مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 27412 لسنة 52 القضائية (عليا)
أبريل 4, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 23182 لسنة 51 القضائية (عليا)
أبريل 4, 2020

الطعن رقم 19041 لسنة 53 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 5 من يونيه سنة 2010

الطعن رقم 19041 لسنة 53 القضائية (عليا)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسيني عبد المجيد

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضـويــة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين/ محمد منير السيد جويفل والسيد محمد السيد الطحان ورمزي عبد الله محمد أبو الخير وغبريال جاد عبد الملاك وأحمد أمين حسان وعصام الدين عبد العزيز جاد الحق وسعيد أحمد محمد حسين برغش ويحيى أحمد راغب دكروري وحسين علي شحاتة السماك وحسن كمال محمد أبو زيد شلال.

نواب رئيس مجلس الدولة

………………………………………………………………

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى– دعوى الإلغاء- طبيعتها- حجية الحكم الصادر فيها ومقتضى تنفيذه- دعوى إلغاء القرارات الإدارية تندرج ضمن الدعاوى العينية، الخصومة فيها قوامها مشروعية القرار الطعين- الحكم الصادر بالإلغاء حجة على الجميع، ويكشف عن عدم سلامة القرار المقضي بإلغائه وإعدامه من يوم صدوره- تغدو أية دعاوى تقام طعنا على القرار نفسه مستهدفة القضاء بإلغائه غير ذات موضوع؛ إذ لا مصلحة لمن يقيمها؛ لسريان حكم الإلغاء في مواجهته بحسبانه من الجميع- هذا الأثر ينصرف إلى الحكم الصادر بإلغاء القرار الإداري إلغاء كاملا- إذا كان الحكم الصادر بإلغاء القرار الإداري إلغاء جزئيا، فإن الحجية لا تلحق سوى الشطر الذي قضي بإلغائه، بما لا يمنع أو يحول دون الطعن على الجزء الآخر بالإلغاء- الحجية التي تلحق بالحكم الصادر بالإلغاء ينحصر أثرها فيما تناوله الحكم في قضائه، ولا تمتد لتشمل غير ذلك من أمور- لا تتسع هذه الحجية لتندرج ضمنها قرارات أخرى سابقة أو لاحقة للقرار المقضي بإلغائه، أو للجزء الذي لم يُقضَ بإلغائه من القرار- لكل من القرارات الإدارية استقلاله وذاتيته الخاصة عن غيره من القرارات، ومن ثم يتعين الطعن عليه استقلالا، ولا يكون إلغاء القرارات اللاحقة أثرا من آثار الحكم بإلغاء قرار إداري– صدور حكم بإلغاء قرار إداري يفتح لصاحب المصلحة باب الطعن على القرارات اللاحقة بعد اتباع الإجراءات المقررة، وفي المواعيد المحددة قانونا- ترتيبا على ذلك: مقتضى تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء هو إعادة الحال إلى ما كان عليه وقت صدور القرار المقضي بإلغائه، والوقوف بالتنفيذ عند هذا الحد، دون أن يشمل ذلك أيا من القرارات اللاحقة، التي يتعين الطعن عليها استقلالا.

  • المادة (52) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972،

(ب) هيئة قضايا الدولة– شئون الأعضاء- أثر الحكم الصادر بإلغاء قرار التخطي في التعيين أو الترقية- يقف الأثر المترتب على الحكم الصادر بالإلغاء عند حد تنفيذ هذا الحكم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطعون عليه فقط، دون أن يمتد التنفيذ ليشمل تلقائيا القرارات اللاحقة عليه- بمقتضى ذلك الحكم ينفتح ميعاد الطعن على تلك القرارات من جديد بالإجراءات وفي المواعيد المحددة قانونا- لا يسوغ القول إن القرار الذي ثبتت عدم مشروعيته بالحكم الصادر بإلغائه هو الذي حال بين عضو الهيئة القضائية والتفتيش على أعماله- هذا القول مردود بأنه ينطوي على مساس بالمراكز القانونية المستقرة بغير أحكام قضائية واجبة النفاذ.

الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 17 من يوليو سنة 2007 أودع الأستاذ/… نائبا عن الأستاذ/… المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن، قيد برقم 19041 لسنة 53ق.عليا، مختصما فيه المطعون ضدهم بصفاتهم، انتهى إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرارات رئيس الجمهورية رقم (172) لسنة 1999 الصادر في 27/5/1999، ورقم (404) لسنة 2004 الصادر بتاريخ 9/12/2004، ورقم (238) لسنة 2006 الصادر في 1/7/2006، فيما تضمنته من تخطيه في الترقية إلى درجات (نائب) و (مستشار مساعد من الفئة ب) و (مستشار مساعد من الفئة أ) على التوالي، على أن يكون تاليا لزميله/… وسابقا على زميله/…، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وأوضح الطاعن شرحا لطعنه أنه عين في وظيفة (مندوب مساعد) بهيئة قضايا الدولة بقرار رئيس الجمهورية رقم (43) لسنة 2003 الصادر في 22/2/2003، ورقي إلى وظيفة (مندوب) بقرار رئيس الجمهورية رقم (208) لسنة 2003 بتاريخ 11/8/2003، ثم إلى وظيفة (محام) بقرار رئيس الجمهورية رقم (264) لسنة 2005 الصادر في 8/8/2005.

وأضاف أنه كان قد سبق له قبل تعيينه بالهيئة أن أقام الطعنين رقمي 9083 و 11039 لسنة 48ق.ع، طعنا على قرار رئيس الجمهورية رقم (129) لسنة 1995 الصادر بتاريخ 23/4/1995 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة (مندوب مساعد) بالهيئة. وأثناء نظر الطعنين أضاف طلبا بإرجاع أقدميته في وظيفة (مندوب مساعد) بالهيئة إلى تاريخ صدور القرار الطعين.

وبجلسة 20/5/2007 أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما لمصلحة الطاعن، قاضيا بإلغاء القرار الطعين رقم (129) لسنة 1995 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة (مندوب مساعد) بالهيئة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إرجاع أقدميته في وظيفة (مندوب مساعد) إلى تاريخ صدور هذا القرار. ومؤدى تنفيذ هذا الحكم أن ترد أقدميته في وظيفة (مندوب مساعد) إلى 23/4/1995 (تاريخ صدور القرار المقضي بإلغائه)، مع إرجاع أقدميته في درجة (مندوب) إلى 14/7/1996 (تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 229 لسنة 1996)، وإرجاع أقدميته في درجة (محام) إلى 31/7/1997 (تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 245 لسنة 1997 المتضمن ترقية كل من المعنيين بالقرار المقضي بإلغائه).

وقرر الطاعن أن الحكم الصادر لمصلحته -فضلا عما تقدم- يفتح له باب الطعن على قرارات رئيس الجمهورية بترقية نفس الزملاء إلى الدرجات التالية، حيث رقوا إلى درجة (نائب) بقرار رئيس الجمهورية رقم (172) لسنة 1999، وإلى درجة (مستشار مساعد من الفئة ب) بالقرار الجمهوري رقم (404) لسنة 2004، وإلى درجة (مستشار مساعد من الفئة أ) بالقرار الجمهوري رقم (238) لسنة 2006، ومن ثم تقدم بتظلمين إلى المطعون ضده الثالث في 15/7/2007، وإلى المطعون ضده الثاني في 16/7/2007، متضررا من تلك القرارات فيما تضمنته من تخطيه في الترقية إلى الدرجات المشار إليها.

وفي 23/11/2008 أعلن الطاعن المطعون ضدهم بصحيفة تعديل طلباته للحكم بما يلي:

(أولا) إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إرجاع أقدميته في درجة (مندوب) إلى 4/7/1996 (تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 129 لسنة 1996)، وفي درجة (محام) إلى 31/7/1997 (تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 245 لسنة 1997)، وفي درجة (نائب) إلى 27/5/1999 (تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 172 لسنة 1999)، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، تنفيذا للحكم الصادر لمصلحته تنفيذا كاملا.

(ثانيا) إلغاء القرارين الجمهوريين رقمي (404) لسنة 2004 و (238) لسنة 2006 فيما تضمناه من تخطيه في الترقية إلى درجتي (مستشار مساعد من الفئتين ب و أ)، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.

(ثالثا) تعويضه عما لحق به من أضرار مادية ومعنوية، على النحو الذي تقدره المحكمة.

وأوضح شرحا لطلباته المعدلة أنه قد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (154) لسنة 2008 في 14/5/2008 تنفيذا للحكم الصادر لمصلحته بتعديل أقدميته في درجة (مندوب مساعد) فقط إلى 23/4/1995، دون تعديل أقدميته في الدرجات التالية بمراعاة هذه الأقدمية، الأمر الذي يعد تنفيذا منقوصا للحكم الصادر لمصلحته، مما يشكل قرارا سلبيا بالامتناع عن تنفيذ الحكم. فضلا عن أنه قد اكتسب الأهلية والكفاية الفنية لترقيته إلى الدرجات التالية، وقد تُخطي في الترقية إلى درجتي (مستشار مساعد من الفئتين ب و أ) اللتين رقي إليهما زملاؤه المعينون معه في ذات القرار، ومن ثم تحق له المطالبة بإلغائهما. وإذ أصابته أضرار مادية وأدبية من جراء ذلك فقد أضاف طلب التعويض عن ذلك الخطأ.

……………………………………

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر لمصلحة الطاعن في الطعنين رقمي 9083 و 11039 لسنة 48 ق.ع، وبإحالة طلبي إلغاء القرارين الجمهوريين بتخطي الطاعن في الترقية إلى درجتي (مستشار مساعد من الفئتين ب و أ) وطلب التعويض إلى دائرة توحيد المبادئ؛ لترجيح أحد الاتجاهين اللذين اعتنقتهما أحكام المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن.

وقد حددت لنظر الطعن أمام الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 16/11/2008، وتدوول بجلساتها على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلسة 8/3/2009 تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة 14/6/2009 مع التصريح بمذكرات في أسبوعين، ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 5/7/2009 لإتمام المداولة، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بموجب المادة (54) مكررا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972؛ حيث إن ثمة تعارضا بين أحكام المحكمة الإدارية العليا، فبينما ذهب البعض منها إلى إلغاء قرارات تخطي الطاعن في الترقية إلى درجتي (مستشار مساعد من الفئتين ب و أ) كأثر لإلغاء قرار تخطيه في التعيين بدرجة (مندوب مساعد)؛ تأسيسا على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الجميع، وإذا ما حكم بإلغاء قرار ما فإن الجهة الإدارية تلتزم بتنفيذ الحكم وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، وكأن القرار الملغي لم يصدر، ومقتضى تنفيذ الحكم بالإلغاء هو إعدام القرار ومحو آثاره منذ صدوره، مع ما يترتب على ذلك من اعتبار العلاقة الوظيفية قائمة. وأن هذا القرار غير المشروع هو الذى حال دون التفتيش على العضو، فإذا ما ثبتت جدارته عند التفتيش عليه أضحت ترقية من يلونه في الأقدميــة تخطيا له غير قــــائم على سند صحيح من القـــــانون (الطعن رقم 6595 لسنة 51 ق.ع بجلسة 28/1/2006). في حين انتهج الاتجاه الآخر للمحكمة الإدارية العليا أن الحكم الصادر بإلغاء قرار إنهاء الخدمة يقف أثره عند فتح باب الطعن لصاحب الشأن في القرارات الصادرة بتخطيه في الترقية؛ لأنه لا يسوغ للمحكمة أن تحل محل الجهة الإدارية في الأمور التي تخضع لتقديرها (الحكم الصادر بجلسة 18/5/2003 في الطعن رقم 3158 لسنة 48ق.ع).

وقدمت هيئة مفوضي الدولة بدائرة توحيد المبادئ تقريرا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بعدم امتداد آثار الحكم الصادر بإلغاء قرار تخطي عضو الهيئة القضائية في التعيين إلى إلغاء القرارات المتضمنة تخطيه في الترقية إلى الدرجات الأعلى، ووقوف هذه الآثار عند حد فتح باب الطعن على تلك القرارات من جديد إن كان لذلك محل.

وقد حددت لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 2/1/2010، وتم تداوله بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 6/3/2010 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 8/5/2010، مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، ثم تأجلت الجلسة إداريا لجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يتضح من الأوراق– في أن الطلبات الختامية للطاعن بعد تعديلها بالعريضة المعلنة في 23/11/2008 هي: (أولا) إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إرجاع أقدميته في درجة (مندوب) إلى 4/7/1996، وفي درجة (محام) إلى 31/7/1997، وفي درجة (نائب) إلى 27/5/1999. (ثانيا) إلغاء قراري رئيس الجمهورية رقمي (404) لسنة 2004 و (238) لسنة 2006 فيما تضمناه من تخطي الطاعن في الترقية إلى درجتي (مستشار مســــاعد من الفئتين ب و أ) على التوالي، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. (ثالثا) التعويض الذي تقدره المحكمة جبرا لما أصابه من ضرر مادي ومعنوي من جراء ذلك التخطي.

ومن حيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة ينحصر في الترجيح بين اتجاهين في أحكام المحكمة الإدارية العليا، ذهب أولهما إلى أن أثر الحكم الصادر بالإلغاء لا يمتد ليشمل القرارات الصادرة بالتخطي في الترقية إلى الدرجات الأعلى، وإنما يقف أثره عند فتح باب الطعن على هذه القرارات على استقلال؛ لأن الترقية تندرج في السلطة التقديرية لجهة الإدارة، فضلا عن أنها تشترط توفر الصلاحية والكفاية الفنية بالتفتيش على أعمال العضو، الأمر الذي لم يتوفر عند تلك الترقيات، ومن ثم لا يسوغ أن تحل المحكمة محل الجهة الإدارية بشأن تلك الترقيات (الحكم الصادر بجلسة 18/5/2003 في الطعن رقم 3158 لسنة 48ق.ع والحكم الصادر بجلسة 26/12/2004 في الطعنين رقمي 3673 و 4031 لسنة 48 ق.ع).

بينما ذهب الاتجاه الثاني إلى امتداد الحكم الصادر بالإلغاء إلى إلغاء القرارات الصادرة بالترقية متخطية الطاعن؛ لكون هذا الحكم قد أعدم القرار الملغي ومحا آثاره منذ صدوره، ولأن هذا القرار هو الذي حال دون التفتيش على أعمال العضو، فإذا ما ثبتت جدارته بعد ذلك بات صدور قرارات الترقية إلى الدرجات الأعلى خالية من اسمه تخطيا له دونما سند صحيح من القانون (الحكم الصادر بجلسة 28/1/2006 في الطعن رقم 6595 لسنة 51 ق.ع، والحكم الصادر بجلسة 26/11/2006 في الطعنين رقمي 3951 و 8152 لسنة 50 ق.ع، والحكم الصادر بجلسة 18/1/2009 في الطعن رقم 26291 لسنة 53 ق.ع).

ومن حيث إنه بادئ ذي بدء يتعين إيضاح أنه ليس هناك اختلاف حقيقي بين الاتجاهين السابقين بشأن عدم امتداد آثار الحكم الصادر بإلغاء قرار تخطي عضـــو الهيئة القضائية في التعيين أو الترقية أو بإنهاء خدمته إلى قرارات الترقية إلى الدرجات والوظائف الأعلى الصادرة إبان الفترة السابقة على صدور الحكم، ووقوف هذه الآثار عند حد فتح باب الطعن على هذه القرارات من جديد.

آية ذلك أن ما ارتأته الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا من خلاف وتعارض عند إحالتها الأمر إلى هذه الدائرة، هو خلاف غير حقيقي وظاهري على ضوء ما تكشف عنه واقعات كل من الطعون المشار إليها، فالحكمان الصادران بجلستي 18/5/2003 و 26/12/2004 (المشار إليهما آنفا) اقتصر الطعن فيهما على قرار التخطي في التعيين أو الترقية، دون أن يشمل القرارات اللاحقة لها، بينما الأحكام الصادرة بجلسات 28/1/2006 و26/11/2006 و 18/1/2009 السابق الإشارة إليها، اشتمل الطعن فيها على قرارات التخطي في التعيين أو الترقية، وما لحقها من قرارات أخرى بالترقية إلى الدرجات الأعلى، ومن ثم جاءت الأحكام شاملة للقرارات الأخيرة، الأمر الذي أظهر على غير الحقيقة وجود اتجاهين متعارضين في أحكام المحكمة الإدارية العليا يتطلب حسمه بمعرفة دائرة توحيد المبادئ.

ومن حيث إن دعوى إلغاء القرارات الإدارية تندرج ضمن الدعاوى العينية، فالخصومة فيها عينية قوامها مشروعية القرار الطعين، وما إذا كان هذا القرار قد صدر مطابقا لأحكام القانون أو غير مطابق لها، فالخصومة موجهة إلى القرار الإداري ذاته، ومن ثم فإن النتيجة الطبيعية والمنطقية للطبيعة العينية لدعوى الإلغاء أن يكون الحكم الصادر فيها بالإلغاء حجة على الجميع، وهو ما نصت عليه المادة (52) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972، فالحكم الصادر هو عنوان الحقيقة، وهو كاشف عن عدم سلامة القرار المقضي بإلغائه لمخالفته لأحكام القانون وإعدامه من يوم صدوره، وينتج هذا الأثر في مواجهة الغير، وعليه تغدو أية دعاوى تقام طعنا على ذات القرار مستهدفة القضاء بإلغائه غير ذات موضوع؛ إذ لا مصلحة لمن يقيمها؛ لسريان حكم الإلغاء في مواجهته بحسبانه من الجميع. وهذا الأثر ينصرف إلى الحكم الصادر بإلغاء القرار الإداري إلغاء كاملا، أما إذا كان الحكم الصادر بإلغاء القرار الإداري إلغاء جزئيا، فإن الحجية لا تلحق سوى الشطر الذي قضي بإلغائه، بما لا يمنع أو يحول دون الطعن على الجزء الآخر بالإلغاء، وبالأحرى فإن الحجية التي تلحق بالحكم الصادر بالإلغاء ينحصر أثرها فيما تناوله الحكم في قضائه، ولا تمتد لتشمل غير ذلك من أمور، فالحجية التي يكتسبها الحكم الصادر بالإلغاء تؤتي آثارها بالنسبة إلى القرار المقضي بإلغائه إلغاء كاملا أو مجردا، وكذلك بالنسبة إلى القرار المقضي بإلغاء جزء منه فيما يختص بهذا الجزء، ولا تتسع هذه الحجية لتندرج ضمنها قرارات أخرى سابقة أو لاحقة للقرار المقضي بإلغائه، أو للجزء الذي لم يقض بإلغائه من القرار.

ومن حيث إنه لكل من القرارات الإدارية استقلاله وذاتيته الخاصة عن غيره من القرارات، حيث يقوم على سبب وسند وباعث خاص به، وبالتالي فإنه يتعين الطعن عليه استقلالا، لاسيما أن المحكمة قد انتهت فيما سبق إلى أن الحجية التي تلحق بالحكم الصادر بالإلغاء مقصورة على القرار محل الحكم، ولا تمتد إلى غيره، فلا تكون القرارات اللاحقة أثرا من آثار الحكم بالإلغاء، بمعنى أنه يتعين أن يلحقها الإلغاء تبعا لإلغاء قرار سابق؛ لأن في هذا القول توسعة فاقدة لسندها القانوني لمفهوم الحجية التي يتمتع بها الحكم الصادر بالإلغاء، فضلا عن إهدار ذاتية واستقلالية كل قرار إداري له ذاتيته المستقلة وسببه الذى يقوم عليه، والذي يختلف عن السبب الذي استند إليه القرار المقضي بإلغائه الذي خضع لرقابة المحكمة، دون غيره من القرارات اللاحقة.

ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أنه يتعين التسليم بأن صدور حكم بإلغاء قرار إداري، وتمتع هذا الحكم بالحجية المطلقة، من شأنه أن يفتح لصاحب المصلحة باب الطعن على القرارات اللاحقة بعد اتباع الإجراءات المقررة، وفي المواعيد المحددة قانونا، تأسيسا على أن الحكم الحائز للحجية متى كان مؤثرا أو سندا للقرارات التالية أو اللاحقة، تجري المحكمة شئونها فيها وتنزل عليها رقابتها شأن القرارات السابقة الملغاة. ومن ثم فإن مقتضى تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه وقت صدور القرار المقضي بإلغائه، والوقوف بالتنفيذ عند هذا الحد، دون أن يشمل ذلك أيا من القرارات اللاحقة، التي يتعين الطعن عليها استقلالا، حيث يفتح ميعاد جديد للطعن عليها من تاريخ صدور الحكم القاضي بالإلغاء، وهو ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا على ما سلف البيان.

ومن حيث إنه فضلا عما تقدم، فإنه لا يسوغ القول بأن الحكم الصادر بالإلغاء يمتد ليشمل إلغاء القرارات اللاحقة كأثر من آثار الحكم، تأسيسا على أن القرار الملغي وقد ثبتت عدم مشروعيته بالحكم الصادر بإلغائه هو الذي حال بين عضو الهيئة القضائية والتفتيش على أعماله، فإنه إذا ما ثبتت كفايته وأهليته للترقية بعد مباشرته العمل تنفيذا للحكم، فإنه تلقائيا يضحى تخطيه في الترقية غير مشروع؛ لأن هذا القول مردود بأنه ينطوي على مساس بالمراكز القانونية المستقرة بغير أحكام قضائية واجبة النفاذ.

ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يقف الأثر المترتب على الحكم الصادر بالإلغاء عند حد تنفيذ هذا الحكم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطعون عليه فقط، بحسبان عدم صدور القرار المقضي بإلغائه فقط، دون أن يمتد التنفيذ ليشمل تلقائيا القرارات اللاحقة عليه، التي بمقتضى ذلك الحكم ينفتح ميعاد الطعن عليها من جديد بالإجراءات وفي المواعيد المحددة قانونا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم امتداد أثر الحكم الصادر بالإلغاء ليشمل القرارات اللاحقة للقرار المقضي بإلغائه، وإنما يقف أثره عند حدود ذلك القرار، مع فتح باب الطعن على القرارات اللاحقة بالإجراءات المقررة، وفي المواعيد المحددة قانونا، وأمرت بإعادة الدعوى إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيها في ضوء ما تقدم.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV