مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 7103 لسنة45 قضائية (عليا)
مايو 26, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 3877 لسنة 48 قضائية (عليا)
مايو 31, 2020

الدائرة الأولى – الطعون أرقام 37702 ، 37759 ، 38259 و 38400 لسنة 57 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولــة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى – موضوع

*************

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 24/3/2018 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم

                                                            رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة

 

وعضـويــة السادة الأسـاتـذة المستشـــارين / سعيد سيد أحمد القصير ومحمد المنجى توفيق أحمد وحمدى جبريل أبو زيد على وأكرم حسين شوقى عبد الحليم .

                                                                         نــواب رئيس مجلس الدولـة

 

وحضور السيد الأستاذ المستشار / رجب عبد الهادى محمد تغيان

                                                         نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة

 

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                                     سكرتير المحكمة

***********************

أصدرت الحكم الآتي:

فى الطعن رقم  37702 لسنة 57 القضائية عليا

المقــــام من /

…………. 

ضــــــــــــد /

  • م………….
  • …………………………

 

 

والطعن رقم 37759 لسنة 57 القضائية عليا

المقام من /

…………………..

 

ضــــــــــد /

  • ……………
  • …………

 

والطعنين رقمى 38259 و 38400 لسنة 57 القضائية عليا

المقامين من /

………..

 

ضــــــــــد /

  • ……………

 

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ” الدائرة السابعة “

بجلسة 28/5/2011 فى الدعوى رقم 21855 لسنة 65 ق

******************

 

“الإجـــــــــــــراءات “

     *********

        فى يوم السبت الموافق 23/7/2011 أودع الأستاذ / غبريال إبراهيم غبريال المحامى المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا , بصفته وكيلاً عن / أحمد محمود محمد نظيف ( الطاعن فى الطعن رقم 37702 لسنة 57 ق.ع ) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها قرين الرقم المذكور طعناً فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ” الدائرة السابعة ” بجلسة 28/5/2011 فى الدعوى رقم 21855 لسنة 65 ق الذى قضى :

أولاً : بقبول تدخل محمد إبراهيم العتر تدخلاً هجومياً فى الدعوى .

ثانياً : برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى , وباختصاصها .

ثالثاً : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة أو مصلحة , وبقبولها . ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الرابع والتاسع والعاشر والحادى عشر والثانى عشر , وبقبولها بالنسبة إليهم ليصدر الحكم فى مواجهتهم .

رابعاً : بالنسبة لطلب المدعين والمتدخل هجومياً المتعلق بإلغاء قرار قطع خدمات الاتصالات والرسائل القصيرة (  ( SMS عن الهواتف النقـــالة وخدمات الإنترنت اعتباراً من الجمعة 28 يناير 2011 ولمدة خمسة أيام : بعدم قبول الطلب لانتفاء المصلحة , وألزمت المدعين والمتدخل هجومياً مصروفات هذا الطلب .

خامساً : بالنسبة لطلب المدعين بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن وضع الضوابط المحددة لحق الجهة الإدارية فى إلزام شـــركات المحمول المرخص لها بقطع الاتصالات عن المشتركين : بعدم قبول الطلب لانتفاء القرار الإدارى , وألزمت المدعين مصروفات هذا الطلب .

سادساً : بالنسبة لطلبات التعويض : بقبولها شكلاً , وبإلزام كل من محمد حسنى مبارك رئيس الجمهورية السابق , وأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق , وحبيب إبراهيم العادلى وزير الداخلية الأسبق أن يؤدوا من مالهم الخاص إلى الخزانة العامة للدولة بالتضامن فيما بينهم مبلغاً مقداره (540 مليون جنيه ) خمسمائة وأربعون مليون جنيه عن الأضرار التى تسببوا بخطئهم فى إلحاقها بالاقتصاد القومى ( قطاع خدمات الاتصالات والإنترنت ) , توزع فيما بينهم بإلزام حبيب إبراهيم العادلى وزير الداخلية الأسبق بتعويض مقداره (300 مليون جنيه ) ثلاثمائة مليون جنيه , وبإلزام محمد حسنى مبارك رئيس الجمهورية السابق بتعويض مقداره (200 مليون جنيه ) مئتا مليون جنيه , وبإلزام أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق بتعويض مقداره (40 مليون جنيه ) أربعون مليون جنيه . واحتفظت للمضرور متمثلاً فى الخزانة العامة للدولة بالحق فى المطالبة بإعادة النظر فى التقدير وطلب زيـــادته خلال مدة

حددتها المحكمة بنهاية السنة المالية للدولة (2011/2012 ) , وألزمتهم بأشخاصهم مصروفات طلب التعويض .

        وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – الحكم بقبول طعنه شكلاً , وفى الموضوع :

  • بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ريثما يفصل فى طلب إلغائه وذلك نظرا للخطورة البالغة المترتبة على تنفيذه .
  • بإلغاء الحكم المطعون فيه ( أو بالأحرى الكشف عن انعدامه ) مع ما يترتب على ذلك من آثار .
  • إلزام المطعون ضدهم الأربعة المصروفات عن درجتى التقاضى .

وفى التاريخ نفسه ( السبت الموافق 23/7/2011 ) أودع الأستاذ / عادل محمد عبد الوهاب المحامى المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا , بصفته وكيلاً عن / محمد حسنى مبارك ( الطاعن فى الطعن رقم 37759 لسنة 57 ق.ع ) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها قرين الرقم المذكور طعناً فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ” الدائرة السابعة ” بجلسة 28/5/2011 فى الدعوى رقم 21855 لسنة 65 ق المشار إليه .

    وطلب الطاعن – وللأسباب الواردة فى تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع :

أولاً : بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن .

ثانياً : فى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه , والقضاء مجدداً :

أصلياً :

  • بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى .
  • بعدم قبول تدخل محمد إبراهيم العتر عن نفسه وبصفته وإلزامه المصروفات .
  • بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها قبل الأوان .
  • بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة .

احتياطياً : برفض الدعوى , وإلزام المطعون ضدهم المصروفات .

        وفى يوم الثلاثاء الموافق 26/7/2011 أودع الأستاذ / عصام محمد عبد الله البطاوى المحامى المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا , بصفته وكيلاً عن / حبيب إبراهيم حبيب العادلى ( الطاعن فى الطعن رقم 38259 لسنة 57 ق.ع ) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها قرين الرقم المذكور طعناً فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ” الدائرة السابعة ” بجلسة 28/5/2011 فى الدعوى رقم 21855 لسنة 65 ق المشار إليه .

        وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع :

أولاً : بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن .

ثانياً :فى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه , والقضاء مجدداً :

أصلياً :

  • بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى .
  • بعدم قبول تدخل محمد إبراهيم العتر عن نفسه وبصفته وإلزامه المصروفات
  • بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها قبل الأوان .
  • بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة .

احتياطياً : برفض الدعوى , وإلزام المطعون ضدهم المصروفات .

        وفى يوم الأربعاء الموافق 27/7/2011 أودع الأستاذ / محمد عبد الفتاح الجندى المحامى المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا , بصفته وكيلاً عن / حبيب إبراهيم حبيب العادلى ( الطاعن فى الطعن رقم 38400 لسنة 57 ق.ع ) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها قرين الرقم المذكور طعناً فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ” الدائرة السابعة ” بجلسة 28/5/2011 فى الدعوى رقم 21855 لسنة 65 ق المشار إليه .

        وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى الموضوع ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه , والقضاء مجدداً .

أصلياً : بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى .

احتياطياً : بعدم قبول دعوى الإلغاء لانتفاء القرار الإدارى .

والاحتياط الكلى :برفض الدعوى , وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن درجتى التقاضى .

        وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعون ارتأت فيه الحكم – بعد ضم الطعون ليصدر فيها حكم واحد – أصلياً : ببطلان تقريرى الطعنين رقمى 37702 و 37759 لسنة 57 ق. عليا وإلزام رافعيهما المصروفات .

واحتياطياً :بالنسبة لهذين الطعنين , وأصلياً : بالنسبة للطعنين رقمى 38259 و 28400 لسنة 57 ق. عليا بقبولها شكلاً ,وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً .

أولاً : بعدم قبول تدخل السيد / محمد إبراهيم العتر على النحــــو المبين بالأســــــباب وإلزامه

مصروفات تدخله .

ثانياً : برفض طلب التعويض موضوعاً لعجز المدعين ( المطعون ضدهم ) عن إقامة الدليل على إصابتهم بضرر , وعناصر هذا الضرر ومداه , وإلزامهم المصروفات .

        وقد تحدد لنظر الطعن رقم 37702 لسنة 57 ق. عليا أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا – فحص طعون – جلسة 8/8/2011 وفيها قررت ضم الطعون أرقام 37759 و 38259 و 38400 لسنة 57 ق. عليا إليه للارتباط وليصدر فيها حكم واحد , وبجلسة 18/3/2013 قررت المحكمة إحالة الطعون إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظرها بجلسة 11/5/2013 , هذا وقد تدوول نظر الطعون أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها , حيث كلفت المحكمة – بهيئة مغايرة – الطاعنين بتصحيح شكل الطعون باختصام الخصوم المدخلين الواردين بصدر هذا الحكم والسابق اختصامهم فى الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه , وبموجب صحف معلنة قانوناً قام كل طاعن بتنفيذ ما أمرته به المحكمة , وبجلسة 25/11/2017 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعون بجلسة 27/1/2018 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 24/3/2018 لإتمام المداولة , وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به .

المحكمـــــــــــــــة

*********

بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .

ومن حيث إن الطعون الأربعة استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً , فمن ثم تكون مقبولة شكلاً .

ومن حيث إن عن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضدهم من الأول إلى الثالث فى الطعون الأربعة الماثلة كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 21855 لسنة 65 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة – الدائرة السابعة – بإيداع صحيفتها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 8/3/2011 , طالبين فى ختامها الحكم أولاً :بقبول الدعوى شكلاً . ثانياً :وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن وقف إلغاء حق الجهة الإدارية بإصدار قرار وقف وقطع خدمة الاتصالات للهواتف النقالة , على أن ينفذ بمسودته ودون حاجة للإعلان . ثالثاً : وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهم ( من الثانى إلى السابع ) متضامنين تعويض المدعين عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابتهم من جراء القرار الإدارى الصادر عن المطعون ضدهم ,على أن يتم تخصيص مبلغ التعويض المقضى به لإنشاء مؤسسة أهلية يقومون على إدارتها بغرض تطوير التعليم والبحث العلمى والتكنولوجى فى مصر , وذلك على سند من أنهم من المواطنين المصريين المتعاقدين من سنوات مع شركات الهاتف النقال المرخص لها فى العمل فى مصر باعتبار الهاتف النقال أحد وسائل التكنولوجيا الحديثة الأساسية فى الممارسات الحياتية اليومية للمواطنين فى مختلف أوجهها الاقتصادية والاجتماعية , وقد فوجئوا وجميع المواطنين فى مصر بقيام شركات الهاتف النقال الثلاث – موبينيل وفودافون واتصالات مصر – مجتمعة يوم الجمعة الموافق 28/1/2011 بقطع الاتصالات ( المحادثات الهاتفية والرسائل النصية والصوتية ) عن جميع المستخدمين دون سابقة إنذار أو تنبيه أو تحذير , وقد أفادت الشركات الثــــلاث أن هذا القطع

المفاجئ كان انصياعاً من جانبها للأوامر والقرارات الصادرة لها عن المدعى عليهم من الخامس إلى السابع ( الطاعنون فى الطعون الأربعة ) بصفاتهم السابقة حسب الاتفاقيات المبرمة بين الشركات والحكومة المصرية والتى تبيح للحكومة إصدار مثل هذه القرارات حال تعرض البلاد لمخاطر تهدد الأمن القومي ، وأضاف المدعون أن تلك القرارات أهدرت حقوقهم الدستورية الثابتة لهم كمواطنين وبشكل  مجحف مما ترتب عليه إلحاق أضرار مادية وأدبية جسيمة بهم ، الأمر الذى حدا بهم إلى إقامة دعواهم الماثلة للحكم لهم بطلباتهم المبينة سلفاً ، وأثناء تداول الدعوى ، وبموجب صحيفة معلنة قانوناً ، تدخل المطعون ضده الرابع فى الدعوى طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن وقف إلغاء حق الجهة الإدارية بإصدار قرار وقف وقطع خدمة الاتصالات للهواتف النقالة ،وإلزام المدعي عليهم بأشخاصهم ، وهم رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس الوزراء السابق ووزير الداخلية السابق ( الطاعنون) أن يؤدوا من مالهم الخاص تعويضاً عما أصاب المواطنين المضرورين من أضرار ، وعلى أن يصرف هذا التعويض إلى خزانة الدولة .

وبجلسة 28/5/2011 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه الذى قضى :

أولاً: بقبول تدخل محمد إبراهيم العتر تدخلاً هجومياً في الدعوى .

ثانياً : برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى ، وباختصاصها .

ثالثاً : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو مصلحة ، وبقبولها . ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعي عليهم الرابع والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر ، وبقبولها بالنسبة إليهم ليصدر الحكم في مواجهتهم .

رابعاً : بالنسبة لطلب المدعين والمتدخل هجومياً المتعلق بإلغاء قرار قطع خدمات الاتصالات والرسائل القصيرة (SMS) عن الهواتف النقالة وخدمات الإنترنت  اعتبارا من الجمعة 28 يناير 2011 ولمدة خمسة أيام : بعدم قبول الطلب لانتفاء المصلحة ،وألزمت المدعين والمتدخل هجومياً مصروفات هذا الطلب .

خامساً : بالنسبة لطلب المدعين بإلغـــــاء القرار السلبي بالامتناع عن وضع الضوابط المحددة لحق الجهة الإدارية فى إلزام شركات المحمــول المرخص لها بقطع الاتصالات عن المشتركين : بعدم قبول الطلب لانتفاء القرار الإداري ، وألزمت المدعين مصروفات هذا الطلب .

سادسا ً : بالنسبة لطلبات التعويض : بقبولها شكلاً ، وبإلزام كل من محمد حسني مبارك رئيس جمهورية السابق ، وأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق ،وحبيب إبراهيم العادلي وزير الداخلية الأسبق أن يؤدوا من مالهم الخاص إلى الخزانة العامة للدولة بالتضامن فيما بينهم مبلغاً مقداره ( 540 مليون جنيه ) خمسمائة وأربعون مليون جنيه عن الأضرار التي تسببوا بخطئهم في إلحاقها بالاقتصاد القومي ( قطاع خدمات الاتصالات والإنترنت ) ، توزع فيما بينهم بإلزام حبيب إبراهيم العادلي وزير الداخلية الأسبق بتعويض مقداره (300 مليون جنيه ) ثلاثمائة مليون جنيه ،وبإلزام محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية السابق بتعويض مقداره (200 مليون جنيه) مئتا مليــون  جنيه ، وبإلزام أحمــــد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق

بتعويض مقداره (40 مليون جنيه ) . واحتفظت للمضرور متمثلا في الخزانة العامة للدولة بالحق فى المطالبة بإعادة النظر فى التقدير وطلب زيادته خلال مدة حددتها المحكمة بنهاية السنة المالية للدولة (2011/2012) ، وألزمتهم بأشخاصهم مصروفات طلب التعويض .

وشيدت المحكمة قضاءها فى أولاً : بقبول تدخل محمد إبراهيم العتر تدخلاً هجومياً فى الدعوى ، على سند من أن النظر فى قبول التدخل من عدمه يأتى فى الصــــدارة تحديداً للخصومة عــــامة قبل التطرق لبحث الدعـــــوى شكلاً وموضوعاً ، وأن التدخل نوعــــــان : ( انضمامي ) يقصد به المتدخل المحافظة على حقوقه عن طريق مساعدة أحد طرفي الخصومة في الدفاع عن حقوقه ، و(هجومي أو خصامي ) يبغي منه المتدخل الدفاع عن مصلحته الخاصة ضد طرفي الدعوى ، ويشترط لقبول التدخل بنوعيه أن تكون لطالب التدخل مصلحة فى التدخل ، وأن يكون هناك ارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية ،ويتحقق ذلك بوجود صلة تجعل من حسن سير العدالة نظرهما معا لتحقيقهما والفصل فيهما بحكم واحد تلافياً لاحتمــــــال إصدار أحكام متنــــــاقضة أو يصعب التوفيق بينها ، ويتم التدخل بأحد وسيلتين : ( الأولى ) بالإجراءات المعتادة  لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة ،و (الثانية ) بطلبه شفاهة في الجلسة بحضور الخصم ، ولما كان المتدخل هجومياً فى الدعوى هو من المواطنين المصريين المالكين للطيف الترددي ملكية مشتركة كأحد الثروات والموارد الطبيعية والمتمتعين بحقوق الاتصال والمعرفة بوصفه تعبيراً عن حاجة إنسانية أساسية وأساساً لكل مواطن اجتماعي ، يثبت الحق فيه للأفراد وللمجتمعات التي تتكون منهم ، فضلاً عن الحق فى التواصل الإنساني والإقتصادي والإجتماعي والثقافي والسياسي مع الآخر فى الداخل والخارج ، الأمر الذي يجعله من المستخدمين لخدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت محل القرار المطعون فيه والذين تتأثر مراكزهم القانونية بقطع وحجب تلك الخدمات الأمر الذي تتوفر معه للمتدخل هجومياً الصفة والمصلحة الواجبين لقبــــول تدخله الهجومي فى الدعوى بالطلبات المذكورة آنفاً .

وأقامت المحكمة قضاءها فى ثانياً : برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وباختصاصها ، على أساس أن المنازعة تتعلق – بحسب التكييف القانوني الصحيح لطلبات كل من  المدعين والخصم المتدخل هجومياً- بالطعن على القرار الإداري الصادر عن الجهة الإدارية ممثلة فى المدعى عليهم – الذين ستحددهم المحكمة عند الفصل فى الطلبات – بقطع خدمة الاتصالات عن الهواتف النقالة وخدمة الرسائل النصية القصيرة وخدمات الإنترنت اعتبارا من يوم الجمعة الموافق 28 يناير 2011 ولمدة خمسة أيام كاملة ، وما يترتب على ذلك من آثار ، والتعويض عن هذا القرار للمدعين ولخزانة الدولة ، وهو من القرارات التي تندرج ضمن اختصاص مجلس الدولة ، كما تعد من المنازعات الإدارية بغير أدنى شك ، بما يتعين معه الالتفـــات عن الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري , لوروده بغير سند يقيمه من القانون ، والقضاء باختصاص المحكمة بنظر الدعوى .

وبالنسبة لثالثاً : برفض الدفع بعدم قبول الدعــــوى لرفعها من غير ذى صفة أو مصلحة , وبقبولها , فقد أسست المحكمة حكمها فى هذا الشأن على سند من أن الحق فى الاتصال بوصفه حاجة إنسانية وأساساً لكل مواطن اجتماعى يثبت الحق فيه للأفراد , كما يثبت للمجتمعات التى تتكون منهم , وهو حق لا يقوم إلا بأدواته المحققة له , وهو يعنى حق الانتفاع والمشاركة لجميع الأفراد والجماعات والتنظيمات وتحقيق أكبر قدر من المشاركة العامة فى العملية الاتصالية , بحيث لا يقتصر دور الأفراد والفئات الاجتماعية المختلفة على مجرد التلقى للوسائل الإعلامية أو خدمات الاتصال والإنترنت بل يمتد ليتحول إلى المشاركة الإيجابية , فضلاً عما يترتب على حق الاتصال من حق للفرد فى الحصول على المعلومات والمعارف والاطلاع على تجارب الآخرين , وحقه فى التعبير وإيصال الحقيقة للآخرين والاتصال بهم ومناقشــــتهم والتأثير فى القيادات الاجتماعية والسياسية بما يخدم الفرد والجماعة ,وبالتالى متى تعلقت المنازعة بهذا الحق كانت المواطنة مناط الصفة والمصلحة وأساسها , ومما يؤكد الصفة والمصلحة لمواطنى جمهورية مصر العربية حيال القرار الطعين أن الحق فى استخدام الطيف الترددى كأحد الموارد الطبيعية المملوكة لمجموع الشعب المصرى هو حق مخول لجميع المستخدمين لخدمات الاتصالات والإنترنت ,وبالتالى يكون لكل مستخدم لهذه الخدمات الصفة والمصلحة الشخصية المباشرة فى التنازع حول شرعية القرارات المتعلقة بتنظيم الحق فى استخدام الطيف الترددى , شاملاً خدمات الاتصالات والإنترنت وجودة أدائها وضمان استمرارها دون حجب أو منع أو حظر أو حرمان , ولما كان المدعون والخصم المتدخل هجومياً من الموطنين المصريين المالكين للطيف الترددى ملكية مشتركة كأحد الثروات والموارد الطبيعية , والمتمتعين بحقوق الاتصال والمعرفة والذين تتأثر مراكزهم القانونية بقطع وحجب تلك الخدمات , الأمر الذى يتوفر معه لهم الصفة والمصلحة الواجبان لقبول الدعوى .

وبالنسبة لرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الرابع والتاسع والعاشر والحادى عشر والثانى عشر , وبقبولها بالنسبة إليهم ليصدر الحكم فى مواجهتهم , فقد عولت المحكمة فى قضائها فى هذا الشأن على سند من أن وزير الاتصالات , يتمتع بسلطات واسعة فى إدارة الجهاز القومى للاتصالات فهو رئيس مجلس الإدارة الذى يصدر القرارات ويضع الشروط والقواعد والضوابط المتعلقة بتراخيص تقديم خدمات الاتصالات وإصدارها وتجديدها ومراقبة تنفيذها ويتولى الرئيس التنفيذى تنفيذ قرارات مجلس الإدارة ويحل محل رئيس مجلس إدارة الجهاز فى حالة غيابه الأمر الذى يكون معه وزير الاتصالات ذا صفة فى الدعوى , ويكون الرئيس التنفيذى للجهاز ذا صفة محددة تتعلق بتنفيذه القرارات الصادرة عن أجهزة الأمن القومى بالقدر الذى تتحقق معه معونة المحكمة فى بلوغ وجه الحقيقة وهو القدر الذى يكون للشركات الثلاث مقدمة الخدمة المبينة سلفا , والتى تتلقى الأوامر والتعليمات من جهاز الاتصالات بعد تلقيه لها من أجهزة الأمن القومى , وبذلك تثبت لهم الصفة فى الدعـــوى , ذلك أن الصفة تثبت لذوى الشأن , ليس بالضرورة للحكم عليهم , بل تكون ثابتة لهم كذلك للحكم فى مواجهتهم , ومن ثم يكون الدفـــع المبدى بعدم قبول

الدعوى لرفعها على غير ذى صفة فاقداً لسنده وأساسه من صحيح حكم القانون , خليقاً بالرفض .

        وأقامت المحكمة قضاءها فى رابعاً : بعدم قبول طلب المدعين والمتدخل هجومياً المتعلق بإلغاء قرار قطع خدمات الاتصالات والرسائل القصيرة ( SMS) عن الهواتف النقالة وخدمات الإنترنت  اعتباراً من الجمعة 28 يناير 2011 ولمدة خمسة أيام لإنتفاء المصلحة , على سند من أن شرط المصلحة ولئن توفر للمدعين والمتدخل هجومياً إلا انه كما يتعين توفره ابتداءً يتعين استمرار قيامه حتى صدور الحكم النهائى فى الدعوى فإذا حال دون ذلك مانع قانونى فلا يكون هناك وجه للاستمرار فى الدعوى , ولما كانت خدمات الاتصالات والإنترنت أعيدت ظهر الأربعاء الموافق 2 فبراير 2011 إلى سابق عهدها فإن المصلحة تكون قد انتفت عند رفع الدعوى وزالت , بما لا وجه معه لطلب الإلغاء , إذ أن الحكم بالإلغاء لن يحدث بذاته أثراً فى إعادة الخدمة المقطوعة بعد أن عادت بالفعل , ومتى كان ما تقدم فإن الدفع بعدم قبول طلب إلغاء قرار قطع الخدمة لانتفاء المصلحة يكون قد صادف صحيح حكم القانون جديراً بالقبول .

        كما شيدت المحكمة قضاءها فى خامساً : بعدم قبول طلب المدعين بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن وضع الضوابط المحددة لحق الجهة الإدارية فى إلزام شركات المحمول المرخص لها قطع الاتصالات عن المشتركين لانتفاء القرار الإدارى , على أساس أن قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 لم يمنح الجهاز القومى للاتصالات أية سلطة فى التعديل أو الإلغاء أو الإضافة على خطة التشغيل , كما لم ينط بالجهاز أية سلطة لتنظيم حدود أو مدى التزام مشغلى الخدمة ومقدمى الخدمات بتقرير أى ضوابط تحد من إطلاق النص , ومن ثم لا يكون الجهاز ملزماً بإصدار أى قرارات إيجابية أو سلبية بتقرير أى ضوابط للحد من السلطات المقررة بالنص أو التخفيف أو التشــــديد من التزامات مقدمى ومشغلى الخدمة , الأمر الذى يكون معه امتناع الجهاز عن إصدار قرار بالضوابط المحددة لحق الجهة الإدارية فى إلزام شركات الهواتف النقالة قطع خدمات الاتصالات والإنترنت عن المواطنين لا يشكل قراراً سلبياً على وفق حكم الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة لتصبح الدعوى بالنسبة لهذا الطلب غير مقبولة لانتفاء القرار الإدارى .

        وأقامت المحكمة قضاءها فى سادساً : بالنسبة لطلبات التعويض المبداة من المدعين والمتدخل هجومياً عن الأضرار المادية والأدبية الناشئة عن القرار الصادر بقطع خدمات الاتصالات والرسائل القصيرة وخدمات الإنترنت , على سند من التأكيد على الارتباط الوثيق بين خدمات الاتصالات والإنترنت ومجموعة أساسية من الحقوق والحريات لا تقوم إلا بأداء تلك الخدمات , ومن ثم يكون قطع تلك الخدمات أو حظرها أو منعها أو تكبيلها بما يرهقها من القيود انتهاكاً لتلك الحقوق والحريات واعتداءً عليها , مما يؤثر فى مشروعية القرار المطعون فيه وعلى رأس تلك الحقوق والحريات كل من حرية التعبير , والحق فى الاتصال , والحق فى الخصوصية , والحق فى اســتخدام الطيف الترددى , والحق فى المعرفة وما يتصل به من

الحق فى تدفق المعلومات وتداولها , وارتباطه بكل من الحق فى التنمية , والحق فى الحياة , وأفاضت المحكمة فى التعريف بكل حق من الحقوق أو الحريات المشار إليها , ثم عرجت المحكمة على بيان السند القانونى الذى اتكـــــأت عليه الجهة الإدارية فى إصـــــدار قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت والظروف والملابسات التى صدر خلالها القرار والتى تعد أحد جوانب فحص القرار من حيث المشروعية والملاءمة للتحقق من توفر ركن الخطأ , فذهبت إلى أن البلاد عاشت حقبة من الفساد السياسي وإهدار المال العام وانتهاك الحقوق والحريات العامة وتزوير وتزييف الحياة النيابية وغيبة العدالة الاجتماعية , وبروز فوارق شاسعة بين الطبقات , وتخلى النظام الحاكم السابق نهائياً عن مسئولياته السياسية والاجتماعية تجاه المواطنين , فازداد الفقراء فقراً , وانتشرت الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ , وتدخل جهاز مباحث أمن الدولة فى حرمة خصوصية المواطنين وتحديد مصائرهم فى شغل الوظائف العامة وغيرها فصار رضاه الغنم والسلامة , وانتشر فى ربوع البلاد القمع الأمنى لإسكات الأفواه المعارضة للسلطات العامة , وتضخمت السجون بالمعتقلين السياسيين , وشاع التضليل الإعلامى وتفريغ الحقائق من مضمونها , ووقعت السلطات العامة فى براثن الأغلبية المصطنعة للحزب الحاكم على مدار سنوات ودمغت الانتخابات التى أجريت فى شهرى نوفمبر وديسمبر 2010 بمخالفات جسيمة أخرجتها عن المفهوم الصحيح للعملية الانتخابية , ولم تفلح سيادة القانون أو سلطة القضاء فى الحليولة دون ذلك التزوير والتزييف , وفى ظل هذه الظروف فاض الكيل بالشعب المصرى الصابر فكانت ثورة 25 يناير 2011 ثورة اجتماعية كاملة بمعنى الكلمة شكلت حدثاً فاصلاً بين عهدين , حيث قرر شباب مصر الدعوة على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة على شبكة المعلومات الدولية إلى التجمع والخروج فى مظاهرات احتجاجية يوم 25 يناير 2011 بميدان التحرير وغيره من مواقع بالمحافظات الأخرى للتعبير عن أمانيهم فى التغيير والخبز والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية بشكل سلمى متحضر أدهش العالم أجمع وذلك تعبيراً عن رغبة شعبية جارفة لم يتوقعها أكثر الداعين إلى هذه المظــاهرات تفاؤلاً , وانضم إليها واندمج فيها جموع طبقات وطوائف المجتمع , واتسمت تلك المظاهرات بالسلمية والإصرار على إحداث التغيير وتواصلت عبر الأيام من 25 يناير 2011 إلى أن حققت جانباً كبيراً من أهدافها يوم 11 فبراير 2011 بتخلى رئيس النظام السابق عن الحكم , ولم يكن الطريق إلى تحقيق الهدف معبداً أو سهلاً ميسوراً ولكنه كان مفروشاً بدماء الشهداء الطاهرة وكان يوم الجمعة 28 يناير وهو ما سمى ” جمعة الغضبٌ ” يــوماً فارقاً فى تاريخ مصر بعد أن احتشد المتظاهرون فى إصرار على تغيير النظام ,  فصدر قرار قطع خدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت لعل ذلك يعجل بإجهاض المطالبات الشعبية السلمية , فزاد الإحتشاد وقابله عنف غير مسبوق من الشرطة , فسقط المئات من الشهداء وأصيب الآلاف من المواطنين فى جميع الأنحاء نتيجة إطلاق النار عليهم , وقد تبين أن قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت لم يكن قراراً عفوياً انتجته ظروف الاحتجاجات السلمية المتقدم بيانها , بل كان قراراً متعمداً ومقصوداً تم الترتيب والإعداد له قبل بزوغ فجر الثورة حيث قامت كل من وزارات الداخلية والاتصالات والإعلام بمشاركة شركات المحمول الثلاث والشركات المقدمة لخدمة الإنترنت بإجراء تجارب كان آخرها فى شهر أكتوبر 2010 قبل قيام الثورة بثلاثة أشهر تســـتهدف قطع الاتصالات عن مصر وكيفية

حجب بعض المواقع الإلكترونية وأسلوب منع الدخول على شبكة الإنترنت لمدينة أو لمحافظة أو لعدة محافظات وعمل محاكاة لكيفية التعامل تكنولوجيا مع أى أحداث قد تمس أمن البلاد وكيفية الحصول على بيانات مســــتخدمى البصمات الإلكترونية بشــــبكة الإنترنت فى وقت قيــــاسى , وقطع خـدمة الإنترنت عن مشتركى الخطوط الأرضية والتليفون المحمول وحجب الدخول على موقع إلكترونى محدد على شبكة الإنترنت , وقد اجتمعت لجنة وزارية يوم الخميس الموافق 20 يناير 2011 بالقرية الذكية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزراء الدفاع والإنتاج الحربى , والداخلية , والخارجية , والإعلام , والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات , ورئيس المخابرات العامة , وأمين عام مجلس الوزراء وقد استعرضت اللجنة الإجراءات المختلفة فى عدة قطاعات والمطلوب إتباعها استعداداً لأحداث 25 يناير 2011  فى ضوء التقييمات الأمنية بما فيها الإجراءات المطلوب إتباعها لإدارة شبكات الاتصالات أثناء الأحداث المرتقبة , وشكلت اللجنة غرفة عمليات لتعمل 24 ساعة يومياً طوال مدة الأحداث على أن تجتمع فى مبنى سنترال رمسيس وتشارك فيها وزارة الدفاع ( إدارة الإشارة وإدارة المخابرات الحربية ) ووزارة الداخلية ( جهاز أمن الدولة وقطاع الشـــئون الفنية ) والمخـــــابرات العامة ( الهيئة الفنية ومركز تداول البيانات ) ووزارة الإعلام ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ( الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ) وتم تكليف الغرفة بمتابعة تنفيذ أى إجراءات لازمة لتطبيق المادة (67) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 وتشمل تلك الإجراءات قطع خدمات الاتصالات للمحمول والإنترنت فى مواقع مختلفة بالجمهورية إذا دعت الحاجة لذلك طبقاً للتقييم الأمنى فى حينه وفى حالة تعرض الأمن القومى للخطر , وأن وزير الداخلية ( بصفته المسئول عن تحديد تعرض الأمن القومى داخل البلاد للخطر من عدمه بحكم طبيعة عمله ) قد قام بإصدار قراره وتعليماته المشددة بضرورة قطع خدمات المحمول عن منطقة ميدان التحرير اعتباراً من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير 2011 حتى صباح الأربعاء الموافق 26 يناير 2011 , كما قام بإصدار قراره وتعليماته المشددة إلى غرفة العمليات عدة مرات يوم الخميس الموافق 27 يناير 2011 بضرورة قطع خدمات الاتصالات اعتباراً من صباح يوم الجمعة الموافق 28 يناير 2011 ولمدة يوم واحد بالنسبة لخدمات المحمول فى محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس والغربية , وضرورة قطع خدمات الإنترنت على مستوى الجمهورية اعتباراً من مساء يوم الخميس الموافق 27 يناير 2011 لوجود خطورة على الأمن القومى , ولم تعترض غرفة العمليات المشار إليها على قرار وزير الداخلية بقطع خدمات الاتصالات ونفذت القرار بالتنسيق مع الشركات المعنية فى التوقيتات المطلوبة وظلت خدمة الإنترنت مقطوعة حتى ظهر يوم الأربعاء الموافق 2 فبراير 2011 حتى قامت المخابرات العامة بإخطار الغرفة بإعادة الخدمة من جديد , وخلصت المحكمة إلى أن مصدر قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت هو وزير الداخلية الأسبق عن نفسه وبصفته وقد أسهم معه كل من رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس الوزراء الأسبق إذ إن وزير الداخلية لم يكن مصدر القرار وحده حيث إن الثابت أن رئيس مجلس الوزراء قد شارك فى إصدار القرار بمبادرته قبل بدء الاحتجاجات السلمية إلى تشكيل اللجنة الوزارية للتصدى للتظاهرات السلمية المزمع القيام بها فى 25 يناير 2011 بما له من سـلطة مشتركة مع رئيس

الجمهورية فى وضع السياسة العامة للدولة , لتنعقد تلك اللجنة بتاريخ 20 يناير 2011 وتتخذ برئاسته وتوجيهه وتوجيه رئيس الجمهورية السابق قرارات قطع الخدمة , ولتترك لوزير الداخلية تقدير توقيت القطع بتوجيه الأوامر بقطع خدمات الاتصالات والإنترنت إلى غرفة العمليات المشـــــار إليها , وكانت مســــئوليته عن إصــــــدار القـــرار بالتنســــــيق مع رئيس الجمهورية بحسبانهما معا يضعان السياسة العامة للدولة , ويشرفان معا على تنفيذها على وفق المواد (138 , 153 , 156 ) من الدستور الساقط , ومن ثم فإن المحكمة تقصر المسئولية عن إصدار قرار قطع الاتصالات والإنترنت على كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية حيث إن هيئة الأمن القومى أو هيئة الرقابة الإدارية بحسبانهما من أجهزة الأمن لم يثبت لأى منهما دور من قريب أو بعيد فى تقرير أى وجود لحالة من حالات المساس بالأمن القومى تدعو لإصدار القرار , مما يبعدهما عن نطاق المسئولية عن إصدار القرار , وكذا يبعد المشاركون فى اجتماع اللجنة الوزارية سواء من القوات المسلحة أو وزارات الإعلام أو الخارجية أو الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أو الجهاز القومى للاتصالات أو الشركات المقدمة للخدمات أو المشغلة لها عن إصدار القرار أو المسئولية عنه بحسبان أن القرار كان نتاج السياسة العامة التى انتهجها كل من رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس الوزراء الأسبق ووزير الداخلية الأسبق , وبحسبان الجهات الأخرى كان منوطاً ببعضها تنفيذ القرار أياً كانت درجة جسامة عدم مشروعيته تحت سيف التلويح بإنهاء تراخيص تلك الشركات تارة , وسيف التعرض للعقوبة الجنائية المقررة بالمادة (83) من قانون تنظيم الاتصالات المشار إليه تارة أخرى .

أما عن السبب الذى تذرعت به الجهة مصدرة القرار ( وهو اعتبارات الأمن القومى ) فقد انطوى على إخفــاء للسبب الحقيقى الذى تغيته من إصدار قرارها , فأظهرت بديلاً عنه سبباً غير حقيقى كان هو دافعها , فصار للقرار سبب ظاهر تدعيه وسبب باطن هو دافعها لإصدار القرار , أما عن السبب الظاهر المدعى به ( وهو اعتبارات الأمن القومى بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأيدلوجية والجغرافية ) فلم يثبت أن القرار قد تغيا تحقيق البعد السياسى الداخلى أو الخارجى للأمن القومى كما أن البعـــد الاقتصادى أو الاجتماعى لم يكن أيهما محل تهديد من شباب الثورة , بل كان محل مطالبة سلمية بتحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية , كما لم يستهدف القرار حماية البعد العسكرى للأمن القومى , حيث لم يكن هناك عدوان خارجى أو داخلى يستهدف البلاد , بل كان هناك تعاون خلاق بين جموع الشعب والقوات المسلحة , كما أنه لم يصدر بغاية حماية البعد الأيدلوجى للأمن القومى لمواجهة أى تهديدات أمنية خارجية أو داخلية , ومن ثم فإن سبب القرار الظاهر المعلن والمتدثر بعباءة مقتضيات واعتبارات الأمن القومى يكون عارياً من الصحة , ليمثل سبباً مختلقاً للتغطية على السبب الحقيقى للقرار , المتمثل فى حماية النظام القمعى المتسبب فى الإفقار وتكبيل الحريات والنهب المنظم لثروات مصر , وأضافت المحكمة أن هناك فارقاً شاسعاً بين الدولة والنظام , وأن ما يهدد الدولة هو ما يتعين مواجهته بالإجراءات المقررة بقانون تنظيم الاتصالات لتعلق حماية الدولة بمقتضيات واعتبارات الأمن القومى , بينما لا يجوز مواجهة ما يهدد النظام من مطالبات سلمية بإجراءات قطع الاتصالات والإنترنت , إذ لم

تتقرر تلك الإجراءات الاستثنائية الماسة بالحقوق والحريات العامة ( ومنها حرية الاتصال ) لحماية النظام , والثابت بيقين أن القرار إنما صدر لحماية النظام والحفاظ على بقاء رئيس الجمهورية الحاكم للنظام وحكومة الحزب الحاكم التى شاركت الحاكم رعاية الفساد السياسي ورعت المفسدين وأهدرت المال العام وانتهكت الحريات العــــــامة , ويمثل حنثاً من مصدريه بالقسم المقرر دستورياً الذى أداه كل منهم حال توليه أعباء وظيفته , منطوياً بذلك على خيانة للأمانة السياسية ,  مرتباً مسئوليته سياسياً , فضلاً عن المساءلة الجنائية التى يؤثمها كل من قانون محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء , وقانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية , ويعدم القرار بما يخرجه من حظيرة المشروعية , وبالتالى يتوفر ركن الخطأ بوصفه أحد أركان المسئولية الإدارية اللازمة للحكم بالتعويض , وهو خطأ شخصى منسوب لمصدرى القرار متمثلين فى كل من رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس الوزراء الأسبق ووزير الداخلية الأسبق حيث إنهم لم يستهدفوا بهذا القرار حماية الدولة من أية أخطار تهددها أو تهدد الأمن القومى على ما تقدم بل صدر القرار لحماية النظام والحفاظ على بقاء ووجود رئيس الجمهورية الحاكم للنظام وحكومة الحزب الحاكم التى يرأسها رئيس مجلس الوزراء ويحمى أمن النظام فيها وزير الداخلية الأسبق , فكانت الغاية والهدف منه هو حماية الأمن الشخصى لمصدرى القرار والتمسك المقيت بكرسى الحكم وما أتاحه لهم من منافع وفساد استشرى فى البلاد كالنار فى الهشيم , ولا يمكن اعتباره خطأ مصلحياً أو مرفقياً مما ينسب فيه الإهمال والتقصير للمرفق العام ذاته , بل هو خطأ شخصى جسيم , بلغت جسامته حد ارتكاب جرائم تقع تحت طائلة القانون يجرى التحقيق فيها , ينسب فيه الإهمال والتقصير إلى شخص كل منهم فيسأل عن خطئه الشخصى المتمثل فى إصدار قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت فى غير حالات حماية الأمن القومى وما ترتب عليه من أضرار حاقت بجموع المواطنين والاقتصاد القومى وسمعة مصر الدولية , وينفذ الحكم فى أموالهم الخاصة .

أما عن ركن الضرر فقد ركنت المحكمة فى إثبات هذا الركن وتقدير قيمته إلى التقرير الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الذى يرصد آثار ثورة 25 يناير 2011 على مؤشرات الأداء الاقتصادى المصرى , الذى جاء به أن خسائر قطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بلغت فى خمسة أيام نتيجة قطع تلك الخدمات (90 مليون دولاراً ) تسعين مليون دولاراً بما يــــوازى (540 مليون جنيه ) خمسمائة وأربعين مليون جنيه – خلال فترة انقطاع الخدمة فى أعقاب ثورة 25 يناير وفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية الصادرة يوم الخميس الموافق 3 فبراير 2011 والتى بينت أن الخدمات المعطلة خلال فترة قطع الخدمات  تمثل 3% إلى 4% من إجمالى الناتج المحلى , ثم عمدت المحكمة إلى تحديد مقدار ما يتحمله كل من رئيس الجمهورية السابق ووزير الداخلية الأسبق ورئيس مجلس الوزراء الأسبق من قيمة التعويض المقضى به بحسب حجم جسامة الخطأ الشخصى لكل منهم , وإذ كان لوزير الداخلية الأسبق الدور الأكبر فى إصدار القرار حيث تولى وحده تقدير الوجود الفعلى والقانونى لحالات المساس بالأمن القومى فأصدر قراره وتعليماته المشددة بضرورة قطع خدمات الاتصالات والإنترنت فى التوقيتات السابق بيانها وتوافقت تلك القرارات مع توجيهات رئيس الجمهـــورية السابق بحماية النظام وحكومته وعدم

إعادته للخدمات المقطوعة فـــور قطعها عن المواطنين والمرافق والمصالح الحكومية والخاصة , وكان التمهيد لتلك القرارات بمعرفة رئيس الوزراء الأسبق الذى شكل لجنة وزارية برئاسته لمواجهة التظاهرات السلمية المتوقعة يوم 25 يناير وتفويض وزير الداخلية فى اتخاذ قرارات قطع خدمات الاتصالات والإنترنت وفقاً لتقديراته الشخصية . أما عن توجيه التعويض الجابر للضرر من جراء خطأ مصدرى القرار المذكور فقد ذهبت المحكمة إلى أنه يتعين أن يكون تعويضاً واحداً يوجه للدولة المتضررة من ذلك الخطأ , ولا يتعدد بتعدد المضارين فيها الذين يحق لهم الحصول على ما يجبر أضرارهم وفقاً للنظام المقرر قانوناً أو تعاقدياً , ولما كان المدعون والمتدخل هجومياً يهدفون بطلب تعويضهم عن الأضرار التى حاقت بهم ألا تعود عليهم شخصياً بالنفع أى مبالغ نقدية ولا يبغون من الدعوى سوى كشف الفساد الذى شاب قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت .

وخلصت المحكمة من كل ما تقدم إلى إصدار حكمها المطعون فيه :

 وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطــــاعنين فأقام كل منهم منفـــرداً طعنه تأسيساً على ما يأتى :

  • الطعن رقم 37702 لسنة 57 ق. عليا : وينعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه :

أولاً : انعدام الحكم الطعين حيث إنه قضى بالتعويض لمصلحة الخزانة العامة للدولة دون أن ترفع الدولة أى دعوى فرعية ضد الطاعن للمطالبة بالتعويض , بل إن نائب الدولة طلب رفض الدعوى , ولا يغير من ذلك أن المتدخل هجومياً فى الدعوى طلب أن يصرف التعويض المحكوم به لمصلحة الدولة إذ أنه ليس نائباً عن الدولة .

ثانياً :بطلان الحكم المطعون فيه لأن الطاعن لم يسهم بأى شكل فى إصدار القرار , بل إن مصدر القرار محل التعويض هو وزير الداخلية السابق بموافقة غرفة الطوارئ التى أنشأتها الجهات الأمنية , والطاعن لم يكن رئيساً أو عضواً بها .

ثالثاُ :وعلى فرض عدم مشروعية القرار الطعين فهو لا يعدو أن يكون خطأً مرفقياً وليس خطأً شخصياً , فلا يجوز إلزام الطاعن بشخصه تحمل التعويض المقضى به .

وخلص الطاعن فى هذا الطعن إلى طلب الحكم له بطلباته المبينة سلفاً .

الطعنان رقمى 37759 و 38259 لسنة 57 ق. عليا ويجمعهما رابط واحد فى النعى على الحكم المطعون فيه قوامه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية :

 

أولاً :عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بحسبان أن القرار محل طلب التعويض يعد عملاً من أعمال السيادة اتخذته لجنة وزارية اجتمعت يوم الخميس الموافق 20 يناير 2011 بالقرية الذكية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزراء الدفاع , والداخلية , والخارجية , والإعـــلام , والاتصالات , ورئيس المخابرات العامة , وأمين عام مجلس الوزراء , والتى قررت فى هذا الاجتماع قطع خدمات الاتصالات والإنترنت فى مواقع مختلفة

من الجمهورية فى حالة تعرض الأمن القومى للخطر نظراً للتواجد المكثف للمتظاهرين وعدم استطاعة الأمن الســــيطرة على الموقف الأمنى فى مختلف أنحاء الجمهــــورية على نحو غير مسبوق وما صاحب ذلك من عمليات تخريب وإتلاف , ومن ثم فإن ما صدر عن اللجنة الوزارية المذكورة فى هذا الشأن قد صدر عنها بوصفها سلطة حكم وليس بوصفها جهة إدارية ويندرج ذلك ضمن أعمال السيادة التى تخرج عن ولاية القضاء , سواء الإدارى أو العادى , إلغاءً وتعويضاً .

 

ثانياً :بطلان إعلان الطاعنين بصحيفة الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها حيث تم إعلان الطاعن ( محمد حسنى مبارك ) على محل إقامته بقصر العروبة حال كونه رئيساً للجمهورية بالرغم من علم المدعين بزوال صفته هذه , بينما تعمد المدعـــــون إعــلان الطاعن( حبيب إبراهيم حبيب العادلى ) فى مواجهة النيابة العامة فى غير الحالات التى يجوز فيها الإعلان فى مواجهة النيابة العامة والتى تقتصر على من ليس له موطن معلوم فى مصر أو الخارج , وهو ما يترتب عليه بطلان الإعلان وبطلان الحكم الطعين  حيث لم تتحقق الغاية من الإجراء حيث لم يمثل الطاعنان بالجلسات ولم يبديا دفاعهما فى الدعوى .

ثالثاً :عدم قبول التدخل الهجومى لعدم توفر شروط قبوله لانتفاء صفة ومصلحة المتدخل هجومياً فى الدعوى حيث إنه يطلب الحكم بالتعويض لمصلحة الخزانة العامة والتى لا يمثلها أو ينوب عنها بأى صفة كانت .

رابعاً :مخالفة الحكم المطعون فيه للدستور والقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث إنه خلط بين صفة الطاعن ومدى مسئوليته عن أعماله بتلك الصفة وبين إلزامه شخصياً بالتعويض , فالثابت أن القرار محل التعويض صدر عن لجنة وزارية شُكلت برئاسة رئيس مجلس الوزراء على نحو ما سلف بيانه , وشاركت فيها الجهات الأمنية التى لم تعترض على قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت , ومن ثم فإن الطاعنين لا يسألان شخصياً عن القرار الصادر عن هذه اللجنة لعدم مسئوليتهما عن أعمالها , فضلاً عن ان الحكم قصر المسئولية فى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية دون باقى الجهات الممثلة فى اللجنة دون  مسوغ , مما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويله .

خامساً : صدور الحكم المطعون فيه مشوباً بالتناقض فى الأسباب والفساد فى الاستدلال , حيث أقام الحكم المطعون فيه مسئولية الطاعنين تارة على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعيه وتارة أخرى على أساس المسئولية الشخصية للطاعنين , وهو ما يعيب الحكم بالتناقض فى الأسباب فضلاً عن الفساد فى الاستدلال .

وخلص الطاعنان فى الطعنين المشار إليهما إلى طلب الحكم لهما بطلباتهما المبينة سلفاً .

  • الطعن رقم 38400 لسنة 57 ق. عليا : وينعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والخطأ فى فهم الواقع والقانون للأسباب الآتية :

 

أولاً :عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى حيث يدور القرار محل الطعن حول مسألة من مسائل القانون الخاص يحكمها قانون تنظيم الاتصالات رقم 10لسنة 2003 الذى يحكم العــلاقة التعاقدية بين شركات الهاتف النقال والجهة الإدارية ممثلة فى المدعى عليهم , ومن ثم فإنها تكون منازعة مدنية تدخل فى اختصاص المحاكم العادية وينحسر عنها اختصاص مجلس الدولة .

ثانياً :عدم قبول الدعوى لانتفاء وزوال قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت قبل رفع الدعوى .

ثالثاً :بطلان الحكم المطعون فيه لعدم إيداع مسودته بخط يد أحد أعضاء الدائرة تتضمن البيانات الأساسية للحكم لعدم جواز الاكتفاء بكتابة المسودة بجهاز الكمبيوتر .

رابعاً :بطلان إعلان الطاعن بصحيفة الدعوى وتعديلاتها وصحف التدخل لإعلانه فى مواجهة هيئة قضايا الدولة بالرغم من زوال صفته كوزير للداخلية قبل إقامة الدعوى , وقد كان مقيد الحرية فى هذه الفترة مما كان يستوجب إعلانه بصحيفة الدعوى فى مواجهة مأمور السجن وإذ لم يتم ذلك فإنه يترتب عليه بطلان الإعلان وما تلاه من إجراءات .

خامساً: مشروعية القرار المشار إليه إذ أن الطاعن حال إصدار هذا القرار كان يقوم بتنفيذ أوامر صادرة له عن كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بما لهما من سلطة فى وضع السياسة العامة للدولة وبما لهما من سلطة بموجب قانون تنظيم الاتصالات وتراخيص شركات الهواتف النقالة .

وخلص الطاعن فى هذا الطعن إلى طلب الحكم له بطلباته المبينة سلفاً .

        ومن حيث إن الطعون الأربعة يجمعها رابط واحد هو وحدة أوجه النعى على الحكم المطعون فيه الأمر الذى تتصدى معه المحكمة لها معاً لوحدة الموضوع .

        ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يتعين التصدى لبحث مدى الاختصاص الولائى بنظر النزاع قبل الولوج لبحث أى دفع شكلى أو موضوعى , باعتبار أن قواعد الاختصاص المحددة لولاية المحاكم من المسائل وثيقة الصلة بأسس النظام القضائى الذى بسطت قواعده وشرعت مواده ابتغاء تحقيق أغراض ومصالح عامة , وهو ما أضحت معه هذه القواعد من المسائل المتعلقة بالنظام العام , ومن ثم فإن المحكمة تتصدى أولاً للنعى على الحكم المطعــــــون فيه (المبدى من الطاعنين فى الطعـــــون أرقام 37759 و 38259 و 38400 لسنة 57 ق. عليا ) من مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله فيما قضى به من رفض الدفع المبدى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى , واختصاصها , على سند من أن قرار قطع خدمات الاتصال وخدمات الإنترنت يعد من قبيل أعمال السيادة لكونه من أعمال الحكم وليس الإدارة التى تخرج عن ولاية القضاء سواء الإدارى أو العادى إلغاءً وتعويضاً , وهذا النعى مردود عليه بأن المادة الأولى من مواد القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات تنص على أن ” يعمل بأحكام القانون المرافق لتنظيم جميع أنواع الاتصالات إلا ما استثنى بنص خاص فيه أو فى أى قانون

آخر أو اقتضاه حكم القانون مراعاة للأمن القومى , ويلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق ” .

وتنص المادة (1) من مواد هذا القانون على أنه ” يقصد فى تطبيق أحكام هذا القانون بالمصطلحات التالية المعانى المبينة قرين كل منها :-

  • الجهاز : الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات .
  • الوزير المختص : الوزير المعنى بشئون الاتصالات .
  • الاتصالات : أية وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات , وذلك أياً كانت طبيعتها , وسواء كان الاتصال سلكياً أو لاسلكيا .
  • خدمة الاتصالات : توفير أو تشغيل الاتصالات أيا كانت الوسيلة المستعملة .
  • شبكة الاتصالات : النظام أو مجموعة النظم المتكاملة للاتصالات شاملة ما يلزمها من البنية الأساسية .
  • …………………………………..

15- الطيف الترددى : حيز الموجات التى يمكن استخدامها فى الاتصال اللاسلكى طبقاً لإصدارات الاتحاد الدولى للاتصالات .

    وتنص المادة (3) من ذات القانون على أن ” تنشأ هيئة قومية لإدارة مرافق الاتصالات تسمى ( الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ) ويكون للجهاز الشخصية الاعتبارية العامة , ويتبع الوزير المختص …… ” .

    وتنص المادة (4) على أن ” يهدف الجهاز إلى تنظيم مرفق الاتصالات وتطوير ونشر جميع خدماته على نحو يواكب أحداث وسائل التكنولوجيا ,ويلبى جميع احتياجات المستخدمين بأنسب الأسعار ويشجع الاستثمار الوطنى والدولى فى هذا المجال فى إطار من قواعد المنافسة الحرة وعلى الأخص ما يلى :- …….

2- حماية الأمن القومى والمصالح العليا للدولة .

3- ضمان الاستخدام الأمثل للطيف الترددى وتعظيم العائد منه طبقاً لأحكام هذا القانون .

    وتنص المادة (13) على أن ” مجلس إدارة الجهاز هو السلطة المختصة بشئونه وتصريف أموره , وله أن يتخذ ما يراه لازماً من قرارات لتحقيق الأهداف التى أنشئ الجهاز من أجلها , ويباشر المجلس اختصاصاته على الوجه المبين بهذا القانون وله على الأخص ما يلى :-

  • …………….
  • …………….

6- وضع قواعد وشروط منح التراخيص الخاصة باستخدام الطيف الترددى وتنظيم إجراءات منحها .

  • وضع قواعد وشروط منح التراخيص الخاصة بإنشاء البنية الأساسية لشبكات الاتصالات ……..

وكذلك تراخيص تشغيل هذه الشبكات وإدارتها والتراخيص الخاصة بتقديم خدمات الاتصالات وإصدار هذه التراخيص وتجديدها ومراقبة تنفيذها طبقاً لأحكام هذا القانون بما يضمن حقوق المستخدمين وخاصة حقهم فى ضمان السرية التامة طبقاً للقانون ، وبما لا يمس بالأمن القومى والمصالح العليا للدولة ….”

وتنص المادة ( 25) على أن ” يحدد الترخيص الصادر التزامات المرخص له والتى تشمل على الأخص ما يأتى : –

  • ……………………..
  • …………………….

    11- الالتزامات الخاصة بعدم المساس بالأمن القومى ..”

        وتنص المادة ( 49) على أن ” الطيف الترددى مورد طبيعى محدود ،والجهاز هو الجهة المسئولة عن تنظيم وإدارة جميع الشئون المتعلقة باستخدامه طبقا لأحكام هذا القانون ” وتنص المادة ( 51) على أنه ” لا يجوز استخدام تردد أو حيز ترددات إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهاز …” .

   وتنص المادة ( 64 ) على أن ” يلتزم مشغلو ومقدمو خدمات الاتصالات والتابعون لهم وكذلك مستخدمو هذه الخدمات بعدم استخدام أية أجهزة لتشفير خدمات الاتصالات إلا بعد الحصول على موافقة من كل من الجهاز والقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي ، ولا يسرى ذلك على أجهزة التشفير الخاصة بالبث الإذاعي والتليفزيوني .

ومع مراعاة حرمة الحياة الخاصة للمواطنين التى يحميها القانون يلتزم كل مشغل أو مقدم خدمة أن يوفر على نفقته داخل شبكة الاتصالات المرخص له بها كافة الإمكانيات الفنية من معدات ونظم وبرامج واتصالات داخل شبكة الاتصالات والتى تتيح للقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومى ممارسة اختصاصها فى حدود القانون ……”

وتنص المادة ( 65) على أن ” يضع الجهاز بالاشتراك مع القوات المسلحة والجهات المختصة بالدولة خطة مسبقة لتشغيل شبكات الاتصالات تنفذ خلال حالات حدوث الكوارث الطبيعية والبيئية وفترات إعلان التعبئة العامة طبقا لأحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 فى شأن التعبئة العامة وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومى ويتم تحديث الخطة بشكل دورى لتأمين الدفاع والأمن القومى ويلتزم مشغلو ومقدمو خدمات الاتصالات بتنفيذ الخطة .”

وتنص المادة ( 67) على أنه ” للسلطات المختصة فى الدولة أن تخضع لإدارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات أى مشغل أو مقدم خدمة وأن تستدعى العاملين لديها القائمين على تشغيل وصيانة تلك الخدمات والشــبكات وذلك فى حالة حــــدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو فى الحالات التى تعلن فيها التعبئة العامة طبقا لأحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 المشار إليه وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومى . “

    ومفاد ما تقدم أن القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات انتظم مبادئ وقواعد لتنظيم جميع أنواع الاتصــــالات إلا ما استثنى بنص خاص ، وناط بالجهــــــاز القومى لتنظيم الاتصالات وبوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنظيم وسائل إرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات ، وذلك أيا كانت طبيعتها سواء كان الاتصال سلكياً أو لاسلكياً ، وخدمة الاتصالات الدولية بين المستخدمين فى مصر والدول الأجنبية من خلال المعابر الدولية للاتصالات بما فى ذلك الطيف الترددي الذى يمثل حيز الموجات التى يمكن استخدامها فى الاتصال اللاسلكي طبقاً لإصدارات الاتحاد الدولى ، وضمان الاستخدام الأمثل لهذا الطيف ، مع مواكبة التقدم العلمي والفنى والتكنولوجي ، ووضع قواعد وشروط منح التراخيص الخاصة باستخدام الطيف ، وإصدار هذه التراخيص وتجديدها وإلغاءها ومراقبة تنفيذها ، وذلك كله بما لا يخل بالمصلحة العليا للدولة والأمن القومى للبلاد .

        ومن حيث إنه ولئن كانت التشريعات المصرية بما فيها قانون تنظيم الاتصالات سالف الذكر لم تحدد الحالات التى تستدعى حجب المواقع الإلكترونية ، إلا أن ذلك لا يخل بحق الأجهزة الحكومية والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات فى حجب بعض المواقع على الشبكة الدولية للإنترنت حينما يكون هناك مساس بالأمن القومى أو المصالح العليا للدولة ، وذلك بما لتلك الأجهزة من سلطة فى مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام بمفهومه المثلث : الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة للمواطنين ، وذلك تحت رقابة القضاء.( حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 10171 لسنة 54 ق. عليا بجلسة 26/ 2/ 2011 )

       ومن حيث إنه من المسلم به أن الأصل أن معيار التفرقة بين الأعمال الإدارية التى تباشرها الحكومة فى حدود وظيفتها الإدارية ، وأعمال السيادة التى تباشرها باعتبارها سلطة حكم مرده إلى القضاء الذى ترك له المشرع سلطة تقرير الوصف القانونى للعمل المطروح عليه ، وما إذا كان يعد عملاً إدارياً عادياً يختص بنظره أو عملاً من أعمال السيادة يمتنع عليه النظر فيه .

     ومن حيث إن هذه المحكمة فى قضاء سابق انتهت إلى أنه ” يبين مما تقدم سرده فى معرض تحصيل وقائع النزاع واستظهار الظروف والملابسات التى أحاطت به أن السبب الدافع لإصدار القرار المطعون فيه هو ما كشفت عنه تحريات رجال الأمن من أنه قد يترتب على ………….إخلال بالأمن لما بين عائلتيهما من ضغائن قديمة بناء على ما كشفت عنه التحريات ، فأصدر السيد المحافظ قراره بإلغاء ……… مفصحاً عن الغاية التى تغياها من

اتخاذه وهى صيانة الأمن ، ومن ثم يكون واضحاً أن هذا التصرف بحسب سببه الذى قام عليه والغاية التى استهدفها ، هو قرار إداري قصد به إلى تحقيق غرض رئيسي من أغراض تدابير الضبط مما يختص القضاء الإداري بالنظر فى الطعن عليه .” ( حكمها فى الطعن رقم 465 لسنة 11 ق. عليا بجلسة 2/ 12 / 1967 ) .

والحال كذلك ولما كان الثابت أن لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزراء الدفاع والإنتاج الحربى ، والداخلية ، والخارجية ، والإعلام ، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، ورئيس المخابرات العامة وأمين عام مجلس الوزراء ، عقدت اجتماعاً يوم الخميس الموافق 20 يناير 2011 بالقرية الذكية ، واستعرضت اللجنة الإجراءات المختلفة فى عدة قطاعات ، والمطلوب إتباعها استعداداً لأحداث 25 يناير 2011 فى ضوء التقييمات الأمنية ، بما فيها الإجراءات المطلوب إتباعها لإدارة شبكات الاتصالات أثناء الأحداث المرتقبة ، وشكلت اللجنة غرفة عمليات لتعمل 24 ساعة يومياً طوال مدة الأحداث على أن تجتمع بمبنى سنترال رمسيس وتشارك فيها وزارة الدفاع (إدارة الإشارة وإدارة المخابرات الحربية ) ووزارة الداخلية (جهاز أمن الدولة وقطاع الشئون الفنية ) والمخابرات العامة ( الهيئة الفنية ومركز تداول البيانات ) ووزارة الإعلام ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ( الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ) وتم تكليف الغرفة بمتابعة تنفيذ أى إجراءات لازمة لتطبيق المادة ( 67) من قانـــون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 ، وتشمل تلك الإجراءات قطع خدمات الاتصالات للمحمول والإنترنت فى مواقع مختلفة بالجمهورية إذا دعت الحاجة لذلك طبقاً للتقييم الأمني فى حينه وفى حالة تعرض الأمن القومى للخطر ، وقد قام وزير الداخلية / حبيب العادلى بصفته المسئول عن تحديد تعرض الأمن القومى داخل البلاد للخطر من عدمه بحكم طبيعة عمله بإصدار قراره وتعليماته المشددة بضرورة قطع خدمات المحمول عن منطقة ميدان التحرير اعتبارا من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير 2011 حتى صباح الأربعاء الموافق 26 يناير 2011 ، كما قام بإصدار قراره وتعليماته المشددة إلى غرفة العمليات عدة مرات يوم الخميس الموافق 27يناير 2011 بضرورة قطع خدمات الاتصالات اعتباراً من صباح يوم الجمعة الموافق 28 يناير 2011 ولمدة يوم واحد بالنسبة لخدمات المحمول فى محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس والغربية ، وضرورة قطع خدمات الإنترنت على مستوى الجمهورية اعتبارا من مساء يوم الخميس الموافق 27 يناير 2011 لوجود خطورة على الأمن القومى ، ولم تعترض أى من الجهات الأمنية المشاركة فى غرفة العمليات المشار إليها على قرار وزير الداخلية بقطع خدمات الاتصالات والإنترنت، ونفذت القرار بالتنسيق مع الشركات المعنية فى التوقيتات المطلوبة ، وظلت خدمة الإنترنت مقطوعة حتى ظهر يوم الأربعاء الموافق 2 فبراير 2011 حتى قامت المخابرات العامة بإخطار الغرفة بإعادة الخدمة من جديد ، ومن ثم فإنه يبين من ملابسات النزاع أن قرار قطع خدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت فى التوقيتات المشار إليها كان بناء على تقدير الأجهزة الحكومية المختصة بأنه يوجد مساس بالأمن القومى من جراء الأحداث الجارية فى الفترة التى جرى خلالها قطع الخدمات المشار إليها ، وذلك بما لتلك الأجهزة من سلطة فى مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام بمفهــــومه المثلث الأمن

العام والصحة العامة والسكينة العامة للمواطنين ، ومن ثم يكون واضحاً أن هذا التصرف بحسب سببه الذى قام عليه والغاية التى اسـتهدفها ، هو قرار إداري قصد به إلى تحقيق غرض رئيس من أغراض تدابير الضبط الإداري الذى تتولاه السلطة التنفيذية، ويعد بهذه المثابة من قبيل الأعمال الإدارية العادية التى تباشرها الحكومة فى حدود وظيفتها الإدارية ، مما يختص القضاء الإداري بالنظر فى الطعن عليه إلغاءً وتعويضاً ، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضى برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويغدو النعى عليه من هذه الناحية غير سديد جديراً برفضه .

ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن فى الطعن رقم 38400 لسنة 57 ق . عليا من أن القرار محل الطعن يدور حول مسألة من مسائل القانون الخاص ( العلاقة العقدية التى تربط الدولة بالشركا مقدمة خدمات الاتصالات والإنترنت )التى يحكمها قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 ، وبالتالى ينحسر عنه اختصاص محاكم مجلس الدولة وينعقد الاختصاص بنظره لمحاكم جهة القضاء العادى،  فذلك مردود عليه ، فضلاً عما خلصت إليه المحكمة سلفاً من أن القرار محل المنازعة توفرت له مقومات القرار الإدارى ، بأن الحق فى استخدام الطيف الترددى باعتباره أحد الموارد الطبيعية المحدودة التى عنى الدستور بتنظيمها ، وأكد عليه بوصفه حقاً قانون تنظيم الاتصالات المشار إليه بحسبانه هو حيز الموجات التى يمكن استخدامها فى الاتصال اللاسلكي ومنه تقديم خدمات الاتصالات والرسائل النصية وخدمات الإنترنت ، ويخضع بحكم كونه مورداً طبيعياً محدوداً لفكرة الترخيص المسبق بهدف الحفاظ على النظام العام ، ولما كان هذا الترخيص يتصل بنشاط متعلق بمرفق عام يخضع فى إدارته للرأى الأعلى للسلطة الحاكمة ، ويقوم على تمكين أحد الأشخاص من الإنفراد باستغلال مال عام والاستئثار به بطريقة تؤثر فى هذا المرفق ، وهو مرفق يحقق للخزانة العامة للدولة مصلحة مالية ، ويسد فى الوقت ذاته حاجة عامة مشتركة لجمهور المستخدمين لهذه الخدمات ، مستهدفاً بذلك النفع العام ، ويتضمن بنوداً تنبئ فى جملتها عن انصراف نية الإدارة إلى إتباع أسلوب القانون العام والأخذ بأحكامه ووسائله فى شأنه ، مستخدمة فى ذلك الامتيازات والحقوق المقررة لها بوصفها سلطة عامة ، ومعتمدة فى تعاقدها على فكرة السلطة وعلى تمتعها بقسط من سيادة الدولة وسلطانها ، الأمر الذى يخضع هذه الرابطة التى تتوفر فيها مميزات العقد الإدارى وخصائصه لأحكام القانون الإداري ، وبالتالي لاختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها عملاً بحكم المادة ( 190) من الدستور المعدل الصادر سنة 2014 والتى تقضى بأن مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية ، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضى برفض الدفع المبدي بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القـــانون ويضحى النعى عليه من هذه الناحية أيضاً غير سليم خليقاً برفضه .

ومن حيث إنه عن النعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان لعدم إيداع مسودته بخط يد أحد أعضاء الدائرة متضمنة البيانات الأساسية للحكم لعدم جواز الاكتفاء بكتابة المسودة بجهاز الكمبيوتر ، فذلك النعى مردود عليه بما ذهبت إليه الدائــــــرة المشكلة وفقاً لحكم المادة ( 54) مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 من أن كتابة مسودة الحكم باســـتخدام جهاز الكمبيوتر لا تؤثر فى سرية المداولة وسرية الحكم حتى النطق به علانية ، ومن ثم لا يكون هناك لزوم للتفرقة فى حكم جواز كتابة مسودة الأحكام القضائية كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر وبين أى من مدونات مسودات هذه الأحكام ، بحيث تستوى فى ذلك كتابة بياناته الأساسية كرقم الدعوى وتاريخ إيداع العريضة وأسماء الخصوم وكذا منطوق الحكم ، وكتابة غير ذلك من هذه المدونات ، الأمر الذى رأت معه المحكمة العدول عما سبق أن قررته بجلستها المنعقدة بتاريخ 10/1/2009 فى الطعن رقم 18006 لسنة 53 ق عليا فى هذا الشأن ، والحكم بجواز كتابة مُسودات الأحكام القضائية كاملة بواسطة جهاز الكمبيوتر ، على أن توقع نهاية المسودة من الدائرة التى أصدرت هذه الأحكام .( حكمها بجلسة 3 من ديسمبر سنة 2011 فى الطعن رقم 1208 لسنة 54 ق . عليا ) ، والحال كذلك ولما كان البين من مطالعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها مدونة بواسطة جهاز الكمبيوتر وأن البيانات الخاصة برقم الدعوى وأسماء الخصوم وتاريخ إقامة الدعوى وتاريخ جلسة النطق بالحكم ومنطوق الحكم مدونة بخط يد أحد أعضاء الدائرة وليست بجهاز الكمبيوتر وجاءت نهايتها ممهورة بتوقيع الدائرة التى أصدرت الحكم ، مما يغدو معه النعى على الحكم المطعون فيه من هذه الوجهة من النظر غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون جديراً بالرفض .

     ومن حيث إنه عن النعى على الحكم المطعون فيه المبدى من الطاعنين فى الطعون أرقام 37759 و 38259 و38400 لسنة 57 ق . عليا ببطلان إعلان الطاعنين بصحيفة الدعوى وصحيفة التدخل حيث تم إعلان الطاعن(محمد حسنى مبارك ) على محل إقامته بقصر العروبة حال كونه رئيساً للجمهورية بالرغم من علم المدعين بزوال صفته هذه ، بينما تعمد المدعون إعلان الطاعن(حبيب إبراهيم حبيب العادلى ) فى مواجهة النيابة العامة فى غير الحالات التى يجوز فيها الإعلان فى مواجهة النيابة العامة ، والتى تقتصر على من ليس له موطن معلوم فى مصر أو الخارج ، وهو ما يترتب عليه بطلان الإعلان وبطلان الحكم الطعين حيث لم تتحقق الغاية من الإجراء إذ لم يمثل الطاعنان بالجلسات ولم يبديا دفاعهما فى الدعوى ، فهذا النعى غير سديد جدير بالرفض حيث جاء مخالفاً للثابت بأوراق الدعوى إذ الثابت أنه تم إعلان المدعى عليه / حبيب إبراهيم العادلى ( الطاعن فى الطعنين رقمى 38259 و 38400 لسنة 57 ق .ع ) بتاريخ يوم الخميس الموافق 5/5/2011 على محبسه بسجن مزرعة طره ، وإعلان المدعى عليه / محمد حسنى مبارك ( الطاعن فى الطعن رقم 37759 لسنة 57 ق . ع ) بتاريخ يوم الإثنين الموافق 16/5/2011 على محبسه بمستشفى شرم الشيخ الدولى وتمت الإجابة على هذين الإعلانين .

     ومن حيث إنه عن النعى على الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من قبول تدخل الخصم المتدخل هجومياً فى الدعوى بالرغم من عدم توفر شروط قبـــول تدخله لانتفاء صفة ومصلحة

المتدخل هجوماً فى الدعوى حيث إنه يطلب الحكم بالتعويض لمصلحة الخزانة العامة والتى لا يمثلها أو ينوب عنها بأى صفة كانت ، فإن المادة ( 126) من قانون المرافعات تنص على أنه ” يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضماً لأحد الخصــــــوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة “

     ومن حيث إن مفاد نص هذه المادة أنه يميز بين نوعين من التدخل الأختيارى فى الدعوى مع خصوم الدعوى الأصليين ، أولهما : ويطلق عليه اصطلاحاً التدخل الأنضمامى أو التبعى أو التحفظى ، وثانيهما : التدخل الأختصامى أو الهجومي أو الأصلي .

ومن حيث إن نطاق التدخل الانضمامى مقصور على الانضمام إلى أحد الخصوم دون أن يطلب المتدخل لنفسه أكثر مما يطلبه الخصم المنضم إليه ، ولهذا المتدخل أن يبدى ما يراه من أوجه الدفاع لتأييد الخصم الذى تدخل إلى جانبه دون أن يطلب لنفسه حقاً ما قاصداً المحافظة على حقوقه عن طريق الدفاع عن حقوق الخصم المنضم إليه فى الدعوى القائمة ، لهذا فإن هذا التدخل جائز أمام محكمة أول درجة كما يجوز إبداء هذا التدخل لأول مرة أمام محكمة الطعن , فى حين أن نطاق التدخل الهجومى يتسع أمام المتدخل ويجيز له أن يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتى يدعيه فى مواجهة طرفى الخصومة سواء تعلق طلبه بذات الحق المتنازع عليه أو بجزء منه أو بطلب آخر يتميز عن الطلب الأصلى ولكنه يرتبط به ، قاصداً من تدخله الحصول على حكم فى مواجهة طرفى الدعوى ، لذا فإن التدخل الهجومى لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الطعن حتى لا تفوت درجة من درجات التقاضى .( حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 8034 لسنة 47 ق . عليا بجلسة 21/6/2003 )

     ومن حيث إنه من المستقر عليه أن التدخل الخصامى يقصد به المتدخل المطالبة بحق لنفسه فهو يدعى لنفسه حقاً يطلب الحكم له به ، ويشترط لقبوله شرطان : الأول : أن يدعى المتدخل لنفسه حقاً ، ومن ثم فإنه يشترط فى المصلحة التى تبرر قبول التدخل فى هذه الحالة كل الشروط اللازمة لقبول الدعوى وهى أن تكون المصلحة قانونية حالة وقائمة ، شخصية ومباشرة ، والثانى : قيام الارتباط بين الطلب الذى يسعى المتدخل للحكم لنفسه به والدعوى الأصلية ، ووجود الارتباط هو الذى يبرر تقديم هذا الطلب ، وتقدير الارتباط متروك للمحكمة التى يقدم إليها الطلب .

     ومن حيث إنه هدياً بما تقدم ، ولما كان الثابت أن السيد/ محمد إبراهيم العتر ( المطعون ضده الرابع فى الطعون الأربعة )قد تدخل فى الدعوى بموجب صحيفة معلنة قانوناً ، طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن وقف إلغاء حق الجهة الإدارية بإصدار قرار وقف وقطع خـــدمة الاتصالات للهــــواتف النقــالة ، وإلزام المدعى عليهم بأشــــخاصهم

( وهم رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس الوزراء الأسبق ووزير الداخلية الأسبق – الطاعنون ) أن يــــــؤدوا من مالهم الخاص تعــــويضاً عما أصاب المواطنين المضرورين من أضرار ، وعلى أن يصرف هذا التعويض إلى خزانة الدولة ، والحال كذلك وإذ لم يطلب الخصم المتدخل الانضمام إلى أى من الخصوم فى الدعوى بل يطلب الحكم بطلبات تتميز عن الطلب الأصلي فى الدعوى ، ومن ثم فإن تدخله يعد من قبيل التدخل الهجومى أو الخصامى ، وإذ يشترط لقبول هذا النوع من التدخل أن يطلب المتدخل الحكم لنفسه بحق ذاتى يدعيه فى مواجهة طرفى الخصومة حتى يتوفر له شرطا الصفة والمصلحة المتطلبين لقبول الدعوى أو الطلب ، وحيث إن الخصم المتدخل فى الدعوى لم يطلب الحكم لنفسه بأى حق ذاتى بل يطلب الحكم بإلزام المدعى عليهم المذكورين ( الطاعنين ) أن يؤدوا من مالهم الخاص التعويض الذى تقدره المحكمة عن الأضرار التى أصابت المواطنين المضرورين من جراء خطأ المدعى عليهم(الطــاعنين) على أن يصرف هذا التعويض لمصلحة الخزانة العــــامة للدولة ، وإذ لم تكن للمتدخل أية صفة فى تمثيل أو النيابة عن المواطنين المضرورين الذين يطالب بالتعويض عن الأضرار التى أصابتهم ، فضلاً عن انتفاء صفته فى تمثيل أو النيابة عن الخزانة العامة للدولة التى يطالب بصرف التعويض لمصلحتها ، بالإضافة إلى أنه لم يطلب لنفسه أى حق ذاتى على نحو ما سلف بيانه ، الأمر الذى ينتفى معه شرطا الصفة والمصلحة فى جانب الخصم المتدخل ، مما يتعين معه والحال هذه القضاء بعدم قبول تدخله فى الدعوى ، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بقبول تدخله فى الدعوى فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون جديراً بإلغائه فيما تضمنه من قبول تدخل الخصم المتدخل فى الدعوى ، والقضاء مجدداً بعدم قبول تدخله فى الدعوى وإلزامه مصروفات تدخله .

     ومن حيث إنه عن النعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على أساس أن القرار محل طلب التعويض قد صدر مشروعاً قائماً على سبب مستمد من الواقع والقانون ، فهو نعى سديد إذ إنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة عنها أن يكون هناك خطأ وقع من جانبها عند إصدار القرار أحدث ضرراً بالغير وأن تقوم رابطة سببية ما بين الخطأ والضرر ، فإذا انتفى ركن الخطأ أو ركن الضرر أو انتفت علاقة الســـببية بينهما ، انتفت المسئولية الإدارية وبالتالى تعين رفض طلب التعــــويض عنها . ( حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن 3827 لسنة 42 ق . ع جلسة 31/1/1999 )

كما جرى قضاء هذه المحكمة أيضا على أنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها ، ويفترض فى القرار غير المسبب أنه قام على سببه الصحيح وعلى من يدعى العكس أن يقيم الدليل على ذلك ، إلا أنها إذا ذكرت أسباباً له فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإدارى للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك فى النتيجة التى إنتهى إليها القرار ، وهذه الرقابة القانونية تجد حدها الطبيعى فى التحقق مما إذا كانت مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً ، فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقــائع على فرض وجـــودها مادياً لا

ينتج النتيجة التى يتطلبها القانون ، كان القرار فاقداً لركن من أركانه هو السبب ووقع مخالفاً للقـــــانون . ( حكمها فى الطعن رقم 5453 لسنة 41 ق . عليا بجلســــة 5/9/2000 ) ، وأن المصلحة العامة والمصلحة الفردية لا تتوازيان فى مجال الروابط القانونية التى تنشأ بين الإدارة والأفراد ، ولأن عيب إساءة استعمال السلطة يشوب الغاية من القرار ذاتها بأن تكون الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة وأصدرت قرارها بباعث لا يمت للمصلحة العامة ، فعيب إساءة استعمال السلطة هو من العيوب القصدية ، قوامه أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة ، فإذا لم يكن لدى الإدارة هذا القصدية بباعث من هوى أو تعدً أو أنتقام ، فلا قيام لعيب استعمال الســـــلطة ، مهما تكن الأضرار التى تصيب المصلحة الفــردية من القرار ( حكمها فى الطعن رقم 973 لسنة 8 ق . عليا بجلسة 2/5/1964 ) وأنه ولما كان من إطلاقات جهة الإدارة أن تتخذ كل ما من شـــــأنه أن يئد الفتنة فى مهــــــدها ويقضى عليها قبل ظهـــــورها بمقتضى ماتملكه من سلطة فى نطاق الضبط الإدارى ووسائله ، وبما يحفظ الأمن العام كعنصر من عناصر النظام العام ، فإن قرارها الطعين بوقف العمل مؤقتا بقرار إنشاء القرية المسماة بقرية …….. يكون قائماً على سببه الصحيح ، مستهدفاً تحقيق الأمن بالقرية المذكورة ، ذلك أن إنشاءها بالقرار الذى أوقف العمل به مؤقتاً جاء مرتبطاً بالاسم الذى تم إطلاقه عليها بذات القرار ، وكذا لارتباط ما اتخذ أو ما كان يراد اتخاذه من إجراءات استكمالاً لبناء القرية واقعاً بهذا الأسم ، الأمر الذى كان لازمه صدور القرار على النحو ما صدر به كتدبير من التدابير التى يمكن اتخاذها حماية للنظام العام ، لاسيما وقد تبين أن المصلحة التى يحققها القرار رقم …… غير متناسبة مع تلك الأضرار التى تلحق بالمواطنين فى القرية وتمثل مساساً بأحد عناصر النظام العام ونيلاً منه وهو عنصر الأمن العام ، ومن ثم يضحى القرار الطعين مشروعاً ومتفقاً مع صحيح حكم القانون ( حكمها فى الطعن رقم 22903 لسنة 51 ق.عليا بجلسة 1/10/2011 ) .

ومن حيث إنه عن ركن الخطأ فإن الثابت أن الجهة الإدارية أصدرت قرارها محل طلب التعويض بقطع خدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت فى التوقيتات والأماكن والمحافظات المشار إليها سلفاً ( قطع خدمات الاتصالات عن منطقة ميدان التحرير اعتباراً من بعد ظهر يوم الثلاثاء المــــوافق 25يناير 2011 حتى صباح الأربعاء الموافق 26 يناير 2011 , وقطع خدمات الاتصالات اعتباراً من صباح يوم الجمعة الموافق 28 يناير 2011 ولمدة يوم واحد بالنسبة لخدمات المحمول فى محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس والغربية , وقطع خدمات الإنترنت على مستوى الجمهورية اعتباراً من مساء يوم الخميس الموافق 27 يناير 2011 ) لوجود خطورة على الأمن القومى , وهو الأمر الذى يبين منه أن جهة الإدارة قد أفصحت عن السبب الذى أقامت عليه قرارها محل طلب التعويض , ومن ثم فإن المحكمة تخضع هذا السبب لرقابتها للتحقق مما إذا كان مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه مادياً وقانوناً .

        والحال كذلك ولما كان الثـــــابت أنه تم تقـــــديم الطاعن / حبيب إبراهيم حبيب العادلى ( وزير الداخلية الأسبق ) للمحاكمة الجنائية فى الجنـــاية رقم  1227 لسنة 2011 قصر النيل

والمقيدة برقم 57 لسنة 2011 كلى وسط القاهرة لأنه أصدر أمراً بقطع خدمة الاتصالات عن الهواتف المحمولة الخاصة بجميع الشركات المصرح لها بالعمل فى مصر اعتبــــــاراً من يوم 28/1/2011 مما ساهم فى انقطاع الاتصال بين القوات وقادتها لتعطل وعجز وسائل الاتصال الأخرى وأدى إلى إنهاكها وهبوط الروح المعنوية لديها وانسحابها من مواقعها وحدوث فراغ أمنى أدى إلى إشاعة الفوضى وتكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وجعل حياتهم وصحتهم وأمنهم فى خطر , وإلحاق أضرار بالمرافق العامة والممتلكات الخاصة على النحو المبين بالتحقيقات , وترتب عليه حدوث إضرار بمركز البلاد الاقتصادى , وذلك استناداً إلى المادة (116) مكررا ( أ ) من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 , وبجلسة 29 نوفمبر 2014 قضت محكمة الإعادة ببراءة المتهم / حبيب إبراهيم حبيب العادلى مما أسند إليه من اتهام التسبب بالخطأ فى إلحاق ضرر جســــــيم بأموال ومصــــالح جهة عمله وغيرها بإهماله بالصور الواردة بأمر الإحالة , وشيدت المحكمة حكمها فى هذا الشأن بعد أن استعرضت نص المادة (67) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 المشار إليها سلفاً على سند من أن المفهوم الثابت والمستقر فى قضائها لمصطلح الأمن القومى هو القدرة الشاملة للدولة والمؤثرة فى حماية قيمها ومصالحها من التهديدات الخارجية والداخلية , أى إن للأمن القومى أبعاداً سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأيدلوجية وجغرافية ولكل بعد خصائصه التى تثبت ترابط الأبعاد وتكاملها , أما البعد السياسى للأمن القومى فذو شقين : داخلى وخارجى , ويتعلق البعد الداخلى بتماسك الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى وبالمواطنة وتراجع القبلية والطائفية بما يحقق دعم الوحدة الوطنية , أما البعد الخارجى فيتصل بتقدير أطماع الدول العظمى والكبرى والقوى الإقليمية  فى أراضى الدولة ومواردها , ومدى تطابق أو تعارض مصالحها مع الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً , وهو بعد تحكمه مجموعة من المبادئ الإستراتيجية التى تحدد أولويات المصالح الأمنية وأسبقياتها , أما البعد الاقتصادى للأمن القومى فإن مسائل الاقتصاد والدفاع والأمن كل لا يتجزأ , وهو بعد يعنى بتنمية واستخدام كافة موارد الدولة لتحقيق أهدافها السياسية ,وبالنسبة للبعد الاجتماعى للأمن القومى فإنه لا أمن بغير إقامة عدالة اجتماعية وتقريب الفوارق بين الطبقات وتطوير الخدمات وإزالة الظلم الاجتماعى لطبقات المجتمع وإلا يتعرض الأمن القومى للخطر , أما البعد العسكرى للأمن القومى فيعنى تحقيق مطالب الدفاع والأمن والهيبة الإقليمية للدولة من خلال بناء قوة عسكرية قادرة على تلبية احتياجات التوازن الاستراتيجى العسكرى والردع الدفاعى على المستوى الإقليمى لحماية الدولة من العدوان الخارجى , أما البعد الأيدلوجى للأمن القومى فيعنى المواجهة لأية تهديدات أمنية خارجية أو داخلية , أما البعد الجغرافى للأمن القومى فيتمثل فى الحدود الطبيعية مع الدول الملاصقة وحسن الجوار والسيادة القومية والسيطرة على الممرات المائية وتأثيرها فى التجارة العالمية , ولازم ذلك أن مشروعية قرار قطع خدمات الهواتف النقالة وشبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) لا تقوم إلا بتوفر بعد يمس مفهوم الأمن القومى بالمعنى المار بيانه , وإذ كان البين من الصورة المنضمة للحكم الصادر فى الجنحة رقم 6302 لسنة 2012 ثالث الإسماعيلية واستئنافها رقم 338 لسنة 2013 الإسماعيلية انه قضى بإحالة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها تبليغاً عما تكشف للمحكمة بشأن واقعة هروب السجناء والذى كان مصحوباً بالقوة والاقتحام وباشتراك عناصر أجنبية مع

تنظيمات متطرفة من الجماعات الجهادية والتكفيرية والتنظيم الإخوانى وبعض أصحاب الأنشطة الإجرامية من بدو ســيناء ومطروح والمغـــــاربة والنخيل , وفى ذات الحين اجتمعت شهادات كل من اللواء أركان حرب متقاعد / عمر محمود سليمان نائب رئيس الجمهورية ورئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق الذى قطع خلال شهادته بقدوم مجموعات من حركة حماس وأخرى من حزب الله كان قوامها ما بين 70 إلى 90 عنصراً واصطحبهم البدو للقاهرة لمعاونتهم لتنفيذ عملية اقتحام السجون الموجود بها عناصر حركة حماس وفى ذات الوقت شوهد جزء من تلك العناصر بميدان التحرير بالقاهرة مع إعلان جماعة الإخوان المسلمين عزمها على المشاركة فى التظاهرات فتحركت جموع كثيفة من المواطنين وارتأى جهاز المخابرات العامة أن الموقف خطير للغاية والبلاد مقبلة على مشكلة خاصة , وقد بدأت الاشتباكات بين المتظـــــاهرين والشرطة واندلعت الحرائق وهــــاجمت عناصر إجرامية أقسام الشرطة وتمكنت حركتا حماس وحزب الله من إخراج عناصرهما من الســـجون , وشهد المشير / محمد حسين طنطاوى  رئيس المجلس العسكرى السابق أن اقتحام السجون والذى تم فى عشرة سجون نفذ من خلال عناصر مخربة بمخطط خائن من الإخوان المسلمين ومن يدور فى فلكهم لإطلاق سراح عناصرهم وخلافهم لتعم الفوضى بالبلاد , كما قطع الفريق / سامى حافظ أحمد عنان رئيس  أركان القوات المسلحة إبان أحداث يناير 2011 بأن قطع خدمات الاتصالات تم لما يهدد الأمن القومى للبلاد , كما قطع اللواء / مراد محمود موافى مدير المخابرات العامة السابق بأن قطع خدمات الهواتف النقالة تقوم به الدول المتقدمة حفاظاً على أمنها القومى وكان له ما يبرره حينما وقع بمصر وإن لم يؤد الغرض منه بالبلاد لتمكن المستخدمين رغم ذلك من التواصل , وأن عناصر من القسام وحماس وأخرى كثيرة موجودة بقطاع غزة شاركت فى اقتحام السجون مع وجود عناصر أجنبية بالميادين للتخريب إبان الأحداث , وقد ضبط جاسوس أمريكى الجنسية يهودى الديانة وانتهى الموقف بمبادلته بـ (35) سجيناً مصرياً بالسجون الإسرائيلية , ومن خلال الأنفاق عبرت الأسلحة من غزة إلى مصر والعكس بتنسيق مع الأخوان المسلمين لعمل اضطرابات , وأنه  قد حضر مؤتمراً مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس صرح فيه أنهم شاركوا فى الثورة بالتنسيق الكامل مع الأخوان المسلمين وكانوا على قلب رجل واحد , وأن اقتحام السجون تم بعمل إرهابى يفوق قدرات الشرطة وبعناصر خارجية دربت تدريباً كافياً , وشهد اللواء / محمود وجدى محمد محمود سلية وزير الداخلية الأسبق والذى كان يعمل مساعداً لوزير الداخلية لقطاع السجون إبان الأحداث أنه تم الهجوم على السجون يوم 28/1/2011 بالتنسيق بين العناصر الفلسطينية من الجهاد الإسلامى وحماس والجيش الإسلامى وكتائب القسام مع البدو والعرب المتواجدين بوادى النطرون وأبو زعبل والمرج ورافقتهم معدات حفر ( لوادر ) حطمت الأبواب والأسور وأطلقوا الأعيرة النارية وأخرجوا المساجين وأذاعوا بالفضائيات تحرير أسراهم بمصر وروجوا أن فتح السجون من جانب الشـــرطة , وشهد اللواء أركان حرب / حمدى محمد بدين  قائد الشرطة العسكرية أثناء أحداث يناير 2011 أن خطة اقتحام السجون كانت منسقة ومرتبة لإسقاط الدولة المصرية وشارك فيها أشخاص يتحدثون بلهجة غير مصرية ويناقضـــون طبيعة الشعب المصرى النـــــابذ للعنف والغدر , وشهد كل من اللواء / محمد أحمد فريد التهامى الرئيس الحالى لجهاز المخابرات العـامة ورئيس هيئة الرقابة

الإدارية إبان أحداث يناير 2011 , واللواء / مصطفى محمود عبد النبى رئيس هيئة الأمن القومى بأن المختصين بالمخــــابرات العامة أبلغوه بقطع خـــــدمات الهواتف النقـــــالة وشـبكة المعلومات الدولية من يوم 28/1/2011 بالقاهرة لعدم توفير وسائل الاتصال بين العناصر المتظاهرة , كما أشار شاهد الإثبات اللواء / مرتضى إبراهيم عبد الرحمن مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الفنية إلى أن قرار قطع خدمة الهواتف النقالة وشبكة المعلومات الدولية كان يحمل جوانب إيجابية للحد من التواصل فى أعمال الشغب والتخريب , وأضاف شاهد الإثبات اللواء أحمد عمر أبو السعود مدير الإدارة العامة للمتابعة بمكتب وزير الداخلية أن قرار قطع خدمات الهواتف النقالة والشبكة الدولية للمعلومات كان لفترة محدودة وبمناطق معينة بقصد منع أية حركة تنظيمية يتم من خلالها تحريك مجموعات , واصفا القرار بتحقيقه الجزء الأكبر من مبتغاة , وقد استظهرت المحكمة من هذه الشهادات مجتمعة أن الوطن هدده عدوان خارجى من بعض الجهات الأجنبية وعاونها البعض من الداخل , بما يتوفر معه البعد الأيدلوجى للأمن القومى والمتمثل فى وجوب مواجهة أية تهديدات أمنية داخلية أو خارجية , فواجهت الجهة الإدارية هذا التهديد بمجموعة من الإجراءات بدأت بعقد اجتماع للجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء يوم الخميس الموافق 20/1/2011 بالقرية الذكية استعرضت الإجراءات المختلفة فى عدة قطاعات والمطلوب إتباعها استعداداً لأحداث 25/1/2011 وتشكيل غرفة عمليات لتعمل 24 ساعة يومياً طوال الأحداث تشارك فيها الجهات المشار إليها سلفاً , وتشمل الإجراءات قطع خدمات الاتصالات للمحمول والإنترنت فى مواقع مختلفة بالجمهورية إذا دعت الحاجة لذلك طبقا للتقييم الأمنى فى حينه فى حالة تعرض الأمن القومى للخطر , فقام وزير الداخلية / حبيب العادلى بصفته المسئول عن تحديد تعرض الأمن القومى داخل البلاد للخطر من عدمه بحكم طبيعة عمله بإصدار قراره وتعليماته المشددة بقطع خدمات الاتصال للهاتف المحمول وخدمات الإنترنت فى الأماكن والتوقيتات السالف بيانها وأخطرت غرفة العمليات والمشاركة فيها الجهات الأمنية المذكورة سلفاً ولم تعترض أى من هذه الجهات الأمنية على قرار وزير الداخلية , بما تكشف منه بجلاء للمحكمة أن قرار قطع خدمات الاتصال للهواتف النقالة وشبكة المعلومات الدولية كان مبعثه توقى خطورة قد تصيب الأمن القومى ولم تعترض عليه مجموعة العمل المشكلة من الجهات الأربع الأخرى الموجودة بغرفة العمليات بمبنى سنترال رمسيس والتى تعمل على مدار اليوم كاملاً , ومما دعم فى عقيدة المحكمة أن القطع لخدمة الهواتف النقالة وشبكة المعلومات الدولية كان مبعثه خطورة على الأمن القومى ما شهد به فى هذا النطاق الدكتور مهندس /عمرو بدوى محمود صدقى الرئيس التنفيذى للجهاز القومى للاتصالات إبان أحداث يناير 2011 من قانونية قطع الخدمات وفقاً للمادة (67) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 وأنه قد سجلت على مستوى العالم العديد من حالات قطع ذات الخدمة كمنطقة سان فرانسيسكو بأمريكا عقب قطعها بمصر ولم يحاكم أحد بشأن ذلك , ونفى أن يكون قطع خدمة الاتصالات قد أثر على إغاثة المرضى لعمل الهواتف الثابتة فى تلك الفترة بكفاءة , وأنه رغم القطع فإنه كانت تتوفر خاصية الاتصال من خلال القمر الصناعى مباشرة والمعروفة بهاتف الثريا والذى يعمل على شبكة المحمول حينما يتوفر نطاق التغطية وعندما ينعدم يعمل الهاتف على القمر الصناعى مباشرة ( هذا وقــد تم الطعن على الحكم المذكــــــور أمام محكمـــة النقض  بالطعن رقم 655

لسنة 85 القضــــائية والتى قضت بجلسة 4 يوينو سنة 2015 بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فى هذا الشق منه . )

        ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه قد ثبت بما لا يدع مجالا للشك – بمقتضى حكم محكمة الجنايات فى الجناية رقم 1227 لسنة 2011 جنايات قصر النيل والمقيدة برقم 57 لسنة 2011 كلى وسط القاهـــرة والمؤيد بحكم محكمة النقض فى الطعن رقم 655 لسنة 85 القضائية – أن السبب الذى أقامت عليه الجهة الإدارية قرارها محل طلب التعويض بقطع خدمات الاتصالات للهاتف المحمول وخدمات الإنترنت فى الأماكن والتوقيتات المشار إليها سلفا جاء مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه مادياً وقانوناً مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على الأمن القومى للبلاد بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأيدلـــــوجية والجغرافية , لما مثلته الأحداث التى مرت بها البلاد خلال فترة أحــــداث يناير

2011 من محاولات بعض القوى الداخلية والخارجية المساس بتماسك الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى والوحدة الوطنية , وتحقيق أطماع بعض القوى الإقليمية فى الدولة , والمساس بهيبة الدولة على المستوى الداخلى والإقليمى , والتقليل من قدرتها على إيجاد التوازن الاستراتجى العسكرى والردع الدفاعى على المستوى الإقليمى , وإشاعة الفوضى على المستوى الداخلى , وما يؤدى إليه كل ذلك من المساس بقدرة الدولة على الحفاظ على حدودها السياسية وفرض سيادتها على إقليم الدولة ( براً وبحراً وجواً ) والممرات المائية المارة بها مثل قناة السويس هذا الشريان الذى يربط العالم شماله بجنوبه والعكس , وهو الأمر الذى تتأكد منه مشروعية الغاية من القرار محل طلب التعويض لما اقتضته التهديدات المشار إليها من تغليب المصلحة العامة على أى مصالح فردية أو خاصة لتعلق الأمر بالحافظ على كيان الدولة ووجودها وأمنها القومى وأمن جمـــوع المواطنين على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم , الأمر الذى كان لازمه صدور القرار على نحو ما صدر به كتدبير من التدبير التى يمكن اتخاذها , ومن ثم يضحى القرار المشار إليه مشروعاً ومتفقاً مع صحيح حكم القانون , الأمر الذى ينتفى معه الركن الأول والأهم من أركان المسئولية الإدارية وهو ركن الخطأ , مما لا تكون معه هناك أى حاجة لبحث باقى أركان المسئولية من ضرر وعلاقة السببية , ويغدو معه طلب التعويض والحال كذلك غير قائم على سند صحيح من القانون جديراً برفضه , وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون حرياً بالإلغاء والقضاء مجدداً برفض طلب المدعين القضاء لهم بالتعويض عن الأضرار التى لحقت بهم من جراء قطع خدمات الاتصـــالات وخدمات الإنترنت لعدم قيامه على سند صحيح من القانون .

        ولا يغير مما تقدم ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن السبب الحقيقى للقرار يتمثل فى حماية النظام القمعى المتسبب فى الإفقار وتكبيل الحريات والنهب المنظم لثروات مصر , وأن هناك فارقاً شاسعاً بين الدولة والنظام , وأن ما يهدد الدولة هو ما يتعين مواجهته بالإجراءات المقررة بقانون تنظيم الاتصالات لتعلق حماية الدولة بمقتضيات واعتبارات الأمن القومى , بينما لا تجوز مواجهة ما يهدد النظام من مطالبات سلمية بإجراءات قطع الاتصالات والإنترنت إذ لم تتقرر تلك الإجراءات الاستثنائية الماسة بالحقــــوق والحريات العامة ( ومنها

حرية الاتصال ) لحماية النظام , والثابت بيقين أن القرار قد صدر لحماية النظام والحفاظ على بقاء رئيس الجمهورية الحاكم للنظام وحكومة الحزب الحاكم التى شاركت الحاكم رعاية الفساد السياسى ورعت المفســـــدين وأهدرت المال العـام وانتهكت الحريات العــــامة ويمثل حنثاً من مصدريه بالقسم المقرر دستورياً الذى أداه كل منهم حال توليه أعباء وظيفته منطوياً بذلك على خيانة للأمانة السياسية مرتباً مسئوليته سياسياً فضلاً عن المساءلة الجنائية التى يؤثمها كل من قانون محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء وقانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية ويعدم القرار بما يخرجه من حظيرة المشروعية وبالتالى يتوفر ركن الخطأ , فذلك مردود عليه بما ثبت للمحكمة بيقين على نحو ما تقدم من وجود تهديدات للأمن القومى استوجبت صدور القرار المشار إليه على نحو ما صدر به كتدبير من التدابير التى يمكن اتخاذها لحماية الأمن القومى والحفاظ على كيان الدولة ووجودها , فضلاً عن ذلك فإن عيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها هو من العيوب القصدية , قوامه أن يكون لدى الإدارة قصد إســـــاءة استعمال

السلطة , وهذا العيب لا يفترض وإنما يتعين على من يدعيه إقامة الدليل عليه لتعلقه بالغاية من القرار , وإذ لم يقدم المدعون ( المطعون ضدهم ) أى دليل على أن جهة الإدارة أصدرت هذا القرار بباعث من هوى أو تعد أو أنتقام , ومن ثم فلا قيام لعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها , مهما تكن الأضرار التى تصيب المصلحة الفردية من القرار المشار إليه .

ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته طبقاً لحكم المادة (184) من قانون المرافعات .

” فلهــــــــــذه الأســــــــــباب “

 

************

حكمت المحكمة : بقبول الطعون شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى أولاً وسادساً منه , والقضاء مجدداً بما يأتى :

أولاً : بعدم قبول تدخل محمد إبراهيم العتر تدخلا هجومياً فى الدعوى , وإلزامه مصروفات تدخله عن درجتى التقاضى .

سادساً : بقبول طلب التعويض شكلاً , ورفضه موضوعاً , وإلزام المطعون ضدهم من الأول إلى الثالث فى الطعـــون الأربعة مصروفات هذا الطلب عن درجتى التقاضى .

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV