مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 19304 لسنة 56 القضائية (عليا)
فبراير 24, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 22647 لسنة 58 القضائية (عليا)
فبراير 24, 2021

الدائرة السادسة – الطعنان رقما 33436 و 40664 لسنة 56 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 25 من ديسمبر سنة 2013

الطعنان رقما 33436 و 40664 لسنة 56 القضائية (عليا)

(الدائرة السادسة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعبد الحميد عبد المجيد عبد الحميد، وعمرو محمد جمعة عبد القادر.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- يلزم أن يكون تقرير الطعن أمامها مُوَقَّعًا، سواءً من محامٍ مُقيَّد بجدول نقابة المحامين للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا والنقض، أو من عضوٍ من هيئة قضايا الدولة شاغلٍ لدرجةٍ لا تقل عن درجة (مستشار)، وإلا كان تقريرُ الطعن مشوبًا بالبطلان؛ باعتبار أن هذا الأمر من النظام العام، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها([1]).

– المادتان رقما (25) و(44) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.

(ب) صيدلية– نقل ترخيصها- أحكامه- حدَّدَ المشرِّعُ أحوالَ إلغاءِ الترخيصِ الصادر للمؤسسة الصيدلية حصرًا، ومنها حالة نقلها من مكان لآخر- استثنى المشرِّعُ من ذلك حالة الضرورة المُلْجِئة التي يتعرضُ لها المرخَّصُ له في حالة الهدم أو الحريق- نتيجةً لهذا الظرف الطارئ الخارج عن إرادة صاحب الصيدلية، تنتقلُ الصيدليةُ إلى مكانٍ آخر بالترخيص نفسه، مع التجاوز عن شرطِ المسافة المقرر قانونًا- لا يجوزُ إعمالُ هذا الاستثناء متى انتفت حالة الضرورة المترتبة على هدم أو احتراق موقع الصيدلية الأول، كأن يكون هناك تدخل من جانب المرخَّصِ له في هدم العقار، أو إذا تعمد اختيار مكانٍ لصيدلية يُوشك أن يتهدم؛ توَصلا لنقلها لمكان آخر دون مراعاة شرط المسافة([2]).

(ج) صيدلية– شروط الترخيص- شرط المسافة- عدم التقيد بشرط المسافة في حالة هدم أو احتراق الصيدلية([3])– هذا الاستثناء شخصي، الغرض منه تمكين الصيدلي الذي تعرضَ للظرف الطارئ سريعًا من توفير مكانٍ آخر لمزاولة المهنة؛ حتى لا تضطرب حياته وحياة أسرته- يستمر الاستثناءُ قائمًا مادام هذا الصيدلي يباشر مهنته على وفق الرخصة التي تم نقلها- إذا أُلغِيَت هذه الرخصة، أو تنازل عنها الصيدلي، زال هذا الاستثناء، وتعيَّن الالتزامُ بقيد المسافة إلى من تنازل له الصيدلي، أو لأيِّ صيدليٍ آخر أراد الترخيص في هذا المكان.

– المواد (11) و(14) و(30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، المعدَّل بموجب القانونين رقمي 253 لسنة 1955، و7 لسنة 1956.

(د) صيدلية– شروط الترخيص- عدم التقيد بشرط المسافة في حالة هدم الصيدلية- عدم قيام الصيدلي بالطعن على قرار هدم العقار الكائن به موقع الصيدلية الأول لا يرفع عنه صفة الإلزام، أو يجعله (في جميع الأحوال) بمثابة الهدم الاختياري، مادامت الأوراق قد خلت مما يفيد سعي الصيدلي إلى استصدار هذا القرار- لا إلزام أصلا على الصيدلي صاحب الشأن أن يطعن على هذا القرار، وقد لا تكون له أية مصلحة في الطعن عليه، إذا ما تبيَّن له من واقع الحال أنه لا جدوى من الطعن، وأن في بقاء العقار خطورة على حياة شاغليه والمترددين عليه.

(هـ) صيدلية– شروط الترخيص- شرط المسافة- نقل الترخيص استثناءً دون شرط المسافة في حالة هدم أو احتراق الصيدلية- لا يجب أن يكون النقل داخل الحي أو البلدة أو المدينة التي كانت بها الصيدلية المنقولة، أو أن يكون الحي أو المدينة أو البلدة التي سيتم النقل إليها مماثلا من ناحية الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني للحي الذي سيتم النقل منه- النص الوارد بالمادة (14) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة نصٌّ مطلق، لا يتضمن نصًّا على شرط التماثل- دلالة الحال والغرض من الاستثناء لا يستقيمان مع هذا الشرط، فقد يتوفر المكان في حيٍّ دون آخر، وقد لا يوجد بالمدينة نفسها أحياء متماثلة، كما أنه لا يوجد معيار لبيان التماثل من ناحية الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني، ولو وُجِدَ، فإن تطبيق ذلك سيكون أمرا عسيرا([4]).

(و) قواعد فقهية– القاعدة الفقهية “المطلقُ يجري على إطلاقِه، ما لم يقم دليلُ التقييدِ نصًّا أو دلالةً”.

(ز) مبادئ عامة– الأصل ألا يُسْأَلُ الشخصُ عن تصرفاتِ الغير، ولو كانوا من ذوي قرباه.

(ح) مبادئ عامة– حُسنُ النيةِ مُفترضٌ في التصرفات القانونية، وعلى مَنْ يدعي العكسَ إثبات ذلك.

الإجراءات

في يوم الإثنين الموافق 12/7/2010 أودع الأستاذ/… المحامي نائبًا عن الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعنة قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن، قُيِّدَ بجدولها برقم 33436 لسنة 56ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ بجلسة 23/6/2010 في الدعوى رقم 3672 لسنة 5ق، الذي قضى في منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.

وطلبت الطاعنة -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات.

وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.

وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع)، حيث جرى نظره على النحو الثابت بالأوراق، وفيها قررت المحكمة بجلسة 8/2/2012، ضم الطعن رقم 40664 لسنة 56ق.ع المتداول أمام هيئة مفوضي الدولة، والمقام من الجهة الإدارية طعنًا على الحكم نفسه محل الطعن الماثل، وتدوول نظر الطعنين على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث كان السيد الدكتور/… المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة قد أودع في يوم السبت الموافق 14/8/2010، بصفته نائبًا عن الطاعنين، قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن قُيِّدَ بجدولها برقم 40664 لسنة 56ق. عليا، في الحكم نفسه محل الطعن رقم 33436 لسنة 56ق. عليا المذكور سالفًا.

وطلب الطاعنون بصفاتهم -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المطعون ضده المصروفات.

وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/9/2013، وفيها مُدَّ أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم؛ لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.

وحيث إن الطعن رقم 33436 لسنة 56ق. عليا قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا.

وحيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده الأول (جمال…) سبق أن أقام الدعوى رقم 3672 لسنة 5ق. أمام محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ بتاريخ 23/4/2005، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مدير عام إدارة الصيدلة بمديرية الصحة والسكان بكفر الشيخ الصادر في 3/4/2005، فيما تضمنه من نقل رخصة صيدلية (ط) بسخا إلى العمارة رقم 5 بعمارات الأوقاف بشارع الجيش بمدينة كفر الشيخ، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وقال المدعي شرحًا للدعوى: إنه صيدليٌ حر، وصاحبُ صيدلية (ن) الكائنة بالعمارة رقم6 بعمارات الأوقاف شارع الجيش بكفر الشيخ، وأنه نمى إلى علمه أن جهة الإدارة أصدرت قرارًا بنقل رخصة صيدلية (ط) باسم/ انتصار… ومقرها بالشارع العمومي بسخا، إلى العمارة رقم 5 بعمارات الأوقاف بشارع الجيش بكفر الشيخ، والتي تجاور صيدليته مباشرة (التي تقع بالعمارة رقم 6) ويفصل بينهما خمسون مترًا تقريبًا، وأنه تظلم من القرار دون جدوى، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن؛ لعدم اتباع الإجراءات التي نص عليها في المواد من (49) إلى (65) بشأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها والأماكن الآيلة للسقوط، وأن المبنى الواقع به صيدلية (ط) مكونٌ من دورٍ واحد ومُؤجَّر لغير أغراض السكني، كما أن القرار المطعون فيه خالف أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، بحسبان أن إزالة العقار في الدعوى المعروضة هي إزالة اختيارية.

………………………………………………..

ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 26/4/2006 قضت بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعي مصروفاته.

ولم يرتضِ المدعي هذا الحكم، فقام بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 23772 لسنة 52ق. عليا، وبجلسة 26/2/2009 قضت دائرة فحص الطعون بإجماع الآراء برفض الطعن، وألزمت الطاعن المصروفات.

ثم قدمت هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ تقريرًا بالرأي القانوني في موضوع الدعوى، ارتأت فيه الحكم برفضها، وإلزام المدعي المصروفات.

وبجلسة 23/6/2010 صدر الحكم المطعون فيه، وشيَّدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الدكتورة/ انتصار… هي صاحبة صيدلية (ط)، الكائن مقرها بالعقار ملك زوجها (خيري…) الكائن بشارع سخا العمومي- كفر الشيخ، والصيدلية تحمل الترخيص رقم 465 لسنة 1991، وبداية النشاط في 20/8/1991، وقام المالك بالحصول على القرار رقم 71 لسنة 2004 بإزالة العقار ملكه، ولم تقم صاحبة الصيدلية بالطعن على هذا القرار، مما يُعدُّ رضاءً منها وموافقة على الإزالة، ويأخذ حكم الإزالة الاختيارية التي تتمُّ بموافقة صاحب الصيدلية، كما أن الاستثناء من شرط المسافة يقتصر على البلدة نفسها، وهي سخا، ولا يتعداها إلى مدينة كفر الشيخ، وإلا أضحى الاستثناء مسوغًا للتلاعب والإثراء على حساب الغير، علاوة على أن أوراق الدعوى تكشف عن التلاعب الذي تمَّ لمصلحة المدعى عليها السادسة (انتصار…), والذي يتمثل في أنه عقب صدور القرار رقم 71 لسنة 2004 بإزالة العقار ملك زوجها، بادرت المدعى عليها السادسة باستخراج ترخيص صيدلية باسم ابنتها (سارة…)؛ حتى تحجب من يتقدم للترخيص، وبعد ذلك قامت بنقل هذا الترخيص إلى العقار ملك زوجها، وفي نفس مكان الصيدلية السابقة، ومن ثم فإن هدم العقار في الحالة المعروضة الكائن به صيدلية المدعى عليها السادسة قد تمَّ بناء على موافقتها وبإرادتها، بدليلِ أنها لم تطعن عليه، وهو ما تنتفي معه حالة الضرورة الملجِئة والظروف الخارجة عن إرادة صاحبة الصيدلية، والتي تجيز لها نقل الصيدلية بالترخيص نفسه إلى مكان آخر في البلدة نفسها (سخا)، مع استثنائها من شرط المسافة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على أساسٍ من صحيح القانون، خليقًا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

………………………………………………..

وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسبابٍ حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك لأن قرار الإزالة رقم 71 لسنة 2004 صدر عن الجهة الإدارية إعمالا لأحكام الباب الثاني من القانون رقم 49 لسنة 1977، وهو الباب الخاص بهدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها والمنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة؛ بسبب وجود تصدعات وانهيارات بالمبنى الذي كانت تشغله صيدلية الطاعنة أكثر من ثلاثة عشر عامًا، وأن المعاينة أكَّدت ذلك، وأن المبنى تجاوز عمره الافتراضي، وأن عدم الطعن على قرار الإزالة لا يجعل الإزالة اختيارية، كما أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب؛ لأن منطقة سخا تابعة لمدينة كفر الشيخ، والطاعنة قدمت أمام محكمة أول درجة ما يثبت ذلك، كما أن ما أشار إليه الحكم المطعون فيه من وجود تلاعبٍ لمصلحة الطاعنة غيرُ صحيح؛ لأن استعمال ابنتها لحقها القانوني (وهي صيدلانية) في ترخيص صيدلية باسمها ليس فيه أيُّ تلاعبٍ، ولا ينسب إليها هذا التصرف.

………………………………………………..

وحيث إن المادة (11) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة تنص على أنه: “لا يجوز إنشاء مؤسسة صيدلية إلا بترخيصٍ من وزارة الصحة العمومية، ويجب ألا يقل سن طالب الترخيص عن 21 سنة… ويعتبر الترخيص شخصيا لصاحب المؤسسة، فإذا تغيَّر وجب على من يحل محله أن يقدم طلبًا لوزارة الصحة العمومية لاعتماد نقل الترخيص إليه، بشرط أن تتوافر في الطالب الشروط المقررة في هذا القانون”([5]).

وتنص المادة (14) من القانون نفسه على أن: “تُلغى تراخيص المؤسسات الخاضعة لأحكام هذا القانون في الأحوال الآتية: (1)… (3) إذا نُقِلَت المؤسسةُ من مكانها إلى مكان آخر (ما لم يكن النقلُ قد تمَّ بسبب الهدم أو الحريق، فيجوز الانتقال بنفس الرخصة إلى مكانٍ آخر، متى توافرت فيه الشروط الصحية المقررة، ويُؤَشر بالإلغاء أو النقل على الترخيص وفي السجلات المخصصة لذلك بوزارة الصحة العمومية)”([6]).

وتنص المادة (30) من القانون المذكور على أنه: “… ويُراعى ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها، وأقرب صيدلية مرخَّص بها، عن مئة متر”.

وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع حدد على سبيل الحصر أحوال إلغاء الترخيص الصادر للمؤسسة الصيدلية الخاضعة لأحكامه، ومن بينها حالة نقل المؤسسة من مكان لآخر، غير أنه استثنى من هذه الحالة الأخيرة -مراعاةً للضرورة الملجِئة التي يتعرض لها المرخَّص له- حالة الهدم أو الحريق، فتنتقل الصيدلية إلى مكانٍ آخر بنفس الترخيص، نتيجةً لهذا الظرف الطارئ الخارج عن إرادة صاحب الصيدلية، دون شرط المسافة المنصوص عليها في المادة (30) المشار إليها، إلا أن هذا الاستثناء لا يكون واجبَ الإعمال متى انتفت حالة الضرورة المترتبة على هدم أو حريق موقع الصيدلية الأول، كأن يكون هناك تدخل من جانب المرخَّص له في هدم العقار، أو إذا تعمد صاحب الصيدلية اختيار مكانٍ لصيدلية يُوشك أن يتهدم، وذلك حتى يَتوَصل إلى نقلها لمكان آخر لا يتوفر فيه شرط المسافة، ففي هذه الحالة لا يسوغ إعمال الاستثناء لمخالفة ذلك لمقتضى القانون. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 26/12/2012 في الطعن رقم 10219 لسنة 51ق.ع، وحكمها بجلسة 28/1/2006 في الطعن رقم 10606 لسنة 47ق.ع، مجموعة مبادئ المحكمة في السنة 51 مكتب فني، جـ1، ص353، وبالمعنى نفسه: حكمها بجلسة 29/6/2005 في الطعن رقم 2435 لسنة 48ق.ع، مجموعة مبادئ المحكمة في السنة 50 مكتب فني، جـ2، ص1341).

وأن الغرض من هذا الاستثناء هو تمكين الصيدلي الذي تعرض لمثل هذا الظرف الطارئ والضرورة الملجِئة أن يتمكن سريعًا من توفير مكان آخر لمزاولة المهنة؛ حتى لا تضطرب حياته وحياة أسرته، بمعنى أن الاستثناء مقرر لمصلحة هذا الصيدلي شخصيا، ويستمر هذا الاستثناء قائمًا مادام هذا الصيدلي يباشر مهنته على وفق الرخصة التي تم نقلها، فإذا أُلغِيَت هذه الرخصة، أو تنازل عنها الصيدلي، زال هذا الاستثناء، وتعيَّن الالتزامُ بعد ذلك بقيد المسافة إلى من تنازل له الصيدلي، أو لأيِّ صيدليٍ آخر أراد الترخيص في هذا المكان، وإلا ترتب على ذلك تطبيق الاستثناء على المتنازل له، وهو ما لم ينص عليه المشرع، ولم يرمِ إليه البتة، فضلا عن أن الاستثناء لا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/5/2013 في الطعن رقم 7809 لسنة 50 ق.ع).

وحيث إن الثابت من الأوراق أن إدارة التنظيم بالوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ- محافظة كفر الشيخ قامت في 28/7/2004 بمعاينة العقار الكائنة به صيدلية الطاعنة (انتصار…)، وأوردت بالمحضر أنه بالمعاينة على الطبيعة تبيَّن أن العقار مكون من جزأين: جزء أمامي (أ) جزء خلفي (ب)، والجزء الأمامي مكون من طابقين، الأرضي صيدلية، والجزء الخلفي من طابق واحد، وهو مخزن تابع للصيدلية، وأن الجزء الخلفي بحالة سيئة، وتوجد به تصدعات وانهيارات بالسقف والحوائط وغير صالح للاستعمال، ويلزم إزالته حتى سطح الأرض، وترميم الجزء الأمامي (أ) ترميمًا كاملا طبقًا للمواصفات وأصول الصناعة، مع وجود إشراف هندسي متخصص.

وبتاريخ 2/8/2004 انتهت اللجنة المشكلة بالوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ -بعد المعاينة والفحص- إلى تأييد ما انتهت إليه إدارة التنظيم، ثم عُرِضَ القرار على اللجنة المشكلة بالمحافظة للمنشآت الآيلة للسقوط، والتي انتهت إلى إزالة المبنى حتى سطح الأرض تحت إشراف هندسي متخصص خلال مدة شهر، وقد اعتمد هذا القرار من محافظ كفر الشيخ في 3/10/2004 تحت رقم 71 لسنة 2004.

وبتاريخ 1/3/2005 قدمت الطاعنة طلبًا لجهة الإدارة قُيِّدَ برقم 2507 لنقل رخصة صيدليتها الكائنة بالعقار المذكور، والتي سبق صدورها باسم صيدلية (ط) برقم 465 في 20/8/1991 بمنطقة سخا- بندر كفر الشيخ، بملك المهندس/ خيري…، إلى شارع الجيش عمارات الأوقاف برج رقم 5.

وبتاريخ 8/3/2005 قامت إدارة التنظيم بالوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ بمعاينة العقار الصادر له قرار الهدم رقم 71 لسنة 2004، وتبيَّن لها إزالة العقار كله حتى سطح الأرض ورفع الأنقاض.

وبتاريخ 21/3/2005 وافقت إدارة الصيدلة بمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ على نقل صيدلية الطاعنة من مكانها القديم الذي تم إزالته، إلى المقر الجديد بشارع الجيش- عمارات الأوقاف- برج رقم 5.

كما قامت ابنة الطاعنة الصيدلانية (سارة…) بتقديم طلبٍ إلى مديرية الشئون الصحية بمحافظة كفر الشيخ في 1/3/2005 قُيِّدَ برقم 2506 للترخيص بصيدليةٍ خاصة بها بمنطقة سخا شارع مسجد القماح بملك (عادل…)، وبعد المعاينة صدرت لها رخصة صيدلية برقم 1692 في 22/3/2005.

وبتاريخ 15/5/2005 صدر ترخيصُ البناء رقم 169 لسنة 2005 للعقار السابق إزالته بقرار الهدم رقم 71 لسنة 2004، بإقامة دور أرضي وخمسة أدوار علوية إدارية باسم المالك (خيري…)، وبعد أن تم بناء هذا العقار تنازلت الصيدلانية (سارة…) عن ترخيص الصيدلية رقم 1692 في 22/3/2005، وقامت باستخراج ترخيصٍ جديد برقم 2020 في 17/7/2006 في العقار ملك والدها المشار إليه، والذي أُعِيد بناؤه بعد صدور قرار الهدم الكلي رقم 71 لسنة 2004 المشار إليه.

وبتاريخ 22/3/2005 تقدم المطعون ضده الأول الصيدلي (جمال…) بتظلمٍ إلى مدير عام إدارة الصيدلة بكفر الشيخ، يتضرر فيه من نقل صيدلية الطاعنة من سخا إلى العمارة رقم 5 بعمارات الأوقاف بشارع الجيش بكفر الشيخ، والتي تجاور صيدليته مباشرةً وعلى بعدِ خمسين مترًا، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، وأن العقار الذي كانت به صيدلية الطاعنة قبل هدمه هو عقار مملوك لأسرة الطاعنة، وأن إزالته كانت اختيارية؛ توصلا إلى نقل رخصة هذه الصيدلية إلى العمارة رقم 5 بشارع الجيش، وأن الطاعنة لها صيدلية أخرى بمدينة كفر الشيخ، كما قامت بحجز مكان صيدلية ثالثة في العقار المواجِه للعقار الذي كانت به صيدلية (ط) بسخا.

وحيث إنه من المقرر أن ترخيص الصيدلية شخصيٌ، وكذلك الالتزامات والواجبات الملقاة على عاتق صاحب الترخيص، وأنه لا يُسأل عن تصرفات الغير، ولو كانوا من ذوي قرباه، وأن حُسنَ النية مُفترض في التصرفات القانونية، وعلى من يدعي العكس إثبات ذلك.

ولما كان الثابت مما تقدم أن إجراءات نقل ترخيص صيدلية الطاعنة قد تمَّ على وفق أحكام القانون، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه الصادر بنقل ترخيص صيدلية الطاعنة إلى المقر الكائن بشارع الجيش بعمارات الأوقاف بمدينة كفر الشيخ قد تمَّ على وفق صحيح أحكام القانون.

ولا ينال مما تقدم ما أثير بشأن عدم قيام الطاعنة بالطعن على قرار الهدم الكلي رقم 71 لسنة 2004 المشار إليه، مما يرفع عنه صفة الإلزام، ويحيله بمثابة الهدم الاختياري، لأنه لا إلزام أصلا على صاحب الشأن بالطعن على هذا القرار، وقد لا تكون له أية مصلحة في الطعن عليه، إذا ما تبيَّن له من واقع الحال أنه لا جدوى من الطعن؛ وأن في بقائه خطورة على حياة شاغليه والمترددين عليه، وكما أن قرار الهدم المذكور هو قرار إداري مُلزِم بذاته وواجب النفاذ، وقد خلت الأوراق مما يفيد سعي الطاعنة أو حتى مالك العقار إلى استصدار قرار الهدم، بل الثابت من كتاب الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ المؤرخ في 21/6/2011، أن المعاينة قامت بناء على قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط، دون وجود طلبٍ من المالك للمعاينة، وقد قام المطعون ضده الأول (الصيدلي جمال…) بالطعن على القرار رقم 71 لسنة 2004 أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية (دائرة المساكن) بالدعوى رقم 47 لسنة 2005، ثم بالاستئناف رقم 25 لسنة 39ق. مُستأنف طنطا/ مأمورية كفر الشيخ، والذي انتهى إلى رفض الطعن في القرار رقم 71 لسنة 2004 الصادر عن لجنة المنشآت الآيلة للسقوط، ثم عاد المطعون ضده الأول وأقام الدعوى رقم 74 لسنة 2006 مساكن كفر الشيخ أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية بطلب إلغاء القرار رقم 71 لسنة 2004 المشار إليه واعتباره كأن لم يكن ومحو جميع آثاره، والتي قضت فيه بجلسة 28/3/2010 بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 25 لسنة 39ق مُستأنف طنطا/ مأمورية كفر الشيخ، ومن ثم لا يمكن أن يُسند إلى الطاعنة تعمد هدم العقار، أو اختيار مكان يكاد أن ينقض؛ لأن ترخيص الصيدلية تمَّ في 20/8/1991، وهو تاريخ مباشرة نشاطها، وقرار الهدم صدر في 3/10/2004، أي بعد ما يزيد على ثلاثة عشر عامًا من بدء النشاط، مما ينفي بذاته ما أثير بشأن سعيها الإرادي لخلق حالة قانونية تُتيح لها نقل رخصة صيدليتها دون مراعاة شرط المسافة.

كما لا ينال مما تقدم ما أثير بشأن منطقة سخا، وأنها تخرج عن كردون مدينة كفر الشيخ؛ لأن الثابت من الإفادة الرسمية الصادرة عن قسم التنظيم بالإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ، أن منطقة سخا تابعةٌ لحي شرق مدينة كفر الشيخ، وأنها خاضعةٌ للقانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.

كما لا يُجدي شيئًا ما أثاره المطعون ضده الأول من أن نقل الصيدلية على وفق أحكام المادتين رقمي (14) و(30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 مناطه أن يكون داخل الحي أو البلدة أو المدينة التي كانت بها الصيدلية المنقولة، وأن يكون الحي أو المدينة أو البلدة التي سيتم النقل إليها مماثلا من ناحية الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني للحي الذي سيتم النقل منه، وهو ما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا بجلسة 18/4/2012 في الطعن رقم 25630 لسنة 53ق.ع؛ وذلك لأن النص الوارد بالمادة رقم (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المذكورة سالفًا، وهو “فيجوز الانتقال بنفس الرخصة إلى مكان آخر متى توافرت فيه الشروط المقررة”، هو نص مطلق، والقاعدة الفقهية: أن المطلق يجري على إطلاقه، ما لم يقم دليلُ التقييد نصًّا أو دلالةً، ولا نص هنا على شرط التماثل، وأيضًا دلالة الحال لا تستقيم مع هذا الشرط؛ لأن الاستثناء المقرر قد شرع للتعامل السريع مع الظرف الطارئ والضرورة الملجِئة لتوفير مكان بديل لمباشرة النشاط؛ حتى لا تضطرب أحوال الصيدلي المعيشية هو وأسرته، وقد يتوفر هذا المكان في حيٍّ دون آخر، وقد لا يوجد بالمدينة نفسها أحياء متماثلة، كما أنه لا يوجد معيار لبيان التماثل من ناحية الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني، وحتى لو وُجِدَ، فإن تطبيق ذلك سيكون من الصعوبة بمكانٍ، خاصةً في حالة منازعة ذوي الشأن، وهذا كله لا يتوافق مع الغرض الذي شُرع له هذا الاستثناء، كما أنه ليس به أية محاباة لأحدٍ؛ لأن كل صيدلي مُعرضٌ لهذا الظرف، كما أنه ليس في هذا الأمر ما يحقق الثراء للصيدلي بغير وجه حق، لأن الثابت مما سبق أن نقل الرخصة في هذه الحالة مطابقٌ للقانون، ومن ثم فإن كسبَه يكون مشروعًا، كما لا يمكن لأحد البتة التكهن أصلا بوقوع الثراء من عدمه، أو أن هذا الأمر مرتبطٌ بالترخيص في حي راقٍ دون الأحياء الشعبية، فضلا عن أن الأوراق خلت من أي ما يفيد اختلاف منطقة سخا عن المنطقة التي تم نقلُ صيدلية الطاعنة إليها، من حيث الوسط الاجتماعي والقدرة الاقتصادية والرقي العمراني والسكاني.

كما لا ينال أيضًا مما تقدم قيام ابنة الطاعنة بترخيص صيدليةٍ باسمها في العقار المقابل للعقار الذي تم هدمه، والذي كانت به صيدلية الطاعنة؛ لأن الطاعنة لا تُسأل عن تصرفات الغير، حتى لو كان هذا الغير ابنًا لها، ولأن ابنة الطاعنة صيدلانية، ومن حقها القانوني ترخيصُ صيدليةٍ باسمها، أما اتحاد تاريخ تقديم الطاعنة لطلب نقل رخصة الصيدلية إلى مكانٍ آخر مع تقديم ابنتها لطلب ترخيص صيدلية جديدة باسمها في العقار المذكور، فلا يعني وجود تلاعبٍ لمصلحة الطاعنة، إذ خلت الأوراق مما يُبين ظروف وإجراءات وتاريخ حيازة وشغل كل منهما للمكان الذي تم الترخيص فيه، وما إذا كان متاحًا للطاعنة -على وفق الظروف المحيطة بها- التعاقد بصفة دائمة على حيازة المكان الذي رخصت فيه ابنتها من عدمه، علاوةً على أن الطاعنة -على أية حالٍ- ليست بِأَولى من ابنتها في شغل العين المذكورة، مادام كان لهما الحق نفسه، وليس صحيحًا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ترخيص ابنة الطاعنة لصيدليةٍ في العقار المقابل كان بغرض حجب الغير عن التقدم للترخيص، إذ كان يمكن أن يكون لهذا القول مساغٌ إذا عادت الطاعنة بعد ذلك إلى صيدليتها الأولى بعد إعادة البناء، وهو أمر لم يحدث، بل إن ابنتها هي التي شغلت المكان بعد إعادة البناء (وهو عقار مملوك لوالدها)، فكانت تتصرف لمصلحتها هي لا لمصلحة الطاعنة.

كما لا ينال -في الختام- مما تقدم ما أثاره المطعون ضده الأول من أن الطاعنة كانت تملك صيدليةً أخرى، مُرخصةً باسمها برقم 914 في 24/11/1999، بتقسيم الوعظ والمعاهد الأزهرية بكفر الشيخ بملك (خيري…)، وأنها تنازلت عن الرخصة في 30/4/2004 للدكتورة/ عزة…، والتي تنازلت بدورها أيضًا عن الرخصة في 18/4/2005 للدكتور/ محمد…؛ لأنه على فرضِ صحةِ ذلك، فإن هذا التصرف تمَّ قبل معاينة الوحدة المحلية لمدينة كفر الشيخ للعقار الذي كانت به صيدلية الطاعنة في 28/7/2004، والتي تبيَّن منها عدم سلامة العقار وانتهت الإجراءات بهدمه كليا حتى سطح الأرض، بموجب قرار محافظ كفر الشيخ رقم 71 لسنة 2004 في 3/10/2004، أي إن هذا التصرف تمَّ قبلَ أربعة أشهر تقريبًا من معاينة الوحدة المحلية للعقار، ومن ثم لا يمكن أن يُسند للطاعنة تعمد التخلص من هذه الصيدلية، بغيةَ خلق حالةٍ قانونية على وفق أحكام المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه، لاستغلالها في ترخيص صيدليةٍ جديدة دون شرط المسافة، لأن الثابت من الأوراق أن الطاعنة لم تسع أصلا إلى الجهة الإدارية لمعاينة العقار وبيان سلامته من عدمه، ولم يقدم المطعون ضده الأول ما يخالف ذلك.

وحيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بوجهة النظر هذه، فإنه يكون قد خالف صحيح أحكام القانون، مما تقضي معه المحكمة بإلغائه، وبرفض الدعوى المبتدأة، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.

………………………………………………..

وحيث إنه بالنسبة للطعن رقم 40664 لسنة 56ق: فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى -إعمالا لأحكام المادتين (25) و(44) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) على أن تقريرَ الطعن أمامها يلزمُ أن يكون مُوَقَّعًا سواءً من محامٍ مُقيَّد بجدول نقابة المحامين للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا والنقض، أو من عضوٍ من هيئة قضايا الدولة باعتبارها تنوب عن جهة الإدارة، وأن يكون العضو شاغلا لدرجةٍ لا تقل عن درجة مستشار، وإلا كان تقريرُ الطعن مشوبًا بالبطلان؛ باعتبار أن هذا الأمر من النظام العام، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 23/10/2013 في الطعن رقم 1930 لسنة 51ق. عليا، وحكمها بجلسة 22/6/2008 في الطعن رقم 9737 لسنة 50 ق. عليا، وبالمعنى نفسه: حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 2/1/2010 في الطعن رقم 2190 لسنة 47ق. عليا).

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من تقرير الطعن الماثل أنه جاء مُوَقَّعًا مِمَّنْ يشغلُ درجةَ مستشارِ مساعد بهيئة قضايا الدولة، بما يضحى معه مشوبًا بعيبٍ جسيم يترتب عليه بطلانه، ولكونه مُتعلقًا بالنظام العام؛ فإن المحكمة تقضي به من تلقاء نفسها، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:

(أولا) ببطلان تقرير الطعن رقم 40664 لسنة 56ق.ع، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

و(ثانيًا) بقبول الطعن رقم 33436 لسنة 56ق.ع شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى المبتدأة، وألزمت المطعون ضده الأول (المدعي في الدعوى المبتدأة) المصروفات.

[1]))  يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعنين رقمي 33272 و37114 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 7/7/2012 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 57 مكتب فني، المبدأ رقم 124/أ، ص1074)، حيث أثبتت المحكمة في واقعات الحكم أن تقرير الطعن مودع من قبل مستشار مساعد بهيئة قضايا الدولة بصفته وكيلا عن الطاعنين، ولم تعقب على ذلك. وقد أكدت محكمة النقض أن مؤدى نص المادة السادسة من قانون هيئة قضايا الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 75 لسنة 1963) أنها تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والوحدات المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وأن نصوص هذا القانون لا توجب فيمن يوقع صحف الطعن بالنقض من أعضاء هيئة قضايا الدولة أن يكون بدرجة معينة، ولا يغير من ذلك ما أوجبته المادة 253 من قانون المرافعات من توقيع محام مقبول أمام محكمة النقض على صحيفة الطعن بالنقض؛ إذ إن هذا الوصف قد ورد في قانون عام، ولا ينطبق إلا على المحامين المقيدين في جداول المحامين المقبولين أمام جهات القضاء المختلفة، أما بالنسبة لأعضاء هيئة قضايا الدولة فإنهم لا يقيدون بجداول المحامين، بل ينظم أعمالهم قانون خاص أولى بالاتباع. (حكمها في الطعن رقم 656 لسنة 42 القضائية بجلسة 19/11/1984، س 35 مكتب فني، جـ2 ص842).

([2]) قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 3/5/2009 في القضية رقم 101 لسنة 28 القضائية (دستورية) برفض الدعوى المحالة إليها من محكمة القضاء الإداري لما ارتأته المحكمة من شبهة عدم الدستورية فيما اشترطته المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة من قيد المسافة، حيث ارتأى حكم الإحالة أن قيد المسافة لا يحقق الغاية التي هدف إليها المشرع من إصدار قانون مزاولة مهنة الصيدلة بالتوفيق بين الاعتبارين الإنساني والتجاري، فضلا عن إخلاله بمبدأ تكافؤ الفرص، وأكدت المحكمة الدستورية العليا في حكمها المشار إليه أن المشرع راعى بقيد المسافة بين الصيدليتين طبيعة عمل الصيدليات وكونها مراكز للخدمة العامة تؤدي خدمات متنوعة في إسعاف المرضى وتوفير الدواء اللازم لهم، فعمل على انتشارها انتشارا يتناسب وتوزيع الكثافة السكانية، على تقدير أن انتشارها في أماكن متقاربة على النحو الذي أوجبه يكفل تأدية هذه الخدمات الضرورية ويقربها من طالبيها دون عنت أو إرهاق، ويحول دون تجمعها كلها أو بعضها في مكان واحد -فيما لو لم يشترط هذا القيد-، مما يؤدي إلى خلو بعض الأماكن من وجود صيدلية توفر مثل هذه الخدمات الضرورية، ويكبد المواطنين مشاق الانتقال إلى مسافات قد تطول لأكثر من مئة متر.

لكن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 3/6/2017 في القضية رقم 185 لسنة 35 القضائية (دستورية) بعدم دستورية عجز البند (3) من المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، المستبدل بالقانون رقم 7 لسنة 1956، فيما تضمنه من استثناء نقل الصيدلية العامة في حالة الهدم من مراعاة شرط المسافة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون نفسه، وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن المذكرة الإيضاحية للقانون 127 لسنة 1955 المشار إليه قد كشفت عن هدف المشرع من تنظيم مهنة الصيدلة بوصفها مهنة وليست تجارة تستهدف المضاربة والسعي للحصول على الربح، وأنه نظر إلى الصيدليات بوصفها مراكز للخدمة العامة، فأفسح مجال إنشائها وزيادة عددها، بعد أن كان القانون السابق يخصص لكل اثني عشر ألفًا من السكان صيدلية واحدة، فجعل حق فتح الصيدليات مباحًا مع مراعاة ألا تقل المسافة بين كل صيدلية وأخرى عن مئة متر؛ لضمان انتشارها وتوزيعها توزيعًا مناسبًا لأداء الخدمات التي تقوم بها في توفير الأدوية وإجراء الإسعافات الأولية للمرضى، وقد رجَّح نص الفقرة الثانية من المادة (30) المصلحة التى وجدها المشرع أولى بالرعاية وأجدر بالحماية، وهي مصلحة جمهور المرضى المحتاجين للدواء في تقريب الصيدليات إليهم عن طريق قيد المسافة، وبما يبعد المزاولين لمهنة الصيدلة عن المنافسة غير المشروعة حفاظًا على الطابع الإنساني لهذه المهنة النبيلة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة وحياة المرضى، وهو ما يكشف عن أن هذا الشرط قد بات جزءًا جوهريًّا من تنظيم يرتبط بمباشرة مهنة الصيدلة، تباشر في إطاره الصيدليات العامة المرخصة عملها لتحقيق الغرض منها لمصلحة الجمهور، ودرءًا لمخاطر المنافسة غير المشروعة بين أبناء المهنة الواحدة. ولما كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد واجه حالة هدم العقار الكائنة به الصيدلية العامة، فأجاز نقلها بالرخصة نفسها إلى عقار آخر، إلا أنه جاوز ذلك إلى استثنائها دون مقتضٍ من قيد المسافة، مهدرًا المصالح الجوهرية التي سعى إلى تحقيقها من تقرير هذا القيد، والأهداف التي توخاها من وراء ذلك، منشئًا تمييزًا غير مستند إلى أسس موضوعية بين التراخيص المنقولة وتلك المبتدأة، على نحو ينال من هذا التنظيم، والغايات التي يرتكن إليها، وينشئ أوضاعًا غير عادلة تتباين فيها حظوظ الصيدليات العامة المرخصة ابتداءً والصيدليات المنقولة بسبب الهدم، وبذا فإنه يكون قد أهدر مبدأي العدالة والمساواة التي حرص الدستور على توكيدهما في المادتين (4) و(53) منه، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته في حدود نطاقه المتقدم.

([3]) يراجع الهامش السابق.

[4])) على خلاف هذا النظر: يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 25630 لسنة 53 القضائية (عليا) بجلسة 18/4/2012 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 57 مكتب فني، المبدأ رقم 100، ص 832)، حيث أقرت المحكمة في هذا الحكم ما قررته اللجنة الثانية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة في فتواها بالملف رقم 5/4/63 بجلستها المنعقدة في 1/7/1969، من أن المقصود بنقل الصيدلية من مكان لآخر في تطبيق نص المادة رقم (14) من القانون المذكور أن يتم النقل داخل حدود البلدة أو المدينة التي سبق الترخيص بالصيدلية فيها، وذلك على أساس أن النقل في الحالتين المنصوص عليهما في المادة المذكورة سالفًا هو استثناء من الأصل، وهو إلغاء الترخيص، والاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره، بالإضافة إلى أن المقصود بالاستثناء هو الخروج عن شرط المسافة، وهو شرط لا ينطبق إلا داخل المدينة أو البلدة التي رُخِّصَ بالصيدلية فيها، وهذا شرط جوهري، فلا يُعقَلُ أن يتم نقل ترخيص الصيدلية من حي شعبي إلى حي راقٍ، بل يتعين أن يتم النقل من حي إلى حي مماثل له في الوسط الاجتماعي والرقي والقدرة الاقتصادية؛ حتى لا يَستغل المرخَّصُ له الاستثناءَ استغلالا سيئًا يُحَقِّقُ له الثراءَ بغير وجه حق.

[5])) الفقرة الأخيرة من هذه المادة مُعدلة بموجب القانون رقم 253 لسنة 1955.

[6])) هذه المادة مُعدلة بموجب القانون رقم 7 لسنة 1956.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV