برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى خضري نوبي محمد
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد منصور محمد منصور، وأحمد عبد الراضي محمد، وجمال يوسف زكي علي، ومحمد محمد السعيد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
المبادئ المستخلصة:
الاختصاص الولائي- تعد مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة، وعليها أن تقضي فيها من تلقاء نفسها، إذ يعد الحكم الصادر في الموضوع مشتملا على قضاء ضمني باختصاصها ولائيا، ومن ثم فإن الطعن على الحكم الصادر فيها يعد واردا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص، سواء أثارها الخصوم في الطعن أم لم يثيروها، ولمحكمة الطعن أن تتصدى للاختصاص الولائي؛ باعتبار أن ذلك متعلق بالنظام العام، ويدخل في نطاق الطعن.
مدى تعلق قواعد الإثبات بالنظام العام، ومدى جواز العدول عنها، ومدى إلزامية نتيجتها: قواعد الإثبات ليست من النظام العام، سواء كانت متعلقة بِطُرُقِهِ أو تَحَمُّلِ عِبئِه، فيجوز للخصوم الاتفاق على ما يخالفها، أو النزول عن التمسك بها صراحة أو ضمنا- للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات، بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر، ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء، بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها، فالأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعد أحكاما قطعية، ولا تحوز حجية الأمر المقضي، فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها وقبل تنفيذها، وإذا هي نفذتها كان لها ألا تتقيد بالنتيجة التي أدت إليها، ولها أن تحكم في الموضوع بأدلة أخرى.
الخبرة الفنية- أثر عدم إيداع أمانة الخبير– إذا لم تودع الأمانة من الخصم المكلف بإيداعها ولا من غيره من الخصوم كان الخبير غير ملزم بأداء المأمورية، وتقرر المحكمة سقوط حق الخصم الذي لم يقم بدفع الأمانة في التمسك بالحكم الصادر بتعيين الخبير إذا وجدت أن الأعذار التي أبداها لذلك غير مقبولة.
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- عدم جواز طعن الخارج عن الخصومة أمامها([1])– الخصومة في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا تكون إلا بين من كانوا خصوما في النزاع الذي فصل فيه بالحكم المطعون فيه- ينفرد المشرع وحده بتحديد طرق الطعن في الأحكام على سبيل الحصر، وقد حدد قانون مجلس الدولة أحوال الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وهي لا تسع الطعن أمامها من الخارج عن الخصومة- كان نظام طعن الخارج عن الخصومة نوعا من اعتراض الخارج عن الخصومة الذي كان ينظمه قانون المرافعات السابق، لكن قانون المرافعات الحالي ألغى هذا النظام، فلا سند في استبقاء هذا النظام بعد إلغائه، خاصة وأن هذا الاعتراض كان قبل إلغائه يقدم إلى المحكمة نفسها التي أصدرت الحكم، وليس أمام محكمة الطعن، فلا يجوز إعادته إلى الحياة في صورة طعن إلى محكمة الطعن بعد أن لم يعد جائزا أمام المحكمة التي أصدرت الحكم محل الاعتراض- لا يمكن أن تنصرف عبارة “ذوي الشأن” الواردة في المادة (23) من قانون مجلس الدولة (التي تحدد نظام الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا) إلى من لم يكن ذا شأن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون عليه، فذو الشأن هو من كان طرفا في الدعوى- ترتيبا على ذلك: لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة ممن لم يكن طرفا في الدعوى، ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها، بل يتعين عليه في هذه الحالة متى مس الحكم مصلحة له أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه([2]).
تحقق وجود عقد إداري- مراحل إنشاء العقد- القرارات المنفصلة عن العقد([3])– العقود التي يبرمها أشخاص القانون العام مع الأفراد بمناسبة ممارسة جهة الإدارة لنشاطها في إدارة المرافق العامة وتسييرها ليست سواءً، فمنها ما يعد عقدا إداريا تأخذ فيها الإدارة بوسائل القانون العام بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها، وقد تنزل منزلة الأفراد في تعاقدهم فتبرم عقودا مدنية تستعين فيها بوسائل القانون الخاص- العقد الذي تكون الإدارة أحد أطرافه، سواء كان عقدا إداريا أم مدنيا، يمر حتى يكتمل تكوينه بمراحل متعددة- ينبغي التمييز بين العقد الذي تبرمه الإدارة، والإجراءات التي تمهد بها لإبرام هذا العقد أو تهيئ لمولده؛ ذلك أنه بقطع النظر عن كون العقد مدنيا أو إداريا، فإن من هذه الإجراءات ما يتم بقرار من السلطة المختصة له خصائص القرار الإداري ومقوماته، ومثل هذه القرارات، وإن كانت تسهم في تكوين العقد وتستهدف إتمامه، فإنها تنفرد عن العقد وتنفصل عنه، ومن ثم يجوز لذوي الشأن الطعن فيها بالإلغاء استقلالا- القرارات التي تتضمن إنهاء علاقة تعاقدية بعد نشوئها، أو تمهد لعلاقة قانونية جديدة لا تزال في طور تكوينها، تعد قرارات إدارية، سواء آل أمر هذه العلاقة الجديدة إلى إبرام الإدارة لعقد من عقود القانون الخاص أو لأحد العقود الإدارية، فإن قراراتها التي تتصل بالعقد، سواء من ناحية الإذن به أو إبرامه أو اعتماده، تنفصل عنه، ويجوز الطعن فيها من ثم استقلالا عن العلاقة التعاقدية فى ذاتها- هذه النظرية التي ابتدعها مجلس الدولة في فرنسا ومصر التي تقوم على جواز الطعن بدعوى الإلغاء في القرارات الإدارية المنفصلة هي نظرية أوسع مدى، فلا يقتصر تطبيقها على العقود، بل تطبق في كل عملية مركبة.
اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم (143) لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية- المنازعات التي قد تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون ليست جميعها من طبيعة مدنية مما يدخل في اختصاص القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر هذه المنازعات، بل تداخلها بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية، وتنضوي تحت لوائها المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة، مما يندرج تحت الولاية العامة المقررة لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضي الطبيعي لجميع المنازعات الإدارية- قيام جهة الإدارة بتحديد ثمن أرض وما يستتبعه ذلك من إجراءات قانونية قد تتخذها في حالة عدم أداء الثمن، هو تعبير عن إرادتها بما لها من سلطة بقصد إحداث أثر أو تحديد مركز في شأن من يريد تملك أرض تعد من أملاك الدولة الخاصة، ومن ثم فإن تحديد الدولة لسعر أرض هي تملكها على وفق القواعد المقررة في هذا الشأن يعد قرارا إداريا تختص بنظره محاكم مجلس الدولة، كما تختص بنظر الطعن في القرار السلبي بالامتناع عن إبرام عقدي البيع والإيجار لمساحات من تلك الأراضي.
استغلالها والتصرف فيها- (استعراض التطور التشريعي، والوضع القائم).
استغلالها والتصرف فيها- نطاق إعمال كل من القانونين رقمي 143 لسنة 1981، و7 لسنة 1991:
أفرد المشرع للأراضي الصحراوية تنظيما خاصا بموجب القانون رقم 143 لسنة 1981، معرفا إياها بأنها الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والواقعة خارج الزمام بعد مسافة كيلو مترين، وبين المقصود بالزمام بأنه حد الأراضي التي تمت مساحتها مساحة تفصيلية، وحُصرت في سجلات المساحة، وفي سجلات المكلفات، وخضعت للضريبة العقارية على الأطيان- اختص المشرع المحافظات الصحراوية بحكم خاص اعتبر بموجبه كردون المدن والقرى القائمة بتلك المحافظات في تاريخ العمل بالقانون، والتي ستقام مستقبلا وحتى مسافة كيلو مترين زماما- حدد القانون المذكور الجهات المنوط بها ولاية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الخاضعة لأحكامه، ونطاق ولاية كل منها، فجعل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة صاحبة الولاية العامة في هذا المجال، بعد استبعاد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية التي يصدر بتحديدها قرار عن وزير الدفاع، والمناطق التي تشملها خطة مشروعات استصلاح الأراضي، حسبما يصدر بتحديدها قرار عن الوزير المختص باستصلاح الأراضي، وجعل في الوقت نفسه الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، دون غيرها، هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة الأراضي الصحراوية في أغراض الاستصلاح والاستزراع.
تناول المشرع في القانون رقم 7 لسنة 1991 بالتنظيم جانبا من الأحكام التي تضمنها القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، سواء باستحداث جهات جديدة أسند إليها ولاية إدارة استغلال والتصرف في جزء من الأراضي الصحراوية (كالهيئة العامة للتنمية السياحية)، أو بإسناد الاختصاص إلى رئيس الجمهورية في تحديد نطاق المساحة من الأراضي الصحراوية التي ينعقد لكل جهة من هذه الجهات ولاية إدارة واستغلال والتصرف فيها- نتج عن هذا التنظيم سلب الولاية العامة التي كانت معقودة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بموجب القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، وكذا سلب سلطة الوزير المختص باستصلاح الأراضي في تحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات الاستصلاح، وكذا سلطته في الموافقة على تغيير الغرض الذي خصصت من أجله تلك الأرض، وعهد بها إلى رئيس الجمهورية بقرار يصدره بعد موافقة مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص، كما أسند المشرع بموجب ذلك التنظيم إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بالإضافة إلى ما يتضمنه قرار رئيس الجمهورية الذي يصدر بتحديد المناطق التي تشملها خطة الاستصلاح، ولاية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المتاخمة والممتدة خارج الزمام إلى مسافة كيلو مترين التي يجري استصلاحها على وفق الخطة القومية التي تضعها وزارة استصلاح الأراضي بالتنسيق مع المحافظة المختصة، وذلك دون إخلال بحق وحدات الإدارة المحلية في إدارة واستغلال والتصرف فيما استصلحته أو تستصلحه من تلك الأراضي حتى تاريخ العمل بتلك الخطة.
ترتيبا على ما تقدم تكون الأحكام التي تضمنها القانون الأسبق (رقم 143 لسنة 1981) منسوخة في نطاق ما تناوله القانون الأحدث (رقم 7 لسنة 1991) بالتنظيم، فباتت سلطة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في الاستغلال والإدارة والتصرف في الأراضي الصحراوية تنحصر في الأراضي التي تخصص بقرار من رئيس الجمهورية لأغراض إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة، وذلك دون إخلال بولاية الهيئة في إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية التي سبق أن خضعت لها بقرار من السلطة المختصة في ظل العمل بأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981، أو سبق أن تصرفت فيها فعلا خلال فترة العمل بتلك الأحكام، قبل نفاذ القانون رقم 7 لسنة 1991.
– في يوم الإثنين الموافق 23/6/2008 أودع وكيل شركة 6 أكتوبر لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضي (الطاعنة) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الأول، حيث قيد بجدولها برقم 30888 لسنة 54ق (عليا) طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 25/5/2008 في الشق العاجل بالدعوى رقم 11378 لسنة 62ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها التزام الهيئة المدعى عليها (الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية) بتحرير عقد بيع مع الشركة المدعية (شركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية) لمساحة 11س 6ط 76ف بالكيلو 42 غرب طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الهيئة المدعى عليها الأولى المصروفات، وإحالة الشق الموضوعي من الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانونى فيه.
وطلبت الشركة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الأول -وللأسباب الواردة فيه– الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا: (أصليا) بالحكم بأحقية شركة 6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضي (الطاعنة) في الأرض موضوع النزاع؛ لصدور عقد سابق من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة سابق على صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 2001، و(احتياطيا) إلزام الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية الاعتداد بالعقد الصادر عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لشركة 6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضي (الطاعنة)، واستنزاله من المساحة ولايتها، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير في ضوء الأسباب والمعطيات الجديدة في الدعوى.
– وفي يوم الإثنين الموافق 21/7/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية (الطاعنة) قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الثاني، حيث قيد بجدولها برقم 34145 لسنة 54ق (عليا)، طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 25/5/2008 في الدعوى رقم 11378 لسنة 62ق المشار إليه.
وطلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الثاني -وللأسباب الواردة فيه– الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا: (أصليا) بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، و(احتياطيا) رفض طلب وقف تنفيذ القرار، وإلزام الشركة المطعون ضدها (شركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية) المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان تقريري الطعنين على الوجه المقرر قانونا.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن الأول (30888 لسنة 54 ق عليا) لرفعه من الخارج عن الخصومة، وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات، وبقبول الطعن الثاني (34145 لسنة 54 ق عليا) شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون، حيث قررت بجلسة 5/5/2010 ضم الطعن رقم 34145 لسنة 54ق (عليا) إلى الطعن رقم 30888 لسنة 54ق (عليا)؛ للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 23/9/2010 قررت إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة، حيث نظرتهما بجلسة 3/11/2010، وتم تداولهما أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/11/2014 أصدرت هذه المحكمة حكما تمهيديا قبل الفصل في شكل الطعنين أو الموضوع بندب خبير لمباشرة المأمورية المبينة بالحكم، واستمر تأجيل نظر الطعنين لسداد الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية (الطاعنة في الطعن الثاني) أمانة الخبير، فتقاعست عن سدادها حتى جلسة 19/4/2016، وبها طلب الحاضر عن الشركة المطعون ضدها في الطعن الثاني الحكم في الطعن بحالته، فقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/6/2016، وبها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه- في أنه بتاريخ 31/12/2007 أقامت شركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية الدعوى رقم 11378 لسنة 62ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة العاشرة) بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى الصادر عن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بالامتناع عن تحرير عقد بيع للشركة المدعية لمساحة 13س 17ط 53ف، وعقد إيجار لها لمساحة 11س 6ط 76ف بناحية الكيلو 42 غرب طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي تنفيذا لقرار مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه الخامس بتاريخ 12/3/2007، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات، وذلك على سند من أن الشركة المدعية تضع يدها منذ عام 1990 على قطعة أرض صحراوية بالكيلو 42 فاصل 850 غرب طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي بعمق 800 متر أرض صحراوية بور، وقامت الشركة بتنفيذ مشروعها لاستصلاح الأرض وجعلِها صالحة للاستزراع، وإنشاء جميع أعمال البنية الأساسية عليها، وأن حيازة هذه الأرض مؤيدة بالمستندات والحصول على موافقات الجهات المختصة اللازمة، سواء من هيئة الآثار المصرية أو الإدارة العامة للمحاجر والمناجم بمحافظة الجيزة أو الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية أو وزارة الري أو وزارة الدفاع، وهي موافقات ضرورية لاتخاذ إجراءات التمليك، وبعد الحصول على تلك الموافقات وتبين خلو الأرض من المواد الحجرية صدر قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية باجتماعه الخامس بتاريخ 12/3/2007 بند 52/2 بالموافقة على التصرف للشركة المدعية لمساحة 13س 17ط 53ف وتأجير مساحة 11س 6ط 76ف بناحية الكيلو 42 غرب طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي، وبناء على إعادة الرفع المساحي تم التعديل ليكون بيع مساحة 2س 22ط 57ف ومساحة 116 م2 المقام عليها المنشآت، وتأجير مساحة 9س 15ط 73ف، وتم تحديد المبالغ التي تلتزم بها الشركة الطالبة، وتم سداد مبلغ 169649 جنيها بتاريخ 10/9/2005، ومبلغ 150000 جنيه بتاريخ 31/10/2005، ومبلغ 15254 جنيها، إلا أنه لم يتم تحرير أي عقود للشركة، مما حداها على اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 143 لسنة 2007، وصدرت التوصية بتاريخ 26/9/2007 بأحقيتها في إلزام الهيئة تحرير العقد، فلم تستجب جهة الإدارة، فأقامت دعواها بطلباتها المبينة سالفا.
……………………………………………………..
وبجلسة 25/5/2008 صدر حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه، قاضيا فى منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها التزام الهيئة المدعى عليها (الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية) بتحرير عقد بيع مع الشركة المدعية (شركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية) لمساحة (11س 6ط 76ف) بالكيلو 42 غرب طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الهيئة المدعى عليها الأولى المصروفات، وإحالة الشق الموضوعي من الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانونى فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها –بعد أن استعرضت المادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 2001 بشأن تحديد استخدامات أراضي الدولة حتى عام 2017- على أنه فيما يتعلق بركن الجدية فإن البادي من أوراق الدعوى أن المدعي بصفته ممثلا لشركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية تقدم إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بتاريخ 10/5/2005 بطلب لتملك مساحة 54 فدانا بالأسعار والقيمة التي تقدرها اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة بالكيلو 42 غرب طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، وتبين للهيئة من المعاينة أن المدعي (بصفته) هو واضع اليد الفعلي على مساحة 130 فدانا، وأن المنزرع منها قدره 13س 17ط 53ف، وأن المساحة المستصلحة هي 11س 6ط 76ف، وأن مصدر الري بئر جوفي، وأن أسلوب الري هو الأسلوب المتطور بالتنقيط، وأن مساحة المباني المقامة عليها منشآت هي 116م2، وعلى وفق ما أسفرت عنه المعاينة في 3/4/2005 فقد تمت الموافقة على التصرف لشركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية بالبيع لمساحة 13س 17ط 53ف، على أن يكون سداد الثمن كاملا ومقابل الانتفاع طبقا لتقديرات اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة، وذلك قبل تحرير عقد البيع الابتدائي، مع اتخاذ إجراءات تأجير باقي المساحة وقدرها 83 فدانا.
وتمت الموافقة من مجلس إدارة الهيئة بتاريخ 22/5/2005 على بيع المساحة المشار إليها بعد أن تأكد من زراعة الأرض بأسلوب الري المتطور (التنقيط)، والحصول على موافقة القوات المسلحة وباقي الجهات المعنية قانونا، وأن مساحة الأرض المشار إليها تقع ضمن ولاية الهيئة على وفق القرار الجمهوري رقم 154 لسنة 2001 المشار إليه، وبتاريخ 26/11/2005 تم التصديق بالموافقة على المذكرة المعروضة على رئيس الهيئة بتعديل مساحة عقد البيع الابتدائي ومساحة عقد الإيجار، إلا أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية تلقت كتابا برقم 1560 بتاريخ 30/1/2006 من جهاز مدينة السادس من أكتوبر بالهيئة العامة للمجتمعات العمرانية، مرفقا به خريطة مساحية للمدينة، موضحا عليها مساحة 15614.93 فدانا بمنطقة الحزام الأخضر بالمدينة، والتي تقع ضمنها المساحات محل عقود البيع والإيجار محل التداعي، ثم تلقت كتابا آخر بتاريخ 19/3/2006 من رئيس مجلس إدارة شركة 6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضي، وإنذارا بعدم اتخاذ إجراءات لمصلحة الشركة المدعية؛ لسبق تحرير عقود بيع عن تلك المساحات لشركة 6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضي من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ثم صدر قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية باجتماعها الخامس بتاريخ 12/3/2007 بند 52/2 بالموافقة على التصرف للشركة المدعية لمساحة 13س 17ط 53ف، وتأجير مساحة 11س 6ط 76ف بناحية الكيلو 42 غرب طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي.
ولما كان البادي من الأوراق أن مساحة الأرض محل تحرير عقدى البيع والإيجار من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إلى الشركة المدعية هي مساحة تندرج ضمن الخريطة المرافقة للقرار الجمهورى رقم 154 لسنة 2001 المشار إليه في ولاية واختصاص هذه الهيئة دون غيرها، كما أن المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة قد حسم أمر المختص بالبيع والإيجار في تلك الأراضي بأنها تلك الهيئة المدعى عليها، ومن ثم فإن قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في اجتماعه الخامس بتاريخ 12/3/2007 بالموافقة على التصرف للشركة المدعية لمساحة 13س 17ط 53ف وتأجير مساحة 11س 6ط 76ف بناحية الكيلو 42 غرب طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي يكون قد صدر عن صاحب الاختصاص والولاية، وللشركة المدعية التي توفرت فيها جميع شروط وضع اليد، وحصلت على الموافقات اللازمة واستعدادها لأداء المبالغ المستحقة نظير البيع والإيجار، ومن ثم تكون الهيئة المدعى عليها ملزمة قانونا باتخاذ إجراءات البيع والإيجار للمساحتين المشار إليهما، ويكون قرارها السلبي بالامتناع عن تحرير عقد بيع لمساحة 13س 17ط 53ف وعقد إيجار لمساحة 11س 6ط 76ف بناحية الكيلو 42 غرب طريق الإسكندرية الصحراوي قد صدر مخالفا للقانون مرجح الإلغاء، بما يتوفر معه لطلب وقف التنفيذ ركن الجدية اللازم له، كما توفر ركن الاستعجال لأن مساحة تلك الأرض مهددة بمنازعات غير شرعية مما يؤثر في استمرارية الشركة المدعية في تطوير واستصلاح الأراضي، وهي من المسائل التي يتعذر تداركها، ومتى توفر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركناه فإن المحكمة تقضى بوقف تنفيذه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها التزام الهيئة المدعى عليها بتحرير عقدي بيع وإيجار للمساحات المبينة سالفا على وفق قرار مجلس إدارة الهيئة الصادر في اجتماعه الخامس بتاريخ 12/3/2007، وتمكين الشركة المدعية من حيازة تلك الأراضي، وضمان عدم التعرض القانوني أو المادي لها فيها.
……………………………………………………..
حيث إنه لما كانت الخصومة في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا تكون إلا بين من كانوا خصوما في النزاع الذي فصل فيه بالحكم المطعون فيه، وكان البين من حكم محكمة القضاء الإداري أن شركة 6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح وتعمير وتنمية الأراضي (الطاعنة في الطعن الماثل) لم تكن من الخصوم في الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها، ومن ثم فإن الطعن الموجه من هذه الشركة، وهي ليست خصما أمام محكمة أول درجة وتعد خارجة عن الخصومة، يكون غير مقبول؛ ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المادة (23) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 حددت أحوال الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وهي لا تسع الطعن أمامها من الخارج عن الخصومة، فالطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا يجوز إلا لمن كان طرفا في الخصومة التي انتهت بصدور الحكم المطعون فيه، وإذا كان طعن الخارج عن الخصومة نوعا من اعتراض الخارج عن الخصومة الذي كان ينظمه قانون المرافعات السابق في فصل مستقل، حيث كانت المادة (450) من قانون المرافعات السابق الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 تنص فى فقرتها الأولى على أنه: “يجوز لمن يعتبر الحكم الصادر فى الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها أن يعترض على هذا الحكم بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم”، وكانت المادة (455) منه تنص على أنه: “يترتب على الاعتراض على الحكم إعادة طرح الخصومة على المحكمة من جديد ولا يستفيد من الحكم الصادر فيه غير من رفعه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”، مما مفاده أن قانون المرافعات السابق أجاز لمن يمتد إليه أثر الحكم الصادر فئ الدعوى، ويعد حجة عليه مع أنه لم يكن ماثلا فيها بشخصه أن يعترض عليه بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة، ذلك أن جواز الاعتراض على الحكم يرتبط ارتباطا وثيقا بحجيته، فكلما كان هذا الحكم حجة على شخص لم يكن طرفا فى الخصومة بنفسه يكون له الحق فى سلوك هذا الطريق، ويترتب على الحكم بقبول الاعتراض إلغاء الحكم المعترض عليه في حدود ما رفع عنه الاعتراض، ويعود الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم، وإعادة طرح الخصومة الأصلية على المحكمة من جديد، وللمعترض ولغيره من الخصوم الإدلاء بأوجه دفاعهم ودفوعهم التي يرون الإدلاء بها، كما لا تتقيد المحكمة بالحكم السابق قبل إلغائه بالحكم الصادر في الاعتراض.
وقد ألغى قانون المرافعات الحالي الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 اعتراض الخارج على الخصومة، فلا سند في استبقائه بعد هذا الإلغاء في صورة طعن الخارج عن الخصومة إلى المحكمة الأعلى المختصة بنظر الطعن على الحكم المطعون فيه، والذي لم يكن الخارج عن الخصومة طرفا أو ممثلا في الدعوى التي انتهت بصدوره، خاصة وأن اعتراض الخارج عن الخصومة كان قبل إلغائه يقدم إلى المحكمة نفسها التي أصدرت الحكم، وليس أمام محكمة الطعن، فلا يجوز إعادته إلى الحياة في صورة طعن إلى محكمة الطعن بعد أن لم يعد جائزا أمام المحكمة التي أصدرت الحكم محل الاعتراض.
وبذلك يبدو واضحا تعارض قبول طعن الخارج عن الخصومة أمام محكمة الطعن مع مبدأ انفراد المشرع وحده بتحديد طرق الطعن في الأحكام على سبيل الحصر، ويؤكد ذلك أن مدلول عبارة “ذوي الشأن” الواردة في المادة (23/2) ينصرف إلى ذوي الشأن في الدعوى الذين كانوا طرفا فيها وفي الحكم الصادر فيها بأنفسهم أو بمن يمثلهم قانونا، ولا تنصرف عبارة “ذوي الشأن” إلى كل من يدعى له مصلحة في القرار المطعون فيه محل الدعوى الصادر فيها الحكم، سواء بطلب إلغائه أم برفض طلب الإلغاء، ولا إلى من يدعي مصلحة مس بها الحكم بوجه أو بآخر، سواء في دعوى الإلغاء أو غيرها من أنواع المنازعات الأخرى التي يتولاها قضاء مجلس الدولة، ويقطع بذلك أن المشرع حينما أراد أن يخرج عن هذا المدلول في تحديد “ذوي الشأن” ويتوسع فيه في المادة (23/2) من قانون مجلس الدولة اعتبر من ذوي الشأن في الطعن على أحكام المحاكم التأديبية -بالإضافة إلى المتهم وهيئة مفوضي الدولة (وهما ذوا الشأن طبقا للمادة 23/2)- الوزيرَ المختص ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس هيئة النيابة النيابة الإدارية، فنص على هذا صراحة، ولو اتسعت عبارة “ذوي الشأن” لهم على غير مقتضى ما تقدم لما احتاج المشرع إلى النص الصريح الخاص لتقرير اعتبارهم من ذوي الشأن.
وبناء عليه فإنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة ممن لم يكن طرفا في الدعوى، ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها، بل يتعين عليه في هذه الحالة -متى مس الحكم مصلحة له- أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، على وفق ما تنص عليه المادة (51) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من أنه: “يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية حسب الأحوال، وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحكمة…”، وما تضمنته المادة (243) من قانون المرافعات من أن يرفع الالتماس أمام المحكمة التي أصدرت الحكم بالطريق الذي ترفع به أمامها الدعوى، وعلى وفق الإجراءات والأوضاع المقررة لذلك، وبما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة، ومؤدى ما تقدم أن الخارج عن الخصومة لا يجوز له الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الحكم الذي تعدى إليه أثره، بل عليه أن يسلك طريق التماس إعادة النظر أمام المحكمة نفسها التي أصدرت الحكم الملتمس إعادة النظر فيه إذا ما توفرت شروط اعتباره التماسا بإعادة النظر طبقا لأحكام القانون المنظمة لهذا الالتماس، مما يستوجب الحكم بعدم قبول الطعن الماثل من الخارج عن الخصومة .(حكم دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 3387 لسنة 29 القضائية عليا بجلسة 12/4/1987، وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 1874 و1751 لسنة 34 القضائية عليا بجلسة 19/12/1993، والطعون أرقام 4942 و4945 و4946 و5036 لسنة 52 القضائية عليا بجلسة 6/1/2007).
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين: تنعى الهيئة الطاعنة بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لمخالفته قواعد الاختصاص الولائي، وفي بيان ذلك تقول إن الطعن الماثل يدور حول مدى بيع وتأجير قطعة أرض خاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، وأرض النزاع هي من أملاك الدولة الخاصة، وهو نزاع مدني لا يشمله اختصاص القضاء الإداري، مما ينعقد معه الاختصاص للمحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها قطعة الأرض طبقا لصريح نص المادة (22) من هذا القانون.
وحيث إنه من المقرر أن مسألة الاختصاص الولائي تعد قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على محكمة القضاء الإداري، وعليها أن تقضي فيها من تلقاء نفسها، إذ يعد الحكم الصادر في الموضوع مشتملا على قضاء ضمني باختصاصها ولائيا، ومن ثم فإن الطعن على الحكم الصادر فيها يعد واردا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص، سواء أثارها الخصوم في الطعن أم لم يثيروها، ولمحكمة الطعن أن تتصدى للاختصاص الولائي؛ باعتبار أن ذلك متعلق بالنظام العام، ويدخل في نطاق الطعن على وفق نص المادة (109) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 1968 على أن: “الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها. ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى”.
وحيث إن المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية نصت على أن: “تختص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل في المنازعات التى تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون، وتُرفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة.
وعلى اللجان القضائية المنصوص عليها فى القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون إلى المحاكم الابتدائية الكائن في دائرتها العقار موضوع النزاع، وذلك بغير رسوم، وبالحالة التى تكون عليها.
ويكون لذوي الشأن خلال ستين يومًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون الطعن في القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية”.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 1/2/2009 في القضية رقم 101 لسنة 26ق (دستورية) بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضى الصحراوية بقولها: “حيث إن المشرع الدستورى قصد بنص المادة (172) من الدستور إلى دعم مجلس الدولة، فأصبح منذ استحداث هذا النص جهة قضائية قائمة بذاتها مُحصَّنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريا عن طريق التشريع العادي، ولم يقف المشرع الدستورى فى دعمه لمجلس الدولة عند هذا الحد بل جاوزه إلى إلغاء القيود التى كانت تقف حائلا بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث في المادة (68) من الدستورنصا يقضي بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويُحظرالنص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الإدارية، وأُزيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية. وإذ كان الدستور بما نص عليه في المادة (68) من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، قد دلَّ –على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة– على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس جميعهم، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية، في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعًا عن مصالحهم الذاتية، وأن الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية، ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها على وفق مقاييس موحدة عند توفر شروطها؛ إذ ينبغي دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدرفيها، وكان مجلس الدولة –بنص المادة (172) من الدستور– هو قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، ما فتئ قائمًا عليها، باسطًا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها، لما كان ذلك، وكان الدستور قد نص في المادة (165) على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، فإنه إذا ما قدَّر المشرع ملاءمة إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية إلى محاكم السلطة القضائية، فإن سلطته في هذا الشأن تكون مقيدة بعدم الخروج على نصوص الدستور، وعلى الأخص تلك التي تضمنتها نصوص المواد 40 و68 و165 و172، ويتعين عليه التأليف بينها في مجموعها، وبما يحول دون تناقضها فيما بينها أو تهادمها، ومن ثم فلا يجوز إيلاء سلطة في منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعي إلا في أحوال استثنائية، تكون الضرورة في صورتها الملجئة هي مدخلها، وصلتها بالمصلحة العامة –في أوثق روابطها– مقطوعًا بها، ومبرراتها الحتمية لا شبهة فيها، وهذه العناصر جميعها ليست بمنأى عن الرقابة القضائية لهذه المحكمة، بل تخضع لتقييمها، بما لا يُخرج نص أي من المادتين (68) و(172) من الدستور عن أغراضها التفافًا حولها، بل يكون لمضمونها مجاله الطبيعي الذي حرص المشرع الدستوري على عدم جواز إهداره، ذلك أن ما يقرره الدستور في المادة (167) من النص على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها، لا يجوز اتخاذه موطئًا لاستنزاف اختصاص المحاكم أو التهوين من تخصيص الدستور بعضها بمنازعات بذواتها باعتبارها قاضيها الطبيعي، وصاحبة الولاية العامة بالفصل فيها،؛ إذ إن الاختصاص المقرر دستوريا لأية جهة من جهات القضاء، ليس محض حق لهذه الجهة أو تلك، بل هو ولاية خولها إياها الدستور باعتبارها الجهة القضائية التي ارتأى أنها الأجدر بنظر نوع معين من المنازعات، والأصلح في التدقيق في الحقوق المتنازع عليها أمامها.
وحيث إن المنازعات التي قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية ليست جميعها من طبيعة مدنية مما يدخل في اختصاص القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة بنظر هذه المنازعات، بل تداخلها بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية، وتنضوي تحت لوائها المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة، مما يندرج تحت الولاية العامة المقررة لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضي الطبيعي لجميع المنازعات الإدارية، متى كان ذلك فإن إيلاء الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية إلى المحكمة الابتدائية على النحو الذي قررته الفقرة الأولى من المادة (22) المطعون عليها، خصمًا من الاختصاص المعقود لمجلس الدولة دستوريا ينبغي أن تُبرره ضرورةٌ مُلجئة، وأن يتم ذلك من أجل تحقيق المصلحة العامة. وحيث إن الأعمال التحضيرية للقانون المشار إليه (المذكرة الإيضاحية ومضابط مجلس الشعب) قد خلت من بيان الأسباب التي ألجأت المشرع إلى ولوج هذا الطريق، أو المصلحة العامة التي يهدف إلى تحقيقها من ورائه، ومن ثم فإن ما نحاه المشرع من إيلاء الاختصاص بنظر جميع المنازعات التي قد تنشأ عن تطبيق أحكام القانون المطعون عليه إلى المحاكم الابتدائية يمثل انتقاصًا من الاختصاص المقرر دستوريا لمجلس الدولة.
وحيث إن المشرع كان قد أصدر قبل إصداره القانون المطعون عليه القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، الذي يتناول بالتنظيم إنشاء وإدارة واستغلال المجتمعات العمرانية الجديدة، وكلا القانونين يتناول بالتنظيم الشأن الخاص باستثمار أراضٍ صحراوية، إما في استصلاحها واستزراعها على النحو الوارد بالقانون رقم 143 لسنة 1981، أو إقامة مجتمعات عمرانية جديدة، كما هو مقرر بالقانون رقم 59 لسنة 1979. وإذ خلا القانون الأخير من نص يقرر خضوع المنازعات التي قد تنشأ عن تطبيق أحكامه للقضاء العادي، تاركًا الأمر للقواعد العامة لاختصاص كل من جهتي القضاء العادي والإداري، بما مؤداه اختصاص جهة القضاء العادي بنظر المنازعات المدنية، من حيازةٍ وملكيةٍ ونحو ذلك، واختصاص جهة القضاء الإداري بنظر المنازعات الإدارية. في حين تنكب المشرع في القانون رقم 143 لسنة 1981 هذا السبيل، ممايزًا بين أفراد المتعاملين مع الجهة الإدارية المختصة، على الرغم من تماثل مراكزهم القانونية، ودون أن يتوفر لهذا التمييز ما يبرره موضوعيا، فإنه يكون قد خالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور.
وحيث إن الأحكام التي تضمنتها الفقرتان الثانية والثالثة من النص المطعون عليه، والتي أوجبت على اللجان القضائية المنصوص عليها في القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تُحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 إلى المحاكم الابتدائية الكائن في دائرتها العقار موضوع النزاع، وأعطت لذوي الشأن خلال ستين يومًا من تاريخ العمل بالقانون المذكور حق الطعن في القرارات الصادرة عن اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية، ترتبط بنص الفقرة الأولى ارتباطًا لا يقبل التجزئة، لشمول حكمها المنازعات التي تدخل في اختصاص القضاء الإداري، فإن القضاء بسقوطها –في هذا النطاق– يكون لازمًا. وحيث إنه لما تقدم، فإن النص المطعون عليه يكون مخالفًا لأحكام المواد 40 و64 و68 و165 و172 من الدستور”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن العقود التي يبرمها أشخاص القانون العام مع الأفراد بمناسبة ممارسة جهة الإدارة لنشاطها في إدارة المرافق العامة وتسييرها ليست سواءً، فمنها ما يعد إداريا تأخذ فيها الإدارة بوسائل القانون العام بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها، وقد تنزل منزلة الأفراد في تعاقدهم، فتبرم عقودا مدنية تستعين فيها بوسائل القانون الخاص، وأن العقد الذي تكون الإدارة أحد أطرافه –سواء كان عقدا إداريا أم مدنيا إنما يمر حتى يكتمل تكوينه بمراحل متعددة ويسلك إجراءات شتى على وفق الأحكام والنظم السارية، وينبغي التمييز بين العقد الذي تبرمه الإدارة والإجراءات التي تمهد بها لإبرام هذا العقد، أو تهيئ لمولده؛ ذلك أنه بقطع النظر عن كون العقد مدنيا أو إداريا، فإن من هذه الإجراءات ما يتم بقرار من السلطة المختصة له خصائص القرار الإداري ومقوماته من حيث كونه إفصاحا عن إرادتها الملزمة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني تحقيقا لمصلحة عامة يتغياها القانون، ومثل هذه القرارات وإن كانت تسهم في تكوين العقد وتستهدف إتمامه فإنها تنفرد عن العقد وتنفصل عنه، ومن ثم يجوز لذوي الشأن الطعن فيها بالإلغاء استقلالا.
وهذه النظرية التي ابتدعها مجلس الدولة في فرنسا ومصر التي تقوم على جواز الطعن بدعوى الإلغاء في القرارات الإدارية المنفصلة هي نظرية أوسع مدى، فلا يقتصر تطبيقها على العقود، بل تطبق في كل عملية مركبة.
وإن قيام جهة الإدارة بتحديد ثمن أرض وما يستتبعه ذلك من إجراءات قانونية قد تتخذها في حالة عدم أداء الثمن هو تعبير عن إرادتها بما لها من سلطة بقصد إحداث أثر أو تحديد مركز فى شأن من يريد تملك أرض تعد من أملاك الدولة الخاصة، ومن ثم فإن تحديد الدولة لسعر أرض هي تملكها على وفق القواعد المقررة في هذا الشأن يعد قرارا إداريا. (الطعن رقم 4441 لسنة 41 ق جلسة 1/11/2003، والطعن رقم 943 لسنة 40 ق جلسة 3/12/1994)، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا بقولها إنه “من المقرر قانونا أن العقود التي تكون الإدارة طرفا فيها لا تعد جميعها من العقود الإدارية، ولا هي من العقود المدنية بالضرورة، بل مرد الأمر في تكييفها القانوني إلى مقوماتها، وبوجه خاص إلى ما إذا كانت شروطها تدل على انتهاجها لوسائل القانون الخاص أو العام، وكان من المسلم كذلك أن هذه العقود لا تنتظمها مرحلة واحدة تبرم بعد انتهائها، بل تتداخل فى مجال تكوينها مراحل متعددة يمهد كل منها لما يليه، ليكون خاتمتها العقد في صورته الكاملة؛ ذلك أن الإدارة لا تتمتع في مجال إبرامها لعقودها بالحرية نفسها التي يملكها أشخاص القانون الخاص في نطاق العقود التي يدخلون فيها، بل عليها أن تلتزم طرقا بعينها توصلا إلى اختيار المتعاقد معها، وكثيرا ما تكون قراراتها الإدارية متضمنة إنهاء علاقة تعاقدية بعد نشوئها أو ممهدة لعلاقة قانونية جديدة لا تزال فى طور تكوينها، وسواء آل أمر هذه العلاقة الجديدة إلى إبرام الإدارة لعقد من عقود القانون الخاص أو لأحد العقود الإدارية، فإن قراراتها التي تتصل بالعقد، سواء من ناحية الإذن به أو إبرامه أو اعتماده، تنفصل عنه، ويجوز الطعن فيها من ثم استقلالا عن العلاقة التعاقدية فى ذاتها. (حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 17 ديسمبر سنة 1994 في القضية رقم 2 لسنة 15 ق تنازع).
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، وكان النزاع الماثل يدور حول القرار السلبي بالامتناع عن إبرام عقدي البيع والإيجار للمساحات محل التداعي، مما يعد من منازعات القانون العام، فينعقد الاختصاص بنظره للقضاء الإداري، ويكون الدفع بعدم الاختصاص الولائي للقضاء الإداري في غير محله، ويكون النعي غير سديد.
وحيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله في قضائه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها التزام الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية الطاعنة بتحرير عقد بيع مع شركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية المطعون ضدها لمساحة 11س 6ط 76ف بالكيلو 42 غرب طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، وبيانا لذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أخطأ خطأ بينا حينما أجبر جهة الإدارة على تحرير عقود بيع وإيجار لأراضيها، فالبيع لواضعي اليد سلطة تقديرية لجهة الإدارة باعتبار أن حق الدولة وغيرها من الجهات الإدارية في أموالها الخاصة هو حقُّ ملكيةٍ، شأنها في ذلك شأن الأفراد، فلا يجوز إجبارها على بيع أملاكها، كما أن الحكم المطعون فيه أفرغ الدعوى من موضوعها بوقف تنفيذ القرار بالأخص فيما يتعلق ببيع الأرض وتأجيرها، أي إتمام الإجراءات واستكمالها دون مراعاة للشروط والرخصة التي أعطاها القانون للجهة الإدارية في سبيل إتمام ذلك، مخالفا المبدأ القضائي بألا يترتب على القضاء بوقف التنفيذ زوال القرار الإداري المطعون فيه؛ حتى لا ينقلب الحكم المستعجل في الدعوى إلى حكم في موضوعها، وحقيقة الأمر أنه بتاريخ 2/6/2007 تم تحديث معاينة للمساحة بالطبيعة وتبين منها الآتي: 1- مصدر الري: بئر جوفى يدار عن طريق مولد كهربائى يعمل بالديزل والبئر إنتاجيته ضعيفة ويحتاج إلى صيانة. 2- المساحة المنزرعة 13س 17ط 53ف وهى منزرعة بأشجارالزيتون، والزراعات غير جادة والشبكات غير مكتملة بالمساحة. 3- مساحة 11س 6ط 76ف بور على طبيعتها وليس لها مصدر للري أو شبكات رئيسية أو فرعية. كما أن اللجنة اعترضها بعض الأشخاص وقدموا لها صور عقد بيع ابتدائي محرر لشركة 6 أكتوبر من هيئة المجتمعات العمرانية عن المساحة محل المعاينة، وصورة إنذار من هذه الشركة موجه إلى الهيئة الطاعنة بعدم اتخاذ أية إجراءات على المساحة السابق التعاقد عليها للشركة المنذِرة، وتمت مخاطبة هيئة المجتمعات العمرانية لبيان هذا الأمر في ضوء وقوع هذه المساحة تبع الهيئة الطاعنة، وذلك حتى تتوفر المصداقية للدولة في التزاماتها تجاه الآخرين، مما يتضح منه أن النزاع المطروح محل الحكم المطعون فيه لم يتوفر بشأنه ركنا وقف التنفيذ من جدية واستعجال، خاصة في ضوء عدم وجود خطر داهم لا يمكن تلافيه.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن أصدرت حكما تمهيديا في الطعن الماثل بجلسة 25/11/2014 بندب خبير ليقدم تقريرا متضمنا ما يلي: 1- بيان حقيقة وضع يد شركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية على الأرض محل التداعي، وتاريخ بدء وضع يدها وسندها في ذلك، وما قامت به من أعمال استصلاح واستزراع قبل صدور الحكم المطعون فيه. 2- تحديد موقع مساحة الأرض محل التداعي وما إذا كانت تقع خارج زمام مدينة 6 أكتوبر ومدينة الشيخ زايد من عدمه، مع بيان الجهة الإدارية صاحبة الولاية على تلك الأرض. 3- بيان ما إذا كان قد صدرت عن تلك المساحة محل التداعى أي عقود بالبيع أو الإيجار، وتاريخ هذه العقود، وبيان الجهة الصادرة عنها، وسندها في إبرام تلك العقود، وسبب التعاقد معها.
وحيث إن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية المكلفة بسداد أمانة الخبير امتنعت عن سدادها، حتى حجز الطعن للحكم بحالته، مما يُسقط حقها في التمسك بالحكم الصادر بندب الخبير على وفق المادة (137) من قانون الإثبات التي تنص على أنه: “إذا لم تودع الأمانة من الخصم المكلف إيداعها ولا من غيره من الخصوم كان الخبير غير ملزم بأداء المأمورية، وتقرر المحكمة سقوط حق الخصم الذي لم يقم بدفع الأمانة في التمسك بالحكم الصادر بتعيين الخبير إذا وجدت أن الأعذار التي أبداها لذلك غير مقبولة”؛ ذلك أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام، سواء كانت متعلقة بِطُرُقِهِ أو تَحَمُّلِ عِبئِه، فيجوز للخصوم الاتفاق على ما يخالفها أو النزول عن التمسك بها صراحة أو ضمنا.
كما أن النص في المادة (9) من هذا القانون على أن: “للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر، ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها”، يدل على أن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعد أحكاما قطعية، ولا تحوز حجية الأمر المقضي، فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها وقبل تنفيذها، وإذا هي نفذتها كان لها ألا تتقيد بالنتيجة التي أدت إليها، ولها أن تحكم في الموضوع بأدلة أخرى.
وحيث إن البين من تقصي التشريعات المنظمة لتملك الأراضي الصحراوية أن هناك اعتبارات اقتضت منذ سنة 1940 حظر تملك العقارات في مناطق معينة في الإقليم المصري، فصدر سنة 1940 الأمر العسكري رقم 62 لسنة 1940 بشأن تملك العقارات في أقسام الحدود، وحظرت المادة الأولى منه على كل شخص طبيعي أو معنوي أجنبي الجنسية أن يتملك بأي طريق كان -عدا الميراث- عقارا كائنا بأحد الأقسام التي تقوم على إدارتها مصلحة الحدود.
وصدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 111 لسنة 1945 باستمرار العمل بأحكام الأمر العسكري المشار إليه.
ثم صدر القانون رقم 37 لسنة 1951، وحظر على غير المصريين اكتساب ملكية الأراضي الصحراوية.
ولما زادت أهمية أراضي الصحراء من الناحية العسكرية والعمرانية صدر القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية الواقعة خارج الزمام، وقضى بحظر تملك العقارات في المناطق المعتبرة خارج الزمام أو اكتساب حقوق عينية عليها، وذلك فيما عدا المناطق التي يحددها وزير الحربية.
وقد ارتأى المشرع تقنين التشريعات المختلفة المنظمة لتأجير العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة والتصرف فيها لتضمها مجموعة قانونية واحدة، صدر بها القانون رقم 100 لسنة 1964 بشأن تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، متضمنا في الباب الثالث الأحكام الخاصة بالأراضي البور والأراضي الصحراوية، وقضت المادة (86) منه بإلغاء القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية.
ثم صدر القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، مستهدفا علاج القصور في القانون القائم رقم 100 لسنة 1964 بالنسبة للأراضي الصحراوية، مع تطوير النظرة في المناطق الصحراوية إلى أساليب وقواعد الملكية وحدودها القصوى، بما يحقق الاستفادة من الأراضي الصحراوية، وتشجيعا للمشروعات الاستثمارية والشركات والأفراد والجمعيات التعاونية على استصلاح الأراضي الصحراوية وإقامة التجمعات الإنتاجية في الصحراء الواسعة، وقضى في المادة (27) منه بإلغاء الأحكام المتعلقة بالأراضي الصحراوية بالقانون رقم 100 لسنة 1964.
وطرأت أيضا عدة تعديلات على القانون رقم 143 لسنة 1981 بالقوانين أرقام 12 لسنة 1984 و55 لسنة 1988 و72 لسنة 1996.
ثم صدر القانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، منظما في المادة الثانية إجراءات إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، وتوزيع الاختصاصات بين بعض الهيئات.
وحيث إن البين مما تقدم أن المشرع أفرد للأراضي الصحراوية تنظيما خاصا بموجب القانون رقم 143 لسنة 1981 بأنها الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والواقعة خارج الزمام بعد مسافة كيلو مترين، فنصت المادة الأولى منه على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالأراضي الصحراوية الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، والواقعة خارج الزمام بعد مسافة كيلو مترين. ويقصد بالزمام حد الأراضي التي تمت مساحتها مساحة تفصيلية وحصرت في سجلات المساحة وفي سجلات المكلفات وخضعت للضريبة العقارية على الأطيان. وبالنسبة للمحافظات الصحراوية يعتبر زماما كردون المدن والقرى القائمة في تاريخ العمل بهذا القانون والتي تقام مستقبلا وحتى مسافة كيلو مترين. ويصدر رئيس مجلس الوزراء قرارا بتحديد ما يعتبر من المحافظات الصحراوية في تطبيق أحكام هذا القانون. وتعتبر في حكم الأراضي الخاضعة لهذا القانون، أراضي البحيرات التي يتم تجفيفها أو الداخلة في خطة التجفيف لأغراض الاستصلاح والاستزراع”.
وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 203 لسنة 1982 بشأن اعتبار بعض المحافظات صحراوية، ناصا في مادته الأولى على أن: “تعتبر محافظات صحراوية في تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه المحافظات التالية: محافظة مطروح- محافظة الوادي الجديد- محافظة سيناء الشمالية- محافظة سيناء الجنوبي- محافظة البحر الأحمر”.
وقد عَدد ذلك القانون الجهات المنوط بها إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الخاضعة لأحكامه، فنصت المادة الثانية منه على أن: “تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقا للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلي:
(أ) يصدر وزير الدفاع قرارا بتحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضي الصحراوية التي لا يجوز تملكها…
(ب) وفيما عدا الأراضي المنصوص عليها في البند (أ) يصدر الوزير المختص باستصلاح الأراضي قرارا بتحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأراضي، ويكون التصرف فيها واستغلالها بمعرفة الهيئة بعد أخذ رأي وزارة الدفاع…، ويحظر استخدام هذه الأراضي في غير الغرض المخصصة من أجله إلا بموافقة الوزير المختص بالاستصلاح وبالشروط التي يحددها، وبعد أخذ رأي وزارة الدفاع. (ج)… (د)…”.
ونصت المادة الثالثة على أن: “يكون استصلاح واستزراع الأراضي الصحراوية وكسب ملكيتها والاعتداد بها والتصرف فيها وإدارتها والانتفاع بها وفقا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له. وتجب المحافظة على ما قد يوجد بالأرض من مناجم ومحاجر وثروات معدنية أو بترولية وما تحويه من آثار أو تراث تاريخي، وذلك وفقا للقوانين والنظم المعمول بها. وتكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة هذه الأراضي في أغراض الاستصلاح والاستزراع دون غيرها من الأغراض، ويعبر عنها في هذا القانون بالهيئة. ومع عدم الإخلال بما يخصص لمشروعات الدولة، تختص هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة دون غيرها بالاستغلال والإدارة والتصرف لغير أغراض الاستصلاح والاستزراع، ويتم ذلك لحسابها ويعتبر موردا من مواردها”.
وحيث إن القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة (المعمول به اعتبارا من 14 من مارس سنة 1991) ينص في المادة الثانية منه على أن: “تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية وفقا للأوضاع والإجراءات الآتية:
) أ) يصدر رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء بناء على عرض وزير الدفاع قرار بتحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضى الصحراوية التى لا يجوز تملكها, ويتضمن القرار بيان القواعد الخاصة بهذه المناطق.
(ب) وفيما عدا الأراضى المنصوص عليها في البند (أ) يصدر رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص -حسب الأحوال- قرارا بتحديد المناطق التي تشملها خطة مشروعات استصلاح الأراضي, أو مناطق إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة, أو المناطق السياحية .
وتنشأ هيئة عامة تسمى “الهيئة العامة للتنمية السياحية”، يصدر بتنظيمها قرار من رئيس الجمهورية, وتتولى إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي تخصص لأغراض إقامة المناطق السياحية .
وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع, كما تتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي تخصص لأغراض إقامة المجمتعات العمرانية الجديدة .
وتمارس كل هيئة من الهيئات المشار إليها سلطات المالك في كل ما يتعلق بالأملاك التي يعهد إليها بها, وتباشر مهامها في شأنها بالتنسيق مع وزارة الدفاع، وبمراعاة ما تقرره من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة”.
وتنص المادة الرابعة منه على أن: “تتولى وحدات الإدارة المحلية كل في نطاق اختصاصها إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة لها أو للدولة, والأراضي القابلة للاستزراع داخل الزمام. ويضع المحافظ بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة طبقا للقواعد العامة التي يقررها مجلس الوزراء قواعد التصرف في هذه الأراضي، على أن تعطى الأولوية في هذا التصرف لأبناء المحافظة المقيمين فيها العاملين في دائرتها, ويجوز أن تنظم هذه القواعد الحالات التي يتم فيها التصرف في هذه الأراضي دون مقابل لأغراض التعمير والإسكان والاستزراع وتهيئتها للزراعة أو لأية أغراض يقررها مجلس الوزراء. وفيما يتعلق بالأراضي المتاخمة والممتدة خارج الزمام إلى مسافة كيلومترين فيكون استصلاحها وفق خطة قومية تضعها وزارة استصلاح الأراضي، وتتولى تنفيذها بنفسها أو عن طريق الجهات التي تحددها بالتنسيق مع المحافظة المختصة, وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة هذه الأراضي واستغلالها والتصرف فيها, ويحدد مجلس الوزراء نصيب المحافظة في حصيلة إدارة واستغلال والتصرف في هذه الأراضي. ويسري في شأن إدارة واستغلال والتصرف فيما تستصلحه المحافظة من هذه الأراضي حتى تاريخ العمل بالخطة المشار إليها أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة ….”.
وتنص المادة (2) من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة على أن: “يكون إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وفقا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له. وتنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طبقا لأحكام الباب الثاني من هذا القانون، تكون -دون غيرها- جهاز الدولة المسئول عن إنشاء هذه المجتمعات العمرانية، ويعبر عنها في هذا القانون بالهيئة”.
وتنص المادة (10) من هذا القانون على أن: “يقع باطلا كل تصرف أو تقرير لأي حق عيني أصلي أو تبعي أو تأجير أو تمكين بأي صورة من الصور على الأراضي التي تخصص وفقا لهذا القانون يتم بالمخالفة لأحكامه، ولا يجوز شهره، ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. ويزال بالطريق الإداري بقرار من مجلس إدارة الهيئة ما قد يوجد على هذه الأراضي من تعديات أو وضع يد أو إشغالات أيا كان سندها أو تاريخ وقوعها، وتكون الإزالة مقابل تعويض عادل في حالة الإشغالات التي يثبت أن إقامتها بسند قانوني”.
وحيث إن المشرع أفرد للأراضي الصحراوية بموجب القانون رقم 143 لسنة 1981 تنظيما خاصا، افتتحه بتعريفها، بغية تحديد النطاق الذي تنبسط إليه أحكام ذلك القانون، بأنها الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة والواقعة خارج الزمام بعد مسافة كيلو مترين، وبيَّن المقصود بالزمام بأنه حد الأراضي التي تمت مساحتها مساحة تفصيلية، وحُصرت في سجلات المساحة، وفي سجلات المكلفات، وخضعت للضريبة العقارية على الأطيان. واختص المحافظات الصحراوية بحكم خاص اعتبر بموجبه كردون المدن والقرى القائمة بتلك المحافظات في تاريخ العمل بالقانون، والتي ستقام مستقبلا وحتى مسافة كيلو مترين زماما. ثم ضمَّنه بعد هذا تعدادا للجهات المنوط بها ولاية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الخاضعة لأحكامه، ونطاق ولاية كل منها، فجعل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة صاحبة الولاية العامة في هذا المجال، بعد استبعاد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية التي يصدر بتحديدها قرار عن وزير الدفاع، والمناطق التي تشملها خطة مشروعات استصلاح الأراضي، حسبما يصدر بتحديدها قرار عن الوزير المختص باستصلاح الأراضي. وجعل في الوقت نفسه الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، دون غيرها، هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة الأراضي الصحراوية في أغراض الاستصلاح والاستزراع، إلا أن المشرع بموجب القانون رقم 7 لسنة 1991 المشار إليه تناول بالتنظيم جانبا من الأحكام التي تضمنها القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، سواء باستحداث جهات جديدة أسند إليها ولاية إدارة استغلال والتصرف في جزء من الأراضي الصحراوية، كالهيئة العامة للتنمية السياحية، أو بإسناد الاختصاص إلى رئيس الجمهورية في تحديد نطاق المساحة من الأراضي الصحراوية التي تنعقد لكل جهة من هذه الجهات ولاية إدارتها واستغلالها والتصرف فيها، مما ترتب عليه تعليق بدء مباشرة تلك الجهات لولايتها على إصدار قرارات رئيس الجمهورية بالتحديد، ونتج عنه أيضا سلب الولاية العامة التي كانت معقودة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بموجب القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، كما سلب سلطة الوزير المختص باستصلاح الأراضي في تحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات الاستصلاح، وكذا سلطته في الموافقة على تغيير الغرض الذي خصصت من أجله تلك الأرض، وعهد بها إلى رئيس الجمهورية بقرار يصدره بعد موافقة مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص.
وفضلا عن ذلك أسند المشرع بموجب ذلك التنظيم إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بالإضافة إلى ما يتضمنه قرار رئيس الجمهورية الذي يصدر بتحديد المناطق التي تشملها خطة الاستصلاح ولاية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المتاخمة والممتدة خارج الزمام إلى مسافة كيلو مترين التي يجري استصلاحها على وفق الخطة القومية التي تضعها وزارة استصلاح الأراضي بالتنسيق مع المحافظة المختصة، دونما إخلال بحق وحدات الإدارة المحلية في إدارة واستغلال والتصرف فيما استصلحته أو تستصلحه من تلك الأراضي حتى تاريخ العمل بتلك الخطة.
وحيث إن المشرع بموجب القانون رقم 59 لسنة 1979 أنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتكون دون غيرها جهاز الدولة المسئول عن إنشاء هذه المجتمعات، تتولى بيع وإيجار الأراضي والعقارات المملوكة لها، وهذه الأراضي تتمثل فيما يقع عليه الاختيار على وفق أحكام القانون المشار إليه لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، وفيما تخصصه الدولة من أراضٍ أخرى للهيئة، على النحو الذي يستلزمه تنفيذ أغراضها ويتفق مع الأهداف التي تضطلع بتحقيقها، وأخذا بيد الهيئة في سبيل تنفيذ أغراضها وتحقيق أهدافها، وأسند المشرع لها بموجب القانون رقم 143 لسنة 1981 ولاية الاستغلال والإدارة والتصرف، لغير أغراض الاستصلاح والاستزراع، في الأراضي الصحراوية المحددة بالمادة (2/جـ) منه، إلا أن المشرع بموجب القانون رقم 7 لسنة 1991 المشار إليه عَدَلَ عن المسلك الذي انتهجه بالقانون رقم 143 لسنة 1981، على نحو باتت معه سلطة الهيئة المذكورة في الاستغلال والإدارة والتصرف في الأراضي الصحراوية تنحصر في الأراضي التي تخصص بقرار من رئيس الجمهورية لأغراض إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم فإن المشرع في مقام بيانه للجهات المختصة بإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981، ونطاق ولاية كل منها وضع أصلا عاما جعل بموجبه لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الولاية العامة في هذا المجال، وذلك بعد استبعاد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية التي يصدر بتحديدها قرار عن وزير الدفاع، والمناطق التي تشملها خطة مشروعات استصلاح الأراضي حسبما يصدر بتحديدها قرار عن الوزير المختص باستصلاح الأراضي، فكل ما لا يدخل من الأراضي الصحراوية في نطاق هاتين المنطقتين عقد المشرع في القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه الاختصاص بإدارته واستغلاله والتصرف فيه للهيئة المذكورة.
وإذ أعاد المشرع من جديد بالقانون رقم 7 لسنة 1991 تنظيم الموضوع نفسه بأحكام مغايرة لما قرره القانون رقم 143 لسنة 1981 في هذا الشأن سلب بموجبه من الهيئة ولايتها المبينة آنفا، وجعلها مقصورة على مناطق إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة التي يجرى تحديدها بقرار من رئيس الجمهورية، ومن ثم تكون الأحكام التي تضمنها القانون الأسبق صارت منسوخة، وأصبح من ثم محظورا على الهيئة اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1991 في 14/3/1991 إدارة واستغلال أو التصرف في أية أراضٍ صحراوية تقع خارج إطار مناطق إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة، ويبقى الحظر ملازما للهيئة مادام لم يصدر قرار عن رئيس الجمهورية بتحديد هذه المناطق، باعتبار أن الهيئة تستمد ولايتها من القانون رقم 7 لسنة 1991 في الحدود المشار إليها، وذلك دون إخلال بولاية الهيئة في إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية التي سبق أن خضعت لها بقرار من السلطة المختصة في ظل العمل بأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981، أو سبق أن تصرفت فيها فعلا خلال فترة العمل بتلك الأحكام، قبل نفاذ القانون رقم 7 لسنة 1991، كما أن القانون رقم (7) لسنة 1991 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة عدد الجهات المنوط بها إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الخاضعة لأحكامه، وجعل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية -دون غيرها- هي جهاز الدولة المسئول عن إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع في المناطق التي تشملها خطة مشروعات استصلاح الأراضي، ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بتحديد المناطق التي تشملها خطة الاستصلاح، وأسند المشرع بموجب ذلك التنظيم إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، ولاية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المتاخمة والممتدة خارج الزمام إلى مسافة كيلو مترين التي يجري استصلاحها على وفق الخطة القومية التي تضعها وزارة استصلاح الأراضي بالتنسيق مع المحافظة المختصة، دونما إخلال بحق وحدات الإدارة المحلية في إدارة واستغلال والتصرف فيما استصلحته أو تستصلحه من تلك الأراضي حتى تاريخ العمل بتلك الخطة.
وحيث إنه سبق لهذه المحكمة بهيئة مغايرة أن قضت في الطعن رقم 4045 لسنة 43 ق.ع بجلسة 7/2/2001 أن الثابت من الاطلاع على كتاب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى إلى وزير الداخلية بتاريخ 28/10/1996 أنه بدراسة القرار رقم 430 لسنة 1996 المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة جميع المنشآت والأبنية والمزارع الواقعة في الكيلو من 38 إلى 44 طريق القاهرة/ الإسكندرية الصحراوي غرب الطريق، ورفع الإحداثيات الواردة بالخريطة المرافقة له على الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التي تحدد حدود مدينة 6 أكتوبر طبقا لقرار الجمهورى رقم 504 لسنة 1979 وحدود مدينة الشيخ زايد طبقا للقرار الجمهورى رقم 325 لسنة 1995 اتضح الآتي: أن المساحة التي شملها قرار وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية (المطعون فيه) لا تدخل فى حدود مدينتي 6 أكتوبر والشيخ زايد، وأنها أراضٍ ملك الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وأن المساحات التي شملها القرار المذكور تمت عليها تصرفات معتمدة بالبيع والإيجار من قبل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، أما باقي المساحات فعليها وضعُ يدٍ هادئٍ ومستقر…”، وهو ما أكده المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة في الطعن الماثل من أنه بدراسة المساحات الواقعة بناحية الكيلو 42 غرب طريق مصر إسكندرية الصحراوي انتهت إلى: 1- أن المساحة المباعة لشركة 6 أكتوبر للتنمية الزراعية حوالي 3144 فدانا، والتي تقع خارج حد كردون مدينتي 6 أكتوبر والشيخ زايد تتداخل مع أراضي أنشطة الاستصلاح والاستزراع، وكذا الأراضي الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية التي لا يجوز تملكها. 2- المساحة المباعة لشركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية تقع بالكامل داخل أراضي أنشطة الاستصلاح والاستزراع طبقا للخريطة المرافقة للقرار الجمهورى رقم 154 لسنة 1981 في ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية طبقا للقانون رقم 143 لسنة 1981 الصادر بنظام الأراضي الصحراوية، بحسبانها هي وحدها جهاز الدولة المسئول عن إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي شملتها خطة الاستصلاح والاستزراع.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم فإن الأرض محل التداعي تقع في ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وتخرج عن ولاية هيئة المجتمعات العمرانية وقت إبرام التصرف بالبيع لشركة 6 أكتوبر في تاريخ 27/11/1997 بعد العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1991، مما يتعين معه الاعتداد بالتصرف الصادر عن مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في اجتماعه الخامس بتاريخ 12/3/2007 بالموافقة على التصرف للشركة المطعون ضدها (شركة أفراس للمشروعات والتنمية الزراعية) لمساحة 13س 17ط 53ف، وتأجير مساحة 11س 6ط 76ف بناحية الكيلو 42 غرب طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي؛ لصدوره عن صاحب الاختصاص والولاية، ومن ثم تكون الهيئة الطاعنة ملزمة قانونا باتخاذ إجراءات البيع والإيجار للمساحتين المشار إليهما، ويكون قرارها السلبي بالامتناع عن تحرير عقد بيع لمساحة 13س 17ط 53ف، وعقد إيجار لمساحة 11س 6ط 76ف بناحية الكيلو 42 غرب طريق الإسكندرية الصحراوي -بحسب الظاهر- مخالفا للقانون، مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه فيما يتعلق بالأراضي وضع يد الشركة المطعون ضدها، فضلا عن توفر ركن الاستعجال فيما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها فيما لو تمت إزالة منشآت ومزروعات المطعون ضدها الكائنة بالأرض محل النزاع دون مبرر قانونى سليم، وإذ توفر ركنا طلب وقف التنفيذ فإنه يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا النظر، فقد استقام على أسبابه المطابقة للقانون، مما يستوجب رفض الطعن.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.
حكمت المحكمة:
(أولا) بعدم قبول الطعن رقم 30888 لسنة 54ق (عليا)؛ لرفعه من الخارج عن الخصومة، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.
(ثانيا) بقبول الطعن رقم 34145 لسنة 54ق (عليا) شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.
([1]) يراجع في هذا حكم دائرة توحيد المبادئ بجلسة 12 من إبريل سنة 1987 في الطعون أرقام 3382 و 3387 لسنة 29 القضائية (عليا) و 3155 لسنة 31 القضائية (عليا)، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة في ثلاثين عاما، مكتب فني، المبدأ رقم 8.
(([2] يراجع حكم الدائرة الأولى (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 26/11/1990 في الطعن رقم 163 لسنة 37 القضائية (عليا) في شأن جواز طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا، متى اتصل الطعن بالحقوق الدستورية العامة اللصيقة بالمواطن، وفي مقدمتها حق الانتخاب وحق الترشح، وإن لم يجرِ اختصامه أمام محكمة القضاء الإداري. (نشر هذا الحكم ملحقا بمجموعة المبادئ التي قررتها دائرة توحيد المبادئ منذ إنشائها إلى 1/2/2001- المبدأ رقم 47 ص 521).
ويراجع كذلك حكم الدائرة الأولى (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 14/11/2011 في الطعون أرقام 2408 و2409 و2432 و2433 لسنة 58 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في شأن الأحزاب السياسية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2011-2016، المبدأ رقم 27)، الذي انتهى إلى أنه لما كانت المنازعة الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه هي منازعة تتعلق بمدى أحقية الطاعنين في المساهمة فى الحياة السياسية العامة عن طريق الترشح لمجلسي الشعب والشورى، وهو حق لصيق بهم كمواطنين، لهم بهذه الصفة ما هو مقرر من حقوق عامة وعليهم ما هو مفروض من واجبات عامة، ولما كان القرار المطعون فيه يرتب مركزا قانونيا بشأنهم نال من بعض هذه الحقوق، فمن ثم فإن كلا منهم يعد خصما مستترا إجرائيا، قامت جهة الإدارة بالذود عن مركزه الذاتي، ومن ثم فإن استتارتهم إجرائيا لا تنفي عنهم صفة الخصوم الأصليين في الدعوى، ومن ثم يكونون من ذوي الشأن الذين يحق لهم الطعن أصالة في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا.
ويراجع كذلك حكم الدائرة الحادية عشرة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/4/2013 في الطعن 13237 لسنة 59 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في شأن الأحزاب السياسية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2011-2016، المبدأ رقم 46)، حيث انتهت إلى أن الخارج عن الخصومة لا يجوز له الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة فى المنازعات الإدارية بجميع أنواعها، ومنها دعوى الإلغاء، وكذلك المنازعة التأديبية التي تعدى إليه أثرها، بل عليه أن يسلك طريق التماس إعادة النظر فى الحدود المقررة قانونا لذلك أمام المحكمة نفسها التي أصدرت الحكم الملتمس إعادة النظر فيه، واستثناءً من ذلك: إذا لم يكن الخارج عن الخصومة مختصما في الدعوى الصادر فيها حكم عن محكمة أول درجة، وكان يتعين اختصامه كخصم أصيل فيها، فإن هذه المنازعة لم تكن منازعة صحيحة؛ لأن في تنحيته عنها سواء بفعل الخصوم أم بإهمالهم عدوانا على حقه الدستوري في الدفاع والذود عن مركزه القانوني الشخصي، ومن ثم يسوغ له الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في هذا الحكم.
ويراجع كذلك حكم الدائرة الحادية عشرة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 11/2/2015 في الطعن رقم 25226 لسنة 61 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في شأن الأحزاب السياسية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2011-2016، المبدأ رقم 46)، حيث انتهى إلى توفر شرطي الصفة والمصلحة في طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا في حكم القضاء الإداري، متى اتصل بحق من الحقوق الدستورية العامة، كحق الترشح، وحق المواطن في مراقبة صحة ترشح من يترشح لتمثيله في مجلس النواب.
([3]) راجع في هذا كذلك: الحكم الصادر عن الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 33293 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 28/6/2016 (منشور بهذه المجموعة- المبدأ رقم 103).
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |
1 Comment
[…] (حكم المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) ، الطعنا… […]