مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الرابعة – دعويا البطلان الأصليتان المقيدتان برقمي 69 و 755 لسنة 63 القضائية (عليا)
يونيو 22, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 33392 لسنة 61 القضائية (عليا)
يونيو 22, 2021

الدائرة الخامسة – الطعن رقم 11543 لسنة 54 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 29 من سبتمبر سنة 2015

الطعن رقم 11543 لسنة 54 القضائية (عليا)

(الدائرة الخامسة)

برئاسة السيد الأسـتاذ المستشار الدكتور/ هانئ أحمد الدرديري عبد الفتاح

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأسـاتذة المستشارين/ سعيد سيد أحمد القصير، وجعفر محمد قاسم عبد الحميد، وعبد الفتاح أمين عوض الله، وأشرف حسن أحمد حسن.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) قانون– نفاذ القانون من حيث الزمان- الأثر الرجعي والأثر المباشر للقانون- القانون بوجهٍ عام يحكمُ الوقائعَ والمراكز التي تقع تحت سلطانه، أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه، وهذا هو مجال تطبيقه الزمني- يطبق القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز التي تقع أو تتمُّ بعد نفاذه, ولا يطبق بأثر رجعي على الوقائع أو المراكز التي وقعت وتمَّتْ قبل نفاذه, إلا بنصٍّ صريح يُقرِّر الأثر الرجعي, وبأغلبية خاصة- قاعدة نفاذ القانون من حيث الزمان لها وجهان: وجه سلبي: يتمثل في انعدام أثره الرجعي, ووجه إيجابي: ينحصر في أثره المباشر- بالنسبة إلى عدم الرجعية: فإن القانون الجديد لا يحكم ما تمَّ في ظل الماضي، فإذا كان الوضع القانوني قد تَكَوَّن أو انقضى في ظل القانون القديم, فلا يملك القانون الجديد المساس به- أما بالنسبة للأثر المباشر: فإن القانون الجديد تبدأ ولايتُه من يوم نفاذه, ليس فقط على ما سوف ينشأ من أوضاعٍ قانونية, ولكن كذلك على الأوضاع التي بدأ تكوينُها في ظل القانون القديم ولم يتم تكوينُها أو لم يتم انقضاؤها إلا في ظل القانون الجديد.

(ب) قانون– المواعيد الإجرائية- تحديد النطاق الزمني للنصوص القانونية التي تحكم وتحدِّد المواعيد الإجرائية، ووقائع أو تواريخ بدء نفاذها- القاعدة القانونية التي تتناول المواعيد هي قاعدة مركبة, تنطوي على تحديد الميعاد بمدة زمنية معينة, ولا تكتمل القاعدة ولا يكون لها معنى أو قيمة ما لم تحدِّد الواقعة أو التاريخ الذي يبدأ منه نفاذ هذا الميعاد- بدء الميعاد هو الواقعة الأهم عند تطبيق تلك النصوص، ويمثل واقعة متكاملة بذاتها- إذا بدأَ نفاذ ميعادٍ في ظل قاعدة قانونية تُحدِّد مدته الزمنية, وواقعة أو تاريخ بدء نفاذه, كانت تلك القاعدة هي الواجبة التطبيق, سواءً فيما يتعلق بتحديد المدة, أو واقعة بدء نفاذها, وحتى اكتمال المدة وانتهائها، فإذا ما تقرَّرت قاعدة قانونية جديدة تتناول الموضوع نفسه, مقرِّرة مدةً زمنية أخرى للميعاد, أو محدِّدة واقعةً أو تاريخًا آخرَ لبدء نفاذ الميعاد, فلا تطبيق لتلك القاعدة إلا على المواعيد التي يبدأ نفاذها في ظل العمل بأحكامها- القول بغير ذلك يمثل إعمالا لأثر رجعي للقاعدة القانونية الجديدة، كما أنه يرتب نتيجة يأباها العدل والمنطق القانوني.

(ج) علامة تجارية– تسجيل العلامة- الاعتراض على تسجيلها- إذا كان قد بدأ ميعاد الاعتراض على تسجيل العلامة في ظل العمل بأحكام القانون رقم (57) لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية، ثم صدر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية (الذي ألغى ذلك القانون) وبدأ العمل به أثناء نفاذ ميعاد الاعتراض، فإن الميعاد الذي يجب حسابه هو ذاك الذي كان مقررا في ظل العمل بالقانون القديم.

– المادة (12) من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية).

– المادتان (16) و(17) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 57 لسنة 1939 المشار إليه، الصادرة بقرار وزير التجارة والصناعة رقم (239) لسنة 1939، معدَّلة بموجب القرارات أرقام 176 لسنة 1940 و22 لسنة 1951 و240 لسنة 1952.

– المادتان الثانية والرابعة (إصدار)، والمادة (80) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، الصادر بالقانون رقم (82) لسنة 2002.

الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 16/3/2008 أودع الأستاذ/… المحامي, نائبًا عن الأستاذ/… المحامي المقبول أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا وكيلا عن الطاعنة, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السابعة) بجلسة 19/1/2008 في الدعوى رقم 27461 لسنة 60ق, الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعية بصفتها المصروفات.

وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن أن تحكم دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه, وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة لتقضي في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، ورفض تسجيل العلامة 120318 على الفئة (3)، واحتياطيًا: القضاء مجددًا بقبول الدعوى وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض تسجيل العلامة 120318 على الفئة (3)، وشطب تسجيل هذه العلامة ومحوها من سجلات إدارة العلامات التجارية.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن, ارتأت في ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه لبطلانه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيها مجددًا بهيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات.

وقد تدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة, على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/10/2014 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا (موضوع) لنظره بجلسة 6/12/2014 وعلى السكرتارية إخطار الخصوم بميعاد الجلسة، وقد نظرت هذه المحكمة الطعن بالجلسة المحددة في 6/12/2014, وتدوول نظره أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 13/6/2015 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 29/9/2015, وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

حيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونًا, مستوفيًا جميع أوضاعه الشكلية المقررة, فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه وبتاريخ 24/5/2006 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 27461 لسنة 60ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة, طالبة في ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ووقف تسجيل العلامة رقم 120318، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض تسجيل تلك العلامة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وذكرت المدعية (الطاعنة في الطعن الماثل) شرحًا لدعواها, أنها فوجئت بتاريخ 30/4/2002 بصدور العدد رقم 738 من جريدة العلامات التجارية متضمنًا وجود العلامة رقم 120318, وهى عبارة عن كلمة (فازلين) باسم الشركة المدعى عليها الرابعة, فقامت المدعية بالمعارضة في تسجيل هذه العلامة لتشابهها مع علامتها التجارية رقم 85711, وبتاريخ 15/4/2006 أصدرت إدارة العلامات التجارية قرارها بقبول المعارضة شكلا، وفي الموضوع بالسير في إجراءات تسجيل العلامة 120318، ونعت المدعية على القرار المطعون فيه الصادر في المعارضة المذكورة أنه جاء مخالفًا لأحكام القانون, بما يحق لها معه أن تطعن عليه لوقف تنفيذه وإلغائه، واختتمت المدعية صحيفة دعواها بطلباتها سالفة الذكر.

………………………………………………….

وبجلسة 19/1/2008 حكمت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة السابعة) بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعية بصفتها المصروفات، وقد شيَّدت المحكمة قضاءها -بعد أن استعرضت بعض نصوص قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002- على أن الثابت في الأوراق أن قرار قبول طلب تسجيل العلامة التجارية رقم 120318 باسم الشركة المدعى عليها الرابعة قد نُشر بجريدة العلامات التجارية العدد رقم 738 بتاريخ 30/4/2002, وتقدمت المدعية بإخطار معارضة في ذلك القرار إلى مصلحة التسجيل التجاري بتاريخ 2/7/2002, أي بعد مضي أكثر من ستين يومًا على نشر القرار بجريدة العلامات التجارية, مما يكون معه ذلك الاعتراض موجهًا إلى قرار قد اكتسب حصانة نهائية, تعصمه من الإلغاء, حماية للمراكز القانونية التي تكون قد نشأت بناء على ذلك، والثابت أن مصلحة التسجيل قد قامت بتسجيل العلامة التجارية المذكورة بصفة نهائية باسم الشركة المدعى عليها, الأمر الذي يتعين معه -في ضوء ما تقدم- القضاء برفض الدعوى.

………………………………………………….

وإذ لم يلقَ هذا الحكم قبولا لدى الطاعنة, فقد طعنت عليه بالطعن الماثل, تأسيسًا على خطأ الحكم في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال, وذلك على سند من أن ميعاد المعارضة الصادر بشأنها القرار محل الطعن قد بدأ قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 82 لسنة 2002, وبذلك يطبق بشأن هذا الميعاد القانون رقم 57 لسنة 1939, ولائحته التنفيذية, والتي حددت ميعاد المعارضة بثلاثة أشهر، وأن العلامة محل المنازعة لا تحمل طابعًا مميزًا, ولا يوجد بها أي ألوان أو شكل مميز أو رسم معين, كما أنها علامة ليست جديدة لسابقة تسجيلها أكثر من مرة، كما أن العلامة ليست سوى اسم (فازلين), مكتوبة باللغة الإنجليزية فقط, في أسفلها حرف (v) داخل مستطيل, وأن اسم (فازلين) هو التسمية التي جرى العرف في مصر على إطلاقها على المادة الشحمية التي تستخرج من النفط, وبذلك لا يجوز تسجيل هذا الاسم كعلامة, باعتبارها اسم جنس، واختتم تقرير الطعن بالطلبات السالف بيانها في الإجراءات.

………………………………………………….

وحيث إن المادة (12) من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية تنص على أنه: “يجب على إدارة التسجيل في حالة قبول العلامة الإشهار عنها بالكيفية المقررة في اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ويجوز لصاحب الشأن أن يقدم للإدارة في الميعاد الذي تحدده اللائحة التنفيذية إخطارًا كتابيًا بمعارضته في تسجيل العلامة مشتملا على أسباب المعارضة …”.

وتنص المادة (16) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 57 لسنة 1939 المشار إليه, الصادرة بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 239 لسنة 1939, والمعدَّلة بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 240 لسنة 1952, على أنه: “في حالة قبول العلامة يقوم مدير الإدارة بإشهارها في (جريدة العلامات التجارية)…”.

وتنص المادة (17) من اللائحة التنفيذية المشار إليها, المعدلة بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 176 لسنة 1940, وقراره رقم 22 لسنة 1951, على أن: “يقدم إخطار المعارضة في تسجيل العلامة إلى مدير الإدارة من أصل وصورة على الاستمارة المعدة لذلك في ميعاد ثلاثة أشهر من تاريخ إشهارها…”.

وتنص المادة الثانية من القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية على أن: “تُلغى القوانين الآتية: (أ) القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات والبيانات التجارية…”.

وتنص المادة الرابعة من قانون الإصدار رقم 82 لسنة 2002 المشار إليه على أن: “يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره، عدا أحكام براءات الاختراع الخاصة بالمنتجات الكيميائية المتعلقة بالأغذية، والمنتجات الكيميائية الصيدلية والكائنات الدقيقة والمنتجات التي لم تكن محل حماية قبل صدور هذا القانون, فيُعمل بها اعتبارًا من أول يناير سنة 2005، وذلك دون الإخلال بأحكام المادتين (44 و45) من القانون المرافق”.

وتنص المادة (80) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002 المذكور على أنه: “يجب على المصلحة نشر قرار قبول طلب تسجيل العلامة في جريدة العلامات التجارية والتصميمات والنماذج الصناعية، وذلك بالكيفية التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

ويجوز لكل ذي شأن أن يعترض كتابة على تسجيل العلامة بإخطار يوجه إلى المصلحة متضمنًا أسباب الاعتراض وذلك خلال ستين يومًا من تاريخ النشر وفقًا للأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون…”.

وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع بموجب القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية، أوجب على إدارة التسجيل في حالة قبول العلامة التجارية الإشهار عنها بالكيفية المقررة في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 57 لسنة 1939, وقد قررت تلك اللائحة أن يتم الإشهار في جريدة العلامات التجارية، وقد أجاز القانون المذكور لكل صاحب شأن أن يتقدم بمعارضة كتابية مسببة في تسجيل العلامة في الميعاد الذي تحدده اللائحة التنفيذية, والتي حددت هذا الميعاد بثلاثة أشهر من تاريخ إشهار العلامة، ثم صدر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية بالقانون رقم 82 لسنة 2002, ناصًا في مادته الثانية من مواد إصداره على إلغاء القانون رقم 57 لسنة 1939 المشار إليه، كما نصت المادة الرابعة من مواد قانون الإصدار رقم 82 لسنة 2002 المذكور سالفًا على أن يُعمل به اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشره -عدا بعض الأحكام الخاصة ببراءات الاختراع- وقد نُشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بالعدد (22 مكررًا) في 2 يونيه سنة 2002، أي يُعمل به اعتبارا من 3 يونيه سنة 2002، وقد قرر المشرع في المادة (80) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 وجوب نشر قرار قبول طلب تسجيل العلامة التجارية في جريدة العلامات التجارية والتصميمات والنماذج الصناعية، وأجاز لكل ذي شأن أن يتقدم باعتراض كتابي مسبب على تسجيل العلامة وذلك خلال ستين يومًا من تاريخ النشر، مغايرًا في ذلك عن ميعاد المعارضة المقرر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939 ولائحته التنفيذية, وهو ثلاثة أشهر من تاريخ النشر (الإشهار), وذلك على النحو السالف بيانه.

وحيث إن المستقر عليه أن القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز التي تقع تحت سلطانه، أي في الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه، وهذا هو مجال تطبيقه الزمني، ويسري القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز التي تقع أو تتمُّ بعد نفاذه، ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع أو المراكز القانونية التي وقعت أو تمَّتْ قبل نفاذه إلا بنص صريح يقرر الأثر الرجعي، فالأصل في القاعدة القانونية أنها لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، واستثناءً من هذا الأصل يجوز أن تسري القاعدة القانونية بأثر رجعي على الوقائع السابقة عليها حال النص على ذلك في القانون بأغلبية خاصة أكثر من الأغلبية العادية، فقاعدة سريان القانون من حيث الزمان لها في الحقيقة وجهان: (وجه سلبي) يتمثل في انعدام أثره الرجعي, (ووجه إيجابي) ينحصر في أثره المباشر, فبالنسبة إلى عدم الرجعية فإن القانون الجديد ليس له أثر رجعي, أي إنه لا يحكم ما تم في ظل الماضي، فإذا كان الوضع القانوني قد تكّون أو انقضى في ظل القانون القديم, فلا يملك القانون الجديد المساس بهذا الوضع، أما بالنسبة للأثر المباشر فإنه وإن كان القانون الجديد ليس له أثر رجعي, إلا أن تقرير هذا المبدأ وحده لا يكفي لحل التنازع بين القوانين في الزمان، فالقانون الجديد بما له من أثر مباشر تبدأ ولايته من يوم نفاذه، ليس فقط على ما سوف ينشأ من أوضاع قانونية في ظله, ولكن كذلك على الأوضاع القانونية التي بدأ تكوينها في ظل القانون القديم ولم يتم هذا التكوين, أو لم يتم انقضاء هذه الأوضاع إلا في ظل القانون الجديد.

وحيث إنه ولئن كان تحديد مفهوم النطاق الزمني للقاعدة القانونية على النحو المتقدم يمثل الفهم المستقر عليه بوجه عام، إلا أن مسألة تحديد النطاق الزمني للنصوص القانونية التي تحكم وتحدد المواعيد الإجرائية, ووقائع أو تواريخ بدء سريانها, يتعين تناولها بفهم خاص لما لهذه النصوص من طبيعة إجرائية, وما يثيره تغيير النصوص المتعاقبة لتلك المواعيد أو الوقائع أو التواريخ من إشكاليات، وفي هذا الإطار نجد أن القاعدة القانونية التي تتناول المواعيد إنما هي في حقيقتها قاعدة مركبة, لا تنطوي فقط على تحديد الميعاد بمدة معينة, أي بمدة زمنية مجردة، بل لا تكتمل القاعدة, ولا يكون لها من معنى أو قيمة, ما لم يصحب تحديد المدة الزمنية تحديد الواقعة (أو التاريخ) التي يبدأ منها سريان هذا الميعاد، وإلا أضحى تحديد المدة بشكل زمني مجرد أمر عبثي غير قابل للتطبيق؛ لعدم تحديد متى يبدأ هذا الميعاد, وبالتالي متى ينتهي، وبذلك يكون بدء الميعاد هو الواقعة الأهم عند تطبيق النصوص الخاصة بتحديد المواعيد, فبدء الميعاد يمثل واقعة متكاملة بذاتها، ومن ثم كان من مقتضيات المنطق القانوني السليم أنه إذا ما بدأ سريانُ ميعادٍ في ظل قاعدة قانونية تحدِّد المدة الزمنية لهذا الميعاد والواقعة (أو التاريخ) الذي يبدأ منها سريانه, كانت تلك القاعدة هي الحاكمة والواجبة التطبيق, سواء فيما يتعلق بتحديد المدة أو واقعة أو تاريخ بدء سريانها, وحتى اكتمال تلك المدة وانتهائها، فإذا ما تقررت قاعدة قانونية جديدة, تتناول الموضوع ذاته, مُقرِّرةً مدة زمنية أخرى للميعاد, أو تحدد واقعة أو تاريخًا آخرَ يبدأ منه سريان هذا الميعاد, فلا تطبيق لتلك القاعدة إلا على المواعيد التي يبدأ سريانها في ظل العمل بأحكامها، والقول بغير ذلك (أي القول بسريان القاعدة القانونية الجديدة على المواعيد التي بدأ سريانُها في ظل العمل بقاعدة قانونية سابقة) يمثل إعمالا لأثر رجعي للقاعدة القانونية الجديدة -وهو أمر منهي عنه, ما لم تتبع الإجراءات والقواعد المقررة لإعمال الأثر الرجعي-، بإنزال أحكامها وتطبيقها على وقائع سابقة على تاريخ العمل بها, وهي واقعة بدء ميعاد أو تحديد الواقعة أو التاريخ المقرر لبدء سريان الميعاد، وهي كلها وقائع سابقة وتحققت ورتبت أوضاعًا قانونية لذوي الشأن قبل تاريخ العمل بالقاعدة القانونية الجديدة، فقواعد العدالة تقتضي أن يظل صاحب الشأن محكومًا بالقاعدة القانونية التي بدأ الميعاد المحدد بها في ظل العمل بأحكامها, فهو لازال في فسحة من وقته لاتخاذ الإجراء المحدد له هذا الميعاد, حتى انتهائه طبقًا لذات القاعدة التي بدأ الميعادُ في ظلها، وليس من العدالة في شيء أن يُفاجَأ بقاعدةٍ قانونية أخرى, لا شأن ولا علم له بإجراءات إصدارها, تضع مدةً أقل لهذا الميعاد, أو تُحدِّد واقعةً أو تاريخًا آخرَ لسريانه، بما قد يترتب عليه حَالَ القولِ بتطبيقِ تلك القاعدة الجديدة عليه فواتُ حقِّه في اتخاذ الإجراء في الميعاد المحدَّد له، وهى نتيجة لا تتفق مع العدل والمنطق القانوني، كما أنه لا وجه للقول تفاديًا لمثل هذه النتيجة بأن الميعاد الذي تتضمنه القاعدة الجديدة يبدأ من تاريخ العمل بهذه القاعدة؛ ذلك أن هذا القول مردود عليه بأن تحديد المواعيد والوقائع والتواريخ التي يبدأ منها سريان المواعيد بصفة عامة, هي مسألة محجوزة لإرادة المشرع, ولا مجال للاجتهاد فيها، ومن ثم فإن هذا القول يحتاج إلى نص تشريعي يقرِّره، فإذا ما سكت المشرِّعُ عن تقرير وإيراد مثل هذا النص, وحدَّد واقعة أخرى يبدأ منها سريان الميعاد, فلا مجال حينئذ لطرح هذا القول، ولعل هذا هو ما حدا بالمشرِّع عند إصداره قانون المرافعات المدنية والتجارية (الحالي) الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968, وبعد أن نص في صدر المادة (1) منه على أن تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فُصِلَ فيه من الدعاوى, أو ما لم يكن تمَّ من إجراءاتٍ قبل تاريخ العمل بها، أن يستثني من هذا الحكم بعض الحالات التي منها القوانينُ المعدِّلةُ للمواعيد, متى كان الميعادُ قد بدأ قبل تاريخ العمل بها.

وحيث إنه متى كان ما تقدم, وكان الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة من الجهة الإدارية إبان نظر الدعوى الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه, أنه وبتاريخ 21/2/1998 تقدمت شركة يونيلفير بي. إل. سي. (المطعون ضده الرابع) بطلب لتسجيل العلامة التجارية رقم 120318، وقررت مصلحة التسجيل التجاري قبولها, وأشهر عنها في العدد رقم 738 من جريدة العلامات التجارية الصادرة في 30/4/2002، وبتاريخ 2/7/2002 تقدمت الطاعنة بمعارضة في تسجيل هذه العلامة، ومن ثم تكون هذه المعارضة قد قدمت في الميعاد المقرر قانونًا, وهو ثلاثة أشهر من تاريخ إشهار العلامة في جريدة العلامات التجارية, وذلك وفقًا لأحكام قانون العلامات والبيانات التجارية رقم 57 لسنة 1939, ولائحته التنفيذية المشار إليها، وهى الأحكام الواجبة التطبيق في الحالة المعروضة, بحسبان بدء الميعاد المقرر للمعارضة في ظل العمل بهذه الأحكام، وقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة, مقررًا أن المعارضة المذكورة قدمت بعد مضي أكثر من ستين يومًا على نشر القرار بجريدة العلامات التجارية, مما يكون معه ذلك الاعتراض مُوجَّهًا إلى قرار قد اكتسب حصانة نهائية, تعصمه من الإلغاء, حماية للمراكز القانونية التي تكون قد نشأت بناءً على ذلك، وانتهى الحكم إلى رفض الدعوى موضوعًا، وإذا استند الحكم المطعون فيه فيما تقدم إلى أحكام قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002, والذي حدد ميعاد المعارضة بستين يومًا من تاريخ نشر قرار قبول طلب تسجيل العلامة في جريدة العلامات التجارية والتصميمات والنماذج الصناعية، فإن هذا الحكم يكون قد طَبَّقَ على النـزاع الماثل قانونًا غير واجب التطبيق, باعتبار أن هذا القانون رقم 82 لسنة 2002 بدأ العمل به اعتبارًا من 3/6/2002, أي في تاريخٍ لاحق على بدء سريان ميعاد المعارضة في حق الطاعنة اعتبارًا من 30/4/2002، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفًا لصحيح حكم القانون, مما يتعين معه القضاء بإلغائه, والأمر بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها بهيئة مغايرة في ضوء ما انتهت إليه هذه المحكمة من أن النصوص التي تحكم مواعيد المعارضة في قبول تسجيل العلامة في المنازعة الماثلة هي نصوص القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية ولائحته التنفيذية, وليس نصوص قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، ولذلك ولكون الطعن غير مهيأ للفصل فيه، وحتى لا تفوت إحدى درجات التقاضي على الخصوم، مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة لتفصل فيها بهيئة مغايرة، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وأبقت الفصل في المصروفات.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV