برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد عبد الغني حسن
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضـويــة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ محمد منير السيد جويفل والسيد محمد السيد الطحان ورمزي عبدالله محمد أبو الخير وغبريال جاد عبد الملاك وأحمد أمين حسان والصغير محمد محمود بدران وفريد نزيه حكيم تناغو وسعيد أحمد محمد برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ويحيى أحمد راغب دكروري.
نــواب رئيس مجلس الدولة
……………………………………………………………….
(أ) قانون– تفسير– تكامل نصوص القوانين- تشكل نصوص التشريعات المختلفة منظومة تشريعية، تفرز نسيجا قانونيا واحدا، تتكامل نصوصه، فيكمل بعضها بعضا، ولا تتصادم أو تتعارض– إعمال النصوص خير من إهمالها.
(ب) قانون– تفسير– النص الخاص والنص العام- يتقيد القانون العام بالقانون الخاص ولو كان القانون الخاص أقدم في الصدور– لا يؤخذ النص القانوني العام بعموم ألفاظه دون الأخذ بعين الاعتبار النص القانوني الخاص، ولو كان هذا الأخير أقدم في الصدور([1]).
(ج) دعوى– لجان التوفيق في بعض المنازعات- يجب عرض طلبات الإلغاء التي لا يجوز طلب وقف تنفيذها على لجان التوفيق، ولو اقترنت بطلبات وقف تنفيذ(([2]– لا يجوز أخذ عموم نص المادة (11) من القانون رقم (7) لسنة 2000 على عمومه، دون الأخذ بعين الاعتبار أحكام قانون مجلس الدولة؛ باعتباره قانونا خاصا بإجراءات التقاضي أمام محاكمه، يقيد ما ورد في ذلك القانون من أحكام- القول بخلاف ذلك يجعل اختصاص المحاكم بنظر ما يقام أمامها من دعاوى رهينا بإرادة رافعيها، ويفتح الباب أمام تحايلهم على أحكام قانون مجلس الدولة، إن شاءوا أعملوها أو أهملوها.
(د) دعوى– لجان التوفيق في بعض المنازعات- مدى وجوب عرض طلبات التعويض المرتبطة بطلبات الإلغاء ووقف التنفيذ عليها- يطبق على طلبات التعويض عن القرارات الإدارية ما يطبق على طلبي وقف التنفيذ والإلغاء من حيث اللجوء إلى لجان التوفيق المشكلة طبقا لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000؛ حتى لا تتبعض المنازعة ولا تتجزأ.
في يــــوم الاثنين الموافق 22 من أغسطس عــــام 2005 أودع الأســـتاذ / … المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعنة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد برقم 23182 لسنة 51 ق.ع ، مختصما المطعون ضدهما بصفتيهما، وانتهى إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 26/6/2005 الذي قضى بعدم قبول الدعوى، وإلزام المدعية المصروفات؛ تأسيسا على الأسباب التي أوردها بتقرير الطعن.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها بهيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد حددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 12/1/2009، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها. وبجلسة 12/10/2009 تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة 23/11/2009، وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقا للمادة رقم (54 مكررا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972؛ للعدول عن المبدأ الذي قررته هذه الدائرة بحكمها الصادر بجلستها المنعقدة في 10/5/2008 في الطعن رقم 13762 لسنة 49 ق.ع، باستثناء طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، سواء تلك الواجب التظلم منها أو القرارات التي لا يجب التظلم منها من الخضوع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها، تأسيسا على أن عبارات المادة الحادية عشرة من هذا القانون جاءت صريحة وعامة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة بدائرة توحيد المبادئ تقريرا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بأن طلبات إلغاء القرارات الإدارية التي يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى المقترنة بطلبات وقف التنفيذ تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات.
وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 2/1/2010، وتم تداوله بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حتى حجز للحكم بجلسة 5/6/2010، ومد أجل النطق به لجلسة 3/7/2010، وفيها أعيد إلى المرافعة بجلسة 2/10/2010 لتغير التشـكيل، وبجلسة 6/11/2010 تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مُسَودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تجمل – حسبما يتضح من الأوراق – في أنه بتاريخ 22/8/2005 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 15422 لسنة 56 ق أمام محكمة القضاء الإداري، طالبة في ختامها: الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن ترقيتها بالقرار رقم 450 لسنة 1999، وأحقيتها في الترقية إلى الدرجة الثانية اعتبارا من 28/2/1999، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكــرت شرحا لدعواها أنها عينت بوظيفة (مدرس) بمدرسة الأهرام الثانوية التجارية في 1/1/1986، وتقارير كفايتها بمرتبة (ممتاز) ، وفوجئت بصدور القرار رقم (450) لسنة 1999 في 28/2/1999 بترقية زملاء لها إلى الدرجة الثانية، خاليا من اسمها، فتظلمت من هذا القرار، ولم تتلق ردا، الأمر الذى حداها على إقامة دعواها، حيث تتوفر في حقها جميع الشرائط المتطلبة قانونا لترقيتها.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، ارتأت فيه: أصليا: الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم (7) لسنة 2000. واحتياطيا: الحكم بإلغاء القرار الطعين فيما تضمنه من تخطي الطاعنة في الترقية إلى الدرجة الثانية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتم تداول الدعوى بجلسات محكمة القضاء الإداري حتى أصدرت حكمها بجلستها المنعقدة في 26/6/2005 بعدم قبول الدعوى. وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن الطاعنة تطلب الحكم بإلغاء القرار المشار إليه فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى الدرجة الثانية، وهو من القرارات الواجب التظلم منها قبل رفع الدعوى، ومن ثم فهو من القرارات التي لا يجوز وقف تنفيذها، ومن ثم يخضع لاختصاص لجان توفيق المنازعات، ولا يندرج ذلك ضمن الاستثناء الوارد بالمادة الحادية عشرة من القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه.
ومن حيث إن الطعن يستند إلى مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه؛ لأسباب حاصلها أن الدولة من منطلق حرصها على تبسيط إجراءات حصول المتخاصمين معها على حقوقهم؛ وبمراعاة إرادة طرفي الخصومة؛ ودون المساس بحق التقاضي الذى يكفله الدستور في المادة (68) منه؛ أصدرت القانون رقم (7) لسنة 2000 الذي قضت المادة الحادية عشرة منه باستثناء المسائل التي يختص بها القضاء المســـتعجل، ومنازعــــات التنفيذ، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، من اللجوء إلى اللجان المختصة بالتوفيق. وقد جاء هذا النص عاما دون أن يخصصه مخصص، ويتعين تفسيره على هذا الأساس، وبالنظر إلى الهدف من إصدار القانون المشار إليه، وإلا كان تفسـيره على خلاف ما تقدم خروجا على قواعد التفسير، وتحميلا للنص بما لم يُرده المشرع، ويجعله مخالفا للقانون. وإذ جاء طلب إلغاء القرار الطعين مقترنا بطلب وقف التنفيذ، فإنه يندرج ضمن الاستثناء المقرر بالمادة المشار إليها.
ومن حيث إن المسألة المطروحة على هذه الدائرة قد حددتها دائرة فحص الطعون بالدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة في 23/11/2009 بإحالة هذا الطعن إلى هذه الدائرة للعدول عما ذهبت إليه بحكمها الصادر بجلستها المنعقدة في 10/5/2008 باستثناء طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، سواء التي يجب التظلم منها أم التي لا يجب التظلم منها، من الخضوع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه، ومن ثم تكون الدعاوى المشار إليها المقامة دون اللجوء إلى لجان التوفيق مقبولة.
ومن حيث إن هذه الدائرة في حكمها الصادر في 10/5/2008 قد ذهبت إلى أن: “المشرع استثنى من الخضوع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه بعض المسائل، ومن بينها طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ. وقد جاء ذلك في عبارة صريحة لا لبس فيها أو غموض، بحيث تنصرف إلى كافة القرارات، سواء تلك الواجب التظلم منها أو القرارات التي لا يجب التظلم منها، فالعبرة في هذا الصدد هي أن يتضمن طلب إلغاء القرار الإداري طلبا بوقف تنفيذه، مما يخرجه حينئذ من عداد المسائل التي تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000…”.
ومن حيث إن المادة (10) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972 تنص على أن: “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية : أولا- …
ثالثا- الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات.
رابعا- الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي.
تاسعا- الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية…”.
وتنص المادة (12) من قانون مجلس الدولة المشار إليه على أن: “لا تقبل الطلبات الآتية: (أ) … (ب) الطلبات المقدمة رأسا بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود (ثالثا) و (رابعا) و(تاسعا) من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية، وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم”.
وتنص الفقرة الثانية من المادة (49) من قانون مجلس الدولة على أنه: “… وبالنسبة إلى القرارات التي لا يقبــل طلب إلغائها قبل التظلـم منها إداريا لا يجوز طلب وقف تنفيـــذها…”.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع قد حدد على سبيل المثال وليس الحصر بعض المسائل التي تختص محاكم مجلس الدولة على اختلاف أنواعها ودرجاتها بنظرها والفصل فيها، ومنها القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو إنهاء الخدمة، وكذا القرارات التأديبية. واختص هذه النوعية من القرارات الإدارية بضرورة التظلم منها إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو الجهة الرئاسية لها خلال المواعيد وبالإجراءات المحددة في المادة (24) من قانون مجلس الدولة. ورتب على عدم سابقة التظلم قبل إقامة الدعوى جزاء عدم قبولها. كذلك قرر المشرع أن هذه القرارات لا يجوز أن يطلب وقف تنفيذها، أي أن الطعن عليها يكون بالإلغاء فقط دون وقف التنفيذ، فإذا ما أقيمت الدعوى مشتملة على طلب وقف التنفيذ يغدو هذا الطلب غير مقبول.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها تنص على أن: “ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة”.
وتنص المادة الرابعة من ذلك القانون على أنه: “عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربى أو أي من أجهزتها طرفا فيها، وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية، أو يتفق على فضها عن طريق التحكيم؛ تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه” .
وتنص المادة الحادية عشرة منه على أن: “عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ، والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ؛ لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة، وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وفقا لحكم المادة السابقة”.
ومن حيث إنه باستقراء النصوص المتقدمة يبين أن المشرع في سبيل تحقيق العدالة الناجزة التي تيسر لذوي الشأن الحصول على حقوقهم في أقرب وقت ممكن ودون تحميلهم بأعباء مالية قد تثقل كاهلهم، ومن ناحية أخرى لتخفيف العبء عن القضاة، أصدر القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان للتوفيق في بعض المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية الواردة بالمادة الأولى والعاملين بها، أو غيرهم من الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة، وذلك أيا كانت طبيعة تلك المنازعات. ورتب أثرا على عدم الالتزام باللجوء إلى تلك اللجان، هو عدم قبول الدعاوى التي تقام مباشرة أمام المحكمة، بيد أنه أخرج من الخضوع لأحكام هذا القانون منازعات بعينها، مثل التي وردت بالمادة الرابعة التي تتسم الجهات الإدارية أطراف الخصومة فيها بطبيعة خاصة، مثل وزارة الدفاع والإنتاج الحربى والأجهزة والجهات التابعة لها، أو تلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية لطبيعتها الخاصة التي قد تستعصي على حلها عن طريق اللجان التي شكلها القانون، أو غيرها من المنازعات التي أفرد لها المشرع تنظيما خاصا لفضها أو تسويتها، إما عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو هيئات التحكيم. وفضلا عن ذلك فإنه أخرج من الخضوع لأحكام هذا القانون نوعا آخر من المنازعات، وهي التي ورد النص عليها في المادة (11) المشار إليها، ومن ثم من الإلزام باللجوء إلى تلك اللجان؛ لطبيعة هذه المنازعات التي لها صفة الاستعجال ، فهي جميعها تندرج ضمن المسائل المستعجلة التي يتعين الفصل فيها على الفور، دون انتظار المواعيد المقررة في القانون رقم (7) لسنة 2000، بل في آجال أقرب منها؛ حرصا على مصلحة أصحاب الشأن، وهو ما يتفق والغاية التي ابتغاها المشرع من إصدار القانون المشار إليه. وقد تضمنت هذه المنازعات أو المسائل طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ؛ لما تتسم به من طبيعة مستعجلة؛ لأن ركني قبول طلب وقف التنفيذ هما الجدية والاستعجال، فإذا ما انتفى أحدهما بات الطلب غير مقبول.
ومن حيث إن نصوص التشريعات المختلفة تشكل في النهاية منظومة تشريعية، تفرز نسيجا قانونيا واحدا، تتكامل نصوصه فيكمل بعضها بعضا، ولا تتصادم أو تتعارض، بما يؤدى إلى إنزال القاعدة الأصولية في التفسير من أن إعمالَ النص خيرٌ من إهماله. وإنه تطبيقا لذلك: فلئن كان القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه قد أخرج الطلبات المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ من عـداد المنازعات الخاضعة لأحكامه، فإنه التزاما بأحكام قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972 بوصفه القانون الخاص والمنظم لإجـــــراءات التقاضي أمام محــــاكم مجلس الدولة بمختلف درجاتها وتنوع اختصاصاتها، والتي لا تجيز هذه الأحكام طلب وقف تنفيذ القرار الإداري على استقلال، دون أن يقترن بطلب الإلغاء، حسبما أوردت الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون مجلس الدولة، وإذ كان ما تقدم فإنه يتعين الرجوع إلى أحكام قانون مجلس الدولة للوقوف على القرارات الإدارية التي من الجائز طلب وقف تنفيذها، وتلك التي لا يجوز طلب وقف التنفيذ في شأنها على وفق ما أبانته الفقرة الثانية من المادة (49) المشار إليها، وهي تلك التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها على وفق المادة (24) من قـــانون مجلس الدولة، وبعبـارة أخرى فإن القرارات التي يتعين التظلم منها قبل رفع الدعوى لا يجوز أن يطلب وقف تنفيذها أمام محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه يتعين عند تطبيق حكم المادة الحادية عشرة من القانون رقم (7) لسنة 2000 المشار إليه ألا يؤخذ على عمومه بمراد ألفاظه، كما ذهبت هذه الدائرة في حكمها بجلسة 10/5/2008، بل أن يتم تفسيره مع الأخذ بعين الاعتبار أحكام قانون مجلس الدولة؛ لكونه – كما سلف بيانه – قانونا خاصا بإجراءات التقاضي أمام محاكمه، يقيد ما ورد في القانون رقم (7) لسنة 2000 من أحكام؛ لكونه يعد قانونا عاما بالنسبة إلى المحاكم على مختلف أنواعها، مدنية وتجارية وإدارية وغيرها، بحيث يتكامل القانونان ولا يتعارضان؛ لأن تطبيق حكم المادة الحادية عشرة من القانون رقم (7) لسنة 2000 على وجه مستقل وبمعزل عن أحكام قانون مجلس الدولة يؤدي إلى إهمال أحكام القانون الأخير وعدم إعمالها، فضلا عن جعل اختصاص محاكمه في نظر ما يقام أمامها من دعاوى رهينا بإرادة رافعها، دون الالتزام بالفهم السليم والتطبيق الصحيح لأحكام قانون مجلس الدولة، وعدم تغليب رغبة المشرع وهدفه من عدم جواز طلب وقف تنفيذ القرارات الإدارية التي يجب التظلم منها قبل اللجوء إلى المحكمة، بالإضافة إلى التحايل على هذا الحكم من قِبل صاحب الشأن، إن شاء أعمله وإن شاء أهمله.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه يتعين تفسير عبارة: “طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ” الواردة بالمادة الحادية عشرة من القانون رقم (7) لسنة 2000، والتي لا يلزم فيها اللجوء إلى اللجان التي نص عليها هذا القانون قبل إقامة الدعوى بأنها: القرارات الجائز طلب وقف تنفيذها طبقا لأحكام قانون مجلس الدولة فقط، أما غيرها من القرارات الإدارية التي لا يقبـل طــلب وقـف تنفيذها فإنها تظـل خاضعـــة لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000، ويتعين اللجوء في شأنها إلى اللجان المختصة قبل اللجوء إلى المحكمة، وإلا أضحت غير مقبولة، حتى ولو اقترنت بطلب وقف تنفيذ؛ وذلك إعمالا لصريح نص المادة الحادية عشرة المشار إليها.
ومن نافلة القول أن طلبات التعويض عن القــــرارات الإدارية يسري في شــأنها ما يسري على طلبي وقف التنفيذ والإلغـاء من حيث اللجوء إلى اللجان المشكلة طبقا للقانون رقم (7) لسنة 2000؛ حتى لا تتبعض المنازعة ولا تتجزأ في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه فإنه يكون متعينا العدول عن المبدأ الذي قضت به هذه الدائرة في الطعن رقم 13762 لسنة 49 ق. ع بجلستها المنعقدة في 10/5/2008، والقضاء بأن طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلب وقف التنفيذ، الواجب التظلم منها، تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000.
حكمت المحكمة بأن طلبات إلغاء القرارات الإدارية التي يتعين التظلم منها قبل رفع الدعوى، والتي لا يجوز طلب وقف تنفيذها طبقا لحكم الفقرة الثانية من المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972، تخضع لأحكام القانون رقم (7) لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، ولو اقترنت بطلب وقف التنفيذ. وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه في ضوء ذلك.
([1]) بينت الدائرة في حكم سابق أنه ولئن صح أن القواعد الأصولية في التفسير تقتضي تقديم النص الخاص على النص العام، إلا أنه ينبغي أن تراعى دائما علة تشريع النص الخاص، فإن تخلفت تعين تنحية النص الخاص، واتباع الحكم العام؛ بحسبانه أقرب إلى تحقيق قصد المشرع، وإلا انقلب النص الخاص وبالا على من تقرر لمصلحتهم، وهو ما ينافي قصد المشرع. راجع حكمها في الطعن رقم 294 لسنة 39 القضائية عليا بجلسة 6/6/2001 (منشور بهذه المجموعة برقم 49/ج).
([2]) عدَلت المحكمة في هذا الحكم عن المبدأ الذي سبق وقضت به في الطعن رقم 13762 لسنة 49 ق.ع بجلستها المنعقدة في 10/5/2008 (منشور بهذه المجموعة برقم 74/ب)، حيث كانت قد انتهت إلى أن المشرع استثنى من الخضوع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بعض المسائل، ومن بينها طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، وجاء ذلك في عبارة صريحة لا لبس فيها أو غموض، بحيث تنصرف إلى كافة القرارات، سواء تلك الواجب التظلم منها قبل رفع الدعوى والقرارات التي لا يجب التظلم منها، فالعبرة في هذا الصدد بأن يتضمن طلب إلغاء القرار الإداري طلبا بوقف تنفيذه، بما يخرجه حينئذ عن عداد المسائل التي تخضع لأحكام القانون.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |