بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 32/2/4809
السيد اللواء/ محافظ الإسكندرية
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (1/م/962) المؤرخ 12/9/2018، المُوجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن النزاع القائم بين محافظة الإسكندرية والهيئة القومية لسكك حديد مصر، بخصوص مدى أحقية الهيئة في مطالبة المحافظة بسداد مبلغ مقداره (31960000) واحد وثلاثون مليونًا وتسعمائة وستون ألف جنيه، مقابل تكاليف تهدئة سرعة القطارات فوق نفق سيارات كليوباترا، وإلزام الهيئة برد مبلغ مقداره (12264000) اثنا عشر مليونًا ومائتان وأربعة وستون ألف جنيه، الذي سددته المحافظة نظير مقايسة التهدئة.
وحاصل الوقائع– حسبما يبين من الأوراق– أنه في إطار قيام محافظة الإسكندرية بتنفيذ مشروع توسعة وتطوير نفق كليوباترا أسفل شريط السكك الحديدية بالجهة الشمالية لمحطة قطار سيدي جابر ابتداء من 8/6/2014 والذي كان من المفترض الانتهاء منه بتاريخ 26/7/2017، استلزم الأمر التنسيق مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر لتنفيذ عدة أعمال، من بينها هدم استراحات قديمة تابعة للهيئة وإنشاء استراحات بديلة، وتنفيذ كباري مؤقتة، فضلا عن تهدئة حركة القطارات أعلى النفق وقطع الخط في بعض الأحيان. وقد قدرت الهيئة قيمة المقايسة عن أعمال التهدئة للقطارات المتطلبة لتنفيذ المشروع سالف الذكر بمبلغ (14083000) أربعة عشر مليونًا وثلاثة وثمانين ألف جنيه، فطلبت المحافظة من السيد وزير النقل تخفيض قيمة المقايسة، والذي استجاب بدوره وتم تخفيض المبلغ ليصبح (12264000) اثني عشر مليونًا ومائتين وأربعة وستين ألف جنيه، لتهدئة سرعة القطارات لمدة (155) يومًا، وقطع الخط لمدة (105) ليالٍ متفرقة، وبناء عليه قامت المحافظة بسداد هذا المبلغ. بيد أن المشروع لم يتم الانتهاء منه في موعده، مما أدى إلى تراكم رسوم التهدئة حتى وصلت إلى (36721000) ستة وثلاثين مليونًا وسبعمائة وواحد وعشرين ألف جنيه، خُفضت إلى (31960000) واحد وثلاثين مليونًا وتسعمائة وستين ألف جنيه، الأمر الذي حدا بكم إلى طلب عرض النزاع الماثل على الجمعية العمومية.
وقد عُرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 8 من يناير عام 2020م الموافق 13 من جمادى الأولى عام 1441هـ؛ فتبين لها عدم صلاحيته للفصل فيه بحالته لوجود بعض الأمور الفنية المتخصصة التي يتوقف الفصل فيها على الاستعانة بأهل الخبرة، لذا انتهت الجمعية العمومية إلى تكليف طرفي النزاع بتشكيل لجنة فنية محاسبية برئاسة مدير المديرية المالية بمحافظة الإسكندرية وممثل أو أكثر عن كل من طرفي النزاع، تكون مهمتها، بعد الاطلاع على جميع أوراق النزاع، تحديد مدى صحة تأثر الهيئة القومية لسكك حديد مصر بأعمال مشروع توسعة وتطوير نفق كليوباترا أسفل شريط السكك الحديدية بالجهة الشمالية لمحطة قطار سيدي جابر على وجه يفرض على الهيئة تهدئة حركة القطارات بمنطقة العمل، وطبيعة الأعمال المتطلبة لتفادي تلك الآثار إن وجدت، وحال ثبوت صحة ما تقدم، بيان الأضرار الواقعة على الهيئة وتقييم الأعمال ماليًّا على وجه الدقة، وللجنة إبداء ما تراه من ملاحظات على أن تودع تقريرها مرافقًا له محاضر أعمالها وجميع الأوراق التي بُنيت عليها نتيجة هذا التقرير لدى الجهة عارضة النزاع التي تلتزم بتقديمه إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع قبل انعقاد جلسة 22/4/2020م.
وقد أودعت اللجنة تقريرها متضمنًا أنه فيما يتعلق بمدى صحة تأثر الهيئة القومية لسكك حديد مصر بأعمال مشروع توسعة وتطوير نفق كليوباترا أسفل شريط السكك الحديدية بالجهة الشمالية لمحطة قطار سيدي جابر على وجه يفرض على الهيئة تهدئة حركة القطارات بمنطقة العمل، تبين للجنة تأثر الهيئة من تنفيذ المشروع، حيث تتحمل الهيئة تكاليف تشغيل إضافية تتمثل في التكاليف المباشرة وغير المباشرة نظرًا إلى التشغيل وقتًا أكثر من المقرر وتتمثل في (أجور- إهلاك المُعدّة- الوقود…)، بالإضافة إلى تخصيص العديد من العمالة الفنية المتخصصة لمباشرة ومتابعة مسير القطارات بالسرعة المطلوبة بالموقع وتتمثل في مراقبي أبراج ومفتشي ورؤساء حركة ونظار محطات حفاظًا على سلامة الركاب وحركة مسير القطارات. كما تبين أن الهيئة تتحمل تكاليف تشغيل إضافية لأسباب تخصيص العديد من أعمال الإشراف على الموقع طوال فترة التنفيذ لرؤساء أقسام وفنيين ومهندسين ومفتش دريسة للحفاظ على أمن وسلامة الركاب وحركة مسير القطارات، وتتحمل الهيئة تكاليف إضافية لأسباب استخدام مهمات من الهيئة تتمثل في تركيب الدسكات التي يتم تركيبها لإشعار السائق بأماكن التهدئة، وكذا تركيب أجهزة (atc) والملفات الأرضية التي تتحكم في سرعة القطارات بمنطقة العمل سواء بسرعة 8كم/ساعة أو بسرعة ۳۰ كم/ساعة طوال فترة التهدئة، كما أن تأخر القطارات يتطلب مزيدًا من العمالة اللازمة لتجهيزها للرحلات القادمة وفي الوقت المناسب، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة التشغيل، حيث إنه وبدلا من تجهيز القطار في ساعتين للقيام بالرحلة التالية يتم تجهيزه في أقل من ساعة، الأمر الذي يتطلب زيادة العمالة وزيادة تكلفة التشغيل، كما قد يتم إلغاء بعض الرحلات نتيجة الترحيل في مواعيد القطارات الناتج عن تأخر وصول القطارات إلى المحطة الناتج عن عمليات قطع الخطوط وتهدئة القطارات، مما يترتب عليه قيام البعض بإعادة التذاكر إلى الهيئة مما يعود على الهيئة بالخسارة، كما يؤثر تأخر وإلغاء حركة القطارات بالسلب على السمعة التجارية للهيئة، وعزوف الركاب عن السفر بالقطارات، مما يؤثر بالسلب في إيراداتها. كما اتفق أعضاء اللجنة على أن المحافظة أقدمت على تنفيذ ذلك المشروع وهي تعلم تمام العلم أن هنالك تكاليف سيتم دفعها للهيئة القومية لسكك حديد مصر وإن لم تكن محددة تحديدًا دقيقًا في بداية المشروع، وإنما كان يتم تقديرها وفقًا لما هو معمول به بالهيئة وطبقًا للمدد المطلوبة والتي يتم مدّها طبقًا لطلب المحافظة ووفقا لتقدم العمل بالمشروع، كما أفاد مندوبو الهيئة أن مقايسات التشغيل تتطلب ضرورة وجود (۱۰) أفراد في كل وردية، وذلك لتيسير مسير القطارات طوال فترة التهدئة، كما تتطلب المقايسات الخاصة بأعمال التهدئة من إدارة الحركة القيام بتحديد القطارات التي ستتأثر بالتهدئة، ثم تقوم بحساب تكلفة تأخر القطارات طبقًا للحساب الختامي للعام السابق والإيرادات المحققة ومسير القطارات، ثم تقوم إدارة الحركة المركزية بحساب القيمة الإجمالية عن عدد الأيام المطلوبة مضافًا إليها 10% مصاريف إدارية و10% مصاريف إشراف. كما تبين أن مقايسات هندسة السكة وإدارة تخطيط الصيانة تتطلب ضرورة وجود (۳) أفراد من عمال الصيانة وفرد احتياطي بالوردية يتفرغون لهذه الأعمال مدة التنفيذ، كما يتم تركيب دسكات التهدئة، وتصنيع مهمات لزوم الدسكات الخاصة بالتهدئة 8 كم/ساعة، وكذا دسكات إعادة السرعة وتركيبها وإنارتها مدة التنفيذ، وما يلزم من أجور عمالة. كما تتطلب المقايسات الخاصة بهندسة الإشارات الاستعانة بعمال صيانة الإشارات، وكذا تركيب أجهزة (atc) عند التهدئة وعند رفع السرعة والملفات الأرضية التي تتحكم في سرعة القطارات بمنطقة العمل سواء بسرعة 8 كم/ساعة أو ۳۰ كم/ساعة طوال فترة التهدئة، وكذا تعديل الإشارات الضوئية، مع التزام الجهة المنفذة بالحفر والكشف على كابلات وأجهزة الإشارات بموقع العمل واستخراج وتأمين الكابلات بتعليتها على شدّادات، والمحافظة على جميع الكابلات، كما تتطلب المقايسات الخاصة بالكباري الإشراف على أعمال الخوازيق، وتركيب الكباري المؤقتة طوال مدة التهدئة، وكذا تكاليف فريق الإشراف وملاحظات الأعمال، وكذا تجديد مسافة 90 مترًا بكل سكة من السكك الأربع أعلى النفق بطول إجمالي 360 مترًا من قضبان وزن 54 كيلو دولي على فلنكات خشب مع التزام الشركة المنفذة بتوفير الأوناش اللازمة لرفع السكك أثناء العمل.
وبالنسبة إلى بيان طبيعة الأعمال المتطلبة لتفادي تلك الآثار المذكورة سلفًا، فقد انتهت اللجنة إلى أنه لم يكن هناك إمكانية لتفادي تلك الأضرار والآثار التي ترتبت على تنفيذ المشروع، وبالنسبة إلى بيان الأضرار الواقعة على الهيئة وتقييم الأعمال ماليًّا على وجه الدقة، فقد تبين للجنة أن المقايسات الخاصة بمدة التهدئة الثانية (150 يومًا) بلغ إجمالي قيمتها مبلغ 12346000 (اثني عشر مليونًا وثلاثمائة وستة وأربعين ألف جنيه)، كما بلغ إجمالي قيمة المقايسة عن مدة التهدئة الثالثة (۲۹۳ يومًا) مبلغ 24375000 (أربعة وعشرين مليونًا وثلاثمائة وخمسة وسبعين ألف جنيه)، ليصبح إجمالي قيمة المقاسات المطلوبة للهيئة مبلغ 36721000 (ستة وثلاثين مليونًا وسبعمائة وواحد وعشرين ألف جنيه)، إلا أنه قد تم تخفيضها بمبلغ 4761000 (أربعة ملايين وسبعمائة وواحد وستين ألف جنيه) بموجب كتاب وزير النقل رقم 10459 المؤرخ 15/11/2017 المُوجه إلى محافظ الإسكندرية، ليصبح إجمالي قيمة المقايسة المعدلة المطلوب سدادها للهيئة مبلغ 31960000 (واحد وثلاثين مليونا وتسعمائة وستين ألف جنيه).
ونفيد: أن النزاع عُرض مرة أخرى على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في بتاريخ 26 من مايو عام 2021م الموافق 14 من شوال عام1442هـ؛ فتبين لها أن المادة (89) من القانون المدني تنص على أن: “يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد”، وتنص المادة (90) منه على أن: “1-التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفًا، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكًّا في دلالته على حقيقة المقصود. 2-ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيًّا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحًا”، وتنص المادة (91) منه على أن: “ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وُجه إليه، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك”، وتنص المادة (147) منه على أن: “1-العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون. 2-…”، وتنص المادة (148) منه على أن: “1- يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. 2- ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضًا ما هو من مستلزماته، وفقًا للقانون والعُرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”، وتنص المادة (150) من القانون ذاته على أنه: “1-إذا كانت عبارة العقد واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين…”. وأن المادة (1) من القانون رقم (152) لسنة 1980 بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر تنص على أن: “تنشأ هيئة قومية لإدارة مرفق السكك الحديدية “تسمى سكك حديد مصر” وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع وزير النقل وتدار بطريقة مركزية موحدة، ويكون مركزها مدينة القاهرة ولها فروع بجميع أنحاء جمهورية مصر العربية. وتخضع هذه الهيئة للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون”، وأن المادة (2) من القانون ذاته- المستبدلة بموجب القانون رقم (20) لستة 2018- تنص على أن: “تتولى الهيئة إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكك الحديدية على المستوى القومى، وتطوير هذه الشبكات وتدعيمها بما يتناسب مع دورها الرئيس فى حركة النقل، والعمل على مسايرتها لمتطلبات التوسع فى الإنتاج والتعمير فى إطار الخطة الاقتصادية والسياسية العامة للدولة، كما تتولى إنشاء وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم هذه الخدمة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض، وتطوير خدماتها فى جميع أنحاء الجمهورية”، وتنص المادة (3) منه على أن: “للهيئة في سبيل تحقيق أغراضها أن تمارس جميع التصرفات والأعمال اللازمة لتنفيذ هذه الأغراض، ولها أن تضع الخطط والبرامج وتتبع أساليب الإدارة التي تتفق ونشاطها طبقًا لأحكام هذا القانون ودون التقيد باللوائح والقواعد الحكومية”، وتنص المادة (6) منه على أن: “تتكون موارد الهيئة من: 1-المبالغ التي تخصصها لها الدولة في الموازنة العامة. 2-حصيلة نشاط الهيئة ومقابل الأعمال أو الخدمات التي تؤديها للغير سواء في الداخل أو الخارج…”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- وعلى ما استقر عليه إفتاؤها- أن العقد ينعقد بين الطرفين بمجرد توافق إرادتين متطابقتين بما اصطُلِح عليه بالإيجاب والقبول، وأنه لا يشترط إفراغ هاتين الإرادتين في شكل معين، فقد يكون ذلك من خلال ألفاظ أو مكاتبات متبادلة، أو بالإشارة المتداولة عرفًا، أو باتخاذ موقف لا تدع ظروفه شكًّا في دلالته على قصد مُتخذه، وأنه متى تم التطابق بين إرادتين على نحو ما سلف البيان، قامت شروط العقد مقام القانون بالنسبة إلى طرفيه، ولا يجوز لأحدهما منفردًا تعديل هذه الشروط إلا لسبب من الأسباب المقررة قانونًا. وهو بهذه المثابة شريعة المتعاقدين، فما تلاقت إرادتاهما عليه يقوم مقام القانون بالنسبة إلى طرفيه، ومن بين أهم الالتزامات المترتبة على جميع العقود، سواء المدنية أو الإدارية، ضرورة أن ينفذ المدين التزاماته كاملة وبدقة. كما استظهرت الجمعية العمومية أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر من الهيئات العامة في مفهوم قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم (61) لسنة 1963، تقوم على مرفق عام بهدف تقديم خدمة عامة، وتختص بإنشاء وتشغيل شبكات السكك الحديد على المستوى القومي، وتطوير هذه الشبكات وتدعيمها بما يتناسب مع دورها الرئيس في حركة النقل، والعمل على مسايرتها لمتطلبات التوسع في الإنتاج والتعمير في إطار الخطة الاقتصادية والسياسة العامة للدولة.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 21/1/2014، أصدر محافظ الإسكندرية أمر الإسناد رقم (2) لشركة المقاولون العرب لتنفيذ مشروع توسعة وتطوير نفق كليوباترا بالأمر المباشر وتحت إشراف جهاز تعمير الساحل الشمالي الأوسط لصالح محافظة الإسكندرية، بقيمة تقديرية 15 مليون جنيه، بمدة تنفيذ قدرها ستة أشهر، على أن تقدم الشركة فور تسلم الموقع مقايسة للأعمال شاملة حصرًا دقيقًا لكميات بنود الأعمال وكذلك الأسعار التقديرية، ومعه برنامج زمني يعتمد من جهة الإشراف. بيد أن الثابت من مستندات المشروع المرفقة بأوراق النزاع أن تاريخ بدء الأعمال قُدِّر في 8/6/2014 وتاريخ انتهائها في 26/7/2017، وكان الثابت من مطالعة المستند المعنون “بمشاكل التنفيذ”، وعلى الأخص البنود الأول والخامس إلى التاسع والثاني عشر منه، أن المشروع يتطلب التنسيق مع الهيئة القومية للسكك حديد مصر لتنفيذه، وهدم الاستراحات الخاصة بالأخيرة وإنشاء استراحات بديلة على نفقة المشروع، فضلا عن إصدار تصريح من الهيئة بمبلغ مقداره 12 مليون جنيه جراء أعمال تهدئة القطارات وإزالة وتركيب القضبان وأعمال الخوازيق في أثناء العمل بالمناطق التابعة للهيئة. وبتاريخ 6/8/2014 خاطبت المحافظة وزارة النقل بطلب الموافقة على تخفيض قيمة المقايسة المطلوبة والمُعدة بمعرفة الهيئة نظير التهدئة الخاصة بالمشروع والتي كانت تقدر بمبلغ (14083000) جنيه، فردت الوزارة بتاريخ 19/8/2014 بالموافقة على تخفيض المبلغ المشار إليه إلى (12264000) جنيه والذي تمثل القيمة الفعلية للأعمال التي تقوم بها إدارات الهيئة المختلفة، وكان البيّن من الأوراق أن المحافظة اقترحت إبرام عقد مع الهيئة بشأن أعمال التهدئة محل النزاع في خطابها رقم 1/413 المؤرخ 2/4/2015 المُوجه إلى وزارة النقل، فقامت الهيئة بتاريخ 21/4/2015 بمخاطبة المحافظة مرفِقة بكتابها صورة مُعدلة من العقد المشار إليه، طالبة في ختامه سرعة توقيع العقد وسداد الدفعة الأولى منه، وبتاريخ 16/5/2015 خاطبت المحافظة وزارة النقل بطلب الموافقة على استئناف العمل وإصدار التصاريح اللازمة، وقد تضمن الكتاب الأخير تعهد المحافظة بالسداد مشيرة إلى عدم الحاجة إلى توقيع العقد، وبناء عليه قامت المحافظة بسداد هذا المبلغ.
ومن ثم فإنه من جماع ما تقدم، خلصت الجمعية العمومية إلى أن ثمة اتفاقًا انعقد بين طرفي النزاع بشأن تكاليف التهدئة للقطارات اللازمة لإتمام المشروع، حتى وإن لم يتم توقيع العقد الذي كان مُزمعًا إبرامه، ذلك أن من المستقر عليه أن العقد ينعقد بين الطرفين بمجرد توافق إرادتين متطابقتين بما اصطُلِح عليه بالإيجاب والقبول، وأنه لا يشترط إفراغ هاتين الإرادتين في شكل معين، وكان الثابت من واقع كتاب المحافظة المؤرخ 16/5/2015 المُوجه إلى وزارة النقل اتخاذها موقفًا لا تدع ظروفه شكًّا في دلالته على قصد تعهدها بالسداد، فضلا عن قيامها بسداد بعض تلك التكاليف بالفعل، ومن ثم أضحى العقد قائمًا بالنسبة إليهما، بما لا يجوز معه لأحدهما منفردًا التنصل منه دون وجه حق. ولما كان ذلك وكان الثابت أن المشروع لم يتم الانتهاء منه في موعده، مما أدى إلى تراكم تكاليف التهدئة حتى وصلت إلى (36721000) ستة وثلاثين مليونًا وسبعمائة وواحد وعشرين ألف جنيه، خُفضت إلى (31960000) واحد وثلاثين مليونًا وتسعمائة وستين ألف جنيه، حتى تم التسلم الابتدائي للمشروع في 5/7/2018، وذلك على النحو المُبين سلفًا بتقرير اللجنة المشكلة بقرار الجمعية العمومية في النزاع الماثل، فتلتزم المحافظة بسداد مقابل تكاليف تهدئة سرعة القطارات فوق نفق سيارات كليوباترا، والذى تم تقديره بمبلغ (31960000) جنيه على أن يُخصم من هذا المبلغ ما تم سداده منها والمصروفات الإدارية التي حددتها الهيئة بواقع 10% من تكلفة التهدئة، بحسبان أن المستقر عليه في إفتاء الجمعية العمومية أنه لا محل للمطالبة بالمصروفات الإدارية بين الجهات الإدارية إلا إذا تعلق الأمر بتقديم أعمال أو خدمات فعلية، وهو ما لم يثبُت في النزاع الماثل. ومن ثم تكون مطالبة الهيئة القومية لسكك حديد مصر لمحافظة الإسكندرية بسداد مقابل التهدئة على النحو السابق تحديده قائمًا على سند من القانون.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى: أحقية الهيئة القومية لسكك حديد مصر في مطالبة محافظة الإسكندرية بسداد مقابل تكاليف تهدئة سرعة القطارات فوق نفق سيارات كليوباترا، مع مراعاة ما سددته المحافظة بالفعل نظير مقايسة التهدئة وخصم قيمة المصروفات الإدارية، وذلك على النحو المُبين بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |