برئاسة السيد الأسـتاذ المستشار الدكتور/ هانئ أحمد الدرديري
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأسـاتذة المستشارين/ سعيد سيد أحمد القصير، وجعفر محمد قاسم عبد الحميد، وعبد الفتاح أمين عوض الله، وأشرف حسن أحمد حسن.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) ضرائب– الضريبة العامة على المبيعات- وعاؤها- خضوع خدمات أعمال نقل البضائع والمواد لهذه الضريبة بدءا من 22/4/2002 (تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات)- عدم دستورية عبارة “خدمات التشغيل للغير” الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 ينصبُّ على هذه العبارة وحدها، ولا يتعداها إلى الخدمات نفسها الواردة بهذا القانون، ومنها “أعمال نقل البضائع والمواد”([1]).
– المادتان (2) و(3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991, والمعدَّل بموجب القانون رقم 2 لسنة 1997 (الملغى لاحقًا بموجب القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة).
– القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات.
– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 232 لسنة 29 القضائية (دستورية) بجلسة 15/4/2007.
(ب) دستور– المحكمة الدستورية العليا- آثار الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية- تحوزُ هذه الأحكامُ حجيةً مطلقة، وتُعَدُّ قولا فصلا لا يقبل تعقيبًا أو تأويلا من أية جهةٍ- لا تقتصرُ حجيتُها على أطراف الدعوى الدستورية، بل تمتد إلى الجميع، وإلى جميع سلطات الدولة، بما فيها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها- تتولى محكمةُ الموضوع دون غيرها إعمالَ آثار الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية وتحديد نطاقها ومدى سريانها بأثر رجعي في الحدود الواردة بنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا- الأصل أن القضاء بعدم دستورية نص تشريعي هو حكمٌ كاشف لِما لحق النص من عوارٍ دستوري، ويؤدي إلى زوال النص منذ بدء العمل به- يُستثنى من ذلك: الحكم بعدم دستورية نص ضريبي، فلا يكون له إلا أثر مباشر؛ حتى لا تضطرب موازنة الدولة- هذا الاستثناء يُقَدَّرُ بقدره، فلا يجوزُ التوَسعُ فيه أو القياسُ عليه([2])– تطبيق: لا يجوزُ استردادُ ما دُفِعَ من مبالغَ كضريبةِ مبيعاتٍ على أعمال نقل البضائع والمواد عن مددٍ سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه سالفًا، كما لا يجوزُ مطالبةُ من لم يُؤَدِّ تلك الضريبة بأدائها عن مددٍ سابقة على التاريخ المذكور؛ لعدم خضوع تلك الأعمال لهذه الضريبة قبل هذا التاريخ- لا يغير من ذلك أن قوانين الموازنة العامة للدولة كانت تتضمن الإشارة إلى خضوع أعمال المقاولات لضريبة المبيعات، إذ إن هذه القوانين لا تعدو أن تكون قوانين من حيث الشكل، يلزم لتنفيذها في مجال الضرائب سبق صدور قانون ضريبي يُلزم بالضريبة.
– المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979, المعدَّلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998.
في يوم الخميس الموافق 22/11/2001 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) بجلسة 25/9/2001 في الدعوى رقم 4977 لسنة 52ق, الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبعدم الاعتداد بمطالبة الجهة الإدارية للشركة المدعية بضريبة المبيعات عن خدمة النقل عن الفترة من 1/5/1995 حتى 31/12/1995، مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بتقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه، ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني في الطعن, ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 14/3/2011 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بالمحكمة لنظره بجلسة 2/4/2011 وعلى قلم كتاب المحكمة إخطار الخصوم، وقد نظرت هذه المحكمة الطعن بالجلسة المحددة في 2/4/2011, وتدوول نظره أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/11/2014 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 24/1/2015 مع التصريح بالاطلاع وإيداع مستندات ومذكرات خلال عشرين يومًا مناصفة تبدأ بالطاعن، وانقضى الأجل المضروب دون إيداع أية مستندات أو مذكرات من أيٍّ من الخصوم، وبجلسة اليوم 24/1/2015 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن الطعن قد أقيم خلال الميعاد القانوني المقرر، مستوفيًا جميع أوضاعه الشكلية المقررة, فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه وبتاريخ 24/4/1997 أقامت الشركة المطعون ضدها الدعوى الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه ابتداء أمام محكمة الجيزة الابتدائية, حيث قيدت بجدولها برقم 338 لسنة 1997 ضرائب كلي الجيزة, طالبة في ختام صحيفتها الحكم بعدم أحقية المدعى عليهم في مطالبتها بضريبة مبيعات عن الفترة من 1/5/1995 حتى 31/12/1995.
وذكرت الشركة المطعون ضدها شرحًا لدعواها أنها علمت في 15/4/1997 بوجود تنبيهٍ وإنذارٍ لها بأداء مبلغ (14306,58) جنيهات كضرائب مبيعات عن الفترة من 1/5/1995 حتى 31/12/1995, رغم أنها لم تخطر بنماذج ربط الضريبة عن تلك الفترة, وأن الشركة تقوم بأداء الضرائب المستحقة عليها أولا بأول, كما أنها تعمل في إنتاج سلع معفاة من الضريبة.
وبجلسة 30/11/1997 حكمت محكمة الجيزة الابتدائية (الدائرة 18 ضرائب كلي الجيزة) بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة لنظرها…، وأبقت الفصل في المصاريف.
………………………………………………….
ونفاذًا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وقيدت بجدولها برقم 4977 لسنة 52ق، وبجلسة 25/9/2001 حكمت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) بقبول الدعوى شكلا، وبعدم الاعتداد بمطالبة الجهة الإدارية للشركة المدعية بضريبة المبيعات عن خدمة النقل عن الفترة من 1/5/1995 حتى 31/12/1995، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن خدمات النقل- عدا خدمات شركات النقل السياحي والنقل المكيف بين المحافظات- لم ترد ضمن الخدمات المنصوص عليها بالجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991, كما أنها لا تعد من قبيل خدمات التشغيل للغير, ومن ثم فإن قيام المأمورية المدعى عليها الثالثة بإخضاع خدمات النقل التي قامت بها الشركة المدعية خلال المدة من 1/5/1995 حتى 31/12/1995 للضريبة المذكورة ومطالبتها بمبلغ (14306,58) جنيهات يكون مخالفًا للقانون, ويتعين القضاء بعدم الاعتداد بهذه المطالبة، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها براءة ذمة الشركة المدعية من المبلغ المذكور سالفًا.
………………………………………………….
وإذ لم يلقَ هذا الحكم قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة، فقد طعنت عليه بالطعن الماثل, تأسيسًا على مخالفة الحكم للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله, على سندٍ من أن خدمات النقل تدخل ضمن خدمات التشغيل للغير المنصوص على خضوعها قانونًا لضريبة المبيعات, وأن المشرع تولى تفسير المقصود بخدمات التشغيل للغير في القوانين المتعاقبة للموازنة العامة للدولة, موضحًا أن من بين هذه الخدمات خدمات النقل، واخْتُتِمَ تقريرُ الطعن بالطلبات المشار إليها سلفًا في الإجراءات.
………………………………………………….
وحيث إن مقطع النزاع في المنازعة الماثلة -على وفق التكييف الصحيح لطلبات الشركة المطعون ضدها في دعواها الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه وما تضمنته أوراق النزاع- يخلص في مدى خضوع نشاط خدمات نقل البضائع والمواد للضريبة على المبيعات, ومن ثم مدى قانونية مطالبة الشركة المطعون ضدها بمبلغ (14306,58) جنيهات كضريبة مبيعات عن نشاطها في نقل البضائع والمواد (الطوب الأسمنتي) عن شهري 5 و12 عام 1995.
وحيث إن المادة (2) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن: “تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص. وتفرض الضريبة على الخدمات الواردة بالجدول رقم (2) المرافق لهذا القانون…”.
وتنص المادة (3) من القانون المشار إليه على أن: “يكون سعر الضريبة على السلع 10%, وذلك عدا السلع المبينة في الجدول رقم (1) المرافق فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل منها. ويحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات. ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة، وتعديل سعر الضريبة على بعض السلع. كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمي (1), (2) المرافقين…”.
وحيث إنه استنادًا لنص المادة (3) من القانون المشار إليه, صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 بتعديل الجدول رقم (2) المرافق للقانون، وأضاف عبارة: “خدمات التشغيل للغير” دون تحديد ماهية تلك الخدمات أو بيان مفرداتها، ثم صدر القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام القانون المذكور، وألغى قرار رئيس الجمهورية المبين سالفًا، وأضاف إلى جدول الخدمات “خدمات التشغيل للغير” دون تحديد الخدمات التي تندرج تحتها.
وحيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، المشار إليه، نص في مادته الأولى على أن: “تفسر عبارة «خدمات التشغيل للغير» الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بأنها: الخدمات التي تُؤَدَّى للغير باستخدام أصول أو معدات مورد الخدمة المملوكة له أو للغير، ويتم تشغيلها بمعرفة مورد الخدمة أو قوة العمل التابعة له أو تحت إشرافه، وهي جميع أعمال التصنيع بما في ذلك تشغيل المعادن، وأعمال تغيير حجم أو شكل أو طبيعة أو مكونات المواد، وأعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة، وأعمال مقاولات التشييد والبناء، وإنشاء وإدارة شبكات البنية الأساسية وشبكات المعلومات، وخدمات نقل البضائع والمواد، وأعمال الشحن والتفريغ والتحميل والتستيف والتعتيق والوزن، وخدمات التخزين وخدمات الحفظ بالتبريد، وخدمات الإصلاح والصيانة وضمان ما بعد البيع، وخدمات التركيب، وخدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان، وخدمات استغلال الأماكن المجهزة”.
وحيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه نص في مادته الثانية على أنه: “مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون، يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره …”، وقد نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية- العدد (16 مكررًا) في 21/4/2002, وعمل به اعتبارًا من 22/4/2002.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 15/4/2007 في القضية رقم 232 لسنة 29 ق. دستورية بما يلي:
أولا: عدم دستورية عبارة “خدمات التشغيل للغير” الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991- المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997.
ثانيًا: عدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والذي ينص على أنه “مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون”.
وحيث إن دائرة توحيد المبادئ قضت بجلسة 1/3/2014 في الطعن رقم 5371 لسنة 47ق. عليا بأن عدم دستورية عبارة “خدمات التشغيل للغير” المقضي بها بحكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، ينصب على هذه العبارة وحدها، ولا يتعداها إلى الخدمات الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه، ومن بين تلك الخدمات أعمال (نقل البضائع والمواد)، ومؤدى ذلك: أن تلك الأعمال تخضع للضريبة على المبيعات.
وحيث إنه عن الأثر الكاشف لحكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فإن المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 (المعدلة بالقانون رقم 168 لسنة 1998) تنص على أن: “أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة.
وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ صدورها.
ويترتبُ على الحكم بعدم دستورية نص في قانونٍ أو لائحة, عدمُ جوازِ تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدِّد الحكمُ لذلك تاريخًا آخر أسبق، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص…”.
وحيث إن المستقر عليه أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية تحوزُ حجيةً مطلقة، وتعد قولا فصلا لا يقبل تعقيبًا أو تأويلا من أية جهة، ولا تقتصر حجيتها على أطراف الدعوى الدستورية, بل تمتد إلى الكافة، ولجميع سلطات الدولة بفروعها وتنظيماتها المختلفة بما فيها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ومن ثم فإن محكمة الموضوع هي التي تتولى دون غيرها إعمال آثار الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية، وتحديد نطاقها ومدى سريانها بأثر رجعي، في الحدود الواردة بنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية نصٍّ تشريعي هو حكمٌ كاشف لِما لحق النص من عوارٍ دستوري, يؤدي إلى زوال النص منذ بدء العمل به، ويستثنى من ذلك الحكم بعدم دستورية نص ضريبي, فلا يكون له إلا أثر مباشر، وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998- الذي أتى بهذا التعديل التشريعي على نص المادة (49) من القانون رقم 48 لسنة 1979 المشار إليه- عن العلة من هذا الاستثناء, وهي أن إبطال المحكمة نصًّا ضريبيًا بأثرٍ رجعي يؤدي إلى رد حصيلة الضريبة إلى الذين دفعوها، في الوقت الذي تكون فيه الدولة قد أنفقت تلك الحصيلة في تغطية أعبائها, مما يعجزها عن مواصلة تنفيذ خطتها في مجال التنمية ويعوقها عن تطوير أوضاع مجتمعها، بل إنه قد يحملها على فرض ضرائب جديدة لسد العجز في موازنتها, الأمر الذي يرتب آثارًا خطيرة تنعكس سلبًا على المجتمع، وتؤدي إلى اضطراب موازنة الدولة فلا تستقر مواردها على حال.
وحيث إنه بناء على ما تقدم، فإن الأثر المباشر للحكم بعدم دستورية نص ضريبي, هو استثناءٌ على الأصل المقرَّر وهو رجعية الحكم بعدم دستورية نص تشريعي، وهذا الاستثناء يُقَدَّرُ بقدره فلا يجوزُ التوسعُ فيه أو القياسُ عليه. (الحكم الصادر عن دائرة توحيد المبادئ بجلسة 1/3/2014 في الطعن رقم 5371 لسنة 47ق.ع).
وحيث إن مفاد ما تقدم أن أعمال (نقل البضائع والمواد) أضحت دون نزاع خاضعة للضريبة العامة على المبيعات اعتبارًا من 22/4/2002 (تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه)، وإعمالا للأثر المباشر للحكم بعدم دستورية عبارة “خدمات التشغيل للغير”, والعلة من التعديل التشريعي الذي طرأ على نص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، لا يجوز استرداد ما دفع من مبالغ كضريبة مبيعات على أعمال نقل البضائع والمواد عن مدد سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002 المبين سالفًا، كما لا يجوز مطالبة من لم يُؤَدِّ تلك الضريبة بأدائها عن مدد سابقة على التاريخ المذكور، بحسبان عدم خضوع تلك الأعمال لهذه الضريبة قبل هذا التاريخ.
ولا يغير من ذلك أن قوانين الموازنة العامة للدولة كانت تتضمن الإشارة إلى خضوع أعمال المقاولات لضريبة المبيعات، إذ إن هذه القوانين لا تعدو أن تكون قوانين شكلية يلزم لتنفيذها في مجال الضرائب سبق صدور قانون ضريبي يُلزم بالضريبة.
وحيث إنه متى كان ما تقدم, وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قد أقامت دعواها الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه بتاريخ 24/4/1997 طالبة -على وفق التكييف الصحيح لطلباتها- بعدم الاعتداد بمطالبتها بمبلغ (14306,58) جنيهات قيمة ضريبة المبيعات المطالبة بها عن شهري 5و12 لعام 1995 عن نشاطها في نقل البضائع والمواد (الطوب الأسمنتي) مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصدر الحكم المطعون فيه بعدم الاعتداد بمطالبة الجهة الإدارية للشركة المطعون ضدها بضريبة المبيعات عن خدمة النقل عن الفترة من 1/5/1995 حتى 31/12/1995 مع ما يترتب على ذلك من آثار, على النحو المبين بأسباب ذلك الحكم, والتي ورد بها أن أخص هذه الآثار هو براءة ذمة الشركة المدعية (المطعون ضدها) من المبلغ المذكور سالفًا، ومن ثم فإنه -ومن جماع ما تقدم- وتأسيسًا على عدم خضوع أعمال نقل البضائع والمواد لضريبة المبيعات قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002, فإن الشركة المطعون ضدها لا تكون مطالبة قبل هذا التاريخ بأداء أية مبالغ تحت حساب ضريبة المبيعات على أعمال نقل البضائع والمواد التي قامت بها قبل التاريخ المذكور, ويتعين القضاء ببراءة ذمتها من المبالغ التي تطالب بها ولم تؤدها كضريبة مبيعات عن تلك الأعمال, ومن بينها مبلغ (14306,58) جنيهات قيمة ضريبة المبيعات عن نشاطها في أعمال نقل البضائع والمواد محل المطالبة عن شهري 5 و12 لعام 1995، مع عدم أحقية الشركة المطعون ضدها في استرداد أية مبالغ تكون قد دفعتها بالفعل كضريبة مبيعات عن أعمال نقل البضائع والمواد قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002, إعمالا للأثر المباشر لحكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم الاعتداد بمطالبة الجهة الإدارية للشركة المطعون ضدها بضريبة المبيعات عن خدمة النقل (نقل البضائع والمواد) عن الفترة من 1/5/1995 حتى 31/12/1995- باعتبارها فترة سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002- وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها براءة ذمة الشركة من مبلغ (14306,58) جنيهات, قيمة ضريبة المبيعات التي لم تؤدها الشركة عن نشاطها في أعمال نقل البضائع والمواد محل المطالبة عن شهري 5 و12 عام 1995, قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون قائمًا على سببه المبرر له بمنأى عن الإلغاء، ودون أن تمتد آثار هذا الحكم إلى رد أية مبالغ تكون الشركة المطعون ضدها قد دفعتها بالفعل كضريبة مبيعات عن أعمال نقل البضائع والمواد عن فترات سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002، ويكون الطعن على هذا الحكم والحال هكذا مفتقدًا إلى سنده القانوني السليم جديرًا بالرفض.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (270) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعًا، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
[1])) يراجع في ذلك: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 807 لسنة 49ق.عليا بجلسة 19/4/2008 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 53 مكتب فني- جـ 2- المبدأ رقم 144- ص1086), وكذلك حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة في الطعن رقم 5371 لسنة 47ق.عليا بجلسة 1/3/2014 (منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في السنة 59، مكتب فني، المبدأ رقم2)، وكذلك حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 5903 لسنة 47ق.عليا بجلسة 26/1/2007 (غير منشور ومُشار إليه بحكم دائرة توحيد المبادئ المذكور سالفًا) بشأن خضوع جميع خدمات التشغيل للغير المحددة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 (ومنها أعمال النقل) للضريبة العامة على المبيعات.
[2])) يراجع في هذا المعنى كذلك: حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 5371 لسنة 47ق.عليا (منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في السنة 59، مكتب فني، المبدأ رقم2).
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |