برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فايز شكري حنين نوار
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد عبد الحميد أبو الفتوح إبراهيم وجعفر محمد قاسم عبد الحميد ومحمد محمود عبد الواحد عقيلة وأشرف حسن أحمد حسن.
نواب رئيس مجلس الدولة
(أ) آثار– مفهوم الأثر وطبيعته- تَثْبُت الصفةُ الأثرية للعقار أو المنقول متى كانت له قيمة أثرية أو أهمية تاريخية، باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات التى قامت على أرض مصر حتى ما قبل مِئة عام– يجوزُ لمصلحةٍ قومية عدمُ التقيد بهذا الحد الزمني وذلك بقرارٍ من رئيس مجلس الوزراء، بناءً على عرض وزير الثقافة- ناط المشرِّع بهيئة الآثار (ومن بعدها المجلس الأعلى للآثار) اختصاصَ حصرِ الآثار الثابتة والمنقولة وتصويرها ورسمها وتسجيلها فى السجلات المعَدَّة لذلك- جميعُ الآثار تُعَدُّ من الأموال العامة، عدا ما كان وقفًا، فلا يجوزُ حيازتُها أو تملكُها أو التصرفُ فيها، إلا في الحدود وبالشروط التي نظَّمها القانون- يترتب على ذلك أن المباني الأثرية لا يجوزُ هدمُها، أو إخراج جزء منها خارج الجمهورية.
– المواد (1) و(2) و(12) و(13) و(26) من قانون حماية الآثار، الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983، والمعدَّل بموجب القانون رقم 12 لسنة 1991, وقبل تعديله بموجب القانون رقم 3 لسنة 2010.
(ب) مبانٍ– هدم المباني غير الآيلة للسقوط- لا يجوزُ هدمُ المباني غير الآيلة للسقوط إلا بعد الحصول على تصريحٍ بهدمها على وفق الإجراءات التى حدَّدها القانون- لا يجوزُ إصدارُ تصاريح هدمٍ للمباني المدرَجة في سجلات المجلس الأعلى للآثار- لا توجد اشتراطاتٌ أخرى تحول دون هدم الفيلات؛ وذلك في ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 74 لسنة 23 القضائية (دستورية).
– المواد (1) و(2) و(3) و(4) من القرار بقانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني، (الملغى بموجب القانون رقم 144 لسنة 2006).
– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 74 لسنة 23ق. (دستورية) بجلسة 15/1/2006.
في يوم الخميس الموافق 9/8/2007 أودعت هيئة قضايا الدولة، بصفتها نائبةً عن الطاعنين، قلم كتاب هذه المحكمة تقريرَ طعنٍ، قُيِّدَ في جدولها العام بالرقم عاليه، طعنًا في الحكم القاضي بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، على الوجه المبين في الأسباب، وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون -للأسباب المبينة في تقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مُجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأُعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على وفق الثابت في الأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونُظِرَ الطعنُ أمام الدائرة الخامسة (فحص الطعون) على وفق المدوَّن في محاضر جلساتها، وفي جلسة 28/5/2012 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره في جلسة 23/6/2012، والتي نظرته فيها والجلسات التالية لها، وفي جلسة 11/5/2013 قررت إصدار الحكم في الطعن في جلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.
وحيثُ إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيثُ إن عناصر النـزاع في الطعن الماثل تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق المرافقة لملف الطعن- في أنه بتاريخ 22/8/2004 أقام المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الإسكندرية) الدعوى رقم 21637 لسنة 58 القضائية، طالبًا فيها الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية (الطاعنة في الطعن الماثل) برفض منحه ترخيصًا لهدم العقار موضوع الدعوى، مُرتكِنًا في ذلك إلى أنه يملك العقار رقم 16 الكائن في شارع الصفا (الأميرة أمينة فاضل سابقًا)، وعلى الطبيعة رقم 22 منطقة سموحة قسم سيدي جابر- الإسكندرية، ومضى على إنشاء هذا العقار أكثر من أربعين عامًا، فضلا عن خلوه من السكان، وليس به أي عناصر أثرية ثابتة أو منقولة، وغير مُدرَج في سجلات الآثار، وإذ تقدم إلى الجهة الإدارية المختصة بطلبٍ للترخيص له في هدم العقار المشار إليه، فرفضت دون سندٍ، ويعدُّ رفضها هذا قرارًا سلبيا مخالفًا للقانون.
وبجلسة 23/6/ 2007 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وشيَّدت قضاءَها -بعد استعراضها أحكام القرار بقانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني، وقانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983- على أن الجهة الإدارية رفضت إصدار ترخيص بهدم العقار محل القرار الطعين؛ استنادًا إلى إدراجه في سجلات الآثار المعمارية في محافظة الإسكندرية، في حين أنه لم يُدرَج في هذه السجلات؛ لعدم وجود أي عناصر أثرية فيه، على وفق الشهادة الصادرة عن إدارة آثار منطقة الساحل الشمالي في محافظة الإسكندرية، وليس له قيمة تاريخية أو فنية، ومضى على إقامته أكثر من أربعين عامًا، ولا يوجد مانعٌ قانوني من الترخيص بهدمه، مما يتعيَّن معه إلغاءُ القرار المطعون فيه، وأردفت المحكمة في حيثيات حكمها أنه لا ينال مما تقدَّم تذرعُ الجهة الإدارية بأن العقار ورد في مجلَّد التراث المعماري لمحافظة الإسكندرية؛ لأن مجرد قيد العقار في هذا المجلَّد لا يقومُ سندًا على أنه أثر؛ إذ يتعيَّن لاعتباره كذلك أن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون حماية الآثار المشار إليه، أو إصدار قرارٍ من رئيس مجلس الوزراء باعتباره أثرًا ويتمُّ تسجيلُه، فضلا عن ذلك فإن المجلَّد المذكور ليس له سندٌ تشريعي لبيان الإجراءات والضوابط التي تُبيِّن كيفية إدراج العقارات فيه.
……………………………………………………………..
وحيث إن الطعن الماثل قد أُسِّسَ على أن الحكم المطعون فيه صدر مُخالفًا للقانون، وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك تأسيسًا على أنه قد تم فحص الطلب المقدَّم من المطعون ضده للترخيص بهدم العقار محل القرار الطعين بمعرفة لجنة توجيه أعمال الهدم في مديرية الإسكان في الإسكندرية، التي أوصت بعدم هدم العقار باعتباره فيلا ذات طابعٍ معماري مميز، وتم إدراجه في مجلَّد التراث المعماري في محافظة الإسكندرية، واعتُمِدَتْ توصيةُ اللجنة من المحافظ بتاريخ 6/4/2004، وأن الجهة المختصة بالترخيص بهدم العقارات هي اللجنة المشار إليها وليست هيئة الآثار، فضلا عن عدم توفر الشروط المنصوص عليها للترخيص بهدم العقار المشار إليه، مما ترى معه الجهة الإدارية أن قرارها برفض هدم العقار موضوع القرار الطعين صدر قائمًا على أساس صحيح من الواقع وحكم القانون، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بذلك، فإنه يكون مستوجِبًا الإلغاء، واختتم الطاعنون تقرير الطعن بطلباتهم المبينة سالفًا.
……………………………………………………………..
وحيث إن المادة (1) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 (قبل تعديلها بالقانون رقم 3 لسنة 2010) تنص على أن: “يعتبر أثرًا كلُّ عقارٍ أو منقول أنتجته الحضاراتُ المختلفة أو أحدثته الفنونُ والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقِبة حتى ما قبل مائة عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر…”.
وتنص المادة (2) من القانون ذاته على أنه: “يجوزُ بقرارٍ من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة أن يُعتبَر أيُّ عقارٍ أو منقول ذا قيمةٍ تاريخية أو علمية أو دينية أو فنية أو أدبية أثرًا متى كانت للدولة مصلحةٌ قومية في حفظه وصيانته، وذلك دون التقيد بالحد الزمني الوارد بالمادة السابقة، ويتمُّ تسجيلُه وفقًا لأحكام هذا القانون…”.
وتنص المادة (12) من القانون المشار إليه على أن: “يتمُّ تسجيلُ الأثر بقرارٍ من الوزير المختص بشئون الثقافة بناءً على اقتراح مجلس إدارة الهيئة، ويُعلَن القرارُ الصادر بتسجيل الأثر العقاري إلى مالكه أو المكلَّف باسمِه بالطريق الإداري، ويُنشَر في الوقائع المصرية، ويُؤشَّر بذلك على هامش تسجيل العقار في الشهر العقاري”.
وتنص المادة (13) من القانون المذكور آنفًا على أنه: “مع عدم الإخلال بحقِّ مالكِ الأثر في التعويض العادل، يترتبُ على تسجيل الأثر العقاري وإعلان المالك بذلك طبقًا لأحكام المادة السابقة الأحكامُ الآتية: 1- عدم جواز هدم العقار كله أو إخراج جزءٍ منه من جمهورية مصر العربية…”([1]).
وتنص المادة (26) من القانون المشار إليه على أن: “تتولى هيئة الآثار حصر الآثار الثابتة والمنقولة وتصويرها ورسمها وتسجيلها وتجميع البيانات المتعلقة بها في السجلات المعَدَّة لذلك، ويتمُّ التسجيلُ طبقًا للأحكام والشروط التي يصدر بها قرارٌ من مجلس إدارة الهيئة، ويعتبر مُسجَّلا منها الآثارُ المقيَّدة في تاريخ العمل بهذا القانون بالسجلات المخصَّصة لها. وتعمل الهيئة على تعميم المسح الأثري للمواقع والأراضي الأثرية وتحديد مواضعها ومعالمها وإثباتها على الخرائط، مع موافاة كل من الوحدة المحلية المختصة والهيئة العامة للتخطيط العمراني بصورةٍ منها لمراعاتها عند إعداد التخطيط العام…”.
كما تنص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني- المعمول به في تاريخ إصدار القرار المطعون فيه، وذلك قبل إلغائه بالقانون رقم 144 لسنة 2006- على أن: “يُحظَرُ داخل حدود المدن هدمُ المباني غير الآيلة للسقوط، وهي التي لا يسري عليها القانونُ رقم 605 لسنة 1954 المشار إليه، إلا بعد الحصول على تصريحٍ بالهدم وفقًا لأحكام هذا القانون”.
وتنص المادة الثانية من القانون ذاته على أن: “تُشكَّل في كلِّ محافظةٍ لجنةٌ على الوجه الآتي:… وتختص كلُّ لجنةٍ بالنظر في طلبات التصريح بهدم المباني الواقعة داخل حدود المدن في نطاق المحافظة، وتصدر فيها قراراتٍ بالقبول أو التعديل أو الرفض، ولا تكون قراراتُها نافذةً إلا بعد اعتمادها من المحافظ، وفي حالة اعتراضه عليها يَعرِضُ المحافظُ الأمرَ على وزير الإسكان والمرافق، ويكون قراره في ذلك نهائيا”.
وتنص المادة الثالثة من القانون المشار إليه على أن: “يُشترَط للموافقة على طلب التصريح بالهدم أن يكون قد مضى على إقامة المبنى أربعون عامًا على الأقل، إلا إذا رأت اللجنةُ التجاوزَ عن هذا الشرط لاعتباراتِ الصالح العام”.
وتنص المادة الرابعة من القانون المذكور على أن: “يُقدَّم طلبُ التصريح بالهدم إلى اللجنة المختصة من مالك البناء، مُوَقَّعًا منه ومن مهندسٍ نقابي، ويتضمن الطلبُ بيانَ موقعِ المبنى والبيانات الأخرى التي يصدر بها قرارٌ من وزير الإسكان والمرافق”.
وحيثُ إن مفاد ما تقدم أن المشرع في قانون حماية الآثار المشار إليه، قد حدَّد المقصود بالأثر عقارًا كان أو منقولا، ويتمُّ تسجيلُه كأثرٍ، فقرَّر أن صفة الأثرية تَثْبُتُ للعقار أو المنقول متى كانت له قيمةٌ أثرية أو أهميةٌ تاريخية، باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارات التي قامت على أرض مصر حتى ما قبل مئِة عام، وهذا أمر تقوم عليه هيئة الآثار بلجانها الفنية والأثرية الدائمة، التي تقوم بإبداء الرأي في ثبوت هذه الصفة، فإذا ما قرَّرت الهيئة أن للدولة مصلحةً قومية في حفظِ عقارٍ أو منقولٍ تتوفر له صفاتُ وعناصر الأثر بالمفهوم السابق، ويخرج عن نطاق الحد الزمني المقرر في المادة الأولى، فإن تقريرَ صفة الأثرية في هذه الحالة لا يكون إلا بقرارٍ من رئيس مجلس الوزراء، بناءً على عرض وزير الثقافة، فإذا ما ثَبتت صفةُ الأثرية لعقارٍ أو منقول -سواء على وفق حكم المادة الأولى أو الثانية من القانون- قام الوزير المختص بشئون الثقافة بناءً على اقتراح مجلس إدارة الهيئة بتسجيل الأثر العقاري بالإجراءات والقواعد المقرَّرة بنص المادة (12) من القانون، وتعتبر جميعُ الآثار من الأموال العامة عدا ما كان منها وقفًا، ولا يجوز حيازتُها أو التصرفُ فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها قانونًا، ويترتب على ذلك أن هذه المباني الأثرية لا يجوز هدمُها، أو إخراجُ جزءٍ منها خارج جمهورية مصر العربية، وناط المشرِّع بالهيئة العامة للآثار، ومن بعدها المجلس الأعلى للآثار، اختصاصَ حصرِ جميع الآثار الثابتة والمنقولة وتصويرها ورسمها -كل أثرٍ بما يناسبه- وتدوينِ البيانات الخاصة بها وتسجيلها في السجلات المعدَّة لهذا الغرض.
وحيث إن المشرِّع في قانون تنظيم هدم المباني رقم 178 لسنة 1961 قد حظر هدم المباني غير الآيلة للسقوط، إلا بعد الحصول على تصريح بهدمها، على وفق الإجراءات التي حدَّدها هذا القانون، والتي تبدأ بتقديم طلبٍ من مالك المبنى أو من ممثله القانوني إلى الجهة الإدارية المختصة مُرفَقًا به البيانات والمستندات اللازمة لإصدار هذا التصريح وسداد الرسوم المقرَّرة لذلك، على أن تقوم هذه الجهة بفحص الطلب ومُرفَقاته والتأكد من أنه مُستوَفٍ جميع تلك البيانات والمستندات المتطلَبة لذلك، مع عرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون، التى تقوم بفحص الطلب ومُرفَقاته وإصدار قرارها فيه بالقبول أو التعديل أو الرفض، ولا يكون هذا القرار نافذًا إلا بعد اعتماده من المحافظ المختص، وفي حالة اعتراضه على قرار اللجنة المذكورة يجب عليه عرض الأمر على وزير الإسكان والمرافق الذي يصدر قرارًا نهائيا في هذا الشأن.
وحيث إنه هديا بما تقدم وعملا به، وإذ كان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده قد تقدم في الطلب رقم 65 لسنة 2004 إلى الجهة الإدارية المختصة (لجنة توجيه أعمال الهدم في مديرية الإسكان والمرافق في محافظة الإسكندرية) للتصريح له بهدم العقار الكائن برقم 22 شارع الصفا والمروة (الأميرة أمينة فاضل سابقًا) منطقة سموحة- قسم سيدي جابر- محافظة الإسكندرية، وأرفق بالطلب البيانات والمستندات اللازمة التى تفيد ملكيته لهذا العقار، وأنه ليست عليه أي تسجيلات أو قيود أو علاقات إيجارية، وأنه غيرُ مُدرَجٍ في سجلات الآثار، فضلا عن خلوه من السكان، ولما كان الثابت في الأوراق أن العقار المطلوب التصريح بهدمه قد ورد في سجلات جرد العقارات القائمة سنة 59/1960، على الوجه المدوَّن في شهادة المشتملات الصادرة عن مراقبة الإيرادات في حي شرق الإسكندرية، بما يثبت أن العقار قد مضى على بنائه أربعون عامًا، كما خلت سجلات الآثار من تسجيله فيها كأثر؛ لعدم وجود أيِّ عناصرٍ أثرية ثابتة أو منقولة به، على وفق الثابت في كتاب منطقة آثار الإسكندرية في الساحل الشمالي التابعة للمجلس الأعلى للآثار المؤرَّخ في 10/4/ 2004، وقدم المطعون ضده المستندات التي تثبت ملكيته له، وخلوه من السكان، والحقوق العينية أو التبعية، ومتى كان الحال كذلك فإن الطلب المقدَّم من المطعون ضده للتصريح له بهدم العقار موضوع القرار المطعون فيه يكون مُستوفِيا شرائطه القانونية، ويضحى قرارُ الجهة الإدارية برفضه فاقدًا لسببه القانوني المبرِّر له، مشوبًا بمُخالَفة القانون، مما يتعيَّن معه القضاءُ بإلغائه.
وحيثُ لا ينال مما تقدم إبداء الجهة الإدارية الطاعنة كسبب لإصدار قرارها الطعين بأن العقار المطلوب هدمه مُدرَجٌ بمجلَّد التراث في محافظة الإسكندرية، فذلك مردودٌ بأن إدراج العقار في هذا المجلَّد يقتضي أن تكون فيه عناصرُ أثرية ثابتة أو منقولة أو ذات قيمة تاريخية أو فنية، وقد أجدبت الأوراق من ذلك، على الوجه المبين بكتاب الجهة المختصة (المجلس الأعلى للآثار) المشار إليه.
كما لا يُحاج فيما تقدم بأن هناك اشتراطات أخرى تحول دون هدم الفيلات؛ لأن ذلك مردودٌ بأن المحكمة الدستورية العليا قضت في جلسة 15/1/2006 في القضية رقم 74 لسنة 23 قضائية (دستورية): (أولا) بعدم دستورية نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات بمدينة الإسكندرية، و(ثانيا) بعدم دستورية نص المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، و(ثالثًا) بعدم دستورية نص المادة 11 مكررًا (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 المضاف بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، و(رابعًا) بسقوط ما يُقابل هذا الحظر من أحكامٍ وردت بكلٍّ من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996، والمادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 المشار إليهما.
وحيث إن الحكم المطعون قد خلص فيما قضى به من إلغاء القرار الطعين إلى النتيجة ذاتها التي انتهت إليها هذه المحكمة، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق من القانون، ويضحى الطعن الماثل عليه غيرَ قائمٍ على أساسٍ سليم من القانون، جديرًا بالرفض.
وحيثُ إنَّ خاسر الطعن يُلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (270) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
(([1] العبارة الأولى من هذه المادة التي تنص على أنه “مع عدم الإخلال بحق مالك الأثر في التعويض العادل” مُضافة بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/5/1999 في القضية رقم 182 لسنة 19ق. “دستورية”، حيث حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة (13) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 في مجال تطبيقها على الملكية الخاصة، وذلك فيما لم تتضمنه من تعويضِ المالك عن اعتبار ملكه أثرًا.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |
1 Comment
[…] (حكم المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة)، الطعن ر… […]