برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، ومحمد ياسين لطيف شاهين.
نواب رئيس مجلس الدولة
أملاك الدولة العامة– صفة المال العام المخصص للمنفعة العامة تدور وجودا وعدما مع توفر التخصيص لوجه من وجوه النفع العام، سواء تم هذا التخصيص بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص- هذه الصفة تظل ملازمة للمال العام ولو نقل الإشراف عليه من شخص اعتباري عام إلى شخص اعتباري عام آخر، ولا تنتهي إلا بانتهاء التخصيص للنفع العام بأي من الطرق المقررة التي خصص بها المال للنفع العام، أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصص المال للمنفعة العامة، ففي هذه الحالة يخرج المال عن عداد الأموال العامة إلى عداد الأموال المملوكة للشخص الاعتباري العام ملكية خاصة، مع ما يترتب على ذلك من آثار- المال العام لا يجوز دمجه في أموال شخص اعتباري خاص، ويقتصر حقه على الانتفاع بالمال العام في الغرض نفسه المخصص له، طوال المدة المحددة للانتفاع، أو حتى انتهاء الغرض من الانتفاع به.
– المواد أرقام (87) و(88) و(970) من القانون المدني، معدَّلا بموجب القانونين رقمي 331 لسنة 1954، و55 لسنة 1970.
في يوم الثلاثاء الموافق 17/6/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 20/4/2003 في الدعوى رقم 726 لسنة 18ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام المدعي بصفته وجهة الإدارة المصروفات مناصفة بينهما.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
ونظرت الدائرة العاشرة فحص بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بجلسة 17/5/2010، وفيها قررت إحالته إلى الدائرة الأولى عليا فحص للاختصاص لنظره بجلسة تحددها وتخطر بها الخصوم، وقد ورد الطعن إلى تلك الدائرة حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 2/12/2013 قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 1/2/2014، وفيها وما تلاها من جلسات تدوول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 14/3/2015 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى هذا الأجل دون التقدم بأية مذكرات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 20/4/2003، وأقيم الطعن الماثل طعنا عليه بتاريخ 17/6/2003، فمن ثم يكون الطعن قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية الأخرى، فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة -على وفق الثابت من الأوراق- تخلص في أنه قد صدر قرار رئيس المجلس التنفيذي، المخول اختصاصات رئيس الجمهورية المقررة في القانون رقم 252 لسنة 1960، بتعديل بعض أحكام قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954، ناصا في مادته الأولى على اعتبار مشروع مركز تجميع وتبريد الألبان بناحية قرية عزب النهضة- مركز دمياط بمحافظة دمياط من أعمال المنفعة العامة، ونص في مادته الثانية على الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء المشروع المذكور والبالغ مساحتها (7 س، 14 ط) المملوكة لوزارة الأوقاف في القطعة رقم 1 حوض بكري نمرة 8 بناحية قرية عزب النهضة بمركز دمياط- محافظة دمياط، وبتاريخ 5/9/1973 صدر قرار وزير الصناعة رقم 768 لسنة 1973 بتشكيل لجنة تتولى تقييم مراكز تجميع وتبريد الألبان التابعة للأمانة العامة للحكم المحلي بمناسبة إدماجها في شركة مصر للألبان، على أن تتخذ الأرصدة الدفترية في تاريخ التسليم أساسا للتقييم، وبمراعاة تطبيق قواعد النظام المحاسبي الموحد، وإزاء الخلاف حول ملكية الأرض المشار إليها، فقد صدر قرار محافظ دمياط رقم 229 لسنة 1995 بتشكيل لجنة تتولى بحث مستندات المساحة موضوع الخلاف. وقد أعدت تلك اللجنة تقريرا انتهت فيه إلى أن الأرض محل الخلاف من أملاك محافظة دمياط، وأوصت بوقف التعامل عليها لمصلحة الغير، وبإخلاء مبنى مركز تجميع وتبريد الألبان وتسليمه للوحدة المحلية بعزب النهضة، وتنفيذا لذلك صدر قرار محافظ دمياط رقم 273 لسنة 1995 بوقف التعامل على الأرض المشار إليها، وإذ لم ترتضِ شركة مصر للألبان هذا القرار أقامت دعواها رقم 726 لسنة 18 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، طالبة الحكم بإلغاء القرار المذكور على سند من القول بأن الأرض محل النزاع قد تم إدماجها ومركز تجميع وتبريد الألبان المقام عليها في شركة مصر للألبان تنفيذا لقرار وزير الصناعة رقم 768 لسنة 1973، وبذلك أصبح ذلك المركز من أصول الشركة.
………………………………………………….
وبجلستها المنعقدة في 20/4/2003 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون عليه على سند من القول إنه بصدور قرار وزير الصناعة رقم 768 لسنة 1973 بإدماج مركز تجميع وتبريد الألبان في شركة مصر للألبان فإن ذلك المركز يكون قد أصبح من وحدات الشركة، إلا أن ذلك لا يستقيم إلا بالنسبة للمساحة المقام عليها المركز والبالغة 216,5 مترا مربعا، أما بالنسبة لباقي المساحة البالغ إجماليها 2500 متر مربع فلم تُستغَل لمصلحة المشروع، وقامت الجهة الإدارية ببناء عمارة سكنية على جزء منها، وكذلك وحدات أخرى تابعة للوحدة المحلية لعزب النهضة ومبنى السنترال، فمن ثم فإن تلك المساحة لم يتحقق بشأنها الإدماج، وتظل ملكيتها ثابتة للمحافظة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه رقم 273 لسنة 1995 الصادر بوقف التعامل عليها لمصلحة الغير قد صدر متفقا وأحكام القانون.
………………………………………………….
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية الطاعنة هذا القضاء، أقامت الطعن الماثل ناعية عليه الخطأ في تطبيق حكم القانون، على سند من القول إن الثابت أنه قد صدر قرار عن السلطة المختصة باعتبار مشروع تجميع وتبريد الألبان بناحية قرية عزب النهضة بمركز ومحافظة دمياط من أعمال المنفعة العامة، والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة للمشروع، والمملوكة لوزارة الأوقاف والبالغ مساحتها (7 س، 14 ط)، ومؤدى ذلك أنه لا يجوز التصرف في تلك الأرض، ومن ثم فإن قرار وزير الصناعة رقم 768 لسنة 1973 بتشكيل لجنة لتقييم المركز المشار إليه لدمجه في شركة مصر للألبان لا يعدو أن يكون قرارا بالترخيص في الانتفاع بذلك المشروع، وقد انتهى هذا الترخيص بالفعل على ضوء الثابت من عودة الأرض لمحافظ دمياط واستغلالها في العديد من الأنشطة. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن مساحة 216,5 مترا مربعا من أرض المشروع قد آلت إلى شركة مصر للألبان، فإن هذا الحكم يكون قد وقع مخالفا لأحكام القانون في هذا الصدد.
………………………………………………….
وحيث إن الطعن الماثل مقام من محافظ دمياط بصفته طعنا على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اعتبار المساحة البالغة 216,5 مترا مربعا، والتي أقيم عليها مركز تجميع وتبريد الألبان، قد آلت ملكيتها لشركة مصر للألبان، ويطلب المحافظ بصفته إلغاء ذلك الحكم، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إن المادة (87) من القانون المدني([1]) تنص على أن: “1- تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
2- وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم”.
وتنص المادة (88) منه على أن: “تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة”.
وتنص المادة (970) منه([2]) على أنه: “… ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريا”.
وحيث إن مفاد ما تقدم -وعلى ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة- أن صفة المال العام المخصص للمنفعة العامة تدور وجودا وعدما مع توفر التخصيص لوجه من وجوه النفع العام، سواء تم هذا التخصيص بالفعل أم بمقتضى قانون أم مرسوم أم قرار من الوزير المختص، وذلك على النحو المقرر بموجب نص المادة (87) من القانون المدني، وهذه الصفة تظل ملازمة للمال العام، ولو نُقل الإشراف عليه من شخص اعتباري عام إلى شخص اعتباري عام آخر، ولا تنتهي إلا بانتهاء التخصيص للنفع العام بأي من الطرق المقررة التي خُصص بها المال للنفع العام، أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصص المال للمنفعة العامة، وفي هذه الحالة يخرج المال عن عداد الأموال العامة إلى عداد الأموال المملوكة للشخص الاعتباري العام ملكية خاصة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أنه قد صدر قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 2994 لسنة 1963 باعتبار مشروع مركز تجميع وتبريد الألبان بناحية عزب النهضة بمركز دمياط من أعمال المنفعة العامة، والاستيلاء على الأرض اللازمة له، وقد تم تنفيذ ذلك المشروع وأسند إلى محافظة دمياط، وقد ثبت من المعاينة على الطبيعة لأرض المشروع انتهاء المشروع المذكور بالفعل، وهو ما يعني انتهاء تخصيصه للمنفعة العامة بالفعل، وتعود أرض المشروع كاملة إلى محافظة دمياط بما في ذلك الأرض التي كان مقاما عليها مركز التجميع والتبريد المشار إليه، والبالغة 216,5 مترا مربعا، ولا يغير من ذلك ما تضمنه قرار وزير الصناعة رقم 768 لسنة 1973 من إدماج المركز في شركة مصر للألبان، بحسبان أن المال العام لا يجوز دمجه في أموال شخص اعتباري خاص، ويقتصر حق الشركة على الانتفاع بالمال العام في الغرض نفسه المخصص له للمدة التي يحددها القرار أو حتى ينتهي الغرض من انتفاعها بذلك المال، وهو ما حدث بالفعل على النحو الثابت بالأوراق.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن الأرض التي كان مقاما عليها مركز تجميع وتبريد الألبان بناحية عزب النهضة بمركز دمياط، والبالغ مساحتها 216.5 مترا مربعا، قد انتهى تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل، ومن ثم فإن ملكيتها تعود إلى محافظة دمياط، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة، فإنه يكون قد وقع مخالفا لأحكام القانون، ويتعين القضاء بإلغائه، والقضاء مجددا برفض الدعوى بالنسبة لهذه المسألة.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات إعمالا لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اعتبار المساحة البالغة 216,5 مترا مربعا قد آلت ملكيتها إلى شركة مصر للألبان، وبرفض الدعوى، وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
[1])) معدَّلا بموجب القانون رقم 331 لسنة 1954.
[2])) معدَّلة بموجب القانون رقم 55 لسنة 1970، وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية العليا حكمت في القضية رقم 91 لسنة 26 القضائية (دستورية) بجلسة 10/12/2006، برفض الدعوى في طلب الحكم للفصل في دستورية نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (970) من القانون المدني.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |