بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 32/2/5350
السيد الفريق/ رئيس مجلس إدارة الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (6681) المؤرخ 31/10/2020م الموجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن النزاع القائم بين الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بخصوص مدى صحه العقد المبرم بتاريخ 6/2/2018 بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وشركة كليوباترا جروب للاستثمار الزراعي عن بيع مساحة (20 س/ 12 ط/711 ف) خارج الزمام بناحية سهل الطينة بمحافظة بورسعيد، في ضوء أحكام قانون التنمية المتكاملة بشبه جزيرة سيناء الصادر بالمرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2012، وسابقة فسخ العقد المبرم مع الشركة عن المساحة ذاتها محل العقد المشار إليه.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه خلال عام 1996 قام الجهاز التنفيذي لمشروع تنمية منطقة شمال سيناء على مياه ترعة السلام، بطرح مزايدة بنظام المظاريف المغلقة لتأجير أراضٍ؛ توطئة لتملكها عند ثبوت الجدية في الاستصلاح والاستزراع بمنطقة سهل الطينة بمشروع تنمية شمال سيناء، وتضمنت كراسة الشروط والمواصفات أن مدة التأجير تمتد إلى أربع سنوات وتنتهى بالتمليك عند ثبوت الجدية في الاستصلاح والاستزراع، وأرسيت القطعة رقم (ب) بمساحة (729) فدانًا بمنطقة سهل الطينة على شركة كليوباترا جروب للاستثمار الزراعي بواقع (13750) جنيهًا للفدان، وقامت الشركة بسداد نسبة 25 % كمقدم لثمن هذه المساحة، وتم تسليم الأرض للشركة بموجب محضر التسليم المؤرخ 17/5/1998، إلا أن الشركة قامت باستغلال بعض المساحات كمزارع سمكية، فأخطرتها جهة الإدارة بتاريخ 21/8/2008 بإزالة مظاهر الاستزراع السمكى، والبدء في أعمال الاستصلاح والاستزراع طبقًا للغرض المباعة من أجله هذه المساحة.
وبتاريخ 24/12/2008 قرر المجلس التنفيذي للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوصفها الجهة صاحبة الولاية على هذه المساحة بموجب القرار الجمهورى رقم (372) لسنة 2006، سحب وإلغاء التعاقد مع الشركات المخالفة لكراسة الشروط والمواصفات بمنطقة سهل الطينة، سواء من قام بتغيير الغرض المباعة من أجله هذه المساحات، أو من تقاعس عن سداد الأقساط المستحقة، وبعرض الموضوع على مجلس إدارة الهيئة باجتماعه الثالث عشر بتاريخ 2/5/2010 وافق على اعتماد توصيات المجلس التنفيذي للهيئة بفسخ التعاقد واسترداد المساحات المسلّمة للمستثمرين ضمن الفئة (أ)، و(ب) بمنطقة سهل الطينة، المخالفين كراسة الشروط لمن لم يسدد مستحقات الدولة أو من قام بتغيير النشاط إلى استزراع سمكى، ومن بينهم شركة كليوباترا جروب للاستثمار الزراعي، فأصدر المدير التنفيذي للهيئة القرار رقم (588) لسنة 2010 بسحب الأرض من الشركة، إلا أن الظروف الأمنية التي صاحبت ثورة 25 يناير حالت دون تنفيذ قرار سحب الأرض من الشركة، وبتاريخ 29/6/2011 تقدمت الشركة بطلب لجهة الإدارة لتسليم المبالغ المستحقة عليها إلا أنه تم رفض طلب الشركة لفسخ العقد المبرم معها.
كما أجرت النيابة الإدارية تحقيقا في الموضوع بالقضية رقم (49) لسنة 2012 انتهت فيها إلى توصية جهة الإدارة بتنفيذ الإجراءات المقررة قانونا حيال الشركة المذكورة في ضوء أحكام القانون والعقد المبرم معها. وإخطار مجلس الوزراء لاتخاذ ما يلزم، فورد إلى الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء المؤرخ 14/8/2012 متضمنًا أن السيد/ رئيس مجلس الوزراء أشّر بسرعة تنفيذ الإجراءات المقررة قانونا حيال الشركة لتخلفها عن سداد قيمة الأقساط المستحقة عليها، ومخالفتها للغرض المخصصة من أجله الأرض المباعة لها، ووفقًا للضوابط والشروط التي ستقرر بخصوص الانتفاع بأراضي سيناء، فقام الجهاز المذكور بإخطار الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بأن العقد المبرم مع الشركة المذكورة يعتبر مفسوخًا من تلقاء نفسه؛ لمخالفتها شروط التعاقد، وقيامها بتغيير الغرض من استخدام الأرض في الاستزراع السمكي، وعدم قيامها بسداد الأقساط المستحقة عليها في المواعيد المتفق عليها، كما لم تقم بسداد مقدم الأرض بنسبة (25 %) إلا بتاريخ 11/3/2004، وقامت بسداد إجمالي ثمن هذه المساحة بتاريخ 20/11/2017.
وبتاريخ 26/3/2018 ورد إلى الجهاز المذكور كتاب الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية رقم (716) المؤرخ 25/3/2018 متضمنا أنه تم معاينة المساحة الخاصة بالشركة المذكورة بتاريخ 21/8/2017، وتبين قيام الشركة بزراعة كامل المساحة، وقيامها بسداد كامل ثمن هذه المساحة بتاريخى 29/4/2013، و20/11/2017، واستنادًا إلى ذلك قامت الهيئة بتحرير عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/2/2018 مع الشركة المذكورة بذات المساحة السابق التعاقد عليها خلال عام 1998، وأن هذا العقد يعد امتدادًا للتعاقد المبرم مع الشركة خلال عام 1998، ومن ثم يكون التصرف قد تم قبل العمل بأحكام القانون رقم (14) لسنة 2012، ولا يتطلب الأمر الحصول على الموافقات الأمنية التي يتطلبها القانون المشار إليه، ومنها الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء، ويخضع لأحكام القوانين والقرارات التي أُبرم التعاقد في ظل العمل بأحكامها.
وبتاريخ 10/4/2018 أخطر الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء الهيئة المذكورة بوجوب تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر منذ عام 2012 بسرعة تنفيذ الإجراءات المقررة قانونا حيال الشركة المذكورة، وتوصية النيابة الإدارية الصادرة في القضية رقم (49) لسنة 2012، وأن عقد البيع المبرم مع الشركة بتاريخ 6/2/2018 يعد باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته أحكام القانون رقم (14) لسنة 2012 المشار إليه ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما، ولا يعد امتدادًا للتعاقد السابق مع الشركة خلال عام 1998، والذى يعد مفسوخًا من تلقاء نفسه طبقًا لشروط العقد، وأن المعاينات التي أجرتها الهيئة لهذه المساحة تبين عدم صحتها من واقع التحريات التي أجرتها هيئة الرقابة الإدارية المعروضة على السيد المهندس/ مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، والمتضمنة أن المساحات المنزرعة خلال عام 2017 تتراوح من فدان إلى (44) فدانًا حسبما يبين من الصور الفضائية لوحدة الاستشعار عن بعد بمركز البحوث الزراعية، وذلك على خلاف المعاينات التي أجرتها الهيئة واستندت إليها في تحرير عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/2/2018، كما استندت إليها إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة لدى استطلاع رأيها بشأن مدى صحة العقد المبرم مع الشركة في هذا الشأن، وكذا عدم اتخاذ أي إجراء لبحث صحة التعاقد في ضوء أن أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة وهو شريك أساسي في الشركة يحمل الجنسية الإيطالية ووالدته/ دانيلا دبويتنى إيطالية الجنسية (نجل رئيس مجلس إدارة شركة سيراميكا كيلوباترا) بالمخالفة لأحكام القانون رقم (14) لسنة 2012 المشار إليه والقرارات الصادرة تنفيذا له.
وإزاء تمسك الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بصحة العقد المبرم مع شركة كيلوباترا جروب للاستثمار الزراعي بتاريخ 6/2/2018 لكونه امتدادًا للعقد المبرم مع الشركة عن ذات المساحة خلال عام 1998، وتمسك الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء ببطلان العقد محل النزاع، فقد طلب الجهاز المذكور عرض النزاع على الجمعية العمومية.
ونفيد أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 10 من فبراير عام 2021م الموافق 28 من جمادى الآخرة عام 1442هـ؛ فتبين لها أن المادة (89) من القانون المدني تنص على أن: “يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد”، وتنص المادة (147) منه على أن: “1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون…”، وأن المادة (148) منه تنص على أن: “1- يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية…”، وأن المادة (157) منه تنص على أنه: “1- في العقود الملزمة للجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه، جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض…”، وأن المادة (158) منه تنص على أن: “يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار، إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحةً على الإعفاء منه”، وأن المادة (269) منه تنص على أن: “1- يترتب على تحقق الشرط الفاسخ زوال الالتزام، ويكون الدائن ملزمًا بردّ ما أخذه، فإذا استحال الردّ لسبب هو مسئول عنه وجب عليه التعويض…”، وأن المادة (270) منه تنص على أنه: “1ـ إذا تحقق الشرط استند أثره إلى الوقت الذى نشأ فيه الالتزام، إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو من طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما يكون فى الوقت الذى تحقق فيه الشرط …”. وتنص المادة (13) من القانون رقم (143) لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية على أن: “يكون تصرف الهيئة في الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط، ووفقًا للقواعد والشروط والأوضاع التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن… وفى جميع الأحوال يكون استغلال الأرض عن طريق تأجيرها لمدة ثلاث سنوات فإذا ثبتت الجدية في الاستصلاح خلالها تملك الأرض لمستأجرها بقيمتها قبل الاستصلاح والاستزراع مع خصم القيمة الإيجارية المسددة من ثمن الأرض، وإذا لم يثبت الجدية اعتبر عقد الإيجار مفسوخًا من تلقاء ذاته دون حاجة إلى إجراءات وتسترد الأرض إداريا ممن كان قد استأجرها. وتنص المادة (16) من القانون سالف الذكر على أن: “يلتزم المتصرف إليه باستصلاح الأرض المبيعة باستزراعها خلال المواعيد وطبقًا للبرامج والشروط والأوضاع التي يحددها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة في هذا الشأن. ويحظر استخدام الأراضي المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله… ويقع باطلا كل إجراء يخالف ذلك ولا يجوز شهره ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.
وفى حالة مخالفة أحكام هذه المادة يكون لمجلس إدارة الهيئة أن يقرر إزالة أسباب المخالفة إداريا على نفقة المخالف واسترداد الأرض محل المخالفة إذا لم يقم المخالف بإزالتها خلال المدة التي تحددها له الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول”.
كما تبين للجمعية العمومية أن المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2012 بإصدار مرسوم بقانون بشأن التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء– بعد تعديلها بموجب القرار بقانون رقم (95) لسنة 2015- تنص على أن: “تسرى أحكام هذا القرار بقانون على كافة الأنشطة والمشروعات التي أقيمت اعتبارًا من 19/1/2012. أما بالنسبة للأنشطة والمشروعات القائمة فعليًّا أو التعاقدات أو قرارات التخصيص أو إجراءات التعاقد التمهيدية أو أي ارتباطات قانونية أخرى مع جهات الولاية المختصة السابقة على صدوره فيسرى عليها القانون الذى أنشئت في ظله حتى انقضاء كيانها القانوني وذلك بعد العرض على مجلس الإدارة. وعلى الجهات المختصة بالدولة وذوى الشأن توفيق الأوضاع القانونية وفقًا لذلك خلال ستة أشهر من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية”. وأن المادة رقم (2) من القانون رقم (14) لسنة 2012 المشار إليه- والمعدلة بموجب القانون رقم (95) لسنة 2015- تنص على أن: “يكون تملك الأراضى والعقارات المبنية بالمنطقة للأشخاص الطبيعيين من حاملى الجنسية المصرية وحدها دون غيرها من أية جنسيات أخرى ومن أبوين مصريين وللأشخاص الاعتبارية المصرية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين، ويقع باطلا بطلانا مطلقا أى عقد تملك يبرم على خلاف ذلك ولكل ذى شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها… على أنه يجوز لمجلس الإدارة وللأسباب التى يقدرها بعد موافقة وزارتى الدفاع والداخلية والمخابرات العامة الموافقة على الآتى: تملك المنشآت المبنية فقط للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من المصريين مزدوجى الجنسية وغير المصريين بالمنطقة دون الأرض المقامة عليها. تقرير حق انتفاع لغير المصريين بوحدات بغرض الإقامة فيها بالمنطقة لمدة أقصاها 50 سنة. ومع ذلك يجوز بقرار من رئيس الجمهورية لأسباب يقدرها وبعد موافقة كل الجهات المشار إليها فى الفقرة السابقة وموافقة مجلس الوزراء معاملة من يتمتع بجنسية إحدى الدولة العربية المعاملة المقررة للمصريين فى هذا القرار بقانون بالنسبة للوحدات بغرض الإقامة… وفى جميع الأحوال لا يجوز تملك أو تخصيص الأراضي أو العقارات أو الوحدات بغرض الإقامة أو منح حق الانتفاع أو إجراء أى تصرفات بها عقارية أو عينية سواء للمصريين أو الأجانب أو التأجير للأجانب بالمنطقة إلا بعد الحصول على موافقة مجلس الإدارة ووزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة. ويقع باطلا بطلانا مطلقا أى عقد يبرم على خلاف ذلك ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة
أن تقضى به من تلقاء نفسها”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تتقدم– وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن المشرع استنّ أصلا عامًّا في القانون المدنى مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين بحيث تقوم قواعده مقام قواعد القانون بالنسبة إلى طرفيه فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون, وأنه يتعين تنفيذه طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية مادام قد نشأ صحيحًا ملزمًا وفى الدائرة التى يجيزها القانون، فإذا تولى المتعاقدان بإرادتيهما الكاملة تنظيم هذه العلاقة فيما بينهما في العقد، كان العقد هذا هو القانون الذى يحكم هذه العلاقة، والنتيجة المباشرة لهذا المبدأ أنه لا يجوز نقض العقد ولا تعديله سواء من جهة القاضى أو من جهة أحد طرفيه دون الآخر، وأنه وفقًا لنص المادة (269/1) من القانون المدني يترتب على تحقق الشرط الفاسخ زوال الالتزام، وأن فسخ العقد قد يقع بمقتضى الاتفاق حين يتفق المتعاقدان على أن يكون العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه عند عدم الوفاء بالالتزام، وإذا اتفقا على أن الفسخ يقع دون حاجة إلى حكم أو إنذار، فيقع فسخ العقد من تلقاء نفسه عند حلول ميعاد الوفاء إن لم يقم المدين به، فلا تكون هناك حاجة إلى الإعذار ولا إلى رفع دعوى للحصول على حكم بالفسخ، والشرط الفاسخ الصريح يسلب القاضى كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، ولا يبقى له في اعتبار الفسخ حاصلا فعلا إلا التحقق من حصول المخالفة التى يترتب عليها.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن المشرع حدّد على نحو جلى نطاق إعمال أحكام المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2012 بنصّه في المادة الثانية من مواد إصداره – بعد تعديلها بالقرار بقانون رقم (95) لسنة 2015– على سريان أحكامه على جميع الأنشطة والمشروعات التى أقيمت بدءًا من 19/1/2012، أما الأنشطة والمشروعات القائمة فعليًّا ، أو التعاقدات، أو قرارات التخصيص أو إجراءات التعاقد التمهيدية، أو أي ارتباطات قانونية أخرى مع جهات الولاية المختصة السابقة على صدوره، فيطبق عليها القانون الذى أُنشئت في ظله حتى انقضاء كيانها القانونى، وذلك بعد العرض على مجلس إدارة الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء.
وحيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 25/6/1996 طرحت جهة الإدارة مزايدة علنية بنظام المظاريف المغلقة للتصرف في أراضٍ بمنطقة سهل الطينة بمشروع تنمية شمال سيناء، وتضمنت كراسة الشروط والمواصفات الخاصة بالمزايدة ونماذج العقود المرفقة بها والموقع عليها من المتقدمين للمزايدة،
أن التصرف في هذه المساحات يتم بطريق الإيجار لمدة سنة تمتد إلى أربع سنوات، تبدأ من تاريخ توفير مياه الري، وتنتهى بالتملك إذا ما تثبت جدية الراسي عليه المزاد في الاستصلاح والاستزراع خلالها، وإذا ما ثبت للجهة الإدارية- بناء على تقارير اللجان الفنية المختصة بالمعاينة– عدم جدية الطرف الثانى (الراسي عليه المزاد) في الاستصلاح والاستزراع (خلال مدة الأربع السنوات) اعتبر عقد الإيجار مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إعذار أو حكم قضائي، وإذا ثبتت جدية الطرف الثانى في إنشاء البنية الداخلية واستصلاح واستزراع كامل المساحة– خلال الأربع السنوات الإيجارية- تقوم جهة الإدارة بتحرير عقد بيع للراسي عليه المزاد بالمساحة الراسية عليه بذات الثمن المحدد بعقد الإيجار، ويصبح التأمين النهائى مقدمًا للثمن، ولا يخصم منه أية قيمة إيجارية، ويتم تقسيط باقى الثمن على عشرة أقساط سنوية متساوية، فإذا تأخر الطرف الثانى عن سداد قسطين متتاليين في موعديهما، يعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إعذار أو حكم قضائي، مع اعتبار ما سدد من أقساط تعويضًا للطرف الأول عن فسخ عقد البيع.
كما تضمنت كراسة الشروط الخاصة بالمزايدة ونماذج العقود المرفقة بها، النص على أنه يحظر على الراسي عليه المزاد استخدام الأرض موضوع التعاقد في أغراض الإنتاج الزراعي بشقيه النباتى والحيوانى التحويلى إلا بترخيص من جهة الإدارة، كما يحظر على الراسي عليه المزاد استخدام الأراضى كمزارع سمكية أو تعديل طرق الري المقررة للأرض. وفى حالة مخالفة ذلك يكون للطرف الأول الحق في إزالة أسباب المخالفة إداريًّا على نفقة الراسي عليه المزاد، واسترداد الأرض إذا لم يقم بإزالة المخالفة خلال المدة التى تحددها له جهة الإدارة (بكتاب موصى عليه على عنوانه المبين بالعقد) ويتم استرداد الأرض بالطريق الإداري بما عليها من منشآت وأعمال مقابل أن يدفع الطرف الأول للطرف الثانى قيمتها مستحقة الإزالة.
وبتاريخ 5/12/1996 تم ترسية القطعة رقم (ب) بمنطقة سهل الطينة بمساحة (729) فدانًا على شركة كيلوباترا جروب للاستثمار الزراعي بواقع (13750) جنيهًا للفدان بقيمة إجمالية مقدارها (10023750) جنيهًا وتم تسليم الأرض للشركة بموجب محضر التسليم المؤرخ 17/5/1998. وتم توفير مياه الري للمساحة المشار إليها بتاريخ 8/9/1999، الأمر الذى يتعين معه على الشركة المذكورة الانتهاء من إنشاء البنية الداخلية واستصلاح واستزراع كامل المساحة خلال مدة أقصاها 7/9/2003 إلا أنه نظرًا لعدم قيام بعض الشركات، ومن بينها الشركة المذكورة بسداد مستحقات الدولة عن المساحات المتعاقد عليها، وقيامهم بتغيير الغرض المخصصة من أجله هذه المساحات؛ وذلك باستغلالها في الاستزراع السمكى بالمخالفة لكراسة الشروط الخاصة بالمزاد، قرر مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بتاريخ 22/1/2008 فسخ التعاقد مع جميع الشركات المخالفة، فقامت الهيئة بإنذار الشركة المذكورة لسداد المبالغ المستحقة عليها، لكن دون جدوى، وبإعادة عرض الموضوع على مجلس إدارة الهيئة بتاريخ 24/11/2008 قرر عرض الموضوع على المجلس التنفيذى للهيئة الذى أوصى بجلسة 24/12/2008 بسحب وإلغاء التعاقد مع كل من خالف الشروط الواردة بكراسة الشروط بمنطقة سهل الطينة، سواء بعدم سداد الثمن أو تغيير الغرض المخصصة من أجله المساحة، وتم اعتماد توصية المجلس التنفيذى للهيئة من مجلس إدارة الهيئة بجلسته المعقودة بتاريخ 2/5/2010، وتم إخطار الشركة بفسخ التعاقد المبرم معها في هذا الشأن. ومن ثم يعتبر العقد المبرم مع الشركة فى هذا الشأن كأن لم يكن، ويعاد المتعاقدان إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد. ومن ثم لا يجوز للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية البدء في اتخاذ أي إجراءات تعاقدية مع الشركة المذكورة عن ذات المساحة المحرر بشأنها العقد الابتدائي المؤرخ 6/2/2018 بعد العمل بأحكام المرسوم بقانون بشأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء رقم (14) لسنة 2012 وتعديلاته بدءًا من 19/1/2012، دون الالتزام بأحكامه التي أوردها في هذا الشأن على النحو آنف البيان، وهو ما يستتبع بطلان عقد بيع تلك المساحة. ولا يعد هذا العقد امتدادًا للعقد المبرم مع الشركة خلال عام 1998 ما دامت إجراءات انعقاد البيع لم تكن قد اكتملت قبل بدء العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2012 المشار إليه. ومما يؤكد ذلك أنه عقب قيام الهيئة بفسخ العقد مع الشركة تقدمت الشركة بطلب مؤرخ 30/5/2013 لسداد باقي المبالغ المستحقة عن هذه المساحة، فتم رفض الطلب لصدور قرار مجلس إدارة الهيئة بفسخ التعاقد المبرم معها؛ الأمر الذى يبين منه أن العقد المبرم مع الشركة بتاريخ 6/2/2018 يعد تعاقدًا جديدًا دون مراعاة ما رسمه المشرع من إجراءات وقواعد في هذا الشأن. بالإضافة إلى ما تقدم فقد قامت الهيئة المذكورة بالتعاقد مع الشركة بموجب العقد المشار إليه استنادًا إلى المعاينة التي أجرتها اللجنة الفنية بالهيئة بتاريخ 21/8/2017، والتي أثبتت قيام الشركة بزراعة كامل المساحة زيتون وبنجر، وتبين بعد ذلك عدم صحة هذه المعاينة ومخالفتها للوضع على الطبيعة. حسبما تبين من الصور الفضائية لوحدة الاستشعار عن بعد بمركز البحوث الزراعية المبين بها أن المساحة المنزرعة خلال عام 2017 تتراوح من فدان إلى (44) فدانًا فقط.
ولا يغير مما تقدم موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بجلسته المعقودة بتاريخ 24/11/2014 على قيام الشركة المذكورة باستغلال المساحة في الاستزراع السمكي مع عدم الاعتماد على مياه الري المخصصة للمشروع بغرض الزراعة، إذ لا تعدو هذه الموافقة أن تكون للتعامل مع الشركة كواضع يد على هذه المساحة مع تحصيل مستحقات الدولة، ولا تُعد موافقة على استمرار التعاقد مع الشركة لمخالفة ذلك لأحكام القانون رقم (143) لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، والذي استلزم أن يكون تصرف الهيئة في الأراضي الصحراوية بغرض الاستصلاح والاستزراع فقط، ويقع باطلا كل إجراء يخالف ذلك، ومخالفته العقد المبرم مع الشركة في هذا الشأن، فضلا عمّا يمثله هذا القول من إخلال بالمساواة وتكافؤ الفرص مع المتقدمين للمزايدة خلال عام 1996، ومما يؤيد ذلك ما قرره مجلس إدارة الهيئة بجلسة 27/5/2012 بشأن التأكيد على سحب وإلغاء التعاقد مع الشركات المخالفة للشروط الواردة بكراسة الشروط بمنطقة سهل الطينة، والتعامل مع الأفراد واضعي اليد الجادين والموجودين على الطبيعة تمهيدًا لتقنين أوضاعهم بحق الانتفاع لمدة (49) عامًا بالقيمة التي تقدرها اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى سريان أحكام قانون التنمية المتكاملة بشبه جزيرة سيناء الصادر بالمرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2012 على العقد المبرم بتاريخ 6/2/2018 بين الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وشركة كليوباترا جروب للاستثمار الزراعي في الحالة المعروضة، بما مؤداه بطلان هذا العقد بطلانًا مطلقًا، على النحو المبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |