مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الفتوى رقم 913 ، ملف رقم54/1/647 ، بتاريخ جلسة 2021/4/7
نوفمبر 12, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الفتوى رقم 795 ، ملف رقم 32/2/5255 ، بتاريخ جلسة 2021/4/7
نوفمبر 12, 2021

الفتوى رقم 809 ، ملف رقم 32/2/5153 ، بتاريخ جلسة 2021/4

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم

                        رقم التبليغ:          

                        بتاريــخ:      /    /2021

                                   

                        ملف رقم: 32/2/5153

السيد الدكتور/ محافظ الدقهلية

تحية طيبة، وبعد،

فقد اطلعنا على كتابكم رقم (33/4) المؤرخ 21/8/2019 الموجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن النزاع القائم بين محافظة الدقهلية والهيئة القومية لسكك حديد مصر، بخصوص تحديد الجهة المختصة بإدارة واستغلال والتصرف فى قطعة الأرض البالغة مساحتها (1910) م2 تقريبًا بمدينة المنصورة، والمقام عليها مبنى الثلاجة القديم التابع إداريًّا لحى شرق المنصورة.

 وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق- أن قطعة الأرض محل النزاع تقع بمدينة المنصورة فى نطاق حى شرق المنصورة بمساحة تقارب (1910) م2، ومقام عليها مبنى الثلاجة القديم وكانت من ضمن أراضى مرفق سكك حديد الدلتا والفيوم، إلى أن صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (641) لسنة 1961 بتصفية ما بقى من خطوط سكك حديد الدلتا والفيوم، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 الذى نصّ فى المادة الأولى منه على أن: “تسلم جميع الأراضى والعقارات المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا عدا ما أصبح منها مخصصًا لأغراض المنفعة العامة إلى كل من الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى وإدارة أملاك الحكومة بوزارة الإسكان والمحافظات كل فيما يخصه لإدارتها والتصرف فيها وفقًا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك”، وبناء على ذلك صدر قرار محافظ الدقهلية رقم (2391) لسنة 2000 متضمنًا تعلية تلك المساحة ومساحات أخرى بسجلات أملاك الدولة، إلا أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر تتمسك بملكيتها لقطعة الأرض المذكورة، وقد تقدمت شركة (إم– أو– تى) للاستثمار العقارى، وهى إحدى الشركات التابعة للهيئة القومية لسكك حديد مصر ووزارة النقل، بعدة طلبات لاستخراج بيان صلاحية للأرض محل النزاع بهدف البناء عليها واستثمارها؛ وذلك تأسيسًا على أن الأرض ملك الهيئة القومية لسكك حديد مصر، كما أنها من ضمن الأراضى الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم (114) لسنة 2005 بإعادة تخصيص الأراضى الواردة بالخرائط والرسومات المرفقة به للهيئة القومية لسكك حديد مصر؛ لاستغلالها بذاتها أو عن طريق أى من شركاتها فى المشروعات الاستثمارية التى تستهدف تنمية وزيادة مواردها، ونتيجة لهذا الخلاف حول تحديد الجهة المالكة لقطعة الأرض المشار إليها فقد تم رفع الأمر إلى مجلس الوزراء، والذى انتهى إلى أن الموضوع يدخل فى اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وإزاء ما تقدم فقد طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.

 وبعرض النزاع على الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 15 من إبريل سنة 2020م ؛ انـتـهت إلى تكليف طرفي النزاع بتشكيل لجنة فنية برئاسة مدير مديرية المساحة بالمحافظة، وممثل عن كل من طرفى النزاع وتتولى هذه اللجنة فحص المستندات والخرائط والرسومات التخطيطية المرفقة بقرار رئيس الجمهورية رقم (114) لسنة 2005 بتخصيص أراضٍ للهيئة القومية لسكك حديد مصر، وبيان ما إذا كانت قطعة الأرض محل النزاع الماثل من بين الأراضى المدرجة بالخرائط والرسومات التخطيطية المرفقة بالقرار المذكور من عدمه، فضلا عن تقديم العقود المحررة بين هيئة سكك حديد مصر وشركة الإسكندرية للتبريد أو سلفها وبيان الجهة التى كانت تقوم باستغلال هذه المساحة حال صدور قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 وجهة الاستغلال وسنده القانونى، وكذا بيان ما إذا كانت المساحة محل النزاع من الأراضى التى تسلمتها محافظة الدقهلية عند صدور القرار الجمهورى رقم (537) لسنة 1980 من عدمه، وفى الحالة الثانية بيان أسباب ذلك وإجراء معاينة على الطبيعة لقطعة الأرض محل النزاع وتحديد مساحتها وإثبات ما عليها بالطبيعة من مبانٍ وإشغالات، على أن تقدم اللجنة تقريرها للهيئة عارضة النزاع لتتولى الأخيرة رفعه للعرض على الجمعية العمومية قبل انعقاد جلسة 10/ 6 /2020 تمهيدًا للفصل في النزاع، وبتاريخ 26/9/2020م ورد إلى الجمعية العمومية خطاب السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر مرفقًا به تقرير اللجنة المشكلة بقرار سكرتير عام محافظة الدقهلية رقم (605) لسنة 2020 نفاذًا لإفتاء الجمعية العمومية المشار إليه ، كما تم إرفاق كافة المستندات التى قدمت إلى اللجنة، حيث استعرضت اللجنة فى تقريرها رأى كل من طرفى النزاع دون ترجيح أحدهما على الآخر.

ونفيد: أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة في 7 من إبريل عام 2021م الموافق 25 من شعبان عام 1442هـ، فتبين لها أن المادة (87) من القانون المدنى تنص على أن: “(1) تعتبر أموالا عامة، العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. (2) وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم”. وأن المادة (88) منه تنص على أن: “تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. وينتهى التخصص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، أو بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة”. وأن المادة (2) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم (43) لسنة 1979 تنص على أن: “تتولى وحدات الإدارة المحلية فى حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة فى دائرتها. كما تتولى هذه الوحدات كل فى نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التى تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها. وذلك فيما عدا المرافق القومية، أو ذات الطبيعة الخاصة التى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، وتُحدد اللائحة التنفيذية المرافق التى تتولى المحافظات إنشاءها وإدارتها والمرافق التى تتولى إنشاءها وإدارتها الوحدات الأخرى للإدارة المحلية…”. وأن المادة (1) من القانون رقم (152) لسنة 1980 الصادر بتاريخ 14/ 7/1980 بشأن إنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر تنص على أن: “تنشأ هيئة قومية لإدارة مرفق السكك الحديدية “تسمى سكك حديد مصر”، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع وزير النقل وتدار بطريقة مركزية موحدة، ويكون مركزها مدينة القاهرة ولها فروع بجميع أنحاء جمهورية مصر العربية. وتخضع هذه الهيئة للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون.”، وتنص المادة (7) منه قبل استبدالها بموجب القانون رقم (144) لسنة 2020 على أن: “تُعتبر أموال الهيئة أموالا عامة”، وأن المادة (7) منه بعد استبدالها بموجب القانون المشار إليه تنص على أن: “تُعد منشآت الهيئة القومية لسكك حديد مصر ومبانيها الخاصة بالتشغيل وخطوط السكك الحديدية وحرمها والمزلقانات من الأموال العامة المملوكة للدولة، كما تُعد من المرافق العامة المُخصصة للنفع العام. ولا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم. ويُحدد حرم السكك الحديدية والمزلقانات بقرار من وزير النقل مع مراعاة أحكام القانون رقم (10) لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة”، وتنص المادة (26) منه على أن: “تحل الهيئة محل الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية المنشأة بالقانون رقم 366 لسنة 1956 المشار إليه فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات…”. وأن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم (114) لسنة 2005 الصادر بتاريخ 10/4/2005 بشأن تخصيص أراضٍ للهيئة القومية لسكك حديد مصر، تنص على أن: “ينهى التخصيص المقرر للمنفعة العامة لأراضي الهيئة القومية لسكك حديد مصر الموضح مساحتها وحدودها ومواقعها بالبيانات والمستندات والخرائط والرسومات التخطيطية المرفقة ويعاد تخصيص هذه الأراضي للهيئة القومية لسكك حديد مصر لاستغلالها بذاتها أو عن طريق أي من شركاتها في المشروعات الاستثمارية التي تستهدف تنمية وزيادة مواردها ويدرج العائد الناتج عن هذا الاستغلال ضمن إيرادات الهيئة.”، وتنص المادة الثانية منه على أن: ” يُلغَى كل ما يخالف هذا القرار أو يتعارض مع أحكامه.”.

واستعرضت الجمعية العمومية قرار مجلس الوزراء الصادر فى 3/6/1953 بالموافقة على إسقاط امتياز شركة سكك حديد الدلتا الممنوح لها، كما وافق في 5/10/1955 على أيلولة موجودات مرفق سكك حديد الدلتا إلى ملكية الدولة وتخويل وزارة المواصلات وضع نظام لإدارة المرفق كهيئة اعتبارية ملحقة بالسكة الحديد بإدارة خاصة منفصلة، ثم صدر قرارا رئيس الجمهورية رقمي (220) لسنة 1957 و(395) لسنة 1959 بتخويل وزير المواصلات سلطة تصفية سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية. كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (441) لسنة 1961، ونص في المادة (5) منه على أن تباع بالمزاد العلني أراضي وعقارات المرفقين المشار إليهما، وتتولى البيع لجنة تشكل بقرار من وزير المواصلات ويكون البيع بشرط أداء الثمن مقدمًا، مع تفويض مدير عام السكك الحديدية في توقيع عقود البيع التي تحرر من واقع مكلفات المرفقين.

واستعرضت الجمعية العمومية نصوص قرار رئيس الجمهورية رقم (1097) لسنة 1957 بشأن إنشاء الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة، والذى يبين منه أن هذه الهيئة بحكم التسمية التي أطلقها عليها القرار الصادر بإنشائها وبحسب الأغراض التي أنشئت أساسا من أجل تحقيقها والمرافق التي قامت على أدائها وتنفيذها، وبالنظر إلى ما أضفاه عليها القانون من سلطات ومنحها من صلاحيات ومقومات، هي هيئة عامة تقوم على إدارة مرفق عام من أهم مرافق الدولة تبتغى به أساسا وجه المصلحة العامة عن طريق النهوض بالإنتاج الصناعي ومضاعفته وما يستتبعه من زيادة الدخل القومي، وقد أكد ذلك قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم (1476) لسنة 1964 والذي استبدل باسم الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة الهيئة العامة للتصنيع ونقل إليها اختصاصات مصلحة التنظيم الصناعي؛ إذ نص القرار المذكور في المادة الثالثة منه على أن: “تعتبر الهيئة العامة للتصنيع هيئة عامة في مفهوم أحكام القانون رقم 61 لسنة 1963 في شأن الهيئات العامة”.

كما استبان للجمعية العمومية أنه بالرجوع إلى التطور التشريعي لنظام المؤسسات العامة في النظام القانوني المصري، يبين أن المشرع أصدر باديء الأمر القانون رقم (32) لسنة 1957 الذي تناولت أحكامه تنظيم جميع المؤسسات العامة، سواء ما يتولي منها مرافق عامة إدارية أو ما يقوم على إدارة مرافق عامة اقتصادية. ثم أصدر القانون رقم (265) لسنة 1960 بتنظيم المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي، وهي- طبقًا للمادة (1) منه- المؤسسات العامة التي تمارس نشاطًا تجاريًّا أو صناعيًّا أو زراعيًّا أو ماليًّا، ويصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية. وفي سنة 1963 صدر القانون رقم (60) لسنة 1963 بتنظيم المؤسسات، أعقبه القانون رقم (32) لسنة 1966 بتنظيم المؤسسات العامة وشركات القطاع العام، ومن ثم فإن مدلول عبارة “الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة” التي رددتها المادة (5/1) من القانون الأخير يتحدد على حسب ما أورده القانون رقم (32) لسنة 1966 من تنظيم للمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها”. وباستعراض أحكام هذا القانون يبين بجلاء أن المؤسسات العامة هي في الغالب مرافق عامة اقتصادية أو زراعية أو صناعية أو مالية أو تعاونية، وأنها هي أدوات الإشراف والرقابة على عدة شركات عامة يدخل نشاطها في نطاق اختصاص معين، يستعين بها الوزير في تنفيذ السياسة العامة للدولة ومتابعتها في القطاع الذي تشرف عليه بما يحقق أهداف خطة التنمية (م1) وتقوم المؤسسة العامة في حدود نشاطها بالمشاركة في تنمية الاقتصاد القومي، وما يتبع المؤسسات العامة من وحدات اقتصادية لابد فيها أن تكون مملوكة بالكامل لشخص عام بمفرده أو يساهم فيها مع غيره من الأشخاص العامة، أو أن يساهم فيها شخص عام أو أكثر، شريطة أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية باعتبارها من شركات القطاع العام، بالإضافة إلى الشركات التي كانت قائمة وقت العمل بذلك القانون التي يساهم فيها شخص عام أو أكثر مع أشخاص خاصة أو يمتلك جزءًا من رأسمالها، دون حاجة إلى صدور قرار من رئيس الجمهورية (المادة الرابعة من مواد الإصدار)، وعلى ذلك فإن المؤسسة العامة هي شخص من أشخاص القانون العام، وأموالها مملوكة بالكامل للدولة، وهو أسلوب من أساليب إدارة المرافق العامة بطريقة مباشرة، في حين أن الملكية العامة أو ملكية الدولة لكل الشركة أو جزء منها هو شرط جوهري لاعتبارها من الوحدات الاقتصادية التابعة. وفي عام 1971 صدر القانون رقم (61) معتنقًا ذات الفكر، فعرف المؤسسة العامة بأنها وحدة اقتصادية قابضة تقوم في مجال نشاطها بالمشاركة في تنمية الاقتصاد القومي ومعاونة الوزير في تحقيق أهداف خطة التنمية. وبذلك استمر للمؤسسة العامة في ظل العمل به، دورها كوحدة إشراف على الشركات التابعة لها بالإضافة إلى إمكانية قيامها بذاتها بنشاط اقتصادي معين. وبتاريخ 4/11/1975 جاء القانون رقم (111) لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام فألغى المؤسسات العامة التي لا تمارس نشاطًا بذاتهــا، وقضي باستمرار المؤسســات العامــــة التي تمارس نشاطــًا بذاتهــا في تاريــخ العمل بالقانون، في مباشرة اختصاصاتها بالنسبـة للوحدات الاقتصادية التابعــة لهــا، وذلك لمــدة لا تجــاوز ستة أشهر يتم خلالها بقرار من الوزير المختص تحويلها إلى شركة عامة أو إدماج نشاطها في شركة قائمة ما لم يصدر بشأنها تشريع خاص أو قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من الوزير المختص بإنشاء هيئة عامة تحل محلها أو بايلولة اختصاصها إلى جهة أخري. ومن ثم لم يعد للمؤسسة العامة وجود في التشريع المصري سواء كوحدة اقتصادية تمارس نشاطا محددًا بذاتها ، أو بحسبانها أداة إشراف على بعض الوحدات الاقتصادية التي بات الاختصاص بالإشراف عليها ومتابعتها  للمجلس الأعلي للقطاع العام. وبتاريخ 30 من يوليه سنة 1983 صدر قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم (97) لسنة 1983 ناصا في المادة (1) منه على أن: “تقوم هيئات القطاع العام في مجال نشاطها ومن خلال الشركات التي تشرف عليها بالمشاركة في تنمية الاقتصاد القومي والعمل على تحقيق أهداف خطة التنمية طبقًا للسياسة العامة وخططها. ويتولي الوزير المختص عن طريق هيئات القطاع العام المتابعة لتنفيذ السياسة العامة للدولة في مجالات نشاط هذه الهيئات ومتابعة تنفيذ خطة الدولة في هذه المجالات، وناصا في المادة (2) منه على أن: “تنشأ هيئة القطاع العام بقرار من رئيس الجمهورية وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتعتبر من أشخاص القانون العام، ويحدد القرار…”. وبذلك يكون المشرع قد استحدث نوعًا من الأشخاص الاعتبارية العامة، لم يشأ أن يجعلها من الهيئات العامة، وإن كان أطلق عليه مسمي “هيئة القطاع العام” بيد أنه تتوافر فيها ذات مقومات المؤسسة العامة، سواء من حيث التمتع بالشخصية الاعتبارية العامة وطبيعة أموالها، وملكية الدولة لهذه الأموال، أو من حيث الدور المنوط بكل منها في تنمية الاقتصاد القومي والعمل على تحقيق خطة التنمية بالإشراف كوحدة قابضة على مجموعة من شركات القطاع العام، أو بمباشرة نشاط معين بذاتها. الأمر الذي يمكن معه القول أن هيئات القطاع العام هي محض شكل جديد من أشكال إدارة المرفق العام بطريق المؤسسة العامة. هذا فضلا عن أن ما تشرف عليه هذه الهيئات من شركات، استلزم المشرع في المادة “18” من القانون الأخير ملكية أموالها لشخص اعتباري عام بمفرده أو يساهم فيها مع غيره من الأشخاص العامة، أو شركات وبنوك القطاع العام، أو ملكية هذه الأشخاص لجزء من رأس مالها بنسبة لا تقــل عن 51% مع أشخــاص خاصــة، إنما تتفـــق في طبيعتها القانونية وبالضرورة مشاركة الأشخاص الاعتبارية العامة في رأس مالها مع الوحدات الاقتصادية التي كانت تتبع المؤسسات العامة قبل إلغاء هذه المؤسسات، والحاصل أنه بصدور قانون قطاع الأعمال العام رقم (203) لسنة 1991 ناصا في المادة الثانية من مواد إصداره على حلول الشركات القابضة التي أنشأها قانون قطاع الأعمال العام محل هيئات القطاع العام التي نظمها قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم (97) لسنة 1983، وبحلول الشركات التابعة من القانون اللاحق محل شركات القانون الأسبق تنتقل إلى الشركات القابضة والشركات التابعة لها… كافة ما لهيئات القطاع العام وشركاته الملغاة من حقوق، بصدور هذا القانون يكون المشرع قد استبدل تشكيلا بتشكيل وتنظيما بآخر، دون أن يغير بذاته أوضاع الملكية العامة ولا صفة الملكية العامة للأموال التي تقوم عليها هذه التشكيلات ولا نسبتها إلى الشعب، طبقًا للمفهوم الدستوري المشار إليه في المادتين “29” و”30″ من الدستور المصرى الصادر عام 1971، الذي يكشف بوضوح عن أن الدستور ينظر إلى القطاع العام باعتبار المفهوم القانوني والتنظيمي لملكية الشعب بكونها الملكية العامة، فيعتبر القطاع العام ما يعبر من الأشكال القانونية عن الملكية العامة. وفي إطار من ذلك وما تتضمنه أوضاع التشريع المصري بصفة عامة وقانون قطاع الأعمال العام فقد استقر إفتاء الجمعية العمومية واطّرد على أن شركات قطاع الأعمال العام المنظمة بالقانون رقم (203) لسنة 1991 تعد من حيث الطبيعة القانونية داخلة في عموم ما عبر عنه المشرع في الدستور بالقطاع العام .

واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن الأصل فى ملكية الدولة أو مصالحها أو هيئاتها العامة أنها ملكية عامة تتغيّى منها إدارة المرافق العامة التى تضطلع بأعبائها، وأن الانتفاع بالمال العام يكون بدون مقابل، لأنه لا يخرج عن كونه استعمالا للمال العام فيما أُعِدّ له، ويكون نقل الانتفاع به بين أشخاص القانون العام بنقل الإشراف الإدارى على هذه الأموال بدون مقابل، ولا يعد ذلك من قبيل النزول عن أموال الدولة أو التصرف فيها، واستثناء من هذا الأصل يكون للجهة العامة أن تقرر أن يكون الانتفاع بالمال العام فى الغرض الذى أُعِدّ له بمقابل شريطة أن يكون أداء هذا المقابل رهينًا بموافقة الجهة المستفيدة. ولا يعد هذا الاتفاق تأجيرًا، بل هو عقد انتفاع بمالٍ عام تسرى عليه القواعد العامة فى العقود من ضرورة الالتزام بما انعقدت عليه إرادة الطرفين، كما استعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه إفتاؤها من أنه فى حال قبول الجهة المستفيدة أداء مقابل لقاء الانتفاع بالمال العام فى الغرض المخصص له، فإن ذلك لا يعتبر تأجيرًا يخضع لأحكام قوانين الإيجار المعروفة فى القانون الخاص، بل هو انتفاع بالمال العام، والتصرف فيه يكون عن طريق الترخيص، وتحكمه الأوضاع والإجراءات المنظمة قانونًا للانتفاع بالمال العام على النحو المعروف فى القانون العام.

كما استظهرت الجمعية العمومية أن المشرع فى المادتين رقمي (87 و88) من القانون المدنى حدّد الأموال العامة، بأن أورد لها تعريفًا عامًّا تتعين بمقتضاه هذه الأموال، وحظر التصرف فيها بالبيع أو الإيجار وخلافه، وكذلك الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ما فتئت على هذا الوصف، واعتبرها خارج دائرة التعامل حتى ينخلع عنها هذا الوصف على نحو ما قرره القانون. والمال العام- بهذا الوصف الذى يجعله خارج دائرة التعامل- له شرطان، أولهما: أن يكون عقارًا أو منقولا مملوكًا للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة. وثانيهما: أن يكون هذا المال مخصصًا لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. والشرط الثانى هو الأساس الحقيقى لفكرة المال العام، ومبعث الرغبة فى حماية هذه الأموال حماية خاصة والنأى بها عن دائرة التعامل، نظرًا لتخصيصها للمنفعة العامة ورصدها لمصلحة الجماعة، فالعبرة هنا بالتخصيص والرصد للمنفعة العامة بغض النظر عن طبيعة المال أو أداة تخصيصه أو وجه التخصيص، وسواء كان هذا التخصيص لمصلحة عامة أو لاستعمال الجمهور مباشرة. وأما إذا زايله هذا الوصف بانتهاء تخصيصه للمنفعة العامة، بالفعل أو بقانون أو بمرسوم أو بقرار من الوزير المختص، فينخلع عنه هذا الحظر، ويغدو التصرف فيه جائزًا ممن خوّله القانون ذلك، إلا إذا كان قد أعيد تخصيصه للمنفعة العامة فى أى وجه من وجوه النفع العام، فيظل بمنأى من كل تعامل باعتباره مالا عاما لا يجوز التصرف فيه.

واستظهرت الجمعية العمومية أيضا ما استقر عليه إفتاؤها من أن شركة القطاع العام تعتبر وحدة اقتصادية تقوم بنشاط صناعي أو تجاري أو مالي أو زراعي أو عقاري أو غير ذلك من أوجه النشاط الاقتصادي؛ وذلك وفقا لخطة التنمية التي تضعها الدولة تحقيقا لأهداف الوطن في بناء المجتمع الاشتراكي- وتتبع المؤسسة العامة التي يصدر قرار جمهوري بتحديدها للإشراف والرقابة عليها، كما أن صافي أرباح شركة القطاع العام يئول إلى المؤسسة العامة الذي يعود فائض مجموع الاعتمادات المخصصة لها إلى الميزانية العامة للدولة.

كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم– وعلى ما جرى به إفتاؤها- أن وحدات الإدارة المحلية لا تملك اختصاصًا بالنسبة إلى المرافق القومية والمرافق ذات الطبيعة الخاصة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، كما هو الشأن بالنسبة إلى الأراضي المخصصة للهيئة القومية لسكك حديد مصر، وإنما حقها فى الإشراف والرقابة مقصور على المرافق ذات الطابع المحلى، وتلتزم بالمحافظة على أموال الدولة الخاصة والعامة وحمايتها من التعديات.

وترتيبًا على ما تقدم فإنه وبتتبع الوضع القانونى لقطعة الأرض محل النزاع الماثل يتبن أنها كانت من بين الأراضى المملوكة لمرفق سكك حديد الدلتا والفيوم، وبتاريخ 15/10/ 1955 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بأيلولة جميع موجودات مرفق سكك حديد الدلتا إلى ملكية الدولة دون أن يقابل الملكية أي التزامات على الخزانة العامة، وتخويل وزارة المواصلات وضع نظام خاص لإدارة المرفق على أساس أن يدار كهيئة اعتبارية ملحقة بالسكة الحديد بإدارة منفصلة، ومن ثم أضحت الأرض محل النزاع من بين أملاك الدولة العامة الخاضعة لإشراف وإدارة الهيئة العامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر– آنذاك– وبتاريخ 25/12/1960 قامت الهيئة المذكورة بالترخيص فى الانتفاع بجزء من الأرض محل النزاع للهيئة العامة لبرنامج السنوات الخمس الصناعية بمقابل انتفاع سنوى يقدر بمبلغ (875 ر7) سبعة جنيهات وثمانمائة وخمسة وسبعين مليمًا، وذلك لإنشاء مشروع ثلاجة عليها بالمنصورة بمعرفة الهيئة العامة لبرنامج السنوات الخمس الصناعية– وهي هيئة عامة تقوم على إدارة مرفق عام يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة عن طريق النهوض بالإنتاج الصناعي فى ذلك الوقت- وقد تضمن محضر التسليم المؤقت بين الطرفين ” أن هيئة السكة الحديد تحفظ لنفسها الحق فى استرداد العين فى أى وقت إذا ما احتاجت إليها لأعمالها بشرط أن تخطر الجهة المنتفعة قبل الميعاد المراد الاسترداد فيه بمدة شهرين”، ثم أعقب ذلك صدور قرار رئيس الجمهورية رقم (441) لسنة 1961 الذى ناط بوزير المواصلات– بحسبانه رئيس الهيئة العامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر آنذاك- سلطة تصفية ما بقي من خطوط مرفقي سكك حديد الدلتا والفيوم الزراعية، وذلك عن طريق بيع أراضى وعقارات المرفقين المذكورين بالمزاد العلنى على أن يفوض المدير العام للهيئة العامة للسكك الحديدية في توقيع عقود البيع، ولم يترتب على القرار المذكور أى أثر فيما يخص قطعة الأرض محل النزاع، حيث قامت الهيئة العامة لبرنامج السنوات الخمس الصناعية بالانتفاع بقطعه الأرض المرخص لها فى الانتفاع بها لإقامة مشروع ثلاجة المنصورة، وضمت إليها مساحات مجاورة لخدمة المشروع، وفى غضون عام 1964 تحولت الهيئة العامة لبرنامج السنوات الخمس الصناعية إلى الهيئة العامة للتصنيع بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم (1476) لسنة 1964 واستمرت فى الانتفاع بالأرض محل النزاع فى الغرض ذاته المرخص لها فيه- باعتباره أحد مشروعات الدولة للإنتاج الصناعى- وذلك عن طريق المؤسسة المصرية العامة للصوامع والتخزين، حيث أتاح لها القرار الجمهورى الصادر بإنشائها تنفيذ مشروعاتها إما بنفسها مباشرة أو بواسطة غيرها من الهيئات أو المؤسسات أو الأفراد، واستمر استغلال الأرض محل النزاع للمنفعة العامة عن طريق المؤسسة المصرية العامة للصوامع والتخزين ممثلة فى إحدى شركات القطاع العام التى أنشأتها عام 1967، وهى شركة إسكندرية للتبريد، وذلك حتى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم (887) لسنة 1967 بإلغاء المؤسسة المصرية العامة للصوامع والتخزين وتوزيع شركاتها على المؤسسات العامة الأخرى، وبناء عليه انتقلت تبعية شركة إسكندرية للتبريد إلى المؤسسة العامة للسلع الغذائية، واستمر الانتفاع بالأرض محل النزاع الماثل لتنفيذ أحد مشروعات الإنتاج الصناعى (ثلاجة المنصورة) من قِبَل الهيئة العامة للتصنيع عن طريق المؤسسة العامة للسلع الغذائية ممثلة فى شركة إسكندرية للتبريد حتى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 بشأن التصرف في الأراضي والعقارات المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا المنشور بتاريخ 13 /11 /1980، والذى قرر فى المادة (1) منه أن: “تسلم جميع الأراضي والعقارات المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا– عدا ما أصبح منها مخصصا لأغراض المنفعة العامة– إلى كل من الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي وإدارة أملاك الحكومة بوزارة الإسكان والمحافظات كل فيما يخصه لإدارتها والتصرف فيها وفقا للقوانين واللوائح المنظمة لذلك.”.

ومن حيث إنه وفى ضوء الرصد السابق للوضع القانونى للأرض محل النزاع الماثل يتبين أنه حال صدور قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 المشار إليه كانت الأرض مخصصة فعليًّا لأغراض النفع العام، وذلك عن طريق الترخيص فى الانتفاع من الشخص العام صاحب سلطة الإشراف والإدارة عليها آنذاك (الهيئة العامة لشئون سكك حديد جمهورية مصر) إلى أحد أشخاص القانون العام (الهيئة العامة لبرنامج السنوات الخمس الصناعية) لتنفيذ أحد المشروعات الصناعية ذات النفع العام (ثلاجة المنصورة)- والتى أنشئ مثلها فى العديد من محافظات مصر– وتم التنفيذ عن طريق المؤسسة العامة للصوامع والتخزين ثم المؤسسة العامة للسلع الغذائية بعد إلغاء المؤسسة الأولى، الأمر الذى تكون معه الأرض محل النزاع قد تنقلت بين أشخاص القانون العام لتنفيذ مشروع ذى نفع عام، وعليه وإذ استمر ذلك الوضع القانونى والفعلى حتى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 الذى استثنى من تطبيق حكم المادة (1) منه الأراضى والعقارات المخصصة لأغراض المنفعة العامة، وعليه فإن الأرض محل النزاع الماثل تخرج من نطاق الأراضى والعقارات التى يسرى عليها قرار رئيس الجمورية المذكور، لا سيما أن القرار الجمهورى المذكور لم يتعرض لمسألة انتهاء تخصيص الأراضى والعقارات المخصصة للنفع العام فى وقت لاحق أو يوجب تسليم هذه الأراضى والعقارات حال انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة فى أى وقت للجهات التى حددها، ولو أراد المشرع ذلك لما أعوزه النص عليه، وهو ما يقطع بأن قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 قد صدر بشأن الأراضى والعقارات المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا غير المخصصة للمنفعة العامة وقت صدوره، ولم يتعرض للأراضى والعقارات المخصصة للمنفعة العامة– ومنها الأرض محل النزاع– سواء وقت صدوره أو فى المستقبل، وهو ما يتأكد به أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر لم تكن ملزمة وقت صدور القرار الجمهورى المشار إليه بتسليم الأرض محل النزاع إلى محافظة الدقهلية بحسبانها من بين الأراضى والعقارات الخاضعة لولايتها والمخصصة للمنفعة العامة على النحو المتقدم بيانه.

ومن حيث إنه وفى ضوء ما تقدم يتأكد بيقين أن قطعة الأرض محل النزاع الماثل لم تكن من بين الأراضى التى يسرى عليها قرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 بشأن التصرف في الأراضي والعقارات المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا، ولما كان القرار المذكور هو السند القانونى الوحيد الذى ارتكن إليه السيد/ محافظ الدقهلية فى إصدار قراره رقم (2391) لسنة 2000 بإدراج الأرض محل النزاع الماثل بسجل (8) أملاك بالوحدة المحلية لحى شرق المنصورة، الأمر الذى يكون معه هذا القرار قد أصدرته الجهة الإدارية على فهم أن الأرض محل النزاع الماثل من بين الأراضى المتخلفة عن تصفية مرفق سكك حديد الدلتا والفيوم، والتى تخضع للتنظيم الوارد بقرار رئيس الجمهورية رقم (537) لسنة 1980 المشار إليه، بما يقتضى تسليمها إلى المحافظة، بينما هى خارجة عن نطاق تطبيق هذا القرار على النحو السالف بيانه، وإذ صدر بعد ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم (114) لسنة 2005 بإعادة تخصيص الأراضى الواردة بالخرائط والرسومات المرفقة به للهيئة القومية لسكك حديد مصر؛ لاستغلالها بذاتها أو عن طريق أى من شركاتها فى المشروعات الاستثمارية.

لـــذلــــك

انـتـهت الجمـعية العمومية لقسمي الفـتوى والتـشريع إلى أحقية الهيئة القومية لسكك حديد مصر فى إدارة واستغلال والتصرف فى قطعة الأرض البالغة مساحتها (1910) م2 تقريبًا، بمدينة المنصورة والمقام عليها مبنى الثلاجة القديم التابع إداريًّا لحى شرق المنصورة، وذلك على النحو المبين بالأسباب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريرًا في:           /           /2021

                          رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

                              المستشار/

               يسرى هاشم سليمان الشيخ

                          النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة

Comments are closed.

Violetporno Grande xxx Desi Jimo Arab XNXX Sex Arab Sex xxx bf sex x arab videos หนังAV