المشرع وضع أصلاً عاماً مقتضاه خضوع جميع الواردات للرسوم الجمركية ما لم يرد نص بإعفائها ، و أن تحصل هذه الضرائب و الرسوم عند ورود البضاعة. واستثناء من ذلك أجاز المشرع الإفراج المؤقت عن البضائع دون تحصيل الضرائب و الرسوم المقررة و وذلك بالشروط التي يحددها وزير المالية، ووضع المشرع منظومة لتحديد الضرائب و الرسوم الجمركية الواجبة علي السلع المستوردة بأن وضع تعريفاً دقيقاً لقيمة البضائع التي تتخذ وعاء لتحديد مقدار الضريبة الجمركية التي يقوم علي أساسها تحديد قيمة البضائع الفعلية المتعلقة بها حتي ميناء الوصول بأراضي الجمهورية ، و ألزم صاحب البضاعة بأن يقدم عقود الشراء أو الفواتير الأصلية معتمدة من جهة تحددها أو تقبلها مصلحة الجمارك، وأعطى الحق للمصلحة في طرح تلك المستندات و إعادة تقدير قيمة البضاعة في حالة عدم صحتها كلها أو بعضها. ولها الاسترشاد مثلاً بما لديها من قوائم لبضاعة مماثلة تم الإفراج عنها في ذات ظروف البضاعة محل التقدير طبقاً لأسس صحيحة، أو وجود منشور أسعار لمثل الصنف المشتملة عليه الفاتورة والوارد من ذاد المصدر مقيماً بقيمة مخالفة، أو في حالة وجود مستند سعري لذات الصنف من نفس المنتج أو من ذات بلد الإنتاج بذات مواصفات السلعة الواردة و بقيمة مخالفة، وعليه فإنه إذا كان لمصلحة الجمارك في سبيل تقديرها للبضائع المستوردة لاقتضاء الرسوم الجمركية المستحقة عليها طرح الفواتير والمستندات المقدمة من ذوي الشأن، إلا أن هذا الحق ليس على إطلاقه بل لابد أن يكون مسبباً تسبيباً كافياً على أن يخطر صاحب الشأن كتابة عند طلبه بالأسباب التي استندت عليها في ذلك، دون أن يكون ذلك قيدا على حق ذوي الشأن في اللجوء إلى القضاء لمراقبة سلوك مصلحة الجمارك في هذا الشأن من الناحية الواقعية والقانونية وما إذا كانت قد استمدته من عناصر ثابتة لديها دون انحراف أو إساءة استعمال السلطة.
وحيث إن المستقر عليه أن المشرع خول مصلحة الجمارك وهي في سبيل تقدير قيمة البضائع المستوردة سلطه واسعة بغية الوصول إلى الثمن الحقيقي الذي تساويه في سوق منافسة في تاريخ تسجيل البيان الجمركي المقدم عنها. والمصلحة وهي تباشر هذه المهمة غير مقيدة بما ورد من بيان بالفواتير التي يقدمها صاحب البضاعة أو بغيرها من مستندات أو عقود و لو قدمت بناء على طلبها، وإنما لها ان تعاين البضاعة وتتحقق من نوعها وتدقق قيمتها ومدى مطابقة ذلك لما ورد من بيانات بشهادة الإفراج الجمركي والمستندات المتعلقة بها. وأوجب معاينة البضاعة الواردة داخل الدائرة الجمركية وأجاز إعادة المعاينة ما دامت البضاعة تحت رقابة مصلحة الجمارك.
ومن ثم فإنه إذا قامت المصلحة بإعمال سلطتها في معاينة البضاعة ومطابقتها للبيان الجمركي والتحقق من نوعها وقيمتها و منشأها إلى غير ذلك مما يمكنها من تقدير ثمنها وتحديد البند الجمركي الخاضعة له و قيمة الضرائب و الرسوم الجمركية المستحقة وتحصيلها والإفراج عن البضاعة فإنها تكون قد استنفذت سلطتها بما لا يجوز لها بعد ذلك معاودة النظر في تقدير قيمتها مرة أخرى طالما كان بمكنة المصلحة بما لها من سلطة تقديرية خولها لها القانون أن تتحقق من صحة البيانات ومطابقتها للبضاعة الواردة إذا كان الإفراج عن البضاعة من الجمرك، يفترض معه أن جميع الإجراءات الجمركية قد روعيت و أن الرسوم المقررة على البضائع المفرج عنها قد دفعت. و القول بغير ذلك مؤداه زعزعة الاستقرار في المعاملات التجاريةإذ يراعي في تحديد أسعار السلع المستوردة وتوزيعها بالداخل وتحديد هامش الربح فيما ثمن تكلفتها على المستورد بما في ذلك ما أداه فعلاً من ضرائب ورسوم جمركية.
إلا أن هذا الفرض ليس قطعياً و يجوز إثبات عكسه بجميع الطرق، وغاية ما في الأمر أن تكون مصلحة الجمارك هي التي يقع عليها عبء الإثبات.
وحيث إنه لما كانت الرسوم الجمركية ليست إلا ضريبة، لا ترتكن في أساسها على رباط عقدى بين مصلحة الجمارك والمستورد، وإنما تحددها القوانين التي تفرضها، وليس في هذه القوانين ما يحول دون تدارك الخطأ أو السهو الذي يقع فيها واقتضاء رسم واجب لمصلحة الجمارك قبل الإفراج عن البضاعة، ولا يعتبر ذلك من جانبها خطأ في حق المستورد يمكن أن يتذرع به للفكاك من الرسم متى كان مستحقاً عليه قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة، إذ أنه يحق لمصلحة الجمارك تدارك الخطأ المادي و السهو الذي تقع فيه في حساب الضريبة الجمركية لتطالب بما هو مستحق لها زيادة على ما دفعه المستورد، إلا أن هذا الحق منوط بوقوع المصلحة في خطأ مادي في حكم البضاعة أو عددها أو وزنها أو خطأ قانوني جسيم في تطبيق تعريفة جمركية لا تخص نوع البضاعة المفروضة عليها والمثبتة بالبيان الجمركي المحرر بمعرفة صاحب الشأن، كما يجوز لها أن تعاود النظر في قيمة الضرائب والرسوم الجمركية مرة أخرى إذا كان ثمة غش أو تدليس من جانب صاحب الشأن. أما الخطأ في التقدير بمقولة إن المستورد لم يذكر القيمة الحقيقية للبضاعة في البيان الجمركي أو أنه لم يقدم الفاتورة الأصليه بثمنها أو وردت بيانات ومعلومات لاحقة للجمرك بحقيقة ثمن البضاعة أو قيمته افلا وجه للقول بجواز إعادة النظر في التقدير سواء كان ذلك لمصلحة المستورد أو لمصلحة الجمارك، حرصاً على الاستقرار في المعاملات التجارية.إذ كان بمقدور مصلحة الجمارك ألا تفرج عن الرسالة إلا بعد الاستيثاق من قيمة الضرائب والرسوم المقدرة عليها .
(حكم المحكمة الإدارية العليا (11 موضوع) في الطعن رقم 28759 لسنة 59.ع بجلسة 24/2/2019)
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |