برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضـــويـة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ أحمد منصور محمد منصور، وأحمد عبد الراضي محمد، وجمال يوسف زكي علي، والسيد محمد محمود رمضان.
نــواب رئيس مجلس الدولـة
(أ) عقد إداري– عقد المقاولة- ضمان الأعمال- يعد المقاول مسئولا عن سلامة جميع الأعمال التي أقامها لمدة سنة واحدة من تاريخ التسليم المؤقت- هذا الضمان لا يخل بالضمان العشري المنصوص عليه في القانون المدني، والذي يلتزم المقاول بموجبه بضمان سلامة البناء والمنشآت التي أقامها من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التي يترتب عليها تهديد البناء والنيل من سلامته، ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض نفسها، لمدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ التسليم النهائي– التزام المقاول والمهندس المعماري بهذا الضمان هو التزام بنتيجة، مؤداها بقاء البناء الذي يشيدانه سليما ومتينا لمدة عشر سنوات بعد تسليمه، ويثبت الإخلال بهذا الالتزام بمجرد إثبات عدم تحقق تلك النتيجة بجميع طرق الإثبات باعتباره واقعة مادية، دون حاجة لإثبات خطأ ما في جانبهما- تسقط دعوى الضمان العشري بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب، وتنقطع هذه المدة برفع الدعوى الموضوعية، وبإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان.
– المادتان رقما (651) و(654) من القانون المدني.
– المادة رقم (86) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983.
(ب) تقادم– النزول عن الحق في التقادم- ماهيته- هو عمل قانوني من جانب من له الحق في التقادم، يتم بإرادته المنفردة بعد ثبوت الحق فيه- لا يخضع النزول عن التقادم لأي شروط شكلية، فيقع صراحة بأي تعبير عن الإرادة يفيد معناه، ويجوز أن يكون ضمنيا يستخلص من أية دلالة واقعية تظهر منها هذه الإرادة بوضوح لا غموض فيه نافية لمشيئة التمسك به- متى صدر هذا التنازل كان باتا لا يجوز الرجوع فيه، ومن وقت صدوره يبدأ تقادم جديد تكون مدته مماثلة لمدة التقادم الأصلي.
– المادة (388) من القانون المدني.
(ج) دعوى– دفوع في الدعوى- الدفع بسقوط الحق في إقامتها بالتقادم- الدفع بالتقادم من الدفوع الموضوعية التي يجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة الطعن([1])، وتستنفد به محكمة أول درجة ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى- الطعن على الحكم بسقوط الدعوى بالتقادم يطرح الخصومة من جديد أمام محكمة الطعن بما تضمنته من طلبات وأوجه دفاع- لا يجوز لمحكمة الطعن أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة إذا ألغت الحكم الصادر بسقوط الدعوى بالتقادم، بل تلتزم بالفصل في موضوعها.
– المادة (387/2) من القانون المدني.
(د) إثبات– ندب خبير- رأي الخبير لا يقيد المحكمة ولا يلزمها الأخذ به لتكوين عقيدتها للفصل في الدعوى.
(هـ) عقد إداري– تنفيذه- الفوائد القانونية- حق المتعاقد مع الإدارة في التعويض عن التأخر في صرف المبالغ المستحقة طبقا لأحكام العقد يكون على وفق ما تقضي به المادة (226) من القانون المدني، ولا وجه لإلزام الإدارة دفع التعويض على نحو مغاير، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، ولم يثبت الدائن أن الضرر الذي أصابه تجاوز هذا القدر- عقد مقاولة الأعمال من المسائل التجارية، فتكون الفوائد المستحقة عن المبالغ الناشئة عنه بواقع 5% سنويا.
– المادة (226) من القانون المدني.
(و) دعوى– الطعن على الأحكام- مبدأ “لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه”([2]) (تطبيق).
في يوم الأربعاء الموافق 17/12/2008 أودع وكيل الجامعة الطاعنة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل، حيث قيد بجدولها برقم 5221 لسنة 55ق عليا، طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 21/10/2008 في الدعويين رقمي 3720 و4008 لسنة 12ق، الذي قضى: (أولا) بسقوط الدعوى رقم 4008 لسنة 12 ق. و(ثانيا) بالنسبة للدعوى رقم 3720 لسنة 12ق بإلزام الجامعة أن تؤدي للشركة المدعية مبلغ 3599000 جنيه (فقط ثلاثة ملايين وخمس مئة وتسعة وتسعين ألف جنيه)، وتعويضا مقداره مئة ألف جنيه، وإلزام الجامعة مصروفات الدعويين.
وطلبت الجامعة الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا:
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 5/2/2014، وتدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/6/2014 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 21/10/2014 فنظرته بهذه الجلسة، وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/2/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة21/3/2015، وبها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن أقيم في الميعاد واستوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
– وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه، وفي حدود القدر اللازم للفصل في الطعن- في أنه بتاريخ 4/8/2001 أقامت شركة النيل العامة للمقاولات (التي اندمجت في شركة الإسكندرية العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية اعتبارا من 16/3/2003، ثم في شركة القاهرة العامة للمقاولات) الدعوى رقم 3720 لسنة 12 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بطلب الحكم: (أولا) بصفة مستعجلة بصرف جميع مستحقات الشركة قبل الجامعة ومقدارها 3700000 جنيه (ثلاثة ملايين وسبع مئة ألف جنيه)، وما يستجد لها من مستحقات عن الأعمال التي تقوم بتنفيذها لحين الفصل في موضوع الدعوى.
و(ثانيا) في الموضوع:
1- بعدم أحقية الجامعة في طلب التعويض عن هدم المبنى (أ) بمستشفى المنيا الجامعي.
2- بإلزام الجامعة أن تؤدي للشركة مبلغا مقداره خمسة ملايين جنيه كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها.
وذلك على سند من أنه بتاريخ 7/2/2001 قدمت جامعة المنيا الطلب رقم 12 لسنة 2001 إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالجامعة لإلزام الشركة أن تؤدي للجامعة مبلغ 3000000 جنيه (فقط ثلاثة ملايين جنيه) تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء هدم المبنى (أ) بمستشفى المنيا الجامعي بزعم أن سبب تصدع المبنى هو انتشار العيوب الإنشائية، وقدمت الشركة للجنة مذكرة ردا على الطلب اختتمتها بطلب (أصليا) رفض الطلب لعدم توفر أركان المسئولية العقدي، و(احتياطيا) بعدم قبول الطلب لسقوط دعوى الضمان، وطلبت فرعيا من اللجنة إلزام الجامعة أداء مستحقات الشركة ومقدارها 3700000 جنيه ثلاثة ملايين وسبع مئة ألف جنيه وما يستجد لها من مستحقات عن الأعمال التي تقوم بتنفيذها، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ استحقاق المبالغ وحتى السداد، وإلزام الجامعة أن تؤدي للشركة مبلغا مقداره خمسة ملايين جنيه (وصحة المبلغ الوارد بمذكرة الشركة المقدمة للجنة التوفيق 2000000 جنيه) كتعويض عن الأضرار الناجمة عن طلب التوفيق رقم 12 لسنة 2001، وقد كلفت اللجنة مدير الإدارة الهندسية بالجامعة ومندوبا من الشركة بتحديد قيمة المبنى (أ)، حيث قدرت قيمته بمبلغ 450000 جنيه، وطلبت الجامعة من اللجنة تحميل الشركة بمبلغ 300000 جنيه، وتتحمل الجامعة الباقي 150000 جنيه، ورفضت الشركة أمام اللجنة تحميلها بأي مبالغ؛ لانتفاء الخطأ في جانبها، واقترحت اللجنة في محضر اجتماعها المؤرخ في 8/5/2001 أن تتحمل الشركة بمبلغ 260000 جنيه وتتحمل الجامعة الباقي، وبتاريخ 15/5/2001 أوصت اللجنة برفع التحفظات الموقعة من جانب الجامعة عما زاد على مبلغ 260000 جنيه، وبتاريخ 16/5/2001 وافقت الشركة على تنفيذ توصية اللجنة على الرغم من عدم مسئولية الشركة عن الأضرار الخاصة بالمبنى (أ) بسبب حجز الجامعة مستحقاتها البالغة 3700000 جنيه وعززت ذلك بكتابها المؤرخ في 12/6/2001، ولم تبدِ الجامعة رأيها فيما انتهت إليه لجنة التوفيق مما حدا الشركة على إقامة الدعوى للمطالبة بمستحقاتها، وأنه فيما يتعلق بالمبنى (أ) فقد كلفت شركة النيل العامة للمقاولات بتنفيذه بموجب أمر تكليف من وزير الإسكان برقم 201 لسنة 1972 بتنفيذ مستشفى مركزي، وتم تسليم الدور الأرضي من هذا المبنى (أ) في عام 1984، واستخدم كعيادة خارجية، وسلمت باقي الأعمال في مارس 1986 بدون تشطيب، وبتاريخ 8/3/1988 تم إلغاء أمر التكليف وإسناد عملية إنشاء المستشفى الجامعي لشركة المقاولون العرب، وبتاريخ 2/4/1995 تم إعداد تقرير فني بواسطة كلية الهندسة والتكنولوجيا بالجامعة عن المبنى (أ) ثابت به أن جميع عيوب المبنى ناتجة عن رشح المياه، وانتهى التقرير إلى أن المبنى لا يجدي فيه الترميم، وبناء عليه استصدرت الجامعة قرار نائب الحاكم العسكري رقم 7531 في 15/5/1997 بإزالة المبنى (أ) حتى سطح الأرض، وبتاريخ 25/8/1997 وافقت لجنة المنشآت بالجامعة على قيام الشركة بأعمال الإزالة، وبتاريخ 29/9/1998 أخطرت الشركة بأمر التشغيل لتنفيذ عملية تطوير المبنى (أ) بنفس أسعار ومواصفات مناقصة عامة جلسة 2/9/1997 بإنشاء فصلين دراسيين مسندة للشركة نفسها، وتم إبرام عقد التطوير بتاريخ 30/11/1999، وأخطرت الشركة بأن يجرى التنفيذ على نفس أساسات المبنى، واستحق للشركة مبلغ 3700000 جنيه عن مشاريع تم تنفيذها وتسليمها ابتدائيا ونهائيا، فقامت الجامعة بحبس مستحقاتها، مما أصابها بأضرار مادية وأدبية، ونفت الشركة مسئوليتها عن الأضرار التي وقعت بالمبنى (أ) وأدت إلى إزالته، والتي ترجع إلى سوء استخدام المالك للمبنى، ودفعت بانقضاء دعوى الضمان بالتقادم الثلاثي من تاريخ اكتشاف العيب، وأضافت أن إجراءات إسناد تطوير المبنى لم تشر إلى مسئولية الشركة، فضلا عن أن الإسناد إليها هو خير شهادة على كفاءة الشركة ،واختتمت صحيفة دعواها بطلباتها سالفة البيان.
– وبتاريخ 13/8/2001 أقامت الجامعة الدعوى رقم 4008 لسنة 12 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط ضد كل من الشركة القومية للتشييد والتعمير والبناء، وشركة النيل العامة للمقاولات، بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما أن يؤديا للمدعي مبلغا مقداره ثلاثة ملايين جنيه تعويضا عن الأضرار المادية التي أصابته من جراء تهدم المبنى موضوع الدعوى.
وذلك على سند من أن الثابت من التقارير الاستشارية والفحوص أن سبب تصدع المبنى هو انتشار العيوب الإنشائية المتمثلة في ضعف الخرسانات المسلحة، وعدم اتباع الأصول الفنية المتعارف عليها في البناء، وعدم قيام الشركة المنفذة بتنفيذ التوصيات وإجراء اللازم عند تعديل واستكمال المبنى المشار إليه، وأن مسئولية الشركة المدعى عليها الثانية ثابتة قانونا، وقد حلت محلها الشركة المدعى عليها الأولى، إذ بتاريخ 25/8/1997 تقدمت الشركة القومية للتشييد والتعمير والبناء بكتاب توضح فيه استعدادها لإزالة المبنى بدون مقابل وعلى حسابها واستعدادها للقيام بالتنفيذ، مما يعد إقرارا من الشركة المنفذة بمسئوليتها عن ضمان سلامة المبنى، ويقطع التقادم الثلاثي لدعوى الضمان في المسئولية العشرية، كما أفاد المدعى عليه الثاني بموجب كتابه المؤرخ في 2/5/1998 بالإشارة إلى انتهاء أعمال الهدم تقريبا في مبنى (أ) وأنه لم يتم موافاته بما يتبع بالنسبة لتحديد الخوازيق والعينات الخرسانية المراد إجراء الاختبارات عليها، مما يقطع مدة التقادم الثلاثي، وأضافت الجامعة في مذكرات دفاعها أن مسئولية الشركة ثابتة بموجب إقرارها القضائي في عريضة دعواها رقم 3720 لسنة 12ق بموافقتها على توصية لجنة التوفيق، مما يعد إقرارا قضائيا بمسئوليتها عن الأعمال موضوع العقد، ويعد إقرارا قاطعا للتقادم، كما أن الجامعة تحفظت على مستحقات الشركة لديها وفاء لما تكبدته من أضرار وخسائر بسبب أعمال الشركة.
وبعد دمج شركة النيل العامة للمقاولات في شركة الإسكندرية العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية اعتبارا من 16/3/2003 بالقرار رقم 26 لسنة 2003، ثم في شركة القاهرة العامة للمقاولات اعتبارا من 1/7/2005 بالقرار رقم 109 لسنة 2005، وأثناء نظر الدعويين أمام محكمة القضاء الإداري تم تصحيح شكل الدعوى رقم 3720 لسنة 12ق بموجب صحيفة معلنة بتاريخ 23/10/2008، كما تم تصحيح شكل الدعوى رقم 4008 لسنة 12ق، وذلك بموجب صحيفة معلنة بتاريخ 11/5/2004 ضد شركة الإسكندرية العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية والشركة القومية للتشييد والتعمير، ثم بموجب صحيفة معلنة بتاريخ 31/3/2008، وقصرت فيها الخصومة على شركة القاهرة العامة للمقاولات.
………………………………………………….
وبجلسة 2/3/2005 صدر حكم تمهيدي عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط بندب لجنة خبراء ثلاثية لبيان ما إذا كان تهدم المبنى يرجع إلى عيوب متعلقة بالتنفيذ (أي إلى شركة النيل) وتحديد قيمة الأضرار التي أصابت الجامعة، أم يرجع إلى الجامعة، وتحديد قيمة المستحقات المتبقية للشركة لدى الجامعة، وانتهى تقرير لجنة الخبراء إلى أن:
1- المبنى محل التداعي تمت إزالته بموجب القرار الصادر عن لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بمجلس مدينة المنيا والصادر بتاريخ 28/5/1997.
2- صدر قرار تكليف عن الجامعة إلى شركة النيل العامة للمقاولات بإنشاء مباني مستشفى المنيا الجامعي، ومن ضمنها المبنى (أ) محل التداعي بموجب القرار رقم 201 لسنة 1972 بغرض استخدامه سكن ممرضات بقوة 50 سريرا.
3- تم الاستلام الابتدائي من قبل الجامعة للدور الأرضي من المبنى (أ) لاستخدامه عيادة خارجية بموجب محضر استلام مؤرخ في 12/3/1986، ولم تذكر الجامعة أي ملاحظات عن سوء التنفيذ أو عيوب جوهرية بالمبنى، بل قامت بالتحفظ على بعض التشطيبات، وتم استلام الدور الأول العلوى من المبنى (أ) بتاريخ 27/2/1988 ومرفق بمحضر الاستلام كشف التشطيبات التي لم يتم استكمالها.
4- صدر قرار التكليف رقم 13 لسنة 1988 بتاريخ 10/3/1988 إلى شركة المقاولون العرب بتنفيذ المستشفى الجامعي وإلغاء القرار رقم 201 لسنة 1972، ثم صدر القرار رقم 51 لسنة 1991 بتعديل تكليف شركة المقاولون العرب ليكون بتنفيذ الأعمال الملحقة والمستجدة بالمستشفى الجامعي.
5- الثابت من الخطاب المؤرخ في 9/8/1992 الصادر عن شركة النيل العامة للمقاولات إلى الجامعة أن الشركة قامت بعمل المحضر رقم 473 بتاريخ 12/4/1988 وأن الشركة تخلي مسئوليتها عما يحدث بالمبنى لاستعماله دون استكمال التشطيبات، وأنه تم تعديل المبنى من سكن ممرضات قوة 50 سريرا إلى مبنى قوة 250 سريرا دون الرجوع إلى المكتب (المصمم).
6- الشركة دفعت أن ما حدث من تلفيات بالمبنى ناتج عن سوء الاستعمال والتعديلات التي حدثت بالمبنى من تغييره من سكن ممرضات قوة 50 سريرا إلى مستشفى قوة 250 سريرا دون الرجوع إلى المكتب (المصمم).
7- تم عمل عدة تقارير استشارية لإثبات العيوب التي حـدثت بالمبنى من الوحدة الاستشارية بالجامعة ومن المكتب العربي للتصميمات … وأرجعت هذه التقارير السبب الرئيس في حدوث التلفيات إلى سوء استعمال المبنى وتسرب المياه من دورات المياه والطـرقة نتيجة ترك المياه بالأرضيـات مدة طويلة.
8- أن أوراق الدعوى خلت ولم تقدم الجامعة ما يفيد تكليف شركة النيل العامة للمقاولات أو غيرها بإصلاح العيوب وقت ظهورها سنة 1988، مما أدى إلى زيادة هذه العيوب والتلفيات التي جعلت المبنى في حالة تستوجب الإزالة.
9- أن مستحقات الشركة لدى الجامعة بلغت 3599300 جنيه (فقط ثلاثة ملايين وخمس مئة وتسعة وتسعون ألفا وثلاث مئة جنيه)،كما هو ثابت بالخطاب الصادر عن الشئون القانونية بالجامعة.
………………………………………………….
وبجلسة 21/10/2008 صدر حكم محكمة القضاء الإداري بأسيوط المطعون فيه قاضيا في منطوقه: (أولا) بسقوط الدعوى رقم 4008 لسنة 12ق. و(ثانيا) بالنسبة للدعوى رقم 3720 لسنة 12ق بإلزام الجامعة أن تؤدي للشركة المدعية مبلغ 3599000 جنيه (فقط ثلاثة ملايين وخمس مئة وتسعة وتسعين ألف جنيه فقط)، وتعويضا مقداره مئة ألف جنيه، وإلزام الجامعة مصروفات الدعويين.
وأقامت المحكمة قضاءها بسقوط الدعوى رقم 4008 لسنة 12ق على أن المستفاد من نص المادة 654 من القانون المدني أن دعوى الضمان تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب، ولما كان الثابت من الأوراق أن جامعة المنيا اكتشفت العيب في المبنى محل طلب التعويض عام 1995، وصدر قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بتاريخ 28/5/1997، ولجأت الجامعة إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بتاريخ 7/2/2001، وأقامت الجامعة الدعوى المعروضة بتاريخ 13/8/2001؛ فإن دعوى الضمان تكون قد سقطت.
وأقامت المحكمة قضاءها في الدعوى رقم 3720 لسنة 12ق فيما يتعلق بطلب صرف المستحقات للشركة على أن المبنى محل التداعي تم إزالته وهدمه بالفعل، وسقطت دعوى الضمان على النحو المبين سالفا، وقامت الجامعة بحجز مبلغ 3599000 جنيه من مستحقات الشركة عن عمليات قامت بتنفيذها لدى الجامعة، ومن ثم فإنه يجب رد هذا المبلغ للشركة.
كما أقامت قضاءها فيما يتعلق بطلب الشركة التعويض عن الأضرار التي أصابتها على أنه يتعين لقيام مسئولية الإدارة توفر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة السببية، وقد توفر ركن الخطأ بامتناع جامعة المنيا عن صرف مستحقات الشركة المدعية دون سبب أو مبرر قانوني، وقد ترتب على هذا الخطأ حرمان تلك الشركة من الاستفادة بهذه المستحقات من عام 1999 حتى الآن (21/10/2008)، ومن ثم فإنها تستحق تعويضا مقداره مئة ألف جنيه.
………………………………………………….
وحيث إن الجامعة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع لأسباب حاصلها أن الدعوى رقم 3720 لسنة 12ق غير مقبولة شكلا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون؛ لعدم لجوء الشركة إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات عن جميع طلباتها الواردة في عريضة دعواها، والاعتداد بتقرير الخبير الذي لم يطلع على تقرير الوحدة الاستشارية بالجامعة، ولم يتم إعادة المأمورية للخبير للنظر في اعتراضات الجامعة على تقريره، وأن مسئولية الشركة عن تهدم المبنى مسئولية مفترضة، مما يجعل تحفظ الجامعة على مستحقات الشركة في محله.
وأن الدعوى رقم 4008 لسنة 12ق لم تسقط بالتقادم، فقد انقطع التقادم بتحفظ الجامعة على مستحقات الشركة ومصادرتها بتاريخ 12/9/1999 وموافقة رئيس الجامعة بتاريخ 9/4/2000 على التحفظ على مستحقاتها، وتم اللجوء إلى لجنة التوفيق بتاريخ 7/2/2001 أثناء توالي إجراءات الحجز على مستحقات الشركة، كما أن قبول الشركة توصية تلك اللجنة التي ألزمتها مبلغ 240000 جنيه يعد نزولا عن التمسك بالتقادم، وكتاب الشركة إلى الجامعة بتاريخ 2/5/1998 بإنهاء أعمال الهدم وبلا مقابل يعد إجراءً قاطعا للتقادم.
………………………………………………….
وحيث إن المادة (86) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1984 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 نصت على أن: “يضمن المقاول الأعمال موضوع العقد وحسن تنفيذها على الوجه الأكمل لمدة سنة واحدة من تاريخ التسليم المؤقت، وذلك دون إخلال بمدة الضمان المنصوص عليها في القانون المدني، والمقاول مسئول عن بقاء جميع الأعمال سليمة أثناء مدة الضمان، فإن ظهر بها أي خلل أو عيب يقوم بإصلاحه على نفقته، وإذا قصر في إجراء ذلك فلجهة الإدارة أن تجريه على نفقته وتحت مسئوليته”.
ونصت المادة (651) من القانون المدني على أن: “1- يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى، وذلك ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ذاتها أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات.
2- ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
3- وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل.
4- ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن”.
ونصت المادة (654) من ذات القانون على أن: “تسقط دعاوى الضمان المتقدم بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب”.
ومفاد ذلك أن المقاول يعد مسئولا عن بقاء جميع الأعمال سليمة أثناء فترة الضمان المنصوص عليها بالمادة 86 من اللائحة المشار إليها، والتي تبدأ من تاريخ التسليم المؤقت للأعمال محل التعاقد، وبهذه المثابة تنعقد مسئولية المقاول في حالة ظهور العيب خلال مدة الضمان المذكورة، إذ يلتزم بإصلاح العيوب التي تنكشف أثناء مدة الضمان المشار إليها، وفي حالة تقصيره يكون لجهة الإدارة المتعاقدة أن تجري الإصلاح وتحمله بجميع ما تكبدته من نفقات، وهذا الضمان السنوي لا يخل بالضمان العشري المنصوص عليه في القانون المدني، والضمان العشري يشمل ما يحدث في المنشآت من تهدم كلي أو جزئي ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ذاتها،كما يشمل ما يوجد في المنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته، فإذا تهدم البناء كله أو جزء منه ولم يكن ذلك راجعا إلى قوة قاهرة، فالمفروض أنه يرجع إلى عيب في الصنعة أو في التصميم أو في الأرض، ويكون المقاول ومعه المهندس المعماري (عند الاقتضاء) ملتزمين بالضمان.
وإذ كان ذلك فإن التزام المقاول والمهندس الوارد في المادة (651) مدني هو التزام بنتيجة، هي بقاء البناء الذي يشيدانه سليما ومتينا لمدة عشر سنوات بعد تسليمه، ومن ثم يثبت الإخلال بهذا الالتزام بمجرد إثبات عدم تحقق تلك النتيجة دون حاجة لإثبات خطأ ما.
وحيث إن دعوى الضمان تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب، ومن المقرر في تفسير هذا الحكم -حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أنه يكفي أن يظهر العيب خلال العشر السنوات حتى يمكن رفع دعوى الضمان، وليس من الضروري أن ينتظر رب العمل تهدم البناء، وأنه يكفي أن ينكشف العيب أو يحصل التهدم حتى يستطاع العمل به، ولو لم يتم العمل به فعلا، وأن وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم يثبت بجميع طرق الإثبات لأن المطلوب هو إثبات واقعة مادية، وأنه من المقرر كذلك أن مدة الثلاث سنوات هي مدة تقادم ترد عليها أسباب الانقطاع فتنقطع برفع الدعوى الموضوعية، ولا يكفي لرفعها أن يرفع رب العمل دعوى مستعجلة بطلب تعيين خبير لإثبات حالة البناء، وتنقطع أيضا بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2334 لسنة 36 ق. ع بجلسة 2/5/1995، وحكم محكمة النقض في الطعن رقم 3246 لسنة 64 ق مدني بجلسة 20/4/1995).
وحيث إن النص في المادة (388) من القانون المدني على أنه: “1- لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه…
2- وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمنا عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه…”يدل على أن النزول عن التقادم بجميع أنواعه عمل قانوني من جانب واحد يتم بإرادة المتنازل وحدها بعد ثبوت الحق فيه، وأن النزول عن التقادم لا يخضع لأي شرط شكلي، فكما يقع صراحة بأي تعبير عن الإرادة يفيد معناه، فإنه يجوز أن يكون ضمنيا يستخلص من دلالة واقعية نافية لمشيئة التمسك به، بأن يستخلص من واقع الدعوى ومن جميع الظروف والملابسات المحيطة التي تظهر منها هذه الإرادة بوضوح لا غموض فيه، ومتى صدر هذا التنازل كان باتا لا يجوز الرجوع فيه، ومن وقت صدوره يبدأ تقادم جديد تكون مدته مماثلة لمدة التقادم الأصلي.
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الاستلام الابتدائي من قبل الجامعة للدور الأرضي من المبنى (أ) لاستخدامه عيادة خارجية تم بموجب محضر استلام مؤرخ في 12/3/1986، وتم استلام الدور الأول العلوي من المبنى (أ) بتاريخ 27/2/1988، وتم إزالة المبنى بموجب القرار الصادر عن لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بمجلس مدينة المنيا الصادر بتاريخ 28/5/1997، قبل انقضاء عشر سنوات على تسلم المبنى، مما يلتزم معه المقاول بالضمان.
ولئن كانت الجامعة الطاعنة لم تلجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 12 لسنة 2001 إلا بتاريخ 7/2/2001، بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات على هدم المبنى في عام 1997، وسقوط دعوى الضمان بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة (654) مدني سالفة الذكر، وتمسكت الشركة المطعون ضدها بالتقادم في مذكرتها المقدمة لتلك اللجنة بتاريخ 21/3/2001، إلا أنه بعد صدور توصية اللجنة بتحميل الشركة المطعون ضدها مبلغ 260000 جنيه (فقط مئتين وستين ألف جنيه)، قبلت الشركة بكتابيها المؤرخين في 16/5/2001 و12/6/2001 تنفيذ توصية اللجنة، مما ينبئ عن نزولها ضمنيا عن الدفع بالتقادم، وتم هذا النزول بعد ثبوت الحق في التقادم، ومتى صدر هذا التنازل كان باتا لا يجوز الرجوع فيه، ومن وقت صدوره يبدأ تقادم جديد تكون مدته مماثلة لمدة التقادم الأصلي.
وإذ أقامت الجهة الإدارية الدعوى رقم 4008 لسنة 12ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 4/8/2001 قبل اكتمال التقادم الجديد الذي بدأ في 16/5/2001 (تاريخ النزول الضمني عن التمسك بالدفع بالتقادم)، مما يكون معه الدفع بالتقادم الثلاثي المبدى من الشركة أمام محكمة أول درجة وتمسكها به أمام هذه المحكمة في غير محله، ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بالتقادم قائما على غير سند صحيح من القانون، مما يوجب إلغاءه ورفض الدفع بالتقادم.
وحيث إن الدفع بالتقادم من الدفوع الموضوعية التي يجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة في الاستئناف طبقا للمادة 387/2 من القانون المدني، وتستنفد به محكمة أول درجة ولايتها في الفصل في موضوعها، والطعن في الحكم بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي يطرح الخصومة من جديد أمام محكمة الطعن بما تضمنته من طلبات وأوجه دفاع ولا يجوز لها أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة عند إلغاء الحكم ورفض الدفع بالتقادم. مما تفصل معه هذه المحكمة في موضوع الطعن.
وحيث إنه لما كان رأي الخبير لا يقيد المحكمة ولا يلزمها الأخذ به، وكان تقرير لجنة الخبراء المنتدبة في الدعوى لم تقم بمعاينة المبنى لأنه كان قد تمت إزالته قبل تكليفها بالمأمورية، وقد استخلصت رأيها من واقع التقارير الفنية المودعة ملف الدعوى، وإذ تطمئن المحكمة إلى تقرير الوحدة الاستشارية بكلية الهندسة بالجامعة الطاعنة المؤرخ في 10/12/1989 -والوارد ص 10 من تقرير لجنة الخبراء- الذي تضمن أن المعاينات ودراسة نتائج التحليل الكيميائي للعينات قد أثبت وجود نسبة عالية من أملاح الكبريتات ونسبة من أملاح الكلوريدات، ولم تتمكن اللجنة بصفة قطعية من الوقوف على أسباب وجود هذه النسبة العالية من الأملاح، ويمكن أن ترجع إلى أحد المكونات الرئيسية للخرسانة كالرمل والزلط والأسمنت أو إلى وجود شوائب أثناء الخلط وربما إلى نوعية المياه المستخدمة، وأن هذه الأملاح ما كانت تؤدي إلى آثار سيئة لولا وجود الرطوبة العالية بصفة مستمرة في الجو المحيط بتلك الأملاح، كما تلاحظ عدم تماسك اللحامات بين بلاطة السقف نظرا للاستخدام اليومي للمياه في مسح أرضيات العنابر بالمستشفى، مما يعطي الفرصة للمياه للتغلغل في الخرسانة والتحرك خلال الفراغات الموجودة، ومع وجود الرطوبة يحدث تلامس مستمر بين تلك الأملاح وحديد التسليح داخل الخرسانة مما يحدث التآكل للحديد، كما تضمن تقرير المكتب العربي للتصميمات والاستشارات المؤرخ في 15/2/1995 أن سوء الاستخدام وبصفة خاصة ظاهرة تسرب المياه من المواسير والأجهزة الصحية بالدورات يعد أحد الأسباب التي أدت بالمبنى إلى حالته الراهنة بالغة السوء وذلك بالإضافة إلى احتمال عدم مطابقة مواد الإنشاء المستخدمة للمواصفات الفنية،وكان البين من هذه التقارير وجود خطأ مشترك من طرفي التعاقد مما يستوجب مساهمة كل منهما بقدر ما ارتكب من خطأ، الأمر الذ ي تقضي معه المحكمة بتأييد قرار لجنة التوفيق بتحميل الشركة المطعون ضدها بمبلغ 260000 جنيه، أخذا في الاعتبار أن قيمة أعمال المبنى الذي تمت إزالته 450000 جنيه.
– وحيث إنه عن الدفع المبدى من الجامعة الطاعنة بعدم قبول الدعوى رقم 3720 لسنة 12ق شكلا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها (وهي بصدد الرد على طلب التوفيق رقم 12 لسنة 2001 المقدم من الجامعة) أبدت طلبا فرعيا بصرف مستحقاتها والفوائد القانونية والتعويض عن طلب التوفيق نفسه، مما مؤداه أن طلب صرف المستحقات كان مطروحا على لجنة التوفيق وانتهت في توصيتها إلى رفع التحفظ عما زاد على مبلغ 260000 جنيه من مستحقات الشركة، كما أن طلب الفوائد القانونية عن المستحقات لا يعدو أن يكون تعويضا مقدرا بنص القانون، مما تكون معه طلبات الشركة التي طرحت على المحكمة سبق عرضها على لجنة التوفيق في المنازعات، ويكون الدفع في غير محله خليقا بالرفض.
وحيث إن الجامعة لم تنازع في مقدار مستحقات الشركة المطعون ضدها، بل قررت أن من حقها الحجز على هذه المستحقات استيفاء للتعويض عن الأَضرار التي لحقت بها من جراء إزالة المبنى (أ) سالف الذكر، وانتهى الخبير في تقريره إلى وجود هذه المستحقات، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصرف هذه المستحقات يكون قد صادف صحيح حكم القانون.
– وحيث إنه فيما يتعلق بالتعويض عن حجز هذه المستحقات فإن الحكم المطعون فيه قام على أن حجز مستحقات المدعي قد ألحق به أضرارا مادية تمثلت في حرمانه من الانتفاع بهذه المستحقات منذ عام 1999، ومن ثم قدر له تعويضا عن هذا الضرر قيمته مئة ألف جنيه.
وحيث إن المادة (226) من القانون المدني تنص على أنه: “إذا كان محل الالتزام مبلغا من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المئة في المسائل المدنية، وخمسة في المئة في المسائل التجارية، وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخا آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره”.
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق المتعاقد مع الإدارة في التعويض عن التأخير في صرف ما يكون مستحقا له طبقا لأحكام العقد يقتصر على حقه في المطالبة بالتعويض طبقا لنص المادة (226) من القانون المدني سالفة الذكر، وأنه لا وجه لإلزام الإدارة التعويض عن التأخير في صرف تلك المستحقات على نحو مغاير لما نصت عليه مادام لم يتم الاتفاق على ذلك، ولم يثبت الدائن أن الضرر يجاوز هذا القدر، وترتيبا على ما تقدم فإن التعويض الذي يستحقه المطعون ضده عن عدم صرف الإدارة مستحقاته يكون في صورة الفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% باعتباره مبلغا ناشئا عن عقد مقاولة وهو من المسائل التجارية اعتبارا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/8/2001 (تاريخ إيداع الشركة صحيفة الدعوى بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري)، وحتى تمام السداد.
وحيث إنه لما كانت الفوائد القانونية المشار إليها تزيد على مبلغ التعويض المقضي به ومقداره مئة ألف جنيه، وكان النص في المادة 218 من قانون المرافعات على أنه: “… لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه…” يدل على أنه لا يجوز للمحكمة التي تنظر الطعن أن تضر الطاعن بالطعن الذي قام هو برفعه، وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها بصفتها قد أقامت الدعوى على الجامعة الطاعنة للحكم بإلزامها أداء مستحقاتها وتعويضها عن الأضرار المادية والأدبية المترتبة على حجز مستحقاتها، وقد قضى الحكم المطعون فيه بصرف مستحقاتها والتعويض بالمبلغ المحكوم به، وإذ طعنت الجامعة وحدها دون الشركة ابتغاء الحكم بإلغاء التعويض المقضي به، فإن محكمة الطعن لا تملك إزاء الطعن المرفوع من الطاعنة سوى أن تقضي برفضه، أو أن تعدل الحكم المطعون فيه لمصلحتها، دون أن تتعدى ذلك إلى زيادة مبلغ التعويض؛ حتى لا تضار الطاعنة بالطعن الذي قامت برفعه؛ تقيدا بقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة: (أولا) بقبول الطعن شكلا. (ثانيا) بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الدعوى رقم 4008 لسنة 12ق، وبرفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم، وبقبولها شكلا، وفي الموضوع بإلزام شركة القاهرة العامة للمقاولات أداء مبلغ 260000 جنيه (مئتين وستين ألف جنيه) إلى الجامعة المدعية، وألزمت الشركة المصروفات عن الدرجتين. (ثالثا) برفض الطعن في الحكم الصادر في الدعوى رقم 3720 لسنة 12ق، وألزمت الجامعة المصروفات.
([1]) يراجع في هذا الاتجاه كذلك ما سبق وقررته المحكمة الإدارية العليا من أنه إذا كان الأصل في التقادم في القانون المدني أنه لا يترتب على اكتمال مدته سقوط الالتزام من تلقاء نفسه، بل لا بد أن يتمسك به المدين، إلا أن هذا الأصل لا يتسق مع روابط القانون العام إلا بالقدر الذي يتفق مع طبيعتها، بحيث يكون سقوط الالتزام باكتمال مدة التقادم أمرا حتميا، لا يتوقف على دفع من جهة الإدارة، بل يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وأن التقادم في مجال القانون العام يعد جزءا من النظام العام؛ لتعلقه باعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة، تستهدف استقرار الأوضاع الإدارية، وعدم تعريض ميزانية الدولة للمفاجآت والاضطرابات التي تعجزها عن الوفاء بمتطلبات إشباع الحاجات العامة، وتسيير المرافق العامة بانتظام واضطراد (حكمها في الطعن رقم 6884 لسنة 49ق ع بجلسة 13/6/2004، غير منشور).
وعلى خلاف هذا الاتجاه ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أن الدفع بالتقادم ليس من النظام العام، فلا يجوز لمحكمة أول درجة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وأنه يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى، على أنه لا يجوز الدفع بالتقادم لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا؛ لأن الطعن أمامها يقاس على الطعن بطريق النقض من ناحية أوجه الطعن (حكمها في الطعن رقم 541 لسنة 39ق ع بجلسة 2/3/1999، مجموعة س 44 مكتب فني، رقم 42، وكذا حكمها في الطعن رقم 8889 لسنة 45ق ع بجلسة 2/7/2005، مجموعة س 50/2 مكتب فني، رقم 196).
([2]) راجع في هذا المبدأ كذلك: المبدأين رقمي (62/و) و(105/ز) في هذه المجموعة.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |