القسامة

تعريف القسامة:

القسامة مصدر أقسم قسماً ومعناه حلف حلفاً، والمراد بها عند الفقهاء الإيمان المكررة في دعوي القتل بشروط معينة.

متي تجب القسامة:

القسامة لا تجب إذا عرف القاتل وشهد الشهود على جرمه، وتقدم أولياء القتيل بدعواهم إلي القاضي وقدموا له بينتهم. وإنما تجب القسامة إذا لم يعرف القاتل وكان هناك لوث في هذا القتل، أي شبهة، يغلب علي الظن الحكم بمقتضاها وأنها تثمر صدق الدعوي. فالقسامة، إذن، لا تثبت بمجرد دعوي أولياء القتيل أن فلاناً أو جماعة ارتكبوا جريمة القتل، بل لابد مع ادعائهم وجود اللوث، أي الشبهة، التي تسند ادعاءهم.

وقد اختلف العلماء في الشبهة التي تثبت بها القسامة، فمنهم من قال أن يشهد شاهد واحد علي إقرار المقتول قبل أن يموت بأن فلاناً قتله، أو يشهد شاهدان علي وجود عداوة بين القتيل وبين المدعي عليهم أو عليه، أو وجود تهديد للقتيل منه أو منهم، أي من المدعي عليه أو من المدعي عليهم، ونحو ذلك من الشبهات. ومن صور اللوث أو الشبهة، أن يوجد القتيل في محلة أو قبيلة أو قرية خارج المصر ولا يعرف قاتله، وبهذه الصورة أخذ الحنفية في باب القسامة وجعلوها شبهة تجيز لأولياء القتيل معها التقدم إلي القاضي بدعوي القتل والمطالبة بالقسامة متهمين أهل تلك المحلة أو القرية التي وجد فيها قتيلهم.

كيفية جريان القسامة وما يثبت بها عند الحنفية:

إذا وجد اللوث في جريمة القتل، كما لو وجد قتيل في محلة أو قرية وبين أهلها وبين القتيل عداوة ولم  يعرف قاتله، وتقدم أولياء القتيل بادعائهم إلى القاضي طالبين منه إجراء القسامة في دعواهم، فإن القاضي يجيبهم إلى طلبهم إذا رأي توافر شروط القسامة وصحة الدعوي، فيختار أولياء القتيل خمسين رجلاً من أهل تلك المحلة أو القرية يحلفون بالله أنهم ما قتلوه ولا يعرفون قاتله، فإذا حلفوا لزمتهم الدية وإن لم يحلفوا حبسوا حتي يحلفوا أو يقروا. وهذه الكيفية هي التي قال بها فقهاء الحنفية وقالوا عنها إنها هي المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنه قضي بها دون مخالف من الصحابة فكان إجماعاً.

وهناك كيفيات أخري للقسامة قال بها الحنابلة والشافعية والمالكية وغيرهم، إلا أن الكيفية التي ذكرها الأحناف نصرها صاحب سبل السلام وقال عنها: وإلي هذا – أي الكيفية التي أخذ بها الحنفية في القسامة – جنح البخاري، أي صاحب الصحيح، وذلك لأن الروايات اختلفت في ذلك في قصة الأنصار ويهود خيبر فيرد المختلف إلي المتفق عليه من أن اليمين علي المدعي عليه”.