بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 86/3/1213
السيد الدكتور/ وزير المالية
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (1203/ و) المؤرخ 14/4/2020، المُوجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن طلب الإفادة بالرأى القانونى في كيفية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لبعض المتدربين الملتحقين بعقود تدريبية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بأحقيتهم فى التثبيت على درجات دائمة فى ضوء سابق إفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بالملف رقم (86/3/1168) بجلسة 13/12/2017.
وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أن المسئولين بوزارة الزراعة سبق أن وافقوا على إلحاق عدد من المتدربين بأحد برامج التدريب العملى بمشروع التشجير نظير مصروفات/ بدل انتقال يتراوح بين (42) جنيهًا و(65) جنيهًا يصرف شهريا للمتدرب، وفقا للعقود المبرمة معهم والتى لم تتضمن إسناد أي أعمال لهم، وأنه بناء على مطالبات من هؤلاء المتدربين بتثبيتهم على وظائف دائمة، فقد تم استطلاع رأى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة والتى انتهت بجلسة 13/12/2017 الملف رقم 86/3/1168 إلى عدم أحقية المعروضة حالاتهم فى التعيين على وظائف دائمة على سند من أنهم لايشغلون أيًّا من الوظائف الواردة بالهيكل التنظيمى للوحدة التى يتدربون بها بأجر محدد، وأن العلاقة بينهم وبين الجهة الإدارية ليست علاقة عمل لتخلف التبعية القانونية بصورها الفنية والإدارية والتنظيمية، وكذا عنصر الأجر، وهما مما يميزان عقد العمل ومن ثم فلا يندرجون ضمن فئة العاملين بالوحدة التى يتدربون بها حتى يمكنهم الاستفادة من أحكام التعيين بوظائف دائمة فيها، إلا أنه قد ورد إلى وزارة المالية – عن طريق الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة – العديد من الأحكام القضائية الصادرة عن مجلس الدولة بأحقية بعض هؤلاء المتدربين فى تثبيتهم على درجات دائمة تأسيسا على أن السيد المهندس/ وزير الزراعة واستصلاح الأراضى (حينذاك) أصدر القرار رقم (702) لسنة 2011 باتخاذ اجراءات تثبيتهم وأن هذا القرار قائم ومنتج لآثاره ولم يتم إلغاؤه أو تعديله، كما أنه لم يثبت انتفاء شروط تعيينهم بوظائف دائمة فى جانبهم، وبناء على ما تقدم فقد أثير التساؤل بخصوص كيفية تنفيذ هذه الأحكام لاسيما أنه قد صدرت من هيئة قضايا الدولة – وخاصة فرع سوهاج – خطابات بعدم الممانعة من تنفيذها رغم الشروع فى إقامة طعون وإشكالات فى هذه الأحكام، وكذا طلب إلغاء القرار رقم (702) لسنة 2011 المشار إليه من وزير الزراعة فى ضوء سبق إفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع المشار إليه، وكذلك كون عدد المتدربين يبلغ حوالى (38) ألف متدرب، ولذا فقد طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ونُفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 27 من يناير عام 2021م، الموافق 14 من جمادى الآخرة عام 1442هـ؛ فتبين لها أن المادة (100) من الدستور تنص على أن: “تصدر الأحكام وتُنفذ باسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها على النحو الذي ينظمه القانون. ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين، جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة، وعلى النيابة العامة بناء على طلب المحكوم له، تحريك الدعوى الجنائية ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أو المتسبب في تعطيله “. وأن المادة (101) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968 تنص على أن: “الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببًا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”. وأن المادة (50) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972 تنص على أنه: “لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك. كما لا يترتب على الطعن أمام محكمة القضاء الإداري في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية وقف تنفيذها إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك”، وأن المادة (52) منه تنص على أن: “تسرى فى شأن جميع الأحكام، القواعد الخاصة بقوة الشىء المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حُجة على الكافة”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وعلى ما استقر عليه إفتاؤها- أن حجية الأمر المقضى تعنى أن للحكم حجية فيما بين الخصوم وبالنسبة إلى ذات الحق محلا وسببًا، وبمقتضاها يمتنع إعادة طرح النزاع فى المسألة المقضى فيها فى دعوى أخرى بشرط أن تكون هذه المسألة واحدة فى الدعويين، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى، واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا، وأن تكون هى بذاتها الأساس فيما يدعى به فى الدعوى الثانية بين الخصوم أنفسهم، والأصل أن تثبت هذه الحجية لمنطوق الحكم دون أسبابه، إلا أن هذه الأسباب تكون لها الحجية إذا ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بمنطوق الحكم، بحيث لا يقوم المنطوق بغير هذه الأسباب وتثبت الحجية لكل حكم قطعى حتى لو كان قابلا للطعن عليه بطرق الطعن العادية، فتبقى الحجية قائمة ما دام الحكم قائمًا، فإذا طعن فيه بطريق اعتيادى كاستئناف أُوقِفت حجيته، وإذا ألغى زال وزالت معه حجيته، أما إذا تأيد ولم يعد قابلا للطعن عليه بطرق الطعن العادية، بقيت له حجية الأمر المقضى وأضيفت إليها قوة الأمر المقضى، وهى المرتبة العليا التى يصل إليها الحكم القضائى إذا أصبح نهائيًّا غير قابل للطعن عليه بطريق من طرق الطعن العادية، ومن ثم يتبين أن كل حكم حاز قوة الأمر المقضى يكون حتمًا حائزًا لحجية الأمر المقضى، والعكس غير صحيح، فقوة الأمر المقضى أشمل وأعم من حجية الأمر المقضى، وتظهر هذه الحقيقة جلية واضحة حينما نص المشرع فى المادة (101) من قانون الإثبات على أن: “الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة…”. وإنه ولئن كانت هذه هي القاعدة العامة فى الأحكام القضائية، فإن المشرع فى المادة (52) من قانون مجلس الدولة أفرد جميع أحكام محاكم مجلس الدولة– القطعية– بحكم خاص حيث جعلها بمختلف درجاتها تحوز قوة الأمر المقضى بمجرد صدورها، وهذه القوة تشمل فى طياتها الحجية. يضاف إلى ذلك أن الأحكام القطعية الصادرة عن محكمة القضاء الإدارى تكون واجبة التنفيذ، ولو تم الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا؛ لأن مثل هذا الطعن لا يوقف تنفيذها ما لم تأمر محكمة الطعن بوقف التنفيذ، إعمالاً لحكم المادة (50) من قانون مجلس الدولة المشار إليه.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وعلى ما جرى به إفتاؤها– أن الأحكام القضائية القطعية الصادرة عن محاكم مجلس الدولة تفرض نفسها عنوانًا للحقيقة، ويلزم تنفيذها نزولا على قوة الأمر المقضى الثابتة لها قانونًا والتى تشمل– على نحو ما تقدم– الحجية، لكون قوة الأمر المقضى التى اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام، بما لا يسوغ معه قانونًا– مع نهائية الحكم– إعادة مناقشته، وإنما التسليم بما قضى به؛ لأنه هو عنوان الحقيقة، وأن مقتضى تنفيذ الحكم الحائز لقوة الأمر المقضى، أن يتم تنفيذه بالمدى
الذى عيّنه الحكم، فيجب أن يكون التنفيذ كاملا غير منقوص على الأساس الذى أقام عليه الحكم قضاءه، ومن هنا كان لزامًا أن يكون التنفيذ موزونًا بميزان القانون من جميع النواحى والآثار، حتى يعاد وضع الأمور فى نصابها القانونى الصحيح وصولاً إلى الترضية القضائية التى يبتغيها من يلجأ إلى محاكم مجلس الدولة.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من استعراض الأحكام الصادرة للمتدربين بالإدارة المركزية للتشجير والبيئة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى (المعروضة حالاتهم)، أنها قضت فى منطوقها بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبى بالامتناع عن تثبيتهم بوظيفة دائمة على بند الأجور الثابتة مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وقد تضمنت أسباب تلك الأحكام إلزام الجهة الإدارية بتعيينهم بوظيفة دائمة على بند الأجور الثابتة، ولما كانت هذه الأحكام واجبة النفاذ، إذ إنه لم يُقْضَ بوقف تنفيذها أو إلغائها، مما يتعين معه تنفيذًا لهذه الأحكام، واحتراما لحجيتها، أن تقوم الجهة الإدارية بتعيينهم على النحو المبين سلفا.
ولا حجة للامتناع عن تنفيذ مقتضيات هذه الأحكام على سند من القول بسبق صدور إفتاء الجمعية العمومية بجلسة 13/12/2017 بالملف رقم 86/3/1168 بعدم أحقية حالات مماثلة فى التعيين على وظائف دائمة، إذ إنه ليس من شأن هذا الإفتاء وقف تنفيذ هذه الأحكام، وهوما يعضده ما استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية من أنه لا يجوز المجادلة فى تنفيذ الحكم، أو تعطيله، أو وقف تنفيذه، إلا عن طريق المحكمة التى أصدرته، أو محكمة الطعن– بحسب الأحوال– وفقا للإجراءات المقررة قانونا.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى وجوب تنفيذ الأحكام الصادرة للمعروضة حالاتهم بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبى بالامتناع عن تثبيتهم بوظيفة دائمة على بند الأجور الثابتة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |