برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد الرحمن القفطي، وعبد الحميد عبد المجيد الألفي، وعاطف محمود أحمد خليل، ود. محمود سلامة خليل السيد
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) موظف– مقابل رصيد الإجازات الاعتيادية- فَقْدُ سجلاتِ قيد الإجازات من ملف خدمة العامل لا يحول دون حقه في استحقاق المقابل النقدي عن رصيد إجازاته الاعتيادية عن الأعوام التي فقدت بشأنها السجلات- يقع واجب على الجهة الإدارية في أن تُضَمِّن ملف خدمة العامل كل ما يتعلق بإجازاته المقررة قانونًا, سواء حصل عليها أم لم يحصل عليها- إذا ما قصرت الجهةُ الإدارية في الوفاء بهذا الواجب, فلا يجوزُ أن يترتب على هذا التقصير الإضرارُ بالعامل أو الانتقاصُ من حقوقه.
– المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978, المعدَّلة بالقانونين رقمي 115 لسنة 1983, و219 لسنة 1991 (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية).
– حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 21 القضائية (دستورية) بجلسة 6/5/2000.
(ب) إثبات– قرينة النكول- الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي, باعتبار أنه المكلَّف قانونًا بإثبات ما يدعيه- الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه لا يستقيم في مجال المنازعات الإدارية، وذلك بالنظر إلى احتفاظ الإدارة في غالب الأمر بالمستندات والأوراق ذات الأثر في حسم النـزاع.
(ج) دعوى– دفوع في الدعوى- الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها- يُشترَطُ للتعويل على حجية الحكم الصادر في دعوى سابقة في شأن دعوى جديدة منظورة أن يتحد الخصوم والمحل والسبب فيهما- إذا اختلف محل الدعويين, فلا مجال للأخذ بالدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها- تطبيق: سابقةُ صدورِ حكمٍ بمقابل رصيد الإجازات الاعتيادية للعامل عن فترةِ عملٍ محدَّدة، لا يمنعه من المطالبة بمقابل رصيده المستحق عن فترة أخرى، غير تلك التي قضى بشأنها الحكم السابق, فاختلاف الفترتين المطالب عنهما يجعلُ محلَ الدعويين بشأنهما مختلفًا.
– المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
في يوم السبت الموافق 13/11/2010 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 2777 لسنة 31ق بجلسة 28/9/2010، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعية في صرف المقابل النقدي عن المتبقى من رصيد الإجازات الاعتيادية التي لم تحصل عليها أثناء الخدمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، والقضاء مجددًا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني, ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم أحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) حيث جرى نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/3/2015، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدها سبق وأقامت الدعوى رقم 2777 لسنة 31ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة- الدائرة الثالثة بتاريخ 3/12/2007 طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبأحقيتها في صرف المقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية التي لم تحصل عليها قبل انتهاء خدمتها وما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت المدعية شرحًا للدعوى: إنها كانت تعمل بالجهة الإدارية المدعى عليها، وأحيلت للمعاش، وقد طالبت هذه الجهة بصرف المقابل النقدي لرصيد إجازاتها الاعتيادية التي لم تحصل عليها أثناء الخدمة، إلا أنها امتنعت عن ذلك دون مسوغ من القانون, وبالمخالفة للحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن.
………………………………………………….
وبجلسة 28/9/2010 صدر الحكم المطعون فيه، وشيَّدت المحكمة قضاءها -بعد أن استعرضت الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/2000 في القضية رقم 2 لسنة 21ق دستورية- على أن الثابت من الأوراق أن المدعية كانت تعمل بالجهة الإدارية المدعى عليها إلى أن أحيلت إلى المعاش، وكان لها رصيد إجازات اعتيادية لم تحصل عليها، ومن ثم تستحق صرف مقابل نقدي عن كامل رصيد إجازاتها الاعتيادية التي حرمت منها بسبب مقتضيات العمل، وذلك كتعويض عن حرمانها من هذه الإجازات وقدره 384 (ثلاث مِئة وأربعة وثمانون) يومًا، وذلك على وفق ما انتهى إليه تقرير مكتب خبراء وزارة العدل بالدقهلية, والذي تأخذ به المحكمة كأساس لقضائها في هذه الدعوى محمولا على أسبابه.
………………………………………………………
وحيث إن الطعنَ الماثل يقومُ على أسبابٍ حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك لأن الثابت من الأوراق والمستندات أن الدعوى سبق الفصل فيها بالحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 23/1/2008 في الدعوى رقم 10024 لسنة 28ق بأحقية المطعون ضدها في صرف كامل رصيد إجازاتها الاعتيادية التي لم تحصل عليها أثناء الخدمة، فمن ثم لا يجوز لها رفع الدعوى مرة أخرى بعد الفصل فيها ومعاودة النظر فيها من جديد ومناقشة المسألة التي سبق أن قُضيَ فيها بحكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه، لمخالفة ذلك للقانون وحجية الأحكام، ومن ثم يكون الدفعُ بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قائمًا على أساس من القانون والواقع، جديرًا بالقبول والأخذ به.
………………………………………………………
وحيث إنه عن الموضوع فإن المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن: “يستحقُ العاملُ إجازةً اعتيادية سنوية بأجرٍ كامل لا يدخلُ في حسابها أيامُ عطلاتِ الأعياد والمناسبات الرسمية فيما عدا العطلات الأسبوعية وذلك على الوجه التالي:
(1) 15 يومًا في السنة الأولى وذلك بعد مضي ستةِ أشهر من تاريخ استلام العمل.
(2) 21 يومًا لمن أمضى سنةً كاملة.
(3) 30 يومًا لمن أمضى عشرَ سنوات في الخدمة.
(4) 45 يومًا لمن تجاوزَ سنُّهُ الخمسين.
وللجنة شئون الخدمة المدنية أن تقرر زيادة مدة الإجازة الاعتيادية بما لا يجاوز خمسة عشر يومًا لمن يعملون في المناطق النائية، أو إذا كان العمل في أحد فروع الوحدة خارج الجمهورية. ولا يجوزُ تقصيرُ أو تأجيل الإجازة الاعتيادية أو إنهاؤها إلا لأسبابٍ قومية تقتضيها مصلحة العمل. ويجب في جميع الأحوال التصريح بإجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة. ويحتفظُ العاملُ برصيد إجازاته الاعتيادية على أنه لا يجوز أن يحصل على إجازة اعتيادية من هذا الرصيد بما يجاوزُ ستين يومًا في السنة بالإضافة إلى الإجازة الاعتيادية المستحقة له عن تلك السنة. فإذا انتهت خدمةُ العاملِ قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مُضَافًا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته, وذلك بما لا يجاوزُ أجرَ أربعة أشهر, ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائبٍ أو رسوم”.
ومفاد ما تقدم أن للعاملِ حقًّا ثابتًا في الحصول على إجازة اعتيادية سنويًا بأجرٍ كامل، حدَّدت مدتها المادة المذكورة سالفًا، بحيث لا يدخل في حسابها أيام عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية دون العطلات الأسبوعية، ومقتضى ذلك أن على كلِّ جهةٍ من الجهات الخاضعة لأحكام القانون المشار إليه أن تُضَمِّنَ ملفَ خدمةِ العاملِ كلَّ ما يتعلق بإجازاته المقررة قانونًا, سواء حصل عليها أم لم يحصل عليها، وذلك بحفظ طلب الحصول على الإجازات بالملف باعتباره من الوثائق المتعلقة بالوظيفة، أو على أقل تقدير إثبات البيانات أو المعلومات المتعلقة بهذه الإجازات بالملف, فإذا ما قصرت الجهة الإدارية في الوفاء بهذا الواجب, فإن هذا التقصير لا يجوز أن يترتب عليه بحال من الأحوال الإضرار بالعامل أو الانتقاص من حقوقه.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 6/5/2000 في الدعوى رقم 2 لسنة 21ق (دستورية) بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أجر أربعة أشهر، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي باعتبار أنه المكلف قانونًا بإثبات ما يدعيه, إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه لا يستقيم في مجال المنازعات الإدارية، وذلك بالنظر إلى احتفاظ الإدارة في غالب الأمر بالمستندات والأوراق ذات الأثر في حسم النـزاع.
وحيث إنه تأسيسًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن للعاملِ حقًّا ثابتًا في الحصول على إجازة اعتيادية سنوية بأجرٍ كامل على وفق ما حدَّدته المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، ويحتفظُ العاملُ برصيده من الإجازات الاعتيادية، إذ يُرَحَلُ إلى العام أو الأعوام المقبلة، فإذا انتهت خدمةُ العامل دون أن يستنفد رصيده من الإجازات الاعتيادية، استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مضافًا إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته, وذلك على وفق ما هو ثابت بسجلات الجهة الإدارية الخاصة بقيد الإجازات الاعتيادية، فإذا تبين أن هذه السجلات قد فُقِدَتْ, فإن العاملَ يستحقُ المقابلَ النقدي عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية عن الأعوامِ التي فُقِدَت فيها تلك السجلاتُ الخاصة بقيد الإجازات, ما لم تثبت الجهة الإدارية بأيِّ وسيلةٍ حصول العامل على إجازة اعتيادية في تلك الأعوام, فيستحق في تلك الحالة المقابل النقدي عن المتبقي من رصيد إجازاته الاعتيادية.
وحيث إن الثابت من تقرير الخبير الذي انتدبته محكمة أول درجة لبحث مدى أحقية المطعون ضدها في المقابل النقدي لرصيد إجازاتها الاعتيادية عن الفترة من 29/11/1965 حتى سنة 1980, أن المطعون ضدها تمَّ تعيينُها بالجهة المدعى عليها في 29/11/1965, وأحيلت إلى المعاش بالقرار رقم 641 لسنة 2001 اعتبارًا من 30/6/2001، وأن الحاضر عن الجهة الإدارية أفاد بأن السجلات المخصَّصة لإثبات الإجازات الاعتيادية للمدعية عن الفترة من 29/11/1965 حتى سنة 1980 قد فُقِدَت، وأن رصيد الإجازات الاعتيادية المستحَق لها عن هذه الفترة مدة قدرها 384 (ثلاث مِئة وأربعة وثمانون) يومًا, وهو الرصيد نفسه المدوَّن بالبيان الصادر عن الجهة الإدارية عن هذه الفترة, ومن ثم تستحق المطعون ضدها المقابل النقدي لرصيد إجازاتها الاعتيادية عن الفترة من 29/11/1965 حتى سنة 1980 بواقع (384) يومًا.
ولا ينال مما تقدم ما أثارته الجهة الإدارية الطاعنة من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 23/1/2008 في الدعوى رقم 10024 لسنة 28ق بأحقية المدعية (المطعون ضدها بالطعن الماثل) في صرف المقابل النقدي عن المتبقى من رصيد إجازاتها الاعتيادية التي لم تحصل عليها أثناء الخدمة بواقع 256 (مِئتين وستة وخمسين) يومًا، لأن الحكمَ المذكور صادرٌ عن المدة من 1981 حتى 1996، حسب بيان رصيد الإجازات الاعتيادية للمطعون ضدها (المقدَّم بحافظة مستندات الجهة الإدارية أمام محكمة أول درجة) إذ ثابتٌ به بيانان: الأول عن الفترة من 1965- 1980 بواقع (384) يومًا, والثاني عن الفترة من 1981- 1996 بواقع (256) يومًا.
ومن ثم يكون محل الحكمِ المطعون فيه عن المدة من 1965- 1980, ومحل الحكمِ الصادر في الدعوى رقم 10024 لسنة 28ق. عن المدة من 1981- 1996.
أي إن المحلَ مختلفٌ في كلا الدعويين, ومن ثم لا مجال للحديث عن حجية الحكم الأول على وفق أحكام المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968, إذ يُشترَطُ لذلك اتحادُ الخصومِ والمحل والسببِ, في حين أن المحل مختلفٌ هنا بين الدعويين المذكورتين سالفًا، ومن ثم لا محل للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وهو ما يتعيَّن معه رفضُ هذا الدفع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى النتيجة نفسها, فإنه يكون مصادفًا لصحيح حكم القانون, مما تقضي معه المحكمة برفض الطعن الماثل, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |
1 Comment
[…] (حكم المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة)، الطعن … […]