………………………………………………..

وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/3/2012 أصدرت المحكمة حكمها في الشق العاجل من الدعوى (وهو الحكم المطعون فيه)، وأقامت المحكمة قضاءها على توفر ركن الجدية في الدعوى؛ لقيام جهة الإدارة بإجراء الانتخابات، وإعلان النتيجة، رغم عدم حضور نسبة 50% من عدد المقيدين بالجمعية العمومية، وذلك بالمخالفة للقانون رقم 79 لسنة 1969، وخلصت من ثم إلى أن قرار إعلان نتيجة الانتخابات –بحسب الظاهر من الأوراق– قد صدر بالمخالفة للقانون، مما يرجح معه إلغاء هذا القرار عند نظر موضوع الدعوى، هذا فضلا عن توفر ركن الاستعجال؛ بحسبان أن حق المدعين فى إجراء الانتخابات على الوجه القانونى الصحيح من الحقوق الدستورية التى يتوفر لها ركن الاستعجال.

………………………………………………..

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن، فقد تم الطعن عليه استنادا إلى أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ فى تطبيقه؛ على سند من القول بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى؛ بحسبانها تتعلق بعملية الانتخاب بالمعنى الفني الدقيق، ولا تتعلق بالإجراءات السابقة على العملية الانتخابية، مما ينأى عن الرقابة القضائية لمجلس الدولة، ويدخل –بموجب القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية– فى اختصاص محكمة النقض، وخلص الطاعن إلى طلباته المذكورة سالفا.

………………………………………………..

– وحيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيا بنظر النزاع:

وحيث إن الفصل فى مدى اختصاص المحكمة ولائيا بنظر النزاع هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، فإن التصدى له سابق بالضرورة على البحث فى شكلها وموضوعها.

وحيث إن المادة رقم (55) من القانون 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية تنص على أن: “يعتبر اجتماع الجمعية العمومية صحيحا إذا حضره نصف عدد الأعضاء، فإذا لم يتكامل العدد بعد مضي ساعة أُجل الاجتماع لمدة أسبوعين، وعندئذ يكون الاجتماع صحيحا بحضور ثلث عدد الأعضاء. ويشترط في العضو الذى يحضر اجتماع الجمعية العمومية أن يكون مسددا اشتراكات النقابة عن السنة المنتهية. وتصدر القرارات بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، فإذا تساوت الأصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس. وفى حالة اقتراح تعديل قانون النقابة يشترط أن يكون عدد الحاضرين أكثر من نصف عدد أعضاء الجمعية العمومية، وأن يكون القرار بأغلبية ثلاثة أرباع الأعضاء الحاضرين. ولا يجوز للجمعية العمومية أن تنظر فى مسائل غير واردة فى جدول الأعمال. ويجوز لمجلس إدارة النقابة العامة أو الفرعية بحسب الأحوال أن يعرض للمناقشة المسائل العاجلة التى طرأت بعد توجيه الدعوة وتمت دراستها. ولا يجوز لأي عضو أن يتخلف بغير عذر مقبول عن تأدية واجبه فى حضور اجتماعات الجمعية العمومية، وإلا وقعت عليه غرامة قدرها جنيه واحد تحصل إداريا لحساب صندوق المعاشات والإعانات، وتحدد اللائحة الداخلية طريقة النشر والإعلان عن اجتماعات الجمعية العمومية وموعد انعقادها ومكانها ونظام جلساتها”.

كما تنص المادة (56) منه على أن: “لخمس عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة العامة أو النقابة الفرعية أو اللجنة النقابية حق الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية أو فى تشكيل مجالس الإدارة أو فى القرارات الصادرة منها، بتقرير موقع عليه منهم يقدم إلى قلم كتاب محكمة النقض خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انعقادها بشرط التصديق على التوقيعات من الجهة المختصة. ويجب أن يكون الطعن مسببا وإلا كان غير مقبول شكلا. وتفصل محكمة النقض فى الطعن على وجه الاستعجال فى جلسة سرية وذلك بعد سماع أقوال النقيب أو من ينوب عنه ووكيل عن الطاعنين”.

وتنص المادة (57) على أنه: “إذا قبل الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية كانت قراراتها باطلة وتعين دعوتها للاجتماع مرة أخرى فى مدة لا تجاوز ثلاثين يوما من تاريخ قبول الطعن. كما تدعى كذلك خلال هذه المدة عند الحكم ببطلان انتخاب النقيب أو أكثر من ثلاثة من أعضاء مجلس النقابة، لانتخاب من يحل محلهم، أما إذا حكم ببطلان انتخاب ثلاثة أعضاء فأقل فيحل محلهم الأعضاء التالون لهم في عدد الأصوات”.

وحيث إن مفاد ما تقدم أن الجهة القضائية المختصة بنظر الطعن فى صحة انعقاد الجمعيات العمومية للنقابات العامة أو الفرعية أو في تشكيل مجالس إدارة هذه النقابات أو فى القرارات الصادرة عنها –على وفق نص المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية–، هي جهة القضاء العادي، ممثلة فى محكمة النقض.

وحيث إن المادة (188) من دستور جمهورية مصر العربية الحالى المعدل الصادر فى 18 من يناير 2014 تنص على أن: “يختص القضاء بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم، عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى، ويفصل دون غيره فى المنازعات المتعلقة بشئون أعضائه، …”.

وتنص المادة (190) منه على أن: “مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، …”.

وحيث إن المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا (الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979) تنص على أن: ” تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتى:

أولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح…”.

كما تنص المادة (29) منه على أن: “تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه الآتي:

(أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية…”.

وتنص المادة (30) منه على أنه: “يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقا لحكم المادة الســـابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة”.

وحيث إن البين مما تقدم، أن المشرع الدستوري الحالي قد حرص على إلغاء جميع القيود التي كانت تقف حائلا دون ممارسة مجلس الدولة لجميع اختصاصاته، وإزالة جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة؛ بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية، حيث غدا مجلس الدولة في ضوء الأحكام المتقدمة قاضي القانون العام وصاحب الولاية العامة، دون غيره من جهات القضاء بالفصل في جميع المنازعات الإدارية إلا ما يتعلق منها بشئون أعضاء الجهات القضائية المستقلة الأخرى التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لتلك الجهات، كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة، حيث ينعقد الاختصاص بها للجان القضائية الخاصة بهم.

وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلا صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه؛ بحسبان أن نصوص الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات.

وحيث إن القضاء الحديث للمحكمة الدستورية العليا في ظل نص المادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/12/2012 (وهو النص المماثل لنص المادة 190 من الدستور الحالي المعدل الصادر في 18 من يناير 2014) قد خلص إلى أن مجلس الدولة قد أضحى دون غيره من جهات القضاء هو صاحب الولاية في الفصل في جميع المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، والتي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية في منازعات الضرائب، وانتهت المحكمة الدستورية العليا من ذلك إلى الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) ونص الفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقــانون رقم 9 لسنة 2005. (حكم المحكمة الدستورية بتاريخ 7/4/2013 في القضية رقم 162 لسنة 31 القضائية  دستورية).

وحيث إنه طبقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن النقابات المهنية (ومنها نقابة المهن التعليمية) هي من أشخاص القانون العام؛ ذلك أنها تجمع بين مقومات هذه الأشخاص؛ فإنشاؤها يتم بقانون، وأغراضها وأهدافها ذات نفع عام، ولها على أعضائها سلطة تأديبية، والأصل أن لهؤلاء الأعضاء دون غيرهم حق احتكار مهنتهم، فلا يجوز لغيرهم مزاولتها، كما أن الأصل أن اشتراك الأعضاء في النقابة أمر حتمي بالنسبة للعاملين في المهنة، ولها حق تحصيل رسوم الاشتراك في مواعيد دورية منتظمة.

وحيث إن القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1992 قد نص في مادته الأولى على إنشاء نقابة للمهن التعليمية تكون لها الشخصية الاعتبارية تضم المشتغلين بمهنة التربية والتعليم، والذين سبق اشتغالهم بها، وقد أضفى هذا القانون على النقابة شخصية معنوية مستقلة، وخولها حقوقا من نوع ما تختص به الهيئات الإدارية العامة، مما يدل على أنها جمعت مقومات الهيئة العامة وعناصرها، من شخصية مستقلة ومرفق عام تقوم عليه مستعينة في ذلك بسلطات عامة، ومن ثم تغدو نقابة المهن التعليمية شخصا إداريا من أشخاص القانون العام، وجميع قراراتها هي قرارات إدارية، أيا كان التشكيل النقابي الصادر بشأنه القرار، سواء كان لجنة نقابيـة أم نقابة فرعية أم نقابة عامة، وأيا كانت الجهة مصدرة القرار داخل هذا التشكيل النقابي، وسواء كانت جمعية عمومية بحسبانها أعلى سلطة داخل هذا التشكيل النقابي، أم كانت مجالس إدارة هذه التشكيلات باعتبارها وكيلا عن الجمعيات العمومية في إدارة شئون تلك التشكيلات، أم كانت صادرة عن هيئة مكتب النقابة العامة، وكذلك أيا كانت المسألة الصادر بشأنها القرار على وفق الاختصاصات التي حددها القانون رقم 79 لسنة 1969 لكل منها؛ ذلك أن التشكيل النقابي (لجنة نقابية- لجنة فرعية- نقابة عامة) عند ممارسته لاختصاصاته -بما يتطلبه هذا الاختصاص من إعمال أحكام القانون- يمارس سلطة عامة، ومن ثم يغدو القرار الذي يصدره في هذا الشأن قرارا إداريا باعتباره إفصاحا عن إرادته بما له من سلطة بمقتضى القانون وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين، وترتيبا عليه كذلك فإن جميع المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام قانون نقابة المهن التعليمية تعد منازعات إدارية بحسب طبيعتها.

وحيث إن المسألة المثارة فى النزاع الماثل تدور حول الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة المعلمين الفرعية بدائرة كفر البطيخ التعليمية المنعقدة بتاريخ 14/9/2011، وما جرى فى هذه الجمعية من انتخابات لاختيار مجلس إدارة النقابة، وما ترتب عليه من قرار إعلان نتيجة هذه الانتخابات.

وحيث إنه متى كان ذلك، وكان المرجع فى تحديد الأوضاع والشروط اللازمة لصحة انعقاد الجمعيات العمومية ونصاب صحة القرارات الصادرة عنها، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بها، وفى تحديد الشروط الواجب توفرها فى المرشح لعضوية مجلس الإدارة، والكيفية التى تجرى بها الانتخابات وصولا إلى قرار إعلان نتيجة هذه الانتخابات، هو القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية، ومن ثم فإن جميع المسائل المثارة فى النزاع الماثل لا تخرج عن كونها منازعات إدارية بحسب طبيعتها، تندرج ضمن الاختصاص المحجوز حصرا لمجلس الدولة دون غيره طبقا لنص المادة (190) من الدستور الحالى.

وحيث إنه لما كان ذلك، وإذ أسندت المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات إلى محكمة النقض التابعة لجهة القضاء العادي، فإن هذه المحكمة ترى –والحال كذلك– أن مسلك المشرع على هذا النحو قد جاء مصادما لأحكام الدستور الحالي الذي أضحى بمقتضاه مجلس الدولة دون غيره من جهات القضاء –وفي حدود النطاق المتقدم ذكره– هو صاحب الولاية في الفصل فى جميع المنازعات الإدارية، وقاضيها الطبيعى، وهو ما يقتضى إحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1992.

ولا ينال من ذلك ما تنص عليه المادة (224) من الدســتور القائم من أن: ” كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور، يبقى نافذا، ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا وفقا للقواعد، والإجراءات المقررة فى الدستور…”؛ إذ إن جل ما يقرره هذا النص هو الاحتفاظ بقوة النفاذ للأحكام التي قررتها القوانين واللوائح قبل صدور الدستور، ولا يمنع ذلك من تصدي المحكمة الدستورية العليا لهذه النصوص، والقضاء بإلغائها حال عدم مطابقتها لأحكام الدستور القائم؛ بحسبان أن ذلك هو طريق قد قرره الدستور نفسه لإلغاء التشريعات، ومن ثم يدخل فى مضمون المقصود من عبارة: “… ولا يجوز تعديلها ولا إلغاؤها إلا وفقا للقواعد، والإجراءات المقررة فى الدستور” الواردة فى عجز المادة المذكورة سالفا، وهو الأمر الذى يتفق مع قضاء المحكمة الدستورية العليا ونهجها فى ظل الدستور الصادر بتاريخ 25/12/2012 الذى كانت المادة (222) منه تتضمن نصا مماثلا لنص المادة (224) من الدستور القائم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بوقف الطعن تعليقا، وإحالته بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادة (56) من القانون رقم 79 لسنة 1969 في شأن نقابة المهن التعليمية، المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1992، مع إبقاء الفصل في المصروفات.

([1]) في شأن مناط رقابة الدستورية: يراجع ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن المقرر في قضائها أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية، سواء في ذلك تلك المتعلقة بالشروط التي يفرضها الدستور لمباشرة الاختصاص بإصدارها في غيبة السلطة التشريعية أو بتفويض منها، أو ما كان متصلا منها باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية، إنما يتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها. أما الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور فتخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلا صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة؛ وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، تقتضي إخضاع القواعد القانونية جميعها، وأيا كان تاريخ العمل بها، لأحكام الدستور القائم؛ لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضا، بما يحول دون جريانها على وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. (حكمها في القضية رقم 41 لسنة 26 ق دستورية بجلسة 2/6/2013، وفي القضية رقم 111 لسنة 32 ق دستورية بجلسة 7/5/2016).

ويراجع ما أكدته كذلك من أن حماية المحكمة الدستورية العليا للدستور تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعي، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي صدر النص المحال في ظل العمل بأحكامه، مادام أن هذا النص قد عُمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استُبدل نص آخر به خلال مدة نفاذ ذلك الدستور. وتطبيقا لهذا بينت أنه متى كان النص المحال قد تم استبدال نص آخر به قبل نفاذ الدستور المطبق وقت إصدار الحكم، فإنه يتعين الاحتكام في شأن المسألة الدستورية المتعلقة بالنص المحال إلى نصوص الدستور الذي عُمل في ظله بالنص المطعون فيه، إلى أن تم استبدال نص آخر به خلال مدة نفاذ ذلك الدستور. (حكمها في القضية رقم 165 لسنة 30 ق دستورية بجلسة 10/1/2015، والقضية رقم 144 لسنة 24 ق دستورية بجلسة 14/3/2015).

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV