مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثانية ، الطعن رقم 2288 لسنة 49 القضائية (عليا)
يوليو 19, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الخامسة ، الطعن رقم 15147 لسنة 55 القضائية (عليا)
يوليو 19, 2021

الدائرة الأولى – الطعن رقم 9433 لسنة 55 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 22 من مارس سنة 2014

الطعن رقم 9433 لسنة 55 القضائية (عليا)

(الدائرة الأولى)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومنيـر عبد القـدوس عبد اللـه، وأحمد محمد أحمد الإبياري.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– لجان التوفيق في بعض المنازعات- إذا لجأ المدعي إلى لجنة التوفيق بطلب التوصية بالتعويض عن قرار إداري، ثم لجأ إلى المحكمة طالبا الحكم بإلغاء هذا القرار والتعويض عنه، فإنه لا محل للقول بعدم قبول طلب الإلغاء لعدم عرضه على لجنة التوفيق- طلب التعويض (الذي عرض على اللجنة) يعد وجهًا من أوجه الطعن غير المباشر في مشروعية القرار، ويستلزم البت فيه التعرض لمدى مشروعية هذا القرار، فضلا عن أن الغرض من اللجوء إلى هذه اللجنة هو حسمُ المنازعات قبل الالتجاء إلى القضاء، أما وأن المحكمة قد اتصلت بالنزاع بالفعل، فلا محل للتمسك بعرض طلب الإلغاء المقترن بطلب التعويض عليها([1]).

– المادة رقم (11) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها.

(ب) حقوق وحريات– مبدأ المساواة- لا يَعني مبدأ المساواة أن تـُعامل فئات المواطنين على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، فلا تُعارِضُ هذا المبدأَ صورُ التمييزِ جميعُها- التمييز المنهي عنه هو ما يكون تحكُّمِيًّا، ولا يستند إلى أساس موضوعي- اختلاف المراكز القانونية وعدم تكافئها يجيز للمشرع أن يخصَّ طائفةً معينة بأحكام خاصة دون غيرها- إذا كان القرارُ بما انطوى عليه من تمييز غيرَ مُصَادِمٍ لأغراض التنظيم التشريعي، فإنه يكون مُستنِدًا إلى أساسٍ موضوعي, ولا يُشكِّل مخالفةً لمبدأ المساواة المقرر دستوريًّا.

 (ج) بنوك– البنك المركزي المصري- اختصاصاته- يختص البنك المركزي بتنظيم واتخاذ أي إجراءات يقتضيها تطبيق السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية بالدولة، وإحكام الرقابة على الائتمان المصرفي، وله في سبيل ذلك تحديد أدوات ووسائل السياسة النقدية التي يمكن اتباعها، وإجراءات تنفيذها، وكذا تحديد أسعار الائتمان والخصم على العمليات المصرفية، حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها، وعلى وفق سياسة النقد والائتمان، دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر.

– المواد أرقام (5) و(6) و(14) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003.

(د) استثمار– صندوق الاستثمارات الأجنبية بالبنك المركزي المصري- الهدف من الصندوق هو توفير آلية لتيسير التحويلات الخاصة بأموال المستثمرين الأجانب لاستثمارها في سوق الأوراق المالية داخل مصر- تعطي طريقة إدارة صندوق الاستثمارات الأجنبية ميزةً للمستثمـر الأجنبي لا توفرها لنظيره المصري؛ لاختلاف المركز القانوني لكل منهما؛ فالمستثمر المصري يدخل سوق الأوراق المالية بالنقد المحلي (الجنيه المصري) دون الحاجة إلى التحويل للعملة الأجنبية، على خلاف المستثمر الأجنبي الذي يرغب في تحويل عملته الأجنبية إلى الجنيه المصري، ليتمكن من دخول سوق الأوراق المالية المصري بالعملة المحلية، ومن ثم فإن الميزة التي يمنحها الصندوق للمستثمر الأجنبي تستند إلى أسسٍ موضوعية غير تحكمية، ولا تنطوي من ثم على مخالفةٍ لمبدأ المساواة الذي رددته الدساتير المصرية المتعاقبة- ترتيبا على ذلك: قرار رفض تحويل أموال المستثمر المصري إلى العملة الأجنبية عن طريق الصندوق المشار إليه هو قرار مشروع.

الإجراءات

بتاريخ 17/2/2009 أودعت الأستاذة/… المحامية بالنقض والإدارية العليا نيابة عن الطاعن بصفته قلمَ كُتَّابِ المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ قُيِّدَ بجدولها العام برقم 9433 لسنة 55 القضائية عليا، وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السابعة) في الدعوى رقم 1213 لسنة 58ق بجلسة 20/12/2008، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام كل من الجهة الإدارية والمدعي مصروفات الدعوى مناصفة.

وطلب الطاعن بصفته -للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكمَ: (أولا) بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى رقم 1213 لسنة 58ق وإحالة الطعن إلى الدائرة الأولى عليا (موضوع)، و(ثانيًا) بإلغاء الحكم الطعين، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وفي كل الحالات بإلزام المطعون ضده المصاريف عن درجتي التقاضي.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسَبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وبطلان الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى مرة أخرى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجددًا بهيئة مغايرة، على النحو المبين بالأسباب، مع إبقاء الفصل في المصروفات.

وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الأولى (فحص الطعون) على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وخلالها قدم الحاضر عن الطاعن بصفته ثلاث حوافظ مستندات ومذكرة دفاع، ثم قررت إحالته للدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 25/5/2013، وجرى نظر الطعن أمام هذه الدائرة على وفق الموضح بمحاضر الجلسات، وخلالها قدم الحاضر عن الطاعن بصفته مذكرة بدفاعه، طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم الطعين، والقضاء برفض الدعوى.

وبجلسة 4/1/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 20/12/2008، وأقيم الطعن الماثل بتاريخ 17/2/2009 خلال الميعاد المقرر قانونًا، وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن الموضوع يخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1213 لسنة 58ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السابعة)، طالبًا الحكم بقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار البنك المركزي المصري الخاص بإنشاء صندوق الاستثمارات الأجنبية فيما تضمنه من قصره على الأجانب فقط دون المصريين، وأحقيته في تحويل استثماراته إلى صندوق الاستثمارات الأجنبية بالبنك بالدولار الأمريكي بأسعار البنك المركزي، مع إلزام محافظ البنك المركزي بصفته أن يؤدي إليه مبلغًا قدره مئة وخمسون ألف جنيه تعويضًا عَمَّا أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء إخلال البنك بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المستثمر المصري والمستثمر الأجنبي، ورفض طلبه بتحويل استثماراته من سوق الأوراق المالية إلى صندوق الاستثمارات الأجنبية بالبنك المركزي بالدولار الأمريكي.

وقال شـارحًا دعواه إنه بدأ تعاملاته باستثمار أمواله في سوق الأوراق المالية (البورصة) بتحويل مبلغ 32000 دولار أمريكي إلى الجنيه المصري، واستمر في استثمار أمواله، ورغم أن القواعد التنفيذية النافذة تجيز للبنوك وشركات الصرافة البيع للأفراد والجهات ما يطلبونه من نقدٍ أجنبي دون قيدٍ، ولكن الواقع غير ذلك، فلا يتم البيع إلا من خلال أسعار أعلى من الأسعار المعلنة.

وأضاف أنه بتاريخ 28/8/2003 نُشِرَ بجريدة الأهرام أن البنك المركزي المصري أعلن عن إنشاء صندوق خاص بالاستثمارات الأجنبية، وذلك لتوفير أكبر قدر من الضمانات للتحويلات المتعلقة بأنشطة المستثمرين الأجانب في سوق الأوراق المالية في مصر، وأنه تم إبلاغ جميع الأطراف المعنية بتنفيذ هذا القرار.

واستطرد قائلا إنه من المستثمرين، وظن أن هذا القرار سوف يشمل جميع المستثمرين دون تفرقة بين المستثمرين المصريين والمستثمرين الأجانب، وأن هذا الصندوق سوف يُبْعِدُ عن سوق المال مخاطرَ السوق السوداء، فتقدم بتاريخ 21/9/2003 بطلب لمحافظ البنك المركزي لشراء مبلغ 32000 دولار أمريكي وذلك بالأسعار المعلنة للدولار الأمريكي من البنك المركزي، إلا أن البنك رفض طلب التحويل مُتعَلِّلا بأن الصندوق المذكور يُمَثِّلُ آليةَ التحويلِ للمستثمرين الأجانب فقط. ونعى على القرار المطعون فيه مخالفته للدستور ولأحكام القانون. واختتم عريضة دعواه بطلباته المذكورة سالفًا.

………………………………………………..

وبجلسة 20/12/2008 قضت المحكمة المشار إليها بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت كلا من الجهة الإدارية والمدعي مصروفات الدعوى مناصفة.

وشيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن البنك المركزي المصري قام بإنشاء صندوق خاص يُسمَّى (صندوق الاستثمارات الأجنبية) لتحسين آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب في مصر، وذلك بقيام البنوك ببيع مبالغ بالنقد الأجنبي للمستثمرين الأجانب فقط، دون غيرهم من الوطنيين من المتعاملين في النشاط نفسه، مما يُعَدُّ تمييزًا يحظره الدستور، وإهدارًا لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة بين المستثمر الأجنبي وقرينه الوطني، وتشييدًا للسياسة النقدية للبنك المركزي على غير قواعد العدل والكفاية، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سندٍ صحيح من القانون، خليقًا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

أما بالنسبة لطلب التعويض، فإنه بالرغم من توفر ركن الخطأ في جانب الإدارة، إلا أن المدعي لم يستطع إثبات عناصر الضرر وحجمه الذي يدعيه، وذلك من واقع عناصر محدَّدة مشفوعة بمستنداتٍ مؤيدة، والذي يشكِّل ركن الضرر، وهو أمر يقع عبء إثباته على المدعي، وقد خلت أوراق الدعوى من دليل يفيد حصول الضرر، ومن ثم يكون قد تخلف هذا الركن، مما يتعين معه -والحال كذلك- رفض طلب التعويض.

………………………………………………..

وإذ لم يرتضِ الطاعن بصفته هذا الحكم، فقد أقام الطعن الماثل، ناعيًا عليه صدوره مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وكذلك الفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، على سندٍ من القول بأن المطعون ضده كان قد تقدم بطلب إلى لجنة التوفيق في المنازعات قاصرًا إياه على طلب التعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء القرار المطعون فيه، ولم يشمله بالطلب الأصلي موضوع الدعوى وهو إلغاء هذا القرار، بما مؤداه أنه أقام دعواه دون العرض على لجنة التوفيق المختصة، ولم يقترن طلب الإلغاء بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مما يترتب عليه عدم قبول طلب الإلغاء لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات.

ومن ناحية أخرى فإن الغرض من إنشاء صندوق الاستثمارات الأجنبية -كما هو واضح من تسميته- جذبُ الاستثمارات الأجنبية إلى مصر؛ لفتح الأسواق، وتشغيل الأيدي العاملة، عن طريق إعطاء الأمان للمستثمر الأجنبي، وتيسير دخول وخروج أمواله، في ضوء تجريم حمل أو خروج أوراق النقد المصري خارج البلاد، ومن ثم يحق له بموجب هذا الصندوق تغيير الجنيه المصري إلى العملة الأجنبية، وتحويلها إلى بنكه في الخارج، وهو ما لا ينطبق على المستثمر المصري؛ لكونه مقيمًا بالداخل، ويتعامل بالعملة المحلية، دون الحاجة للاستفادة من خدمات الصندوق المذكور.

فضلا عن أنه لا يوجد أيُّ إخلالٍ بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المستثمر المصري والمستثمر الأجنبي؛ لعدم تماثلهما في المركز القانوني، فلكلٍّ منهما مركز قانوني مغاير عن الآخر، مِمَّا لا محل معه لإعمال مبدأ المساواة الذي تضمنته جميع الدساتير المتعاقبة، فالغرض من هذا الصندوق يكمن في توفير النقد الأجنبي للدولة بغية استخدامه في سداد التزاماتها الخارجية، وكذا شراء السلع الإستراتيجية من قمح وسكر وخلافه، وبذلك يبين أن استخدام الصندوق مقصورٌ -حسب الهدف الأساسي من إنشائه- على المستثمر الأجنبي؛ لكون المصري يستثمر أمواله كلها بالجنيه المصري دون دخولٍ في عملية تحويل عملة أجنبية أو تغييرها أو استبدالها، والقولُ بغير ذلك يُحدِثُ أضرارًا كبيرة بسوق الصرف الحرة للنقد الأجنبي، ويؤدي إلى إضعاف قيمة الجنيه المصري، بما يهدد الاستقرار الاقتصادي للبلاد. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون والواقع، خليقًا بالإلغاء.

………………………………………………..

– وحيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بصفته بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه لعدم سابقة اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة، طبقًا لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجـان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها، فإنه مردودٌ عليه بأن القانون المذكور أوجب في المادة (الحادية عشرة) منه تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وذلك قبل اللجـوء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون. ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد لجأ إلى لجنة التوفيق المختصة بخصوص طلب التعويض قبل إقامة دعواه، وأن هذا الطلب الذي عُرِضَ على اللجنة يعد وجهًا من أوجه الطعن غير المباشر في مشروعية القرار المطعون فيه، ويستلزمُ الأمرُ للبت فيه التعرضَ لِما إذا كان هذا القرار قد صدر مشوبًا بعيبٍ من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من عدمه، فضلا عن أن الغرض من اللجوء إلى هذه اللجنة حسمُ المنازعات قبل الالتجاء إلى القضاء، أما وأن المحكمة قد اتصلت بالنزاع بالفعل، وأصبح في حوزتها، فلا محل للتمسك بعرض الطلب المقترن به على اللجنة المذكورة، ومن ثم فإن الدفع المبدى من الطاعن بصفته بعدم قبول الدعوى يكون قائمًا على غير أساس سليم من القانون، مما يضحى معه النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته القانـون في هذا الصدد في غير محله، ولا يسوغ الاعتداد به، وتكتفي المحكمة بالإشارة إلى ذلك في الأسباب.

– وحيث إنه عن موضوع النزاع، فإن المادة (5) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 تنص على أن: “يعمل البنك المركزي على تحقيق الاستقرار في الأسعار وسلامة النظام المصرفي في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة. ويضع البنك المركزي أهداف السياسة النقدية بالاتفاق مع الحكومة… ويختص البنك المركزي بوضع وتنفيذ السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية…”.

وتنص المادة (6) منه على أن: “يتخذ البنك المركزي الوسائل التي تكفل تحقيق أهدافه والنهوض باختصاصاته، وله على الأخص ما يأتي:…

(جـ) التأثير في الائتمان المصرفي بما يكفل مقابلة الحاجات الحقيقية لمختلف نواحي النشاط الاقتصادي… وللبنك أن يقوم بأية مهام أو يتخذ أية إجراءات يقتضيها تطبيق السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وإحكام الرقابة على الائتمان المصرفي”.

كما تنص المادة (14) من القانون نفسه على أن: “مجلس إدارة البنك المركزي هو السلطة المختصة بتحقيق أهداف البنك ووضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وتنفيذها، وله في سبيل ذلك جميع الصلاحيات، وعلى الأخص ما يأتي:

(أ) تحديد أدوات ووسائل السياسة النقدية التي يمكن اتباعها وإجراءات تنفيذها، وتحديد أسعار الائتمان والخصم ومعدلات العائد عن العمليات المصرفية التي يجريها البنك المركزي، حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها، وذلك دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي قانون آخر، وتحديد القواعد التي تتبع في تقييم الأصول التي تقابل أوراق النقد المصري…”.

وحيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن البنك المركزي المصري يعمل على تحقيق الاستقرار في الأسعار وسلامة النظام المصرفي في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة، وأن المشرع قد اختص مجلس إدارة البنك بتنظيم واتخاذ أي إجراءات يقتضيها تطبيق السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية بالدولة وإحكام الرقابة على الائتمان المصرفي، وناط بالمجلس في سبيل تحقيق أغراضه تحديد أدوات ووسائل السياسة النقدية التي يمكن اتباعها وإجراءات تنفيذها، وتحديد أسعار الائتمان والخصم على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها على وفق سياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر.

وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون رددته الدساتير المصرية جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، إلا أن مبدأ المساواة لا يعني أن تـُعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها؛ إذ إن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي من ثم على مخالفة للدستور، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه هو ما يكون تحكُّمِيًّا، ذلك أن كلَّ تنظيمٍ تشريعي لا يعد مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعد هذا التنظيم مُلبِّيًا لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها، مُتخِذًا من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلا إليها، فإذا كان النص -بما انطوى عليه من تمييز- غير مُصَادِمٍ لهذه الأغراض، فإن هذا النص يكون مستندًا إلى أسس موضوعية, ولا يُشكِّل مخالفةً لمبدأ المساواة المقرر دستوريًّا. (في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 16 لسنة 23 القضائية “دستورية” بجلسة 13/3/2005).

وحيث إنه تطبيقًا لما تقدم، وكان الثابت أن البنك المركزي المصري قام بتاريخ 31/8/2003 بإنشاء صندوق خاص يُسمَّى “صندوق الاستثمارات الأجنبية” لتحسين آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب في مصر، وذلك بتوفير أكبر قدر من الضمانات للتحويلات المتعلقة بأنشطة هؤلاء المستثمرين في سوق الأوراق المالية، وأن البنوك فور تلقيها رغبات المستثمرين الأجانب ببيع النقد الأجنبي تتولى تحويل المبالغ إلى البنك المركزي، الذي يقوم بشرائها على وفق أسعار الصرف المعلنة منه، ويقوم بإضافة المعادل بالجنيه المصري إلى حسابات المستثمرين الأجانب في سوق الأوراق المالية، وفي حالة رغبة المستثمر الأجنبي في استرداد عملته الأجنبية يقوم البنك المركزي بخصم المعادل بالجنيه المصري في تاريخ الاستحقاق؛ تشجيعًا لهذا المستثمر على استثمار أمواله في السوق المصري.

ولما كان الهدف من إنشاء الصندوق المذكور هو توفير آلية لتيسير التحويلات الخاصة بأموال المستثمرين الأجانب؛ لاستثمارها في سوق الأوراق المالية داخل جمهورية مصر العربية، وذلك عن طريق شراء البنوك للعملة الأجنبية من المستثمر الأجنبي وتحويلها للبنك المركزي المصري، الذي يقوم بشرائها وإضافة المعادل بالجنيه المصري إلى حسابه في سوق الأوراق المالية، وفي حالة رغبة هذا المستثمر في استرداد عملته الأجنبية يقوم البنك المركزي بخصم المعادل بالجنيه المصري في تاريخ الاستحقاق، وهو ما يوفر للدولة النقد الأجنبي اللازم لسداد التزاماتها الخارجية وشراء احتياجاتها الأساسية، فالصندوق على هذا النحو يعطي المستثمر الأجنبي الشعور بالثقة والطمأنينة، ويحثه على استثمار أمواله داخل البلاد، وهو ما يترتب عليه النهوض بالاقتصاد المصري، وجعله قادرًا على مواجهة تحديات المستقبل.

وإذ كـانت طريقة إدارة صندوق الاستثمارات الأجنبية تعطي ميزةً للمستثمـر الأجنبي لا توفرها لنظيره المصري؛ انطلاقًا من اختلاف المركز القانوني لكل منهما، فالمستثمر المصري يدخل سوق الأوراق المالية بالنقد المحلي (الجنيه المصري) دون الحاجة إلى الدخول في عملية تغيير أو تحويل للعملة الأجنبية، بعكس المستثمر الأجنبي الذي يرغب في تحويل عملته الأجنبية إلى الجنيه المصري، ليتمكن من دخول سوق الأوراق المالية بالعملة المحلية، ومن ثم فإن الميزة التي يمنحها الصندوق للمستثمر الأجنبي تستند إلى أسسٍ موضوعية غير تحكمية، ولا تنطوي من ثم على مخالفةٍ لمبدأ المساواة الذي رددته الدساتير المصرية المتعاقبة.

وبناءً على ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المطعونَ ضدَّه مستثمرٌ مصري بسوق الأوراق المالية، وكان يقوم باستبدال أمواله من السوق المصرفية، وقد قام باستبدال مبلغ 16175 جنيهًا إسترلينيًّا إلى الجنيه المصري من شركة… للصرافة والأعمال المالية، ثم قام بإيداع مبلغ 90500 جنيه مصري بتاريخ 15/4/1999 لدى شركة… للسمسرة في الأوراق المالية، تحت حساب شراء أسهم البنك التجاري الدولي وشركة إسمنت حلوان، كما قام باسـتبدال مبلغ 3760 جنيهًا إسترلينيًّا إلى الجنيه المصري من شـركة… للصرافة، ثم قام بإيداع مبلغ 18000 جنيه مصري لدى شركة… لتداول الأوراق المالية بتاريخ 27/12/1999، إلا أنه تقدم بطلب إلى البنك المركزي المصري عام 2003 لتحويل قيمة مبالغ استثماراته بالجنيه المصري في سوق الأوراق المالية إلى الدولار الأمريكي عن طريق صندوق الاستثمارات الأجنبية، ولكن طلبه قُوبِل بالرفض، على أساس أن هذا الصندوق يهدف إلى توفير آلية للتحويلات المتعلقة بأنشطة المستثمرين الأجانب لاستثمارها بسوق الأوراق المالية المصري، وهو بذلك يكون من غير المخاطبين بأحكام الصندوق المشار إليه، فضلا عن أن المطعون ضده -على ما سلف بيانه- كان يقوم باستبدال أمواله عن طريق شركات الصرافة، وليس عن طريق البنك المركزي المصري، وفي تاريخ سابق على إنشاء الصندوق المذكور، مما يغدو معه مسلك الجهة الإدارية برفض طلب تحويل أمواله عن طريق صندوق الاستثمارات الأجنبية مطابقًا لصحيح حكم القانون بمنأى عن الإلغاء.

ولا يحاج في هذا الصدد التذرع بمخالفة نظام عمل الصندوق لمبدأ المساواة المقرر دستوريًّا؛ نظرًا لاختلاف المركز القانوني لكلٍّ من المستثمر الأجنبي والمستثمر المصري على التفصيل المبين سالفًا.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه، فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب في هذا الصدد، وخالف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) و(240) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض هذا الطلب، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.

([1]) يراجع في الاتجاه نفسه حكم الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 15 من إبريل سنة 2012 في الطعن رقم 15452 لسنة 52 القضائية عليا (منشور بمجموعة السنة 57 مكتب فني، المبدأ رقم 95/ج)، حيث بينت المحكمة أنه إذا لجأ المدعي إلى لجنة التوفيق بطلب التوصية بإلغاء قرار إداري، ثم لجأ إلى المحكمة طالبا الحكم بإلغاء هذا القرار والتعويض عنه، فإنه لا محل للقول بعدم قبول طلب التعويض لعدم عرضه على لجنة التوفيق؛ ذلك أنه قد أبدي أمام المحكمة مقترنا بطلب الإلغاء، فيطبق عليه ما يطبق على الطلب الأصلي؛ أخذا بمبدأ أن الفرع يتبع الأصل.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV