مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الرابعة – الطعن رقم 5233 لسنة 58 القضائية (عليا)
يوليو 12, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثانية – الطعن رقم 26181 لسنة 53 القضائية (عليا)
يوليو 12, 2021

الدائرة الحادية عشرة – الطعن رقم 10105 لسنة 55 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 16 من فبراير سنة 2014

الطعن رقم 10105 لسنة 55 القضائية (عليا)

(الدائرة الحادية عشرة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكرورى

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضـويــة الســـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ محمد حجــــازى حسن مرسى، وعلاء الدين شهيب أحمد، ود. محمد صبح المتولى أبو المعاطى، وأحمد جمال أحمد عثمان.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) حقوق وحريات– حق الملكية الخاصة- أرخت دساتير مصر المتعاقبة سُدُولَ حمايتِها على حق الملكية الخاصة، وَأَعْلَتْ مكانتَه؛ بحسبانه رافدا من روافد الثروة الوطنية، ومساهما فى صَوْن الأمن الاجتماعى، وكافلا لسبل الإنماء، بما لم يُجِزْ معه الدستور المساس به إلا بِحَبْلٍ من المنفعة العامة، ودون ذلك يفقد حق الملكية ضماناته الجوهرية، ويكون المساس به غصبا لها، وافتئاتا على حق صاحبها، وتجاوزا لحدود القانون، وتغولا عليه قوام صون الملكية الخاصة وحرمتها وحظر العدوان عليها؛ بحسبانها حقا نافذا فى مواجهة الجميع: ألا يجري انتقالها من أصحابها إلى آخرين فى نطاق الروابط بين أشخاص القانون الخاص إلا على وفق أحكام القانون، كما أن هذه الحرمة للملكية الخاصة أوجبت على الدولة وأشخاص القانون العام عدم المساس بها إلا استثناءً، وعلى وفق القانون، وذلك بمراعاة القـــواعد والإجراءات التى تنظم تقرير المنفعة العامة على الملكية الخاصة للعقارات.

– المادة (9) من دستور 1923.

– المادة (9) من دستور 1930.

– المادة (11) من دستور 1956.

– المادة (5) من الدستور المؤقت الصادر عام 1958.

– المادة (16) من دستور 1964.

– المادة (34) من دستور 1971.

– المادة (24) من دستور 2012.

– المادة (35) من دستور 2014.

(ب) قانون– تفسير النصوص التشريعية- الأصل فى تفسير النصوص التشريعية هو أن تحمل على مقاصدها، وأن تفسر عباراتها بما يكشف عن معناها؛ بحسبان أن المعاني التي تدل عليها هذه النصوص التي يتوجب الوقوف عندها هي تلك التي تُعد  كاشفة عما قصده المشرع منها، مبينة حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، وعلى المحكمة حال تفسير النص التشريعى أن تستظهر هذه الإرادة؛ بلوغا لغاية الأمر فيها- المغايرة في النص التشريعي تقتضي لزوما المغايرة في الحكم؛ وإلا كانت النصوص التشريعية تأتي عفو الخاطر، وهو ما يتنزه عنه المشرع- (تطبيق): تخويلُ المشرع رئيسَ الجمهورية في القرار بقانون رقم 252 لسنة 1960 (فى شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات) تقريرَ صفة النفع العام (م/1) والاستيلاء المؤقت على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة (م/2)، دون تفرقة أو مغايرة فى الصياغة بين المادتين، وهو ما كان يعني جواز قيامه بتفويض غيره فى كلا الاختصاصين، ثم مغايرته هذا المنحى في القانون رقم 10 لسنة 1990 (بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة) بمغايرته فى الصياغة، بنصه على جواز تفويض رئيس الجمهورية غيره في إصدار قرار الاستيلاء، حيث ورد بالمادة (14) عبارة “أو من يفوضه”، وعدم إيرادها في نص المادة (2) التي ناطت به تقرير صفة النفع العام؛ يكشف عن نية المشرع فى حظر التفويض في المسألة الأخيرة.

– المادتان رقما (1) و(2) من القرار بقانون رقم 252 لسنة 1960 بشأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات.

– المادتان رقما (2) و(14) من القانون رقم (10) لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.

(ج) نزع الملكية– تقرير المنفعة العامة- يختص رئيس الجمهورية بإصدار قرار بتقرير صفة النفع العام على العقارات المملوكة ملكية خاصة المراد نزع ملكيتها؛ وذلك تقديرا من المشرع لخطورة مباشرة هذا الاختصاص على حق الملكية الذي أسبغ الدستور حمايته- لا يجوز لرئيس الجمهورية تفويض رئيس مجلس الوزراء فى مباشرة هذا الاختصاص.

– المادة (2) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.

(د) تفويض– إذا ناط المشرع بشخص اختصاصا تعين عليه أن يباشره بنفسه؛ فالأصل أن المشرع قد راعى حال توزيع الاختصاصات قدر المسئولية فى مباشرة المختص لها، ومن ثم فلا يسوغ له أن يفوض غيره فى مباشرة ما نيط به من اختصاص، ما لم يجز المشرع هذا التفويض، وإلا كان ذلك تَسَلُّبًا من الاختصاص، وتنصلا من المسئولية.

الإجراءات

فى يوم السبت الموافق 21/2/2009 أودع الأستاذ/… المحامي نائبا عن الأستاذ/… المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 10105 لسنة 55 القضائية عليا، طعنا فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الرابعة بالقاهرة) بجلسة 30/12/2008 فى الدعوى رقم 14698 لسنة 60ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.

وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.

وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 22/9/2013 قررت إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 20/10/2013، وبها نظر، وتدوول الطعن أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 8/12/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/1/2014، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعـــوى رقم 14698 لسنة 60ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) بالقاهرة طالبا في ختامها الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1937 لسنة 2005، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وذكر شرحا للدعوى أنه يمتلك العقار رقم 71 شارع الجسر بشبرا، المؤجر لوزارة الصحة، ويستعمل مركزا لرعاية الطفل بالترعة البولاقية، إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه بتقرير صفة النفع العام على هذا العقار، ونزع ملكيته، والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على أرض ومباني هذا العقار لمصلحة مديرية الصحة بالقاهرة دون سند من الواقع أو القانون، وليس إلا نتيجة لصدور حكم نهائي ضد جهة الإدارة بهدم العقار المذكور سالفا، وقيام الطاعن باستخدام حقه القانوني في تنفيذ هذا الحكم، ومن ثم أقام الدعوى للحكم له بطلباته المبينة سالفا.

………………………………………………..

وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت الحكم المطعون فيه، وشيدته على أسباب حاصلها توفر شرائط اللجوء إلى طريق نزع ملكية العقار بتوفر شرط اللزوم للمنفعة العامة، متمثلا في استخدام المبنى للخدمات الصحية التي تتكفل بها الدولة للمناطق الشعبية، والتي تعد منطقة شبرا نموذجا لها، وكذلك شرط الضرورة الملجئة بحسبان صدور حكم نهائي بهدم المبنى، وهو ما ثبت معه لتلك المحكمة أن القرار المطعون فيه صدر متفقا وصحيح حكم القانون، وخلصت من ثم إلى قضائها الطعين المبين سالفا.

………………………………………………..

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن، فقد أقام الطعن الماثل ناعيا عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه استنادا إلى أسباب حاصلها انتفاء العلة من تقرير صفة النفع العام على العقار محل النزاع؛ لوجود مستشفيات عامة في الحي نفسه تؤدي الخدمة ذاتها، وعدم مشروعية القرار المطعون فيه؛ لأن الغاية من إصداره هي التهرب من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بهدم العقار محل النزاع، وعدم إيداع نماذج نقل ملكية العقار أو قرار نزع ملكيته مكتب الشهر العقارى المختص خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المطعون فيه. وخلص الطاعن إلى طلباته المذكورة سالفا.

………………………………………………..

وحيث إن المادة رقم (1) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تنص على أن: “يجرى نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويض عنه وفقا لأحكام هذا القانون”.

وتنص المادة (2) منه على أن: “يعد من أعمال المنفعة العامة فى تطبيق أحكام هذا القانون: أولا:… سابعا: أغراض التخطيط العمرانى وتحسين المرافق العامة… ويكون تقرير المنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية، مرفقا به: أ- مذكرة ببيان المشروع المطلوب تنفيذه.   ب- رسم بالتخطيط الإجمالي للمشروع وللعقارات اللازمة له”.

وتنص المادة (3) منه على أن: “ينشر القرار المقرر للمنفعة العامة مع صورة من المذكرة المشار إليها في المادة (2) من هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويلصق فى المحل المعد للإعلانات بالمقار الرئيسية لوحدات الإدارة المحلية، وفى مقر العمدة أو الشرطة، وفى المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار”.

وتنص المادة (11) منه على أن: “يوقع أصحاب العقارات والحقوق التي لم تقدم فى شأنها معارضات على نماذج خاصة بنقل ملكيتها للمنفعة العامة، أما الممتلكات التى يتعذر فيها ذلك لأي سبب كان فيصدر بنزع ملكيتها قرار من الوزير المختص، وتودع النماذج أو القرار الوزارى فى مكتب الشهر العقارى المختص، ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة للعقارات الواردة بها جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع…”.

وتنص المادة (12) منه على أن: “إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزارى طبقا للإجراءات المنصوص عليها فى المادة السابقة خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة فى الجريدة الرسمية، عُدَّ القرار كأن لم يكن بالنسبة للعقارات التى لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها”.

وتنص المادة (14) منه على أن: “يكون للجهة طالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه ينشر فى الجريدة الرسمية، ويشمل بيانا إجماليا بالعقار واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة… ويترتب على نشر قرار الاستيلاء اعتبار العقارات مخصصة للمنفعة العامة…”.

وحيث إنه باستعراض حق الملكية فى دساتير مصر المتعاقبة يبين أن المادة (9) من دستور 1923 كانت تنص على أن: “للملكية حرمة، فلا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة فى القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا”، وهو النص نفسه في المادة (9) من دستور 1930، ونصت المادة (11) من دستور 1956 على أن: “الملكية الخاصة مصونة، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عــــادل وفقا للقانون”، وهو النص نفسه في المادة (5) من الدستور المؤقت الصادر عام 1958، والمادة (16) من دستور 1964، ونصت المــــادة (34) من دستور 1971 على أن: “الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحـــوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعــــة العامة، ومقـــابل تعويض عادل وفقا للقانون، وحق الإرث فيها مكفول”، كما نصت المادة (24) من دستور 2012 على أن: “الملكية الخاصة مصونة، تؤدي وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد الوطني دون انحراف أو احتكار، وحق الإرث فيها مكفــول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائي، ولا تنزع إلا للمنفعـــة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدما، وذلك كله وفقا لما ينظمه القانون”، وتنص المادة (35) من دستور 2014 على أن: “الملكية الخاصة مصونة، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجــــوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائي، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل يدفع مقدما وفقا للقانون”.

وحيث إن مفاد ما تقدم أن حق الملكية الخاصة تَمَتْرَسَ خلف تُخُومِ الدستور الذى أرخى سُدُولَ حمايتِه عليه، وأَعْلَى مكانته؛ بحسبانه رافدا من روافد الثروة الوطنية، ومساهما فى صون الأمن الاجتماعى، وكافلا لسبل الإنماء، بما لم يُجِزْ معه الدستور المساس به إلا بِحَبْلٍ من المنفعة العامة، ودون ذلك يفقد حق الملكية ضماناته الجوهرية، ويكون المساس به غصبا لها، وافتئاتا على حق صاحبها، وتجاوزا لحدود القانون، وتغولا عليه.

وحيث إن قوام صون الملكية الخاصة، وحرمتها، وحظر العدوان عليها؛ بحسبانها حقا نافذا في مواجهة الجميع، ألا يجري انتقالها من أصحابها إلى آخرين فى نطاق الروابط بين أشخاص القانون الخاص إلا على وفق أحكام القانون، كما أن هذه الحرمة للملكية الخاصة أوجبت على الدولة وأشخاص القانون العام عدم المساس بها إلا استثناءً، وعلى وفق القانون، وذلك بمراعاة القـــواعد والإجراءات التى تنظم تقرير المنفعة العامة على الملكية الخاصة للعقارات.

وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 10 لسنة 1990 المشار إليه تنص على أن: “يجرى نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويض عنه وفقا لأحكام هذا القانون”.

وتنص المادة (2) على أن: “يعد من أعمال المنفعة العامة فى تطبيق أحكام هذا القانون: أولا: إنشاء الطرق والشوارع والميادين أو توسيعها أو تعديلها أو تمديدها أو إنشاء أحياء جديدة… ويكون تقرير المنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية مرفقا به: (أ) مذكرة ببيان المشروع المطلوب تنفيذه. (ب) رسم بالتخطيط الاجمالى للمشروع وللعقارات اللازمة له”، وتضيف المادة (3) من القانون: “ينشر القرار المقرر للمنفعة العامة مع صورة من المذكرة المشار إليها فى المادة (2) من هذا القانون فى الجريدة الرسمية، ويلصق فى المحل المعد للإعــــلانات بالمقار الرئيسية لوحــــدات الإدارة المحلية، وفى مقر العمدة أو الشرطة، وفى المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار”.

وحيث إن الأصل فى تفسير النصوص التشريعية هو أن تحمل على مقاصدها، وأن تفسر عباراتها بما يكشف عن معناها؛ بحسبان أن المعانى التى تدل عليها هذه النصوص التى يتوجب الوقوف عندها هي تلك التى تعد كاشفة عما قصده المشرع منها، مبينةً حقيقةَ وِجْهَتِهِ وغايتَهُ من إيرادِها، وعلى المحكمة حال تفسير النص التشريعي أن تستظهر هذه الإرادة بلوغا لغاية الأمر فيها.

ولما كان ذلك وكان المشرع قد نظم نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة بمقتضى القانون رقم 10 لسنة 1990، وحدد فى المادة (2) منه أوجه المنفعة العامة التى يجري نزع ملكية العقارات من أجل تحقيقها، وجعل تقرير المنفعة العامة ملك يد رئيس الجمهورية، يجريه بما يتفق والمصلحة العامة، وبما لا غَوْل فيه على الملكية الخاصة.

وحيث إن المشرع إذا ناط بشخص اختصاصا تعين عليه أن يباشره بنفسه، إذ إن الأصل هو أن المشرع قد راعى حال توزيع الاختصاصات قدر المسئولية فى مباشرة المختص لها، ومن ثم فلا يسوغ له من بعد أن يفوض غيره فى مباشرة ما نيط به من اختصاص، ما لم يجز المشرع هذا التفويض، وإلا كان ذلك تسلبا من الاختصاص، وتنصلا من المسئولية.

ولما كان ذلك وكان المشرع قد ناط برئيس الجمهورية بموجب المادة (2) من القانون رقم 10 لسنة 1990 الاختصاص بتقرير المنفعة العامة على العقارات المملوكة ملكية خاصة المراد نزع ملكيتها؛ وذلك تقديرا من المشرع لخطورة مباشرة هذا الاختصاص على حق الملكية الذى أسبغ الدستور حمايته عليه، فمن ثم لا يجوز له تفويض رئيس مجلس الوزراء فى مباشرة هذا الاختصاص، يؤكد ذلك ويعضده أن المشرع حين رخص فى المادة (14) من القانون المشار إليه آنفا للجهة طالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية، أجاز له أن يفوض غيره فى مباشرة هذا الاختصاص بنص صريح أورده فى النص نفسه، وهو ما خلا منه نص المادة (2) المذكورة سالفا، وهي مُغايَرةٌ تقتضي لزوما مُغايَرةً فى الحكم، وإلا كانت النصوص التشريعية تأتي عفو الخاطر، وهو ما يتنزه عنه المشرع، خاصة إذا ما أفصح عن مقصده صراحة عندما أعاد تنظيم الأمور، فبعد أن كانت نصوص القرار بقانون رقم 252 لسنة 1960 فى شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة، والاستيلاء على العقارات، تخول رئيس الجمهورية تقرير صفة النفع العام (م/1) والاستيلاء المؤقت على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة (م/2) دون تفرقة أو مغايرة فى الصياغة، وهو ما كان يتيح له التفويض فى كلا الاختصاصين، جاء القانون الحالى رقم 10 لسنة 1990 بمغايرة فى الصياغة، فأجاز لرئيس الجمهورية التفويض في الاستيلاء، إذ أورد بالمادة (14) عبارة: “أو من يفوضه”، والتى لم ترد فى نص المادة (2) التى ناطت به تقرير صفة النفع العام، وهو ما يكشف عن نية المشرع فى حظر التفويض فى المسألة الأخيرة.

وحيث إن الثابت من الأوراق أن القرار الطعين رقم 1937 لسنة 2005 بتقرير صفة النفع العام، ونزع الملكية، والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على أرض ومباني العقار رقم 71 شارع الجسر بشبرا محافظة القاهرة لمصلحة مديرية الشئون الصحية قد صدر عن رئيس مجلس الوزراء بسند من قرار رئيس الجمهورية رقم 209 لسنة 2004 بالتفويض فى بعض الاختصاصات، فمن ثم يكون القرار الطعين قد صدر مخالفا للقانون؛ لصدوره عن غير مختص، متعديا به على حق دستورى للطاعن، وإذ خالف الحكم الطعين ذلك، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، وأخطأ فى تفسيره وتأويله، وبات متعين الإلغاء.                   

وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين، وبإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإداريـــة المصروفــــات عن درجتي التقاضي.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV