برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح السيد بسيوني
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد حامد الجمل وعبد الفتاح إبراهيم صقر ونبيل أحمد سعيد وعبد اللطيف أبو الخير ومحمد المهدي مليحي ومحمد محمود الدكروري وحنا ناشد مينا ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة ويحيى السيد الغطريفي.
نواب رئيس مجلس الدولة
…………………………………………………………………
المبادئ المستخلصة:
(أ) مجلس الدولة– شئون الأعضاء- تسوية المعاش- تحديد المعاملة التي يتعين تقريرها لمن كان يشغل درجة نائب رئيس بمجلس الدولة- يعامل معاملة نائب الوزير بالنسبة إلى حقوق معاش التقاعد؛ حيث تماثل مرتباهما وتعادل المستوى المالي لربط المنصبين- العبرة في وحدة المعاملة لهما بتعادل المرتب([1]).
(ب) مجلس الدولة– شئون الأعضاء- تسوية المعاش- تحديد المعاملة التي يتعين تقريرها لمن كان يشغل درجة وكيل بمجلس الدولة- متى بلغ مرتب الوكيل بمجلس الدولة نهاية مربوط وظيفته استحق المعاملة المالية لوظيفة نائب رئيس المجلس، وبدءا من هذا التاريخ يعد في حكم نائب الوزير بالنسبة إلى المعاملة التقاعدية، ويستحق عند بلوغه سن التقاعد المعاش المقرر لنائب الوزير على الوجه الذي ينظمه له قانون التأمين الاجتماعي([2]).
(ج) مجلس الدولة– شئون الأعضاء- مرتب- عضو مجلس الدولة الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته ينتقل بمرتبه وعلاواته وبدلاته إلى الدرجة المالية المقررة للوظيفة الأعلى- يشكل هذا نوعا من الفصل بين المستوى الوظيفي والمستوى المالي، فبالرغم من بقاء المستوى الوظيفي دون انتقال بالترقية إلى ما يعلوه فإن شاغله ينتقل إلى المستوى المالي التالي، ويعامل معاملة شاغله من كل الوجوه.
بتاريخ 30 من يناير سنة 1986 أودع السيد الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن السيد الأستاذ المستشار/ … نائب رئيس مجلس الدولة سابقا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 686 لسنة 32 ق، ضد السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة والسيدة الأستاذة الدكتورة وزيرة التأمينات الاجتماعية والسيد الأستاذ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات بصفاتهم، طالبا في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في معاملته معاملة نائب الوزير من حيث معاش الأجر الثابت ومعاش الأجر المتغير، ومقداره مئة وعشرون جنيها شهريا، وذلك اعتبارا من تاريخ استحقاقه المعاش، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانونا، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدهما الأول والثانية لرفعه على غير ذي صفة، وبقبوله شكلا بالنسبة إلى المطعون ضده الثالث، وفي الموضوع بأحقية الطاعن في إعادة تسوية المعاش المستحق له على أساس المعاش المقرر لنائب الوزير عن معاش الأجر الثابت والأجر المتغير، بمراعاة الحد الأقصى، وذلك اعتبارا من تاريخ إحالته إلى المعاش، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 11 من مايو سنة 1986، وتدوول نظره بالجلسات على النحو المبين في محاضرها، وبجلسة 18 من ديسمبر 1988 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة على وفق نص المادة 54 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984، حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 21 من يناير 1989، وفيها قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 11 من فبراير 1989 لتقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرها.
وقد أودعت الهيئة تقريرا تكميليا بالرأي في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم: (أولا) بأحقية نائب رئيس مجلس الدولة الذي شغل هذه الوظيفة مدة أقل من سنة في تسوية معاشه المستحق له على أساس المعاش المقرر لنائب الوزير، سواء عن معاش الأجر الثابت أو معاش الأجر المتغير، مادام أنه كان يتقاضى مرتبا يعادل مرتب نائب الوزير، وكذلك أحقية وكيل مجلس الدولة الذي تقاضى مرتبا يعادل مرتب نائب الوزير لمدة سنة على الأقل، وبلغت مدة اشتراكه عشرين عاما، أو سنتين وبلغت مدة اشتراكه عشر سنوات، وذلك من تاريخ إحالته إلى التقاعد، مع ما يترتب على ذلك من آثار. و(ثانيا) إعادة الطعن إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه في ضوء ما تقدم.
وبجلسة 11 من فبراير 1989 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص، حسبما يبين من الأوراق، في أن الطاعن يطلب الحكم بأحقيته في المعاش المقرر لنائب الوزير عن الأجرين الثابت والمتغير اعتبارا من تاريخ استحقاقه للمعاش، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، ويستند الطاعن فيما يطلبه -على ما ساقه في تقرير طعنه- إلى أنه بلغ سن المعاش في أول مارس 1985 عن مدة خدمة مقدارها 36 سنة و8 أشهر وخمسة أيام، وربط معاشه الشهري دون أن يعامل المعاملة المقررة لنائب الوزير التي يستحقها قانونا؛ ذلك أنه كان قد رقي وكيلا لمجلس الدولة في أول أكتوبر 1981، وبلغ راتبه السنوي آنئذ 2532 جنيها و996 مليما، ثم رقي إلى وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة اعتبارا من 18 من نوفمبر 1984 بينما كان راتبه السنوي قد بلغ 2928 جنيها منذ أول يوليو 1984، ومن ثم فإنه يستحق معاش الأجر الثابت ومعاش الأجر المتغير على النحو المقرر لنائب الوزير عملا بأحكام المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 والقوانين المعدلة له؛ ذلك أن الفقرة الأولى من المادة الرابعة (إصدار) من هذا القانون نصت على أن: “يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للعاملين بكادرات خاصة”، وطبقا للقواعد التي كانت واردة في جدول الوظائف والمرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 ومن بعده رقم 43 لسنة 1965 فإن نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف ونوابهم يعاملون من حيث المعاش معاملة من في درجتهم، ولم ينقص المشرع من المزايا المقررة في خصوص معاشات أعضاء السلطة القضائية، وتلك القواعد وهذه المزايا تطبق على أعضاء مجلس الدولة عملاً بحكم البند (1) من القواعد الواردة في جدول الوظائف والمرتبات الملحق بقانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، ثم الفقرة الثانية من المادة 122 من قانونه رقم 47 لسنة 1972، وعلى موجب ذلك فإنه متى تساوى الربط المالي لإحدى وظائف السلطة القضائية، وما يقابلها من وظائف مجلس الدولة، مع الدرجة المالية لأحد المناصب التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المعاش كمنصب الوزير ومنصب نائب الوزير، فإن شاغل الوظيفة القضائية يعامل ذات المعاملة.
ولما كان لنائب الوزير ربط مالي ثابت مقداره 2250 جنيا سنويا طبقا للقانون رقم 134 لسنة 1980، زيد إلى 2558 جنيها اعتبارا من أول يوليو 1981، ثم إلى 2618 جنيها من أول يوليو 1983، فإلى 2678 جنيها من أول يوليو 1984، وكان المرتب السنوي للطاعن عند ترقيته وكيلا لمجلس الدولة في أول أكتوبر 1981 هو 2532 جنيها و 996 مليما، ثم تدرج ذلك المرتب بعدئذ بأن بلغ 2632 جـنيها و992 مليما سنويا في أول يوليو 1982، و2792 جنيها و988 مليما في أول يوليو 1983، ثم 2928 جنيها في أول يوليو 1984، فإنه يبين من هذا تحقق أوجه التساوي والتعادل بين الربط المالي لوظيفة الطاعن منذ أول يوليو 1982 وبين الربط المالي لمنصب نائب الوزير، ومن ثم يتعين أن يعامل معاملته من حيث المعاش.
وانتهى تقرير الطعن إلى أنه مادام الطاعن منذ أول أكتوبر 1981 يستحق قانونا ويتقاضى فعلا مرتبات وعلاوات وبدلات وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة التي شغلها اعتبارا من 18 من نوفمبر 1984، وذلك عملا بقواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، فإن حكم المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي ينطبق في شأنه، ويستحق قانونا المعاش المقرر لنائب الوزير، سواء بالنسبة إلى معاش الأجر الثابت أو معاش الأجر المتغير، ومقداره 120 جنيها شهريا.
وأرفق بالمذكرة حافظة مستندات طويت على كتاب رئيس لجنة فحص المنازعات بالهيئة العامة للتأمين والمعاشات المؤرخ في 21/1/1986 الذي يبلغ الطاعن فيه برفض طلب معاملته معاملة نائب الوزير من حيث المعاش عن الأجرين الثابت والمتغير. وبتاريخ 16 من فبراير 1986 قدم الطاعن مذكرة انتهى فيها -لما أبداه بها من أسباب لتأييد مدونات تقرير طعنه- إلى تصميمه على طلباته، وبجلسة 18 من ديسمبر 1988 أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا قدم مذكرة أخرى ناقش فيها الحكم الصادر في الطعن رقم 2451 لسنة 29 ق عليا معارضا له، كما قدم حافظة مستندات ضمت صورة ضوئية من حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3255 لسنة 41 ق، وصورا لمذكرات مقدمة من الطاعن إلى المجلس الأعلى للهيئات القضائية ولتقرير هيئة المفوضين لدى المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق.
ومن حيث إن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات ردت على الطعن بمذكرة قدمتها في 16 من إبريل 1986 أبدت فيها أن مناط الانتفاع بأحكام المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 بالنسبة إلى المناصب القضائية هو شغل وظيفة تماثل وظيفة الوزير أو نائب الوزير، وقضاء سنة أو سنتين أو أربع سنوات في أحد المنصبين أو فيهما معا على وفق التفصيل المنصوص عليه في تلك المادة، كما أن الشروط الواردة فيها شروط آمرة، والقول بأن المرد في تقرير معاش القضاة الذين يعاملون بهذه المادة للمرتب وحده ومدة الخدمة يخالف صريح أحكامها، ولما كان الطاعن قد رقي إلى وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة اعتبارا من 18 من نوفمبر 1984 وبلغ سن المعاش في أول مارس 1985 فإن المدة التي قضاها في هذا المنصب تكون أقل من سنة، وبالتالي لا تتوفر في شأنه الشروط التي تتطلبها المادة المشار إليها، فلا ينتفع بأحكامها، أما القول بأن وظيفة وكيل مجلس الدولة تصبح في حكم وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة من حيث المرتبات والبدلات والعلاوات متى تقاضى شاغل الوظيفة الأولى بداية ربط الوظيفة الثانية فتنطبق عليه أحكام المادة 31 من القانون رقم 79 لسنة 1975، فإن هذا القول مردود بأن قوانين المعاشات القديمة لم تكن تقرر تسوية خاصة لمعاش الوزير ولم تميزه إلا بزيادة الحد الأقصى لمعاشه على الحد الأقصى لمعاش باقي المنتفعين، أما قوانين التأمين والمعاشات الحديثة ابتداء من القانون رقم 394 لسنة 1956 فقد استحدثت حكما يقرر هذا المعاش للوزير ولمن يتقاضى مرتبا مماثلا لمرتبه، موحدا لمعاش نائب الوزير ولمن يتقاضى مرتبا مماثلا لمرتبه، ثم صدر القانون رقم 36 لسنة 1960، فالقانون رقم 50 لسنة 1963، وردد كل منهما الحكم نفسه، وبعد ذلك جاء القانون رقم 62 لسنة 1971 معدلا الحد الأقصى للمعاش بالزيادة.
أما قوانين السلطة القضائية التي عاصرت تلك القوانين فقد بدأت بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة الذي تضمن جدول الوظائف والمرتبات الملحق بها نص يقضي بمعاملة رئيس المجلس معاملة الوزير من حيث المعاش، ومعاملة كل من نواب رئيس المجلس بالنسبة إلى المعاش معاملة من هو في حكم درجته، وبالمنوال نفسه أخذ قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959، واستمرت هذه المعاملة بشأن المعاش في القوانين التي حلت محل القانونين رقمي 55 و56 لسنة 1959، وذلك حتى صدور القوانين أرقام 46 و47 لسنة 1972 و88 لسنة 1973 التي نصت على معاملة كل من رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة النقض ومدير النيابة الإدارية معاملة الوزير، ولم تنص على معاملة لباقي أعضاء الهيئات القضائية اعتمادا على ما يتناوله من ذلك القانون العام رقم 50 لسنة 1963 في شأن التأمين والمعاشات.
وعندما جاء القانون رقم 79 لسنة 1975 ليحل محل قوانين التأمين والمعاشات والتأمينات الاجتماعية قصر ما يقرره من معاش للوزير ولنائب الوزير عليهما فقط دون من يتقاضون مرتبات مماثلة لمرتبيهما، حيث لم يقرن معاملة الوزير ونائب الوزير بعبارة “ومن يتقاضون مرتبات مماثلة” التي كان يضمها نص المادة 21 من القانون رقم 50 لسنة 1963، وإذا كانت المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 79 لسنة 1975 قد نصت على أن يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة، مما يعني عدم المساس بالحقوق التي كانت تقررها القوانين للفئات المعاملة بها، إلا أن قوانين الهيئات القضائية قد عدلت بعد صدور ذلك القانون وفي ظل العمل به بالقوانين أرقام 17 لسنة 1976 و54 لسنة 1978 و43 لسنة 1980 و32 لسنة 1983، واقتصرت في تقرير معاملة الوزير بالنسبة إلى المعاش على شاغلي مناصب رؤساء الهيئات القضائية دون غيرهم من أعضائها؛ ولذلك فإن القول بأن المناط في تقدير المعاش للمعاملين بالمادة (31) المشار إليها بالمرتب ومدة الخدمة هو قول يخالف القانون.
وبالنسبة إلى القول بأن الأحكام المنظمة للمعاش في قوانين السلطة القضائية الملغاة أصبحت دعامة أساسية في النظام الوظيفي لرجال القضاء لا يجوز حرمانهم منها، فإنه مردود بأن القانون رقم 79 لسنة 1975 حل محل قوانين المعاشات السابقة عليه، ولا يمكن الاستناد إلى قوانين السلطة القضائية وقوانين التأمين والمعاشات السابقة عليه، ولا يمكن الاستناد إلى قوانين السلطة القضائية وقوانين التأمين والمعاشات السابقة بعد إلغائها، ولا يصح حمل نص المادة الرابعة من مواد إصدار ذلك القانون على أن القصد منها هو استمرار العمل بأحكام كانت واردة في قوانين السلطة القضائية الملغاة أو إحياء أحكام سبق إلغاؤها بقوانين لاحقة عليها، كما أنه مادام أن وظيفة وكيل مجلس الدولة لم يسبق تقرير معاملة لشاغلها من حيث المعاش في القوانين السابقة على القانون رقم 47 لسنة 1972، فإنه لا يعامل في معاشه معاملة نائب الوزير ولو بلغ مرتبه بداية ربط وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، وأخيرا فإنه عما جاء في تقرير الطعن عن معاش الأجر المتغير فإنه لا مجال لبحثه مادام الطاعن لا ينتفع بأحكام المادة 31 من القانون رقم 79 لسنة 1975. وانتهت مذكرة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
…………………………………
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن هو تحديد المعاملة التي يتعين تقريرها للطاعن فيما يستحقه من معاش بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد، وما إذا كان حقه في ذلك يتعلق بالمعاملة المقررة قانونا لنائب الوزير، والمبدأ القانوني الواجب الإعمال في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه يبين من مقتضى قوانين المعاشات أن قانون التأمين والمعاشات رقم 394 لسنة 1956 كان يضع في مادته السادسة حدا أقصى لكل من معاش “الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة” و”نواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة” و “من يتقاضون 1800 جنيه سنويا” و “باقي العاملين”، وقد ردد الحكمَ نفسَه قانونا المعاشات التاليان رقما 36 لسنة 1960 و50 لسنة 1963، وبالمقابلة لذلك وإبان نفاذ تلك القوانين كان قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 ينص في جدول المرتبات المرفق به على معاملة كل من نواب رئيس مجلس الدولة معاملة من هو في حكم درجته في المعاش، وتضمن قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 حكما مماثلا بالنسبة إلى نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف، وفي قانون السلطة القضائية اللاحق رقم 43 لسنة 1965 ردد المشرع الحكم مقررا الميزة نفسها، ليسري ذلك على أعضاء مجلس الدولة عملا بالإحالة التي تضمنتها القواعد الملحقة بجدول مرتبات قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1956.
ومن حيث إن هذا المنهج من المشرع فيما نص عليه في قانون مجلس الدولة من معاملة كل من نواب رئيس مجلس الدولة معاملة من هو في حكم درجته في المعاش، في الوقت الذي كان قانون المعاشات النافذ يساوي في الحد الأقصى للمعاش بين الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة لمرتباتهم، وبين نواب الوزراء ومن يتقاضون ما يماثل مرتباتهم، الأمر الذي كان يسمح وحده، ودون ترديد حكم به في قانون مجلس الدولة، بأن يتساوى في النظام معاش نائب رئيس مجلس الدولة مع معاش نائب الوزير، حيث كان مرتب الأول -خلال نفاذ قوانين المعاشات المبينة سالفا- يماثل مرتب الثاني، هذا المنهج يكشف عن أن المشرع أراد أن يحدد المعاملة التقاعدية لنائب رئيس مجلس الدولة بنفس ما يعامل به من في حكم درجته وهو نائب الوزير، وذلك في قانون مجلس الدولة استقلالا عن قانون المعاشات القائم في حينه، تأكيدا لتلك المعاملة وتكريسا لها لتكون معاملة خاصة بنائب رئيس مجلس الدولة، يستمدها كمزية له في القانون المعامل به، وليس تطبيقا للقاعدة العامة التي يقررها قانون المعاشات.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإنه عندما يأتي القانون رقم 62 لسنة 1971 ليرفع الحد الأقصى لمعاش الوزير ونائب الوزير دون أن يقرن أيهما بمن يتقاضى مرتبا مماثلا لمرتبه لتنحسر هذه المعاملة عنه، فإنها تبقى قائمة لنائب رئيس مجلس الدولة بالنسبة إلى نائب الوزير؛ عملا بحكم الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون إصدار ذلك القانون عندما نصت على أن يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة، فهذا النص يحفظ لنائب رئيس مجلس الدولة الميزة التي له، التي استمدها -على ما سلف بيانه- من قانون مستقل عن قوانين المعاشات، وبذلك يبلغ المنهج التشريعي السابق إيضاحه أثره ويصل إلى مقتضاه، بقصد أن تبقى لنائب رئيس مجلس الدولة المعاملة التقاعدية لنائب الوزير، رغم إسقاط قانون المعاشات للحكم الذي كان يقرن نائب الوزير بمن يتقاضى مرتبا يماثل مرتبه، إذ يفيد هذا الإسقاط أن معاملة نائب رئيس مجلس الدولة معاملة نائب الوزير ليست مستمدة من قانون المعاشات، وإنما من قانون مجلس الدولة، ولأن قانون المعاشات الذي أسقطها نص على الاحتفاظ للمعامل بكادر خاص بما له أو ما كان له من مزية في قانونه.
ومن حيث إن الوضع فيما تقدم لم يتغير في ظل العمل بقانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 القائم، حيث أفردت المادة 31 منه تنظيما للمعاملة التقاعدية للوزير ونائب الوزير، دون من يتقاضى مرتبا يماثل مرتبيهما، بيد أن المادة الرابعة من قانون إصدار ذات القانون نصت على أن يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة، الأمر الذي لا معدى معه من التسليم ببقاء واستمرار المزية التي كانت مقررة لنائب رئيس مجلس الدولة من حيث معاملته معاملة نائب الوزير في حقوقه التقاعدية.
ومن حيث إن هذا المعنى بذات الفهم هو ما وثقته مضبطة مجلس الشعب الخاصة بجلسته المنعقدة في 19 من يوليو 1979 بصدد مناقشة مشروع قانون المحكمة الدستورية العليا عندما أشارت إلى الربط بين نواب رئيس مجلس الدولة ونواب رئيس محكمة النقض، وبين نائب الوزير من حيث المعاملة في المعاش.
ومن حيث إن المناط والمرد في معاملة نائب رئيس مجلس الدولة معاملة نائب الوزير بالنسبة إلى حقوق معاش التقاعد، هو بتماثل مرتبيهما وتعادل المستوى المالي لربط المنصبين، لأن المزية التقاعدية التي تصحب نائب رئيس مجلس الدولة هي معاملته معاملة من في حكم درجته، وهو نائب الوزير، لقيام التماثل بينهما في الربط المالي، فالعبرة في وحدة المعاملة لهما بتعادل المرتب.
ومن حيث إن القاعدة المضافة بالمادة (11) من القانون رقم 17 لسنة 1976 لقواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون كل هيئة من الهيئات القضائية -ومنها قانون مجلس الدولة- تقرر أن العضو الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها يستحق العلاوة والبدلات المقررة للوظيفة الأعلى، بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوطها.
ومن حيث إنه لا مؤدى لهذه القاعدة إلا أن عضو مجلس الدولة الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته ينتقل بمرتبه وعلاواته وبدلاته إلى الدرجة المالية المقررة للوظيفة الأعلى، الأمر الذي يشكل نوعا من الفصل بين المستوى الوظيفي والمستوى المالي، فبالرغم من بقاء المستوى الوظيفي دون انتقال بالترقية إلى ما يعلوه فإن شاغله ينتقل إلى المستوى المالي التالي، ويعامل معاملة شاغله من كل الوجوه، وعلى ذلك فإن وكيل مجلس الدولة عندما يبلغ مرتبه نهاية ربط هذا المنصب الوظيفي يستحق المعاملة المالية لنائب رئيس مجلس الدولة دون لقبها الوظيفي، ويتحدد مركزه القانوني من الناحية المالية باعتباره صاحبا للربط المالي والمعاملة المالية المقررة لنائب رئيس مجلس الدولة، ولا يتأتى أن يتقاضى عن ذلك الربط ويستحق هذه المعاملة، ويظل في الوقت نفسه في ربط وظيفته كوكيل لمجلس الدولة، وهو الربط الذي تجاوزه قانونا وانسلخ عنه بموجب القاعدة المشار إليها، وإنما الصحيح أنه عندئذ يصبح صاحب ربط الوظيفة الأعلى والحق في معاملتها المالية.
ومن حيث إن الربط المالي السنوي لنائب الوزير بدأ بمبلغ 2000 جنيه بالقانون رقم 223 لسنة 1953، زيد إلى 2250 جنيها من 1/7/1978 بالقانون رقم 134 لسنة 1980، ثم إلى 2558 جنيها من 1/7/1981 بالقانون رقم 114 لسنة 1981، فإلى 2618 جنيها من 1/7/1983 بالقانون رقم 32 لسنة 1983، و2678 جنيها من 1/7/1984 بالقانون رقم 53 لسنة 1984، وكان الربط المالي لنائب رئيس مجلس الدولة المقابل لذلك وبالتوالي 2200/2500، 2260/2808، 2320/2868،2380/2868 جنيها، ومن ثم فإنه لا شك في قيام التماثل والتعادل بين الربط المالي لكل من نائب رئيس مجلس الدولة ونائب الوزير.
ومن حيث إن التماثل والتعادل مع الربط المالي لنائب الوزير كما يتحقق لنائب رئيس مجلس الدولة الشاغل لهذا المنصب، فإنه يتحقق أيضا لوكيل مجلس الدولة عندما يبلغ مرتبه نهاية مربوط هذه الوظيفة حيث يستحق عندئذ -على ما سلف بيانه- المعاملة المالية لنائب رئيس مجلس الدولة، ويصبح في المستوى المالي في مركز يماثل نائب الوزير ويعادله؛ لأنه باستحقاقه معاملة نائب رئيس مجلس الدولة يغدو صاحبا لربطه في المرتب وشاغلا لوضع قانوني يخوله معاملة نائب رئيس المجلس، ويستحق فيه مخصصاته المالية كاملة بالغا المستوى المالي لنائب الوزير ومعادلا له، وبالتالي ومنذ استحقاقه المعاملة المالية لنائب رئيس مجلس الدولة ببلوغه نهاية ربط وكيل المجلس، يصير أهلا لمعاملته معاملة نائب الوزير من حيث المعاش ومستأهلا في القانون هذه المعاملة، وذلك على النحو وعلى وفق الشروط والضوابط والمدد المنصوص عليها في القانون رقم 79 لسنة 1975.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن وكيل مجلس الدولة إذا بلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته فاستحق المعاملة المالية لوظيفة نائب رئيس المجلس، فإنه اعتبارا من تاريخ بلوغه واستحقاقه ذلك، يعتبر في حكم نائب الوزير بالنسبة إلى المعاملة التقاعدية، ويستحق عند بلوغه سن التقاعد المعاش المقرر لنائب الوزير على الوجه الذي ينظمه له قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975.
حكمت المحكمة باعتبار درجة وكيل مجلس الدولة معادلة لدرجة نائب الوزير بالنسبة إلى المعاملة التقاعدية وذلك اعتبارا من تاريخ استحقاقه المعاملة المالية لنائب رئيس مجلس الدولة، واستحقاقه تبعا لذلك المعاش المقرر لنائب الوزير على وفق أحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 إذا توفرت فيه الشروط والضوابط المقررة في هذا القانون. وأمرت المحكمة بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) للفصل فيه.
([1]) راجع كذلك المبدأين رقمي (15/ج) و (49/ب) في هذه المجموعة.
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |