أنشاء المشرع لجان التوفيق في بعض المنازعات بموجب القانون رقم 7 لسنة 2000 بغية إنهاء المنازعات دون اللجوء إلي القضاء و رفع عبء التقاضي عن المتخاصمين ، و جعل مناط اللجوء إليها أن يكون أحد طرفي النزاع شخصية اعتبارية عامة ، و بالتالي فإن المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية الخاصة (كالشركات و الجمعيات الخاصة) و الأفراد عن نطاق اختصاص هذه اللجان .
و خول المشرع هذه اللجان في سبيل أداء مهمتها اصدار توصية ، هذه التوصية من شأنها إذا قبلها طرفي النزاع و أثبت ذلك في محضر يوقعه الطرفان و يلحق بمحضر الجلسة ، و ذيلت بالصيغة التنفيذية أن تكون لها قوة السند التنفيذي ، و تأخذ التوصية في هذه الحالة حكم الأحكام القضائية واجبة النفاذ و تخرج من عداد القرارات الإدارية التي يجوز الطعن عليها بالإلغاء.
فإذا ما قبلت جهة الإدارة التوصية علي النحو سالف الذكر وجب عليها تنفيذها ، إلا أنها إذا ما امتنعت عن تنفيذ التوصية بعد قبولها عد قرارها بالامتناع عن نتفيذ التوصية قراراً سلبياً مخالفاً للقانون ، و ليس أمامها من سبيل للتحلل من هذه التوصية سوي اتخاذ طريق الطعن القضائي و ليس الامتناع عن تنفيذها.
إلا أن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن التوصية الصادرة عن لجان التوفيق في بعض المنازعات لا تكتسب حجية أو حصانة أمام القضاء و إن ذيلت بالصيغة التنفيذية ، إذ أنه متي طرح النزاع أما القضاء فله أن يعتد بالتوصية أو ألا يعتد بها أو يبطلبها إذا ما قدر مخالفتها للقانون.
أحكام المحكمة الإدارية العليا:
(1) إصدار التوصية:
إذا قبل أطراف النزاع توصية اللجنة أثبتت ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقعه الطرفان ويحلق بمحضر الجلسة، ويسلم ذوو الشأن صورة رسمية منه مذيلة بالصيغة التنفيذية، وتكون له قوة السند التنفيذي، وتأخذ التوصية في هذه الحالة حكم الأحكام القضائية واجبة النفاذ، ولا تعد قرارا إداريا مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء- إذا تم الطعن بالإلغاء على توصية لجنة التوفيق المذيلة بالصيغة التنفيذية تعين القضاء بعدم قبول الدعوي لانتفاء القرار الإداري.
(حكم المحكمة الإدارية العليا ، الطعن رقم 13194 و 16040/53 ق عليا ، جلسة 25/2/2009 ، مجموعة الأحكام الصادرة عن المكتب الفني سنة 54 ، المبدأ رقم 39 ، صفحة 321)
(2) وجوب تنفيذ توصية لجنة التوفيق في بعض المنازعات بعد قبولها و تذييلها بالصيغة التنفيذية:
امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق في بعض المنازعات بعد قبولها وتذبيل محضرها بالصيغة التنفيذية يشكل قراراً سلبياً مخالفاً للقانون- لا يغير من ذلك ما قد يثار من أن التوصية تمت الموافقة عليها وقبولها من قبل ممثل الجهة الإدارية بلجنة التوفيق، وليس من السلطة المختصة بها وذلك على وفق ما تطلبه المشرع في القانون رقم 7 لسنة ٢٠٠٠؛ ذلك أنه متى تم منح محضر اللجنة الصيغة التنفيذية، وصارت تلك التوصية مشمولة بالصيغة التنفيذية، فإنها تكون واجبة التنفيذ، وسبيل الجهة الإدارية للتحلل من تنفيذ تلك التوصية إنما يكون باتخاذ طريق الطعن القضائي عليها بالطرق المحددة قانونا، وليس بالامتناع عن تنفيذها.
(حكم المحكمة الإدارية العليا ، الطعن رقم 25382/56 ق عليا ، جلسة 3/7/2011 ، مجموعة الأحكام الصادرة عن المكتب الفني سنة 55و56 ، المبدأ رقم 125/ج ، صفحة 1107)
منى وافق ممثل الجهة الإدارية والطالب على توصية لجنة التوفيق، وقررت اللجنة إثبات ذلك في محضر مذيل بالصيغة التنفيذية، فقد أصبحت لهذا المحضر قوة السند التنفيذي عملا بحكم المادة التاسعة من القانون رقم 7 لسنة ٢٠٠٠- إعمالا للشرعية وسيادة القانون اللذين تخضع لهما جميع سلطات الدولة وتنزل على مقتضاها جميع الإدارات في الدولة؛ يتعين على الجهات الإدارية المختصة أن تنفذ السندات الإدارية الواجبة التنفيذ طبقا لأحكام القانون، وعلى كل موظف من الموظفين العموميين المختصين بذلك إصدار القرارات الإدارية اللازمة لتحقيق هذا الغرض على سبيل الحكم والإلزام – إذا اكتسبت التوصية قوة السنة التنفيذي، ولم تمض على صدورها مدة التقادم الطويل (خمسة عشر عاما)، فإن حق المدعي في تنفيذها لم يلحقه تقادم، ومن ثم يشكل امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذها دون وجه حق قرارا سلبيا مخالفا للقانون، بما يستوجب القضاء بإلغائه.
(حكم المحكمة الإدارية العليا – الدائرة السابعة- غير منشور، الطعن رقم 29825/57 ق عليا ، جلسة 4/7/2013)
(3) مدي ولاية المحاكم في التعقيب علي توصيات لجان التوفيق متي ذيلت التوصية بالصيغة التنفيذية ، و باتت لها قوة السند التنفيذي.
لا تكسب توصيات لجان التوفيق في بعض المنازعات أو قراراتها، وإن ذيلت بالصيغة التنفيذية وباتت لها قوة السند التقيدي، حصانة أمام القضاء إذا ما طرح عليه النزاع، فله ألا يعتد بالتوصية أو يبطلها إذا ما قدر مخالفتها للقانون – أساس ذلك:
(أولا) أن المشرع قد أضفى على توصيات اللجان المشار إليها أو قراراتها قوة السند التنفيدي، بالشروط المحددة قانونا، ولم يضف عليها صفة الحكم القضائي الذي يحوز وحده حجية الأمر المقضى، ولا يجوز الخلط بين الأمرين، فليس كل سند تنفيذي حكما قضائيا حائزا لقوة الأمر المقضي، ولكن كان حكم قضائي بحوز قوة الأمر المضي يمثل سندا تنفيذيا ، و مع هذا فالحكم القضائي نفسه قد يحوز قوة السند التنفيذي ويصلح محلا للطعن أمام محكمة أعلى، التي لها أن تلغيه ويلغي تبعا لذلك هذا السند.
(ثانيا) أن المشرع لم يحظر في القانون رقم 7 لسنة ٢٠٠٠ البتة على ذوي الشأن الطعن أمام المحكمة المختصة على ما تصدره لجان التوفيق في بعض المنازعات المنشأة طبقا له من توصيات، ثم صدر القانون رقي 6 لسنة ٢٠١٧ (بتعديل بعض أحكام هذا القانون) وأجاز في إفصاح جهير الطعن على قرارات تلك اللجان.
(ثالثاً) أن منع المحاكم من التعقيب على توصيات أو قرارات اللجان المشار إليها يضفي على هذه القرارات او التوصيات صفة الأحكام القضائية الباتة، خلافا لما قضت به المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن.
(رابعا) أن روابط القانون العام تحكمها قواعد آمرة، لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، أو الفكاك منها، ما أهدرت توصية اللجنة أو قرارها هذه القواعد الآمرة، ونازع طرفا التوصية فيها، فلا فكاك من التعقيب على التوصية، وإنزال حكم القانون على النزاع.
(حكم المحكمة الإدارية العليا (دائرة توحيد المبادئ) ، الطعن رقم 3001/56 ق عليا ، جلسة 2/6/2018)
التوصيات التي تصدر عن لجان التوفيق في بعض المنازعات لا تحوز حجية الأمر المقضي، ولا تعد عنواناً للحقيقة كما هو الشأن بالنسبة للأحكام القضائية، إنما تحوز قوة السند التنفيذي فقط بعد استيفائها الشروط المتطلبة لذلك.
(حكم المحكمة الإدارية العليا ، الطعن رقم 7438/53 ق عليا ، جلسة 21/4/2009 ، مجموعة الأحكام الصادرة عن المكتب الفني سنة 54 ، المبدأ رقم 57/ج ، صفحة 454)
توصية لجنة التوفيق لها قوة السند التنفيذي (متى استوفت شروط ذلك) إعمالا لنص المادة التاسعة من القانون رقم 7 لسنة ٢٠٠٠ بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، باعتبار أن السند التنفيدي يعطي للحاصل عليه حق التنفيذ الجبري، إلا أن ذلك لا يعني اكتسابه حصانة أمام القضاء إذا ما طرح عليه النزاع، فيحق للمحكمة ألا تعتد بهذا السند إذا ارتأت أنه جاء بالمخالفة للقانون؛ بحسبان أن الأحكام والتي هي أقوى السندات التنفيذية إلزاما يجوز الطعن عليها بالإلغاء أمام المحكمة المختصة، والأمر ينطبق من باب الأولى على توصيات لجان التوفيق في المنازعات التي لها قوة السند التنفيذي في مواجهة الإدارة التي وافقت عليها، حيث لا تكون لها حجية أمام المحكمة إذا ارتأت أنها أوصت بشيء مخالف للقانون.
(حكم المحكمة الإدارية العليا ، الطعن رقم 31739/59 ق عليا ، جلسة 17/1/2016 ، مجموعة الأحكام الصادرة عن المكتب الفني سنة 61/1 ، المبدأ رقم 36/أ ، صفحة 487)
فتاوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوي و التشريع:
استظهرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في فتواها رقم ١٥٢ بتاريخ ۲۰۱۸/۱/۲٤، جلسة 10/1/۲۰۱۸، ملف رقم 86 / 3/1187، أن مناط إعداد لجنة التوفيق في بعض المنازعات للمحضر الذي يوقعه الطرفان ويلحق بمحضر جلسة و تكون له قوة السند التنفيذي، أن تكون هناك توصية صادرة عن اللجنة، مستجمعة أركانها وشرائط صحتها، ويأتي في مقدمتها أن تكون اللجنة مشكلة تشكيلاً صحيحاً على وفق أحكام القانون، وأن تعتمد السلطة المختصة بالجهة الإدارية توصية اللجنة، وأن يقبلها الطرف الأخر كتابة بإرادة حرة، فإذا ما افتقدت أحد هذه الشروط لم يكن هناك محل لإعداد اللجنة المحضر المنوه عنه الذي يلحق بمحضر جلساتها، وينعدم وجه الحديث عن قوة السند التنفيذي للمحضر. ولاحظت الجمعية في مقام تحديد المنوط به عن جهة الإدارية اعتماد تلك التوصية أن المشرع في القانون 7 لسنة ٢٠٠٠ أسند الاعتماد إلى السلطة المختصة وحدها، فلم يجز لغيرها ذلك، كما لم يجز لها التفويض فيه؛ لكون هذا الاختصاص بالاعتماد من قبيل الاختصاص المحجوز قصرا لهذه السلطة؛ بحسبانها هي الأقدر على تقدير اعتماد توصية اللجنة، وهو ما يفصح بجلاء عن أن اشتراط المشرع اعتماد التوصية من السلطة المختصة وعدم جواز تفويض غيرها يعد من الإحكام الجوهرية التي يتعين الالتزام بها، فإذا لم يتم اعتمادها من السلطة المختصة، أو تم اعتمادها من سلطة مفوضة، فهذا يجعلها هي العدم سواء، مما يمتنع معه لزوما الحديث عن إضفاء قوة السند التنفيذي على المحضر المشار إليه الذي يلحق بمحضر جلسة اللجنة، حتى لو ذيل ذلك المحضر بالصيغة التنفيذية، إذ تظل توصية اللجنة في هذه الحالة محصن توصية في طورها الأول، لا يترتب عليها أثر قانوني، ولا تنشئ التزاما في حق الجهة الإدارية المختصة أو غيرها، ولا تكسب حقا لطالب التوصية يتمسك به، ونوهت الجمعية إلى أنه لا ينال من ذلك قبول ممثل الجهة الإدارية عضو لجنة التوفيق للتوصية؛ إذ إن موافقته هي شرط أولي لازم –إلى جانب الشروط الأخرى المقررة قانونا – لتقدير السلطة المختصة دون غيرها اعتماد التوصية، ولا تعد بديلا عن هذا الاعتماد..
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |