بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2021
ملف رقم: 37/2/858
السيد المهندس/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر.
تحية طيبة، وبعد،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم (100) المؤرخ 9/9/2020، الموجه إلى إدارة الفتوى لوزارات النقل والاتصالات والطيران المدني، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني بخصوص اعتراض شركة وابتك (GE سابقا) على ما انتهت إليه اللجنة الثالثة بقسم الفتوى بمجلس الدولة من تحمل الشركة عبء أداء ضريبة الدمغة المقررة على العقود أرقام (26/22 و26/23 و22/1025 و22/1026 و22/1027 و22/1028).
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق- أنه إبان مراجعة اللجنة الثالثة لقسم الفتوى بمجلس الدولة للعقود المشار إليها، فقد أفادت اللجنة الهيئة القومية لسكك حديد مصر بأن ما تضمنته هذه العقود من النص على تحمل الهيئة عبء أداء ضريبة الدمغة المقررة مخالفا صحيح أحكام قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم (111) لسنة 1980، مما يتعين معه تعديل تلك البنود، وإلزام الشركة المتعاقدة بتحمل عبء هذه الضريبة، وهو ما اعترضت عليه الشركة، وتمسكت بعدم التزامها بذلك، نزولا على ما نصت عليه هذه العقود من اعتبار الأسعار صافية من جميع الضرائب والدمغات، وتحمل الهيئة عبء أدائها إلى السلطات الضريبية المختصة، وإزاء ذلك فقد طلبتم الإفادة بالرأي القانوني من إدارة الفتوى على النحو المتقدم فانتهت إلى عرض الموضوع على اللجنة الثالثة لقسم الفتوى بمجلس الدولة، والتى قررت بجلستها المعقودة في 23/12/2020 إحالته إلى الجمعية العمومية للأهمية والعمومية.
ونفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 24 من مارس عام 2021م الموافق 11 من شعبان عام 1442هـ؛ فتبين لها أن المادة (38) من الدستور المصري تنص على أن: “يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. لا يكون إنشاء الضرائب العامة، أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا في حدود القانون…”. وأن المادة (147) من القانون المدنى تنص على أن: “1- العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون…”، وأن المادة (148) منه تنص على أنه: “1- يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية…”. وأن المادة (1) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم (111) لسنة 1980 تنص على أن: “تفرض ضريبة دمغة على المحررات والمطبوعات والمعاملات والأشياء والوقائع وغيرها من الأوعية المنصوص عليها فى هذا القانون”، وأن المادة (2) منه تنص على أن: “ضريبة الدمغة نوعان: (أ) ضريبة دمغة نوعية. (ب) ضريبة دمغة نسبية”، وأن المادة (5) منه تنص على أنه: “لا يجوز الاتفاق على ما يخالف الأحكام الواردة فى هذا القانون بالنسبة إلى من يتحمل بعبء الضريبة”، وأن المادة (14) منه تنص على أن: “يقصد بالجهات الحكومية في تطبيق أحكام هذا القانون: (أ)… (ب)… (جـ) الهيئات العامة. (د)…”، وأن المادة (79) منه تنص على أن: “تستحق ضريبة نسبية على ما تصرفه الجهات الحكومية… من المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات على الوجه الآتى…”، وأن المادة (80) منه تنص على أنه: “فيما عدا المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات تستحق على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها سواء تم الصرف مباشرة أو بطريق الإنابة علاوة على الضريبة المبينة فى المادة السابقة ضريبة إضافية مقدارها ثلاثة أمثال الضريبة المشار إليها…”، وأن المادة (81) منه تنص على أن: “يتحمل الضريبة الشخص أو الجهة التي يتم الصرف لها…”، وأن المادة (82) منه تنص على أن: “تعفى من الضريبة المنصوص عليها في المادتين 79، 80 من هذا القانون المبالغ التي تصرف في الأحوال الآتية:…”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المشرع استن فى المادة (38) من الدستور أصلا عامًّا مؤداه أن إنشاء الضرائب العامة أوتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبمقتضى هذا المبدأ الدستورى تخضع الضرائب العامة لمبدأ شرعية الضرائب، بحيث يتعين صدور القانون الذى يفرض الضريبة العامة محددًا مناط فرضها، ووعاءها، وأسس تقديره، وبيان مبلغها، وفئاتها، والملتزمين أصلا بأدائها، والمسئولين عن توريدها، وقواعد ربطها، وتحصيلها، وتوريدها، وضوابط تقادمها، وغير ذلك مما يتصل ببنيانها عدا الإعفاء منها، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون، وصدعًا لذلك صدر قانون ضريبة الدمغة بالقانون رقم (111) لسنة 1980، فأخضع لضريبة الدمغة المحررات والمطبوعات والمعاملات والأشياء والوقائع وغيرها من الأوعية المنصوص عليها فى هذا القانون، ونظم هذا القانون الأحكام الخاصة بنوعي ضريبة الدمغة، النوعية والنسبية، وأحوال فرضها، كما حظر الاتفاق على ما يخالف الأحكام الواردة فى هذا القانون بالنسبة إلى من يتحمل عبء الضريبة، وقد أخضع المشرع المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات التى تصرف من الجهات الحكومية لضريبة نسبية على وفق النسب والحدود الواردة بالقانون المذكور، كما أخضع جميع الصرفيات الأخرى التى تصرف من الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها، لضريبة دمغة نسبية إضافية تعادل ثلاثة أمثال الضريبة المستحقة على هذه المرتبات والأجور وما فى حكمها، ويتحمل عبء هذه الضريبة الإضافية الشخص أو الجهة التى يتم الصرف لها، إذ الأصل فى فرض ضريبة الدمغة هو الإلزام بأدائها فيخضع لها كل من تعامل مع جهة حكومية وأثمر هذا التعامل عن استحقاقه مبالغ من الأموال المملوكة للجهات الحكومية، فيخضع صرفها له لضريبة الدمغة النسبية عادية أو إضافية، بحسب الأحوال، ولا استثناء من هذا الأصل إلا بمقتضى نص قانوني يُتاح بموجبه هذا الإعفاء.
واستعرضت الجمعية العمومية ما استقر عليه الفقه والقضاء والإفتاء من أن القواعد القانونية تتنوع بحسب سلطان إرادة الأفراد إزاءها، ما بين قواعد آمرة وأخرى مكملة، فالقواعد الآمرة هي التي لا يجوز اتفاق الأفراد على مخالفة حكمها، فالعلاقة بين هذه القواعد وبين إرادة المخاطبين بها هي علاقة خضوع كامل، لا يجوز الاتفاق على استبعاد أحكامها، أو على مخالفتها، أما القواعد المكملة فهي التي يجوز اتفاق الأفراد على ما يخالف حكمها، واستبعاد أية قاعدة منها، والأخذ بحكم آخر غير حكمها، فهي تكمل ما فات اتفاق الأفراد تنظيمه، وأن معيار التفرقة بين القواعد الآمرة والمكملة مردود إلى أحد أمرين، الأول: موقف القاعدة من النظام العام والآداب في المجتمع، وفي هذا الصدد تعد القوانين التي تفرض الضرائب من النظام العام، فكل اتفاق خاص ينطوي على مساس بالقواعد التي تقرها هذه القوانين يقع باطلا، فإذا اُتفق على أن يتحمل الضريبة شخص لا يلتزم بها قانونًا، فإن هذا الاتفاق لا يعفي الشخص الملزم قانونًا بدفع هذه الضريبة.
والثاني: دلالة عبارة النص على نوع القاعدة، فإذا نصت القاعدة على عدم جواز أمر معين أو بطلانه أو نصت على عدم جواز الاتفاق على ما يخالف حكمها أو على بطلان هذا الاتفاق، دلّ كل هذا على أن القاعدة آمرة، إما إذا نصت القاعدة على جواز الاتفاق على ما يخالف حكمها، أو أن إعمالها منوط بسكوت الإرادة عن تنظيم المسألة، دل هذا على أن القاعدة مكملة غير آمرة.
كما استظهرت الجمعية العمومية أنه إذا كان المشرع قد استن أصلا من أصول القانون يُطبق فى العقود المدنية والإدارية على حد سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، وأنه يجب تنفيذه طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، فبانعقاد العقد يُعدُّ كلُّ طرف ملتزمًا بتنفيذ ما اتفق عليه، ولا يكون لأى منهما التحلل من التزاماته أو تعديل ما اتفق عليه بإرادته المنفردة، إلا أن صحة العقد، ونفاذيته، وفقا لما تلاقت عليه إرادة طرفيه، منوطة بعدم مخالفته قاعدة قانونية آمرة، لا يجوز الاتفاق على ما يخالف حكمها، أو الإفلات من إلزامية الخضوع لها، وارتأت الجمعية العمومية أن ما قرره المشرع بالمادة (5) من قانون ضريبة الدمغة سابق الذكر، من عدم جواز الاتفاق على ما يخالف الأحكام الواردة بهذا القانون بالنسبة إلى من يتحمل عبء أداء هذه الضريبة، يدخل في غمار القواعد القانونية الآمرة، التي لا يجوز للجهات أو الأفراد الاتفاق على ما يخالفها أو استبعاد حكمها، لصراحة عبارة النص في الدلالة على ذلك، وهو ما عمد المشرع إلى تقريره بقصد– على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع هذا القانون– منع أية محاولة للتهرب من أداء ضريبة الدمغة المستحقة، ومن ثم يكون تحديد المتحمل بعبء أداء ضريبة الدمغة المشار إليها محجوزا للمشرع دون غيره، ولا يجوز اتفاق الجهات أو الأفراد المخاطبة بأحكام هذا القانون على ما يخالف هذا التعيين، وإلا بات الاتفاق مشوبًا بعيب جوهري ينحدر به إلى مطاف البطلان.
وترتيبًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الهيئة القومية لسكك حديد مصر أبرمت عقود التوريد وتلقي الخدمات المعروضة حالتها، متضمنة النص على تحملها عبء ضريبة الدمغة المقرر قانونا، والالتزام بدفعها إلى السلطات الضريبية المختصة، وحيث أفادت اللجنة الثالثة بقسم الفتوى بمجلس الدولة إبان مراجعتها لهذه العقود بأن البنود المشار إليها مخالفة لصحيح أحكام قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم (111) لسنة 1980 المشار إليه، بحسبانها قد نقلت عبء هذه الضريبة على غير الجهة التي يتم الصرف لها، وفقا للمقرر قانونا في هذا الشأن، لما كان ذلك وكان المشرع قد فرض بالمادة (80) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه ضريبة دمغة نسبية إضافية على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية– ومنها الهيئات العامة وفقا للمادة (14) من القانون ذاته- من الأموال المملوكة لها، سواء تم الصرف مباشرة أو بطريق الإنابة، بواقع ثلاثة أمثال الضريبة المقررة بالمادة (79) منه على ما تصرفه هذه الجهات الحكومية من الأجور والمرتبات والمكافآت وما في حكمها والإعانات، وقد عين المشرع بالمادة (81) منه متحمل عبء أداء هذه الضريبة- حال استحقاقها وانتفاء مناط الإعفاء منها وفقا للمادة (82) من القانون- في الشخص أو الجهة التي يتم الصرف لها، وإذا كان حكم المشرع بشأن تحديد الجهة متحملة عبء هذه الضريبة لا يجوز لذوي الشأن الاتفاق على ما يخالفه وفقا لصريح عبارة نص المادة (5) من القانون، فإن إرادة الطرفين على تحميل الهيئة القومية لسكك حديد مصر عبأها، في العقود المعروضة حالتها، قد خالفت قاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على ما يخالف حكمها، ويغدو ما خلصت إليه اللجنة الثالثة بقسم الفتوى بمجلس الدولة من إبداء ملاحظاتها على هذه البنود، والمطالبة بتعديلها بتحميل هذا العبء الضريبي على الشركة المتعاقدة بوصفها الجهة التي صرفت لها مقابل العقود، متفقًا مع صحيح حكم القانون، ويتعين على الطرفين– صدعا بما تلاقت عليه إرادتاهما بشأن الالتزام بالتعديلات التي يجريها مجلس الدولة عند مراجعته للعقود– أن يُنزلا هذه التعديلات منزلة التطبيق السليم، وذلك دون الإخلال بما لهما من أهلية نحو التماس السبل القانونية لحسم ما قد ينشأ عن ذلك من خلافات أو منازعات، رضاء أو قضاء، وهو ما ليس من شأنه أن يقيل هذه البنود العقدية من عثرتها أو يصحح من عوجها أو يضفي عليها من أسباب الصحة ما يدرأ عنها غائلة مخالفة القانون.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز نقل عبء ضريبة الدمغة النسبية الإضافية المقررة بالمادة (80) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم (111) لسنة 1980، حال استحقاقها على العقود المعروضة حالتها، إلى الهيئة القومية لسكك حديد مصر، وذلك على النحو المبين تفصيلا بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2021
رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/
يسرى هاشم سليمان الشيخ
النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة
Cookie | Duration | Description |
---|---|---|
cookielawinfo-checkbox-analytics | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Analytics". |
cookielawinfo-checkbox-functional | 11 months | The cookie is set by GDPR cookie consent to record the user consent for the cookies in the category "Functional". |
cookielawinfo-checkbox-necessary | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookies is used to store the user consent for the cookies in the category "Necessary". |
cookielawinfo-checkbox-others | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Other. |
cookielawinfo-checkbox-performance | 11 months | This cookie is set by GDPR Cookie Consent plugin. The cookie is used to store the user consent for the cookies in the category "Performance". |
viewed_cookie_policy | 11 months | The cookie is set by the GDPR Cookie Consent plugin and is used to store whether or not user has consented to the use of cookies. It does not store any personal data. |