برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. جمال طه إسماعيل ندا
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د.عبد الفتاح صبري أبو الليل، ومنير عبد القدوس عبد الله، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، وأحمد جمال أحمد عثمان
نواب رئيس مجلس الدولة
المبادئ المستخلصة:
(أ) دعوى:
المصلحة والصفة في الدعوى- الدفع المتعلق بصفة الخصوم في الدعوى أو بمصلحتهم من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، التي يجب على المحكمة إثارتها في أية حالة تكون عليها الدعوى، دون توقف على إبداء دفع بذلك من أي من الخصوم([1]).
(ب) أسواق:
مناط تحقق صفة (السوق العام)- الأسواق التي تنشئها الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، تستجمع سمات الأسواق العامة، التي هي أحد عناصر أو أدوات نشاط مرفق عام من مرافق الدولة، وهو مرفق التجارة- مجرد مساهمة السوق المملوك لأحد أشخاص القانون الخاص في تحقيق النفع العام، لا تحيله سوقا عمومية.
(ج) أسواق:
أسواق الجملة- إنشاؤها، ومناط استحقاق رسوم الوزن والعد عنها- حظر المشرع إنشاء أسواق أو غيرها للتعامل بالجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بقانون تنظيم تجارة الجملة إلا في الأماكن التي يصدر بتعيينها قرار عن وزير التجارة والصناعة، وفوض وزير الاقتصاد في تحديد الأحكام والشروط الخاصة بشغل المساحات في هذه الأماكن، وكذا في تحديد الرسوم المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون، والتي من بينها رسوم الوزن والعد- حدد المشرع نطاق سريان أحكام القانون المشار إليه بمحافظات القاهرة والإسكندرية والقنال وأية مدينة يصدر بتعيينها قرار عن وزير الاقتصاد- أجاز المشرع لوزير الاقتصاد أن يعهد بإنشاء وإدارة المحال التي تخصص للتعامل بالجملة طبقا لأحكام ذلك القانون إلى الغرف التجارية، كما أجاز له أن يعهد بذلك إلى الجمعيات التعاونية أو الغرف الصناعية، لكن بعد أخذ رأي الوزارات المحددة بنص المادة (5) من القانون- خول المشرع بموجب أحكام قانون الإدارة المحلية الوحدات المحلية سلطة إنشاء وإدارة المرافق العامة الواقعة في نطاق كل منها، فيما عدا ما استثني منها، وجعل من بين الموارد المالية للمحافظات والمراكز والمدن إيرادات المرافق التي يقوم كل منها بإدارتها، كما جعل من بين موارد المدينة إيرادات الأسواق العامة التي في نطاقها، وكذا الرسوم المحلية التي تفرض على الأسواق المرخص في إدارتها للأشخاص الخاصة، وذلك بنسبة من إيراداتها أو بجُعل سنوي يُقدر بمراعاة مساحة السوق وموقعه من المدينة والحركة التجارية فيها.
من مقتضيات ذلك أن مناط استئداء رسوم الوزن والعد التي فرضها المشرع بموجب المادة (2) من قانون تنظيم تجارة الجملة المشار إليه، يتحقق في شأن أسواق الجملة التي تنشئها الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تستجمع سمات الأسواق العامة، فإذا انحسرت عن السوق سمة (السوق العمومي)، وخرج قانونا عن نطاق الأسواق العامة، كان مناط استئداء هذه الرسوم منتفيا، بحسبان أن الرسم مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة جبرا من الفرد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة، وأن مناط استئداء الرسوم المحلية التي تفرض على الأسواق المرخص في إدارتها للأشخاص الخاصة، هو منح ترخيص في إدارتها لأحد هؤلاء الأشخاص، أيا كانت طبيعة السوق التي رخص في إدارتها، أي سواء كانت سوقا عامة، أم سوقا خاصة.
(د) غرف تجارية:
طبيعتها- تعد الغرف التجارية من أشخاص القانون العام.
بتاريخ 24/3/2013 أودع الأستاذ/… المحامي وكيلا عن الطاعن (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها العام برقم 15295 لسنة 59 القضائية (عليا)، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعوى رقم 18102 لسنة 14ق بجلسة 26/1/2013، الذي قضى في الموضوع بأحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم العد والوزن الخاصة بسوق الجملة الجديد الكائن بمدينة المستقبل بمحافظة الإسماعيلية، وإلزام شركة الإسماعيلية لأسواق الجملة (إدارة سوق الجملة الجديد ) سداد مبلغ قدره (1687996 جنيها ) قيمة رسوم العد والوزن، والفوائد القانونية بواقع 4%، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن (بصفته) –للأسباب المبينة بتقرير الطعن– الحكم: (أولا) وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم الطعين. و(ثانيا) في الموضوع بإلغاء هذا الحكم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء مجددا للطاعن (بصفته) بطلباته الواردة بأصل عريضة الدعوى، مع إلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات.
وقد جرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتيهما على النحو الوارد بمحضر الإعلان.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن (بصفته) المصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/4/2015، وتدوول نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، حيث قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع، وبجلسة 5/7/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/9/2015، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 16/11/2015، وبهذه الجلسة قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظره بجلسة 12/12/2015.
وتدوول نظر الطعن أمام هذه الدائرة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الطاعن خلالها ثلاث مذكرات دفاع، طلب فيها: الحكم (أولا) بقبول الطعن شكلا. و(ثانيا) في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، مع ما ترتب عليه من آثار، والقضاء مجددا بعدم أحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم العد والوزن على السوق محل الطعن، ورد جميع المبالغ التي قامت بتحصيلها تحت مسمى (العد والوزن)، وعدم تعرض الجهة الإدارية المطعون ضدها للشركة الطاعنة مستقبلا بأية صورة من صور التعرض. و(ثالثا) رفض الطلب العارض المقدم من الجهة الإدارية، وتحميل رافعه المصاريف والأتعاب. و(رابعا) تلتزم الشركة الطاعنة بدفع أكبر نسبة قررها اتحاد الغرف التجارية على الأسواق التي تتولى إنشاءها في المحافظات المختلفة، وهي نسبة 10% من إيراداتها، كمساهمة ومساعدة لمحافظة الإسماعيلية لإنماء مشروعاتها، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضي.
كما قدم الحاضر عن الطاعن ثلاث حوافظ مستندات، وقدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرتي دفاع طلب في كل منهما الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بصفته المصروفات، كما قدم أربع حوافظ مستندات، وبجلسة 12/3/2016 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 16/4/2016 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وفي هذا الأجل أودع الحاضر عن الطاعن مذكرتين أكد فيهما طلباته المذكورة آنفا، وأودع الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة بطلباتها ذاتها، وبالجلسة المشار إليها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 7/5/2016، ثم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الحكم استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن عناصر النزاع تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 6/8/2010 أقام الطاعن (بصفته) الدعوى رقم 18102 لسنة 14ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية، طالبا الحكـم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي المطعون عليه، والحكم بعدم أحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم العد والوزن من على أبواب سوق الجملة الجديد بمدينة المستقبل، ملك وإدارة الشركة المدعية، مع إلزام جهة الإدارة المصاريف والأتعاب.
وقال المدعي (بصفته) شرحا لدعواه: إنه بموجب عقد بيع مؤرخ في 29/12/1998 قامت محافظة الإسماعيلية ببيع قطعة أرض فضاء للشركة لإقامة سوق الجملة عليها، وفعلا قامت الشركة بإنشاء السوق بمدينة المستقبل، وتم تخصيص 202 محل للتجار الذين كان لهم محلات بالسوق القديم ولآخرين، وتم تسليمهم هذه المحلات بسعر التكلفة، وقامت الشركة بإدارة السوق ورعايته، إلا أنها فوجئت بمكتوب صادر عن مجلس إدارة سوق الجملة القديم مضمونه إرسال من يقومون بتحصيل رسوم العد والوزن من على بوابات الشركة، استنادا إلى فتوى صادرة عن إدارة الفتوى المختصة.
ونعى المدعي (بصفته) على ذلك مخالفته للقانون؛ وذلك لأن مثل هذا الإفتاء غير ملزم، وأن الرسوم لا يجوز تحصيلها إلا بموجب قانون، ولا تؤدى إلا لسلطة عامة، وأن ما قامت الشركة المدعية بتحصيله هو مقابل خدمة أدتها لعملائها، وحصلت في مقابلها على أجر اختيارا وطواعية، ويساند ذلك ما هو مثبت ببونات وإيصالات سداد هذا المقابل من أنه (مصاريف إدارية)، ولم يطعن في ذلك أحد من ذوي الشأن الذين لهم وحدهم الحق في ذلك، كما يساند ذلك أن المبالغ التي تم تحصيلها كمصاريف إدارية والمدرجة تحت بند (إيرادات عد ووزن) ليست بالفئة نفسها التي قررها القانون رقم 68 لسنـة 1949، وأن الادعاء بأن هذا القانون هو سند فرضها، وأنها تئول إلى الوحدة المحلية بحسبان أنها تدخل تحت مفهوم عبارة “إيرادات الأسواق العامة التى تقع في نطاقها” الواردة في المادة (51) من قانون الإدارة المحلية، ادعاء لا يسانده القانون؛ لعدم خضوع الشركة لأي من هذين القانونين، لأن ملكيتها لهذه السوق ملكية خاصة، ولا يخضع السوق بذلك لما يخضع له المرفق العام من أحكام، ولا تقوم الجهة الإدارية بتقديم أية خدمة من أي نوع بالسوق، وبذلك يكون مناط تطبيق نصوص قانون الإدارة المحلية أرقام (2 و35 و45 و51) والتي استلزمت لاستحقاق المحافظة للرسم المذكور أن يكون هناك مرفق عام تديره الوحدة المحلية، غير متوافر، كما أن ما قيل بأن الشركة تقوم بتحصيل رسوم العد والوزن كما هو وارد بميزانيتها ومركزها المالى في 31/12/2006، وأن هناك مبلغ 599676 جنيها في رصيدها عبارة عن إيرادات (عد ووزن)، ومن ثم اعتبار هذا المبلغ حقا للمحافظة، مردود عليه بأنه لم يرد بالميزانية أن هذا المبلغ يخــص المحافظة حتى يمكن أن تتمسك به، كما أن هذا المبلغ جاء تحت بند (إيرادات عد ووزن)، وليس (رسوم عد ووزن)، ثم خلصت الشركة إلى طلباتها المذكورة سالفا.
……………………………………………………..
وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 23/3/2010 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية صحيفة معلنة بطلب عارض حيث طلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته أن يؤدي للمدعيين بصفتيهما مبلغا مقداره 1687996 جنيها (فقط مليون وست مئة وسبعة وثمانون ألفا وتسع مئة وستة وتسعون جنيها)، وما يستجد من مبالغ أخرى، بالإضافة إلى الفوائد القانونية على هذه المبالغ من تاريخ المطالبة حتى تاريخ السداد، مع إلزامه بصفته المصروفات، وذلك على سـند من القول بأن المدعي بصفته يقوم بتحصيل رسوم العد والوزن بدون وجه حق وبالمخالفة لأحكام القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن تنظيم تجارة الجملة وقانون الإدارة المحلية، رغم أنه تم الاتفاق بين الشركة والمحافظة بتاريخ 16/8/2004 على الطريقة التى يقوم بها كل منهما بتحصيل مستحقاته، إلا أن الشركة لم تلتزم بذلك، وقامت بتحصيل كامل هذه الرسوم، وقد بلغت قيمتها على وفق ميزانياتها من عام 2004 إلى 2007 مبلغ 1687996 جنيها (مليون وست مئة وسبعة وثمانين ألفا وتسع مئة وستة وتسعين جنيها)، علاوة على ما يستجد من مبالغ، وقد تقدمت الجهة الإدارية بطلب إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات برقم 2378 لسنة 2009 تم رفضه، وخلصت الجهة الإدارية إلى طلبها المذكور سالفا.
……………………………………………………..
وبجلسة 26/1/2013 صدر الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم العد والوزن الخاصة بسوق الجملة الجديد الكائن بمدينة المستقبل، وإلزام شركة الإسماعيلية لأسواق الجملة (إدارة سوق الجملة الجديد) سداد مبلغ وقدره 1687996 جنيها قيمة رسوم العد والوزن، والفوائد القانونية بواقع 4%، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وقد شيد هذا الحكم على أساس أن طلبات المدعي (بصفته) في الدعوى الأصلية –على وفق التكييف القانوني الصحيح- هي الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في استرداد ما تقوم جهة الإدارة المدعى عليها بتحصيله من رسوم العد والوزن الخاصة بسوق الجملة الجديد الكائن بمدينة المستقبل بمحافظة الإسماعيلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عدم أحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل هذه الرسوم، وأن طلبات المدعيين (بصفتيهما) في الدعوى الفرعية هي الحكم بقبول طلبهما العـارض شكلا، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته أن يـؤدي لهما مبلغا مقداره 1687996 جنيها قيمة رسوم العد والوزن الخاصة بسوق الجملـة الجديد، والتي تم تحصيلها بدون وجه حق، مع ما يستجد من مبالغ أخرى، بالإضافة إلى الفوائد القانونية عن هذه المبالغ من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، ومن ثم فإن مقطع النزاع في الدعوى هو مدى أحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم العد والوزن الخاصة بسوق الجملة المشار إليه، ولما كانت الدعوى من دعاوى الاستحقاق والتى لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء، وإذ استوفت أوضاعها الشكلية والإجرائية فهي مقبولة شكلا.
وأضافت المحكمة: إنه عن الموضوع فإن مفاد المادة (119) من دستور 1971، والمواد الأولى والثانية والخامسة والسابعة من القانون رقم 68 لسنة 1949 بشأن تنظيم تجارة الجملة المعدل بالقانون رقم 139 لسنة 1960، والمادة الأولى من قراري وزير الاقتصاد رقمي 926 و 927 لسنة 1960، والمواد (2و35 و43 و51) من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981 و 145 لسنة 1988 –مفادها– أنه لا يجوز فرض أي رسم إلا بقانون ، وأن السلطة المختصة هي المخولة بتحديد شروط دفعه وكيفية جبايته، وقد أناط قانون تنظيم تجارة الجملة بوزير الاقتصاد تحديد رسوم العد والوزن بالنسبة لأسواق الجملة، وقد أصدر قراريه المشار إليهما بتحديد أصناف الخضر والفاكهة التى يجري التعامل فيها بالعد، وتلك التي يجرى التعامل فيها بالوزن، وكذا بتحديد الرسوم التي تحصل على كل وحدة من هذه الأصناف، بما مؤداه أن أداة فرض هذه الرسوم هو ذاك القانون.
ولما كـان الأصل في استحقاق الرسوم التي تجبى بمناسبة خدمة معينة أو منفعة عامة أن حصيلتها تئول إلى الجهة العامة التي تقوم بالإشراف على أداء هذه الخدمة أو المنفعة، إلا أن المشرع قد يفصل ما بين الأمرين، فيجعل استحقاق الرسوم لجهة عامة غير تلك التي يناط بها القيام بالأمر الذى تستحق عنه الرسوم، ومن ناحية أخرى فإن تحديد فئات هذه المواد بواسطـة هذه الجهة الأخرى لا يغير من الأمر شيئا، مادام أن المشرع قد نص على أيلولتها إلى جهة ثانية، وبذلك فلا يجوز الربط بين استحقاق الرسوم وأداء الخدمة، ولئن كان المشرع قد أخضع أسواق الجملة لإشراف وزارة التجارة، وهي الجهة التي أعطيت في الوقت نفسه حق تحديد الرسم الذي يحصل مقابل العد والوزن، إلا أن المشرع لم يتعرض لبيان الجهة التي تئول إليها هذه الرسوم في القانون المنظم لتجارة الجملة، ولما كان قانون الإدارة المحلية قد أناط بوحدات الإدارة المحلية إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، وجعل إيرادات هذه المرافق ضمن موارد الوحدات القائمة على إدارتها، بغض النظر عن الجهة التي تولت إنشاءها، إذ وردت النصوص عامة في هذا الشأن، فلم تُعنَ بتحديد الجهة التى تولت إنشاء المرفق العام، ولم تقصر أحقية الوحدات المحلية في استئداء إيرادات المرافق العامة الواقعة في نطاقها على تلك التي أنشأتها بأموالها دون غيرها، وباعتبار أن الأسواق العمومية بالمحافظة تندرج في عداد المـرافق العامـة، فإن إيرادات هذه الأسواق تئول إلى موارد الوحدة المحلية التي يقع في دائرتها السوق، لتدخل بذلك في الموازنة العامة للدولة.
واستطرد الحكم: إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن محافظة الإسماعيلية قد عهدت إلى شركة الإسماعيلية لأسواق الجملة بإدارة سوق الجملة الجديد الكائن بمدينة المستقبل، وكانت جهة الإدارة تقوم بتحصيل رسوم الوزن والعد على وفق البند الرابع (ج) و (د ) من المادة الثانية من القانون رقم 68 لسنة 1949 المشار إليه، والتى تدرج على أية حال تحت عبارة “إيرادات الأسواق العامة الواقعة في نطاقها”، المنصوص عليها في المادة (51 ) من قانون نظام الإدارة المحلية، والتي تعتبر على وفق حكم هذه المادة من إيرادات الوحدة المحلية التى يقع في دائرتها السوق، ومن ثم فإن محافظة الإسماعيلية هي صاحبة الحق في قيمة الرسوم التي تحصل مقابل العد والوزن، وترتيبا على ذلك يتعين القضاء بأحقيتها في استرداد مبلغ قدره (1687996جنيها) قيمة رسوم العد والوزن المحصلة بمعرفة الشركة في المدة من 2005 حتى 2007 على وفق الثابت بميزانيتها عن كل سنة. ولما كان هذا المبلغ معلوم المقدار وقت المطالبة به، فمن ثم فإنه تستحق عنه فوائد تأخيرية قدرها 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
……………………………………………………..
وإذ لم ترتضِ الشركة الطاعنة هذا الحكم أقامت طعنها الماثل لأسباب محصلها الخطأ في تطبيق صحيح القانون وتفسيره وتأويله ومخالفته الثابت بالأوراق؛ ذلك أن الحكم خلـط بين ما هو مرفق عام وما هو من الكيانات الخاصة (أشخاص القانون الخاصة)، ومن بينها الشركة الطاعنة التى تخضع لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1981 التى رخص لها من قبل الجهات الرسمية، وأولها محافظة الإسماعيلية، في ممارسة ذلك النشاط، وقد أنشأت سوق الجملة الجديد من مالها الخاص، بدءا من ثمن الأرض المباعة لها من المحافظة بغرض إقامة السوق، وانتهاء بإقامته وإدارته والإنفاق عليه، عمالا وكهرباء ومياها وطرقا وحراسة ونظافة وغيرها، وهو ما يحق معه للمحافظة الحصول على رسم عد ووزن من البوابات الخارجية للشركة، بل يحق لها على وفق المادة (82) من اللائحة التنفيذية للقانون 43 لسنة 1979 الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم 707 لسنة 1979، وعلى وفق الجدول الثامن من قرار وزير الحكم المحلي رقم 8 لسنة 1976 الحصول على الرسم القانوني المحدد، أو الاتفاق مع السوق على نسبة مئوية ثابتة، كشأن اتحاد الغرف التجارية الذى يدير أسواق الجملة المملوكة لبعض المحافظات، حيث اقتصرت هذه المحافظات على الحصول على نسبة من إيرادات هذه الأسواق تتراوح بين صفر و10% كنسبة ثابتة، وضعا في الحسبان أن الغرف التجارية من أشخاص القانون العام، وأموالها أموال عامة، بينما الشركة من أشخاص القانون الخاص وأموالها أموال خاصة ومشروعاتها تهدف إلى الربح بما يتوازن مع تحقيق خدمة عامة أو نفع عام، ولا صلة للمحافظة بمشروع السوق ملك الشركة حتى يقف موظفوها على بواباته لتحصيل رسوم العد والوزن.
وأضافت الشركة أنه فيما يتعلق بالطلب العارض الذي أبدته المحافظة، فإنه في ضوء ما سبق لا يحق لها الحصول على الرسم المذكور، بل يحق لها الحصول على نسبة من الإيرادات أو رسم ثابت عن المتر المربع من مساحة السوق على وفق اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية، وذلك من حيث المبدأ، أما من حيث الواقع فإن المحافظة كانت تقوم منذ إنشاء السوق وما زالت حتى تاريخه بتحصيل رسم العد والوزن من على بوابات الشركة من جميع المتعاملين، وقد قدمت الشركة الإيصالات الدالة على ذلك، إلا أن الحكم الطعين لم يعر ذلك بالا، كما أن إنكار المطعون ضدهما لذلك يخالف الثابت بميزانيات صندوق خدمات المحافظة الثابت بها إيرادات عد ووزن سوق الجملة الجديد عن السنوات ذاتها، وأن إيراد ما تحصله الشركة في ميزانياتها بمسمى (إيرادات عد ووزن) ورد بطريق الخطأ، وقد تم تدارك ذلك بحسبان أن الشركة لا يحق لها اقتضاء رسوم، بل يحق لها اقتضاء مقابل الخدمة، حيث تصدر الإيصالات بأنها مصروفات إدارية، وهى مصـدر الربح الوحيـد للشركة، ومن ثم فإن سلبه من الشركة يعد إثراء بلا سبب لمصلحة المحافظة على حساب افتقار الشركة.
وقد أكدت الشركة بمذكرات دفاعها المقدمة إبان نظر الطعن على ما ساقته بتقرير الطعن، وأضافت بمذكرتي دفاعها المقدمتين بجلسة 23/1/2016 وبجلسة 12/3/2016، وكذا بمذكرتي دفاعها المودعتين بتاريخ 15/3/2016، 26/3/2016، أنها سبق أن قدمت ضمن حوافظ مستنداتها أمام محكمة القضاء الإداري الإفادة الصادرة عن اتحاد الغرف التجارية التى انتهت إلى عدم أحقية محافظة الإسماعيلية في المطالبة برسوم الوزن والعد الخاصة بسوق الجملة الجديد، والتي يبين منها اقتصار المحافظات على الحصول على نسبة ثابتة من إيرادات الأسواق التي يديرها الاتحاد بعدد من المحافظات تتراوح بين صفر و10% كحد أقصى، عدا الغرفة التجارية ببورسعيد، التي أفادت بكتابها الموجه إلى مدير عام الغرفة التجارية لمحافظة الإسماعيلية (بشأن الاستفسار عن ملكية سوق الجملة للخضر والفاكهة ومدى تبعيته للمحافظة) بأنه في حالة عدم قيام المحافظة بإدارة السوق أو تقديم أية خدمة للتجار المتعاملين مع السوق لا تستحق أية نسبة من الرسوم، ومن ثم فلا تحصُل محافظــة بورسعيد على أية نسبة، بيد أن الشركة الطاعنة إذ يهمها في المقام الأول مساعدة محافظة الإسماعيلية للقيام بإنماء مشروعاتها –في ضوء ما تحصل عليه المحافظات الأخرى من الغرف التجارية، وبحسبانه من قبيل المساهمة والتبرع لتعظيم إيرادات المحافظة– فإنها تلتزم بدفع أكبر نسبة تحصل من الغرف التجارية، وهي نسبة 10%من إيرادات السوق، وقد دأبت الشركة بمذكراتها المشار إليها آنفا على إثبات ذلك عقيب ذكر طلباتها بعد إيراده ضمن دفاعها.
……………………………………………………..
ويخلـص رد الجهة الإدارية على ما أثير من قبل الشركة الطاعنة في أنه فيما يتعلق بما ذكرته الشركة من أنها من أشخاص القانون الخاص وأنها تهدف إلى تحقيق الربح، فإن القانون رقم 129 لسنة 1947 بشأن التزام المرافق العامة قد أجازت نصوصه لجهات الإدارة مشاركة أشخاص القانون الخاص في إدارة المرفق العام، وحددت مادته الثالثة نسبة الربح بحد أقصى 10% من صافي الأرباح، بعد خصم مقابل استهلاك رأس المال لمصلحة هؤلاء الأشخاص، وقد صدرت قوانين لمنح التزام المرافق العامة للمستثمرين لإنشاء وتشغيل وصيانة محطات توليد الكهرباء، وإنشاء وإدارة واستغلال المطارات، ولغير ذلك من المجالات، وتطور الالتزام إلى صور حديثة، جوهرها يقوم على التعاقد بين الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وأشخاص القانون الخاص لتحقيق منفعة تتمثل في بناء مشروع وإدارته مع تحقيق ربح للمستثمر ثم رد المشروع إلى الدولة، وفي ضوء ذلك فإن علاقة الشركة الطاعنة بالمحافظة تدور في فلك عقود الالتزام الحديثة، بما لا يجوز مع هذه العلاقة أن تبالغ الشركة في رغبتها في الحصول على الربح، فالشركة مقامة على أرض من أملاك الدولة وبسعر رمزب للمتر بغرض إقامة السوق.
وعما ذهبت إليه الشركة من أن المحافظة تقوم بتحصيل رسوم العد منذ إنشاء السوق، فإن المستندات المقدمة من الدولة بجلسة 23/2/2010 أمام محكمة القضاء الإداري والتي ضمت الميزانيات الخاصة بالشركة لأعوام (2005 و2006 و2007 ) تقطع بتحصيل الشركة لهذه الرسوم، كما أن ما ذهبت إليه الشركة من أن ثمة خلطا بين إيرادات العد والوزن، ورسوم العد والوزن، وأنها تقوم بتحصيل الأولى، ليس له سند من القانون، ولا يوجد نص يسمح لها أن تفرض مثل هذه الإيرادات، وما ذهبت إليه الشركة كذلك من خضوع هذه الرسوم لقانون الإدارة المحلية في مادته رقم (125) ولائحته التنفيذية في مــادتهـا رقم (82) والتى تضمنت أن تحديد الرسوم على الأسواق المرخص في إدارتها للأفراد والهيئات والشركات يكون بنسبة إيراداتها أو بتقدير رسم سنوي مع مراعاة مساحتها، قول يجافي الواقع والحقيقة؛ ذلك أن الرسوم الخاصة بأسواق الجملة على وفق القانون رقم 68 لسنة 1949 تختلف عن الرسوم المحلية التي تفرض على وفق قانون الإدارة المحلية، ومن ثم فلا مبرر لتطبيق أحكام هذا القانون الأخير، لاسيما أن قانــون تنظيم أسواق الجملة لم يتم إلغاؤه وهو الواجب التطبيق في شأن الشركة، ويضاف إلى ذلك أنه لا يجوز معاملة الشركة كغيرها على أساس تحصيل نسبة من إيرادات السوق؛ حيث إن المحافظات التي يجـري فيها ذلك إنما يجري بناء على اتفاقات بينها وبين المستثمر، كما أنها اتفاقات لا تتعلق بأسواق الجملة التي ينظمها القانون المشار إليه، بل هي أسواق أهليـة مخصصة لتجـارة التجزئـة في جميع الأصناف والسلع، وخلصت مذكرة الدفاع إلى أن العقد المبرم بين المحافظة والشركة هو عقد تخصيص، ومن ثم فالأرض ليست ملكا خاصا للشركة، وليس معنى صدور حكم بصحة ونفاذ العقد أو تسجيله تحـويل الملكيـة لتصير ملكيـة خاصـة لها، ومن ثم فإن السوق تخضع لأحكام القانون رقم 68 لسنة 1949 المشار إليه.
……………………………………………………..
– وحيث إن الدفع المتعلق بصفة الخصوم في الدعوى أو بمصلحتهم من تلك الدفوع المتعلقة بالنظام العام، التي يجب على المحكمة إثارتها في أية حالة تكون عليها الدعوى، دون توقف على إبداء دفع بذلك من أي من الخصوم كما هو مقتضى نص الفقرة الأولى من المادة (115) مرافعات، والبند (أ) من المادة (12) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
وحيث إن المادة (1) من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، المعدل بموجب القانون رقم 50 لسنة 1981 تنص على أن: “وحدات الإدارة المحلية هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى, ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية…”.
وتنص المادة رقم (4) على أن: “يمثل المحافظة محافظها…, وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير”.
ولما كان النزاع -سواء فيما يتعلق بالدعوى الأصلية أو بالادعاء الفرعي- يتساجله كل من ممثل شركة الإسماعيلية لأسواق الجملة ومحافظ الإسماعيلية, دون أن يكون هناك وجه لاختصام وزير الإدارة المحلية كمدعى عليه في الدعوى الأصلية، أو يكون ذا مصلحة كمدعٍ في الدعوى الفرعية, فمن ثم تعين القضاء بعدم قبول الدعوى الأصلية بالنسبة له؛ لرفعها على غير ذى صفة, وبعدم قبول الدعوى الفرعية بالنسبة له؛ لانتفاء المصلحة, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون مخالفا صحيح حكم القانون.
– وحيث إنه عن موضوع الدعوى الأصلية، إذْ تَطْلُب الشركة –على وفق التكييف الصحيح لطلباتها– الحكم بعدم أحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم العد والوزن من سوق الجملة الجديد بمدينة المستقبل, مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام المحافظة رد ما قامت بتحصيله منها.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم تجارة الجملة تنص على أنه: “لا يجوز إنشاء أو استغلال حوانيت أو أسواق أو حلقات أو غير ذلك للتعامل بالجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بهذا القانون في غير الأماكن التي يعينها وزير التجارة والصناعة لهذا الغرض بقرار يصدره بعد أخذ رأي وزارتي الداخلية والصحة العمومية…”.
وتنص المادة رقم (2) المعدلة بالقانون رقم 139 لسنة 1960 على أن: “يعين وزير الاقتصاد بقرار منه: 1- الأحكام والشروط الخاصة بشغل المساحات في الأماكن المشار إليها في المادة السابقة. 2-… 3-…. 4- (أ) رسوم شغل المساحات بما لا يزيد على…. (ب) رسوم الترخيص في التعامل بما لا يزيد على… (ج) رسوم الوزن بما لا يزيد على 15 مليما للوحدة التي يعينها وزير الاقتصاد. (د) رسوم العد بما لا يزيد على 20 مليما للوحدة التى يعينها وزير الاقتصاد. (هـ) رسوم الــترخيـص في مزاولة مهنة الدلالة بما لا يزيد على…”.
وتنص المادة رقم (5) المعدلة بالقانون رقم 43 لسنة 1959 على أن: “تسري أحكام هذا القانون على محافظات القاهرة والإسكندرية والقنال وعلى أية مدينة أخرى يصدر بتعيينها قرار من وزير الاقتصاد، وله أن يعهد بقرار منه إلى الغرف التجارية المصرية بإنشاء وإدارة المحال التي تخصص للتعامل بالجملة طبقا لأحكام هذا القانون. وله أيضا أن يعهد بذلك إلى الجمعيات التعاونية أو الغرف الصناعية المصرية بعد أخذ رأي وزير الشئون الاجتماعية والعمل ووزير الصناعة ووزير التموين. وفي جميع الأحوال يخضع إنشاء هذه المحال وإدارتها لإشراف وزارة الاقتصاد, ولوزير الاقتصاد أن يعهد بهذا الاختصاص بالاتفاق مع وزير الداخلية أو وزير الشئون البلدية والقروية بحسب الأحوال إلى مجالس المديريات أو المجالس البلدية. وفي هذه الحالة تصدر القرارات المشار إليها في المادة (2) من الوزير المختص بعد أخذ رأي وزير الاقتصاد”.
وتنص المادة (2) من قانون الإدارة المحلية المشار إليه على أن: “تتولى وحدات الإدارة المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها. كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التى تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها، وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التى تتولى المحافظات إنشاءها وإدارتها والمرافق التى تتولى إنشاءها وإدارتها الوحدات الأخرى للإدارة المحلية…”.
وتنص المادة (35) على أن: “تشمل موارد المحافظات ما يأتي: أولا– الموارد المشتركة مع سائر المحافظات، وتتضمن ما يأتي:… ثانيا– الموارد الخاصة بالمحافظة، وتتضمن ما يأتي: (أ)… (ب)… (ج) حصيلة استثمار أموال المحافظة وإيرادات المرافق التي تقوم بإدارتها. (د)…”.
وتنص المادة (43) على أن: “تشمل موارد المركز ما يأتي: 1-… 2- حصيلة استثمار أموال المركز وإيرادات المرافق التي يديرها. 3-…”.
وتنص المادة رقم (51) على أن: “تشمل موارد المدينة ما يأتي: أولا-… سادسا– الرسوم التي يفرضها المجلس الشعبى المحلي للمدينة في نطاقه في حدود القوانين واللوائح على ما يأتي: 1-… 8- الأسواق المرخص في إدارتها للأشخاص الخاصة. 9-… سابعا-… تاسعا- إيرادات استثمار أموال المدينة والمرافق التي تتولاها وإيرادات الأسواق العامة في نطاقها. عاشرا -…”. وتنص المادة رقم (82) الواردة ضمن مـواد الفصل الثالث (الخاص بالرسوم المحلية) من الباب الخامس من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية (الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979) على أن: “يكون تحديد الرسوم على الأسواق المرخص في إدارتها للأفراد والهيئات والشركات بنسبة إيراداتها، أو بتقدير رسم سنوي مع مراعاة مساحتها ومواقعها من المدينة أو القرية والحركة التجارية فيها”.
ومفاد ذلك أن المشرع حظر إنشاء أسواق أو غيرها للتعامل بالجملة في الأصناف المبينة بالجداول الملحقة بقانون تنظيم تجارة الجملة إلا في الأماكن التي يصدر بتعيينها قرار عن وزير التجارة والصناعة، وفوض وزير الاقتصاد في تحديد الأحكام والشروط الخاصة بشغل المساحات في هذه الأماكن، وكذا في تحديد الرسوم المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون، والتي من بينها رسوم الوزن والعد، وحدد المشرع نطاق سريان أحكام القانون المشار إليه بمحافظات القاهرة والإسكندرية والقنال وأية مدينة يصدر بتعيينها قرار عن وزير الاقتصاد، وأجاز لوزير الاقتصاد أن يعهد بإنشاء وإدارة المحال التي تخصص للتعامل بالجملة طبقا لأحكام هذا القانون إلى الغرف التجارية، كما أجاز له أن يعهد بذلك إلى الجمعيات التعاونية أو الغرف الصناعية، لكن بعد أخذ رأي الوزارات المحددة بنص المادة (5) المذكورة سالفا، وخول المشرع بموجـب أحكام قانون الإدارة المحلية الوحدات المحلية سلطة إنشاء وإدارة المرافق العامة الواقعة في نطاق كل منها، فيما عدا ما استثني منها، وجعل من بين الموارد المالية للمحافظات والمراكز والمدن إيرادات المرافق التي يقوم كل منها بإدارتها، كما جعل من بين موارد المدينة إيرادات الأسواق العامة التي في نطاقها، وكذا الرسوم المحلية التي تفرض على الأسواق المرخص في إدارتها للأشخاص الخاصة، وذلك بنسبة من إيراداتها أو بجُعل سنوي يُقدر بمراعاة مساحة السوق وموقعه من المدينة والحركة التجارية فيها، كما هو نص المادة (82) من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية.
ومن مقتضيات ما سلف ذكره أن مناط استئداء رسوم الوزن والعد التي فرضها المشرع بموجب المادة (2) من قانون تنظيم تجارة الجملة المشار إليه، إنما يتحقق في شأن أسواق الجملة التي تنشئها الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تستجمع سمات الأسواق العامة (التي هي أحد عناصر أو أدوات نشاط مرفق عام من مرافق الدولة -مرفق التجارة–)، ومن ثم فإذا انحسرت عن السوق سمة (السوق العمومي)، وخرج قانونا عن نطاق الأسواق العامة، كان مناط استئداء هذه الرسوم منتفيا، بحسبان أن الرسم مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة جبرا من الفرد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة، وأن مناط استئداء الرسوم المحلية التي تفرض على الأسواق المرخص في إدارتها للأشخاص الخاصة، والتي هي مورد من الموارد المالية للمدينة، هو منح ترخيص في إدارتها لأحد هؤلاء الأشخاص، أيا كانت طبيعة السوق التي رخص في إدارتها، أي سواء كانت سوقا عامة أم سوقا خاصة.
وحيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 29/12/1998 تم إبرام عقد بيع ابتدائي بين كل من محافظ الإسماعيلية بصفته ووكيل مؤسسي شركة الإسماعيلية لأسواق الجملة (شركة مساهمة مصرية تحت التأسيس)، تضمن في التمهيد أن الطرف المتعاقد مع المحافظة يقوم بصفته وكيلا عن المؤسسين بإنشاء شركة بغرض إنشاء وإدارة أسواق الجملة بالإسماعيلية طبقا لعقد تأسيس هذه الشركة، وما يرتبط بذلك من أنشطة، وأنه نظرا لأن إنشاء الشركة ومباشرة نشاطها يرتبط بتوفير قطعة أرض بنطاق محافظة الإسماعيلية لمزاولة هذا النشاط، فقد تقدم طالبا شراء قطعة أرض تسمح بمباشرة النشاط المشار إليه، ولما كان هذا النشاط من الأنشطة التي تعنى المحافظة بدعمها وتنشيطها لإسهامها في تحقيق أهداف تنموية وبيئية على درجة عالية من الأهمية؛ فقد تم الاتفاق بين الطرفين على إنشاء هذه الشركة على قطعة أرض مساحتها ثلاثة وستون فدانا، وهي أرض فضاء بدون مرافق، روعي في تقدير سعرها طبيعة المشروع، وتضمن البند الثاني أن المحافظ بصفته باع قطعة أرض بالمساحة المشار إليها تحت العجز والزيادة بالحدود والأبعاد المبينة في هذا البند، وتضمن البند الخامس أن الأرض موضوع العقد مملوكة للمحافظة باعتبارها من أملاك الدولة الخاصة، وتضمن البند السادس أن البيع تم نظير مبلغ قدره عشرة جنيهات للمتر المربع دون المرافق، وتضمن البند الثامن التزام المحافظة بنقل جميع الالتزامات الواردة بهذا العقد إلى الشركة بعد إتمام إجراءات تأسيسها وشهرها طبقا للقانون، وتضمن البند التاسع التزام الشركة باستخدام الأرض المبيعة في إنشاء وإدارة سوق الجملة وما يرتبط به من أنشطة دون غيرها، وتضمن البند العاشر التزام الشركة باستخراج تراخيص البناء المطلوبة وغيرها بمعرفتها وعلى نفقتها، وتضمن البند الحادي عشر التزام الشركة بعد انتهاء أعمال البناء والبنية الأساسية اللازمة بتخصيص محلات على وفق المواصفات المعمول بها بالنسبة لمحلات الجملة للتجار الموجودين في السوق الحالي، وعددهم اثنان وسبعون تاجرا، بأسعار التكلفة على ضوء مستخلصات الأعمال الختامية، وتخصيص محلات للتجار الحاجزين في المشروع القديم تتفق وطبيعة المحلات السابق التقدم لحجزها، وعددهم مئة وثلاثون حاجزا بأسعار التكلفة، بالإضافة إلى عشرة في المئة طبقا لكشوف الحصر التي تقدمها المحافظة، وبمراعاة أن ذلك كان محل اعتبار عند تقديـر ثمـن الأرض.
وقد تم تأسيس شركة الإسماعيلية لأسواق الجملة، وتم قيدها كشركة مساهمة مصرية في السجل التجارى برقم 2229 بتاريخ 31/12/1998، وتم تسجيل عقد البيع المشار إليه بتاريخ 7/1/2013 تحت رقم 116 لسنة 2013 شهر الإسماعيلية، وبعد مباشرة الشركة مهمتها والوفاء بالتزاماتها وقيامها بإدارة السوق، قام خلاف بينها وبين المحافظة بشأن مدى أحقية المحافظة في تحصيل رسوم الوزن والعد، فاستُطلع رأي إدارة الفتوى المختصة، فانتهى رأيها إلى صحة استناد المحافظة في تحصيلها هذه الرسوم إلى القانون رقم 68 لسنة 1949 بتنظيم تجارة الجملة، ومن ثم طلبت المحافظة من الشركة تمكينها من تحصيل هذه الرسوم، واستئداء ما تم تحصيله من قبل الشركة، وقامت بالتحصيل فعلا من المتعاملين بالسوق عند خروجهم منها وعلى البوابات، وذلك لما سُمِّيَ بالجزء المتبقى من الرسوم المقررة تكملة لما تقوم الشركة بتحصيله، على وفق الوارد بالبيان الصادر عن صندوق الخدمات والتنمية المحلية بمحافظة الإسماعيلية (المودع حافظة مستندات الشركة المقدمة بجلسة 6/9/2014 أمام هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا)، وكذا ما ورد بكتاب الجهاز الإداري لمشروع سوق الجملة للخضر والفاكهة (المودع حافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة بجلسة 23/1/2016).
وحيث إن البين من ذلك أن محافظة الإسماعيلية قامت ببيع قطعة أرض من أملاك الدولة الخاصة الكائنة في نطاقها إلى الشركة الطاعنة، بغرض إنشاء وإدارة سوق الجملة الجديد وما يرتبط به من أنشطة دون غيرها، على أن تقوم الشركة بأعمال البناء والبنية الأساسية وما يلزم لإعداد السوق لمباشرة نشاطه على نفقتها، مع تسليم المحلات لتجار الجملة الذين كانوا يباشرون نشاطهم من خلال محلات بالسوق القديم، وتخصيص محلات لغير هؤلاء من التجار الذين سبق قيامهم بحجز محلات لدى المحافظة، وقد قامت الشركة بتنفيذ جميع التزاماتها التي تضمنها عقد البيع المؤرخ في 29/12/1998، والذي تم تسجيله بتاريخ 7/1/2013 على وفق ما سلف ذكره، وهو ما يبدو منه بداية أنه ليس هناك عقد التزام بإدارة مرفق عام كما ذهبت الجهة الإدارية بدفاعها، وأن سوق الجملة الجديد الذي أقامته الشركة قد أقامته على أرض مملوكة لها ملكية خاصة، وأنها هي التي تستقل بإدارته، دون مشاركة في أي من ذلك من قبل المحافظة، التي أفصحت في البند التاسع من عقد البيع المشار إليه بإلزام الشركة استخدام الأرض المبيعة في إنشاء وإدارة سوق الجملة وما يرتبط به من أنشطة دون غيرها، وذلك بحسبان أن هذا النشاط من الأنشطة التى تعنى المحافظة بدعمها وتنشيطها لإسهامها في تحقيق أهداف تنموية وبيئية على درجة كبيرة من الأهمية –كما ورد في تمهيد ذاك العقد–، ومن ثم يبدو جليا أن هذه السوق تندرج ضمن الأسواق الخاصة، وتخرج عن نطاق الأسواق العامة التي تنشئها الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة في الأماكن التى تعين لذلك، والتي يتم إدارتها بطريق مباشر منها أو من الشخص الاعتباري العام، أو يعهد بإدارتها إلى أي من الأشخاص الاعتبارية المنصوص عليها في المادة (5) من قانون تنظيم تجارة الجملة المشار إليه، ودون أن يغير من ذلك مساهمة السوق المملوك للشركة في تحقيق النفع العام؛ إذ المساهمة في ذلك لا تحيل السوق سوقا عمومية من تلك التي يعد نشاطها مكونا من مكونات مرفق التجارة (أحد المرافق العامة بالدولة).
ولما كان مناط استئداء رسوم الوزن والعد الواجب جبايتها بموجب حكم المادة (2) من القانون المشار إليه يستلزم لتحققه أن تكون هناك سوق عامة تباشَرُ من خلالها تجارة الجملة في الأصناف المعنية للمشرع على وفق أحكام هذا القانون، والتي يخضع التعامل فيها لهذه الفريضة المالية، وكانت السوق التي تملكها الشركة انفرادا، وتديرها استقلالا، منحسرا عنها وصف (العمومية) لتخلف موجب اتصافها بذلك، وفاقدة –كذلك– مقومات إدارجها ضمن الأسواق العمومية، فإن مناط استئداء هذه الرسوم، سواء من قبل الشركة أو المحافظة، يكون منتفيا، فضلا عن أن مناط فرضها في الأصل غير متوفر؛ بحسبان أنه ليست هناك خدمة تؤديها الدولة –ومن ثم المحافظة– تستوجب استئداء مقابلها جبرا من المتعاملين بهذه السوق، وبناء على ذلك فليس هناك مناص من القضاء بعدم أحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم الوزن والعد المفروضة بقانون تنظيم تجارة الجملة من سوق الجملة الجديد المملوك للشركة الطاعنة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن مناط فرض واستئداء هذه الرسوم غير متوفر بالنسبة لهذه السوق كما سلف، فمن ثم لا يعد من آثار القضاء بعدم أحقية المحافظة في استئدائها، رد تلك الرسوم التي قامت بتحصيلها من المتعاملين بالسوق إلى الشركة؛ إذ ليس هناك أصل حق لها أو للشركة في الحصول عليها على وفق صحيح حكم القانون الذي نطق به هذا الحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر مجانبا صائب حكم القانون، مما يكون من المتعين معه الحكم بإلغائه فيما قضى به في الدعوى الأصلية، والقضاء مجددا بالقضاء المذكور سالفا.
– وحيث إنه عن موضوع الدعوى الفرعية (التي يطلب فيها محافظ الإسماعيلية بصفته الحكم بإلزام الشركة أن تؤدي للمحافظة مبلغ 1687996 جنيها (مليونا وست مئة وسبعة وثمانين ألفا وتسع مئة وستة وتسعين جنيها) قيمـة رسوم الوزن والعد التي حصلتها والمدرجة بميزانياتها عن السنوات 2005و2006و2007، وكذا ما يستجد من مبالغ، والفوائد القانونية على هذه المبالغ من تاريخ المطالبة حتى تاريخ السداد، فإنه لما كان صحيح حكم القانون لا يساند المحافظة في شأن خضوع السوق المملوكة للشركة ملكية خاصة، والتي تتولى هي إدارتها، لأحكام قانون تنظيم تجارة الجملة المشار إليه فيما فرضه من رسوم الوزن والعد بالنسبة لأصناف الخضر والفاكهة المعنية للمشروع على وفق أحكامه؛ وذلك لعدم تحقق مناط استئدائها، فضلا عن عدم توفر مناط فرضها، كما أنه ليس فيما استندت إليه المحافظة من أن هناك اتفاقا جرى بينها وبين الشركة بتاريخ 16/8/2004 على الطريقة التى يقوم بها كل منهما بتحصيل مستحقاته، موجب لاستئداء هذه الرسوم؛ إذ إن مناط فرضها واستئدائها منتفٍ، بما لا يجوز الاتفاق على خلافه لمخالفته حكم القانون، بحسبان أن مصدر فرض الرسم الممثل فريضة مالية تستأدى جبرا عند توفر مناط استئدائها هو القانون، ومن ثم فإنه أيا ما كان ما تضمنه محضر الاجتماع المؤرخ في 16/8/2014 المقدمة صورته بحافظتي مستندات الجهة الإدارية بجلسة 23/2/2010 أمام محكمة أول درجة، وبجلسة 23/1/2016 إبان نظر الطعن أمام هذه المحكمة، والموقع من السكرتير العام لمحافظة الإسماعيلية دون ممثل الشركة، فإنه لا يرقى سندا لإخضاع السوق لرسوم الوزن والعد المفروض جبايتها عند تحقق مناط ذلك من أسواق الجملة التى يطبق في شأنها قانون تنظيم تجارة الجملة، وبناء عليه تغدو الدعوى الفرعيـة غير قائمة على سند صحيح، مما لا مناص معه من القضاء برفضها.
وليست هناك محاجة للنيل من هذا القضاء فيما سيق حجةً من قبل الجهة الإدارية من أن الشركة قامت بتحصيل رسوم الوزن والعد –كما ورد بميزانياتها عن السنوات المشار إليها آنفا، والمقدم صورها بحافظة مستندات المحافظة المقدمة بجلسة 23/2/2010 تحت مسمى “إيرادات التشغيل– عد ووزن”-، وأنها تطالب باسترداد قيمتها بحسبانها فريضة مالية للدولة وليس للشركة؛ ذلك أنه ليس هناك أصلُ استحقاقٍ لهذه الرسوم، سواء للمحافظة أو للشركة كما سلف ذكره، فضلا عن أن تلك الإيرادات لا تمثل -حقيقةً- تلك الرسوم التى تنأى بطبيعتها أن تكون موردا من موارد الشركة، بل مثلت إيرادات التشغيل المشار إليها المورد الوحيد للشركة كما ذكرت المحافظة في البيان الصادر عن صندوق الخدمات والتنمية المحلية (مشروع سوق الجملة للخضر والفاكهة– محافظة الإسماعيلية، المودع حافظة مستندات الشركة المقدمة بجلسة 6/9/2014 أمام هيئة مفوضي الدولة إبان تحضير الطعن)، كما أن ما زعمته الجهة الإدارية من أن ما قامت الشركة بتحصيله كإيرادات تحت المسمى المذكور آنفا هو جزء يمثل ثلثي الرسم المقرر، وأن المحافظة قامت بتحصيل الجزء المتبقى منه (الثلث) مكتفية بذلك اضطرارا حتى لا تحمل التجار أكثر من قيمة الرسم المفروض قانونا –كما ورد بالبيان المشار إليه– لا يسانده دليل يثبت صحة ما ذهبت إليه من أن ما قامت الشركة بتحصيله بقيمة تقل عن قيمة الرسم المقرر والذي يتم استئداؤه من المتعاملين بالأسواق العمومية، هو ذاك الرسم المفروض جبايته بموجب قانون تنظيم تجارة الجملة رقم 68 لسنة 1949، دون أن يكون لاستخدام مصطلح (عد ووزن) بميزانيات الشركة المشار إليها دلالة اقتضاء بأن إيرادات التشغيل تلك هي رسوم الوزن والعد؛ إذ العبرة بحقيقة المعنى لا بظاهر المبنى.
وحيث إن الحكم الطعين قد قضى بخلاف ذلك، فإنه يكون قد جانب صحيح حكم القانون، مما لا مندوحة معه من الحكم بإلغائه، والقضاء مجددا بالقضاء المذكور آنفا.
– وحيث إنه من نافلة القول أن ما أثارته وساقته الشركة بمذكرات دفاعها المقدمة بجلسة 23/1/2016 وبجلسة 12/3/2016، وما قدمته خلال الأجل المصرح بإيداع مذكرات فيه بعد حجز الطعن للحكم بتاريخ 15/3/2016 و26/3/2016، من التزامها بأداء أكبر نسبة تحصلها المحافظات من الغرف التجارية، وهي نسبة 10% من إيرادات السوق، تبرعا من الشركة ومساهمة منها في تعظيم إيرادات المحافظة وإنماء مشروعاتها -ما ساقته الشركة على هذا النحو– يدخل في نطاق عقود التبرع، بغض الطرف عن طبيعة ما تلتزم الغرف التجارية بأدائه للمحافظات عن الأسواق التى يعهد إليها بإنشائها أو بإدارتها؛ بحسبانها من الأسواق العامة، وباعتبار أن الغرف التجارية من أشخاص القانون العام، ويخرج (أي ما سيق من قبل الشركة) عن نطاق تلك الرسوم المحلية التي تفرض على وفق أحكام قانون الإدارة المحلية على الأسواق المرخص في إدارتها للأشخاص الخاصة، وتحدد بنسبة من إيراداتها أو بقيمة سنوية يتم تقديرها بمراعاة مساحة السوق وموقعها من المدينة أو القرية والحركة التجارية فيها، والتي يتحقق مناط استئدائها بمنح الترخيص في إدارتها أيا ما كانت طبيعة هذه السوق التى منح بشأنها هذا الترخيص، أي سواء كانت من بين الأسواق العامة أم من تلك الأسواق الخاصة (كالسوق التي تديرها الشركة)؛ ذلك أن استئداء هذه الرسوم يوجبه القانون، ولا يخضع للاتفاق بين الجهة الإدارية والملزم بأدائها، سواء فيما يتعلق بأصل وجوب استئدائها، أو بقيمتها ومقدارها.
وإذ يلج ما أبدته الشركة في نطاق عقود التبرع، فلا يكون هناك حِوَل عن أن يستجمع العقد أركانه حتى يضحى مبرما بين طرفيه، وذلك بأن يصدر قبول من قبل المحافظة، يتلاقى مع ذاك الإيجاب المبدى من قبل الشركة، ومرد جميع ذلك إلى إرادتيهما، بحسبان أن مثل هذا العقد وهو في طور إبرامه بمنأى عن ولاية المحكمة، التي بموجبها تتولى الفصل في الطعن الماثل، والمتمثل قوامها في وزن الحكم الطعين بقسطاس القانون المستقيم.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملا بالمادتين (184) و(240) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء:
(أولا) في الدعوى الأصلية: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني، وبقبولها شكلا، وفي الموضوع بعدم أحقية محافظة الإسماعيلية في تحصيل رسوم الوزن والعد المفروضة بقانون تنظيم تجارة الجملة من سوق الجملة الجديد المملوك للشركة الطاعنة، مع ما يترتب على ذلك من آثار على وفق المبين بالأسباب.
(ثانيا) في الدعوى الفرعية: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعي الثاني؛ لانتفاء المصلحة، وبقبولها شكلا، ورفضها موضوعا، وألزمت جهة الإدارة مصروفات الدعويين عن درجتي التقاضي.
([1]) على خلاف هذا النظر جزئيا: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2756 لسنة 37 القضائية (عليا) بجلسة 19/3/1996 (مجموعة السنة 41/1، مكتب فني، المبدأ رقم 95، ص840)، حيث انتهت المحكمة إلى أن رفع الدعوى على غير ذي صفة يجب أن يدفع به الخصم صاحب المصلحة فيه.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |