برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد ماهر أبو العينين، وعبد العزيز أحمد حسن محروس، وصلاح شندي عزيز تركي، ود. مجدي صالح يوسف الجارحي.
نواب رئيس مجلس الدولة
الدفع بعدم الاختصاص- من الأصول القضائية أن الاختصاصَ الولائي لأيَّةِ محكمةٍ يُعَدُّ من النظام العام، إذ إن توزيعَ ولاية القضاء بين جهتيه من المسائل وثيقة الصلة بأسس النظام العام القضائي، فالنظر في مدى اختصاصِ المحكمة بنظر النـزاع هو من المسائل الأولية والأساسية، التي يتعينُ عليها أن تفصلَ فيها من تلقاء نفسها، دون حاجةٍ إلى دفعٍ بذلك من أحدِ الخصوم، وقبل أن تتصدَّى للفصل في أي دفعٍ شكلي أو موضوعي، ومن بابِ أولى قبل التصدي لموضوع النـزاع- لا يَستمِدُّ القضاءُ ولايةَ الفصل في موضوع النـزاع، وفيما يتفرعُ عنه من دفوع شكلية أو موضوعية، إلا من إسنادِ ولايةِ الفصل في الموضوع إليه بمقتضى الدستور.
معهد البحوثِ والدراساتِ العربية- لا يُعَدُّ هذا المعهدُ من الجهاتِ الإداريةِ التابعةِ للدولة المصرية- المنازعات القضائية التي تكونُ تلك المنظمةُ (جامعة الدول العربية)، أو أيٌّ من المنظماتِ المتخصصة التابعة لها، أو أيٌّ من الوحداتِ أو المعاهد التابعة لتلك المنظماتِ (ومنها المعهد المذكور) طرفًا فيهَا، تخرجُ عن اختصاصِ محاكم مجلسِ الدولة- تقضي المحكمةُ في مثلِ هذه المنازعاتِ بعدم الاختصاصِ الولائي، دونَ إحالة.
– المادة (190) من دستور 2014.
– المادة (109) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
– المادة (1) من القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأنِ تنظيم المعاهد العالية الخاصة.
في يوم الإثنين الموافق 2/9/2013 أودعَ وكيلُ الطاعنِ قلمَ كُتَّابِ هذه المحكمةِ تقريرًا بالطعن، قُيِّدَ بجدولها برقم 38352 لسنة 59 القضائية عليا، وذلك طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 43002 لسنة 65ق بجلسة 23/6/2013، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلبَ الطاعنُ -للأسبابِ التي أوردها بتقريرِ الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مُجَدَّدًا بطلبات الطاعن الواردة بأصل صحيفة الدعوى المطعون على حكمها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأعدَّت هيئةُ مفوضي الدولةِ تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكمَ بعدم قبول الطعن شكلا لإقامته بعد الميعاد المقرر قانونًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتُدُووِلَ نظرُ الطعنِ أمامَ دائرةِ فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة السابعة)، ثم أمامَ هذه المحكمةِ على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت هذه المحكمةُ حجزَ الطعن للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكمُ، وأودعت مُسوَّدته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن الطاعنَ يطلبُ الحكمَ بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مُجَدَّدًا بإلغاء القرار السلبي المطعون فيه بامتناع المعهد المطعون ضده عن تحديدِ موعدٍ لمناقشةِ رسالة الماجستير المقدَّمة منه (أي الطاعن)، مع ما يترتبُ على ذلك من آثار، أخصُّهَا مدُّ مدةِ الرسالة وتشكيل لجنة للمناقشة والحكم على الرسالة، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وحيث إنه من الأصول القضائية العامة المسلَّم بها أن الاختصاصَ الولائي لأيَّةِ محكمةٍ قضائية يُعَدُّ من النظام العام، ويكونُ مدى اختصاصِهَا بالنـزاع المطروح عليها من المسائل الأولية والأساسية، التي يتعينُ عليها أن تفصلَ فيها من تلقاء نفسها، دون حاجةٍ إلى دفعٍ بذلك من أحدِ الخصوم، على نحوٍ يكفلُ ألا تقضي المحكمةُ في الدعوى أو في شقٍّ منها، في حين أن النـزاعَ برمته مِمَّا يخرجُ عن نطاقِ اختصاصها الولائي المقرَّر قانونًا؛ إذ إن توزيعَ ولاية القضاء بين جهتيه من المسائل وثيقة الصلة بأسس النظام القضائي، مِمَّا يُعَدُّ من أوليات النظام العام، ومن ثمَّ يتعينُ على القضاءِ -بِحُسبَانِهِ أمينًا على النظام العام- أن يتصدَّى له من تلقاءِ ذاته، حتى ولو غَفَلَ ذوو الشأنِ عن الدفع به، وذلك قبل أن يتصدَّى للفصل في أي دفعٍ شكلي أو موضوعي، ومن بابِ أولى قبل تصديه للفصل في موضوع النـزاع؛ إذ لا يَستمِدُّ القضاءُ ولايةَ الفصل في موضوع النـزاع -وفيما يتفرعُ عنه من دفوع شكلية أو موضوعية- إلا من إسنادِ ولايةِ الفصل في الموضوع إليه بمقتضى الدستور.
وحيث إن الدستورَ المصري الحالي الصادر في يناير سنة 2014 ينصُّ في المادة (190) على أن: “مجلس الدولة جهةٌ قضائيةٌ مستقلةٌ يختصُّ دون غيرِهِ بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختصُّ بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية،… ويُحَدِّدُ القانونُ اختصاصاته الأخرى”.
وتنصُّ المادة (109) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن: “الدفع بعدم اختصاصِ المحكمةِ لانتفاءِ ولايتها أو بسببِ نوع الدعوى أو قيمتها تحكُمُ به المحكمةُ من تلقاءِ نفسها. ويجوزُ الدفعُ به في أيَّةِ حالةٍ كانت عليها الدعوى”.
وحيث إن القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأنِ تنظيم المعاهد العالية الخاصة ينصُّ في المادة (1) منه على أنه: “يعتبرُ معهدًا عاليًا خاصًّا في تطبيقِ أحكامِ هذا القانونِ كلُّ مُنشأةٍ تعليمية…
ولا يعتبرُ معهدًا عاليًا خاصًّا:
(أ) المراكزُ والمعاهدُ الثقافية التي تُنشِئُهَا الدولُ الأجنبية أو الهيئات الدولية في الجمهورية العربية المتحدة وفقًا لمعاهدات ثقافية.
(ب) المعاهدُ الخاصة التي يقتصر التعليم فيها على أبناءِ العاملين في هيئاتِ التمثيل الدبلوماسي والقنصلي”.
وحيث إنه لَمَّا كان ما تقدم، وكان معهدُ البحوثِ والدراسات العربية المطعون ضده -طبقًا لِمَا جاءَ بدليلِ المعهد المقدَّم بحافظةِ مستندات المعهد أمامَ محكمةِ أول درجةٍ بجلسة 22/4/2012- قد أُنْشِئَ بقرارٍ من مجلسِ جامعةِ الدولة العربية في 23/9/1952، وبَدَأَ العملُ فيه فعلا في 1/11/1953، وبقيامِ المنظمةِ العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1970 كإحدى المنظماتِ المتخصصة في إطارِ جامعةِ الدولِ العربية، تمَّ نقلُ تبعيةِ المعهد للمنظمةِ مع غيرِهِ من الأجهزةِ الثقافية بالجامعةِ، بناءً على قرارٍ من الأمينِ العام للجامعة بتاريخ 10/9/1970.
ومن ثمَّ وترتيبًا على ما تقدَّمَ لا يكونُ المعهدُ المطعون ضده من الجهاتِ الإدارية التابعةِ للدولةِ المصرية، التي تدخلُ في نطاقِ السلطةِ الولائية القضائية لمحاكمِ مجلسِ الدولة، حيثُ يتبعُ المعهدُ المشار إليه جامعةَ الدولِ العربية، وهي منظمةٌ دولية عربية، ومن ثمَّ تكونُ محاكمُ مجلس الدولة غيرَ مختصةٍ ولائيًّا بنظرِ أيَّة منازعاتٍ قضائية تكونُ تلك المنظمةُ أو أيٌّ من المنظماتِ المتخصصة التابعة لها أو أيٌّ من الوحداتِ أو المعاهد التابعة لتلك المنظماتِ طرفًا فيهَا؛ حيثُ لا تخضعُ تلك المنظمةُ والكياناتُ المعنوية التابعة لها لسيادةِ الدولة المصرية، وذلك فيما يتعلقُ بالقرارات التي تصدرُ عنها، وهو ما يتعينُ معه القضاءُ بعدمِ اختصاصِ محاكمِ مجلسِ الدولة بنظرِ النـزاعِ الماثل.
وحيثُ إن الحكمَ المطعون عليه قد خالفَ هذا النظرَ، فإنه يكونُ قد خالفَ صحيحَ حكمِ القانون، مِمَّا يتعينُ معه القضاءُ بإلغائِهِ، والقضاء مُجَدَّدًا بعدمِ اختصاصِ محكمةِ القضاءِ الإداري ولائيًّا بنظرِ الدعوى رقم 43002 لسنة 65 ق، وهو ما تقضي به هذه المحكمةُ، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مُجَدَّدًا بعدم اختصاصِ محكمةِ القضاءِ الإداري ولائيًّا بنظرِ الدعوى رقم 43002 لسنة 65ق.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |