التطبيقات القضائية في الدفع بعدم القبول بوجه عام
مايو 21, 2022
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الطعن رقم 6502 لسنة 45 قضائية (عليا)
مايو 26, 2022

نصاب الشهادة

نصاب الشهادة

يختلف نصاب الشهادة المقبولة من حيث عدد الشهود وجنسهم باختلاف ما تتعلق به الشهادة. وإذا كان هذا الاختلاف، من حيث الأصل، متفق عليه بين الفقهاء، إلا أنهم يختلفون في بعض فروعه وتطبيقاته، ولهذا لابد من بيان أنصبة الشهادة حسبما تتعلق به وأقوال الفقهاء في هذه الأنصبة.

أولاً- نصاب الشهادة على الزنا:          

لا يقبل في الشهادة على الزنا إلا أربعة رجال عدول مسلمين وأن تثبت عدالتهم بالبحث والتحري حتي على قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله، لأن الزنا من الحدود، والحدود تجب فيها تزكية الشهود عند أبي حنيفة.

وعند الظاهرية يجوز أن يكون مكان كل شاهد من شهود الزنا امراتين عدلين.

ثانياً – نصاب الشهادة في بقية الحدود والقصاص:

أما في بقية الحدود وهي القذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة، وكذلك القصاص، فإن نصاب الشهادة المقبول الذي تقبل به الشهادة هو شهادة رجلين وأن تثبت عدالتهما بالبحث والتحري، أي عن طريق تزكية الشهود، وهذا حتي علي قول أبي حنيفة.

وعند الظاهرية تقبل في هذه المواضع شهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة. وروي عن عطاء وحماد أنهما قالا: تقبل في هذه الحدود والقصاص شهادة رجل وامرأتين قياساً علي الشهادة في الأموال. ولكن ردَّ علي هذا القول بأن هذه الجرائم مما يحتاط في إثباتها وأنها تندرئ بالشبهات فلا تشبه الشهادة في الأموال.

ثالثاً- نصاب الشهادة في غير الحدود والقصاص والأموال:

وفي غير الحدود والقصاص والأموال كالنكاح والطلاق والرجعة والعتاق والإيلاء والظهار والنسب والتوكيل وأشباه ذلك، فالمعمول عليه في مذهب الحنابلة أن لابد من شهادة رجلين ولا تقبل في هذه المسائل شهادة النساء بحال، وهذا مذهب الشافعية أيضاً، وقال الحنفية: نصاب الشهادة في هذه المسائل رجلان أو رجل وامرأتان، وهذا أيضاً مذهب الظاهرية إلا أنهم قالوا أيضاً بجواز شهادة أربع نسوة بدلاً من رجلين أو رجل وامرأتين.

رابعاً- نصاب الشهادة في الأموال:

وفي الأموال وحقوقها كالقروض والإتلافات والأروش والديات والبيوع والإجارات والعقود المالية وقتل الخطأ وكل جراحة لا توجب إلا المال وأشباه ذلك، فإن نصاب الشهادة في هذه المسائل هو رجلان أو رجل وامرأتان وهذا مذهب الحنابلة والشافعية والحنفية والمالكية وغيرهم. قال تعالي:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ” …. إلي قوله تعالي:”واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجالِكم فَإنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ و امْرَأتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ”.

خامساً – الشاهد الواحد ويمين المدعي:

يري أكثر أهل العلم ثبوت المال لمدعيه بشاهد واحد ويمين المدعي، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين الأربعة وهو قول عمر بن عبد العزيز وشريح ومالك وابن أبي ليلى وأبي الزناد والشافعي وأحمد بن حنبل. وقال الشعبي والنخعي والأوزاعي والحنفية لا يجوز للقاضي أن يقضي في المال بشاهد واحد ويمين المدعي، وحجة هؤلاء الآية الكريمة: “واسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجالِكم فَإنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ و امْرَأتانِ” . والحكم بشهادة الشاهد الواحد ويمين المدعي زيادة علي نص الآية، والزيادة علي النص نسخ، ونسخ القرآن بأخبار الآحاد لا يجوز، ولأن النبي ﷺ قال: “البينة علي المدعي واليمين علي من أنكر” فحصر اليمين في جانب المدعي عليه كما حصر البينة في جانب المدعي.

واحتج القائلون بجواز الحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي في مسائل الأموال بجملة أدلة، منها ما يأتي:

  • الأحاديث الشريفة التي ورد فيها أن رسول الله ﷺقضي بالشاهد الواحد ويمين المدعي، ومن هذه الأحاديث، عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺقضي بيمين وشاهد. وراه الإمام مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجة. وفي رواية لأحمد إنما كان ذلك في الأموال. وعن علي رضي الله عنه أن النبي ﷺقضي بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق وقضي به علي رضي الله عنه في العراق. رواه أحمد والدارقطني، وذكره الترمذي. وهناك أحاديث أخري بهذا المعني ذكرها الإمام الشوكاني في كتابه نيل الأوطار.
  • تعلقهم بالآية الكريمة:”و اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجالِكم…. الآية” لا يصلح حجة لهم لأن القرآن لم يذكر الرجلين، والرجل والمرأتين لبيان طريق الحكم وإنما ذكر هذين النوعين من الشهود لبيان ما تحفظ به الحقوق على وجه النصيحة والإرشاد. ومن المعلوم أن ما تحفظ به الحقوق شيء وما يحكم به الحاكم شئ آخر، ذلك أن طرق الحكم أوسع من طريق حفظ الحقوق بالشاهدين أو بالشاهد والإمرأتين. ألا يري أن الحاكم يحكم بالنكول، وباليمين المردودة، وهما ليسا شاهدين ولا شاهداً وامرأتين؟ وإذا قيل أن الحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي لا وجود ولا ذكر لهما في القرآن، فيقال أيضاً إن الحكم بالنكول وباليمين المردودة لا ذكر لهما في القرآن الكريم ولم يقل أحد أن الحكم بهما مخالف للقرآن الكريم أو زيادة علي نصوصه.
  • الحكم بشهادة الشاهد الواحد ويمين المدعي هو حكم بكتاب الله، لأن مثل هذا الحكم حق، والحكم بالحق مما أمر الله سبحانه به. أما أنه حق فلان رسول الله ﷺ وخلفاءه الراشدين من بعده حكموا به ولا يحكمون بباطل، وأما أنه حكم بكتاب الله فلقوله تعالي:” وأن أحكم بينهم بما أنزل الله”. وقوله تعالي: “إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله”. فالحكم بشاهد واحد ويمين المدعي مما أراه الله إياه قطعاً.
  • ذكر القرآن الكريم الشاهدين والشاهد والمرأتين في معرض بيان طرق حفظ الحقوق لا في معرض بيان طرق الحكم كما قلنا من قبل. وحتي لو قيل إنها وردت لبيان طريق الحكم فإن القرآن الكريم بذكره هذين النوعين من البينات لم يوجب الحكم بهما فقط ولم يمنع الحكم بغيرهما من البينات.
  • قولهم أن القول بجواز الحكم بالشاهد الواحد ويمين المدعي زيادة علي النص الوارد بالشاهدين والشاهد والمرأتين، والزيادة علي النص نسخ، والنسخ بأخبار الآحاد لا يجوز، هذا القول غير صحيح لأن النسخ هو الرفع والإزالة، والزيادة في الشيء تقرير له لا رفع، والحكم بالشاهد واليمين لا يمنع الحكم بالشاهدين أو بالشاهد والمرأتين.
  • احتجاجهم بحديث ” البينة على المدعي واليمين على من أنكر” احتجاج ضعيف، ذلك أن أحاديث الحكم بشاهد واحد ويمين المدعي أصح وأشهر من هذا الحديث وتقدم عليه لخصوصها وعمومه. ثم إن اليمين إنما كانت في جانب المدعي عليه حيث لم يترجح المدعي بشيء وليس عنده إلا مجرد الدعوي فيكون جانب المدعي عليه أولي باليمين لقوته بأصل براءة الذمة، فإذا ترجح جانب المدعي بالشاهد كان هو الأولي باليمين لقوة جانبه بذلك. فاليمين مشروعة في جانب أقوي المتداعيين. ولذلك إذا نكل المدعي عليه عن اليمين ردت اليمين على المدعي لقوة جانبه بهذا النكول من المدعي عليه.

ومما يدل أيضاً على أن هذا الحديث ” البينة علي المدعي واليمين علي من أنكر” ليس للحصر هو أن اليمين تشرع في حق المودع إذا ادعي رد الوديعة أو تلفها، وتشرع في حق البائع والمشتري إذا اختلفا في الثمن والسلعة قائمة.

سادساً – الشاهد الواحد:

ذهبت طائفة من قضاة السلف إلى الحكم بشهادة الشاهد الواحد إذا علم صدقه من غير يمين المدعي، ومن هؤلاء القضاة شريح وزرارة بنأبي أوفى. فإذا علم القاضي صدق الشاهد الواحد جاز له الحكم بشهادته. وقد ذهب إلى هذا المذهب الفقيه ابن القيم محتجاً بأن النبي ﷺ أجاز شهادة الشاهد الواحد في قضية السلب. ففي الحديث الشريف “من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه” وقد أجاز النبي ﷺشهادة الشاهد الواحد لأبي قتادة بأنه هو قتل أحد المشركين وبالتالي يكون له سلبه كما استدل ابن القيم رحمه الله تعالي بأن النبي ﷺ قبل شهادة المرأة الواحدة في الرضاع مع أنها شهدت على فعل نفسها.

سابعاً – قبول قول المدعي وحده:

قول المدعي وحده هو ادعاء فليس هو من قبيل الشهادة المعهودة، ومع هذا فإنَّ المالكية قالوا: يجوز الحكم بقول المدعي وحده إذا ترجح صدقه بالعوائد وقرائن الأحوال أو لاتصافه بالأمانة واشتهاره بذلك، أو بغير ذلك من وجوه ترجيج صدقه. وقبول قوله وحده، عند المالكية، يكون بدون يمينه في بعض المواضع، ومع يمينه في مواضع أخري. فمن ذلك قولهم يقبل قول الزوج إنه أنفق علي زوجته إذا كان مقيماً معها إذا ادعت أنه لم ينفق عليها لشهادة العرف له. (ومنها) يقبل قول المرأة أن عدتها انقضت ولا يمين عليها إذا كان الزمن ممكناً لانقضاء العدة (ومنها) إذا ادعي المودع ردَّ الوديعة فالقول قوله مع يمينه مع أنه مدعي، وإنما ترجح قوله لأنه استأمنه والأمين مصدق (ومنها) لو ادعي البائع أنه باع بالدراهم وقال المشتري بل باع مقايضة بسلعة فالقول قول البائع لقوة قرينة صدقه لأن الدراهم هي الأثمان وبها يقع البيع.

ثامناً – شهادة النساء منفردات:

لا خلاف في قبول شهادة النساء المنفردات وحدهن دون أن يكون معهن شهادة رجال. ومن هذه المواضع التي تقبل فيها شهادة النساء وحدهن، عند الحنابلة: الولادة، والاستهلال، والرضاع، والعيوب تحت الثياب كالرتق والقرن والبكارة والثيابة والبرص وانقضاء العدة.

وعند أبي حنيفة رحمه الله لا تقبل شهادتهن على الرضاع لأنه يجوز أن يطلع عليه محارم المرأة من الرجال فلا يثبت بالنساء منفردات كالنكاح.  ولكن يرد علي قول أبي حنيفة رحمه الله تعالي أن النبي ﷺ أجاز شهادة امرأة علي الرضاع كما سيأتي. كما روي عن أبي حنيفة رحمه الله أن شهادة النساء المنفردات لا تقبل في استهلال المولود عند الولادة بحجة أنه يكون بعد الولادة، وخالفه في ذلك صاحباه أبو يوسف ومحمد وأكثر أهل العلم لأنه يكون حال الولادة ويتعذر حضور الرجل فأشبه الولادة نفسها.

وكل موضع ذكرناه في أعلاه وقلنا إن الحنابلة أجازوا فيه شهادة النساء منفردات فإنهم قالوا: تقبل فيه شهادة المرأة الواحدة والحجة لقولهم هذا ما رواه عقبة بن الحارث أنه قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي أهاب، فجاءت أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما، فجئت إلى النبي ﷺفذكرت له ذلك فأعرض عني، ثم ذكرت له ذلك فقال: “وكيف وقد زعمت ذلك” متفق عليه. وروى حذيفة أن النبي ﷺ قال: “يجزي في الرضاع شهادة امرأة واحدة” ولأن المشهود به معني يثبت بقول النساء المنفردات فلا يشترط فيه العدد كالرواية وأخبار الديانات.

فإن شهد الرجل بذلك، أي في المواضع التي أجيز فيها شهادة النساء منفردات، فقد قال الحنابلة بقبول شهادة الرجل وحده لأن ما قبل فيه قول المرأة الواحدة قبل فيه قول الرجل الواحد كالرواية.

رابعاً

الرجوع عن الشهادة ومسئولية الشهود

قد يرجع الشهود عن شهادتهم، مكذبين أنفسهم بالشهادة التي أدوها، أو مدعين غلطهم فيها، فما هي الآثار التي تترتب علي رجوعهم عن شهادتهم، بالنسبة لهم ولأطراف الدعوي؟ ثم قد يتعمد الشاهد الكذب ويشهد زوراً ثم يفتضح أمره، فما هي مسئولية هذا الشاهد زوراً؟ هذا ما نبينه في هذا المطلب.

حالات الرجوع عن الشهادة وما يترتب عليها:

إذا شهد الشهود ثم رجعوا عن شهادتهم بعد أدائها، فالحكم كما يلي:

أولاً- أن يرجعوا عن شهادتهم قبل أن يصدر القاضي حكمه ففي هذه الحالة لا يجوز الحكم بشهادتهم التي رجعوا عنها في قول عامة أهل العلم.

ثانياً- أن يرجع الشهود بعد صدور الحكم وقبل استيفاء الحق المحكوم به. وفي هذه الحالة ينظر: فإن كان المحكوم به عقوبة كالحدود والقصاص لم يجز استيفاؤه لأن الحدود تدراً بالشبهات، ورجوع الشهود من أعظم الشبهات، ولم يتبين استحقاقها ولا سبيل إلى جبرها فلم يجز استيفاؤها لو رجع الشهود قبل الحكم. وتختلف عن المال فإنه يمكن بإلزام الشاهدين عوضه بينما الحد أو القصاص لا ينجبر بإيجاب مثله علي الشاهدين لأن العقاب إنما شرع للزجر والتشفي لا للجبر. وإن كان المشهود به مالاً استوفي لم ينقض حكمه. وحكي عن سعد بن المسيب والأوزاعي أنهما قالا: ينقض الحكم وإن استوفي الحق، لأن الحق ثبت بشهادتيهما، فإن رجعا زال ما ثبت به الحكم فينقض الحكم .

كما لو تبين أنهما كانا كافرين. واحتج القائلون بعدم النقض بأن حق المشهود له وجب له فلا يسقط برجوعهما، لأن هذا الرجوع ليس بشهادة ولا بإقرار من صاحب الحق، ويفارق العقوبات حيث لا تستوفي إذا رجع الشهود لأنها تدراً بالشبهات.

ثالثاً- أن يرجع الشهود بعد استيفاء الحق المحكوم به، وفي هذه الحالة لا يبطل الحكم ولا يلزم المشهود له بشيء سواء كان المشهود به مالاً أو عقوبة لأن الحكم قد تمَّ باستيفاء المحكوم به ووصول الحق إلي مستحقه.

مسئولية الشهود عن رجوعهم عن الشهادة:

أما مدي مسئولية الشهود عن رجوعهم عن الشهادة ففيه تفصيل نجمله على النحو التالي:

  • إن كان المشهود به إتلافاً يجري فيه القصاص كالقتل والجرح، نظرنا: فإن قال الشهود تعمدنا الشهادة عليه زوراً حتي يقتل ثم رجعنا عن شهادتنا بعد أن تمَّ قتله، فإن علي هؤلاء الراجعين عن شهادتهم القصاص عند الحنابلة، وبه قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى والأوزاعي والشافعي. وقال الحنفية: لا قصاص علي الشهود لأنهم لم يباشروا الإتلاف فأشبهوا حافر البئر إذا تلف فيه شيء.

وحجة القائلين بالقصاص من الشهود الراجعين عن شهادتهم، أن قولهم هو قول الإمام علي رضي الله عنه ولا مخالف له في الصحابة، ولأن الشهود تسببوا إلى قتله أو قطع بعض أعضائه فيلزمه القصاص، ويفارق حفر البئر بأنه لا يفضي إلى القتل غالباً.

أما إذا قال الشهود: قد أخطأنا في الشهادة ولذلك رجعنا عنها، فلا قصاص عليهم وإنما عليهم الدية في أموالهم لأن العاقلة لا تحمل دية المقر المعترف.

  • وإذا كان المشهود به مالاً وقد استوفاه المحكوم له فلا يرجع به عليه المحكوم عليه سواء كان المال قائماً أو تالفاً وإنما يرجع به على الشهود الراجعين عن شهادتهم في قول أكثر أهل العلم منهم الإمام مالك والحنابلة والحنفية وهو قول الشافعي في القديم، وقال في الجديد لا يرجع على الشهود بشيء، وحجته أنه لم يوجد منهم إتلاف للمال ولا عدوان منهم عليه فلا يضمنانه كما لو ردت شهادتهم. وحجة القائلين برجوع المحكوم عليه بما غرمه للمحكوم له بأن الشهود بشهادتهم أخرجوا ماله من يده بغير حق فلزمهم الضمان، لأنهم تسببوا إلى إتلاف ماله بشهادتهم عليه فيلزمهم ضمان ما تلف بسببهم.

شاهد الزور:

شهادة الزور من أكبر الكبائر، نهي الله عنها مع نهيه عن الأوثان قال تعالي: “اجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ”. وفي السنة النبوية الشريفة أحاديث كثيرة في النهي عن شهادة الزور وبيان جسامة جرمها وما يستحقه صاحبها من العذاب العظيم، فمن هذه الأحاديث الشريفة عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبيﷺ :” ألا أنبئكم بأكبر الكبائر” ثلاثا؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: “الاشراك بالله وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً، فقال: ألا وقول الزور “فما زال يكررها حتي قلنا ليته سكت”.

وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن القاضي يعزر شاهد الزور إذا انكشف له وثبت لديه أنه شهد زوراً عمداً، ومع التعزيز له التشهير به أيضاً. وقد روي هذا العقاب بشاهد الزور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال شريح والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله والأوزاعي وابن أبي ليلى ومالك والشافعي والحنابلة. أما نوع التعزيز ومقداره فمتروك إلى تقدير القاضي، فله أن يعزره بالإهانة والتوبيخ أو بالجلد أو بالحبس، إلا أنه إذا اختار الجلد فلا يزيد علي عشر جلدات عند الحنابلة ولا يزيد على ثلاث وثلاثين جلدة عند الشافعي. فأما التشهير به بين الناس فإنه يوقف في سوق إن كان من أهل السوق، وفي قبيلته إن كان من أهل القبائل، ويقول الشخص الموكل بشاهد الزور وهو يطوف به في السوق أو في قبيلته: إن القاضي يقرأ عليكم السلام ويقول هذا شاهد زور فاعرفوه. وبهذا النمط من التشهير بشاهد الزور قال الحنابلة والشافعي.

والواقع أن كيفية التشهير ومدته متروكان إلى القاضي إذ ليس في التشهير تقدير شرعي، ولكن لا يجوز للقاضي أن يختار نوعاً من التشهير فيه مخالفة لنص شرعي كما لو فعل بشاهد الزور ما يدخل في المثلة كأن يسخم وجهه أو يجدع أنفه أو يحلق نصف رأسه.

مسئولية شاهد الزور:

شاهد الزور يقاضي أمام القاضي عما تسببه من ضرر بشهادته الكاذبة علي المحكوم عليه، ولهذا فإذا ادعي شخص علي شاهدي زور بأنهما شهدا عليه زوراً وبشهادتهما حكم عليه القاضي فإن القاضي، بناء علي هذه الدعوي، يحضرهما، فإن اعترفا حكم عليهما بالعقاب والضمان اللذين يستحقانهما، وإن أنكرا وللمدعي بينة علي إقرارهما بأنهما شهدا زوراً فإن القاضي يسمع هذه البينة فإن قبلها حكم بمقتضاها علي الشاهدين، وإن لم يكن للمدعي بينة أو قدم بينة غير مقبولة وطلب من القاضي تحليفهما اليمين فإن القاضي لا يجيب طلبه ولا يحلفهما، لأن تحليفهما يعني إمكان إقامة الدعاوي من قبل كل مشهود عليه على الشهود للنكاية بهم بحجة أنهم شهدوا زوراً، وفي امتهان للشهود العدول، وربما امتنع الناس عن تحمل الشهادة وادائها، وهذا مذهب الحنابلة وهو قول الإمام الشافعي، وقال عنه صاحب المغني: لا نعلم فيه مخالفاً.

هل تقبل شهادة شاهد الزور التائب؟

إذا تاب شاهد الزور توبة نصوحاً فهل تقبل شهادته باعتبار أنه صار مرضي الشهادة ومن الشهود العدول؟ ذهب الحنابلة إلى أنه إذا مضت مدة مناسبة علي توبته وظهرت عليه آثار هذه التوبة، وتبين صدقه فيها وعدالته قبلت شهادته، وبهذا قال الإمام أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور. وقال الإمام مالك لا تقبل شهادته أبداً لأن ذلك لا يؤمن منه العودة إلى الزور. ولكن المذهب الأول القائل بالقبول أولي، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقد تاب توبة نصوحاً وظهرت آثارها في صدقه بعد مضي مدة مناسبة على توبته فلا وجه لعدم قبول شهادته بعد هذه التوبة النصوح، وقول الإمام مالك لا يؤمن من عودته إلى شهادة الزور، يمكن أن يقال عنه بأن هذا احتمال، ومجرد الاحتمال دون أن يعضده دليل لا يمنع من قبول شهادته، يدل على ذلك أن سائر التوابين لا يؤمن منهم العود إلي ذنوبهم وبالتالي سقوط عدالتهم وعدم قبول شهادتهم ومع هذا فإن شهادة هؤلاء التائبين مقبولة ولم يؤثر فيها احتمال العودة إلي ذنوبهم القديمة.

 

اليمين والنكول عنها

إذا أثبت المدعي دعواه بإقرار المدعي عليه، أو بالشهادة المعتبرة أو بغيرهما من دلائل الإثبات حكم له القاضي بما أدعاه، وإذ عجز عن الإثبات عرض عليه القاضي تحليف خصمه المدعي عليه، لأن التحليف حقه، فإذا طلب تحليفه عرض القاضي على المدعي عليه اليمين فإن حلفها ردَّ القاضي الدعوي وإذا نكل عن اليمين حكم القاضي عليه بما ادعاه المدعي، أمنا بمجرد نكوله عن اليمين أو بعد أن يحلف المدعي اليمين إذا ردها عليه المدعي عليه علي رأي بعض الفقهاء. فاليمين، والنكول عنها من وسائل إثبات الدعوي، وهذا ما نريد بيانه في هذا المبحث.

المقصود باليمين:

المقصود باليمين، اليمين الشرعية، التي تعرض على المدعي عليه، وهي الحلف بالله تعالي في قول عامة أهل العلم، إذ لا يجوز الحلف بغير الله تعالي، قالﷺ :” من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت” . وهذه اليمين هي اليمين الشرعية والمشروعة في حق كل مدعي عليه منكر لادعاء المدعي سواء كان مسلماً أو غير مسلم، عدلاً أو فاسقاً، رجلاً أو امرأة لقولهﷺ:” اليمين المدعي عليه”. وكذلك، المدعي، يحلف بالله إذا ردَّ عليه اليمين المدعي عليه كما سنبينه فيما بعد.

لا يحلف أحد عن غيره:

واليمين لا تدخلها النيابة فلا يحلف أحد من غيره، ولهذا لو كان المدعي عليه صغيراً أو مجنوناً لم يحلف وليه المقامة عليه الدعوي نيابة عن الصغير، وإنما يقف الأمر حتي يبلغ الصبي ويعقل المجنون، وكذلك لا يحلف هذا الولي إذا ادعي حقاً لمن هو تحت ولايته، وأنكر المدعي عليه الحق المدعي به ولم تكن للمدعي، الولي، بينة ونكل المدعي عليه عن اليمين وردها علي المدعي ليحلف هو، فلا يحلف الولي ولكن تقف اليمين إلى أن تكمل أهلية من هو تحت ولاية الولي وتنتهي هذه الولاية.

لا إثم علي الحالف الصادق:

ومن توجهت عليه اليمين جاز له الحلف إذا كان صادقاً في حلفه ولا إثم عليه لأن الله تعالي شرع اليمين ولا يشرع محرماً. وقد حلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بن كعب رضي الله عنه علي نخيل ثم وهبه له وقال: خفت إن لم أحلف أن يمتنع الناس من الحلف علي حقوقهم فتصير سنة. ومن هنا قال البعض إن الحلف أولي ما دام الحالف صادقاً لأن في الحلف تخليص حقه ومنع خصمه من أكل حقه ظلماً، وفي هذا المنع عون له علي الخير. وقال بعضهم إن افتداء يمينه، أي عدم الحلف وترك الحق المدعي به إلي مدعيه هو الأولي.

الحقوق التي تجري فيها اليمين:

الحقوق نوعان: حق الله، وحق الآدمي. وحق الآدمي ينقسم إلي قسمين:

الأول – ما هو مال أو المقصود منه المال، فهذا تشرع فيه اليمين بلا خلاف بين أهل العلم.

الثاني- ما ليس بمال ولا المقصود منه المال كالقصاص وحد القذف، والنكاح والطلاق والرجعة والعتق والنسب والولاء.

وفي هذا القسم روايتان في المذهب الحنبلي (الأولي) لا يستحلف المدعي عليه ولا تعرض عليه اليمين. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالي: لم أسمع ممن مضي أنهم جوزوا اليمين إلا في الأموال والعروض خاصة. وهذا قول الإمام مالك ونحو هذا قول الإمام أبي حنيفة، لأن هذه الأشياء الست التي ذكرناها لا يدخلها البذل، والشرط عند أبي حنيفة فيما يستحلف عليه المدعي عليه أن يكون مما يجوز فيه البذل، مع جواز الإقرار به. (الرواية الثانية) في المذهب الحنبلي إنه يستحلف في كل حق آدمي، وهذا قول الشافعي لقول النبي ﷺ:”لو يعطي الناس بدعواهم لادعي قوم دماء قوم وأموالهم، ولكن اليمين على المدعي عليه” وهذا عام في كل مدعي عليه، وهو ظاهر في دعوي الدماء لذكرها في الدعوي فيجوز أن يحلف المدعي عليه في كل حق لآدمي دون اقتصار علي دعوي الأموال. وبقول الشافعي قال أيضاً الإمام أبو يوسف والإمام محمد صاحبا أبي حنيفة فعندهما يستحلف المدعي عليه في كل حق لآدمي يجوز الإقرار به سواء جاز به البذل أو لم يجز.

حقوق الله، وهي نوعان:

النوع الأول- الحدود، فلا تشرع فيها يمين، ولا خلاف في هذا لأنه لو أقر المتهم ثم رجع عن إقراره قبل منه وخلي سبيله من غير يمين، فعدم استحلافه مع عدم إقراره أولي.

ولكن إذا ادعي سرقة ماله من قبل فلان ليضمنه المال الذي سرقه سمعت دعواه وجاز له لأن يستحلف المدعي عليه لحق الآدمي دون حق الله وهو الحدَّ، أي العقوبة.

النوع الثاني – الحقوق المالية مثل دعوي جابي الزكاة على رب المال أن الحول قد انقضي علي أمواله وكمل نصابها. فعند الحنابلة القول قول رب المال من غير يمين ولا يستحلف.وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد يستحلف لأنها دعوي مسموعة أشبه بحق الآدمي. وقد ردَّ على هذا القول بأن هذا حق الله فأشبه الحد، ولأن الزكاة عبادة فلا يستحلف عليها كالصلاة.

شروط وجوب اليمين علي المدعي عليه:

 يشترط لوجوب اليمين علي المدعي عليه جملة شروط:

أولاً- إنكاره الحق المدعي به، فلو كان مقراً به لم تجب اليمين عليه.

ثانياً- أن يطلب المدعي تحليفه اليمين، فلو لم يطلب المدعي تحليفه لم تجب اليمين عليه، لأن اليمين حق المدعي، ولا يجبر الإنسان على استعمال حقه أو المطالبة به.

ثالثاً- أن تكون الدعوي صحيحة، فلو كانت فاسدة لا تجب اليمين علي المدعي عليه ولو وجهت إليه فامتنع لا يعتبر ناكلاً، لأن النكول المعتبر يكون في الدعوي الصحيحة لا الفاسدة.

رابعاً – أن يكون المدعي به مما يجري فيه الاستحلاف على النحو الذي بيناه.

تحليف المدعي:

الأصل أن المدعي إذا أقام بينته المعتبرة شرعاً حكم له القاضي بموجب بينته هذه ولا يطلب منه حلف اليمين مع بينته التي أقامها. إلا أن هذا الأصل ترد عليه بعض الاستثناءات حيث يوجه القاضي اليمين علي المدعي بعد إقامته البينة علي ما ادعاه وقبل أن يصدر الحكم. ومن هذه الاستثناءات.

أولاً- من ادعي حقاً على ميت إضافة لتركته في مواجهة أحد الورثة، وأثبت دعواه فإن القاضي يحلفه الله، من غير طلب من الوصي أو الوارث، قائلاً: والله ما استوفيت ديني من المديون الميت ولا من أحد أداه إليَّ عنه ولا قبض لي قابض بأمري ولا أبرأته منه ولا شيئاً منه ولا أحلت بذلك ولا بشيء منه علي أحد ولا عندي به ولا شيء منه رهن.

وهذه اليمين ليست لحق الوارث وإنما هي للتركة لجواز أن يكون للميت دائن آخر أو موصي له فيحلفه القاضي احتياطاً وإن لم يطلب الخصم، وهذه اليمين واجبة حتي لو لم يحلفه القاضي وحكم له لم ينفذ حكمه.

ثانياً – المرأة إذا طلبت من القاضي أن يفرض لها نفقة في مال الزوج الغائب فإن القاضي يحلفها الله أنه ما أعطاها نفقتها حين خرج ولم يترك لها مالاً ولم يطلقها.

نكول المدعي عليه عن اليمين، وتكييفه:

إذا نكل المدعي عليه عن اليمين اعتبر نكوله إقراراً دلالة، إلا أنه إقرار فيه شبهة، لأن المدعي عليه بامتناعه عن حلف اليمين يعطي دليلاً وإن لم يكن قاطعاً علي أنه كان كاذباً في إنكاره، إذ لو كان صادقاً لما امتنع عن اليمين الصادقة المباحة المشروعة مع ما فيها من دفع الضرر عن نفسه وماله، ومن ثم كان نكوله، كما قلنا إقراراً دلالة ولكن فيه شبهة لأنه ليس قاطعاً في دلالته على المعني الذي قلناه، لأن نكوله قد يحمل على البذل، أي بذل الحق المدعي به، مع عدم وجوبه عليه لأن المسلم العاقل قد يتحرج من اليمين تورعاً من الحلف أو خوفاً من عاقبة اليمين أو ترفعاً عنها مع علمه بصدقه في إنكاره، ولوجود هذين الاحتمالين في النكول، قال الإمام أبو حنيفة إن النكول يحتمل الإقرار والبذل، ورتَّب علي قوله هذا أنه اشترط في الحق الذي يستحلف عليه المدعي عليه ويحصل فيه النكول أن يكون الحق مما يجوز فيه البذل والإقرار ولا يكفي فيه صحة الإقرار به. أما الصاحبان أبو يوسف ومحمد فقد غلَّبا فيه معني الإقرار فاشترطا في الحق الذي يجري فيه الحلف والنكول أن يكون مما يصح فيه الإقرار فقط ولا يشترط أن يصح فيه البذل أيضاً. وبناء على هذا الاختلاف بين الإمام أبي حنيفة وصاحبيه في تكييف النكول اختلفوا في بعض المسائل، فقال أبو حنيفة: لا يجري فيها التحليف لعدم صحة البذل فيها بينما أجاز التحليف فيها الصاحبان لصحة الإقرار فيها، من ذلك النكاح. فلو ادعي رجل علي امرأة أنها زوجته وهي تنكر ولا بينة له وطلب تحليفها على نفي دعواه، أو تدعي امرأة على رجل أنها زوجته وهو ينكر وطلبت تحليفه اليمين علي نفي دعواها، ففي هاتين الصورتين لا يحلف المنكر منهما عند الإمام أبي حنيفة، ويحلف عند الصاحبين لما قلناه من اختلافهم في تكييف النكول.

رد اليمين علي المدعي:

إذا نكل المدعي عليه عن اليمين، فهل يقضي عليه القاضي بالحق المدعي به، أم أنه يرد اليمين علي المدعي فإن حلف حكم القاضي له بما ادعاه، وإن نكل ردَّ دعواه؟ في المسألة أقوال:

أولاً- القول الأول: يقضي القاضي بالحق المدعي به على المدعي عليه إذا نكل عن اليمين ولا يردها القاضي على المدعي، وهذا قول الإمام أحمد بن حنبل إذا كان المدعي به مالاً أو المقصود منه المال. أما غير المال وما لا يقصد به المال كالقصاص فلا يقضي به بالنكول، بل يرد القاضي اليمين على المدعي فإن حلف حكم القاضي له وإن نكل رد القاضي دعواه. وقال الإمام: مالك ترد اليمين علي المدعي في دعاوي الأموال خاصة.

ثانياً – القول الثاني: لا ترد اليمين علي المدعي إذا نكل عنها المدعي عليه وهذا في الأموال. أما في القصاص، فإنه يقضي بالنكول إذا كان القصاص فيما دون النفس، وأما في القصاص في النفس فإن المدعي عليه لا يحلف وإنما يحبس المتهم لحمله على الإقرار. وهذا كله عند الإمام أبي حنيفة وحجته أن الشرط في اعتبار النكول أن يكون فيما يجري فيه البذل، وما دون النفس يجري فيه البذل، وأما في القصاص في النفس، فإنه لا يجري فيه البذل فلا يستحلف فيه المدعي عليه فلا يعتبر نكوله ولهذا لو قال شخص لأخر اقتلني فقتله وجب عليه القصاص إذا أراده أولياء القتيل، ولهذا لا يجري فيه الاستحلاف، فلا نكول فيه. وأما عند الصاحبين فإن القاضي يقضي بالنكول ولا يرد اليمين، إلا أن القضاء هنا لا يكون الحكم بالقصاص من القاتل وإنما بأداء الدية لأن النكول إقرار فيه شبهة، والقصاص يسقط بالشبهات.

ثالثاً- القول الثالث: ترد اليمين علي المدعي، وهذا قول الإمام الشافعي في جميع الدعاوي، فإذا نكل المدعي عليه عن اليمين، قال له القاضي: لك رد اليمين علي المدعي، فإن طلب ردها علي المدعي أجاب القاضي طلبه ووجب علي المدعي الحلف، فإن حلف حكم القاضي له، وإن نكل ردَّ القاضي دعواه.

والحجة لهذا القول الحديث الشريف الذي رواه الدارقطني، وفيه أن النبيﷺ ردّ اليمين علي طالب الحق ولأنه إذا نكل المدعي عليه ظهر صدق المدعي وقوي جانبه، فتشرع اليمين في حقه، كالمدعي إذا شهد له شاهد واحد قوي جانبه، فإذا حلف استحق ما ادعاه وحكم القاضي له به. وأيضاً فإن نكول المدعي عليه قد يكون لتورعه عن الحلف وترفعه عنه مع علمه بصدقه في إنكاره للمدعي به فلا يتعين بنكوله صدق المدعي فلا يجوز الحكم له من غير دليل، فإذا حلف كانت يمينه دليلاً لترجح جانب صدقه وبالتالي الحكم له بما ادعاه.

لا تقبل اليمين بعد صدور الحكم:

إذا ردت اليمين على المدعي فحلف وحكم القاضي له، فعاد المدعي عليه وأراد أن يحلف لم يقبل منه ذلك. وكذلك لو أراد الحلف بعد الحكم عليه بنكوله لم يقبل منه، لأن الحكم قد تمَّ فلا ينقض كما لو قامت به بينة.

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV